الشيخ محمد بكري شيخ السجادة البكرية الصديقية بمصر

الشيخ الأجل المعظم سيدي محمد بكري بن أحمد بن عبد المنعم ابنمحمد بن أبي السرور محمد بن القطب أبي المكارم محمد أبيض الوجه ابن أبي الحسن محمدبن الجلال عبد الرحمن بـن أحمـد بـن محمـد بـن أحمـد ابـن محمـد بـن عـوض بـن محمـدبـن عبـد الخالـق بـن عبـد المنعـم بـن يحيـى بـن الحسـن بـن موسـى بـن يحيـى بـنيعقـوب بـن نجـم بـن عيسـى بـن شعبـان ابـن عيسى بن داود بن محمد بن نوح بن طلحة بنعبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق وكان يقال له سيـدي أبـو بكـر البكـريشيـخ السجـادة بمصـر ولـاه أبـوه الخلافـة فـي حياتـه لمـا تفرس فيه النجابة معوجـود أخوتـه الذيـن هـم أعمامـه وهـم أبـو المواهـب وعبـد الخالـق ومحمـد بن عبدالمنعم‏.‏
فسار في المشيخة أحسن سير وكان شيخًا مهيبًا ذا كلمـة نافـذة وحشمـةزائـدة تسعـى إليـه الـوزراء والأعيان والأمراء‏.‏
وكان الشيخ عبد الله الشبراوي يأتيه في كل يوم قبل الشروق يجلس معهمقدار ساعة زمانية ثم يركب ويذهب إلى الأزهر‏.‏
ولما مات خلفه ولده الشيخ سيد أحمد وكـان المترجـم متزوجـًا بنـتالشيخ الحنفي فأولدها سيدي خليلا وهو الموجود الآن تركه صغيرًا فتربـى فـي كفالـةابـن عمـه السيـد محمد أفندي ابن علي أفندي الذي أنحصرت فيه المشيخة بعد وفـاة ابـنعمه الشيخ سيد أحمد مضافة إلى نقابة السادة الأشراف


2
الأجل المبجل والمحترم المفضل السيد خليل البكري الصديقي
ووالدته من ذرية شمس الدين الحنفي وهو أخو الشيخ أحمد البكريالصديقي الذي كان متوليًا على سجادتهم ولما مات أخوه لم يلها المترجم لما فيه منالرعونة واتكابه أمورًا غير لائقة بل تولاها ابن عمه السيد محمد أفندي مضافة لنقابةالأشراف فتنازع مع ابن عمه المذكور وقسموا البيت الذي هو مسكنهم بالأزبكية نصفينوعمر منابه عمارة متقنة وزخرفه وأنشأ فيه بستانًا زرع فيه أصناف الأشجار والفواكهفلما توفي السيد محمد أفندي تولى المترجم مشيخة السجادة وتولى نقابة الأشراف السيدعمر مكرم الأسيوطي فلما طرق البلاد الفرنساوية تداخل المترجم فيهم وخرج السيد عمرمع من خرج هاربًا من الفرنساوية إلى بلاد الشام وعرف المترجم الفرنساوية أن النقابةكانت لبيتهم وأنهم غصبوها منه فقلدوه إياها واستولى على وقفها وإبرادها وانفرد بسكنالبيت وصار له قبول عند الفرنساوية وجعلوه من أعاظم رؤساء الديوان الذي كانوا نظموهلإجراء الأحكام بين المسلمين فكان وافر الحرمة مسموع الكلمة مقبول الشفاعة عندهمفازدحم بيته بالدعاوي والشكاوي واجتمع عنده مماليك من مماليك الأمراء المصرية الذينكانوا خائفين ومتغيبين وعدة خدم وقواسة ومقدم كبير وسراجين وأجناد واستمر على ذلكإلى أن حضر يوسف باشا الوزير في المرة الأولى التي انتقض فيها الصلح ووقعت الحروبفي البلدة بين العثمانية والفرنساوية والأمراء المصرية وأهل البلدة فهجم على دارهالمتهورون من العامة ونهبوه وهتكوا حريمه وعروه عن ثيابه وسحبوه بينهم مكشوف الرأسمن الأزبكية إلى وكالة ذي الفقار بالجمالية وبها عثمان كتخدا الدولة فشفع فيهالحاضرون وأطلقوه بعد أن أشرف على الهلاك وأخذه الخواجا أحمد بن محرم إلى دارهوأسكن روعه وألبسه ثيابًا وأكرمه وبقي بداره إلى أن انقضت أيام الفتنة وظهرتالفرنساوية على المحاربين لهم وخرجوا من البلدة واستقر بها الفرنساوية فعند ذلك ذهبإليهم وشكا لهم ما حل به بسبب موالاته لهم فعرضوا عليه ما نهب ورجع إلى الحالة التيكان عليها معهم وكانت داره أخربها النهابون فسكن ببيت البارودي بباب الخرق ثم انتقلمنه إلى بيت عبد الرحمن كتخدا القازدغلي بحارة عابدين وجدد بها عمارة وكان له ابنةخرجت عن طورها في أيام الفرنسيس فلما أشيع حضور الوزير والقبودان والإنكليز وظهرعلى الفرنساوية الخروج من مصر فقتل ابنته المذكورة بيد حاكم الشرطة فلما استقرتالعثمانية بالديار المصرية عزل المترجم عن نقابة الأشراف وتولاها السيد عمر مكرمكما كان قبل الفرنساوية ولما حضر محمد باشا خسرو أنهى إليه لكارهون له بأنه مرتكبللموبقات ويعاقر الشراب وغير ذلك وأن ابنته كانت تذهب إلى الفرنسيس بعلمه وأنهقتلها خوفًا وتبرئة لنفسه من الشهرة التي لا يمكنه سترها ولا يقبل عذره فيها ولاالتنصل منها وإنه لا يصلح لمشيخة سجادة السادة البكرية وعرفوه أن هناك شخصًا منسلسلتهم يقال له الشيخ محمد سعد وهو من جملة أتباع المترجم ولكنه فقير لا يملكشيئًا ولا دابة يركبها فقال الباشا أنا أواسيه وأعطيه فأحضروه له بعد أن ألبسوهتاجًا كبيرًا وثيابًا وهو رجل مبارك طاعن في السن فألبسه فروة سمور وقدم له حصانًامعددًا وقيد له ألف قرش وسكن دارًا بناحية باب الخرق وتريش حاله وخمل أمر المترجمواشترى دارًا بدرب الجماميز بعطفة الفرن وكان بظاهرها قطعة جنينة فاشتراها وغرس بهاأشدارًا وحسنها وأتقنها وبنى له مجلسًا مطلًا عليها وبالأسفل مياطب ولواوين جلوسلطيفة واشترى دارين من دور الأمراء المتقدمينن بظاهر ذلك وهدمهما وبنى بأنقاضهماوأخشابهما وباع ما كان تحت يده من حصص الالتزام وسد بأثمانها ديونه واقتصر علىإيراده فيما يخصه من وقف جده لأنه الأستاذ الحنفي وتصدى لمفاقمته وأذيته أنفار منالمتظاهرين مثل السيد عمر مكرم النقيب والشيخ محمد وفا السادات وخلافهما حتى أنهكان عقد لابنه سيدي أحمد على بنت المرحوم محمد أفندي البكري فتعصبوا عليه بعد عزلهمن المشيخة والنقابة وأبطلوا العقد وفسخوا النكاح ببيت القاضي ةتسلط عليه من له دينأو دعوى أو مطالبة حتى بيعوه حصصه وكان قد أشترى مملوكًا في أيام الفرنساوية جميلالصورة فلما حصل له ما حصل ادعى عليه البائع أنه أخذه بدون القيمة ولم يدفع لهالثمن فلم يثبت عليه ذلك وكان المملوك ذهب من عنده وتم الأمر والمصالحة على أنعثمان بك المرادي أخذ ذلك المملوك لنفسه وقد تقدم ذكر قصته في الحوادث السابقة ولميزل المترجم على حالة خموله حتى تحرك عليه داء الفتق ومات على حين غفلة في منتصفشهر ذي الحجة وصلي عليه بمسجد جده لأمه الشيخ شمس الدين أبو محمد الحنفي ودفن عندأسلافه بمشهد السادة البكرية بالقرافة رحمه الله وعفا عنا وعنه‏.‏

-------

المصدر : كتاب الجبرتي (عجائب الاثار في التراجم والاخبار )


jv[lm glahdo hgs[h]m hgf;vdm