التعميم من الآفات الشائعة عند الناس
بارك الله في الجميع و الكل حسن النية يبتغي مرضاة الله عز و جل....
اخواني الكرام,
عندما طرحت اختنا حنان موضوعها فقد قصدت مبتدعة الصوفية و انكار شطحات هؤلاء.
و عندما انكر الاخ الكريم ابراهيم شامة و يؤيده الاخ الاستاذ ابو محمد انكرا ما قالت حنان فهو انطلاقا من ذبهما عن الصوفية الحقة الصادقة التي يعرفانها و البعيدة عن البدع و الشطحات.
و عندما تحفظ الاستاذ الشافعي على تواكل الصوفية و تركهم للدنيا و للسياسة فتماثلوا مع النصارى في فصل الدين عن السياسة و دع ما لقيصر لقيصر و ما لله لله.
اخواني الكرام كل كلامكم صحيح و في محله....
آفة التعميم:
فالصوفية طرق كثيرة و مرت بمراحل متنوعة و لا يمكن التعميم في الحكم عليها في جملة واحدة و من يفعل ذلك يكون قد ظلمها....
1 - الصوفية المجاهدة:
و حقيقة ان الصوفية مرت بمرحلة حملت فيها لواء الجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين و التتار ثم ضد البيزنطيين و هذا تاريخ موثق و مؤرخ و مستفيض .
فقد تبنى اغلب سلاطين المماليك و سلاطين العثمانيين الصوفية كمنهاج فكري اسلامي و لعل بساطة الخطاب الصوفي التي تركز على الروحانيات و تبعد عن التفاصيل الشرعية للعلوم الشرعية مما جعلها تناسب المماليك ذوي الاصول العجمية و الذين لا يتقنون اللغة العربية مما يصعب عليهم استيعاب العلوم الشرعية .
و تستطيع ان تجد تأثير الصوفية على:
- توجهات السلطان بيبرس في جهاده ضد الصليبيين و التتار, ثم اتباع من خلفه من سلاطين المماليك لذلك و تقريبهم للصوفية , مع وجود طرق صوفية قامت على الجهاد مثل الشاذلية حيث شارك ابو الشاذلي في جهاد التتار.
- دولة بني عثمان قامت على الطريقة النقشبندية المجاهدة منذ عهد مؤسسها عثمان غازي مرورا بالسلطان محمد الفاتح فاتح القسطنطينية و هو تلميذ الشيخ اقسنقر شيخ الطريقة النقشبندية.
2 - الصوفية و الآفات الفكرية كالحلول و الاتحاد و التناسخ:
و هذا ما ساد في انطباع العلماء عن الصوفية و هو نفس نظرة حنان حسن و جيلها:
- فهناك طرق صوفية تتبني نظريات مزدكية و مانوية مثل نظرية الحلول و الاتحاد و التناسخ
- و هناك طرقا تدخل في الدين ما ليس منه و تعتبره من الدين و هو ما اسماه الرسول صلى الله عليه و سلم "بدعة" و اوصى بردها على صاحبها.
- و تشترك الطرق الصوفية في عصمة الاقطاب و رفعهم فوق الانبياء و هذا ثابت في ادبياتهم
- و توجد شطحات كبيرة تخالف العقل و النقل تملأ ادبيات بعض الطرق الصوفية منذ القدم خصوصا في العصر البرجي و العثماني مما ملأ الحياة الثقافية للامة بالسذاجة و التسطح الفكري.
3 - هل الصوفية مسؤولة عن تخلف الامة ثقافيا و سياسيا ؟
عد علماء العصر في العلوم الشرعية و العلوم الثقافية ان تخلف الامة الذي بدأ منذ وسط العصر المملوكي البرجي الى بداية القرن العشرين بما اشاعته من السذاجة الفكرية و البعد عن اصول الدين كالقران و السنة تعليما و مدارسة....
* ففي العلوم الشرعية :
- تقلص التأليف و انحصر النشاط العلمي في التلخيص و و التذييل و الهوامش.
- بعد الخطاب الديني عن القرآن و علومه و الحديث و مصطلحه و تركز على نظريات التصوف و الفلسفة و الرواية عن الاقطاب و المريدين .
- ازدهر الترويج للكرامات و الشطحات المثيرة للمريدين مما ابعد الامة عن التفسير المنطقي للظواهر الطبيعية المحيطة بالبشر ... .
* في علوم اللغة:
- ضعف النثر العربي و اصيب بظاهرة السجع المتكلف الذي قوض الابداع و قلل من فرص التعبير عن الفكرة بوضوح لحساب علم البديع.
- ضعف الشعر هزل و اختفى فحول الشعراء و انحصر الشعر في مدح النبي و التصوف.
* في الحياة السياسية:
لقد ربى مشايخ الصوفية مريديهم على الانصياع للملوك و التسليم بان الملك لله يؤتيه من يشاء .
و يمكن اعتبار الطرق الصوفية انها احزاب بدائية موالية للحكام مؤيدة لسياساتهم باستمرار على مر التاريخ.
و في العصر العثماني جند العثمانيون بالمال عددا من الطرق الصوفية في مصر و الشام عند بداية حملتهم على مصر و ارتكز العثمانيون على الطرق الصوفية في بسط نفوذهم الثقافي على الشعوب العربية.
فقاموا بعمل الجرايات العظيمة عليهم و ثبت ان عمل عدد من مشايخ الطرق كبصاصين لصالح العثمانيين.
* في الحياة المدنية و الحضارية:
ادى ترويج الصوفية لمعاني الزهد و البعد عن الدنيا الى ظهور طبقة من العاطلين عن العمل تتكسب من الجرايات و قراءة القران في الاضرحة و المقابر.
و ادى ترويج مفهوم الزهد بطريقة خاطئة الى عدم انخراط الناس في الاعمال المعقدة و الى اساءة الظن فيمن يتكسبون و يثرون من اعمالهم.
و امتلأت ادبياتهم بالدعوة الى التواكل على الله و الخلوة و ترك العمل و الرزق على الله.
و بعد....
نعم كل ذلك في الصوفية و كل ذلك ثابت بالمصادر و كتب التاريخ
و الحوليات.
لذا ادعو اخواني الى عدم التعميم و الموضوعية في الطرح , فان حزبك امر من قوم فقم بنقد الفعل لا الشخص و قم بنقد الفكر لا الهيئات.
مواقع النشر (المفضلة)