النتائج 1 إلى 25 من 25

الموضوع: عالم الجاسوسية

عالم الجاسوسية تعريف الجاسوس:- هو الشخص الذي يعمل في الخفاء او تحت شعار كاذب ليحصل على معلومات عن العمليات العسكرية لدولة محاربة بهدف ايصالها للعدو، فهم يعملون في وقت

  1. #1
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    عالم الجاسوسية

    عالم الجاسوسية

    تعريف الجاسوس:-

    هو الشخص الذي يعمل في الخفاء او تحت شعار كاذب ليحصل على معلومات عن العمليات العسكرية لدولة محاربة بهدف ايصالها للعدو، فهم يعملون في وقت الحرب والسلم ويحصلون على معلومات لتعزيز جبهة الدولة التي يتجسسون لحسابها، في حالة نشوب حرب جديدة في الحصول على معلومات عن تطور الأسلحة الحربية في الدول الاخرى وما وصلت اليه من تكنولوجيا حديثة، ومن اجل تقوية الصراع القائم بين الدول على القواعد الاستراتيجية والسيطرة على مناطق النفوذ، والاستفادة من الاضطرابات السياسية في بقاع العالم، مثل مشكلة فلسطين والعراق عن طريق دس الفتن والمؤامرت السياسية لخدمة مصالحها السياسية والاستراتيجية.

    عقاب الجاسوس: -

    1- عقاب جاسوس الحرب هو الإعدام.
    2- عقاب جاسوس السلم هو السجن لمدة معينة.

    تعني كلمة مخابرات: المخابرات قديماً كان يطلق عليها المستطلعين او الجنود المستكشفين أو قناصة الاستطلاع، مهمتهم جمع الأخبار او المعلومات عن جيش الاعداء وعدته و أماكن تجمعه وتحركه ويمنحه القانون الدولي حصانة.

    قال لوديك: ان الجاسوس لا يحتاج الى وسيلة اخفاء مجددة فقط، بل كذلك يحتاج الى مهارة ليلعب دوراً لشخصيته التي يتخيرها لاختفائه ومن الأهمية ان يكون ممثلاً بارعاً وان يكون سريع البديهة قادراً على ان يواجه في ثبات واتزان اخطر المواقف وأعقدها.

    تعريف الجاسوس المزدوج: -

    هو الجاسوس الذي يعمل لحساب دولتين في وقت واحد (جاسوس بوجهين) وهو أذكى وأخطر أنواع الجواسيس فلا يمكن ان ينجح في هذه المهمة سوى الشخص الذي يتصف بالذكاء والمكر الشديد حتى يستطيع ان يكسب ثقة الطرفين ويخدع كل منهما في نفس الوقت و غالباً ما تكون حياة الجاسوس المزدوج هي رهن لأي خطأ بسيط يقع فيه دون قصد، لكن ما يحققه من مكاسب كبيرة من هذه اللعبة الخطرة يجعله لا يبالي حتى بحياته في سبيل ما يحصل عليه من أموال من كلتا الدولتين.

    مثال على الجاسوس المزدوج ( جورج بليك) كان دبلوماسياً انجليزياً وعميلاً للمخابرات الانجليزي في ألمانيا أثناء الحرب العالية الثانية، ولكنه في نفس الوقت كان شيوعياً يتجسس لحساب روسيا.

    *الجاسوسية: هي عبارة عن علم له قواعده، وأصوله التي يجب ارشاد الجواسيس اليها ليتمكنوا من انجاز و أداء واجباتهم كما تتطلبها الغاية التي يسعون اليها.

    أصل الجواسيس: يجندون للتجسس على بلادهم ويكون لديهم عدة أسباب: -


    1- معارضتهم لمذهب من المذاهب السياسية أو الدينية في بلدانهم.
    2- حاجتهم الملحة الى المال بسبب الفقر او ضعف الذات.

    3- حبهم الى حياة الليل، والليالي الحمراء التي تتيحها لهم الجاسوسية.

    4- وضعهم تحت الأمر الواقع من قبل مخابرات عدوهم، وتهديدهم بكشف أعمال سبق ان ارتكبوها والتي اطلعت عليها المخابرات بطريقتها الخاصة.

    *صفات الجاسوس المثالي، وصفات العميل حتى يكون صالحاً لعمله أهمها: -
    1- ان تكون روحه المعنوية عالية، وان يتحلى بالذكاء و حسن البديهة والشجاعة.

    2- ان يتصف باللباقة و حسن التصرف وان يكون نشيطاً للقيام بالأعمال التي تتطلب الجرأة.

    3- ان يتصف الجاسوس بقوة الذاكرة: وتسجيل المعلومات في رأسه دون ان ينسى وحب المغامرة وان يعرف كيف يعامل الناس، وكيف تناقش الآراء، وأن تتوافر له القدرة العملية في المسائل التي تحتاج الى المهارة المهنية.

    4- ان يكون متزن العاطفة، أي لا تهزه المؤثرات العاطفية وان تتوافر له الطاقة والاحتمال تحت الظروف المجهدة وان يكون صبوراً هادئ الطبع وموفور الصحة.

    5- ان تتوافر له القدرة على مسايرة غيره من الناس وان يعمل كفرد طاقم، وأن يفهم نقاط الضعف، والحماقة مع الآخرين مع التخلص هو نفسه من نقاط الضعف والحماقة.

    6- ان يعرف كيف يوجد في غيره روح التعاون، وان يكون قادراً على تنظيم وإدارة وقيادة الآخرين وان يكون راغباً في احتمال المسؤولية.

    7- ان يكون دقيقاً في عمله، صائب الرأي دقيق الحكم يعرف كيف يعقل لسانه ويغلق فمه، أميناً على الأسرار.

    8- ان يكون جريئاً، سريع الحركة صلب العود خشناً.

    9- ان تتوافر له القدرة على ملاحظة كل شيء، وعلى دقة تذكر التفاصيل، وان يكون قادراً على إعداد التقارير بمهارة ودقة، ويسر، وأن يقدر قيمة ملاحظاته.

    10- ان يكون قادراً على الخداع، والتضليل عندما يكون هذا الخداع او التضليل، ضرورة ملحة.

    *قال ( الين دالاس) في كتاب حرفة المخابرات: بعض المؤهلات التي يجب ان تتوفر في ضابط المخابرات الناجح و هي:-

    1- يجب ان يكون قادراً على ان يعمل مع الآخرين تحت ظروف شاقة.

    2- يجب ان يتعلم كيف يميز بين الحقيقة والخيال.

    3- يجب ان يكون لديه حب استطلاع وان يكون قادراً على التفرقة بين ما هو ضروري وما هو غير ضروري.

    4- يجب ان يكون على قدر كبير من البراعة والتفنن ويجب ان ينتبه الى التفاصيل وان يتعلم متى يلزم الصمت

    5- يجب ان يكون قادراً على ان يعبر عن الأفكار بوضوح واختصار وبطريقة مشوقة وان يكون متفهماً لوجهات النظر الاخرى وطرق التفكير الأخرى، وطرق السلك الأخرى.

    6- يجب أن لا يغالي في طموحه او قلقه، من حيث الجزاء الشخصي على شكل شهرة او ثروة فهذه لن يحصل عليها في عمل المخابرات.

    7- يجب أن يبذل جهده في الحصول على المعرفة سواء في مجال الفنون والعلوم الاجتماعية وخاصة في علم التاريخ و الجغرافيا.

    8- يجب ان يكون على وعي سياسي، يجمع بين مواهب الثقافة، والإدراك.

    9- يجب ان يكون مرناً في التفكير، فإن ضيق الأفق لا يخلق من الشخص رجل مخابرات ناجحاً.

    10- يجب ان يكون قادراً على الموازنة بين الجرأة واجرءات الامن.

    11- يجب ان يكون حلماً بلغة أجنبية وخاصة لغة المنطقة التي يعمل بها.

    12- يجب ان يكون على دراية بالعوامل السيكولوجية التي تحدد سلوك الإنسان كفرد في المجتمع و ان تكون لديه حلكة الابتكار وان يمارس هواياته تساعده على قتل الملل الذي يعتريه نتيجة تعقيدات وأسلوب عمله.

    *من أهم صفات الجواسيس و أعمالهم هي: -

    1- فتح مكاتب تجارية بالتعاون مع أفراد البلاد التي يعيشون فيها.

    2- عرض رؤوس الأموال لتأسيس شركات وتنفيذ مشاريع عمرانية و وإنشائية بالتعاون مع أبناء البلد.

    3- المشاركة في الصحف و دور النشر.

    4- شراء فنادق جاهزة أو انشائها بنفس الطريقة.

    5- الانتقال الى البلد المطلوب التجسس فيه، والتظاهر بممارسة مهنة معينة يحتاج اليها أبناء ذلك البلد مثل تصنيع ساعات او راديو.

    6- يضاف الى ذلك الملحقون الثقافيون و العسكريون والتجاريون في السفارات يعمدون الى جمع المعلومات من مختلف المصادر و ان بعضهم يجند من أبناء البلاد لمدهم بالمعلومات مقابل بعض المال.

    *وظيفة المخابرات: يميز صفة المخابرات صفة السرية وهذه الصفة لها ثلاثة صفات: -
    1- ان مهام المخابرات هي الحصول على أسرار الدول الاجنبية و حماية أسرار الدولة الخاصة ضد التجسس الأجنبي.


    2- إن نشاط المخابرات يجب ان يمارس في سرية تامة.

    3- إن انشاء جهاز المخابرات نفسه يجب ان يظل طي الكتمان.

    *معدات وأجهزة المخابرات (التجسس) اهمها:-

    1- يتعين الجاسوس أثناء مهمته بأجهزة تصنت صغيرة لنقل الحديث من على بعد و يسهل اخفائها وتكون على شكل قلم أو علبة كبريت او علبة سجائر، او زر قميص او أشكال أخرى، ويثبت داخل المكان المراد التصنت عليه مثل: تحت المكتب او على الحائط مثلما يحدث داخل السفارات حيث يقوم رجال الامن بالكشف عن مثل هذه الاجهزة داخل أماكن الاجتماعات السرية و ذلك باستخدام جهاز لمسح التصنت كان السبب في الكشف عن (فضحية ووترغيت) التي ادت الى عزل الرئيس الأمريكي(نيكسون) حيث قام بعض رجال نيكسون بإخفاء عدد من هذه الأجهزة داخل مقر الحزب الديمقراطي للتنصت على ما يدور داخله أثناء فترة الانتخابات.

    2- كاميرات التصوير: يستخدمها الجواسيس في عملياتهم التجسسية أصغر هذه الاحجام يمكن اخفائه داخل علبة السجائر، او داخل ولاعة السجائر، وبعض انواع يمكن التقاط الصور في الظلام.

    3- أفلام التصوير: ميكرورتس هي افلام صغير جداً خاصة بعمليات التجسس بالرغم انها صغيرة الحجم يمكن ان تحمل عدداً كبيراً من الكلمات يتم تجهيز هذه الأفلام ويقوم الجاسوس بتصوير المستند المطلوب بالكاميرا السرية، بتصوير الصورة مرة اخرى لتصغير حجمها ثم يعاد التصوير اكثر من مرة حتى يتم اختزال حجم الصورة لتصبح في النهاية نقطة بواسطة سرنجة خاصة ثم يلصقها ضمن الكلام بأي كتاب ليحمل الكتاب بعد ذلك عائداً الى بلده، و هناك يتم تكبير الصورة و تحميض الفيلم.

    4- اجهزة اللاسلكي يوجد منها على أشكال مختلفة صغيرة الحجم على شكل علبة كبري كلما صغر حجم جهاز اللاسلكي كلما صغر مجاله.

    5- استخدام الحبر السري، و الشيفرة والكود.

    6- الاستعانة بالصحف اليومية في أعمال الجاسوسية بطريق غير مباشرة في نقل الرسائل السرية على طريقة الكود حيث يقوم الكود الجاسوس بنشر برقية معينة في الصحف تحمل معنى متفقاً عليه بين الجاسوس و أعوانه (مثل ألف مبروك لعقد قرن فلان ، الآنسة فلانة، او انتهت العملية بسلام ، بانتظار الإشارة بالعودة) .

    7- الراديو وسيلة اخرى للجاسوسية يلجأ الجواسيس الى الاستعانة بالإرسال الإذاعي لبث المعلومات السرية طريقة خفية من خلال احاديث عادية، او ارسال برقيات تهنئة او سماع برامج الراديو الاجنبية تسمع و تراقب أثناء الحرب العالمية الثانية حتى لا تنقل عليمات للجواسيس او معلومات سرية يتم نقلها تحت ستار الإذاعة البريئة.

    8- الحقيبة الدبلوماسية: وسيلة مأمونة لنقل الأسرار وهي إحدى الوسائل المأمونة لنقل كل أنواع المحظورات عبر حدود البلاد، فاستخدمت الجاسوسية لنقل المستندات والوثائق السرية خارج البلاد، بفضل تمتع صاحبها بحصانة دبلوماسية تمنع تفتيش حقيبته.

    *الفرق بين الكود والشيفرة:-

    1- الكود: هو يعتمد على استخدام كلمة أو عدد أو إشارة لتشير سراً لجملة أو مفهوم معين عليه بين المرسل والمرسل إليه، ويعتبر حل الكود أصعب من حل الشيفرة او يستميل معفية لا خضع لأي بناء، او نظام معين.
    2- الشيفرة: تعتمد على الحروف الأبجدية في صنع الرسائل السري سواء بتغيير ترتيب حروف الكلمات أو بالرمز لها او ما الى ذلك ومن المشاهير الذين استخدموا السيطرة في كتاباتهم حفاظاً على كتاباتهم على ما بها من أسرار مثل ليوناردو دافنشي، نابليون بونابرت، اوليفر كرومويل.

    كان اول من ابتكر الشيفرة هو الزعيم الاغريقي، (يوليوس قيصر) منذ حوالي 200 سن قبل الميلاد حيث اضطرته ظروف الحرب الى مخاطب ضباطه بطريق سرية.

    اللغة السرية التي أتبعها الهنود الحمر( لغة الإشارة):-
    1- اللغة السرية التي أتبعها الهنود الحمر تعتمد على الإشارة، لغة الهنود الحمر، في امريكا الشمالية و قد استخدمت لغة الإشارة لعدة قرون حيث تعتمد لغة الإشارة على الرمز للحروف الابجدية بينما تشير الإشارة في لغة الهنود الحمر الى كلمة أحياناً، الى جملة بأكملها.


    مثال: إذا وضعت راحة اليد على الفم يعني ذلك كلمة (مفاجأ) او كلمة الغمز بضم اليدين لبعضهما فوق ما القلب، مثل إشارة يوجد حريق بمنزلك او الرجل الأمريكي يكذب عليك (اشارة اليد).

    2- اشارة جسدية متفق عليها بين الجواسيس يمكن نقل رسالة سرية عن طريق لغة إشارات الجسم، بشرط متفق عليها بين الجواسيس، اهمها:-

    أ?- عندما يهرش الجاسوس رأسه.

    ب?- عندما يهرش الجاسوس أذنه اليمنى واليسرى.

    ت?- عندما يتثاءب مع وضع اليدين خلف الرأس.

    ث?- عندما يعطس أو عندما يصفر مع ثني الذراعين.

    3- استعمال اشارة الخرس: لغة رجال الكشافة وقادة الجيوش ويستخدمها الجاسوس إذا اشتد عليه الخناق.

    4- لغة السيمافور: و هي إشارات القطارات بالمرور والتوقف.

    *تتكون شبكة الجواسيس من اهمها: -
    1- رئيس الشبكة (الرجل الكبير وهو مجهول).

    2- حاملو الرسائل، العميل السري، العميل المزدوج، الجاسوس مخزن المعلومات، خيال الظل.

    كيفية تدريب العملاء السريين من أهمها:



    1. ان تكشف عما يتوفر لك من اللغات لتشجيع الناس على التحدث بطلاقة أمامك.
    2. لا تكتب بكلمة واحدة بلغتك الأصلية عندما تكون في البلاد الأجنبية.
    3. الذين يزودونك بمعلومات دعهم يرحلون عنك بعيداً.
    4. يجب اخفاء المعلومات الجديدة التي يمكن الحصول عليها بواسطة وسائل عادية المظهر.
    5. حينما تقوم بإحراق الرسائل السرية أو الأوراق الضرورية يجب سحق رمادها حتى لا يستطيع فحصها بالميكروسكوب.
    6. لا تتكلم بابهام و غموض،و لا تتصرف تصرفاً غامضاً، كن عادياً.
    7. تجنب كل ما يكشف بسرعة عن شخصيتك ولا تتعجل أن تخترع شيئاً عن نفسك،وتذكر مقولة (تاليران) عندما كان يقول لمبعوثيه السياسيين (اياكم والحماسة)
    8. ثق أنك تسير الى مدى بعيد حينما تترك ببطء وهي الإصرار والمثابرة للبقاء في صورة مخفية.
    9. حينما تبحث عن مكان حاول ان تبحث عن غرفة أو طابق لها اكثر من مدخل واحد.
    10. لا تكثر من الشراب إلى الحد الذي يفقدك وعيك و لاتصادق إلا النساء اللاتي يثق بهن.
    11. لا تقبل أي شيء كما هو ولا تنظر بسرعة الى صداقة عاجلة، او الى خصومة ظاهرة ، يجب أن تدقق بعناية في تقدير الأشياء.
    12. يجب أن تتعلم تحويل الكلمات الى شيفرة و اعادة الشيفرة الى الكلمات.
    13. يجب أن تكون قادراً على صيانة الجهاز اللاسلكي و إصلاحه.
    14. عليه أن يعرف كيف يستخدم ثلاثة انواع مختلفة من المتفجرات شديدة الانفجارات.
    15. عليه ان يعرف كيف ينظم حركة مقاومة من لا شيء وان يكون قادراً على تدريب العملاء الذين يستخدمهم.
    16. عليه ان يكون قادراً في الدفاع عن نفسه دون سلاح.
    17. عليه ان يكون قادراً كيف يطارد غزالاً.
    18. يجب ان تتوافر فيه بدرجة كبيرة من الحاسة السادسة للأمن.

    المخابرات الأمريكية ( المدرسة الامريكية ):

    تأسست عام 1947 عندما أمر الرئيس الأمريكي هاري ترومان بإنشاء وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (cia) الذي يعمل بالتعاون مع جهاز (fbi) وتقع مدرسة تدريب رجال المخابرات الامريكية ( cia) في مجموعة من الأبنية الضخمة في مدينة ( الانجلي) بولاية فرجينيا وتشتهر بين العملاء باسم ( المزرعة ) على انها (منبع الجواسيس) أول ما يخضع له الملتحقون الجدد بهذه المدرسة هو اختبار (الكشف عن الكذب) لبيان مدى سلامة بنيتهم في العمل كعملاء للمخابرات الامريكية كما يقوم رجال المباحث بالتحري عن كل عميل جديد وأفراد أسرته بأكملها لفترة طويلة وبكل دقة متناهية قبل ان يلتحق رسمياً بالعمل لدى جهاز المخابرات واكثر ما تهتم به دروس التعليم في المدرسة الأمريكية هو:

    1. الحفاظ على سرية العمل.
    2. طرق التخفي.
    3. التنكر .
    4. وتسجيل المعلومات في سرية تامة .

    ويركز الأمريكيون اهتمامهم بالتجسس على الاتحادالسوفييتي سابقاً حيث يتدرب الجواسيس المؤهلون للتجسس على روسيا على طريقة الحياة في روسيا وعادات وتقاليد ومشاكل الروس حتى يتمكنوا بمهارة التقاط المعلومات المكلفين بالحصول عليها.

    يسجل الجهاز الملاصق للصور للتغيرات التي تطرأ على حركة التنفس عند النطق بالكذب، اما اللفافة الموضوعة حول الذراع فتسجل تغيرات سرعة النبض ويقوم الجهازالحساس المتصل بالأداتين السابقتين بتسجيل نتائج الاختبار على ورقة تصدر من الجهاز.


    الاستخبارات بالمفهوم الامريكي:


    تعني: نتيجة جمع و تقييم وتحليل وايضاح وتفسير كل ما يمكن الحصول عليه من معلومات عن أي دولة أجنبية او عن أي مناطق العمليات العسكرية والتي تكون لازمة لزوماً مباشراً للتخطيط.


    من أقسام الاستخبارات اهمها:

    1. الرقابة .
    2. الخدمة السرية.

    قال فارجوا: ان الاستخبارات تعني بصورة ما القدرة على فهم و تقدير الآراء.

    الاستخبارات الجغرافية :


    التي تهتم بالمعلومات الخاصة بطبيعة الأرض والبحر و الجو، من أجل الخطط العسكرية ، انقسمت الى أقسام ، قسم خاص بالطبوغرافيا،و قسم بالأرصاد الجوية،و قسم بالطقس ، وقسم بالهيدروجرافي،و قسم بالنقل.


    الاستخبارات التكنولوجية.


    هي ذات أهمية حيوية خاصة بالامن القومي منها ، الاستخبارات العلمية، المتخصصة في التفجير الذري ، الالكترونيات والصواريخ الموجهة والمواصلات السلكية واللاسلكية والحرب البيولوجية والحرب الكيماوية.


    الاستخبارات التكتيكية :


    هي جمع المعلومات على المستوى التكتيكي حول قوات العدو في منطقة محددة ، او حول المنطقة، ذاتها وتحليل هذه المعلومات وهي استخبارات (قتالية) أو ( المعركة) و المعلومات التي يحتاجها القائد الميداني ) : تعني التجسس التكتيكي) .


    هي جمع المعلومات المتعلقة بشؤون عسكرية أوأمنية وتنسيقها، وتحليلها، وتوزيعها على المستوى الاستراتيجي وعلى مستوى الدولة والهدف منها هو معرفة قدرات الدولة الاخرى، والتكهن بنواياها للمساعدة في تخطيط المسائل المتعلق باستراتيجية الدولة صاحبة النشاط و تعني أيضاً جمع المعلومات عن الاتجاهات الاقتصادية العسكرية والسياسات المتبعة ( تعني التجسس الاستراتيجي ) .


    المخابرات الوقائية:


    هي المعرفة و التنظيم والتحليل النشاط الذي يوجه للقضاء على نشاط الجاسوسية المعادية ،و المهمة الأساسية لمقاومة الجاسوسية هي التعرف عل نشاط عملاء العدو السريين واستغلاله والسيطرة عليه.


    الاستخبارات المضادة:


    تعني المعرفة والتنظيم والتحليل والنشاط الذي تستخدمه استخبارات الدول لشل نشاط الاستخبارات المعادية، ووجه نشاط في مكافحة الاستخبارات ضد جهود الاستخبارات الاجنبية المعادية المتمثلة بالتجسس.


    والتجسس المضاد: - هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات البوليسية المضادة التي تتخذها إحدى الدول للمحافظة على المعلومات السرية التي تمتلكها، و منع عملاء العدو من الوصول اليها ،و الحفاظ على سرية عملياتها تجسسية واكتشاف نوايا العدو، وعمليات العدو.


    التجسس السياسي :


    كانت البعثات الدبلوماسية لا تزال الوسيلة الرئيسية بجمع المعلومات السياسية عن مصادرها العلنية، وتدعمها في ذلك اجهزة الاستخبارات المتخصصة بواسطة عملاء سريين يقومون بالتجسس لحسابها .


    التجسس الاقتصادي:


    تهتم اجهزة التجسس بجمع المعلومات المتعلقة، بالنشاط التجاري، والمالي للدول الأخرى.


    المخابرات الروسية: ( المدرسة الروسية):

    تأسست عام 1881 مشابهة لدائرة حماية الدولة (أيالشرطة السرية للقيصر) وفي عام 1917 تأسست المفوضية فوق العادة لمكافحة أعداء الثورة والقضاء على التخريب، الروس هم أشد الدول حرصاً على الاهتمام بالجاسوسية وتدريب الجواسيس ووجود مدارس كثيرة للجاسوسية في مختلف أنحاء الاتحاد السوفييتي و يبلغ عددها عشرة مدارس وكل مدرسة تختص بلغة معينة من العالم مثل مقر الاستخبارات العسكرية في موسكو وهيي أهم كلية حربية لدى الجيش، و تدرس الى جانب المواضيع العادية الكتابة السرية ، والتصوير على الأفلام وكيفية التعامل مع العملاء السريين.


    المخابرات الروسية:

    تقع في مدينة غوركي من موسكو (و تسمى مدرسة ماركس انجلز ) وتعتبر بالنسبة للجواسيس ، مدرسة ابتدائية لأنهم يقضون فيها أربعة شهور يتعلمون فيها :-

    1. تاريخ الحركة العمالية.
    2. تاريخ الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي.
    3. النظام والانضباط و الطاعة.

    و ينقل الطلاب الى مدرسة ( لينين التقنية) بالقرب من الحدود جمهورية التتر السوفياتية وأول مادة تدرس لهم هي الرياضة، دورة الرماية واستعمال الأسلحة ،و يليها التدريب على الشيفرة و حلها، واستعمال أجهزة الإرسال وتضم برامج التدريب دراسات عن الأمن العام، والقانون والاستراتيجية العسكرية و مكافحة التجسس ومراقبة الجواسيس وكيفية التهرب من الآخرين و دراسات كاملة عن بعض اللغات .

    و مدة الدراسة سنتين ونصف في هذه المدرسة و تبدأ الامتحانات فيها من قبل ضباط المخابرات والمتخصصين و الخبراء ويصنف الناجحون بعد ذلك الى قسمين:

    1. قسم يؤهل خارج البلاد .
    2. قسم يؤهل للعمل داخل البلاد .

    ويعقب هذه التدريبات ، الاعتقال التأديبي لمعرفة مدى قدرة الجاسوس النفسية والجسدية في حال اعتقلته اجهزة المخابرات الغربية.

    مدرسة كتايسكايا : يتم اعداد الجواسيس للتجسس على الصين .


    مدرسة جاسزينا :- والتي يتم تأهيل الجواسيس للتجسس على الدول الناطقة على نماذج مشابهة لنماذج الحياة في الدول الغربية وتحتوي على بارات مماثلة للطابع الغربي الانجليزي ويرتدي الجاسوس ملابس الدول الغربية ويتعاملون مع بعضهم بأسماء غربية وتقوم بحراسة مدرسة مجموعة من القوات المسلحة على اعلى درجة من التدريب والمهارة، و قد برع المواطن الروسي في ظل المبادئ الشيوعية في التجسس على مواطنيه بل وعلى أهله وعشيره مما أكسبه مهارة في هذا المجال وقد تخرج من هذه المدارس جواسيس مشهورين مثل (دودلف ابل) ( كونون مولودي).


    وكما يركز الروس اهتمامهم بالتجسس على الولايت المتحدة الامريكية.

    المخابرات البريطانية ( المدرس البريطانية ):

    تأسست عام 1573أسسها السير فرنسيس ولسنجام، وزير الدولة والمستشار لدى الملكة اليزايث الاولى، وأهم فروعها الاستخبارات الحديثة ( ام ،اي -6) ،تهتم بجمع المعلومات الخارجية ،واستخبارات ( ام ، اي – 5) هي مسؤول عن لامن الداخلي ومكافحة التجسس.


    و تأتي المدرسة البريطانية في المرتبة الثانية بعد المدرستين الروسية والألمانية يوجد في انجلترا عدد محدود من مدارس الجاسوسية التي تقع أغلبها في الريف الانجليزي حيث يلتقى الجواسيس في المدرسة الانجليزية دروساً مكثفة من كل انواع الرياضيات العنيفة كالمصارعة الحرة والجودو والكاراتيه الى جانب تعلم اللغات الأجنبية ، ودراسة الجغرافيا ودراسة فن التخريب واستعمال الذخائر وكما يتدرب الجواسيس على قوة الاحتمال حتى يستطيع ان يتصدوا لكل المواقف التي قد يواجهونها في البلاد الاجنبية فيقضي الجاسوس فترة في سجن انفرادي مع حرمانه من النوم والطعام حتى تزداد قوة تحمله إذا ماتعرض لسجن على يدالأعداء . وتقوم اجهزة المخابرات البريطانية فرع ( ام، اي – 5) بالتنصت على هواتف العديد من المواطنين البريطانيين بدون اذن اداري او قضائي ومراقبة البريد والهاتف من ضروريات عمل المخابرات وأجهزة كشف التردد الراديو، او ساعة اليد، و من ثم زرع أداة كشف في الجسم( أداة استراق السمع في الجسم والحصول على المعلومات بواسطة الآلات الالكترنية والتنويم المغاطيسي.


    الاستخبارات بالمفهوم البريطاني :


    تعني المعرفة والعلم بالمعلومات التي يجب ان تتوفر لدى كبار المسؤولين من المدنيين والعسكريين و التي تعنى بالدول الاجنبية والمصالح المختلفة للدول وتقوم بجمع المعلومات واتخاذ الإجراءات المتعلقة بشؤون التجارة وما يتعلق بالقوات العسكرية حتى يمكنهم العمل لتأمين سلامة الأمن القومي.


    المخابرات الألمانية (المدرسة الألمانية ):

    تأسست عام 1945وهي فوق أراضي ألمانيا و تتكون من مؤسسات للاستخبارات الداخلية و الخارجية والعكسرية ذات مهام متشعبة وهي تابعة لوزارة الدفاع وواجبها الأساسي تامين سلامة القوات المسلحة داخلياً و خارجياً والألمان من أكثر الشعوب التي اهتمت بالجاسوسية فوضعوا لهذه النظم والقوانين وأصبحت علماً كأي علم من العلوم، وتتميز المدرسة الألمانية بالدقة المتناهية و الإرشادات التي يتلقاها الجواسيس الألمان في دراسة التجسس مثل التحدث بلغة ألمانية حتى تشجع الآخرين على التحدث بحرية ، التخلص من أي ورقة او خطاب بنتهى السرية والحرص واتباع النظام الشديد والقسوة في التدريب و تقوم المدرسة الألمانية بالتخلص من الجواسيس الفاشلين في التعليم بارسالهم في مهمات تضمن فيها القبض عليهم و شنقهم ويطلق على الجاسوس الفاشل( الغبي) والألمان عندما يجندون الجواسيس يدرسون طبعهم، وميولهم(وغرائزهم النفسية ثم يفرزون ما هو صالحاً و كتوماً محباً للعمل، حريصاً على أداء الواجب ويدربون على فن الجاسوسية وأساليبها التي عددها الجاسوس الألماني (كران بي) أهمها :

    1. علموني الاستفادة من الشمس في السير نهاراً وكيفية الاستفادة من هبوب الريح و حركة الأشجار و الأغصان في السير ليلاً .
    2. دربوني على كيفية معرفة الرقم، وخطوط الطول، والدرجات و خط الاستواء ومستوى المياه و مراصد المدافع.
    3. علموني أنواع الموانع الطبيعية ،المرتفات والمنخفضات ، العوارض الاصطناعية ،الخنادق والأرصفة.
    4. دربوني على محرك الطلقة ومنتهى ارتفاع خط النار.
    5. دربوني على معرفة المواقع المستحكمة وانواع الحصون المشيدة عليها وطبيعة الأراضي المحيطة بها والمواضع القابلة لاخفاء الطيارات.
    6. تعلمت كيفية التمييز بين الطيارة الموجودة على سطح الأرض في العداء وبين الطيارة الموضوعة داخل الوكر.

    المخابرات الإسرائيلية الموساد( المدرسة الإسرائيلية) :

    اهتم ديفيد بن غوريون في أيام الاستقلال الاولى عام 1951 مصلحة الاستخبارات الإسرائيلية عليه ان يكون كفؤاً لأفضل تنظيمات الاستخبارات في العالم ، لأن بقاء اسرائيل يعتمد عليه ، استطاع ان ينشئ خمس فروع للاستخبارت الإسرائيلية:

    1. فرع شاي : و هوقسم تابع للهاغاناة وهي الجيش السري اقامه المستوطنون في فلسين بقيت تقوم بجمع المعلومات وتحليلها دون تغيير طبيعتها.
    2. فرع الشين بيت : الذي كان مسؤولاً بصفة رسمية عن الامن الداخلي.
    3. فرع علياه بيت: الذي أقيم في عهد الانتداب البريطاني لتهريب المهاجرين غير الشرعيين الى فلسطين وحولت اهتمامها الى مساعدة اليهود على الفرار من الدول العربية المعادية لإسرائيل.
    4. فرع وزارة الداخلية: كانت غايتها عقد صلات مع موظفي الاستخبارات في البلدان الاخرى .
    5. فرع الاستخبارات على شؤون البوليس و فرع شيروت يدوتو تعني ( خدمات الإعلام ).

    المدرسة الإسرائيلية:

    تتلقى عناصر الموساد دروساً في جميع الاختصاصات لمدة عامين ومدارسهم مستقلة في تل أبيب والقدس يتلقى فيها الدارسون محاضرات عن السياسة الدولية وعن سياسة و اقتصاد دولة اسرائيل والوسائل والتجهيزات الحديثة لانجاز مهمة الاستخبارات والاطلاع على تجارب المخابرات الاجنبية ويتوجب على جميع الضباط العاملين في الموساد (اتقان اللغة العربية) بشكل الزامي .


    ويوجد في اسرائيل كلية خاصة( لتدريس الامن بهدف صيغة عقيدة الامن الإسرائيلية وخلق مفهوم أمن مشترك على أساس المعلومات المشتركة وفي هذه الكلية يتم دراسة المعطيات وتحليلها في بعض الاحيان ويقوم رؤساء الأقسام بتقمص شخصيات من الدول العربية.


    أساليب الموساد في العمليات الاستخباراتية:

    1. العميل المزروع : تتعاون كافة اجهزة المخابرات في مسألة زرع عميل لها في الدول العربية وأبرز العملاء كان ايلي كوهين عمل في سوريا عام1961 ، و لفغنانغ لوتس ،الذي وصل الى القاهرة عام 1961 مدعياً انه لاجئ سياسي وألقي القبض عليه.
    2. تجنيد يهود من الدول العربية: وأبرز العملاء ( شولا كوهين) التي تعتبر من أخطر جواسيس الموساد في لبنان ، والشرق الاوسط عاشت في وادي أبو جميل ببيروت عام 1947 وشاركت في اعداد قوة الدفاع عن النفس عن اليهود التي اندمجت مع حزب لكتائب اللبناني و ساهمت في تهريب اليهود من لبنان ، واستطاعت تجنيد الضابط اللبناني (جورج انطون) وتعاونت مع مدير كازينو الأولمبياد حيث يجتمع اكبر عدد من رجال السياسة وهواة القمار وقابلت كميل شمعون ومهدت لاجتماع اديب الشيشكي بالجنرال مكليف رئيس الأركان الإسرائيلي وعام 1950 ستطاعت سرقة البروتوكول الأمني بين سوريا ولبنان إلا ان المخابرات السورية اكتشفها واعتقلتها حتى أفرج عنها عام 1967 أثناء تبادل الأسرى.
    3. شبكات التخريب: مهمتها القيام بأعمال التخريب لخدمة هدف سياسي في احدى الدول العربية، مثل الشبكة الجاسوسية التي تضمنت دموشي مرزوق ، وشموئيل عزرا، في مصر التي استطاعت تجنيد العديد من الشبان في القاهرة والاسكندرية و نفذت تفجيرات ضد مصالح بريطانية لتعطيل جلاء البريطانيين عن مصر.
    4. عمليات الاغتيال: عام 1972 عين الموساد مستشاراً لرئيس الحكومة ضمن صلاحيات خاصة من اجل التنسيق لمكافحة الإرهاب أهارون باريف، منسق للحرب ضدالإرهاب وتشكيل مجموعة اغتيال بالتعاون مع الموساد و اغتيال عملاء الموساد محمد الهمشري ، كمال ناصر، يوسف النجار ، كمال عدوان ، وكان قائد عملية الاغتيال (ايهود باراك ) وغيرهم من القادة الفلسطينيين والعرب في قبرص و اليونان والنرويج.
    5. عمليات السرقة : عام 1948 قام الموساد بتهريب أربع طائرات بريطانية الى اسرائيل من طراز فايتر بالإضافة الى عمليات سرقة اليورانيوم .

    علم النفس في المخابرات الإسرائيلية و كيفية تجنيد العملاء في الخابرات الإسرائيلية:
    1. من الناحيةالسيكولوجية : تراعي نقاط الضعف في الشخص الذي يراد تجنيده .
    2. تدرس جيداً السمات الشخصية والمزاجية لهذا الشخص قبل عملية الاقتراب منه ، وهناك ثلاثة عوامل رئيسية للتجنيد، منها :


    • المال .
    • العاطفة:سواء كان للانتقام اوالأيديولوجية .
    • الجنس:ويتم اخذ الشخص و جعل تدريجياً مخالفاً للقانون و للاخلاق لذلك يعامل الموساد مع أسوأ انواع البشر وتستخدم مهارات عالية و غامضة في كيفية استقطاب الجواسيس في دول الجوار.

    من أساليب الموساد لتنفيذ عمليات التجسس

    فهي تعتمد بشكل رئيسي:

    1. الحصول على معلومات بتشتى الطرق والأساليب او المعلومات المكشوفة عن طريق تجنيد عمال البارات خارج اسرائيل ومستخدمي الفنادق والسكرتيرات و عن طريق المومسات والسائقين وغيرهم وتستخدم كافة انواع الضغوط على العملاء المجندين .
    2. تتستر المخابرات الإسرائيلية تحت غطاء لجان المشتريات وشركات السياحة،و شركة طيران العال ، و مكاتب شركة الملاحة، ومؤسسات البناء والأعمال والشركات الصناعية والمنظمات التجارية الدولية، والإسرائيلية.
    3. استخدام المال، والتنسيق مع الدول الاوروبية الغربية تحت ستار تنظيم استخباري تابع لحلف الناتو بغية تجنيدهم للعمل في الدول العربية وكما يجري الاعتماد على الوكالة اليهودية للقيام بأعمال التجسس من اليهود في العالم العربي أو العمل في الدول العربية يتم التركيز على ما يلي:



    1. تجنيد موظفي الهيئات الدولية العاملين في الدول العربية.
    2. تجنيد بعض الطلاب العرب الدارسين في الخارج عن طريق استخدام نقاط الضعف.
    3. استخدام الدبلوماسيين الأجانب لسهولة حريتهم في الحركة.
    4. استخدام جواسيس قرى الحدود: مثل القرى السياحية في مصر.
    5. اختطاف الاحداث: وزرع الادمان على المخدرات فيهم.
    6. تجنيد مراسلين صحفيين أجانب.
    7. شبكات التهريب في البر والبحر و الجو .
    8. تجنيد تجارالسلاح في اوروبا.

    علاقة المخابرات الإسرائيلية(الموساد) مع المخابرات الدولية : -
    1. يرتبط الموساد بعلاقات حميمة مع المخابرات الأمريكية ولتنظيم هذه العلاقة أنشات المخابرات الأمريكية (القسم اليهودي) ضمن جهازه العام 1953.
    2. علاقة الموساد بالدول الغربية، وخاصة مع مخابرات حلف شمال الاطلسي فهو يشارك بشكل دائم في التحقيق مع الموقوفين العرب في الدول الغربية ويستغل ذلك لكسب عملاء له.
    3. علاقة الموساد مع السافاك الإيراني في عهد الشاه والتعاون مع الموساد لخلق مناخ مؤيد لإسرائيل في ايران و كانت من أخطر العلاقات وأهمها في مجال الجاسوسية.
    4. علاقة الموساد مع ( المخابرات التركية، مركز الامن التركي القومي،ويطلق على هذه العلاقة المثلث الرهيب وتعقد بشكل دوري كل ستة أشهر حيث يتم تبادل المعلومات تعهد الموساد بتقديم تقارير الى مركز الامن القومي التركي حول النشاطات التجسسية المعادية لتركيا، وتعهد الأتراك أيضاً تقديم تقارير حولنشاطات العرب التجسسية ضد إسرائيل وتقديم بالذات تقاريرحول النشاطات المصرية ضدها.
    5. علاقة الموساد بمخابرات الدول الإفريقية والتعاون مع زائير ليبيريا ، كينيا ، غانا ، جنوب افريقيا، وهي علاقات اجنبية قوية جداً، وتقوم الموساد بتدريب اجهزة المخابرات الافريقية وفي عام 1978 ساعد الموساد ،اوغندا للحصول على صفقة طائرات بوينغ و زودها بطاقم ضمن اتفاقية للتجسس على ليبيا.
    6. علاقة الموساد مع مخابرات دول ـأمريكا اللاتينية مثل البرازيل ، الأرجنتين ، المكسيك ،كوساريكا ، بنما ، البيرو، السلفادور وأخرى والتنسيق و لتنظيم هذه العمليات يقيم الموساد مقراً اقليمياً له ( في مدينة كاركاس) فنزويلا للإشراف على عملياته التجسسية.
    7. علاقة الموساد مع آسيا الصغرى مثل كوريا الجنوبية، وتايوان وتايلاند واندونيسيا و تقيم المقر الرئيسي لها في سنغافورة وتتم هذه العلاقات التجسسية بالتنسيق و التعاون مع المخابرات المركزية الامريكية.



    علاقة الموساد مع المخابرات المصرية:


    بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد تستهدف التعاون والتنسيق مع الموساد ما يلي:


    أ?- محاولة تأمين الحصول على المعلومات من المخابرات المصرية عن المقاومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.


    ب?- محاول ربط المراكز الحساسة في الاقتصاد والإعلام المصري بصالح اسرائيل.


    ت?- محاولة ايجاد رجال اسرائيل في اماكن صياغة القرار في مصر.


    الشخصية العربية في الدعاية الإسرائيلية:

    1. يتأثر العرب بصورة خاصة بالعواطف والمشاعر اكثر من العقل و أنهم لا ينسون ويغفرون بسرعة ولهم ميول قوية لتجاهل الوقائع و يسهبون في الأوهام و الخداعات.
    2. ارهابي و غدار ، عدواني جبان، و حاقد ويمتاز بالوحشية و الابتزاز ومتوحشين و بدو رحل ، ومسلمون متطرفون. -# العرب يقعون في ادنى سلم التطور البشري لأنه ليس لديهم احساس بالتمييز العرقي بسبب عقيدتهم الإسلامية التي لا يوجد فيها مثل هذا الاحساس فهي تسوي بين بني البشر بمختلف أعراقهم و انتمائهم طالما انهم يدينون بالإسلام.
    3. العربي في العبرية ، سارق كاذب ومنافق وذو وجهين ومغتصب النساء، ومعتد ويفتقد للمبادئ وتوجيه الغريزة الجنسية، و لا يفي بوعده، ومحب للمال ومرتش.

    ملاحظة ان إسرائيل حصرت العرب و منعت عنهم التطور و أصبح معظم العرب شغيلة للإسرائيليين.

    كشفت المخابرات الإيرانية بأن الموساد الإسرائيلي ضم تسع دوائر اهمها:

    1. دائرة تنسيق و تخطيط المعلومات.
    2. دائرة تجميع المعلومات السرية والمهمة منها شعبة السيطرة و المراقبة الاقليمية ويكون عملها خارج اسرائيل.
    3. دائرة العمليات السياسية: والعلاقات التبعية والودية مهمتها التنسيق، والتعاون واقامة العلاقات مع مخابرات الدول الاجنبية.
    4. دائرة شؤون الكادر الوظيفي والمالية و الأمن .
    5. دائرة شؤون التدريبات والتنظيم .
    6. دئرة التحقيقات.
    7. دائرة العمليات التكتيكية وتضم عدة أقسام، شعبة روسيا، وشعبة الجمهوريات المنفصلة عن الاتحاد السوفييتي، قسم العمليات الخاصة، قسم الرب النفسية، دائرة الشؤون التكنولوجية ، المديرية العامة للمصادر، والتجهيزات ودائرة العمليات السياسية كدائرتين منفصلتين لهما مقرات منفصلة سواء داخل السفارات اوالقنصليات الإسرائيلية او خارجها. -# الدائرة الثانية و الثالث لها فروع موزعة على أساس جغرافي في امريكا الجنوبية اوروبا الشرقية، آسيا و المحيطات ومنطقة البحر الأبيض المتوسط ، اوروبا ، الولايات المتحدة الامريكية.

    أجهزة الاستخبارات في اسرائيل تقوم على أهمها :
    1. تقوم جمع المعلومات المتنوعة.
    2. تقوم على تقدير للوضع وتقديم المعطيات للحكومة من اجل اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية .
    3. تقوم على توفير الأمن و الحركات السرية الداخلية وتوفير الأمن للعمليات والمنشآت الصناعية والأشخاص.
    4. حرب استخبارية ونشاطات خاصة تشمل عمليات وقائية وتخريب وحماية اليهود واستخبارات سياسية، واستخبارات وقائية، وعمليات استخبارية.

    تهدف الصهيونية العالمية الى سيطرة العنصر اليهودي على العالم بعدة وسائل أهمها:
    1. بروتوكولات حكماء صهيون: وهي تشمل خطة العمل في المستقبل للحركة الصهيونية بوسائل عديدة تحقق فيها السيطرة على الصحافة ووسائل الإعلام في العالم ، في العالم الغربي والسيطرة على رؤوس الاموال وتفتيت المسيحي عن طريق التخريب الروحي وادخال عناصر يهودية الأصل الى الكنيسة الكاثوليكية وتزويرحقائق التاريخية (بمحاولة تبرئة اليهود من دم المسيح).
    2. اقامة مراكز او محطات لليهود في انحاء العالم مع اعتبار فلسطين المحطة الرئيسية ليهود العالم ، قد ركزوا اهتمامهم على المغرب في شمال افرقيا، والأرجنتين وقد تحقق ذلك في المؤتمر الصهيوني الأول.
    3. الاعتماد على الجاليات اليهودية في أنحاء العالم بالعمل السري والعلني لمساندة الحركة الصهيونية والضغط على الدول التي يقيمون فيها لمصالحها قبل أمريكا وألمانيا و انجلترا وتواجه الحركة الصهيونية في الوقت الحاضر عدة مشكلات اهمها:


    1. مشكلات انصهار اليهود في الدول التي يعيشون فيها ومشكلة الهجرة من دول أوروبا الشرقية مشكلة نشر اللغة والثقافة العبرية بين يهود العالم، وتغيير نظرة بعض دول العالم للحركة الصهيونية العالمية والتفرقة العنصرية بين اليهود في اسرائيل والحركات المعادية للصهيونية في العالم.
    2. محاولتها استغلال العقيدة والدين لخدمة الاهداف الصهيونية بحكم انتشار الجاليات اليهودية في العالم و سيطرتها على وسائل المال والإعلام يعطي أجهزة المخابرات الإسرائيلية امكانيات العمل و الحركة والتمويل بدرجة لا تتوافر لأية دولة كبرى مثل قضايا جواسيس الذرة، والمخابرات الإسرائيلية التي تملك لديها كل جوازات سفر جميع أنحاء العالم، وهي التي وراء اغلب الأحداث والمؤامرات في العالم قديماً وحديثاً والدعاية الصهيوية التي تسيطر على جزء كبير من وسائل الإعلام العالمية وادت الاجهزة المعادية تحقيق الهزيمة في العقل العربي قبل تحققها على ارض الواقع و في ميدان المعركة اخذت تروج لفكرة اسرائيل الكبرى، والجندي الإسرائيلي الذي لا يقهر وجهاز الموساد الغير قابل للاختراق وأقوى اجهزة المخابرات في العالم حسب ادعائهم.

    المخابرات والجنس:

    المال والنساء: من اهم الأسلحة القذرة التي يستخدمها الكيان الصهيوني في بناء كيانه الغاصب، واستقطاب عملائه، إذ يستخدم كل الوسائل و الأساليب غير المشروعة في حربه ضد الأمة الإسلامية و من أبرزها ( الرذيلة والإغراء) وهذا ما تؤكده صحيفة هآرتس إعلان الحركة الصهيونية قامت في عهد الانتداب البريطاني في فلسطين جهازاً خاصاً وغيرها من جيوش دول الحلفاء الذين كانوا ينزلون للراحة على الشواطئ الإسرائيلية وذلك في اطار مساعي الزعامة الصهيونية لكسب تأييد ينزلون للراحة على الشواطئ الإسرائيلية وذلك في اطار مساعي الزعامة الصهيونية لكسب تأييد تلك الدول لمشروعها الاستعماري في فلسطين، فقد اعتمدت المخابرات الصهيونية في عملها الرئيسي على النساء وأن20% من العاملين في هذا الجهاز من النساء اليهوديات وكانت المرأة الصهيونية قد لعبت دوراً كبيراً في تنفيذ عمليات حركة البالماخ العسكرية وتجاوز عدد النساء فيها 30% من مجموع أفرادها .


    و اليوم تعتمد الموساد على المرأة اعتماداً قوياً في القيام بعمليات التجسس واسقط العملاء من خلال استخدام الرذيلة والإغراء وهذا ما يوضح الى أي مدى احتد فساد هذا الكيان الصهيوني الشاذ وخطره على الأمة العربية والإسلامية.


    وكيف أصبح الجنس والبغاء من العمل التنظيمي لمؤسسات الحركة الصهيونية وقد شهدت مدينة تل أبيب ازدهاراً كبيراً في أقدم المهن ( الدعارة ) بسبب وجود اعداد كبيرة من الجنود الاجانب بالمدينة وبسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي واجهته المهاجرت الجدد وبنات العائلات الصهيونية الفقيرة.


    و تكون الدعارة في خدمة السياسيين وهذا يعكس على خدمة الدول الصهيونية هدف استخدامهن في إغراء قيادات عسكرية وسياسية في عدة دول معادية للكيان الصهيوني من أجل الحصول منهم على معلومات عسكرية وأمنية تهم الكيان الصهيوني.


    و ما أكدته اجهزة المخابرات الإسرائيلية ان المجندات الصهيونيات نجحن على مدار الاعوام الماضية في تنفيذ عمليات عسكرية مهمة بينها اغتيال القيادي الفلسطيني حسن سلامة ،و سرقة أسرار السفارة الإيرانية في قبرص ، و مكاتب حزب الله في سويسرا واختطاف الخبير النووي، فعنونو من ايطاليا الى فلسطين االوسيلة الوحيدة لاسقاط العملاء هي الجنس حيث تقوم المجندات الصهيونيات بإغراء العملاء ثم ممارسة الرذيلة معهم ويقوم أفراد الموساد بتصويرهم في اوضاع فاضحة ويتم تهديدهم بها في حال محاولة رفض الأوامر ويطلق على المجندات الصهيونيات اسم ( سلاح النساء للتجسس) .


    دخلت المخابرات الإسرائيلية بعد ذلك في عدة مراحل اهمها:-

    1. المرحلة الأولى : تمتد من عام 1949 الى عام 1951 وكانت الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية تشترك في معظم أعمال المخابرات الإسرائيلية.
    2. المرحلة الثانية: تمتد من عام 1951 الى عام 1955 كان خلالها بنيامين جيلي هوالذي تولى إدارة المخابرات بجميع فروعها ويساعده في ذلك عدد من رجال وزارة الدفاع الإسرائيلي.
    3. المرحل الثالثة: من عام 1955 بعد فضيحة لافون واستلام تيدي كوليك مدير عام مكتب رئيس الوزراء فقام بتنظيم جهاز المخابرات على أساس جديد.



    ومازال الموضوع بقية



    uhgl hg[hs,sdm

    التعديل الأخير تم بواسطة محمد محمود فكرى الدراوى ; 18-03-2011 الساعة 09:02 PM

  2. #2
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    الاستخبارات أو مصلحة الاستخبارات تسمى في بعض الدول المخابرات أو الشعبة الثانية او المكتب الثاني تعني عمليات الاستخبارات (أو نتاج و ثمار هذه العملية) أي حصيلة المعلومات التي تحصل عليها الاستخبارات.

    الاستخبارات أو مصلحة الاستخبارات أو أجهزة الاستخبارات أو المخابرات : تعني هي مجموعة الأجهزة والتشكيلات والوسائل المستخدمة لجمع المعلومات السياسية والنفسية والاقتصادية و العسكرية الخاصة بالعدو وتحليلها و العاملة في الوقت نفسه على مكافحة عمليات التجسس او التخريب المعادية إبطال كل عمل يقوم به العدو لجمع المعلومات السياسية والنفسية والاقتصادية و العسكرية عن معسكر الصديق.


    الاستخبارات : تعني التخابر لنقل المعلومات القيمة المنقولة والتي تكون على درجة كبيرة من الأهمية بين شخص وآخر و بين مركز وآخر، ومقر شبكة التجسس، و في كل دولة تشمل جميع وسائل التجسس الخارجي.

    والتخابر تعني (خبر كل واحد الآخر) أي كلمه أو باحثه أو تباحث معه سواء حصل مشافهة أو كتابة صراحة أو رمزاً او مباشرة أو بالواسطة أو بخداع الغير ، او بالمحادثة التلفزيونية او السلكية و اللاسلكية .

    الحرب النفسية – حرب الأفكار:-

    إنها الحرب الهجومية ، يخوضها جيش بأسلحة فكرية، و عاطفية من أجل تحطيم قوة المقاومة المعنوية في جيش العدو وبين السكان المدنيين وتخاض هذه الحرب للتقليل من نفوذ العدو في أعين الدولة المحايدة.

    الجاسوس في الإسلام: -

    1. هو عنصر الاستخبارات المعادية أو الاجنبية الذي يمارس نشاطه الاستخباري ضد بلادنا.
    2. الجاسوس هو من يرسله الكفار سراً ليتجسس على المسلمين ويتعرف على أمورهم و يبلغها للكفار.
    3. الجاسوس هو الشخص الذي يعمل في الخفاء او تحت ستار كاذب، فيحصل على معلومات في منطقة الحركات العسكرية و أبلغها للخصم.
    4. الجاسوس : هو العين والجمع عيون، و يسمى عين لأن عمله بعينه.
    5. الجاسوس و الجيس ، الذي يتباحث أخبار الناس للحكام .

    صفات موظف الاستخبارات العسكرية في الإسلام:-

    1. الطاعة و تنفيذ الأوامر .
    2. النصيحة والصدق.
    3. الشعور العميق بحب العمل و أهميته.
    4. الدهاء والحيل والخديعة و التمويه .
    5. الخبرة و المهارة والصبر.
    6. ان تكون له دربة بالأسفار .
    7. ان يكون ذو حدس صائب.
    8. الإخلاص والتضحية.
    9. حفظ الأسرار وكتمان الاخبار.
    10. امكانية تكييف النفس لأحوار المعيشة خارج الوطن .
    11. القدرة على التخفي والتنكر.
    12. توخي دقة المعلومات في الوقت المناسب، الشجاعة والنجدة.
    13. تعلم لغة العدو، استخدام الشيفرة ( لغة الرموز).
    14. التهذيب و الأخلاق.

    طرق الوقاية من الحرب النفسية في الإسلام: -

    1- الايمان بالله و قوة العقيدة.

    2- الوعي و المعرفة بأهداف العدو أساليبه في الحرب النفسية.

    3- كشف محاولات التخذيل و تثبيط العزائم.

    4- فضح محاولات التفرقة و مقاومتها.

    صور الحرب النفسية في الإسلام : -

    1- الشعارات و الهتافات : لتحقيق عدة اهداف منها التعارف فيما بينهم أثناء الالتحام بالاعداء ،أو في الظلام مع ترويع العدو وبث الرهبة و الخوف في قلبه.

    2- التفريق بين العدو وحلفائه (مثل غزوة الخندق).

    3- تجنيد القوى الأخرى، و حرمان العدو من محالفتها.

    4- زعزعة ثقة العدو في إحراز النصر( مثل غزوة الفتح).

    5- التخويف والضغط النفسي على العدو.

    دور المخابرات في رسم السياسة:-

    إن المخابرات هو عنصر من عناصر رسم السياسة (و ليس رسم السياسة) وإنما تقوم بتجميع و امداد المعلومات وتقويمها ثم تقديمها للمسؤولين في رسم السياسة وأن تكون المخابرات في خدمة من يضع السياسة لا تكون معوقاً لها ، و يجب ان تتجنب اتخاذ موقف مؤيد أو معارض لسياسة معينة، وان تفحص المخابرات التأثيرات المحتملة في الدول الأجنبية للسياسات المترادفة التي قد تتخذها الدولة( مثلاً تقديرات الموقف الاقتصادي في اسرائيل قد تعمل على أساس افتراضات متعددة لمدى تعاونها الاقتصادي مع الغرب(.

    الحرب السياسية مرادفة للحرب النفسية :-

    يقول ( جون سكوت) :أن الهدف الأساسي للحرب السياسية هو اضعاف العدو، وإذا ما أمكن تديره بواسطة استخدام المناورات الدبلوماسية والضغط الاقتصادي والمعلومات الصحيحة والمضللة والإثارة والتخويف والتخريب والإرهاب و عزل العدو عن أصدقائه وو مؤيديه وسيلة نقل الأفكار.

    إن الحرب السياسية تهدف الى :-

    1- تدعيم قوة بعض مجموعات منافسة أو إضعاف البعض الآخر.

    2- تنظيم قوة يمكن توجيهها لتحقيق غايات محببة. تقديم المعونة لقوى تتفق مصالحها مع مصالح القوى التي تقدم العون .

    3- معاونة دول واقعة تحت سيطرتها تحت أفراد معينين للوصول الى مراكز القوة، و من ثم الى الحكم.

    يقول فارجوا أن الحرب السياسية هي نوع من أعمال المخابرات التي تستخدم الأفكار للتأثير على السياسات أنها تعالج الآراء وتنقلها الى الآخرين وهي عملية منظمة لإغواء الآخرين بطريقة غير عنيفة على نقيض الحرب العسكرية التي تفرض فيها إرادة المنتصر على الجانب المنهزم ، إما بالعنف أو بالتهديد باستخدام العنف.

    دور المخابرات في الحرب الاقتصادية ( الحظر الاقتصادي):-

    1. ضرورة جمع الوثائق التي تتعلق بملفات عن المصانع و معامل تكرير البترول و عدد العمال، وأنواع الانتاج والمنشآت الأخرى.
    2. ان الضغوط الاقتصادية على الدولة أثناء الحرب ، الحظر الاقتصادي ، تحريم الشراء، تجميد الأموال، iو عمل مكمل للهجوم العكسري.
    3. المخابرات الاقتصادية هي علاقة تاريخية وثيقة بالحرب الاقتصادية.
    4. إن حجم النمو الاقتصادي الاجنبي وهيكله ومدى قدرته على الاسهام في القوة العسكرية ، تلك هي الامكانات الاقتصادية من اجل الحرب هي الذي يحظى بالاهتمام الأساسي في المخابرت الاقتصادية.

    دور المخابرات في معرفة وتقدير القوة العسكرية للدولة:-

    1- معرفة عدد الرجال الموجودين تحت السلاح.

    2- نسبة توزيعهم على الأسلحة الحربية الثلاثة ، القوات البرية و الجوية و البحرية.

    3- تنظيمها التكتيكي والإداري و نوع عتادها و كميتها والأسلحة الكبيرة و الصغيرة حسب نوعها وأدائها ووسائل الدفاع الثابتة وبيان الطائرات و البواخر الحربية بحسب نوعها ووظيفتها و طبيعة المنشآت الحربية الترسانة العسكرية ،المطارات و ورش الإصلاح ، وأحواض السفن.

    4- طبيعة امداداتها والخدمات الطبية.

    5- طرق التجنيد المتبعة ،ووسائل التدريب ومستوى درجته.

    6- الخبرة تحت السلاح والخبرة في أثناء القتال.

    7- طراز الضباط وعددهم ، نوع عمل الموظفين ، شخصية الضباط ذوي الأهمية .

    8- درجة تقدير الشعب للقوات العسكرية.

    9- طبيعة التقاليد العسكرية و قوتها كلها تنطوي تحت عنوانين كبيرين هما: المهارة العسكرية و الروح المعنوية.

    تقسيم المخابرات الوقائية الى العناصر الآتية: -

    1- مخابرات الأمن : مسؤوليتها مكافحة التخريب، مكافحة التآمر والتمرد، مكافحة النشاط الهدام و الأمن في مفهومه الشامل من آمن الشخص وأفراد و منشآت ومعلومات .

    2- مقاومة التجسس.

    تقسيم المخابرات النوعي :-

    1- مخابرات ايجابية : - تشمل الإجراءات التي تتبعها المخابرات لتحصل علىالمعلومات سواء بالملاحظة والمتابعة أو بالقيام بعمل ايجابي او الحصول على معلومات التي يجب ان نعرفها قبل ان نبدأ باتخاذ طرق معينة حتى يكون المسؤولين على علم مقدماً بما سيواجههم العدو من إجراءات قبل وقوعها مثل السياسية والاقتصادية و العسكرية و العلمية ويشمل نشاط المخابرات الايجابي أيضاً على أعمال التخريب ، الأعمال السياسية ، المظاهرات ، الدعاية ،حرب الإشاعات،و كل ما يتطلب القيام بخطط ايجابية في التغلب على العدو في أي ميدان من ميادين الحياة العسكرية و السياسية والاقتصادية.

    2- المخابرات الوقائية: - فهي اصطلاح شامل لجميع الإجراءات والعمليات التي تقوم بها الدولة لتحقيق أمنها و وقاية أسرارها من نشاط الجواسيس والتخريب المادي والمعنوي والدعاية هادفة الى المحافظة على هذه الأسرار في الداخل والخارج، وحماية حدودها ومنشآتها و المحافظة على كيانها وكذلك تشمل على التفوق على العدو ، والانتصار عليه في النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية ويطلق عليها اسم المخابرات المضادة.

    العلاقة بين المخابرات العلمية والفنية علاقة متشابكة:-

    1- المخابرات العلمية: وهي تتعلق بالتطورات التكنولوجية الاجنبية التي تقدمت الى حد التطبيق العملي لأغراض الحرب، تشمل التطورات التكنولوجية ولكن من خلال البحث ومرحلة التطور التي تفوق النواحي التكنولوجية والعسكرية البحتة، مثل الرياضايات والطب و الطبيعة البحتة، وعلم الأثريات وعلم الفلك و جغرافية البحار والمحيطات وقد يمكن جميع المعلومات العلمية و تحليلها بواسطة المنظمات الأخرى مثل ( لجان الطاقة الذرية) .

    مثال : تشيرالتقارير في ملفات المخابرت البريطانية عندما بدأت الحرب الى التطورات التي قام بها الألمان بالنسبة للقنابل الانسيابية والطائرات الموجهة والمدافع البعيدة والصواريخ وأشعة الراديو لاستخدامه في عمليات القذف الاعمى للطيران وعندما ألقى هتلر خطابه المشهور عن انتا[ ألمانيا لأسلحة سرية جديدة، ساد الذعر في بريطانيا.

    المراحل التي يمر بها انتاج المخابرات:-

    1- جمع المعلومات .

    2- تنظيم المعلومات

    3- تحليل المعلومات

    4- توزيع المعلومات.

    الاستخبارات العملية:-

    عندما تكون نظرية الامن وسياسة الامن واضحتين يبان توفر الاستخبارات العملية تحقيق أمرين :-

    1- جاهزية

    2- استعداد الجيش على المديات العملية الفورية والجاهزية استعداد القوة لمواجهة حالات حدوث مفاجأة على المستوى التكتيكي

    3- تقسم الى قسمين : -

    أ?- استخبارات لوحدات القوة( قيادة مخططة، قيادة سلاح، قيادة كتيبة، طائرة ).

    ب?- استخبارات لوحدات نار ( المقصود كل وسيلة فعالة حرب الالكترونية ، رادارات ، مدفعية ، صواريخ ، ذخيرة جوية).

    الاستخبارات الأساسية : -

    واجب هذه المخابرات هو انتاج المعلومات جارية وصادقة عن كل ما لدى العدو من بنية ونظام قوات ، انتشار قوة، وتطورات في مجالات مختلفة.

    حرب المعلومات والتجسس: -

    بدأت حرب المعلومات و ارهاصاته مع نهاية الحرب الباردة و بعد حرب الخليج الثانية التي أصبحت تعرف بالثورة في الشؤن العسكرية والتجسس من خلال التكنولوجيا الحديثة للمعلومات ، بكل ادواتها بدءاً من الحاسبات الى الأقمار الصناعية و هذا التغيير سوف ينعكس على الشؤون العسكرية و على الأمن القومي و في المقدمة على المخابرات اكثر مؤسسات الدولة احتكاكاً بالمجال المعلوماتي المتنامي التي مازالت تعتقد ان الجواسيس هم في الأصل حرب العلومات وهذا يعكس رؤيتين على نشاط المخابرات: -
    1. تؤكد على الفرص التي تطرحها التكنولوجية المتقدمة لامتلاك القدرة على اختراق المعلومات المخابرات.
    2. تركز على التجسس و التخريب عن طريق القرصنة داخل شبكات المعلومات العالمية تتضمن أساليب التنصت على الإشارات المرسلة (التجسس الإشاري،أو التقاط الصور، التجسس البصري ، وسيلة جديدة لحرب المعلومات تطلق عليها القرصنة والسطو.
    3. تركز على النزاعات الصغيرة في عالم الإرهاب، والجريمة المنظمة، وعصراً جديداً من التجسس البشري من أجل اعادة هيكلة جماعات المخابرات على مستوى العالم ومحاولة التكييف مع انخفاض الموارد.

    فن الاخفاء والتمويه : -

    الحاجة لهذا الفن في الحرب الحديثة ضرورة لإخفاء معالم العامة، و العسكرية والإخفاء والتمويه فن خدمته مخلوقات شتى تمارسه في حياتها العادية، لتكييف نفسها، و طبيعة الوسط الذي تعيش فيه لاستمرار بقائها عن طريق التغيير،و مارسه الإنسان الاول التي تكفل لها داع اعدائها بعدم اكتشاف مكانها ويوفر لها اقتناص فريستها دون اتاحة الفرصة الاخيرة للهروب و النجاة وأمثلة على ذلك كثيرة في عالم الزواحف والطيور والحشرات والأسماك كالحشرات التي تتشكل وتتلون حسب ألوان الشجر و النباتات التي تعيش عليها كالحرباء التي تتلون باللون الأخضر والرمال و قد اقتبس الانسان كثيراً، من وسائل و طرق الإخفاء ، والتمويه المعروفة التي منحها الله سبحانه و تعالى خصائص وصفات ووسائل تمكنها من الاختفاء وخداع أعدائها حتى يمكنها من العيش في بيئتها والاستمرار في حياتها دون ان تتعرض للمخاطر و قد لجأت الجيوش منذ القدم لفن الاخفاء والتمويه فأتقنت استخدامه لتضليل اعدائها.

    أصل أسطورة الطابور الخامس:-

    كانت تعني( صيحة الذئب) في تلك الفترة اسمها الطابور الخامس كانت مجرد اسطورة من صنع الوهم، وابداع الخيال كان الطابور الخامس في الحرب العالمية الثانية كان يتألف من فريق من الخونة، والجواسيس والعملاء.

    الجاسوسية والجنس:-

    منذ الأزل كانت المرأة عنصر أساسي في لعبة التجسس لما لها من تأثير عاطفي على اصطياد الهدف المراد تجنيده او السيطرة عليه او الحصول على معلومات منه عن طريق مخدعه عندما يكون بين أحضان المرأة وهو أفضل مكان لاستخراج أسرار الرجل عن طريق الغريزة الجنسية، او عن طريق العقل، اللعب بعقول كبار الشخصيات او عن طريق خلع ملابسهن الداخلية حتى يفقدون القدرة على الواقعية والحكمة وهنا تطغى قوة العاطفة من توحي بالثقة بالمرأة والحصول على أخطر المعلومات من كبار الشخصيات.

    و في التاريخ المعاصر استخدام الجنس كسلاح في الجاسوسية على أساسان الغاية تبرر الوسيلة وأنه يجب العمل بكل وسيلة للحصول على المعلومات ولو بالانتفاع بالضعف البشري إزاء الحسناوات من فتيات الهوى، و كذلك تدريب الفتيات على استخدام العلاقات الجنسية كوسيلة لحل عقدة الألسنة في الضوء الخافت أثناء الفراش الوثير الذي يحوي جسد امرأة لعوب وقد يصحب استخدام الجنس أعمال التهديد.

    ان استخدام العلاقات الجنسية تتطلب أموراً أهمها:-

    1- ضمان الاستجابة من جانب الشخص المراد إغراءه واصطياده جنسياً ومدى مقاومة الرجل.

    2- يجب إعداد المرأة اللعوب اعداداً دقيقاً وتدريبها على الإغراء بعد التأكد من صفات معينة منها مثل سرعة البديهة والذكاء للحصول على ما تسعى اليه من معلومات دون إثارة ارتياب الرجل.

    3- يجب اعداد الضحية والوصول بالرجل الدرجة التي تكون رغبته عندها للاتصال الجنسي مساوية للاستعداد في أن يقدم ما هو مطلوب منه من معلومات.

    مثال على ذلك:-

    من التاريخ القديم في قصة شمشون ودليلة يبرز درس قديم و هو أن العلاقات الجنسية فيما يستخدم كسلاح في الجاسوسية بواسطة امرأة فإنها تكون سلاحاً قاتلاً بأكثر مما يستخدمه الرجل، فقوة شمشون ودهائه كانت تكمن نقطة ضعفه فيما كانت دليلة تضمه الى صدرها و تهمس في أذنيه بكلماتها الجميلة وفيما أطمأن لها، فتح قلبه وذكر لها سر قوته وكان في افشائه هذا السر هلاكه.

    أساليب (السي آي ايه) في التعذيب النفسي والجسدي:-
    1. أسلوب الإكراه :- تهدف الى إحداث حالة من الانكفاء والضعف أو التردي النفسي في الشخص الواقع تحت التعذيب يؤدي الى فقدان التحكم على الذات، وارتداد في مستوى سلوكه وانهيار في صفاته الشخصية المتعلمة وفقدان القدرة على التنفيذ والقيام بالنشاطات الابداعية كالتفكير والتخطيط والتخيل، والاحباطات المتكررة.
    2. الاعتقال: يتم لفترات طويلة من أجل تحقيق قدر أكبر من القلق النفسي، والذهني و ضغط و توتر نفسي ،و عدم الأمان.
    3. الاحتجاز : هو احتجاز الشخص لساعات طويلة أو أيام طويلة و انفصاله عن محيطه الداخلي والخارجي و ابقاءه بعيداً عن محيطه وبيئته.
    4. الحرمان من المثيرات الحسية: يعمل الحبس الانفرادي كوسيلة ضغط على الشخص و يؤدي ذلك الى التطير(التشاؤم) والحب الشديد لأي شيء آخر حي، النظر الى الجمادات على انها حية بالإضافة الى الهلوسة والأوهام و التخيلات.
    5. التهديدات والخوف: يعمل التهديد بالإكراه الى اضعاف أو تحطيم الشخص بصورة أكثر فعالية من الإكراه نفسه، أو التهديد بإحداث الألم يولد الوفاء و التهديد بالموت أكثر سوءاً من عدم اللجوء بالموت وانه يؤدي الى عجز كامل.
    6. الألم: أن التعذيب عبارة عن سباق بين الشخص ومعذبه ، مثلاً الشعور بالألم يبقي الشخص في وضع ثابت الوقف في وضع استعداد او الجلوس على البراز في الحمام لفترات طويلة من الزمن وبعد فترة يتعب الشخص ويرهق قوته الدافعة الداخلية ومن المحتم ان يعمل الألم الشديد على أن يقدم الشخص على اعترافات كاذبة يقوم ليتخلص من التعذيب.
    7. التنويم المغناطيسي والايماء المضاعف المعمق: رغبة الشخص القوية في التخلص من حالة الضغط والتوتر التي تفرضها عليه تستطيع ان تخلق حالة ذهنية، تسمى الايمانية المعمقة او المضاعفة ،مثلاً يتم لايماء للشخص أن درجة حرارة يده آخذة بالارتفاع ولأن درجة حرارة يديه تكون آخذة بالارتفاع فعلاً بمساعدة آلة تسخين مخفي وقد يعطي ايماءة بأن طعم السيجارة سيكون أفضل ويعطي سيجارة مجهزة لتعطي طعماً لذيذاً.
    8. المخدرات: يمكن خلق اعتقاد زائف لدى الشخص بأنه خدر باستعمال أسلوب أقراص السكر غير مؤذيه تسمى (البلاسيبو) يعطي الشخص حبة (البلاسيبو) و يقال له انه اعطى مصل الحقيقة والذي سيجعله يرغب بالحديث وانه يمنعه من الكذب.
    9. الارتداد والتردي :-

    يمكن استخدام عدة أساليب من عدم الإكراه من اجل إحداث حالة الارتداد: -

    أ?- التلاعب الدائم بالوقت.

    ب?- تعطيل و تقديم الساعات.

    ت?- تقديم وجبات الطعام في أوقات غير منتظمة.

    ث?- خلخلة مواعيد النوم .

    ج?- عدم القدرة على تمييز الليل من النهار.

    ح?- جلسات استجواب لا تسير وفق نمط واحد.

    خ?- استجواب لا معنى له .

    د?- مكافأة عدم التعاون.

    ذ?- تجاهل محاولات التعاون غير الكاملة.

    ر?- يعكس وتيرة نوم المعتقلين وتعريضهم للحرارة والبرد.

    1- النوم على وقع موسيقى صاخبة،وأضواء عالية تعمي البصر.

    2- ارهاق المعتقلين جسدياً ونفسياً قبل اخضاعهم للاستجواب.

    3- استخدام الوسائل الكهربائية في انتزاع الاعتراف ، و مداهمة المنازل.

    4- استخدام أسلوب الكذب و التلفيق

    5- الاغتصاب العلني أمام عدد كبير من الجنود، الى جانب المناوبة على المرأة أكثر من شخص.

    أساليب تعذيب البنتاغون في سجن أبو غريب:-

    1. حملة تعذيب ضد أطفال العراق بأن هؤلاء أخوة لعناصر إرهابية.
    2. ضرب النساء العراقيات واستخدام عمليات الاغتصاب معهن عنوة ووضعهن في الماء وعلى عدم النوم .
    3. ضرب أطفال العراق وقطع أطراف الأطفال والضرب على الرأس بآلة حادة وحرقهم أحياناً بالنار في أجسادهم.
    4. استخدام المثليين جنسياً الشواذ من أجل ممارسة الجنس مع شباب العراق ،و تقطيع أعضائهم الذكورية والتلذذ بهذه المشاهد ،أو ربط الأعضاء الذكورية بالأسلاك المطاطة فيها تيار كهربائي يصعق الشخص.
    5. استخدام الكلاب في ملامسة الأعضاء التناسلية للنساء العراقيات.

    العملاء المستترون:-

    يعيش في أنحاء الوطن العربي والبلاد الاجنبية تحت غطاء مهني قديم أو بصفة رجال أعمال أو طلاب أو صحفيين أو مبشرين (ارساليات تبشيرية) أو أطباء أو عمال أو خادمات بيوت على شكل سياح بمظهر سليم أو أساتذة أو ممثلين او على شكل شحادين ، أو شراء نفوس ضعيفة.

    يمكن معالجة هذه الأمور:-
    1. علينا أن نحسن الانتباه .
    2. المكافحة الخاصة.
    3. مراقبة حملة الكاميرات.
    4. مراقبة الغرباء الوافدين ومنهم السياح.
    5. وهناك وسائل أخرى للمراقبة بشكل فعال و عملي

  3. #3
    مشرف عام مجلس قبائل مصر - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية دكتور الباز الباز
    تاريخ التسجيل
    17-09-2010
    الدولة
    الشرقية , مصر
    العمر
    59
    المشاركات
    2,168

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا
    أخى الحبيب الأستاذ / محمد الدراوى
    على هذا الموضوع القيم و الموسوعى
    و الذى تستحق عنه و بجدارة
    وردة الموضوعات المتميزة



  4. #4
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    شكرا استاذنا الفاضل دكتور الباز المحترم على المرور العطر

  5. #5
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    أشهر الجواسيس : بقلم رأفت الهجان.. شخصياً

    الفصل الاول :
    يبدأ (رفعت في رواية قصة حياته، منذ مولده، في مدينة (دمياط)،


    في الأوَّل من يوليو 1927م، لأب ( علي سليمان الجمّال)، تاجر فحم بالجملة، وأم (رتيبة علي أبو عوض)، من أسرة راقية، تتحدَّث الإنجليزية والفرنسية، اللتين تعلمتهما في إحدى المدارس الخاصة..

    وفي بداية مذكراته، يتحدَّث (رفعت علي سليمان الجمَّال) عن أخيه غير الشقيق (سامي)، وعن شقيقه (لبيب) و(نزيهة)، ويؤكِّد احترامه وتقديره الشديدين للأخ غير الشقيق (سامي)، الذي تولَّى شئون الأسرة كلها، بعد وفاة الأب عام 1936م، والذي كان مدرساً خصوصياً للغة الإنجليزية، لأخوي الملكة (فريدة)، مما يعني أنه كان يتمتَّع بمكانة محترمة للغاية..

    وفي (مصر الجديدة)، نشأ (رفعت) وترعرع، تحت رعاية (سامي)، الذي نقل الأسرة كلها إلى (القاهرة)، بعد وفاة الوالد، والتحق (رفعت) هناك بمدرسة للتجارة المتوسِّطة، وهو في الرابعة عشرة من عمره، بناءً على ضغط الأسرة، التي رأت أن طبيعته غير المسؤولة، لن تساعده على النجاح في التعليم الجامعى..

    وفي مدرسته التجارية المتوسِّطة، انبهر (رفعت) بالبريطانيين، الذين كانوا يقاومون الجيوش النازية باستماتة، مما دفعه إلى التحدُّث بالإنجليزية، بلكنة بريطانية، كما تعلَّق كثيراً بأستاذه الباريسي، الذي علَّمه أن يتحدَّث الفرنسية بلكنة الفرنسيين، حتى أجاد اللغتين، وبرع في التحدُّث بهما، مما كان له أبلغ الأثر في مستقبله فيما بعد..

    وفي تلك الفترة أيضاً، كان للسينما سحر كبير، في نفوس الشباب، في كافة أنحاء العالم، مما جذب انتباه (رفعت)، وغرامه، وطموحه، إلى الحد الذي جعله يحلم بالعمل في السينما ذات يوم، حتى أنه، وأثناء رحلة مدرسية إلى ستوديوهات السينما، تسلَّل إلى حجرة الفنان (بشارة واكيم)، وراح يقلِّد أدواره، حتى ضبطه الممثل الكبير متلبساً، وراق له ما يفعله، فسأله عن اسمه وأسرته، ثم نصحه بالاهتمام بدارسته أوَّلاً، والعودة بعد الانتهاء منها، للبحث عن دور في عالم السينما..

    وفي ذلك اليوم، شعر (رفعت) الصبي بنشوة غامرة، وقرَّر أن يكمل دراسته، ليصبح ممثلاً..

    وفي بدايات عام 1943م، تزوَّجت شقيقته (نزيهة) من الملازم أوَّل (أحمد شفيق)، وانتقلت الأم إلى (دكرنس)، واستعد (سامي) للزواج من ابنة (محرم فهيم)، رئيس نقابة المحامين - آنذاك - وأصبح من الضروري أن ينتقل (رفعت) مع شقيقه (لبيب)، الذى أصبح محاسباً في بنك (باركليز)، إلى شقة أخرى، استأجرها لهما (سامي)، بالقرب من ميدان (لاظوغلي)..

    ووفقاً لمذكراته، التقى (رفعت) بالممثل (بشارة واكيم) مرة أخرى، في عام 1945م، فتذكَّره الرجل، ومنحه دوراً صغيراً في أحد أفلامه، لتتغيِّر بعدها حياته تماماً؛ فمع الزهو الذى شعر به، مع عرض الفيلم، على الرغم من صغر دوره، بدأ زملاء الدراسة يعاملونه كنجم سينمائي، وأحاطوه باهتمامهم، وأسئلتهم، وغيرتهم أيضاً، مما ضاعف من إحساسه بالثقة، وساعده على إنهاء دراسته، في صيف 1946م، ليعمل مرة أخرى، في أفلام الفنان (بشارة واكيم)، ويلتقي بأوَّل حب في حياته.. (بيتي)..


    وعلى الرغم من أن مذكرات (رفعت) تحمل اسم (بيتي)، التي وصفها بأنها راقصة شابة، مراهقة وطائشة، وتكبره بعام واحد، إلا أن بعض الآراء تعتقد أن المقصود هنا هو الراقصة (كيتي)، اليهودية الشابة، التي تورَّطت فيما بعد، مع شبكة جاسوسية أخرى، وفرَّت تحت جنح الظلام من (مصر) كلها، ولم تُسمع أخبارها بعدها قط..

    المهم أن (رفعت) لم يرتبط بالراقصة الشابة عاطفياً فحسب، وإنما جنسياً أيضاً، وانتقل للعيش معها، مما أثار غضب (لبيب)، وتسبَّب له في مشكلات عائلية عديدة، جعلته يتخلَّى فى النهاية عن (بيتي)، وعن العمل فى السينما، ليتقدَّم بطلب وظيفة لدى شركة بترول أجنبية، على ساحل البحر الأحمر، ويفوز بها بجدارة؛ بسبب إجادته للفرنسية والإنجليزية بطلاقة..

    ولقد نجح (رفعت) فى عمله إلى حد كبير، وبالذات لأنه يعمل في (رأس غارب)، على مسافة تقرب من مائتي كيلو متر، بعيداً عن (القاهرة)، التي فر من مشاكله العديدة بها، ورفض بإصرار العودة إليها، عندما تم نقله إلى الفرع الرئيسي بها، كنوع من الترقية..

    ورفض (رفعت) الترقية، ورفض الوظيفة كلها، وتحيَّن فرصة لقائه برجل أعمال سكندري، ربطته به علاقة وثيقة أثناء عمله، ليطلب منه العمل لديه، ولينتقل بعدها بالفعل إلى (الإسكندرية)..

    وارتبط (رفعت) برجل الأعمال السكندري هذا ارتباطاً وثيقاً، وشعر في منزله بدفء الأسرة، الذي افتقده طويلاً، بل وخفق قلبه هناك بحب (هدى)، ابنة رجل الأعمال، الذي لم يعترض على نمو هذه العلاقة، بعد أن اعتبر أن (رفعت) بمثابة ابنه، الذي لم ينجبه أبداً..

    وكان من الممكن أن ينمو هذا الحب، ويزدهر، وينتهي بزواج، واستقرار، وأسرة بسيطة وسعيدة، و…

    ولكن القدر كان يدخر مفاجأة كبيرة لبطلنا، هي بالضبط ما رأيناه وتابعناه جميعاً، على شاشة التليفزيون، في المسلسل الشهير..

    مهمة متابعة، لفرع الشركة في (القاهرة)، تحوَّلت إلى عملية احتيال، من مدير الفرع الخبيث، وانتهت باتهام (رفعت) بالاختلاس والسرقة..

    وعلى الرغم من أن رجل الأعمال السكندري كان يدرك أن (رفعت) قد سقط في فخ محكم، إلا أنه اضطر لفصله من وظيفته، تجنباً لإجراء أية تحقيقات رسمية، في نفس الوقت الذي أوصى فيه بتعيينه كمساعد ضابط حسابات، على متن سفينة الشحن (حورس)..

    وأثناء عمله على السفينة، وتوقفها فى (ليفربول) البريطانية، التقى (رفعت) بالفاتنة (جودي موريس)، التى ذكَّرته بحبيبته السابقة (بيتي)، مما دفعه إلى الارتباط بها، ودفعها إلى التعلُّق به، حتى أنها حرضته على التظاهر بالإصابة بالتهاب الزائدة الدودية، حتى لا يرحل مع السفينة (حورس)، عندما يحين موعد مغادرتها لميناء (ليفربول)..

    وقضى (رفعت) بعض الوقت مع (جودي) بالفعل، بعد رحيل (حورس)، ولكنه لم يلبث أن سئم الأمر كله كعادته، فاستعاد عمله على سفينة الشحن، عند عودتها إلى (ليفربول)، وعاد إلى (مصر)، في مارس 1950، إلا أنه لم يلبث أن عمل على متن سفينة شحن فرنسية، سافر معها إلى (مرسيليا)، ثم هجرها إلى (باريس)، حيث أجاد اللغة الفرنسية إجادة تامة، واستثمرها فى إقامة بعض العلاقات النسائية هناك، والتي كان يرغب في استمرارها إلى الأبد، لولا أنه واجه خطر الطرد من البلاد؛ لأنه لم يكن يحمل تأشيرة إقامة رسمية..

    ومرة أخرى، وبتأشيرة زيارة قصيرة، سافر (رفعت) إلى (بريطانيا)، بحجة استشارة الطبيب، الذي أجرى له عملية الزائدة، واستقر ليعمل هناك في وكالة للسفريات، تحمل اسم (سلتيك تورز)..


    وفي هذه المرة أيضاً، ومع النجاح الذي حققه في عمله، كان من الممكن أن يستقر (رفعت) في (لندن)، وأن يحصل على إقامة رسمية بها، بل وأن يصبح من كبار خبراء السياحة فيها، لولا أنه، وأثناء قيامه بعقد صفقة لحساب الشركة في (نيويورك)، تلقَّى عرضاً من صاحب شركة أمريكية، بدا له مناسباً للغاية، فقبله على الفور، ودون تفكير، وقرَّر الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية لبعض الوقت، دون تأشيرة عمل رسمية، أو بطاقة ضمان اجتماعي خضراء..

    ولعل هذا أسوأ قرار اتخذه (رفعت الجمَّال) في حياته، أو أن القدر كان يدخر له بالفعل ذلك الدور، االذي صنع منه حالة فريدة في عالم الجاسوسية، ويدفعه إليه دفعاً بلا هوادة..

    فمنذ اتخذ قراره هذا، اضطربت حياة (رفعت) تماماً..

    إدارة الهجرة بدأت تطارده، وصاحب العمل تخلّى عنه، وتم وضع اسمه فى القائمة السوداء في (أمريكا)، مما اضطره للهرب إلى (كندا)، ومنها إلى (فرانكفورت) في (ألمانيا)، التي حصل على تأشيرة ترانزيت بها، باعتبارها مجرَّد محطة، للوصول إلى (النمسا)..

    ولكن عبثه أيضاً صنع له مشكلة ضخمة في (فرانكفورت)، حيث قضى ليلة واحدة، مع فاتنة شقراء، استيقظ ليجد نفسه بعدها دون نقود، ودون جواز سفر أيضاً..

    ففي تلك الفترة بالذات، كان الكثيرون من النازيين السابقين، يسعون للفرار من (ألمانيا)، ويشترون، في سبيل هذا، جوازات سفر أجنبية..

    ولقد اتهمه القنصل المصري هناك بأنه قد باع جواز سفره، ورفض أن يمنحه وثيقة سفر بدلاً منه، ثم لم تلبث الشرطة الألمانية أن ألقت القبض عليه، وتم سجنه لبعض الوقت، قبل أن يرحل قسراً، على متن أوَّل طائرة، عائداً إلى البلد الذي جاهد للابتعاد عنه..

    إلى (مصر)..

    الفصل الثانى :

    مع عودة (رفعت) إلى (مصر)، بدون وظيفة، أو جواز سفر، وقد سبقه تقرير عما حدث له في (فرانكفورت)،

    وشكوك حول ما فعله بجواز سفره، بدت الصورة أمامه قاتمة إلى حد محبط، مما دفعه إلى حالة مؤسفة من اليأس والإحباط، لم تنته إلا مع ظهور فرصة جديدة، للعمل في شركة قناة (السويس)، تتناسب مع إتقانه للغات..

    ولكن الفرصة الجديدة كانت تحتاج إلى وثائق، وأوراق، وهوية..
    وهنا، بدأ (رفعت) يقتحم العالم السفلي، وتعرَّف على مزوِّر بارع، منحه جواز سفر باسم (علي مصطفى)، يحوي صورته، بدلاً من صورة صاحبه الأصلي.. وبهذا الاسم الجديد، عمل (رفعت) في شركة قناة (السويس)، وبدا له وكأن حالة الاستقرار قد بدأت..
    ولكن هيهات… لقد قامت ثورة يوليو1952م، وشعر البريطانيون بالقلق، بشأن المرحلة القادمة، وأدركوا أن المصريين يتعاطفون مع النظام الجديد، فشرعوا في مراجعة أوراقهم، ووثائق هوياتهم، مما استشعر معه (رفعت) الخطر، فقرَّر ترك العمل، في شركة قناة (السويس)، وحصل من ذلك المزوِّر على جواز سفر جديد، لصحفي سويسري، يُدعى (تشارلز دينون)..
    والمدهش أن (رفعت) قد قضى بعض الوقت، في أحد الفنادق الدولية الكبرى، منتحلاً شخصية (دينون)، دون أن ينكشف أمره لحظة واحدة، أو يُدرك مخلوق واحد، ممن يتعامل معهم يومياً، أنه ليس صحفياً، بل وليس حتى سويسرياً، بل مجرَّد شاب مصري، يحمل شيكات سياحية، قيمتها اثنا عشر ألف دولار أمريكي، هى نتاج عمله في شركة (سلتيك تورز) البريطانية، مما يثبت مدى براعته، وقدرته المدهشة على إقناع وخداع كل من حوله، وتمكُّنه المدهش من اللغات ولكناتها أيضاً..
    وبسبب بعض المتغيرات السياسية، في عام1953م، بدأت عملية مراجعة لأوراق الأجانب في (مصر)، مما اضطر (رفعت) إلى إنهاء إقامته في ذلك الفندق الدولي، الذى لم يُسدِّد فاتورته على الأرجح؛ لأنه قرَّر أن يغيِّر هويته مرة أخرى، وحصل بالفعل على جواز سفر جديد، باسم البريطانى (دانيال كالدويل)..
    وبأسلوب إيقاف السيارات (الأوتوستوب)، اتجه (رفعت) نحو حدود (ليبيا)، وقد وقر في نفسه أنه لم يعد أمامه سوى أن يغادر (مصر) كلها..
    ولقد سار كل شيء على ما يرام، حتى بلغ نقطة الحدود نفسها، وقدَّم للضابط البريطاني عندها جواز سفره البريطاني، بمنتهى الثقة والبساطة، وهو يتحدَّث معه بلكنة بريطانية صرفة..
    ولكن الأمور لم تكن تسير لصالحه هذه المرة..
    ففي ذلك الحين، كان الكثيرون من الجنود البريطانيين يفرون من وحداتهم في (الإسكندرية)، ويحاولون عبور الحدود إلى (ليبيا)، كما كان العشرات من اليهود يسعون لتهريب أموالهم، عبر الحدود نفسها، مما جعل الضابط البريطاني يطالبه بإفراغ كل ما تحويه جيوبه أمامه، فلم يتردَّد (رفعت) لحظة واحدة، وبدا شديد الهدوء والثقة، وهو يفرغ جيوبه أمام البريطاني، الذي التقط الشيكات السياحية، وفحصها في اهتمام بالغ، قبل أن يسأله عما يعنيه كون الشيكات محرَّرة لاسم (رفعت الجمَّال)، في حين أن جواز السفر يحمل اسم (دانيال كالدويل)..


    وهنا، ارتكب (رفعت) أكبر حماقة في حياته، عندما قال: إنه سيوقَّع تلك الشيكات باسم (رفعت الجمَّال)، مما اعتبره البريطاني بادرة شك، فألقى القبض عليه، وأعاده إلى (القاهرة) مع تقرير يشير إلى أنه لا يبدو مصرياً، أو حتى بريطانياً، وأنه على الأرجح (دافيد أرنسون) آخر..
    و(دافيد أرنسون) هذا ضابط يهودي، كان مستشاراً للقائد التركي (جمال باشا) في (دمشق) يوماً ما، ضمن شبكة تجسُّس يهودية، انتشر أفرادها في الإمبراطورية العثمانية..
    ولكن سلطات التحقيق في (مصر) لم تكن لديها خلفية تاريخية مناسبة، لتستوعب هذا الأمر، لذا فقد اتهمت (رفعت) بأنه يهودي، يحمل اسم (دافيد أرنسون)، وجواز سفر باسم (دانيال كالدويل)، وشيكات سياحية باسم (رفعت الجمَّال)، ولقد زاد هو الطين بلة -حسبما قال في مذكراته- عندما تحدَّث بالعربية، ليثبت التهمة على نفسه، مما جعلهم يرسلونه إلى (القاهرة)، وإلى (مصر الجديدة) بالتحديد؛ لأنها الجهة الوحيدة، التي عثروا فيها على اسم (رفعت الجمَّال)..
    إلى هنا، والمذكرات لم تبتعد كثيراً عن تلك الأحداث، التي تابعناها جميعاً، في المسلسل الشهير، على شاشة التليفزيون، فقد أعيد استجواب (رفعت) في قسم (مصر الجديدة)، وحار الكل في شأنه، وافترض بعض الجنود، والضباط، وحتى المساجين، أنه بالفعل يهودي مصري، و…
    وفجأة، زاره ذلك الرجل..
    وفي هذا الجزء بالتحديد، أعتقد أنه من الأفضل أن ننقل الحدث، كما رواه (رفعت علي سليمان الجمَّال) بنفسه، باعتباره أهم وأخطر نقطة تحوّل، في مسار حياته كلها، حيث يقول:
    رأيت في انتظاري رجلاً ضخم البنية، يوحى بالجدية، يرتدي ملابس مدنية، هادئ الصوت في ود حين يلقي أوامره.
    وجه كلامه للحارس الذى اصطحبني قائلاً:
    - يمكن أن تتركنا الآن وحدنا.
    واتجه ناحيتي وطلب مني الجلوس. جلست. وفي داخلي قلق حقيقي. يسيطر عليَّ مزاج عنيد وملل وضيق مما سيأتي، فقد سئمت وضقت ذرعاً من القيود التي وضعوني فيها. وعندما قدم لى الجالس قبالتي سيجارة ثنيت يدي في هدوء فانسلتا خارج القيد الحديد. تردد الرجل لحظة، ولكنه لم ينطق بشيء، ولم يستدع الحارس. فقط جلس خلف مكتبه، الذي أجلس قبالته، وقد رسم على شفتيه ابتسامة وهو يتطلع إلىَّ.
    قدّم لي نفسه قائلاً:
    - اسمي حسن حسني من البوليس السياسي.
    قفزت إلى رأسي علامة استفهام كبيرة: ما علاقتي أنا بالبوليس السياسي؟ إن المباحث الجنائية هي وحدها المسؤولة عن الجرائم التي يحاولون اتهامي بها.


    استطرد الرجل قائلاً:
    - لا أستطيع أن أخاطبك باسمك لأنني لا أعرف أي اسم أستخدم من أسمائك الثلاثة. يجب أن تعرف أن قضيتك صعبة جداً. ليس المسألة خطورة جرائمك، بل لأننا ببساطة لا نعرف من أنت. إن الثورة في بلدنا لا تزال حديثة عهد، بلا خبرة أو استعداد. ونحن لا نستطيع إصدار وثائق إثبات الشخصية للجميع لأننا لا نملك الوسائل اللازمة ولا العاملين اللازمين لذلك. وكما ترى فإنني صريح معك. وحيث إنك حتى هذه اللحظة مجرد مشتبه فيه، فالواجب يقضي بأن لا تبقى في الحجز أكثر من يومين. بعد هذا لابد من عرضك على قاض أو إطلاق سراحك. ولكن يجب أن نتحفظ عليك حتى تفصح لنا عن حقيقة هويتك. نحن في ثورة ولسنا على استعداد لتحمل أية أخطاء في هذه المرحلة.
    أنصت إليه بانتباه محاولاً تصور ما يرمى إليه. واستطرد قائلاً:
    - أود أن أغلق قضيتك. لا يوجد أي بلاغ عن سرقة جواز سفر بريطاني باسم (دانييل كالدويل). ولا أستطيع أن أفسر كيف ظهر في ملفك أنك يهودي باسم (ديفيد آرونسون). ثم إن (رفعت الجمَّال) لا توجد اتهامات ضده ولا أبلغ هو عن سرقة أى شيكات سياحية. سأدعك تخرج إلى حال سبيلك شريطة أن أعرف فقط من أنت على حقيقتك. والآن ما قولك؟
    قلت له :
    - ألا تريد أن تخبرني لماذا أنت مهتم بي؟ واضح أنني لست هنا بسبب اتهام ما.
    وكان رده:
    - أنا معجب بك. إجابتك أسرع مما توقعت.
    تصورت أنه ما دام من البوليس السياسي، وهو ما أصدقه، فليس من المنطقي أن يعرفني باسمه مع أول اللقاء إلا إذا كان على يقين من أمري.
    كان البوليس السياسي في ذلك الوقت نوعاً من المخابرات. وعلى الرغم من ادعائه أنهم لا يملكون الإمكانيات إلا أنهم كانوا يعملون بدأب شديد.
    استطرد قائلاً:
    - أنا مهتم بك. فقد تأكد لنا أنك قمة في الذكاء والدهاء. لقد أثرت حيرة الرسميين إزاء الصور التي ظهرت عليها حتى الآن. قد تكون إنجليزياً أو يهودياً أو مصرياً. غير أن ما أثار اهتمامي كثيراً بشأنك هو أن أحد رجالنا الذين دسسناهم بينكم في حجز الإسكندرية أفاد بأن جميع النزلاء اليهود الآخرين اعتقدوا عن يقين أنك يهودي.
    دهشت للطريقة التي يعملون بها. لقد وصل بهم الأمر إلى حد وضع مخبرين داخل السجن للتجسس على الخارجين على القانون. وواصل حسن حسني حديثه قاصداً مباشرة إلى ما يرمي إليه فقال:
    - يجب التزام الحذر. أعداء الثورة في كل مكان ويريدون دفع مصر مرة ثانية إلى طريق التبعية للأجانب وكبار الملاك الزراعيين. بيد أن هذا موضوع آخر. فأنت كإنجليزي لا يعنيك هذا في كثير أو قليل. وأنا على يقين من أنك لا تضمر كراهية للشعب المصري.
    انفجرت فجأة قائلاً:
    - هذه إهانة أنا مصري، وحريص كل الحرص على مصر وشعبها.
    صحت وصرخت بأعلى صوتي لهذه الإهانة التي وجهها لي. وما أن انتهيت من ثورتي الغاضبة حتى أشعل سيجارة وابتسم ابتسامة المنتصر..
    وعرفت أنني وقعت .

    الفصل الثالث

    في مذكراته، وبقلمه، يواصل (رفعت الجمّال) رواية تفاصيل مقابلته الأولى، لضابط البوليس السياسي، قائلاً:

    -عندئذ عرفت أنني وقعت في المصيدة التي نصبها لي. عرفت أنه انتصر عليّّ. فقد استفزني إلى أقصى الحدود ليجعلني أظهر على حقيقتي، واستطاع ببضع كلمات عن أعداء مصر أن يجعلني أكشف الستر عما أخفيته.
    وهنا قال:
    - (رفعت) أنا فخور بك. أنت مصري أصيل. أطلب منك أن تخبرني شيئاً واحداً وبعدها سأعترف لك بالسبب في أنك هنا، وفي أني مهتم بك أشد الاهتمام. كيف نجحت في جعل اليهود يقبلونك كيهودي؟
    أجبت قائلاً:
    - هذه قصة طويلة، وأنا واثق من أنك لا تريد سماعها.
    وكانت إجابته:
    - جرَّب. عندي وقت طويل.
    سألته:
    - وفيم يهمك هذا؟
    قال هادئاً:
    -لأنني بحاجة إليك، وعندي عرض أريد أن أقترحه عليك.
    ربما كنت أنتظر هذه اللحظة. إذ سبق لي أن عشت أكاذيب كثيرة في حياتي، وبعد أن قضيت زمناً طويلاً وحدي مع أكاذيبي، أجدني مسروراً الآن إذ أبوح بالحقيقة إلى شخص ما. وهكذا شرعت أحكي لـ(حسن حسني) كل شيء عني منذ البداية. كيف قابلت كثيرين من اليهود في ستوديوهات السينما، وكيف تمثلت سلوكهم وعاداتهم من منطلق الاهتمام بأن أصبح ممثلاً. وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في (إنجلترا) و(فرنسا) و(الولايات المتحدة الأمريكية)، ثم أخيراً في (مصر). بسطت له كل شيء في صدق. إنني مجرد مهرج، ومشخصاتي عاش في التظاهر ومثل كل الأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد في حياته.
    بعد أن فرغت من كلامي اتسعت ابتسامة (حسني) أكثر مما كانت وقال لي:
    - (رفعت الجمَّال)، أنت إنسان مذهل. لقد اكتسبت في سنوات قليلة خبرة أكبر بكثير مما اكتسبه شيوخ على مدى حياتهم. أنت بالضبط الشخص الذي أبحث عنه. يمكن أن نستفيد منك استفادة حقيقية.


    وكان سؤالي هذه المرة:
    - ما الذي تريدني من أجله؟
    أجاب قائلاً:
    - كما قلت لك من قبل هناك مشكلات خارجية كثيرة تواجه مصر. وتوجد في مصر أيضاً رؤوس أموال ضخمة يجري تهريبها. والملاحظ أن كثيرين من الأجانب وخاصة اليهود هم الذين يتحايلون لتهريب رؤوس الأموال إلى خارج البلاد. يمكنهم تحويل مبالغ بسيطة فقط بشكل قانوني، غير أنهم نظموا فرقاً تخطط وتنظم لإخراج مبالغ ضخمة من مصر. واليهود هم الأكثر نشاطاً في هذا المجال. إن إسرائيل تأسست منذ خمس سنوات مضت، وهناك كميات ضخمة من الأموال تتجه إليها. ونحن ببساطة لا نستطيع تعقب حيلهم، ومن ثم فنحن نريد أن نغرس بينهم شخصاً ما، يكتسب ثقتهم ويطمئنون إليه وبذا يكتشف حيلهم في تهريب أموالهم إلى خارج البلاد، كما يكشف لنا عمن وراء ذلك كله. نريد أن نعرف كيف تعمل قنوات النقل التي يستخدمونها وكل شيء آخر له أهمية. وأنت الشخص المثالي لهذا العمل. الشخص الذي نزرعه وسطهم لابد وأن يكون يهودياً. ولقد استطعت إقناعهم بأنك كذلك. ما رأيك؟ هل أنت على استعداد لهذه المهمة؟
    حدقت فيه كأنه نزل إليّ من السماء. لم أشعر بالاطمئنان، ولم تكن لديّ فكرة عما أنا مزمع عمله. أوضح لي أنني أفضل فرس رهان بالنسبة له. وأضاف أنهم سوف يتولون تدريبي، وإيجاد قصة جيدة الإحكام لتكون غطاء لي، ثم يضعونني وسط المجتمع اليهودي في (الإسكندرية).
    سألته:
    - وماذا يعود عليَّ أنا من هذا؟
    - سيتم محو ماضي (رفعت الجمَّال) تماماً، ويجري إسقاط جميع الإجراءات القضائية الأولية لإقامة الدعاوي ضدك بسبب جوازات السفر المزورة، والبيانات الشخصية عن (علي مصطفى)، و(شارلز دينون)، و(دانييل كالدويل)، وأي أسماء أخرى سبق لك أن استعملتها، كما سيتم إسقاط أي اتهامات أخرى ضدك. وسوف تستعيد قيمة شيكاتك السياحية، أو تكتب بالاسم الذي تتخذه لنفسك وتعيش به كيهودي. هل نعقد الصفقة معاً؟
    عدت لأسأله:
    - هل لي حق الاختيار؟
    - من حيث المبدأ لك الخيار. فإذا كنت قد اعتدت على حياة السجن، فمن المؤكد أنك تستطيع اختيار هذا لأن السجن سيكون هو مكانك ومآلك زمناً طويلاً ما لم تسقط الاتهامات ضدك.
    - وكيف نبدأ إجراءاتنا من هنا إذا ما قبلت عرضك؟
    - سنشرع في تدريبك على الفور. سيكون تدريباً مكثفاً ويحتاج إلى زمن طويل. وسوف تكون لك شخصية جديدة وتنسى ماضيك تماماً. وما أن توضع في مكانك الجديد حتى تغدو مسؤولاً عن نفسك. لن يكون لنا دور سوى دعمك بالضرورات، ولن نتدخل إلا إذا ساءت الأمور، أو أصبح الوضع خطراً.
    جلست في مكاني أفكر في الفرص المتاحة لي، مدركاً ألا خيار آخر أمامي إذا لم أشأ دخول السجن، لقد أوقع بي (حسن حسني) حيث أراد لي، ولا حيلة لي إزاء ذلك. وقفت وبسطت يدي لأصافحه موافقاً وأنا أقول له:
    - حسن، أظنك أوقعت بي حيث تريد لي أن أكون. إذن لنبدأ.
    أجاب وعلى شفتيه ابتسامة:
    - أنا سعيد جداً أن أسمع هذا منك.


    وبدأت فترة تدريب مكثف. شرحوا لي أهداف الثورة وفروع علم الاقتصاد، وتعلمت سر نجاح الشركات متعددة القوميات، وأساليب إخفاء الحقائق بالنسبة لمستحقات الضرائب، ووسائل تهريب الأموال، وتعلمت بالإضافة إلى ذلك عادات اليهود وسلوكياتهم. وتلقيت دروساً مكثفة في اللغة العبرية كما تعلمت تاريخ اليهود في مصر وأصول ديانتهم. وعرفت كيف أمايز بين اليهود الإشكانز(*) والسفارد(**) والشازيد(***). وحفظت عن ظهر قلب الشعائر اليهودية وعطلاتهم الدينية حتى أنني كنت أرددها وأنا نائم. وتدربت أيضاً على كيفية البقاء على قيد الحياة معتمداً على الطبيعة في حالة إذا ما اضطرتني الظروف إلى الاختفاء فترة من الزمن. وتدربت بعد هذا على جميع عادات الشرطة السرية للعمل بنجاح متخفياً. وأخيراً تقمصت شخصيتي الجديدة. وأصبحت منذ ذلك التاريخ (جاك بيتون) المولود في 23أغسطس عام1919 في المنصورة، من أب فرنسي وأم إيطالية. وأن أسرتي تعيش الآن في (فرنسا) بعد رحيلها عن مصر، وهي أسرة كانت لها مكانتها وميسورة الحال. وديانتي هي يهودي إشكنازي. وتسلمت وثائق تحمل اسمي الجديد والتواريخ الجديدة.
    هكذا ذكر (رفعت) الأمر، في مذكراته الشخصية..
    وهكذا انتهى (رفعت الجمَّال) رسمياً، ليولد (جاك بيتون)، الذي انتقل للعيش في (الإسكندرية)، ليقيم في حي يكثر به اليهود، ويحصل على وظيفة محترمة، في إحدى شركات التأمين..
    ورويداً رويداً بدأت ثقته في نفسه تزداد، وبدأ يتعايش كفرد من الطائفة اليهودية، التي قدمه إليها زميل الحجز السابق (ليفي سلامة)، والذي قضي معه بعض الوقت، عندما تم إلقاء القبض عليه، عند الحدود الليبية..
    وفي مذكراته هذه، يكشف لنا (رفعت الجمَّال) جانباً لم يتطرَّق إليه المسلسل التليفزيوني على نحو مباشر أبداً، إذ تباغتنا المفاجأة بأنه قد انضمّ، أثناء وجوده في (الإسكندرية)، إلى الوحدة اليهودية (131)، التي أنشأها الكولونيل اليهودي (إفراهام دار)، لحساب المخابرات الحربية الإسرائيلية (أمان)، والتي شرع بعض أفرادها في القيام بعمليات تخريبية، ضد بعض المنشآت الأمريكية والأجنبية، على نحو يجعلها تبدو كما لو أنها من صنع بعض المنظمات التحتية المصرية، فيما عرف بعدها باسم (فضيحة لافون)، نسبة إلى (إسحق لافون)، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك..
    وفي الوحدة (131)، كان (رفعت الجمَّال) زميلاً لعدد من الأسماء، التي أصبحت فيما بعد شديدة الأهمية والخطورة، في عالم المخابرات والجاسوسية، مثل (مارسيل نينو)، التي أقام علاقة معها لبعض الوقت، و(ماكس بينيت)، و(إيلي كوهين)، ذلك الجاسوس الذي كاد يحتلّ منصباً شديد الحساسية والخطورة، بعد هذا بعدة سنوات، في الشقيقة (سوريا)، وغيرهم..
    ومذكرات (رفعت)، في هذا الجزء بالذات، تبدو مدهشة بحق، إذ أنها تخالف كل ما قرأناه أو تابعناه، بشأن عملية (سوزانا)، أو (فضيحة لافون)؛ إذ أنها توحي بأن كل شيء كان تحت سيطرة جهاز مكافحة الجاسوسية منذ البداية، وأن (حسن حسني)، ومن بعده (علي غالي)، الذي تولَّى أمر (رفعت)، في مرحلة تالية، كانا يتابعان نشاط الوحدة (131) طوال الوقت، وأن معلومات (رفعت)، التي كان ينتزعها، من قلب الوحدة، كانت سبباً أساسياً في إحباط العملية كلها، وإلقاء القبض على كل المشتركين فيها..
    الفصل الاخير

    ( المفروض يكون على مرتين بس انا اختصرتلكم الوقت شويه :) )

    ---------------------------------------

    على الرغم من التعارض الواضح، في مذكراته، مع مانشر عن تفاصيل سقوط
    جواسيس فضيحة (لافون)، فأنا -شخصياً- أكثر ميلاً لتصديق قصة (رفعت)، بل
    وأعتقد أن الهدف من نشر الأمر، على نحو مختلف، كان حمايته بالدرجة الأولى
    بعدما انتقل عمله من الشرطة والبوليس السياسي إلى عالم الجاسوسية، وتطوَّر
    الهدف من وجوده، في مرحلة تالية من العملية..

    ولقد تم إلقاء القبض على (رفعت) و(إيلي كوهين)، كأفراد في الوحدة
    (131)، ثم أطلق سراحهما فيما بعد، لعدم وجود ما يدينهما، فاختفى بعدها (إيلي)،
    في حين بقي (رفعت)، ليواصل الحياة لبعض الوقت، باسم (جاك بيتون)، الذي لم
    يتطرَّق إليه الشك حتماً، بدليل أن الإسرائيليين قد اتهموا عضواً آخر، من الوحدة (131)
    بكشف أسرارها، وهو (بول فرانك)، الذي حوكم بالفصل، فور عودته إلى (إسرائيل)
    وصدر ضده الحكم بالسجن لاثني عشر عاماً..
    وحتى ذلك الحين، وكما يقول (رفعت) في مذكراته، كانت مهمته تقتصر على
    التجسُّس على مجتمع اليهود في (الإسكندرية)، ولكن عقب نجاح عملية الوحدة (131)
    تم استدعاؤه إلى (القاهرة)، ليلتقي بضابط حالته الجديد (علي غالي)، الذي واجهه
    لأوَّل مرة بأنه قد نجح تماماً في مهمته، وأن الخطة ستتطوَّر، لتتم الاستفادة به أكثر
    خارج الحدود، خاصة وأن سمعته، كفرد سابق في الوحدة (131)، ستخدع
    الوكالات اليهودية، وستدفعها للتعامل معه كبطل..

    وهنا أيضاً، أعتقد أنه من الأروع أن نقرأ تفاصيل تلك اللحظات الحاسمة من مذكرات (رفعت)
    مباشرة، عندما يقول:
    مرة أخرى وجدت نفسي أقف عند نقطة تحول خطيرة في حياتي. لم أكن أتصور
    أنني ما أزال مديناً لهم، ولكن الأمر كان شديد الحساسية عندما يتعلق بجهاز المخابرات.
    فمن ناحية روعتني فكرة الذهاب إلى قلب عرين الأسد. فليس ثمة مكان للاختباء
    في (إسرائيل)، وإذا قبض عليَّ هناك فسوف يسدل الستار عليَّ نهائياً.

    والمعروف أن (إسرائيل) لا تضيع وقتاً مع العملاء الأجانب. يستجوبونهم ثم يقتلونهم.
    ولست مشوقاً إلى ذلك. ولكني كنت أصبحت راسخ القدمين في الدور الذي تقمصته
    كما لو كنت أمثل دوراً في السينما، وكنت قد أحببت قيامي بدور (جاك بيتون).
    أحببت اللعبة، والفارق الوحيد هذه المرة هو أن المسرح الذي سأؤدي عليه دوري
    هو العالم باتساعه، وموضوع الرواية هو الجاسوسية الدولية. وقلت في نفسي أي
    عرض مسرحي مذهل هذا؟... لقد اعتدت دائماً وبصورة ما أن أكون مغامراً مقامراً
    وأحببت مذاق المخاطرة. وتدبرت أمري في إطار هذه الأفكار، وتبين لي أن لا خيار أمامي.
    سوف أؤدي أفضل أدوار حياتي لأواجه خيارين في نهاية المطاف: إما أن يقبض
    عليَّ وأستجوب وأشنق، أو أن أنجح في أداء الدور وأستحق عليه جائزة أوسكار.
    وكنت مقتنعاً أيضاً بأني أعمل الصواب من أجل مصر وشعبها.

    قلت لغالي:
    - إذا كنت تعتقد أنني قادر على أداء المهمة فإني لها.
    ثم كان السؤال الثاني:
    - كيف نبدأ من هنا؟
    - سوف يجري تدريبك على العمل على الساحة الدولية. كل ما تتعلمه
    يجب أن يسري في دمك. هذا هو سر اللعبة. أنت مخرج عرضك المسرحي
    وإما أن تنجح فيه بصورة كاملة، أو تواجه الهلاك.
    تصافحنا علامة الموافقة وبدأت جولة تدريب مكثف. ودرست تاريخ اليهود الأوروبيين
    والصهيونية وموجات الهجرة إلى فلسطين. تعلمت كل شيء عن الأحزاب السياسية
    في (إسرائيل) والنقابات و(الهستدروت) أو اتحاد العمال، والاقتصاد والجغرافيا
    والطوبوغرافيا وتركيب (إسرائيل). وأصبحت خبيراً بأبرز شخصيات (إسرائيل)
    في السياسة والجيش والاقتصاد عن طريق دراسة أفلام نشرات الأخبار الأسبوعية.
    وأعقب هذا تدريب على القتال في حالات الاشتباك المتلاحم والكر والفر
    والتصوير بآلات تصوير دقيقة جداً، وتحميض الأفلام وحل شفرات رسائل أجهزة
    الاستخبارات والكتابة بالحبر السري، ودراسة سريعة عن تشغيل الراديو، وفروع
    وأنماط أجهزة المخابرات والرتب والشارات العسكرية. وكذلك الأسلحة الصغيرة
    وصناعة القنابل والقنابل الموقوتة. وانصب اهتمام كبير على تعلم الديانة الموسوية
    واللغة العبرية. واعتدت أن أستمع كل يوم ولمدة ساعات إلى راديو إسرائيل.
    بل وعمدت إلى تعميق لهجتي المصرية في نطق العبرية لأنني في نهاية الأمر مولود في مصر.
    بعد التدريب تحددت لي مهنة. تقرر أن أكون وكيل مكتب سفريات حيث إن هذا
    سيسمح لي بالدخول إلى (إسرائيل) والخروج منها بسهولة، وتقرر أن أؤدي اللعبة
    لأطول مدة ممكنة. لم يكن ثمة حد زمني، وكان لي الخيار بأن أترك الأمر كله
    إذا سارت الأمور في طريق خطر. وسوف نرى إلى أين تمضي بنا الأمور. وقيل لي
    إنني أستطيع بعد ذلك العودة إلى (مصر) وأستعيد شخصيتي الحقيقية.
    وتسلمت مبلغ 3000 دولار أمريكي لأبدأ عملي وحياتي في (إسرائيل).
    وفي يونيو1956 استقللت سفينة متجهة إلى (نابولي) قاصداً في الأصل أرض الميعاد.
    ودعت (مصر) دون أن أدري ما سوف يأتي به المستقبل.

    واعتباراً من هذه المرحلة، تنقلنا مذكرات (رفعت الجمًّال)، التي تركها لزوجته بعد وفاته
    إلى تلك المرحلة الجديدة تماماً من حياته، والتي سافر خلالها إلى (نابولي)،
    حيث التقطته الوكالة اليهودية هناك، وبذلت جهدها لإقناعه بالسفر إلى (إسرائيل)،
    (أرض الميعاد)، كما كانت تقول دعاياتهم بمنتهى الإلحاح أيامها..
    وفي هذا الجزء بالذات، وربما دون أن يدري (رفعت) نفسه، تتبدّى عبقرية العملية كلها،
    إذ لم يبد هو أية لهفة، على السفر إلى (إسرائيل)، إلا أنه لم يمانع بشدة في الوقت نفسه،
    وإنما جعلهم يعتقدون أنهم قد نجحوا في إقناعه، وتركهم يدفعونه إلى ظهر سفينة،
    حملته إلى (إسرائيل)، التي استقبله فيها رجل مخابرات يُدعى (سام شواب)، واستجوبه
    بعض الوقت، ثم منحه تأشيرة إقامة، وجواز سفر إسرائيلي فيما بعد، مما يؤكِّد
    أن عملية المخابرات المصرية قد نجحت بالفعل..
    وبمنتهى القوة..

    ويتحدَّث (رفعت الجمَّال)، في تلك المرحلة من مذكراته، عن إنشائه لمكتب سفريات
    (سي تورز)، في 2 شارع (برينر) في (تل أبيب)، وصداقته مع (موشي دايان)،
    ومحاولات (سام شوب)، التقرُّب إليه، ودفعه الفاتنة (راكيل إبشتين) في طريقه،
    ومحاولاته هو لاكتساب ثقة (دايان) و(شوب)، و(عزرا وايزمان)، ثم ينتقل بنا فجأة
    إلى حدث شديد الأهمية والخطورة..
    فمع اقترابه من مواقع الأحداث، علم (رفعت) بأمر العدوان الثلاثي قبل وقوعه،
    وعرف الكثير من تفاصيله، وسافر إلى (روما) و(ميلانو) بالفعل، بعد ترتيبات دقيقة؛
    ليلتقي برئيسه، ويخبره بكل ما لديه..
    ولكن أحداً لم يصدّق، أو يقتنع بأهمية وخطورة تلك المعلومات، التي أتى بها
    (رفعت)، من قلب (إسرائيل)...
    ووقع العدوان الثلاثي..
    وحدث ما حدث..

    وتساءل (رفعت): لماذا لم يصدق أحدهم تحذيره!…
    ولكنه لم يحصل على الجواب أبداً..
    وفي عام 1957م، فوجئ (رفعت) بزيارة من (إيلي كوهين)، زميله السابق، في
    الوحدة (131)، الذي سعى إليه، واستعاد صداقته معه، قبل أن يبدأ مهمته، التي
    سافر من أجلها إلى (أمريكا الجنوبية)، للاندماج بمجتمع المهاجرين السوريين،
    تمهيداً لزرعه في (سوريا) فيما بعد، والتي ساهم (رفعت) نفسه في كشف أمرها،
    عندما أبلغ المخابرات المصرية، أن صورة (كامل أمين ثابت)، التي نشرتها الصحف،
    المصرية والسورية، إنما هي لزميله السابق، الإسرائيلي (إيلي حوفي كوهين)..

    وفي مذكراته يمضي (رفعت) في سرد حياته في (تل أبيب)، ويروي قصة اختيار
    مكتبه السياحي لإقامة الجسر الجوي؛ لنقل يهود (بيروت) إلى (إسرائيل)، مما يؤكِّد
    ثقة السلطات الإسرائيلية البالغة فيه، ويمرّ خلال هذا برواية رحلته السرية إلى (مصر)،
    في صيف 1958م، وبقصة الرحلة، التي أهداها إلى (إيلي كوهين) وزوجته، بمناسبة
    زفافهما، ثم يتوقَّف بعض الوقت؛ ليروي صداقاته وعلاقاته الوثيقة، بقادة (إسرائيل)
    في ذلك الوقت، ليقول في هذه الفقرة: (كثفت اتصالاتي بكل من (ديان)، و(وايزمان)،
    و(شواب)، ونظراً لصلة (ديان) الوثيقة بـ(بن جوريون)، فقد استطعت أن أكسب ثقة
    (بن جوريون) أيضاً، وأصبحت عضواً في مجموعة الشباب المحيطين به، إذ كان يحب
    أن يحيط به الشباب ويستمع لآرائهم وأفكارهم. أما (جولدا مائير) فكانت تتميَّز بأنها
    امرأة عطوف، وأبدت وداً شديداً نحوي، وكثيراً ما تساءلت بيني وبين نفسي ماذا
    عساهم أن يقولوا عني لو اكتشفوا حقيقتي وعرفوا أني استخدمتهم)...

    والواضح أيضاً، في هذه المرحلة من المذكرات، أن الفترة من 1959م، وحتى 1963م،
    لم تحمل متغيرات قوية، تستحق الإشارة إليها، إذ قفز (رفعت) بالأحداث دفعة واحدة،
    ليروي كيف أبلغ (مصر) باعتزام (إسرائيل) إجراء تجارب نووية، واختبار بعض الأسلحة
    التكنولوجية الحديثة، أثناء لقائه برئيسه (علي غالي) في (ميلانو)، قبل أن يطرح أوَّل
    مطلب له، منذ فترة طويلة..
    أوّل وأخطر مطلب..
    على الإطلاق.
    طوال فترة عمله، في قلب إسرائيل، لحساب المخابرات المصرية، لم يتقدّم (رفعت الجمّال)
    بمطلب واحد للمسؤولين..

    حتى كان مطلبه هذا..
    أن يعود إلى (مصر)، ويدفن إلى الأبد شخصية (جاك بيتون)..
    حدث هذا في يونيو1963م، قبل لقائه الأوَّل بزوجته فيما بعد (فلتراود)، أي أن رغبته
    هذه كانت تعكس حالة الإجهاد التي وصل إليها، ورغبته الحقيقية في استعادة
    (رفعت الجمَّال)، بهويته، وجنسيته..
    وديانته أيضاً..

    ولكن العودة لم تكن بالبساطة التي توقَّعها (رفعت)؛ إذ لم يكن من السهل بالتأكيد،
    أن يختفي (جاك بيتون) هكذا فجأة، من قلب (إسرائيل)، ليظهر (رفعت الجمَّال) مرة
    أخرى في (القاهرة)؛ فهذا كفيل بكشف كل ما فعله طوال حياته..

    ليس هذا فحسب، ولكن ستكشف -أيضا- شبكات التجسُّس التي تركها خلفه أيضاً..

    وفي عالم المخابرات تعتبر هذه كارثة..
    وبكل المقاييس..

    كان عليه –إذن- أن يحتفظ بشخصية (جاك بيتون) لبعض الوقت، وإن كان باستطاعته
    أن يغادر (إسرائيل)، ويرحل إلى بلد ثالث، بحجة العمل أو الارتباط، حتى يفقد
    (الموساد) اهتمامه به، بعد فترة من الوقت، مما يسمح له بالعودة إلى (مصر)..

    وعند هذا الحد، تمتزج، على نحو ما، مذكرات (جاك بيتون) بمذكرات زوجته (فلتراود)،
    فيروي هو نفس ما روته هي من قبل، حول لقائهما، في أكتوبر 1963م، ووقوع كل
    منهما في حب الآخر، وزواجهما.
    ولكن هناك فقرة مهمة جداً، في المذكرات التي تركها (رفعت) لزوجته بعد وفاته،
    تستحق حتماً أن نتوقَّف عندها، وأن ننقلها هنا نصاً؛ لأنها تؤكِّد نجاحه البالغ:
    (وعدنا إلى إسرائيل في أوائل يناير1964م، قدمتك إلى "جولدا مائير"، وأحبتك كثيراً،
    ثم اصطحبتك في زيارة إلى "بن جوريون"، في الكيبوتز الخاص به. رافقنا "ديان"
    في هذه الزيارة، وبعد أن استقبلك "بن جوريون" العجوز مرحباً، طلبت منك التجول
    في الكيبوتز إلى أن نفرغ من حديثنا أنا و"بن جوريون" و"ديان". لم يتناول نقاشنا
    شيئاً له أهمية كبيرة، ولكن كان لابد وأن أكون متابعاً لمسرح الأحداث)..
    إلى هذا الحد إذن كان (رفعت الجمّال) متوغّلاً، في قلب عالم الكبار
    في (إسرائيل)!!!

    أي نجاح يمكن أن يفوق هذا!!

    والنقطة المهمة جداً، التي ينبغي التوقف عندها، في هذه المذكرات أيضاً، هي
    إصرار (رفعت) الشديد، على ألا يولد ابنه في (إسرائيل)، وعلى أن تسافر زوجته
    لتنجبه في (ألمانيا)، حتى لا يحمل إلى الأبد الجنسية الإسرائيلية..

    ورويداً رويداً، راح (رفعت) يتحلَّل من أعماله والتزاماته في (إسرائيل)، ويقوي روابطه
    وأعماله في (ألمانيا)، وبدأ في دراسة كل ما يتعلَّق بالنفط، الذي قرَّر أن يجعل من
    تجارته مصدر رزقه الأساسي، خاصة وأنه قد تقدَّم بطلب للحصول على الجنسية الألمانية،
    التي ستتيح له السفر بيسر أكثر، ودون تعقيدات أمنية عديدة، إلى (مصر)، في أي
    وقت يشاء، كرجل أعمال ألماني، وتاجر نفط عالمي..
    وفي فقرة مؤسفة، يؤكِّد (رفعت) أنه، باتصالاته التي لم تكن قد انقطعت بعد،
    بالمسؤولين الإسرائيليين، أمكنه معرفة أن (إسرائيل) تستعد للهجوم على (مصر)،
    في يونيو1967م، وأنه أبلغ المسؤولين في (مصر) بهذا، إلا أن أحداً لم يأخذ
    معلوماته مأخذ الجد، نظراً لوجود معلومات أخرى،
    تشير إلى أن الضربة ستنصب على (سوريا) وحدها!!..

    ووقعت نكسة1967..
    وانهزمنا هزيمة منكرة..

    وعلى الرغم من حالة الإحباط وخيبة الأمل، التي أصابته بسبب هذا، واصل (رفعت)
    ارتباطه بالمخابرات المصرية، وظلّ يرسل إليها كل ما يقع تحت يديه من معلومات،
    من خلال صداقته مع رجل المخابرات الإسرائيلي (سام شواب)، حتى توافرت لديه
    فجأة بعض المعلومات بالغة الخطورة، (لم يفصح عنها أيضاً في مذكراته)، والتي
    أرسلها فوراً إلى (مصر)، وصدقها المصريون، وكان لها تأثير واضح، في حرب 1973م..

    وبعد الحرب والانتصار، عاد (رفعت) يطلب العودة إلى (مصر)، ولكن المخابرات
    المصرية أخبرته أنه لا يستطيع العودة مع أسرته، إذ يستحيل أن تتم حماية الأسرة
    كلها طوال الوقت، من أية محاولات انتقامية إسرائيلية، إذا ما انكشف أمره..

    كان على الطير أن يواصل التحليق إذن، بعيداً عن وطنه، وأن يحمل حتى آخر
    العمر جنسية (جاك بيتون)، اليهودي الإسرائيلي السابق، ورجل الأعمال الألماني
    المحترم، الذي نجح في إقامة مشروع نفطي كبير في (مصر)، ظلّ يزهو به، حتى
    آخر لحظة في حياته، ويروي في مذكراته كيف حصل على امتياز التنقيب عن البترول
    المصري، في عام 1977م، ليعود أخيراً إلى (مصر)، التي عشق ترابها،
    وفعل من أجلها كل ما فعله..

    وفي نهاية مذكراته، يتحدَّث (رفعت الجمَّال) عن إصابته بمرض خبيث،
    وتلقيه العلاج الكيمائي، في أكتوبر1981م، وتفاقم حالته، ثم يبدي ارتياحه،
    لأن العمر قد أمهله، حتى أكمل مذكراته، وأن زوجته وابنه (دانيال)،
    وابنته بالتبني (أندريا) سيعرفون يوماً ما حقيقته، وهويته، وطبيعة الدور
    البطولي الذي عاش فيه عمره كله، من أجل وطنه..

    من أجل (مصر)..
    وهنا ينتهي الجزء الثاني من الكتاب، ليبدأ الجزء الثالث، وهو الأقل أهمية،
    بالنسبة للقارئ، نظراً لأنه يحوي تطورات حياة (فلتراود)، بعد رحيل (رفعت)،
    ومحاولاتها السيطرة على الأمور، ومعرفتها بأمر زوجها، على لسان ابن شقيقه
    (محمد سامي الجمَّال)، في نفس يوم الوفاة، وكيف أنها لم تصدّق ماسمعته،
    وأنكرته، واستنكرته..
    ثم تتحدّث عن المفاجأة التي تلقَّتها، مع قراءتها لمذكراته، بعد ثلاث سنوات
    من وفاته، وتأكُّدها مما أخبرها به (محمد الجمَّال) قديماً..
    ويالها من مفاجأة!!

    ثم تروي (فلتراود) قصة لقائها بالفنان (إيهاب نافع)، وارتباطها به، والدور الذي
    قام به، لإجراء الاتصال بينها وبين المخابرات المصرية؛ للتيقن من حقيقة ما جاء
    في مذكرات زوجها الراحل، ثم زواجها من (إيهاب نافع) فيما بعد..

    والأحداث الأخيرة تختلف إلى حد ما، عما قدَّمه المسلسل التليفزيوني، وتبدو طويلة
    ومضجرة، وخاصة بعد خروجك من مذكرات (رفعت الجمَّال) نفسه، ولكن اختلافها لن
    يصنع فارقاً كبيراً، بالنسبة للقارئ أو المتابع؛ إذ أن كل ما يعنينا
    من الأمر هو أن الاتصال قد تم..

    وأن العالم كله يعرف الآن أن المخابرات المصرية قد نجحت، في صفع الإسرائيليين،
    طوال ثمانية عشر عاماً كاملة، وزرع جاسوس مصري في قلب قياداتهم..
    وقلب مجتمعهم..
    بل وقلب كيانهم الأساسي كله..

    وأنها كانت واحدة من أروع وأكمل العمليات، التي تم نشر (بعض) تفاصيلها،
    في تاريخ المخابرات كله..

    عملية، برع وتألّق خلالها جاسوس يعد الأشهر في عالمه، حتى لحظة كتابة هذه السطور..

    بل أشهر الجواسيس..
    على الإطلاق.


    رأفت الهجان مات جمال عبدالناصر!
    هزت وفاته رأفت الهجان حتى الأعماق!


    أحس وكأن يداً تعتصر قلبه فى قسوة مروعة.. وفى البداية رفض أن يصدق
    سيرينا أهارونى وظن انها تمازحه مزاحا سياسيا، يرمى الى معنى لم يصل
    اليه، لكن الحقيقة جاءته عبر صوت تلك السيدة الذى اكتسى بحزن لم تحاول
    اخفاءه.. رفض كل محاولاتها للقائه فى تلك الليلة، قالت إن الامر فى حاجة الى
    مناقشة هادئة بعيدا عن هوس الذين كانوا يرون فى الرجل شبحا يؤرق جشعهم...
    ظل طوال الليل يحرك مؤشر الراديو ملتقطا كل اذاعات العالم، يستمع -
    وقلبه ينفطر حزنا- للعدو قبل الصديق وهم يذيعون النبأ بحزن أو شماتة...
    حاول فى تلك الليلة أن يبكى لكنه لم يستطع، أراد أن يبكى لعله يزيح ذلك
    الصخر الذى حط فوق صدره، فكاد يكتم انفاسه.. قال: إنه لم يشعر بوفاة ابيه
    الا فى ذلك اليوم الثامن والعشرين من سبتمبر عام 1970... قال: إن مشكلة عبدالناصر
    معه أنه احتل فى نفسه مكان الاب.. قال: إنه بعد زيارته لمصر عقب هزيمة 1967،
    وعثوره على الأسباب الحقيقة لتلك الحرب الضاربة التى ووجهت بها مصر،
    اكتشف انه اهتم - مع انغماسه فى مهمته الكبري- بإسرائيل ومشكلات إسرائيل
    وما كان يدور فيها، دون ان يهتم بوطنه وما كان يحدث فيه... قال: إنه اكتشف ان عليه-
    إن أراد ان يقوم بواجبه على الوجه الاكمل - الالمام بالصورة من كل جوانبها،
    فى مصر، كما فى إسرائيل، كما فى العالم العربى المحيط بهما.. لذلك،
    فإنه بعد عودته إلى إسرائيل، وضع نصب عينيه أن يعرف كل ما كان يدور
    فى مصر وما يحدث فيها من تطورات... ولقد كان، كلما أمعن فى القراءة
    والدراسة، يهوله الأمر... أدرك انهم كانوا لابد أن يضربوه، ويهزموه، كما
    أدرك بوضوح، ان واجبه اصبح اكثر ثقلا، ومسئولياته أكثر جسامة!
    كانت نيران الأحداث تنضج رأفت الهجان على مهل فراح يمارس واجبه بوعى
    من يدرك حقائق الأمور... فى تلك الأيام راح يرقب ما حوله من فرح وحشى من
    البعض، وحزن حقيقى من الذين كانوا يرون فى عبدالناصر عقبة امام جنون
    البعض وبغيهم.... وهناك من كانوا يرون أن العداء السياسى شيء، والتقدير
    الشخصى لزعيم مثل جمال عبدالناصر شيء آخر.
    ولكن، كان هناك اجماع براحة عميقة، فلقد تخلصت إسرائيل، بضربة حظ لا تتكرر
    فى الدهر مرتين، من ألد اعدائها وأكثرهم ضراوة وفهما لحقائق الأمور!
    أما هو، فلقد لزم الصمت، والزم نفسه به، وامتنع عن مناقشته وتجنب الإدلاء برأيه فيه!
    .........................
    .........................
    كان لابد للحزن ان ينحسر، وللحياة أن تأخذ مجراها!
    ووجد رأفت الهجان نفسه أمام واجبات كانت تمتص كل وقته.
    كان القتال قد توقف على جانبى القناة بعد قبول مصر لمبادرة روجرز....
    وكما قبل جمال عبدالناصر تلك المبادرة كى يعطى الفرصة لدفاعه الجوى
    ان يتحرك إلى أماكن متقدمة من الجبهة، استغلتها إسرائيل كى تدعم تحصيناتها
    العسكرية فى سيناء... وكذا، كان لابد لذراع الفتى ان تمتد الى كل شبر فى شبه
    الجزيرة المصرية، وكان هذا يحتاج الى تجنيد المزيد من الجنود، أو القيام برحلات
    كان بعضها يمثل خطرا حقيقيا!
    على الضفة الأخرى من القناة، بدأ رأفت يلمح بوادر ذلك الصراع السياسى الذى
    نشب عند قمة السلطة فى وطنه... والذى بلغ ذروته فى اليوم الرابع عشر من مايو
    عام 1971، وبدا له الامر فى لحظة ضيق- وكانت نفسه تقطر مرارة- أن الناس
    فى مصر نسوا واجبهم المقدس وتفرغوا لصراعهم السياسى... وعندما احتدم ذلك
    الصراع ووصل الى ذروته، أحس وكأنه يقف فى الميدان وحده!!!!

    والى هنا تنتهى مذكرات رأفت الهجان ( رفعت الجمال )



  6. #6
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    كيف تصطاد المخابرات الاسرائيلية عملائها عبر الانترنت


    بقلم / دكتور سمير محمود قديح
    باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية




    هذه القصة لشاب فلسطيني تم اصطياده من قبل المخابرات الصهيونية عبر شبكة الإنترنت ، فسقط في مستنقع العمالة حتى تم كشفه على من قبل أحد أجهزة الأمن الفلسطينية ، الذي بدوره قدمه للعدالة لينال جزاءه.

    البداية

    ولد (ج.ن) في عام 1978م في إحدى المدن الفلسطينية بقطاع غزة، ونشأ في أسرة مستورة يبحث فيها الوالد عن لقمة العيش لأبنائه من خلال عمل بسيط يقتات منه.. لم يكن الوالد أكثر من أي والد يظهر أن دوره ينحصر في توفير لقمة العيش والمصاريف المدرسية أو الجامعية دون أي بعد تربوي أو لمسة دينية يحتاجها كل ابن.
    ترعرع (ج.ن) وما أن ذهب إلى المدرسة حتى بدأ يشاهد الأطفال من أبناء جلدته في حالة استنفار دائم، فهم يقارعون الاحتلال بأكفهم وحجارتهم الصغيرة على الطرقات في انتفاضة 87 ولأنه تعلم من أبيه أن يكون ابن كل مرحلة فإنه شارك في أعمال الانتفاضة، ومع دخوله المرحلة الثانوية بدأت بشائر استلام السلطة الفلسطينية زمام الأمور بعد اتفاق اوسلو، وبدأت الحركة المجتمعية والتغيير السياسي والاقتصادي والاجتماعي من حوله وأصبح كل ما يهمه في هذه القضية السؤال عن مستقبلها.. الكل أصبح يفكر في غده فصديقه س.ر قد وعد من عمه بمنحة في الخارج وصديقه (ع.ي) وعد من خاله بدورة ضباط أما هو فلا عم يعد ولا خال يتعهد، فكر "بطل" قضيتنا أن يعتمد على ذراعه خاصة وأنّه (فهلوي) يلعب بالبيضة والحجر كما يعتبر نفسه، أنهى الدراسة الثانوية العامة بنجاح عام 1996 ، ثم دخل الجامعة ليتخرج منها عام 2000م ولكن بمجرد أن أنهى الدراسة الجامعية بدأ الكير ينفخ في جمرات انتفاضة الأقصى التي ما لبثت عن اشتعلت نارها من جنوب القطاع إلى شمال الضفة ورغم أنّه اعتاد على أن يكون من أبناء كل مرحلة إلا انه أصيب باليأس والإحباط، فهو غير معني بقضية شعبه، وغير مكترث لما يدور حوله.. أراد أن يهرب من واقعه، لنسيان أنه قد وصل إلى مرحلة التقاعد قبل أن يجد وظيفة، حاول أن يبحث عن حل لمشكلة البطالة بـ "البيضة والحجر" إلا أن البطل "الفهلوي" لم يجد سوى الانترنت صديقاً مخلصاً وجليساً مسلياً، أعطاه كل وقته، وأنفق عليه كل نقوده، لا في مجال المعلوماتية "فهذه موضة مدّعي الثقافة (!)"، وإنما في مجال الدردشة، فهي أفضل دواء للملل وأفضل أنيس في الوحدة، بدأ يراسل من يعرف ومن لا يعرف، كل من في غرف الدردشة يمكن أن يكونوا أصدقاء، عرباً أو أجانب ، فتية أو فتيات، أصبح يتبادل المعلومات الشخصية المزيفة بداية فكيف سيعطي معلومات سليمة وهو الشاب الفهلوي واستمر على هذا الحال لأسابيع عدة.

    اهتمام رجل المخابرات به
    لم يتوان (ج.ن) في أن يقول قصته عبر الانترنت مع كل من يعرف وأصبح ممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىه كرقم التلفون ولولا الإمكانيات لطبع الكروت الشخصية. لم يكن العميل (ص) ليهتم شخصيا بإيميله الذي أعطاه إياه فهو ليس من هواة الانترنت وإنما من هواة الديجيتال إلا أن ولاءه وإخلاصه لضابط المخابرات الصهيوني أبو هارون حتم عليه أن يعطيه هذه المعلومة التافهة.

    أخذ أبو هارون المعلومات الشخصية الخاصة بـ (ج.ن) وأخذ ممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىه أيضا من خلال العميل (ص) ووضعها في درج مكتبه المكدس بالكثير من هذه المعلومات فهو درج المعلومات التافهة لقد كان أبو هارون منشغلا بمتابعة أخبار إحدى المجموعات المسلحة الناشطة منذ بدء انتفاضة الأقصى المباركة، حاول مرات ومرات أن يصل إليهم إلا أن احتياطاتهم الأمنية حالت دون ذلك، وفي إحدى الليالي وبينما أبو هارون يبحث عن حل لهذه المعضلة فإذا به يضرب رأسه ضربة أسقطت طاقيته السوداء الصغيرة وقال لنفسه: إن ممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى (ج.ن) معي وبحسب المعلومات الشخصية له فإن ابن عمه قائد المجموعة المسلحة، طلب أبو هارون من العميل (ص) معرفة العلاقة التي تربط (ج.ن) بابن عمه وأمهله يومين لإحضار المعلومات الدقيقة، وقبل انتهاء المدة اخبر العميل (ص) أبا هارون أنهما شديدا الصلة فعلاقاتهما قوية إلا أن (ج.ن) غير مكترث بأي عمل نضالي أو وطني فهو يشغل وقته بالانترنت محاولا نسيان هم البطالة.
    علم أبو هارون أن (ج.ن) هو السبيل الوحيد لقائد المجموعة المسلحة وابن عمه وصديقه وبدأ يدرس كيفية الوصول له وإسقاطه ولم يكن لـ (ج.ن) أي سبيل فهو لا يقترب من المخدرات، أو حتى الدخان، وليس له علاقات نسائية، ويصعب إسقاطه فهو ليس بالصغير أو عديم الخبرة فهو الآن حوالي 26 عاماً وحاصل على شهادة جامعية، إلا أن الكمبيوتر الشخصي لأبي هارون أوضح أن هناك سلبيتين فقط تصلحان لان تكونا الطريق إلى (ج.ن) انهما البطالة والانترنت.

    خطة محكمة
    أخرج أبو هارون ممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى (ج.ن) من درج مكتبه وأرسله على الانترنت وقال له: أنا (م) من الإمارات ومن هواة كتابة الممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىات العشوائية وقد وصلت إليك فهل تقبل محادثتي، أجاب ج.ن نعم وبدأت المحادثات بينهم تزيد يوما بعد يوم، حتى أصبحت هناك علاقة شخصية أشبه ما تكون بالصداقة، واطمأن كلاهما للآخر، وكان كلما انقطع أبو هارون (أي الصديق الإماراتي م) عن المراسلة شعر (ج. ن) أنّه يفتقد صديقه، فهو الصديق الإماراتي الذي يتعاطف مع القضية الفلسطينية المحب للشعب الفلسطيني الأديب الخلوق الذي يرفض أن يتحدث عن كافة الأمور غير الأخلاقية المتدين الملتزم بالصلاة والصيام والمعتاد على النوافل، وبعد انقطاع ظل أكثر من أسبوع عاد (م) ليراسل (ج.ن) واعتذر عن انقطاعه عنه فهو كان مشغولاً بابن عمه المريض فهو أكثر من صديق أو أخ لا يتصور الحياة بدونه، ثم مرت الأيام وكان كلما يسأل (ج.ن) عن ابن عم (م) أجابه الأخير بأنه يتعافى يوما بعد يوم، ثم بدأ يتحدث عن ايامهما الحلوة ولياليهم الممتعة، وبدأ يتحدث عن خصال ابن عمه فهو الشاب الجرئ، المقدام، الملتزم، ولأن أبو هارون لن يبقى طوال الوقت يتحدث لوحده عن ابن عمه كان لابد أيضا أن يتحدث (ج.ن) عن ابن عمه وإخوانه وأصدقائه وما أن بدأ يتحدث (ج.ن) عن ابن عمه المناضل حتى بدأ (م) يتنفس الصعداء، فهي اللحظة التي كانت ينتظرها بفارغ الصبر.

    اللحظة الحاسمة
    بدأ أبو هارون يستدرج المعلومات من (ج.ن) عن ابن عمه المجاهد ويوماً بعد يوم تخلى (ج.ن) عن حذره، فما أصبح يتردد في أن يقول له أن ابن عمه كان يتناول طعام الغذاء عندهم أو انه كان نائما عندهم أو جاء متخفيا في شكل عجوز ..الخ وفي ذات يوم من الأيام قال (ج.ن) إن ابن عمه سيزورهم ويتناول طعام الغذاء ...علم أبو هارون أن هذه هي لحظته فطلب من عميله (ص) أن لا يبرح من منطقته وما عليه إلا أن يخبر أبو هارون بموعد زيارة المناضل ... وبالفعل أعطى (ص) الإشارة لأبى هارون بوصول المناضل ،فطلب منه أبو هارون أن يعلمه بوقت انصرافه وبدأت طائرة التجسس تحلق عن بعد ملتقطة الصور لمنزل (ج.ن) وما أن جاءت الإشارة من (ص) بخروجه حتى أخذت الطائرة بتتبعه إلى أن وصل إلى أحد الشوارع الرئيسية فتم قصفه حيث استشهد مع احد أفراد مجموعته الذي كان قد حضر ليأخذه بالسيارة.

    لم يشك (ج.ن) انه قد تسبب في ذلك من قريب أو بعيد وما أن اخبر (م) بنبأ استشهاد ابن عمه حتى صدم (م) من هول النبأ وفداحة الخسارة ثم مرت الأيام
    اخبر(م) (ج.ن) أنه يود أن يزوره في قطاع غزة إلا انه في ظل الظروف الحالية لا يستطيع وطلب منه أن يزوره هو في الإمارات وهو على أتم الاستعداد لتحمل تكاليف السفر إلا أن (ج.ن) اخبره بأنه لا يقبل أن يكون عالة على صديقه الإماراتي وكأنه قد صادقه ليقبل منه مساعدة أو مالا ..فأخبره (م) أنّه يريد أن يخدمه بأي وسيلة فقال (ج.ن) إذا كنت تريد أن تخدمني وفر لي فرصة عمل عندكم فانا أعاني من البطالة منذ أن تخرجت قبل أربع سنوات.
    فوعده (م) بان يبذل قصارى جهده وبعد أيام اخبره (م) أنه وجد له وظيفة إلا أنها لن تصلح له فهي فقط براتب 500 دولار وهو مبلغ لا يستحق عناء الغربة وطلب منه أن يصبر وبعد أقل من يومين عاد (م) وأخبره بأن هناك وظيفة جيدة بمبلغ 1000 دولار شهرياً وأنّه مبلغ جيد، والمطلوب أن يرسل صور شخصية له وجواز سفر فيه صلاحية لأكثر من سنة وصور لشهادته الجامعية وبالفعل أرسل (ج.ن) كل ما هو مطلوب على رقم فاكس إماراتي فعلا فأرسل (م) مبلغ 200 دولار وقال له قابلني في مصر فأنا سأمكث فيها أسبوعاً وسأعطيك هناك الفيزا وبعد أن نقضي السياحة لمدة أسبوع نعود سوياً إلى الإمارات لأسلمك عملك لم يصدق (ج.ن) ما حصل عليه فالآن أصبح بإمكانه أن يعمل وأن يدخر وأن يرفع من مستوى العائلة وأن يتزوج وكل هذا بالفهلوة والذكاء وها هو الانترنت الذي كان يعاب عليه جلوسه طويلا أمامه هو باب الفرج والسعادة جهز(ج.ن) حقيبته وودع أهله واتجه نحو المعبر .

    الصدمة الكبرى
    وفي معبر رفح البري طلبت المخابرات الصهيونية مقابلة (ج.ن) وبعد أن دخل غرفة ضابط المخابرات عرف الضابط نفسه أنّه أبو هارون وسأل (ج.ن) هل تعرفني؟ فأجاب (ج.ن) بالنفي فقال أبو هارون ولكني أعرفك جيداً وبدأ يخبره عن تفاصيل دقيقة ..تعجب (ج.ن) من كل هذه المعلومات ثم قال له أبو هارون إنا صديقك (م) الإماراتي الذي كنت أكلمك وقد أرسلت لك مبلغ 200 دولار كمكافأة لقد كانت صدمة لـ (ج.ن) وعانى من الدوار وأراد أن يتقيأ فهدّأ أبو هارون من روعه وناوله كأس عصير رفض (ج.ن) أن يشرب وسأله مكافأة عن أي شيء؟ فقال له أبو هارون لولا معلوماتك عن ابن عمك ما تمكنا من اصطياده ونحن نريد أن يستمر التعاون بيننا رفض (ج.ن) وقال إنا مستعد أن تعتقلني أو تفعل بي أي شيء إلا أنني لن أرضى أن أكون عميلا فقال له أبو هارون :لقد كنت فعلاً عميلاً وإذا رفضت فإننا سنضطر قبل وصولك إلى منزلك أن أرسل المعلومة إلى باقي أفراد المجموعة لتصفيتك قبل وصولك إلى البيت وقبل أن يسمعوك ارتعد (ج.ن) خوفاً وارتجفت يده فعلم أبو هارون أن كل شيء قد انتهى فقد بدأت الحسابات في رأس (ج.ن) سيخاف الفضيحة وسيعلن استسلامه وقبل أن يعلن (ج.ن) قبوله قال له أبو هارون خذ هذا المبلغ واذهب إلى مصر سياحة لمدة أسبوع ورفه عن نفسك لأننا نحتاج منك بعض المعلومات .

    سافر (ج.ن) وفي اليوم الذي حدده أبو هارون عاد وقابله مرة أخرى على المعبر وأخذ منه كل المعلومات التي لديه عن أهله وأصدقائه وبالفعل سقط (ج.ن) في فخ العمالة.

    النهاية المخزية
    عاد (ج.ن) إلى غزة وبدأ يرسل المعلومات المطلوبة لأبي هارون من خلال الانترنت ولكن لم تمض فترة طويلة حتى فوجئ (ج.ن) بأفراد أحد الأجهزة الأمنية يطلبه لمقابلة الضابط فوجئ (ج.ن) أنّه كان مراقب من قبل الجهاز الأمني وأنّ الشبهات وعلامات الاستفهام وضعت عليه منذ أن سافر وعاد فطريقة الحصول على عمل أو الفيزا ثم فشل مخطط السفر والعودة بعد أسبوع كانت كفيلة بأن تثير حوله الشبهات وبالفعل اعترف (ج.ن) بكل ما عنده وحول إلى القضاء لينال جزاءه .

    دروس وعبر
    إننا نأخذ من قصة العميل (ج.ن) العديد من الدروس والعبر التي لا نستطيع حصرها ولكن يكفي القول أن 6 شهور علاقة على الانترنت كانت كفيلة بإسقاط (ج.ن) والحصول منه على معلومات خطيرة مع العلم أن (ج.ن) كان يعتبر نفسه من أذكياء عصره .
    فالعدو الصهيوني يعلم كيف يستغل شبكة الانترنت وكل زاوية فيها أفضل استغلال فهو من خلالها يجمع أدق المعلومات ويدرس حالة الشباب الاجتماعية والأخلاقية بل والميول السياسية وغيرها وكذلك يستخدمها في قتل وقت الشباب وإيصال الرسائل غير المباشرة لهم في إطار ما يسمى بالحرب النفسية والأمر الأدهى من ذلك كله أنه من خلالها يستطيع الوصول إلى الشباب وإسقاطهم كما في القصة التي ذكرناها.

  7. #7
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    الطريق الى ميونخ
    ( التفاصيل الكاملة لعملية ميونخ )

    بقلم / سمير محمود قديح
    باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

    الجزء الاول


    تشرين الثاني 1971 من الواضح أن المقاومة لا تزال تدفع ثمن هزيمة الأردن(1) حيث كانت تواجهنا صعوبات في تلك الفترة أولا : كانت روح انهزامية تسيطر على مواطنينا الواقعين تحت الاحتلال , استغل الإسرائيليون أحداث الأردن ليفككوا بكل هدوء العديد من خلايانا في الضفة الغربية بالإضافة إلى اعتقال الكثيرين من الشبان الذين كنا نعتمد عليهم لتوقيع العرائض ونقل الرسائل وفي غزة بادر الاحتلال إلى زيادة حملات القمع لمواجهة الانتفاضة المستمرة منذ سنتين وكان لحملة القمع اسم هو آرييل شارون(2) الذي عمد إلي فتح جادات بعرض ثمانين مترا داخل مخيمات اللاجئين لتمكين جنوده من التدخل بسرعة اكبر وكانت محصلة الحملة في مخيم جباليا تدمير 1800 منزل وإجلاء 17 ألف عن بيوتهم بالقوة.
    في هذه الأثناء كانت حركة الاستيطان مستمرة في الأراضي المحتلة وفي الخليل تم تحويل المسجد الإبراهيمي بصورة جزئية إلى كنيس, وتم إقامة مستعمرة كريات أربع فوق أراضيها المصادرة, وكانت الجرافات جاهزة للبدء ببناء مساكن إضافية من الأراضي التي يتم مصادرتها في مدن القدس وبيت لحم ورام الله وغيرها من المدن الفلسطينية للمهاجرين الجدد.
    أما على الصعيد الاقتصادي فكان يتم توظيف الرساميل الإسرائيلية في الأراضي المحتلة طمعا في الأيدي العاملة الرخيصة وفي المقابل كانت الشركات العربية تصبح مدينة للصناعة الإسرائيلية كما كان يسمح للآلاف من الفلسطينيين بالانتقال صباحا للعمل في إسرائيل شرط العودة إلى الأراضي المحتلة عند المساء … وسط ذلك كله كانت الصحافة الغربية تدبج المقالات في مدح إسرائيل التي تحول الصحاري إلى جنان.
    إن الأوضاع كهذه من شانها دك المعنويات لمواطنينا فساد الإرهاق شيئا فشيئا وقد فضل الآلاف من الفلسطينيين الهجرة إلى كندا وأوستراليا متى استطاعوا .
    وكان السؤال الذي يتكرر على شفاه هؤلاء؟
    -علام الصمود والمخاطرة إذا كانت المعركة خاسرة سلفا وان في المرحلة الآنية؟
    كيف نرد نحن مقاتلي الخارج فيما أدى الانهيار في الأردن إلى إبعادنا اكثر عن أرضنا الفلسطينية ؟الواقع إن اكثر من 70 في المائة من هجماتنا كانت تنطلق من شرق الأردن فبعد طردنا لم يعد بمقدورنا العمل على أطول حدود للمواجهة مع العدو.
    بقي جنوب لبنان الذي تحول بطبيعة الحال إلى جبهتنا الرئيسية.
    لكن الإحباط تغلغل أيضا في قواعد الفدائيين التي التحق بها الناجون من الهزيمة الأردنية وهم يعانون من الإرهاق والانهيار المعنوي, ولكن بالنسبة إلينا المتأثرين بحرب الفيتنام كانت ارض لبنان مثالية لمضاعفة حرب الغوار ضد إسرائيل فلا حواجز طبيعية يمكن الجيش الإسرائيلي إن يحتمي, فمنطقة العرقوب لا تقدم مجالا سهلا لتحرك الدبابات العدوة كما أنها على اتصال مباشر بسوريا عبر شبكة من الطرق في الجبال ويمكن في غضون ساعات إرسال مئات العناصر من درعا أو من قواعدنا في الشام , أما صوب البحر فيمكن مشاهدة سلسلة من التضاريس الوعرة تطل على الجليل ويسهل الانطلاق منها في عمليات ليلية,وأخيرا وجود جيش احتياطي كبير من اللاجئين(3) في الجوار الذي على الرغم من الهزيمة في الأردن نحتفظ ببعض الهالة والتأييد عندهم .
    ولكن من أين ينبع إحباط فدائيينا ؟
    أولا من الحدود التي فرضتها اتفاقية 1969 بين المقاومة والسلطات اللبنانية وهي تقر فقط لمقاتلينا بحق عبور جنوب لبنان من اجل القيام بعمليات داخل إسرائيل وعدم إقامة قواعد دائمة في المنطقتين الوسطى والساحلية وممنوع إطلاق صواريخ الكاتيوشا من الأراضي اللبنانية وكان الجيش اللبناني يبدي حرصا زائدا الأمر الذي يؤدي إلى صدامات مستمرة ومضايقات وحواجز تفتيش عسكرية مما كان يحد من تحركاتنا وعمليات نقل الأسلحة وتشابك ذلك مع مشاكل عدة داخلية في صفوف المقاومة , فمنذ الصيف كان يندر وجود من لا يعترض صراحة على قيادتنا العسكرية داخل وحداتنا المقاتلة فلم يكن أحد نسي بعد التردد وأخطاء التقدير التي أدت إلى الكارثة النهائية في الأردن وكان اشد المنتقدين هؤلاء الذين كانوا تابعين لقيادة أبو علي اياد(4) ولم يكونوا يجدون العزاء لفقده لكن تمرد الفدائيين لم يكن ينبع فقط من الفشل والمرارة المتراكمين في العام 1971, كان يسود جو جديد إذ كان الكثيرون يطالبون بإعادة نظر جذرية في وسائل النضال ضد إسرائيل بدل القيام بالعمليات التقليدية يجب القيام بعمليات تضرب الإسرائيليين في القلب أو تطاول مصالحهم في العالم,لكن عرفات والضباط الأردنيين الذين التحقوا بحركتنا لم يكونوا يحلمون إلا بمزيد من "العسكرة" لفدائيينا.
    وكانت هناك مشاكل اكثر جسامة أيضا إذ أن عمليات الثار الإسرائيلية إزاء تزايد عمليات فدائيينا في الجليل الأعلى لم تتأخر فقد اخترق مغاوير الجيش الحدود اللبنانية مرتين في يناير 1972 وقتل عشرون فدائيا وكان العقاب الأكثر قسوة في شباط فاستعمل الإسرائيليون الطيران والمدفعية و المدفعية لقصف منطقة العرقوب واحتلالها لمدة ثلاثة أيام وتكبد فدائييونا نحو مائة قتيل , كذلك حصلت غارة جوية على مخيم النبطية, باختصار بدون أسلحة ثقيلة ومضادات طيران لقي مقاتلونا معاملة اكثر قسوة وكان مستحيل أن يقوم فدائييونا بردود صاعقة متشابهة نظرا للألغام والحاجز الكهربائي لم يكن لدينا للرد على أعدائنا سوى أرجلنا.
    وكان ضباط من العاصفة يأتون باستمرار شاكين أمرهم لأبواياد(5) فما كانوا يجهلون أن له اليد الطولى في اغتيال وصفي التل اكثر من أبو يوسف وهذا ما اكسبه شهرة اكبر فيما بينهم ,فلم يكن نادرا أن يأتي ضباط شباب من وحداتنا العاملة في الجنوب ليعرضوا عليه خدماتهم في بيروت قائلين"نحن نريد أن نتجند معك أبو اياد لاشك انك تخطط لبعض العمليات ونحن أنفسنا لدينا أفكار نستطيع مثلا اختطاف ضباط إسرائيليين من أي مكان في العالم فإذا أردت إنشاء فرق خاصة من الفدائيين يمكنك الاعتماد علينا .."
    فيجيبهم : حسنا جهزوا أنفسكم إننا في صدد شيء ما.
    نشـوء تنظيم أيلول اسود
    كان يخشى إزاء هذه العوامل المجتمعة أن يعمد عدد من فدائيي العاصفة إلى تركنا لتأسيس تنظيم جديد نوع من فتح ثانية كنت أنا وأبو مازن(6) وأبو اياد نتبادل الأحاديث في هذه المسالة وبعد هزيمة تموز التقى أبو اياد بهؤلاء الفدائيين وكان يصغي إليهم ويحاول أن يكون عما لهم, وبما أن هؤلاء من افضل العناصر الذين عملوا تحت إمرة أبو علي اياد فلماذا لا يوجه غضبهم ويستفاد منهم عبر جهاز عملياتي سري يرتبط بمخابراتنا وأجهزة مكافحة التجسس لدينا وكان أبو اياد قد وجد اسم هذا الجهاز :" أيلول اسود"(7).
    في تلك الفترة عدنا أنا وأبو اياد وأبو مازن نتساءل كيف نعيد الثقة إلى محاربينا بعد كل تلك المحن التي ألمت بهم بالطبع فكرنا انه ليس باختطاف الطائرات كما تفعل الجبهة الشعبية ولا بالانتقام لضحايانا في الأردن كما فعل علي حسن سلامة ضد النظام الأردني, كما أننا رأينا أن التعرض للشركات الأوربية التي تتعامل مع إسرائيل لن يخلق مشاكل كبيرة لأعدائنا المباشرين ودان أبو اياد هذا التصرف باعتباره سيؤثر على مواطنينا المهاجرين بقلة ثقة الدول فيهم وبالتالي صعوبة إيجاد عمل.
    أما ما توصلنا إليه هو أننا يجب أن نوسع مسرح عملياتنا مع تحديد صارم للأهداف التي يجب اختيارها, واستنتجنا أن تركيز ضرباتنا على عملاء الموساد في أوروبا هو اكثر الأعمال فاعلية من كل النواحي .
    كان هذا الأمر ضروريا, في الأسابيع التي تلت مقتل وصفي التل وخصوصا في أعياد نهاية السنة كان عددا كبيرا من الشبان الفلسطينيين الذين يدرسون في أوروبا يأتون إلى لبنان في محاولة للاتصال ب"أيلول اسود" كما كانوا يؤكدون ,وكنا نتعجب لعدم عودة هؤلاء الطلاب لإكمال دراستهم أو زيارة أهاليهم, لم نتأخر في إيجاد السبب وذلك بفضل عاطف بسيسو(8) فقد اجبر الموساد بعضهم على استقاء معلومات حول نشاطاتنا في بيروت وهذا أعطاني فكرة :لم لا نجند هؤلاء الطلاب ونصنع منهم عملاء مزدوجين لنصل إلى الضباط المتعاملين معهم.
    لم يوافقني أبو اياد بوابو مازن فحسب بل توصلنا الى المشروع الآتي:ان ننشئ على هامش جهازي الاستخبارات ومقاومة التجسس اللذين يديرهما أبو يوسف مجموعة "لمحاربة الموساد في أوروبا" وقررنا انه من الأفضل ان يعلم بها اقل عدد من القيادة.
    جولات في أوروبا
    استقلت من قيادة ميلشياتنا في لبنان حيث أعطاني ابو اياد المال لشراء الأسلحة اللازمة أما أبو مازن فقد ارصد لنا بعض المال كي نتمكن من فتح مخيم صغير للتدريب شمال صيدا.
    في نهاية حزيران ذهبت الى ألمانيا في طريقي لبلغاريا للتفاوض على شراء مسدسات تحتوي على كاتم صوت من أجل عملياتنا وإيجاد طريقة لتهريبها لخلايانا المنوي إنشاؤها في أوروبا وهناك علمت بالنبأ الفاجعة: استشهاد غسان كنفاني أحد أشهر كتابنا ومعه ابنة أخته الشابة في انفجار محرك سيارته أمام منزله.
    وفي أواسط شهر تموز 1972 ذهبت الى إيطاليا لمقابلة ابو اياد بناء على طلبه يرافقه فخري العمري ابو محمد(9) وقد قدم ابو اياد عرضا للعمليات التي كنا نخطط لها ضد عملاء الموساد : العملية الأولى متوقعة في بلجيكا لكن كان واضحا انه بالمقارنة مع الاعتداء البشع الذي ذهب ضحيته غسان كنفاني في بيروت قبل بضعة أيام لم تكن مخططاتنا الموجهة ضد الموساد لترضيه فعلا.
    فاقترح فخري الهجوم على مقر بعثة إسرائيلية في الخارج.
    أجاب أبو أياد:لا سنثير عداء الدول المضيفة إما تصفية عملاء الاستخبارات فهذا النوع لا يثير مشاكل,ان دول الغرب قد اعتادت بعض الشيء على حروب الظل بين عملاء استخبارات الشرق والغرب تحديدا.
    لكنني بدوري قلت:لا يمكننا الإصرار على القيام بحرب نظيفة ضد أعدائنا في حين ان الإسرائيليون لا يقيمون فرقا عندنا بين مدني وعسكري!سوف نفقد كل رصيدنا عند جماعتنا .
    سال عندها ابو اياد: وماذا تقترح؟
    -لم يكن هناك من خطة معينة في ذهني لكنني كنت اعرف شيئا:لا يمكننا البقاء حيث نحن .
    كنت اشعر بشكل غامض ان شعبنا في ذلك الصيف ينتظر منا ان نشن حملة ثار لما يعانيه من الإسرائيليين
    في ما بلغناه من حالة التصعيد لن يفيدنا ان نقتل هذا او ذاك من العملاء الإسرائيليين ثارا لضحايا الشعب الفلسطيني أنا لا اخذ في الاعتبار يأس مقاتلينا الذين لا حيلة لديهم في الرد على طيران العدو بل المدنيون أيضا إذا لم نتجاوب مع رغبتهم في الثار ستكون نهايتنا في حركة فتح وسيأخذ مكاننا آخرون.
    - ثق يا أبو داود أننا في قيادة الحركة نعي هذه المشكلة لكن هناك معطيات أخرى في الحسبان فإذا كنا على الصعيد العسكري في اصعب الأوضاع إلا أننا نسجل ديبلوماسيا إنجازات مهمة عرفات مدعو للمرة الأولى من القيادة السوفيتية لزيارة موسكو.,كان متأكدا ان هناك اتفاقا لتزويدنا بمضادات طيران تزيد من إمكاناتنا الدفاعية.
    توقف النقاش عند هذه النقطة كان على ابو اياد ان يزور وائل زعيتر في روما , وأعطاني فخري العمري التعليمات حول الرشاشات المجهزة بكاتم صوت التي كان يجب ان اطلبها من البلغار
    بداية الطريق لميونخ
    التقينا ابو اياد لاحقا على رصيف مقهى في ساحة الروتوندا كنا نطالع الصحف الأجنبية والعربية وقد أغضبنا كثيرا ما قرأناه في إحدى المقالات الصغيرة ,إذ رفضت اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية اشتراك فريق من الرياضيين الفلسطينيين في الألعاب الأولمبية التي ستجري في ميونخ(10) .
    لم يتعجب ابو اياد لقرار هذه الهيئة وقال : لقد بعثت منظمة التحرير برسالتين رسميتين الى اللجنة الأولمبية تطلب فيها إشراك لاعبينا في العاب ميونخ لكنها لم تتنازل وتبعث إلينا بأي رد فنحن غير موجودين بالنسبة إلى هذه المؤسسة المحترمة التي تدعي إنها غير سياسية.
    فعلق فخري قائلا:
    -عظيم بما انهم يرفضون مشاركة الفلسطينيين في الألعاب فلماذا لا نحاول الدخول بأساليبنا الخاصة إلى الحرم الأولمبي؟
    فأساله ابو اياد: وماذا نفعل هناك؟
    رد فخري: نحتجز الرياضيين الإسرائيليين.
    قال أبو اياد : أنت مجنون ‍‍!
    عندها قلت بدوري: لا فكرة ابو محمد ليست عاطلة بما أن الإسرائيليين لا يحترمون شيئا فنحن سنتصرف كذلك علاوة على ذلك ان كل رياضييهم من العسكر, ان المسؤولين وكوادر الإسرائيليين الرياضية والمدربين ,المعالجين والرياضيين يأتون عمليا من مؤسسة أورد وينغايت ,وتحوي تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب وبحسب ما يوحي اسمها يقوم بالمهمات الإدارية والتنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة وتدرب فيها كل أنواع الرياضات ولكن يجري فيها بشكل خاص إعداد المصارعين وأبطال الرماية.
    كان ابو اياد يلتزم الصمت لكننا شعرنا ان الفكرة التي قدمها فخري أثارت اهتمامه وبعد قليل خرج عن صمته:
    بما أننا حرمنا حتى من الهدنة الأولمبية فما من سبب لاحترامها ففي مقابل اكبر عدد من الرياضيين والموفدين الإسرائيليين الذين سنتمكن من احتجازهم سوف نفرض إطلاق العدد الملائم من معتقلينا في إسرائيل في الحقيقة هذا المشروع لا يشكو من شيء !
    ثم استدار نحوي وقال:ميونخ تقع على طريقك الى بلغاريا من المفيد ان تقوم باستكشاف أولى … طبعا لا تنبس ببنت شفة لأي كان عن هذا الموضوع هل هذا واضح ؟
    قلت:لن يكون هذا صعبا علي لكن لابد ان نكلم ابو مازن من اجل المال اللازم للعملية.
    بالطبع ان احتجاز الرياضيين والموفدين الإسرائيليين لم تنبت فجأة من رؤوسنا فقط لان اللجنة الأولمبية تعاملت معنا كأننا غير موجودين بل أننا كنا ننوي الاستفادة من حضور وسائل الإعلام الدولية طوال فترة المسابقات كي نعطي قضيتنا صدى عالميا عندها سيطلع كل بيت في العالم على المأساة الفلسطينية .
    سلكت الطريق الى بلغاريا وذلك في 17 تموز على الاوتوستراد كنت انطلق مسرعا قدر المستطاع, قلت في نفسي لايزال لدي وقت كاف لامضي نصف النهار على الاقل في ميونخ.
    وصلت المدينة البافارية وبدأت فورا البحث عن خريطة مفصلة للمدينة واستحوذت على الوثائق المتوافرة وحتى تلك التي تخص الاولمبياد مثل لائحة الفنادق ومخطط وسائل النقل في المدينة وكتيبات عن توقيت الرحلات الجوية كما باشرت بالتعرف على شبكة المواصلات المحلية. لم اجد صعوبة في العثور على المجمع الأولمبي شمال المدينة, بدت ورشة ضخمة لم تنته الأعمال فيها وكانت القرية الأولمبية قائمة في جهتها الشمالية وهي التيس كانت تهمني أكثر كانت تبدو مثل مدينة منامة مؤلفة من ابنية تذكر بالأهرامات وايضا من ابنية اصغر وأقل ارتفاعا تتعرج فيها ممرات من الباطون على مستويات مختلفة ,وشلالات صغيرة وألوف الأشجار في تلك الساعة لم تكن القرية سوى خلية عمل ناشطة في طوابق الأبنية وفي الأقبية وحتى في عرض الممرات كان من المستحيل أن أتصور كيف سيبدو المكان حين تبدأ الألعاب وبالأخص كيف سيتم تأمين الحراسة على محيط القرية فانطلقت في تلك الأمسية الى بلغاريا.
    تقابلت مرة أخرى مع ابو اياد يرافقه فخري العمري في صوفيا وبالطبع تناقشنا في مواضيع كثيرة كالبلاغ الذي سيسلمه الفدائيون الى السلطات الألمانية بعد ان يكونوا قد احتجزوا أكبر عدد ممكن من الإداريين والرياضيين الأسرائيليين واللائحة الدقيقة التي يجب ان تدونها استخباراتنا بما لا يقلل عن مئتي فلسطيني معتقل في إسرائيل والذين سنفرض إطلاق سراحهم وما يلزم من التدريبات الخاصة التي يجب ان يقوم بها رجالنا الذين سيشاركون في العملية. وبعد انتهاء عمله غادر ابو اياد وفخري الطائرة سوية إلا أنني اتفقت مع فخري على موعد في بداية الأسبوع المقبل أكون عندها في ميونخ ليلحق بي هو و رفيق الآخر.
    استطلاع أولى لبنية العملية
    يوم 7 آب وصل كل من فخري ورفيق آخر يدعى تشي(11) الى ميونخ.
    كان تشي واسمه يوسف نزال أحد ضباط العاصفة الشبان كانت قاعدته قرب النبطية وكان ممن يقومون بعمليات خلف الحدود مع إسرائيل وقد تدرب على يد أبو علي اياد وكان معه في تلال جرش وعجلون ونجا من الكارثة النهائية وأخيرا كان في عداد القادة الذين رأيتهم في بيروت بعد غارات الطيران الإسرائيلية في شباط 1972 وهم يتوسلون لأبواياد القيام بتنظيم شيء ما في مكان ما ليردوا الصاع صاعين, وهو مدعو لتسلم زمام القيادة العسكرية لفرقة الفدائيين الذين نتوقع إرسالهم الى ميونخ كان هذا الخيار جيدا , بما انه حاذق ومقاتل ممتاز في الوقت نفسه.
    أما السلبية الوحيدة فهي ان تشي قصير القامة جدا وهذا عائق أكيد بالنسبة له ولزملائه عندما يضطرون لتسلق السياج الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية .
    قمت أنا ورفيقاي بزيارة المكان في وقت كانت الأعمال مازالت مستمرة وذهبنا لتفحص الشباك المعدنية عن كثب كنا متأكدين انه بغية الوصول إلى أي مكان داخل القرية لابد من تسلق السياج الحديدي العالي,لم يكن من الصعب تسلق السياج تدخل طرف حذائك في عينيات الشباك وتستند عليها ولكن المشكلة كانت انه بهذه الطريقة وتحت وزن الرجال والحقائب سوف يهتز السياج ويصدر صريرا وهذا غير مرغوب فيه لعملية تتطلب صمتا تاما .
    قلت ليوسف: لا أرى سوى حلا واحدا, يجب ان تتدربوا على تسلق رجل بطولي تقريبا مثل أهل السيرك عندما يبنون أهرامات بشرية إذا تعلمتم ذلك يصبح الانتقال الى الجهة المقابلة سهلا بما انه يوجد عشب في الجهة الثانية .
    الخطة العسكرية للعملية
    شيئا فشيئا بدأت ترتسم معالم خطة العمل: ساعة تسللهم الى القرية الأولمبية يكون كل الفدائيين بثياب الرياضة وحتى إذا انتبه لهم لسوء حظهم الحراس فسيبدون وكأنهم رياضيون قفزوا فوق السور عائدين الى مقرهم وهذا يلغي تلقائيا مسالة ما اذا كان يجب ان يصل الفدائيون تلك الليلة كل من جهته او في مجموعات من اثنين او ثلاثة الى نقطة تجمع قرب السياج :سوف يتقدمون سويا مثل أي بعثة تعود بعد قضائها السهرة في المدينة كما اتفقنا ان عشرة رجال يكفون لاحتلال شقق الرياضيين الإسرائيليين الذين سيفاجئونهم خلال نومهم ,وسيحمل كل رجل بندقية أ.ك.47 وقنبلة يدوية لم نكن نعلم بالضبط عدد الرياضيين الذين سترسلهم إسرائيل إلى الألعاب لكن حسب المعلومات التي حصل عليها فخري كنا نقدر عددهم بخمسة عشر يجب ان نضيف إليهم عددا مماثلا من المدربين والحكام والمسعفين على اختلافهم ,عشرة رجال لمراقبة ثلاثين محتجزا في عملية كنا نتوقع ان تدوم عدة ساعات كان هذا أمرا معقولا .
    على أي حال كان تشي يقول لنا أن ليس في إمكاننا أن نفعل أكثر من هذا اذ علينا لن نحتاط بعدد اضافي من الرجال كي نعوض عن بعض تخلفات اللحظة الأخيرة الدائمة الإحتمال أثناء التدريبات أو في حال منع البعض من الدخول بسبب الجوازات المزورة .
    في تلك الفترة لم يكن لدينا أكثر من خمسين متطوعا في مخيمنا في لبنان أكثر من ثلثهم مجندا لهذه العملية وقد كانت هناك مهمات أخرى نخطط لها في الأسابيع المقبلة.
    وبالنسبة لتاريخ القيام بالعملية فقد قررنا ان ندع عدة أيام تمر بعد افتتاح الألعاب الرسمي في 26/8/1972 قبل ان نتحرك بذلك نستفيد من هذا الوقت لمراقبة الإجراءات الأمنية التي سيتخذها الألمان والتعرف على شقق لإسرائيليين.
    في هذه المرحلة لم نكن نستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك في تقديراتنا, قضينا أنا وفخري وتشي الوقت المتبقي في درس كل أنواع الطرقات التي تؤدي الى القرية الأولمبية وفي تحديد فنادق مختلفة في ميونخ نوزع عليها رجالنا اثنين اثنين ومقاه أو مطاعم في المدينة سيمكث فيها كل منا في الساعات التي تسبق العملية وفي تاريخ 12/8 رحل فخري وتشي إلى ليبيا حيث كان يجب أن يوافيهما إلى أحد مخيماتنا فدائيونا الشبان الذين تم اختيارهم في مخيمنا الرئيسي في لبنان من اجل القيام بتدريبات مكثفة .
    رسم الأهداف من العملية
    من ناحيتي أنا عدت إلى بيروت التي غبت عنها شهر ونصف الشهر وقابلت أبو اياد الذي اخذ مني جواز السفر ويحتوي على التأشيرة الألمانية وذلك لفحصه من قبل خبراؤنا ويضعون نسخا منها على كدسه جوازات أردنية مزورة من اجل الفدائيين المختارين للعملية .
    من جهتي عرضت عليه مخطط العملية الذي وضعته أنا وتشي ,كان أبو اياد مهتما بالإجراءات التي يجب اتباعها بغية تبادل المحتجزين بأولئك الذين كنا ننوي تحريرهم في إسرائيل اكثر مما كان يهتم بتفاصيل الشق العملياتي من الهجوم على القرية الأولمبية الذي عهد فيه إلينا.
    كنا نتصور مسبقا عناد غولدا مائير لذا كنا نفكر في صيغة تراجع في حال رفض إنذارنا النهائي, في الواقع سوف يطالب الفدائيون في البداية ان يتمكنوا من السفر مع محتجزيهم الى وجهة يحددونها في حينه كنا نفكر في مصر لكن ما من شيء يمنعنا من إضافة بلدان أخرى سوف يعتقل هناك الرياضيون الذين نكون أسرناهم بصفتهم مواطنين من بلد عدو ويحررون فقط عند قبول السلطات الإسرائيلية القيام بالمبادلة وفي أسوأ الأحوال, وإذا وجدنا انهم شبه عسكريون كي لا نقول انهم عسكريون بصفة كاملة لن يكون عندها مصيرهم مختلفا عن مصير مقاومينا الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل.

    أراني ابو اياد لائحة بأسماء المعتقلين الذين سوف يطالب فدائيونا باسم "أيلول اسود " بتحريرهم وكان قد دون فيها اكثر من مائتين من أسماء المقاومين الفلسطينيين كما كان على اللائحة اسم كوزو اوكاموتو الناجي الوحيد من اليابانيين الثلاثة الملتحقين بالجبهة الشعبية والذين قاموا بعملية اللد في نهاية أيار وكذلك أسماء ستة ضباط سوريين ولبنانيين أسرهم الإسرائيليون في حزيران.
    وقد قررنا ان نختم أحد البلاغين اللذين سوف يوجههما الفدائيون الى السلطات الألمانية بنداء لتوحيد الثوار في العالم اجمع على ان يوقع (م أ أ د) أي منظمة أيلول الأسود الدولية .
    في الواقع كنا نخطط لتوجيه بلاغين الأول يضرب على الآلة الكاتبة وبالإنجليزية يبلغ ساعة يكون رجالنا قد تسللوا الى القرية الأولمبية واحتجزوا اسراهم وترفق به لائحة بأسماء الأشخاص المطلوب الإفراج عنهم يحدد وقت الإنذار بساعة معينة أما البلاغ الثاني وهو معد لإعطاء مهلة إضافية فيصر وللسبب الذي ذكرناه سابقا على ان توضع الطائرات المطلوبة تحت تصرف فدائيينا واسراهم مع فرق أخر هو انه سيكون بالألمانية وسيكتب بقلم حبر ناشف ليعطي الإنطباع أنه حرر ميدانيا.
    كنا نعمل جادين للتخطيط للعملية بأدق التفاصيل تاركين للصدفة اقل ما يمكن من العناصر بقي أننا كنا لا نزال نفتقد العنصر الأساسي لنجاح عملنا :الأسلحة كيف نهربها الى ألمانيا ؟ هذا كان السؤال الحرج على بعد أسبوعين من الألعاب كنا نخشى ان تصبح مدينة ميونخ تحت رقابة الشرطة الشديدة.إلا ان ابو اياد حسم الجواب بنفسه عندما قال سوف احضر لك الأسلحة بنفسي
    بدأ التجهيز لتنفيذ العملية
    في 17/8 عدت الى ميونخ التي بدأت الوفود كما الصحافيون وفرق التلفزيون من العالم بالوصول واصبح الدخول الى القرية الأولمبية محدودا فعلى الداخل التعريف بنفسه وقد تم الإعلان عن توزيع البعثات في القرية , علمت عندئذ في أي مبنى بالضبط سيقيم الإسرائيليون كان ذلك في نهاية ممر للمشاة يسمى كونوليشتراسه في المجمع 31 في واجهة بناية ضخمة يشغلها ألمان شرقيين وهي قريبة من السياج الحديدي.
    في ذلك الوقت عاود ابو اياد الاتصال وقد ترك لي رسالة يحدد لي موعدا يوم 24/8 في مطار فرانكفورت وقد حدد لي رقم الرحلة وساعة الوصول , وقد قررت الرحيل الى فرانكفورت قبل يوم من وصوله حتى لا أتأخر عليه ونزلت في فندق لست معروفا فيه هو فندق كونتيننتال, وأخيرا في اليوم التالي وصلت الى المطار قبل الموعد كي أتمكن من ملاحظة أي أمر غير طبيعي ,وصل أبو أياد برفقة شخصين آخرين امرأة وصديقه التاجر علي ابو اللبن(12) وقد رايتهم يضعون حقائبهم على العربة كانت هناك خمسة منها وكلها متشابهة ,اتجه الثلاثة نحو الجمارك كان ابو اياد يبدو مرتاحا ولكن علي الذي كان يجر العربة يبدو مضطربا ينظر يمينا وشمالا ويدفع المسافرين أحيانا وبسبب توتر أعصابه استنتجت ان الأسلحة كانت هناك في تلك الحقائب, ومن خلف الزجاج استطعت ان أراقب المشهد
    كانت المرأة تلعب دور زوجة ابو اياد طلب رجال الجمارك من ابو اياد ان يفتح إحدى الحقائب وبدا بفتحها كانت تحتوي على ألبسة نسائية داخلية وبدا ابو اياد يبسط المحتويات مجاملا رجال الجمارك الذين يلوحون بأنهم قد رأوا ما فيه الكفاية عندها أعاد ابو اياد ترتيب الحقائب والخروج من المطار وقد كنت اتبعهم خوفا من ان يكونوا مراقبين واستمريت في مراقبتهم حتى بعد وصولهم للفندق بنحو ساعة .
    ذهبت الى الفندق وقابلت ابو اياد الذي كان يرتاح أما المرأة واسمها جولييت فكانت في الغرفة المجاورة و أشار ابو اياد على الفور الى حيث وضعت الأسلحة كانت في حقيبتي سفر وقال:فكرت انك تستطيع نقلها هكذا بسهولة اكبر. فأجبته:حسنا فعلت لكنها ثقيلة الوزن !
    وهتف ابو اياد:وماذا سيحدث لو كانت تحتوي على عشرة كلاشنيكوفات ؟
    فتعجبت قائلا : ماذا ألا يوجد عشرة ؟
    رد قائلا :متأسف يجب ان تتدبر آمرك بمجموعة من ثمانية فدائيين وليس عشرة كما كنا نتوقع أصلا إذ ان مشكلة قد حصلت أثناء التدريب في ليبيا .
    هذه لم تكن سوى أولى الأخبار السيئة فقد وجدت في الحقائب ستة كلاشنيكوفات بدلا من ثمانية مع رشاشي كارل غوستاف كما نسوا القنابل اليدوية فتذمرت قائلا من العبث مع مجموعة من ثمانية مقاتلين ان نطالب بثلاث طائرات كنا نحتاج الى ثلاثة رجال لكل طائرة لم يعد هذا ممكنا.
    تنهد ابو اياد قائلا:حسنا لن نطلب سوى واحدة سأعمل على تصحيح البلاغين.
    اتفقنا على اثر عودته الى بيروت سيبعث الي بعلي في أول طائرة ويجلب معه القنابل اليدوية. كما قمت أنا وعلي بنقل الأسلحة الى ميونخ بحقائب ملفات التي لا يفتشها الألمان في محطات القطارات لتخبئتها في خزائن الودائع.
    يوم 26/8 يوم افتتاح الألعاب وصلتني حقيبة القنابل اليدوية وعددها عشرة ولم يعد لدي سوى انتظار قائدي المجموعة الفدائية.
    في ذلك المساء شاهدت على التلفزيون صور حفل افتتاح الألعاب الأولمبية وعندا كنت أشاهد اشاهد استعراض بعثات الدول لم اكن أتخيل أننا سنحصل وبفعل المصادفة الغريبة على مساعدة فريق من الرياضيين الأمريكيين وامرأة شابة من البعثة الإسرائيلية.

    الاستطلاع النهائي لموقع العملية
    لم يكن يزعجنا احتمال ان يصدم الرأي العام العالمي بالعملية المدوية التي نستعد للقيام بها, كنا مستعدين لأي عمل من اجل منع تناسي مصير شعب وطنه محتل محروم من دولة له,زد على ذلك ان اللجنة الأولمبية قررت إبعاد فريق روديسيا فلماذا لا تبعد الفريق الإسرائيلي أيضا؟
    لهذا السبب لم أجد صعوبة في إقناع صديقة فلسطينية التي كنا نعرفها أنا وعائلتي في دمشق بمساعدتنا سألتها هل تتكلمين الألمانية؟
    قالت أتدبر أمري .وقد صارحتها ولم أخف عنها مهمتي ولا العوائق التي كنت أواجهها في استطلاعي النهائي فقلت لها: بما انك تتكلمين الألمانية فقد تتمكنين من إقناع أحد الحراس على أحد مدخلي القرية بان يتركنا نمر أنا وأنت ,وأضفت ان هذا اكثر فاعلية مما حاولت القيام به أمس انا واثنين من مسئولي المجموعة الفدائية.
    في الواقع حاولنا ان ندخل القرية ولكن محاولتنا باءت بالفشل الذريع حيث لم يكن المكان مفتوحا لكل من أراد الدخول ولم يكونوا يسمحون بالدخول إلا للرسميين أو الرياضيين أو أحد الصحفيين المعتمدين.
    وقد اكتفينا بالسير على طول الطريق التي تحد القرية وما شاهدناه لم يكن دون المنفعة لم يكن هناك إجراءات أمنية مشددة لا أسلاك شائكة ولا حراس هنا او هناك ولا دوريات مع كلاب شرطة مثلا عند هبوط الليل ,باستثناء بعض الأمن الشبان الذين ينتقلون بشكل منتظم بواسطة الدراجات باختصار لم يكن هناك ما يشبه الموقع المحصن.
    ولكن على الرغم من ذلك كان لا بد لنا من استكمال استطلاعنا داخل القرية ,فليس لدينا أدني فكرة عما سنقوم به بغية احتلال الجناح الذي يشغله الإسرائيليون على خريطة للمكان اقتطعتها من إحدى الجرائد كان يبدو موقع البناء بشكل واضح لكن المشكلة هي ان الجناح الذي يحمل رقم 31 كان مسكونا من الاوروغوانيين ومن بعثة هونغ كونغ أيضا ودون الإمعان في التفاصيل كيف نتجنب ان يخطئ الفدائيون الشقق؟
    ذهبت انا وسهام الى القرية من مدخل جانبي ووفق سيناريو وضعناه سويا بعدما رأينا قبل بضع دقائق رياضيين برازيليين يعودون الى شققهم سالت سهام أحد الحراس:
    صديقي برازيلي يعتقد انه تعرف على أحد رفاق مدرسته القدامى في الفريق الذي دخل لتوه هل يمكنك ان تدعنا ان ندخل لخمس دقائق, عشر دقائق على ابعد حد.
    بعد تردد قليل وافق الحارس على الدخول ليس لأكثر من عشر دقائق,وإمعانا منا في الخداع أخذنا نحن الاثنين نجري بأقصى سرعة كي نوهمه أننا نحاول اللحاق بالبرازيليين ثم اختلطنا بجموع الرياضيين وأسرعنا في الاختفاء من الحراس.
    سرنا بجانب الطريق المقابلة للمبنى 31 حيث توقفنا قليلا لنراقب المبنى الذي يشغله الإسرائيليون , المبنى متواضع, طويل مؤلف من طابقين أما الباب الزجاجي على طرف المبنى فكان يعطي انطباع انه المدخل الرئيسي غير أننا لم نستطع ان نحدد مكان إقامة الإسرائيليين من بقية الفرق التي تقيم في الجناح نفسه.
    عندها قلت لسهام:تعالي لنذهب ونتحقق إذا كان المبنى الذي يشغله السعوديون والسودانيون يشبه هذا.
    استعنت بالخريطة لأتبين ان هذا المبني على بعد مائة وخمسين مترا وقد صح ظني تماما فالهندسة هي عمليا مثل هندسة مكان إقامة الإسرائيليين.
    استطعنا ان ندخل الى المبنى بعد ان ادعينا أننا لاتينيون نريد رؤية مسجد واستغليت دخولي للتفرس في المكان والتعرف عليه لابد ان مساكن الإسرائيليين بالشكل نفسه.
    دامت زيارتنا عشرين دقيقة واعتذرنا للحارس الذي سمح لنا بالدخول.
    في اليوم التالي عدت الى القرية مع مسئولي المجموعة الفدائية والهدف هذه المرة معاينة المبنى حيث يقيم الإسرائيليون, لم يبد لي من السهل احتلال كامل الشقق (6 شقق) دفعة واحدة وبثمانية رجال فقط كان يجب التحقق من هذه النقطة, دخلنا القرية بسهولة فالحارس قد تذكرني وبعد القليل من الكلام سمح لي بالدخول.
    وقد بدأت الأمور تسير على أفضل ما يمكن, وهذا لم يكن شيئا بالنسبة لما كان ينتظرنا فما ان وصلنا الى المبنى 31 حتى رأيت فجأة امرأة سمراء تخرج من الباب الزجاجي الكبير ومن مظهرها عرفت أنها إحدى المرافقات فذهبت لملاقاتها وقلت لها:أنا بحلم بزيارة إسرائيل انا برازيلي مثل صديقي اللذين يرافقاني نتمنى الحصول على كراسات دعائية عن بلدكم وأعلاما نأخذها معنا.
    قالت لنا :سأجدها لكم الحقوا بي, وعادت أدراجها الى الجناح الإسرائيلي ودخلنا القاعة وراءها حتى أنها رجتنا الدخول الى إحدى الشقق الأرضية, كان المبنى مثل المباني التي رايتها في المبنى السعودي أثاث فاقع الألوان ومطبخ بباب جرار وفسحة تستعمل كصالة طعام مع وجود فارق واحد هو درج لولبي داخلي وعند سؤالي عنه قالت إنها شقة دوبليكس أي شقة موزعة على طابقين وقد استطعنا ان نجعلها ترينا مكان مبيت الرياضيين وكان كل رياضيين اثنين يناما في غرفة واحدة واستطعنا ان نرى الطابق العلوي من الشقة حيث يحتوي على غرفتان واحدة تطل على الطريق والأخرى على الحديقة.
    استغلينا غيابها لإحضار الأعلام لنلقي نظرة على القاعة ومخارجها فبالإضافة للسلم الذي يوصل للطابق العلوي كان هناك سلم يوصل للقبو ولكننا لم نجد في الطبقة الأرضية أي ممر او باب يوصل الى الشقق الأخرى.
    عادت المرأة ولم يبق أمامنا إلا أن نشكرها وكانت لا تشك إطلاقا أنها سهلت مهمتنا بشكل كبير.
    أصبحنا نعرف الآن أول أهداف مجموعة الفدائيين: السيطرة على تلك الشقة التي زرناها كانت الشقة معزولة بعض الشيء على طرف المبنى وتتحكم بأكبر عدد من المخارج وعند احتلال هذه الشقة واحتجاز ساكنيها يجمع فيها الفدائيون بقية الإسرائيليون الذين تم أسرهم في الشقق التي لا يمكن دخولها إلا من الخارج.
    مساء ذلك الخميس 31/8 كنت مع رفيقي ننتظر بفارغ الصبر وصول بقية الفدائيين من ليبيا.
    الخطة النهائية لتنفيذ العملية

    مساء يوم السبت 2/9 عشية وصول الرجال الستة أجريت نقاشا معمقا انا وتشي ومحمد مصالحة(13) حول مختلف جوانب المهمة التي تنتظرهما حتى تلك اللحظة لم يكونا يعرفا سوى الخطوط العريضة للعملية أي احتجاز اكبر عدد من الإسرائيليين في القرية بهدف مبادلتهم بمعتقلينا في إسرائيل , لكنني عملت على توضيح دور كل منهما و بحصولنا على البلاغات ولائحة المعتقلين حددت لهما هامش المناورة في المفاوضات التي سيقومان بها عند نجاح عملية الاحتجاز. وأضفت ان ابو اياد لم يختركما لقيادة الفدائيين لتنتقما من البعثة الإسرائيلية إذ يجب ان لا يقتل او يجرح أحد , العملية التي تنتظركما هي عملية سياسية وليست عسكرية تعليماتنا لكما هي ان تأسرا هؤلاء الإسرائيليون أحياء , من المهم جدا أيضا ان تظهرا للرأي العام بمظهر المحاربين الغير قساة المتمالكين أنفسهم تماما.
    أطلعتهما كذلك على البلاغين وورقتي الأسماء التي عليها اسم 236 معتقلا نريد إطلاق سراحهم حيث يجب ان تلحق القائمة بالبلاغ الأول, كما قلت لهما من اجل مصداقيتكما ومصداقية " أيلول اسود " يجب ان يفهم محاوروكما أنكما ستقتلون الأسرى في حال لم يتجاوبوا مع رغباتكم ولكن حتى بعد انتهاء المهلة الأولى في الساعة التاسعة صباحا والمهلة الثانية التي تستمر حتى الظهر ,نعطيكم الصلاحية في حال انقضت المهلة الأخيرة بان تؤجلوا تنفيذ تهديداتكم الى ابعد حد ممكن .
    إلا ان تشي ومحمد مصالحة لم يتوانيا عن لفت انتباهي الى المرحلة الدقيقة في بداية العملية إذ ان لحظة دخولهم المكان سيفاجئون بعض الرياضيين وهم نيام لكن الآخرين قد يكونون ساهرين او يستيقظون اثر ضجة كسر الباب الرئيسي الزجاجي الذي قد يكون مقفلا , وبين أعضاء البعثة مصارعون ورافعو أثقال إضافة انهم أصحاب خبرة في مغاوير الجيش لن يكون من السهل ضبطهم.
    اعترفت ان تلك اللحظات هي الأخطر في العملية :معكم الكلاشنيكوف كي توقفوا أسراكم عند حدهم إلا أنى أصر لا تفتحوا النار إلا إذا كنتم تعجزون عن أي شيء آخر.
    ثم وصلنا الى المفاوضات التي يجب ان يقوموا بها مع السلطات المحلية فاطلعتهما ان عليهما المطالبة بثلاث طائرات للسفر الطويل لحظة تسليم البلاغ الأول كي يغادروا البلاد هم وأسراهم بغض النظر عن نتيجة المفاوضات التي ستجريها ألمانيا مع إسرائيل. وقلت: لسنا من السذاجة ان نظن ان غولدا مائير سوف تستجيب لطلباتنا فورا لذا من الأفضل ان تختفوا عند أول فرصة انتم وأسراكم وترحلوا الى القاهرة حيث تسلموا أسراكم الى المصريين وهم يفاوضون مكانكم على شروط التبادل. فسال تشي :ثلاث طائرات هل هذا ضروري.
    فقلت:سؤال جيد يا تشي قررنا في السابق ان تكونوا عشرة لكن ابو اياد لم يجد متسعا لتعديل البلاغات تقيدوا بما تطلبه البلاغات وعند انتهاء المهلة الثانية يمكنكم التخفيف من مطالبكم وتكتفون بطائرتين لكنه من الضروري جدا ان تضعوا هذه الطائرات بتصرفكم ,ارفضوا أي اقتراح مغاير كالمال الوفير مقابل إطلاق سراح الأسرى او ضمان سلامتكما وسلامة بقية الفدائيين.
    وأخيرا رجوتهما عدم الأفصاح عن وجودي لبقية الفدائيين المتوقع وصولهم في اليوم التالي وعدم ذكر مناقستنا هذه أمامهم.وأنهيت الحديث قائلا:سنعيد البحث أيضا مساء الاثنين.
    على أنني قبل ان نفترق وزعت الأدوار بينهما في المرحلة اللاحقة من العملية,تشي مشهور بأنه محارب قديم عليه إذا ضبط الوضع العملياتي من الناحية التكتيكية, لكنني كنت أفضل الرفيق الآخر من أجل التفاوض مع السلطات المحلية لذلك عينت محمد مصالحة مسؤولا سياسيا عن المجموعة.
    لا بد ان أقول بضع كلمات عن هذا الرجل الذي مثل تشي سوف يقتل اثناء العملية فقد سبق ان لقيته في لبنان الربيع الماضي وهو أحد ضباط العاصفة الشباب وقد تدرب على يد أبوعلي إياد وقد وضع نفسه مثل تشي تحت تصرف أبو إياد .
    سوف يدهش القاريء:كان محمد يتكلم الألمانية وكنت اجهل هذا عندما كنا في ميونخ. كيف لي ان أعرف ذلك؟ خلال الثمانية الأيام التي قضيناها معا كنا نتناول وجبات الطعام سوية في المطاعم لم اسمعه يقول أي كلمة بالألمانية ولا حتى لنادل ما فهو لم يتكلم مع أي كان غيري أنا ويوسف.
    لكننا عندما كنا نتناقش بدا لي من الناحية السياسية اكثر نضجا من تشي إضافة أنه كان رجلا هادئا بعكس يوسف الذي كان مقاتلا باسلا لكنه زلق اللسان أكثر ما يجب بالنسبة إلي وقد يثور غضبه أحيانا .
    البـدء بتنفيـذ العملية

    صباح 4/9 أعطيت الإشارة للاستعداد فاتصلت باكرا بتشي ومحمد في فندقهما أعلمتهما قائلا :نلتقي في المحطة بعد الظهر , وكنت قد اشتريت قبل يومين ثماني حقائب رياضية وبذلات تدريب كما اشتريت الكثير من الجوارب ليستعملوها كغطاء للرأس وعدة امتار من الحبال وسكاكين وأمواس حلاقة وعدة للإسعافات الأولية ومؤنه من المعلبات الغذائية تكفيهم ليومين أو ثلاثة تقريبا ,
    والتقيت لاحقا قائدي المجموعة في المحطة وهما كانا قد ذهبا لتناول الغداء مع الرجال الذين وصلوا مساء أمس وأعادوهم بعدها إلى فنادقهم ,توجهنا نحن الثلاثة لأخذ حقائب الأسلحة المخبأة في خزانات الودائع ثم أخذناها إلى فندقي المعتاد "ادن والف" وقمنا بتوضيب الأسلحة في الحقائب الرياضية كل رشاش لكل حقيبة مع مخازن الرصاص وقنبلة او قنبلتين كما أضفنا السندويشات التي قمت بتحضيرها وبقية المؤونة التي اشتريتها في الصباح ومن ثم قمنا بتوزيع الحقائب على الفدائيين كل ثلاثة فدائيين في فندق منفصل عن بقية الفدائيين وبعد ان انتهينا حددت لهما موعدا الساعة التاسعة مساء للحضور مع الرفاق الستة يدفعون ايجار غرفهم ويتأكدون من عدم تركهم فيها أي شيء يثير الشبهات.
    وفي الوقت المحدد حضر أفراد المجموعة وكانوا جميعهم قد لبسوا البذلات الملونة التي اشتريتها, فذهبنا مباشرة إلى مطعم المحطة الذي يبقى فاتحا أبوابه طوال الليل.
    بإستثناء القائدين لم أكن أعرف أحدا من هؤلاء الفدائيين القادمين جميعهم من مخيمات لاجئينا في لبنان,لكنني لم أكن متأكدا من أحدا منهم لم يرني من قبل أثناء ترأسي "الشعبة 48" أو على رأس ميليشياتنا في لبنان,على أي حال قدمني تشي بأنني برازيلي أساعد الثورة الفلسطينية وحرصت بالتالي ألا أتكلم العربية.
    وكما تفرض القاعدة في هذا النوع من العمليات كان هؤلاء الشبان الذين تلقوا تدريبا مكثفا في ليبيا يجهلون كل شيء عن حقيقة المهمة التي تنتظرهم لذا كان العرض الذي قام به قائدهما لهذه المهمة أثناء الأكل طويلا جدا من جهتي تدخلت قليلا مكتفيا بالتحقق عن استيعابهم الكامل للأمور التي تناقشنا فيها أول أمس.
    لكنني في النهاية تكلمت موضحا بعض النقاط الأولى وقد شددت عليها قبل يومين: التعليمات تقضي ليس بقتل الأعداء بل بأخذ اسرى وبعمل كل ما يمكنهم لإبقاء الأسرى على قيد الحياة.
    كذلك شددت على اعلامهم بأنه على الارجح قد لا يتمكنون من الحصول على إطلاق جميع المعتقلين وقلت لهم ليس العدد هو المهم, المهم أن تقبل إسرائيل بمبدأ المبادلة كما حذرتهم من بعض الافخاخ التي قد تنصب لهم: لاتدعونهم يخدعونكم بالاعتبارات الانسانية ولا تقبلوا بأي وساطة للصليب الأحمر وتابعت قائلا على أنكم لا تستطيعون رفض طلب الألمان للتحقق من وضع أسراكم لكن بإستثناء هذه الحالة التي يجب ألا تكرر وبشرط ان يقوم بها مسؤول رفيع المستوى لن تسمحوا لاحد اطلاقا بالدخول إلى الشقة التي تسيطرون عليها.
    انهيت حديثي بلفت إنتباههم إلى وسائل النقل الي ستعرض عليهم لتقلهم إلى الطائرات التي ستوضع في تصرفهم كي يغادروا البلاد:إذا قدموا لكم باصات يستغرق وصولكم الى مطار ميونخ اربعين دقيقة اما اذا قدموا مروحيات فلن يلزمكم سوى مابين خمس إلى عشر دقائق فإذا كانت أوقات الإنتقال أطول مما أشرت اليكم فهذا يعني انهم يأخذوكم الى مكان آخر ان فخا ينصب لكم.
    كانت الساعة الثانية والنصف صباحا عندما تركنا المطعم وطلبت من الجميع إعطائي جوازات سفرهم,وألا يبقوا معهم أي شيء يدل من أين أتوا, صعدنا في تاكسيات وإتجهنا الى القرية التي نزلنا على مسافة من المدخل الغربي كنا نريد التأكد ان كل شيء يبدو طبيعيا في المكان حيث كان علي ان أقوم بدور الارتكاز كي يعبر الجميع السياج المعدني الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية.
    الأسبوع المنصرم أتيت انا وقائدي الفدائيين عدة مرات لاستكشاف المكان وهو على مقربة من المدخل الغربي الذي لا يبقى مفتوحا في العادة إلا حتى منتصف الليل.
    وعندما حضرت نفسي لأساعد الرجال في العبور رأينا على بعد عشرات الأمتار منا مجموعة من الناس تخرج من المبنى ثم آخرون يغنون ويقهقهون , وصرخ تشي:أمريكيون.
    فأسالته:هل أنت متأكد؟قال :بالطبع مع هذه النبرة واللهجة المماثلة لا يمكن أن أخطي.
    هاهم يصلون الى مدخل القرية والأبواب مقفلة بعض منهم بدأوا يحاولون تسلق السياج المشبك,كان هؤلاء من الرياضيين العائدين الى شققهم.
    قلت لتشي:بسرعة لنلحق بهم ! اخبر الجميع إلا أنني شعرت انه متردد فالسياج عند المدخل أعلى مما حيث كنا.
    فاستدركت قائلا:إسمع هذه فرصة ذهبية مع كل الضجة التي يحدثونها من الأفضل ان نندس بين هؤلاء الرياضيين
    وفي حال وجود من يراقبنا لن يلاحظنا أحد.

    الجزء الثالث



    لم نختلط بمجموعة الأمريكيين فحسب بل ساعدناهم أيضا في تسلق شباك المدخل, فشكرونا ظانين أننا فريق من الرياضيين,هكذا قمت أنا واثنين من الفدائيين برفع بعض منهم إلى فوق على أيدينا وأكتافنا والجميع يتابع الضحك والغناء وعند بلوغهم أعلى السياج لم يترددوا في مد يد العون إلى رجالنا وكانوا يصرخون:يا هذا اعطني حقيبتك!
    وتشي الذي كان يفهم بالإشارة يجيبهم :أوكي ,أوكي ….
    كان المنظر خياليا ان ترى هؤلاء الأمريكيين -الذين بالطبع لا يشكون إطلاقا في انهم يساعدون مجموعة من فدائيي "أيلول اسود" الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية – يمدون أيديهم يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة ويضعونها على الجهة الأخرى من السياج.
    كانت الساعة قد قاربت الرابعة صباحا, وكنت أميز رجالنا بصعوبة في ظلام الليل لكنني استدللت عليهم بصيحات الأمريكيين , ورأيت فدائيينا ينفصلون عنهم شيئا فشيئا ويتجهون بشكل مفاجئ نحو اليمين.
    قلت في نفسي جيد بعد بضع دقائق يبدأون أما انا فابتعدت بسرعة.
    عدت الى فندق متروبول في الرابعة والنصف حيث لم أتمكن من النوم كنت من وقت لآخر أدير الراديو أحاول ان استمع الى نشرات الأخبار ولكن لم يكن هناك سوى الموسيقى قضيت هكذا ساعة ثم ساعتين وفي أخبار الساعة السابعة لم يكن هناك من أخبار عن عمليتنا, هل يمكن ان يكون فدائيونا قد فشلوا ؟
    كنت قد اتفقت مع تشي ومحمد مصالحة على أنني في جميع الحالات سأذهب باكرا في بين الساعة الثامنة والتاسعة الى محطة الباصات مع جوازات سفر الجميع حتى إذا فشلت العملية وتمكنوا من الخروج من القرية ينتظرونني هناك فأحاول عندها إخراجهم من البلاد.
    إلا انه في أخبار الساعة الثامنة ورد الخبر:خمسة رجال مسلحين – من الفلسطينيين كما حدد الخبر – اقتحموا قبل الفجر بقليل شقق البعثة الأولمبية الإسرائيلية وقد قتل إسرائيلي واحتجز ثلاثة عشر آخرون وقد هدد الفدائيون في بلاغ إلى السلطات الألمانية بقتل الرهائن إذا لم يفرج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل وعن أشخاص آخرين. قلت في نفسي:لقد قضي الأمر, عملية "أكرت وكفار برعم" قد انطلقت.
    بعد سماعي مقتطفات الأخبار هذه,أثارت حيرتي ثلاثة عناصر فيها أولا بدا لي أن عدد الإسرائيليين المحتجزين قليلا:ثلاثة عشر وهو اقل من نصف ما كنت أتوقعه, ثم هناك الرجل الذي قتل:لماذا ؟وفي أي ظروف. أخيرا جرى الكلام عن مجموعة من خمسة فلسطينيين وليس ثمانية هل أخطأت الشرطة الالمانية في تقديراتها؟أم وجد ثلاثة من رجالنا في حمى المعركة مفصولين عن بقية الفدائيين؟ أسرعت إلى المحطة لعل الرفاق الثلاثة ينتظرونني هناك إلا أنني لم أرى أحدا وفكرت قائلا: لابد ان الرجال معا والشرطة تجهل قوة مجموعتنا الحقيقية.
    كانت الساعة تجاوزت التاسعة لم أكن أشك ان الفدائيين قد اعطوا المهلة الاضافية النتفق عليهاحتى الظهر.
    عند أخبار الساعة العاشرة استمعت إلى أل"بي بي سي" يبدو ان الأمور كانت تحدث وفق السيناريو الذي تخيلناه فقد مددت المهلة المحددة إلى الظهر وقامت بعثة مؤلفة من وزراء بافاريين ومصري من أعضاء اللجنة الأولمبية وألتقوا أحد مسؤولي الفدائيين وكان الأخير على اتصال دائم مع السلطات الألمانية عبر شرطية مترجمة.
    إلا أن عدد الأسرى لم يكن سوى عشرة إذ تمكن اثنان من الفرار وليس ثلاثة عشر كما أذيع في السابق.
    من جهة أخرى تأكدت وفاة أحد الإسرائيليين وأعطت الإذاعات اسمه عند الساعة الحادية عشرة موشيه وابنبرغ مدرب فريق المصارعة,كنت مقتنعا بأنه لم يقتل عمدا فهو من هؤلاء الرياضيين الذين حتى مجردين من السلاح يستطيعون عرقلة الفدائيين .
    كنت لا أزال في شارع المحطة جالسا في أحد المقاهي حيث يوجد تلفزيون وشاهدت ما كانت تبثه المحطات الألمانية كانت تبث وتكرر صور المبنى 31 ومحيطه هكذا رأيت رياضيين مزيفين ممدين على سطوح المباني المجاورة أو متنقلين من شرفة لأخرى ببذلات التدريب يحملون بنادق بنظارات مقربة:انهم قناصة الشرطة الألمانية ,كذلك كانت تبث صورا مؤثرة تظهر محمد مصالحة عرفته من قبعة الشاطئ وبذلته السافاري وهو يتكلم مع الشرطية المترجمة أمام مدخل المبنى 31 لاحظت في هذا الشأن ان رجالنا لم يحتاجوا الى كسر باب المدخل الزجاجي لأنه لم يقفل بالمفتاح في الليلة السابقة وقد أجرى أحد الصحافيين حديث مع أحد الإسرائيليين الذين تمكنوا من الفرار من فدائيينا وكان يمني الأصل :لحظة نجاحه في الهرب من بين مجموعة من الأسرى – كلهم رافعي الأثقال أو المصارعين – أثناء قيام رجالنا بنقلهم إلى الشقة عند زاوية المبنى كان موشيه واينبرغ(14) بينهم .بحسب شهادة هذا الإسرائيلي تأكدت انه لا بد ان يكون حصل بعد ذلك حادث خطير بشكل كاف ليجبر فدائيينا لقتل ذلك الأسير.
    في هذا الوقت انتهت المهلة الثانية المحددة ظهرا وكانت التقارير التلفزيونية تقول أن محمد الخطيب وهو مصري مدير مكتب الجامعة العربية في بون نقل عرضا إلى الفدائيين بفدية غير محددة ومبادلة الرهائن بشخصيات ألمانية رفيعة المستوى تحل محلهم ولم أتفاجأ حين علمت ان رجالنا قد رفضوا العرض وأشير أيضا ان مجلس الوزراء الإسرائيلي عقد اجتماعا في الصباح ولكن غولدا مائير لم تأت على أي ذكر لإطلاق سراح محتمل للمعتقلين , الوضع كان متأزما ومع هذا أعطى الفدائيون مهلة أخيرة لساعة باديء الأمر ثم حتى الساعة الثالثة بعد الظهر.
    قررت عند هذا الذهاب الى الحديقة الأولمبية وكانت الألعاب مستمرة كأن شيئا لم يكن وفي المقابل كانت القرية الأولمبية ومحيطها تحت الحصار وفي أقرب نقطة من المدخل الغربي حيث تم إدخال الفدائيين كان الصحافيون يتسلقون أي شيء بغية تسليط عدساتهم على مؤخر المبنى 31 وتجمعن ايضا جمهرة من المتسكعين على ربوة يمكن منها رؤية المبنى فاندسست بين هؤلاء.
    لم تكن الطوافات تكف عن الدوران لكن الجو كان بعيدا عن التوتر وأعلنت الإذاعات أن طعاما أوصل للرهائن وأن المهلة النهائية مددت للساعة الخامسة.
    كان هناك انطباع بان تسوية قد تحصل بين السلطات الألمانية والفدائيين على الرغم أننا نسمع من الراديو رفض الحكومة الإسرائيلية رفضا قاطعا الموافقة على أي إطلاق للمعتقلين الا ان هذا الانطباع انعكس فجأة منتصف بعد الظهر إذ تأكد مقتل ضحية ثانية من بين الإسرائيليين المحتجزين واسمه جوزيف رومانو(15) رافع أثقال ,كنا نقترب من المهلة النهائية التي حددها رجالنا , رأيت عند الساعة الرابعة والنصف المصفحات المزودة بالرشاشات تدخل القرية وبعد نحو خمس عشرة دقيقة حصلت حركات سريعة جامحة لرجال شرطة يلبسون السترات الواقية ومن بين الكثيرين المتجمعين حول القرية راجت فكرة بأننا لم نعد سوى على بعد دقائق من خاتمة مأسوية,وإذ تخطى الوقت الساعة الخامسة لم تسمع أي طلقة وأعلنت النشرات الإذاعية ان وزير الداخلية هانس غينشر كان يتفاوض مع الفدائيين وانه تمكن من محادثة ورؤية الرهائن ,في الخامسة والنصف خفت حدة الإجراءات الأمنية واخذ بعض المروحيات يحط بالقرب من القرية وبعد نصف ساعة بدأوا للوهلة الأولى بذكر التحضيرات لرحيل الفدائيين مع رهائنهم على متن طائرة من شركة لوفتها نزا.
    في هذا الوقت أعلن عن تأجيل مباراة ألمانيا الاتحادية مع المجر بكرة القدم الى الغد وقد استطعت من حيث اقف مشاهدة عشرات ألوف من المتفرجين وهي تتجه بصمت إلى محطة المترو كان مشهدا مؤثرا وفي القرية انخفض التوتر فقررت عندها التوجه والعودة الى المدينة إذ كان يجب ان احجز على إحدى رحلات اليوم التالي الى تونس عبر روما قبل ان تقفل مكاتب الطيران.
    فور عودتي الى الفندق طلبت من البواب تحضير الحساب لأنني انوي السفر في الصباح وقرب مكتب الاستقبال كان بعض الزبائن يشاهدون التلفزيون فبقيت برفقتهم لبعض الوقت .
    في اخبار التاسعة مساء:لقد قدم الطعام مجددا بعد الثامنة بقليل إلى المحتجزين مع رجالنا.
    من الفندق تمكنت من مشاهدة التلفزيون ,بحسب ما كانت تعرضه المحطات الألمانية كانت التحضيرات من اجل رحيل رجالنا مع رهائنهم تسير على قدم وساق المخططات تظهر المروحيات التي ستنقلهم الى المطار و الباص الذي سينقلهم أولا الى المروحيات وبعض الكاميرات مسلطة على مدخل المبنى 31 وواجهته التي تنيرها اضواء الشرطة الكاشفة وفي إحدى اللحظات رأينا حتى الرهائن التسعة يظهرون على احدى النوافذ ثم يتقدمون الى إحدى الشرفات كانت أيديهم موثقة خلف ظهورهم .
    عندما رأيت كل تلك الصور, لم أكن تخيل أبدا ان السلطات الألمانية كانت تتظاهر بلعب ورقة الإقلاع الى مصر بغية تحضير افضل للفخ الذي كانت تنصبه لرجالنا لكن عندما يرى رجال الشرطة الأسرى يخرجون من المبنى وهم مقيدون الواحد تلو الآخر ورفاقنا الثمانية وليس الخمسة كما تعتقد الشرطة ملتصقين بهم مشكلين مجموعة متراصة لم يكن عندي شك انهم سيستنتجون انه بات مستحيل الإيقاع بهم إلا إذا أرادوا قتل الجميع, صعدت الى غرفتي وعدت الى الاستماع لمحطات الإذاعة ولم تكن الساعة قد تجاوزت العاشرة مساء عندما غالبني النعاس إلا أنني بقيت مستيقظا وسمعت نشرة العاشرة تقول أن الفدائيين وأسراهم صعدوا في الباص لكنني لم اسمع الملحق بعد نصف ساعة ينبئ بمغادرتهم القرية على متن المروحيتين ولا ملحقات الساعة الحادية عشرة وما بعدها والتي ذكرت أولى الإشتباكات في مطار فورشتنفلد العسكري حيث كان سيقلع رجالنا وأسراهم بإتجاه القاهرة.
    النهايــة المأساويــة
    كانت الساعة الخامسة أو السادسة صباحا عندما استيقظت مذعورا لا اذكر لأي إذاعة كنت استمع لكنهم كانوا يتكلمون والكلام مرعب:كل الرهائن قتلوا كذلك خمسة من رجالنا الثمانية إضافة الى شرطي وقائد مروحية ألمانيين
    وهذا مخالف للاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل بضع ساعات و تداولته كل الإذاعات فقد كان هناك فخ منصوب في مطار فورستنفلد بروك.
    وقد أذاعوا التفاصيل: ما ان هبطت المروحيتان حتى بدا إطلاق النار استمرت المعركة ثلاث ساعات ليس هناك أدنى شك حول من كان المبادر الى فتح النار قناصة الجيش الألماني كما اعترف الدكتور برونو ميرك وزير داخلية مقاطعة بافاريا دون مواربة عندما استصرحه الصحافيون في الصباح الباكر.
    وذكى كلامه نظيره في الحكومة الاتحادية هانز غينشر قائلا:لم يكن أمامنا خيار آخر" في النهاية ولسوء حظ الرهائن التسعة ورفاقنا الخمسة أذعنت السلطات الألمانية لأوامر غولدا مائير.
    لكنه لم يكن لدي وقت للاستماع الى المزيد علي مغادرة الفندق بأسرع وقت ممكن كنت اجهل هوية الناجين الثلاثة من فدائيينا الذين أصيبوا بجراح فإذا كان بينهم تشي ومحمد مصالحة ونجحت الشرطة الألمانية في إجبارهم على الكلام بعد تعذيبهم بشتى الطرق كنت أخشى أن يأتوا ويلقوا القبض علي في أي لحظة.
    بعد ساعة كنت في مطار ميونخ-رايم لكنني كنت خائفا إذ احمل في حقيبتي جوازات سفر الفدائيين الثمانية وان يتم تفتيشي حسب الأصول, فهناك الكثير من رجال الشرطة في المطار وتخليت كل الاحتمالات كنت أخشى لحظة تدقيق جواز سفري إذ ان عليه الإسم الذي نزلت به بالفندق في الغرفة 330 سعد الدين والي لكن لم تحدث أي عرقلة عندما وصلت اللحظة المقدرة إلا أنني عندما تخطيت هذا العائق وكنت أنتظر في غرفة المسافرين لم أحاول الاستماع للراديو حتى لا الفت أي انتباه في المطار ماهو شعوري أخيرا عندما صعدت إلى الطائرة؟.
    كنت حانقا لخبث الألمان كانوا قد أعطوا كلمتهم ثم نكثوا بها تلك المجزرة على مطار فورشتنفلد بروك ليست ما كنا نريد والبرهان الوافي على ذلك موقف رجالنا الذين كانوا دائما يؤجلون موعد انتهاء المهلة التحذيرية إلى وقت لاحق بهدف المحافظة على حياة رهائنهم .
    لكنني في الوقت نفسه كنت اشعر بالاعتزاز فحتى الآن وعلى الرغم من بسالة الفدائيين وروح التضحية عندهم-وهذا ما أظهرته معركة الكرامة ولكن من يتذكرها؟- لم يكن أحد يعترف للفلسطينيين بشجاعتهم في القتال فقد كان فدائيونا صلبين.
    مـا بعد ميونـخ
    في ذلك الصباح 6 أيلول كنت لا أزال أجهل في الحقيقة إن كان رجالنا أم الألمان هم الذين قتلوا الرهائن لكنني كنت معتزا أيضا لتحققي من ان الحكومة الألمانية لم تنجح في قتل الفدائيين دون أن تتسبب في مقتل الرياضيين الإسرائيليين لربما اعتقدوا انه يكفي أن يقتلوا بعض العرب كي يستسلم الباقون دون قتال(16) .
    لقد أنشأ الإسرائيليون دولة بكل الوسائل نظيفة أو غيرها وقد تعلمنا منه الدرس فلماذا يغضب العالم منا.
    بعد عشرين سنة من الوقائع افترضت صحيفة جيروزالم بوست في عددها 16 تموز 1992 ان من الممكن ألا يكون الرهائن قد سقطوا على أيدي رجالنا فقط على مدرج المطار وقد استغربت الصحيفة كيف أن الألمان لم ينشروا أبدا نتائج تشريح الإسرائيليين ولا الكشوف الباليستية التي تحدد مصدر الطلقات التي قتلتهم كما ان الحكومة الإسرائيلية لم تحصل ولم تطلب اطلاعها على هذه الوثائق بالرغم من طلبات الضحايا المتكررة حتى لكأن السلطات الألمانية والإسرائيلية لم ترغب في كشف الحقيقة كاملة.
    من جهتنا اكتفينا بترك الكثير من الغموض يكتنفها وعلي الاعتراف باننا لم نحاول على مدى عشرين عاما تقديم كل الإيضاحات ولا أن نطلع العالم على ما حدث فعلا لا بل أننا أضفنا إليها أخبارا مضللة وقد تضافرت أسباب كثيرة أولها أننا رأينا غداة العملية وفي الأشهر التي تلت أن لا شيء يجب أن يشوه في نظر مواطنينا السمعة التي حققها فريقنا بفضل عمليتنا في ميونخ في ما يتعلق بشجاعته وعدائه الشرس لإسرائيل وحلفائها.

    نجاح العملية في تحقيق أهدافها
    بعد قليل من وصولي إلى تونس استقبلني ابو اياد الذي قال لي:برافو !صحيح أننا لم نستطع تحرير بعض رفاقنا السجناء غير أننا حققنا جميع أهدافنا الأخرى واكثر حتى !
    ثم راح يعدد ما حققناه قائلا انهم كانوا يحاولون إقصاءنا عن هذا التجمع الدولي ولكننا فرضنا وجودنا وبفضل ما وفرته هذه الألعاب من صدى سمع الرأي العام العالمي بالقضية الفلسطينية ومن النتائج التي لا تقل شانا أن ضربتنا قد شوهت الصورة المكونة في العالم العربي عن مناعة الإسرائيليين لكأننا نحقق نصرا آخر شبيها بمعركة الكرامة.
    وزاد ابو اياد معلنا:ليس هناك سوى هتافات الفرح في كل مخيمات اللاجئين من لبنان إلى سوريا إلى غزة.
    عدت مع ابو اياد إلى ليبيا وروى تفاصيل ما حدث فقد كان مطلعا اكثر مني بعدما استمع إلى كل الإذاعات أطلعني أولا على الظروف التي أشعلت إطلاق النار موضحا انه ما أن حطت طارتا الهيلوكبتر في مطار فورشتنفلد بروك حتى ذهب تشي ومحمد لتفتيش طائرة اللوفتهانزا ولحظة رجوعهما باتجاه طائرتي الهليكوبتر فتح الألمان نيراهم من مباني المطار فسقط الاثنان فورا إضافة إلى واحد أو اثنين من الرفاق الذين نزلوا من الطائرتين محاولين منع الطيارين ومساعديهما من التدخل.
    تحسرت عندما علمت أن رفيقي كانا من أوائل الذين أصيبوا لكن هذا لم يمنعني من الاعتراف بأنهما لم يكونا على جانب كبير من الحذر عندما إبتعدا عن الآخرين ما كان الألمان ليتجرأوا على إطلاق النار لو أن رجالنا انتقلوا جميعا إلى الطائرة مصطحبين الرهائن.
    وتابع ابو اياد: ثلاثة من جماعتنا مرميين أرضا قتلى أو ربما جرحى أما الآخرون الذين كانوا يحتمون تحت الهليكوبتر أو في داخلها مع الرهائن كان باستطاعتهم ان يتفرقوا ويرموا أسلحتهم مستسلمين. لكن لا!فبعدما سقط رفاقهم في الهجوم تصرفوا كما يجب وردوا منتقمين وهم يعلمون انهم في هذا الظرف بالذات يقومون بعمل انتحاري وعندما تدخلت المدرعات الألمانية بدورها قرر رجالنا أن يقتلوا الرهائن, ولكي لا نبقى محتقرين ذهبوا في الأمر حتى النهاية كل هؤلاء الرجال أبطال.
    كنت أستعيد ما سبق أن قاله أبو اياد عن هتافات الفرح في كل المخيمات بالنسبة لمواطنينا اتخذت العملية طابع النصر الكبير وخصوصا أن إشاعات ذكرت أن مسؤولين كبار في أجهزة الأمن الإسرائيلية قد أرسلوا على جناح السرعة وساعدوا الألمان في المواجهة النهائية,ولكن سواء كان الخبر صحيحا أم كاذبا حول الكمين وبنوع خاص بسبب تصلب غولدا مائير فإن مواطنينا ما كانوا أبدا ليسامحوا رجالنا الذين نجوا من الرشقات الأولى لو انهم لم ينـتقموا من الرهائن ,انه السبب الحقيقي الذي جعلنا نغطي الروايات التي روجت أن رجالنا هم الذين قتلوا الإسرائيليين فوق مدرج المطار فورشتنفيلد بروك.
    وقد سلمنا نصا الى وكالة وفا يعرض تفاصيل جديدة من "مصادر خاصة" تؤكد أن "رجالنا فجروا قنابلهم داخل طائرتي الهليكوبتر مما أدى الى استشهادهم والى موت الرهائن وبعض الطيارين"وقد تمسكنا بتلك الرواية الى درجة أننا نسينا أن طائرة هليكوبتر واحدة فقط احترقت في الحقيقة.
    وليس هذا كل شيء فعندما أخبرنا بعد ذلك أحد الناجين الثلاثة أن الرهائن في الهيلوكبتر التي كان منبطحا تحتها قد قضوا برصاص الألمان حرصنا, جيدا على عدم إعلان ذلك.
    وحتى عام 1978 استمر أبو إياد عندما نشر مذكراته متمسكا بتلك الرواية التي ساهمنا جميعا في نشرها.
    أخذ الألمان يشيعون جملة من الأنباء حول التواطؤ الذي أفاد منه الفدائيين في المكان وعلى ذمتهم فان بعض رجالنا توصلوا إلى تدبير أعمال في القرية الأولمبية فعمل أحدهم طاهيا في المطعم وآخر كمهندس .. الخ .
    بعد ذلك فهمنا لماذا أصر المسؤولون الألمان على هذه الأنباء فبعدما تكاثرت عليهم الانتقادات الموجهة إليهم حول الخفة في تامين حماية ضيوفهم خلال الألعاب كان عليهم أن يوضحوا انهم وان اتخذوا إجراءات خاصة فان ذلك ما كان ليغير شيئا اذ ان مجموعة أيلول اسود كانت قد زرعت رجالها في المكان.
    ومن سخرية الحكاية ان ابو اياد قد سعى لتأكيد الإيحاءات الألمانية لكي لا يسعى أحد إلى التفتيش مرة أخرى.

    ردة الفعـل الإسرائيلية
    لم يتأخر الرد الإسرائيلي الانتقامي فبعد ثمان واربعين ساعة قصف الطيران الإسرائيلي العشرات من القواعد ومخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان وقد سقط نتيجة الغارة اكثر من مئتي قتيل غالبيتهم من المدنيين إلا أن القاذفات لم تستهدف في أي لحظة القاعدة الواقعة شمال صيدا حيث تم إعداد متطوعي مجموعتنا وهذا يؤكد أن أعدائنا كانوا يجهلون كل شيء عنا.
    ويروى أيضا أن غولدا مائير وانتقاما لعملية ميونخ قد أعطت الضوء الأخضر لتصفية القادة والمسؤولين الفلسطينيين الذين يمكن أن يكونوا قد ساهموا فيها من بعيد أو قريب بحسب تعليمات أجهزة الموساد.
    لا اعتقد أن هذا الأمر يتعلق فقط بالانتقام لميونيخ فقد كانت مجموعتنا تضرب من جديد حيث كان طموحنا توجيه الضربات إلى الأجهزة السرية الإسرائيلية العاملة في أوروبا حيث في نفس الأسبوع لعملية ميونخ في 10/9 أطلق النار على ضابط موساد إسرائيلي في بروكسل وقد تبنت مجموعتنا "أيلول الأسود" العملية.وقد برهنت هذه العملية بتوقيتها بعد عملية ميونخ أن الفلسطينيين باتوا يعرفون كيف يعملون في الخفاء وكيف ينشئون الشبكات وينظمون العمليات الهادفة.وقد برهن على ذلك سلسلة العمليات التي نفذت بعد ذلك التاريخ.
    بنقلنا الصراع إلى أوروبا أوجدنا ارض معركة حيث أمكننا انتزاع المبادرة من الإسرائيليين وابعد من الرغبة في الانتقام لميونيخ اعتقد أن تزامن عملياتنا هذه مع الأعمال الانتقامية التي مورست ضد شعبنا هو أساس حملة الاغتيالات التي أطلقها قادة الدولة الصهيونية ضد من استطاعوا أن يصلوا من جماعتنا .
    وبرهاني على ذلك الأهداف التي حددت لفريق التصفية التابع للموساد فالضحية الأولى كان وائل زعيتر ممثلنا في إيطاليا اغتيل في 16/10 أما الضحية الثانية فكان محمود همشري ممثلنا في باريس في 8/11 اثر انفجار هاتفه وفي يناير قتل مندوبنا في قبرص حسين أبو الخير وفي هذه الأثناء تسببت رسالتان مفخختان في إصابة ممثلنا في الجزائر ابو خليل وفي ليبيا مصطفى عوض بجروح بالغة متسببة لهما في إعاقات دائمة وهم ليس لهم علاقة بعملية ميونخ.
    وبما انه كان على الموساد ان يبرر اغتيالاته هذه فهو اتهم هؤلاء الرجال بالتورط في عملية ميونخ بشكل أو آخر.

    الإفراج عن السجناء الثلاثة
    وللمفارقة, وفيما بدأت "حرب خفية" حقيقية بيننا وبين الإسرائيليين شرع الألمان بمحادثات سرية مع قادتنا ودافعهم في ذلك التفتيش عن وسيلة للتخلص من الفدائيين الثلاثة الناجين والمحتجزين لديهم وهم يعتمدون في ذلك علينا هذا ما سارع به كمال العدوان(17) إلى إخباري به بعدما تقرب منه الألمان.
    لم تكن مبادرة الألمان لتفاجئني فرفاقنا الثلاثة(18) كانوا سيخضعون للمحاكمة التي يمكن أن تبرز أخطاء الألمان إلى الواجهة, وقد صرح على لسان أيلول اسود أحد مسؤولي دائرة الإعلام في حركة فتح إلى مجلة كويك" انهم قادرون على التصرف في أي وقت والطائرات الألمانية تملا الجو" وهذا يعني بشكل واضح إذا لم تفرج ألمانيا في إطلاق الناجين الثلاثة فان أيلول اسود ستهاجم الطائرات الألمانية.
    لم تعجبني تلك التصريحات ولم تعجب ابو اياد ويبدو ان الألمان صدموا بالإنذار المنشور في كويك فعرضوا عن طريق كمال العدوان بعرض انهم مستعدون لان يدفعوا فورا تسعة ملايين دولار إضافة لمبلغ سنوي يمكن تحديده شرط ان تقبلوا العمل وفق سيناريو يقضي بتنفيذ عملية خطف مدبرة لإحدى طائراتهم فيسارعون لاطلاق السجناء.
    فقاطعت كمال العدوان قائلا:ماذا يعتبروننا؟ أنت تعرف ان خطف الطائرات هو ضد مبادئنا وحتى لو تظاهرنا بذلك فان كل أموالهم لا تكفي لتعويض الخسارة التي ستمنى بها صورتنا والقضية الفلسطينية, نحن لسنا قراصنة.
    وأضفت قائلا: نعرف كيف نحررهم في الوقت المناسب.
    أيدنى في رفضي للعرض الألماني أبو أياد حين أبلغته به, ولكن يبدو ان فلسطينيين آخرين دخلوا اللعبة التي عرضها الألمان, إذ في 29/10 علمت أن فدائيين خطفوا طائرة "بوينغ 727" تابعة لشركة لوفتهانزا وانه تمت الموافقة فورا على إطلاق السجناء الثلاثة.فمن كان هؤلاء الخاطفون؟
    علمت في النهاية من نظمها وقبض بعدها المال الذي وعد به الألمان فهو لم يكن سوى وديع حداد قائد العمليات الخاصة في الجبهة الشعبية وقد روى لي أبو عصام المسؤول البارز في الجبهة انه إزاء رفضنا التعاون معهم قرر الألمان وهم على عجلة من أمرهم ان يدقوا باب وديع حداد الذي قبل العرض وقبض المال من اجل تعويم خزينة الجبهة.

    ما بعـد ميونخ
    خلال شهر أكتوبر اضطررت للعودة إلى صوفيا كي استعيد المر سيدس التي تركتها في شهر آب مع الأسلحة الخاصة المخبأة فيها والتي قدمنا بها طلبا إلى شركة كينتكس ثم قدت السيارة وحمولتها الثمينة إلى مرفأ بورغاس على البحر الأسود وشحنت السيارة باتجاه لبنان وقام عاطف بسيسو بتسلمها من مرفأ بيروت.
    كانت هذه آخر زياراتي الى بلغاريا وأوروبا ذلك أننا تفاهمنا على أن أتفرغ أنا اكثر مستقبلا للنشاطات السرية لمجموعتنا في الشرق الأوسط فيما يستمر أبو أياد بالأشراف مباشرة على نشاطاتنا ضد الموساد في أوروبا وقد سجل في ذلك نجاحا فعليا عندما جرى اغتيال عميل إسرائيلي وسط مدريد في 26/1/1973 معروف باسم موشي حنان وقد نتج من قتل هذا العميل تصفية الشبكة الإسرائيلية في أسبانيا.
    وقد يتسائل القاريء بعد المرحلة التي بلغناها في بداية عام 1973 عن علاقة الأعمال التي ندعو اليها بعملية تحرير فلسطين,وفي هذا أسلم على غرار ما إعترف به أبو إياد أنها لا تمت لحروب التحرير التقليدية بصلة لكنها لم تصبح ضرورية الا بسبب الظروف الخاصة التي حكمت نضالنا, فقد شهد تراجعا مهما بعد طرد فدائيينا من الاردن وان جنوب لبنان لم يكن نظرا لقدراتنا العسكرية الساحة الفضلى لمحاربة الجيش الاسرائيلي, فخلال وجودي في بلغاريا شهر أكتوبر واستجابة لمطالب الحكومة اللبنانية المتكررة ألتزمت قيادة حركتنا الا تقوم وحداتنا مستقبلا بأية عملية ضد اسرائيل الا بعد موافقة مسبقة من بيروت حتى ان عرفات قرر أن يسحب بعض القوات من المناطق الحدودية لتنكفيء نحو الشمال أكثر ,ةقد نتجت من ذلك سلسلة من الصدامات في صفوف العاصفة,في هذه الأثناء تأخر وصول الاسلحة التي وعد بها السوفيات خلال الصيف.
    في هذه الأجواء رأينا ان لدينا دورا نؤديه كمجموعة تابعة للمقاومة فبمجرد ان نحرم حقنا البسيط او ان يحد هذا الدور في القدرة على القتال داخل وطننا لطرد الغاصبين منه ,كان من الطبيعي ان نثير العواصف حيثما استطعنا وذلك كي نذكر اعدائنا وجيراننا العرب والعالم بأننا مازلنا موجودون ولن نتخلى أبدا عن نضالنا.

    أسفرت أحداث أيلول وما تبعها في أحراش جرش وعجلون الى خروج قوات المنظمة نهائيا من الأردن مما اعتبر في نظر الكثيرين هزيمة قاسية.
    2- آرييل شارون رئيس الوزراء الحالي اشتهر بمجازره ضد الفلسطينيين خاصة مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا سنة 1982 ومخيم جنين سنة
    2002 كان قائد قطاع غزة في ذلك الوقت.
    3- كان يقدر عددهم ب300 ألف لاجيء موزعين على مخيمات على طول ساحل البحر وحول بيروت.
    4- ابو علي اياد عضو اللجنة المركزية قائد قوات العاصفة في لبنان ودرعا وقائد القواعد الفلسطينية في أحراش جرش وعجلون
    استشهد في تموز 1971 أثناء المواجهة النهائية بين الفدائيين والجيش الأردني.
    5- ابو اياد من مؤسسي فتح أسس جهاز الرصد استشهد عام 1991 في تونس.
    6- ابو مازن محمود عباس أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس الوزراء الحالي للسلطة الفلسطينية.
    7- أيلول اسود اسم وهمي استخدمته مجموعات في فتح لتغطية عملياتها الخارجية.
    8- عاطف بسيسو من مساعدي ابو اياد ترأس أجهزة الاستخبارات ومكافحة التجسس اغتالته إسرائيل سنة 1992.
    9- فخري العمري ابو محمد مساعد ابو اياد استشهد معه سنة 1991 في تونس.
    10- ميونخ مدينة في جنوب ألمانيا تابعة لمقاطعة بافاريا استضافت الألعاب الأولمبية وقعت فيها العملية.
    11- تشي واسمه يوسف نزال أحد ضباط العاصفة الشباب والقائد العسكري لعملية ميونخ ولد وعاش فترة في الكويت وفي أواخر
    الستينات التحق بصفوف فتح.
    12- علي ابو اللبن تاجر عضو في فتح ومن مساعدي ابو اياد وكان يسدي إليه خدمات بحكم سفره الكثير إلي أوروبا اغتالته إسرائيل بعد العملية بسنوات لضلوعه فيها.
    13- محمد مصالحة كان طالبا في ألمانيا عام 1965-1967 إلا انه لم يكمل دراسته في الهندسة مفضلا الانضمام لصفوف العاصفة.
    14- من مواليد حيفا عام 1939 كان أحد مديري مؤسسة اورد وينغانت وكان يكمل خدمته العسكرية في فرق المغاوير الخاصة.
    15- ولد عام 1939 في طرابلس الغرب وهو من افضل أبطال رفع الأثقال اشترك في حرب الأيام الستة على جبهتي الضفة الغربية والجولان كما اشترك عام 68 في اشتباكات عدة مع وحدات العاصفة في محيط نهر الأردن.
    16- يوم الخميس 7/9 صرح الدكتور ميرك "أقر بأننا كنا ننتظر أن يسلم الذين لم يقتلوا أنفسهم تحت وقع صدمة التراشق بالرصاص لكن هذا لم يحدث" ونشرت لوموند في عدد 9 أيلول تصريحات أدلى بها مدير شرطة ميونخ "انهم الفلسطينيون لم يدعوا أنفسهم لموت أول ثلاثة منهم في حين أننا كنا نأمل أن تؤدي الصدمة إلى استسلامهم
    17-كمال العدوان عضو اللجنة المركزية لفتح وعضو تنفيذية المنظمة اغتيل في شارع الفردان ببيروت هو وأبو يوسف النجار وكمال ناصر سنة 1973.
    18- عبد القادر الضناوي مازال حي يرزق, جمال الجشي وإبراهيم الجشي وهما نسيبان جمال مازال حيا أما إبراهيم فقد توفي بعد سنوات بنوبة قلبية.
    *المصدر:كتاب ابو داود"الطريق الى ميونيخ"

  8. #8
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    الطريق الى ميونخ
    ( التفاصيل الكاملة لعملية ميونخ )

    بقلم / سمير محمود قديح
    باحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

    الجزء الاول


    تشرين الثاني 1971 من الواضح أن المقاومة لا تزال تدفع ثمن هزيمة الأردن(1) حيث كانت تواجهنا صعوبات في تلك الفترة أولا : كانت روح انهزامية تسيطر على مواطنينا الواقعين تحت الاحتلال , استغل الإسرائيليون أحداث الأردن ليفككوا بكل هدوء العديد من خلايانا في الضفة الغربية بالإضافة إلى اعتقال الكثيرين من الشبان الذين كنا نعتمد عليهم لتوقيع العرائض ونقل الرسائل وفي غزة بادر الاحتلال إلى زيادة حملات القمع لمواجهة الانتفاضة المستمرة منذ سنتين وكان لحملة القمع اسم هو آرييل شارون(2) الذي عمد إلي فتح جادات بعرض ثمانين مترا داخل مخيمات اللاجئين لتمكين جنوده من التدخل بسرعة اكبر وكانت محصلة الحملة في مخيم جباليا تدمير 1800 منزل وإجلاء 17 ألف عن بيوتهم بالقوة.
    في هذه الأثناء كانت حركة الاستيطان مستمرة في الأراضي المحتلة وفي الخليل تم تحويل المسجد الإبراهيمي بصورة جزئية إلى كنيس, وتم إقامة مستعمرة كريات أربع فوق أراضيها المصادرة, وكانت الجرافات جاهزة للبدء ببناء مساكن إضافية من الأراضي التي يتم مصادرتها في مدن القدس وبيت لحم ورام الله وغيرها من المدن الفلسطينية للمهاجرين الجدد.
    أما على الصعيد الاقتصادي فكان يتم توظيف الرساميل الإسرائيلية في الأراضي المحتلة طمعا في الأيدي العاملة الرخيصة وفي المقابل كانت الشركات العربية تصبح مدينة للصناعة الإسرائيلية كما كان يسمح للآلاف من الفلسطينيين بالانتقال صباحا للعمل في إسرائيل شرط العودة إلى الأراضي المحتلة عند المساء … وسط ذلك كله كانت الصحافة الغربية تدبج المقالات في مدح إسرائيل التي تحول الصحاري إلى جنان.
    إن الأوضاع كهذه من شانها دك المعنويات لمواطنينا فساد الإرهاق شيئا فشيئا وقد فضل الآلاف من الفلسطينيين الهجرة إلى كندا وأوستراليا متى استطاعوا .
    وكان السؤال الذي يتكرر على شفاه هؤلاء؟
    -علام الصمود والمخاطرة إذا كانت المعركة خاسرة سلفا وان في المرحلة الآنية؟
    كيف نرد نحن مقاتلي الخارج فيما أدى الانهيار في الأردن إلى إبعادنا اكثر عن أرضنا الفلسطينية ؟الواقع إن اكثر من 70 في المائة من هجماتنا كانت تنطلق من شرق الأردن فبعد طردنا لم يعد بمقدورنا العمل على أطول حدود للمواجهة مع العدو.
    بقي جنوب لبنان الذي تحول بطبيعة الحال إلى جبهتنا الرئيسية.
    لكن الإحباط تغلغل أيضا في قواعد الفدائيين التي التحق بها الناجون من الهزيمة الأردنية وهم يعانون من الإرهاق والانهيار المعنوي, ولكن بالنسبة إلينا المتأثرين بحرب الفيتنام كانت ارض لبنان مثالية لمضاعفة حرب الغوار ضد إسرائيل فلا حواجز طبيعية يمكن الجيش الإسرائيلي إن يحتمي, فمنطقة العرقوب لا تقدم مجالا سهلا لتحرك الدبابات العدوة كما أنها على اتصال مباشر بسوريا عبر شبكة من الطرق في الجبال ويمكن في غضون ساعات إرسال مئات العناصر من درعا أو من قواعدنا في الشام , أما صوب البحر فيمكن مشاهدة سلسلة من التضاريس الوعرة تطل على الجليل ويسهل الانطلاق منها في عمليات ليلية,وأخيرا وجود جيش احتياطي كبير من اللاجئين(3) في الجوار الذي على الرغم من الهزيمة في الأردن نحتفظ ببعض الهالة والتأييد عندهم .
    ولكن من أين ينبع إحباط فدائيينا ؟
    أولا من الحدود التي فرضتها اتفاقية 1969 بين المقاومة والسلطات اللبنانية وهي تقر فقط لمقاتلينا بحق عبور جنوب لبنان من اجل القيام بعمليات داخل إسرائيل وعدم إقامة قواعد دائمة في المنطقتين الوسطى والساحلية وممنوع إطلاق صواريخ الكاتيوشا من الأراضي اللبنانية وكان الجيش اللبناني يبدي حرصا زائدا الأمر الذي يؤدي إلى صدامات مستمرة ومضايقات وحواجز تفتيش عسكرية مما كان يحد من تحركاتنا وعمليات نقل الأسلحة وتشابك ذلك مع مشاكل عدة داخلية في صفوف المقاومة , فمنذ الصيف كان يندر وجود من لا يعترض صراحة على قيادتنا العسكرية داخل وحداتنا المقاتلة فلم يكن أحد نسي بعد التردد وأخطاء التقدير التي أدت إلى الكارثة النهائية في الأردن وكان اشد المنتقدين هؤلاء الذين كانوا تابعين لقيادة أبو علي اياد(4) ولم يكونوا يجدون العزاء لفقده لكن تمرد الفدائيين لم يكن ينبع فقط من الفشل والمرارة المتراكمين في العام 1971, كان يسود جو جديد إذ كان الكثيرون يطالبون بإعادة نظر جذرية في وسائل النضال ضد إسرائيل بدل القيام بالعمليات التقليدية يجب القيام بعمليات تضرب الإسرائيليين في القلب أو تطاول مصالحهم في العالم,لكن عرفات والضباط الأردنيين الذين التحقوا بحركتنا لم يكونوا يحلمون إلا بمزيد من "العسكرة" لفدائيينا.
    وكانت هناك مشاكل اكثر جسامة أيضا إذ أن عمليات الثار الإسرائيلية إزاء تزايد عمليات فدائيينا في الجليل الأعلى لم تتأخر فقد اخترق مغاوير الجيش الحدود اللبنانية مرتين في يناير 1972 وقتل عشرون فدائيا وكان العقاب الأكثر قسوة في شباط فاستعمل الإسرائيليون الطيران والمدفعية و المدفعية لقصف منطقة العرقوب واحتلالها لمدة ثلاثة أيام وتكبد فدائييونا نحو مائة قتيل , كذلك حصلت غارة جوية على مخيم النبطية, باختصار بدون أسلحة ثقيلة ومضادات طيران لقي مقاتلونا معاملة اكثر قسوة وكان مستحيل أن يقوم فدائييونا بردود صاعقة متشابهة نظرا للألغام والحاجز الكهربائي لم يكن لدينا للرد على أعدائنا سوى أرجلنا.
    وكان ضباط من العاصفة يأتون باستمرار شاكين أمرهم لأبواياد(5) فما كانوا يجهلون أن له اليد الطولى في اغتيال وصفي التل اكثر من أبو يوسف وهذا ما اكسبه شهرة اكبر فيما بينهم ,فلم يكن نادرا أن يأتي ضباط شباب من وحداتنا العاملة في الجنوب ليعرضوا عليه خدماتهم في بيروت قائلين"نحن نريد أن نتجند معك أبو اياد لاشك انك تخطط لبعض العمليات ونحن أنفسنا لدينا أفكار نستطيع مثلا اختطاف ضباط إسرائيليين من أي مكان في العالم فإذا أردت إنشاء فرق خاصة من الفدائيين يمكنك الاعتماد علينا .."
    فيجيبهم : حسنا جهزوا أنفسكم إننا في صدد شيء ما.
    نشـوء تنظيم أيلول اسود
    كان يخشى إزاء هذه العوامل المجتمعة أن يعمد عدد من فدائيي العاصفة إلى تركنا لتأسيس تنظيم جديد نوع من فتح ثانية كنت أنا وأبو مازن(6) وأبو اياد نتبادل الأحاديث في هذه المسالة وبعد هزيمة تموز التقى أبو اياد بهؤلاء الفدائيين وكان يصغي إليهم ويحاول أن يكون عما لهم, وبما أن هؤلاء من افضل العناصر الذين عملوا تحت إمرة أبو علي اياد فلماذا لا يوجه غضبهم ويستفاد منهم عبر جهاز عملياتي سري يرتبط بمخابراتنا وأجهزة مكافحة التجسس لدينا وكان أبو اياد قد وجد اسم هذا الجهاز :" أيلول اسود"(7).
    في تلك الفترة عدنا أنا وأبو اياد وأبو مازن نتساءل كيف نعيد الثقة إلى محاربينا بعد كل تلك المحن التي ألمت بهم بالطبع فكرنا انه ليس باختطاف الطائرات كما تفعل الجبهة الشعبية ولا بالانتقام لضحايانا في الأردن كما فعل علي حسن سلامة ضد النظام الأردني, كما أننا رأينا أن التعرض للشركات الأوربية التي تتعامل مع إسرائيل لن يخلق مشاكل كبيرة لأعدائنا المباشرين ودان أبو اياد هذا التصرف باعتباره سيؤثر على مواطنينا المهاجرين بقلة ثقة الدول فيهم وبالتالي صعوبة إيجاد عمل.
    أما ما توصلنا إليه هو أننا يجب أن نوسع مسرح عملياتنا مع تحديد صارم للأهداف التي يجب اختيارها, واستنتجنا أن تركيز ضرباتنا على عملاء الموساد في أوروبا هو اكثر الأعمال فاعلية من كل النواحي .
    كان هذا الأمر ضروريا, في الأسابيع التي تلت مقتل وصفي التل وخصوصا في أعياد نهاية السنة كان عددا كبيرا من الشبان الفلسطينيين الذين يدرسون في أوروبا يأتون إلى لبنان في محاولة للاتصال ب"أيلول اسود" كما كانوا يؤكدون ,وكنا نتعجب لعدم عودة هؤلاء الطلاب لإكمال دراستهم أو زيارة أهاليهم, لم نتأخر في إيجاد السبب وذلك بفضل عاطف بسيسو(8) فقد اجبر الموساد بعضهم على استقاء معلومات حول نشاطاتنا في بيروت وهذا أعطاني فكرة :لم لا نجند هؤلاء الطلاب ونصنع منهم عملاء مزدوجين لنصل إلى الضباط المتعاملين معهم.
    لم يوافقني أبو اياد بوابو مازن فحسب بل توصلنا الى المشروع الآتي:ان ننشئ على هامش جهازي الاستخبارات ومقاومة التجسس اللذين يديرهما أبو يوسف مجموعة "لمحاربة الموساد في أوروبا" وقررنا انه من الأفضل ان يعلم بها اقل عدد من القيادة.
    جولات في أوروبا
    استقلت من قيادة ميلشياتنا في لبنان حيث أعطاني ابو اياد المال لشراء الأسلحة اللازمة أما أبو مازن فقد ارصد لنا بعض المال كي نتمكن من فتح مخيم صغير للتدريب شمال صيدا.
    في نهاية حزيران ذهبت الى ألمانيا في طريقي لبلغاريا للتفاوض على شراء مسدسات تحتوي على كاتم صوت من أجل عملياتنا وإيجاد طريقة لتهريبها لخلايانا المنوي إنشاؤها في أوروبا وهناك علمت بالنبأ الفاجعة: استشهاد غسان كنفاني أحد أشهر كتابنا ومعه ابنة أخته الشابة في انفجار محرك سيارته أمام منزله.
    وفي أواسط شهر تموز 1972 ذهبت الى إيطاليا لمقابلة ابو اياد بناء على طلبه يرافقه فخري العمري ابو محمد(9) وقد قدم ابو اياد عرضا للعمليات التي كنا نخطط لها ضد عملاء الموساد : العملية الأولى متوقعة في بلجيكا لكن كان واضحا انه بالمقارنة مع الاعتداء البشع الذي ذهب ضحيته غسان كنفاني في بيروت قبل بضعة أيام لم تكن مخططاتنا الموجهة ضد الموساد لترضيه فعلا.
    فاقترح فخري الهجوم على مقر بعثة إسرائيلية في الخارج.
    أجاب أبو أياد:لا سنثير عداء الدول المضيفة إما تصفية عملاء الاستخبارات فهذا النوع لا يثير مشاكل,ان دول الغرب قد اعتادت بعض الشيء على حروب الظل بين عملاء استخبارات الشرق والغرب تحديدا.
    لكنني بدوري قلت:لا يمكننا الإصرار على القيام بحرب نظيفة ضد أعدائنا في حين ان الإسرائيليون لا يقيمون فرقا عندنا بين مدني وعسكري!سوف نفقد كل رصيدنا عند جماعتنا .
    سال عندها ابو اياد: وماذا تقترح؟
    -لم يكن هناك من خطة معينة في ذهني لكنني كنت اعرف شيئا:لا يمكننا البقاء حيث نحن .
    كنت اشعر بشكل غامض ان شعبنا في ذلك الصيف ينتظر منا ان نشن حملة ثار لما يعانيه من الإسرائيليين
    في ما بلغناه من حالة التصعيد لن يفيدنا ان نقتل هذا او ذاك من العملاء الإسرائيليين ثارا لضحايا الشعب الفلسطيني أنا لا اخذ في الاعتبار يأس مقاتلينا الذين لا حيلة لديهم في الرد على طيران العدو بل المدنيون أيضا إذا لم نتجاوب مع رغبتهم في الثار ستكون نهايتنا في حركة فتح وسيأخذ مكاننا آخرون.
    - ثق يا أبو داود أننا في قيادة الحركة نعي هذه المشكلة لكن هناك معطيات أخرى في الحسبان فإذا كنا على الصعيد العسكري في اصعب الأوضاع إلا أننا نسجل ديبلوماسيا إنجازات مهمة عرفات مدعو للمرة الأولى من القيادة السوفيتية لزيارة موسكو.,كان متأكدا ان هناك اتفاقا لتزويدنا بمضادات طيران تزيد من إمكاناتنا الدفاعية.
    توقف النقاش عند هذه النقطة كان على ابو اياد ان يزور وائل زعيتر في روما , وأعطاني فخري العمري التعليمات حول الرشاشات المجهزة بكاتم صوت التي كان يجب ان اطلبها من البلغار
    بداية الطريق لميونخ
    التقينا ابو اياد لاحقا على رصيف مقهى في ساحة الروتوندا كنا نطالع الصحف الأجنبية والعربية وقد أغضبنا كثيرا ما قرأناه في إحدى المقالات الصغيرة ,إذ رفضت اللجنة الدولية للألعاب الأولمبية اشتراك فريق من الرياضيين الفلسطينيين في الألعاب الأولمبية التي ستجري في ميونخ(10) .
    لم يتعجب ابو اياد لقرار هذه الهيئة وقال : لقد بعثت منظمة التحرير برسالتين رسميتين الى اللجنة الأولمبية تطلب فيها إشراك لاعبينا في العاب ميونخ لكنها لم تتنازل وتبعث إلينا بأي رد فنحن غير موجودين بالنسبة إلى هذه المؤسسة المحترمة التي تدعي إنها غير سياسية.
    فعلق فخري قائلا:
    -عظيم بما انهم يرفضون مشاركة الفلسطينيين في الألعاب فلماذا لا نحاول الدخول بأساليبنا الخاصة إلى الحرم الأولمبي؟
    فأساله ابو اياد: وماذا نفعل هناك؟
    رد فخري: نحتجز الرياضيين الإسرائيليين.
    قال أبو اياد : أنت مجنون ‍‍!
    عندها قلت بدوري: لا فكرة ابو محمد ليست عاطلة بما أن الإسرائيليين لا يحترمون شيئا فنحن سنتصرف كذلك علاوة على ذلك ان كل رياضييهم من العسكر, ان المسؤولين وكوادر الإسرائيليين الرياضية والمدربين ,المعالجين والرياضيين يأتون عمليا من مؤسسة أورد وينغايت ,وتحوي تجهيزات هائلة قرب البحر شمال تل أبيب وبحسب ما يوحي اسمها يقوم بالمهمات الإدارية والتنظيمية فيها قدامى ضباط الاستخبارات أو ضباط فرق المغاوير الخاصة وتدرب فيها كل أنواع الرياضات ولكن يجري فيها بشكل خاص إعداد المصارعين وأبطال الرماية.
    كان ابو اياد يلتزم الصمت لكننا شعرنا ان الفكرة التي قدمها فخري أثارت اهتمامه وبعد قليل خرج عن صمته:
    بما أننا حرمنا حتى من الهدنة الأولمبية فما من سبب لاحترامها ففي مقابل اكبر عدد من الرياضيين والموفدين الإسرائيليين الذين سنتمكن من احتجازهم سوف نفرض إطلاق العدد الملائم من معتقلينا في إسرائيل في الحقيقة هذا المشروع لا يشكو من شيء !
    ثم استدار نحوي وقال:ميونخ تقع على طريقك الى بلغاريا من المفيد ان تقوم باستكشاف أولى … طبعا لا تنبس ببنت شفة لأي كان عن هذا الموضوع هل هذا واضح ؟
    قلت:لن يكون هذا صعبا علي لكن لابد ان نكلم ابو مازن من اجل المال اللازم للعملية.
    بالطبع ان احتجاز الرياضيين والموفدين الإسرائيليين لم تنبت فجأة من رؤوسنا فقط لان اللجنة الأولمبية تعاملت معنا كأننا غير موجودين بل أننا كنا ننوي الاستفادة من حضور وسائل الإعلام الدولية طوال فترة المسابقات كي نعطي قضيتنا صدى عالميا عندها سيطلع كل بيت في العالم على المأساة الفلسطينية .
    سلكت الطريق الى بلغاريا وذلك في 17 تموز على الاوتوستراد كنت انطلق مسرعا قدر المستطاع, قلت في نفسي لايزال لدي وقت كاف لامضي نصف النهار على الاقل في ميونخ.
    وصلت المدينة البافارية وبدأت فورا البحث عن خريطة مفصلة للمدينة واستحوذت على الوثائق المتوافرة وحتى تلك التي تخص الاولمبياد مثل لائحة الفنادق ومخطط وسائل النقل في المدينة وكتيبات عن توقيت الرحلات الجوية كما باشرت بالتعرف على شبكة المواصلات المحلية. لم اجد صعوبة في العثور على المجمع الأولمبي شمال المدينة, بدت ورشة ضخمة لم تنته الأعمال فيها وكانت القرية الأولمبية قائمة في جهتها الشمالية وهي التيس كانت تهمني أكثر كانت تبدو مثل مدينة منامة مؤلفة من ابنية تذكر بالأهرامات وايضا من ابنية اصغر وأقل ارتفاعا تتعرج فيها ممرات من الباطون على مستويات مختلفة ,وشلالات صغيرة وألوف الأشجار في تلك الساعة لم تكن القرية سوى خلية عمل ناشطة في طوابق الأبنية وفي الأقبية وحتى في عرض الممرات كان من المستحيل أن أتصور كيف سيبدو المكان حين تبدأ الألعاب وبالأخص كيف سيتم تأمين الحراسة على محيط القرية فانطلقت في تلك الأمسية الى بلغاريا.
    تقابلت مرة أخرى مع ابو اياد يرافقه فخري العمري في صوفيا وبالطبع تناقشنا في مواضيع كثيرة كالبلاغ الذي سيسلمه الفدائيون الى السلطات الألمانية بعد ان يكونوا قد احتجزوا أكبر عدد ممكن من الإداريين والرياضيين الأسرائيليين واللائحة الدقيقة التي يجب ان تدونها استخباراتنا بما لا يقلل عن مئتي فلسطيني معتقل في إسرائيل والذين سنفرض إطلاق سراحهم وما يلزم من التدريبات الخاصة التي يجب ان يقوم بها رجالنا الذين سيشاركون في العملية. وبعد انتهاء عمله غادر ابو اياد وفخري الطائرة سوية إلا أنني اتفقت مع فخري على موعد في بداية الأسبوع المقبل أكون عندها في ميونخ ليلحق بي هو و رفيق الآخر.
    استطلاع أولى لبنية العملية
    يوم 7 آب وصل كل من فخري ورفيق آخر يدعى تشي(11) الى ميونخ.
    كان تشي واسمه يوسف نزال أحد ضباط العاصفة الشبان كانت قاعدته قرب النبطية وكان ممن يقومون بعمليات خلف الحدود مع إسرائيل وقد تدرب على يد أبو علي اياد وكان معه في تلال جرش وعجلون ونجا من الكارثة النهائية وأخيرا كان في عداد القادة الذين رأيتهم في بيروت بعد غارات الطيران الإسرائيلية في شباط 1972 وهم يتوسلون لأبواياد القيام بتنظيم شيء ما في مكان ما ليردوا الصاع صاعين, وهو مدعو لتسلم زمام القيادة العسكرية لفرقة الفدائيين الذين نتوقع إرسالهم الى ميونخ كان هذا الخيار جيدا , بما انه حاذق ومقاتل ممتاز في الوقت نفسه.
    أما السلبية الوحيدة فهي ان تشي قصير القامة جدا وهذا عائق أكيد بالنسبة له ولزملائه عندما يضطرون لتسلق السياج الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية .
    قمت أنا ورفيقاي بزيارة المكان في وقت كانت الأعمال مازالت مستمرة وذهبنا لتفحص الشباك المعدنية عن كثب كنا متأكدين انه بغية الوصول إلى أي مكان داخل القرية لابد من تسلق السياج الحديدي العالي,لم يكن من الصعب تسلق السياج تدخل طرف حذائك في عينيات الشباك وتستند عليها ولكن المشكلة كانت انه بهذه الطريقة وتحت وزن الرجال والحقائب سوف يهتز السياج ويصدر صريرا وهذا غير مرغوب فيه لعملية تتطلب صمتا تاما .
    قلت ليوسف: لا أرى سوى حلا واحدا, يجب ان تتدربوا على تسلق رجل بطولي تقريبا مثل أهل السيرك عندما يبنون أهرامات بشرية إذا تعلمتم ذلك يصبح الانتقال الى الجهة المقابلة سهلا بما انه يوجد عشب في الجهة الثانية .
    الخطة العسكرية للعملية
    شيئا فشيئا بدأت ترتسم معالم خطة العمل: ساعة تسللهم الى القرية الأولمبية يكون كل الفدائيين بثياب الرياضة وحتى إذا انتبه لهم لسوء حظهم الحراس فسيبدون وكأنهم رياضيون قفزوا فوق السور عائدين الى مقرهم وهذا يلغي تلقائيا مسالة ما اذا كان يجب ان يصل الفدائيون تلك الليلة كل من جهته او في مجموعات من اثنين او ثلاثة الى نقطة تجمع قرب السياج :سوف يتقدمون سويا مثل أي بعثة تعود بعد قضائها السهرة في المدينة كما اتفقنا ان عشرة رجال يكفون لاحتلال شقق الرياضيين الإسرائيليين الذين سيفاجئونهم خلال نومهم ,وسيحمل كل رجل بندقية أ.ك.47 وقنبلة يدوية لم نكن نعلم بالضبط عدد الرياضيين الذين سترسلهم إسرائيل إلى الألعاب لكن حسب المعلومات التي حصل عليها فخري كنا نقدر عددهم بخمسة عشر يجب ان نضيف إليهم عددا مماثلا من المدربين والحكام والمسعفين على اختلافهم ,عشرة رجال لمراقبة ثلاثين محتجزا في عملية كنا نتوقع ان تدوم عدة ساعات كان هذا أمرا معقولا .
    على أي حال كان تشي يقول لنا أن ليس في إمكاننا أن نفعل أكثر من هذا اذ علينا لن نحتاط بعدد اضافي من الرجال كي نعوض عن بعض تخلفات اللحظة الأخيرة الدائمة الإحتمال أثناء التدريبات أو في حال منع البعض من الدخول بسبب الجوازات المزورة .
    في تلك الفترة لم يكن لدينا أكثر من خمسين متطوعا في مخيمنا في لبنان أكثر من ثلثهم مجندا لهذه العملية وقد كانت هناك مهمات أخرى نخطط لها في الأسابيع المقبلة.
    وبالنسبة لتاريخ القيام بالعملية فقد قررنا ان ندع عدة أيام تمر بعد افتتاح الألعاب الرسمي في 26/8/1972 قبل ان نتحرك بذلك نستفيد من هذا الوقت لمراقبة الإجراءات الأمنية التي سيتخذها الألمان والتعرف على شقق لإسرائيليين.
    في هذه المرحلة لم نكن نستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك في تقديراتنا, قضينا أنا وفخري وتشي الوقت المتبقي في درس كل أنواع الطرقات التي تؤدي الى القرية الأولمبية وفي تحديد فنادق مختلفة في ميونخ نوزع عليها رجالنا اثنين اثنين ومقاه أو مطاعم في المدينة سيمكث فيها كل منا في الساعات التي تسبق العملية وفي تاريخ 12/8 رحل فخري وتشي إلى ليبيا حيث كان يجب أن يوافيهما إلى أحد مخيماتنا فدائيونا الشبان الذين تم اختيارهم في مخيمنا الرئيسي في لبنان من اجل القيام بتدريبات مكثفة .
    رسم الأهداف من العملية
    من ناحيتي أنا عدت إلى بيروت التي غبت عنها شهر ونصف الشهر وقابلت أبو اياد الذي اخذ مني جواز السفر ويحتوي على التأشيرة الألمانية وذلك لفحصه من قبل خبراؤنا ويضعون نسخا منها على كدسه جوازات أردنية مزورة من اجل الفدائيين المختارين للعملية .
    من جهتي عرضت عليه مخطط العملية الذي وضعته أنا وتشي ,كان أبو اياد مهتما بالإجراءات التي يجب اتباعها بغية تبادل المحتجزين بأولئك الذين كنا ننوي تحريرهم في إسرائيل اكثر مما كان يهتم بتفاصيل الشق العملياتي من الهجوم على القرية الأولمبية الذي عهد فيه إلينا.
    كنا نتصور مسبقا عناد غولدا مائير لذا كنا نفكر في صيغة تراجع في حال رفض إنذارنا النهائي, في الواقع سوف يطالب الفدائيون في البداية ان يتمكنوا من السفر مع محتجزيهم الى وجهة يحددونها في حينه كنا نفكر في مصر لكن ما من شيء يمنعنا من إضافة بلدان أخرى سوف يعتقل هناك الرياضيون الذين نكون أسرناهم بصفتهم مواطنين من بلد عدو ويحررون فقط عند قبول السلطات الإسرائيلية القيام بالمبادلة وفي أسوأ الأحوال, وإذا وجدنا انهم شبه عسكريون كي لا نقول انهم عسكريون بصفة كاملة لن يكون عندها مصيرهم مختلفا عن مصير مقاومينا الفلسطينيين المعتقلين في إسرائيل.

    أراني ابو اياد لائحة بأسماء المعتقلين الذين سوف يطالب فدائيونا باسم "أيلول اسود " بتحريرهم وكان قد دون فيها اكثر من مائتين من أسماء المقاومين الفلسطينيين كما كان على اللائحة اسم كوزو اوكاموتو الناجي الوحيد من اليابانيين الثلاثة الملتحقين بالجبهة الشعبية والذين قاموا بعملية اللد في نهاية أيار وكذلك أسماء ستة ضباط سوريين ولبنانيين أسرهم الإسرائيليون في حزيران.
    وقد قررنا ان نختم أحد البلاغين اللذين سوف يوجههما الفدائيون الى السلطات الألمانية بنداء لتوحيد الثوار في العالم اجمع على ان يوقع (م أ أ د) أي منظمة أيلول الأسود الدولية .
    في الواقع كنا نخطط لتوجيه بلاغين الأول يضرب على الآلة الكاتبة وبالإنجليزية يبلغ ساعة يكون رجالنا قد تسللوا الى القرية الأولمبية واحتجزوا اسراهم وترفق به لائحة بأسماء الأشخاص المطلوب الإفراج عنهم يحدد وقت الإنذار بساعة معينة أما البلاغ الثاني وهو معد لإعطاء مهلة إضافية فيصر وللسبب الذي ذكرناه سابقا على ان توضع الطائرات المطلوبة تحت تصرف فدائيينا واسراهم مع فرق أخر هو انه سيكون بالألمانية وسيكتب بقلم حبر ناشف ليعطي الإنطباع أنه حرر ميدانيا.
    كنا نعمل جادين للتخطيط للعملية بأدق التفاصيل تاركين للصدفة اقل ما يمكن من العناصر بقي أننا كنا لا نزال نفتقد العنصر الأساسي لنجاح عملنا :الأسلحة كيف نهربها الى ألمانيا ؟ هذا كان السؤال الحرج على بعد أسبوعين من الألعاب كنا نخشى ان تصبح مدينة ميونخ تحت رقابة الشرطة الشديدة.إلا ان ابو اياد حسم الجواب بنفسه عندما قال سوف احضر لك الأسلحة بنفسي
    بدأ التجهيز لتنفيذ العملية
    في 17/8 عدت الى ميونخ التي بدأت الوفود كما الصحافيون وفرق التلفزيون من العالم بالوصول واصبح الدخول الى القرية الأولمبية محدودا فعلى الداخل التعريف بنفسه وقد تم الإعلان عن توزيع البعثات في القرية , علمت عندئذ في أي مبنى بالضبط سيقيم الإسرائيليون كان ذلك في نهاية ممر للمشاة يسمى كونوليشتراسه في المجمع 31 في واجهة بناية ضخمة يشغلها ألمان شرقيين وهي قريبة من السياج الحديدي.
    في ذلك الوقت عاود ابو اياد الاتصال وقد ترك لي رسالة يحدد لي موعدا يوم 24/8 في مطار فرانكفورت وقد حدد لي رقم الرحلة وساعة الوصول , وقد قررت الرحيل الى فرانكفورت قبل يوم من وصوله حتى لا أتأخر عليه ونزلت في فندق لست معروفا فيه هو فندق كونتيننتال, وأخيرا في اليوم التالي وصلت الى المطار قبل الموعد كي أتمكن من ملاحظة أي أمر غير طبيعي ,وصل أبو أياد برفقة شخصين آخرين امرأة وصديقه التاجر علي ابو اللبن(12) وقد رايتهم يضعون حقائبهم على العربة كانت هناك خمسة منها وكلها متشابهة ,اتجه الثلاثة نحو الجمارك كان ابو اياد يبدو مرتاحا ولكن علي الذي كان يجر العربة يبدو مضطربا ينظر يمينا وشمالا ويدفع المسافرين أحيانا وبسبب توتر أعصابه استنتجت ان الأسلحة كانت هناك في تلك الحقائب, ومن خلف الزجاج استطعت ان أراقب المشهد
    كانت المرأة تلعب دور زوجة ابو اياد طلب رجال الجمارك من ابو اياد ان يفتح إحدى الحقائب وبدا بفتحها كانت تحتوي على ألبسة نسائية داخلية وبدا ابو اياد يبسط المحتويات مجاملا رجال الجمارك الذين يلوحون بأنهم قد رأوا ما فيه الكفاية عندها أعاد ابو اياد ترتيب الحقائب والخروج من المطار وقد كنت اتبعهم خوفا من ان يكونوا مراقبين واستمريت في مراقبتهم حتى بعد وصولهم للفندق بنحو ساعة .
    ذهبت الى الفندق وقابلت ابو اياد الذي كان يرتاح أما المرأة واسمها جولييت فكانت في الغرفة المجاورة و أشار ابو اياد على الفور الى حيث وضعت الأسلحة كانت في حقيبتي سفر وقال:فكرت انك تستطيع نقلها هكذا بسهولة اكبر. فأجبته:حسنا فعلت لكنها ثقيلة الوزن !
    وهتف ابو اياد:وماذا سيحدث لو كانت تحتوي على عشرة كلاشنيكوفات ؟
    فتعجبت قائلا : ماذا ألا يوجد عشرة ؟
    رد قائلا :متأسف يجب ان تتدبر آمرك بمجموعة من ثمانية فدائيين وليس عشرة كما كنا نتوقع أصلا إذ ان مشكلة قد حصلت أثناء التدريب في ليبيا .
    هذه لم تكن سوى أولى الأخبار السيئة فقد وجدت في الحقائب ستة كلاشنيكوفات بدلا من ثمانية مع رشاشي كارل غوستاف كما نسوا القنابل اليدوية فتذمرت قائلا من العبث مع مجموعة من ثمانية مقاتلين ان نطالب بثلاث طائرات كنا نحتاج الى ثلاثة رجال لكل طائرة لم يعد هذا ممكنا.
    تنهد ابو اياد قائلا:حسنا لن نطلب سوى واحدة سأعمل على تصحيح البلاغين.
    اتفقنا على اثر عودته الى بيروت سيبعث الي بعلي في أول طائرة ويجلب معه القنابل اليدوية. كما قمت أنا وعلي بنقل الأسلحة الى ميونخ بحقائب ملفات التي لا يفتشها الألمان في محطات القطارات لتخبئتها في خزائن الودائع.
    يوم 26/8 يوم افتتاح الألعاب وصلتني حقيبة القنابل اليدوية وعددها عشرة ولم يعد لدي سوى انتظار قائدي المجموعة الفدائية.
    في ذلك المساء شاهدت على التلفزيون صور حفل افتتاح الألعاب الأولمبية وعندا كنت أشاهد اشاهد استعراض بعثات الدول لم اكن أتخيل أننا سنحصل وبفعل المصادفة الغريبة على مساعدة فريق من الرياضيين الأمريكيين وامرأة شابة من البعثة الإسرائيلية.

    الاستطلاع النهائي لموقع العملية
    لم يكن يزعجنا احتمال ان يصدم الرأي العام العالمي بالعملية المدوية التي نستعد للقيام بها, كنا مستعدين لأي عمل من اجل منع تناسي مصير شعب وطنه محتل محروم من دولة له,زد على ذلك ان اللجنة الأولمبية قررت إبعاد فريق روديسيا فلماذا لا تبعد الفريق الإسرائيلي أيضا؟
    لهذا السبب لم أجد صعوبة في إقناع صديقة فلسطينية التي كنا نعرفها أنا وعائلتي في دمشق بمساعدتنا سألتها هل تتكلمين الألمانية؟
    قالت أتدبر أمري .وقد صارحتها ولم أخف عنها مهمتي ولا العوائق التي كنت أواجهها في استطلاعي النهائي فقلت لها: بما انك تتكلمين الألمانية فقد تتمكنين من إقناع أحد الحراس على أحد مدخلي القرية بان يتركنا نمر أنا وأنت ,وأضفت ان هذا اكثر فاعلية مما حاولت القيام به أمس انا واثنين من مسئولي المجموعة الفدائية.
    في الواقع حاولنا ان ندخل القرية ولكن محاولتنا باءت بالفشل الذريع حيث لم يكن المكان مفتوحا لكل من أراد الدخول ولم يكونوا يسمحون بالدخول إلا للرسميين أو الرياضيين أو أحد الصحفيين المعتمدين.
    وقد اكتفينا بالسير على طول الطريق التي تحد القرية وما شاهدناه لم يكن دون المنفعة لم يكن هناك إجراءات أمنية مشددة لا أسلاك شائكة ولا حراس هنا او هناك ولا دوريات مع كلاب شرطة مثلا عند هبوط الليل ,باستثناء بعض الأمن الشبان الذين ينتقلون بشكل منتظم بواسطة الدراجات باختصار لم يكن هناك ما يشبه الموقع المحصن.
    ولكن على الرغم من ذلك كان لا بد لنا من استكمال استطلاعنا داخل القرية ,فليس لدينا أدني فكرة عما سنقوم به بغية احتلال الجناح الذي يشغله الإسرائيليون على خريطة للمكان اقتطعتها من إحدى الجرائد كان يبدو موقع البناء بشكل واضح لكن المشكلة هي ان الجناح الذي يحمل رقم 31 كان مسكونا من الاوروغوانيين ومن بعثة هونغ كونغ أيضا ودون الإمعان في التفاصيل كيف نتجنب ان يخطئ الفدائيون الشقق؟
    ذهبت انا وسهام الى القرية من مدخل جانبي ووفق سيناريو وضعناه سويا بعدما رأينا قبل بضع دقائق رياضيين برازيليين يعودون الى شققهم سالت سهام أحد الحراس:
    صديقي برازيلي يعتقد انه تعرف على أحد رفاق مدرسته القدامى في الفريق الذي دخل لتوه هل يمكنك ان تدعنا ان ندخل لخمس دقائق, عشر دقائق على ابعد حد.
    بعد تردد قليل وافق الحارس على الدخول ليس لأكثر من عشر دقائق,وإمعانا منا في الخداع أخذنا نحن الاثنين نجري بأقصى سرعة كي نوهمه أننا نحاول اللحاق بالبرازيليين ثم اختلطنا بجموع الرياضيين وأسرعنا في الاختفاء من الحراس.
    سرنا بجانب الطريق المقابلة للمبنى 31 حيث توقفنا قليلا لنراقب المبنى الذي يشغله الإسرائيليون , المبنى متواضع, طويل مؤلف من طابقين أما الباب الزجاجي على طرف المبنى فكان يعطي انطباع انه المدخل الرئيسي غير أننا لم نستطع ان نحدد مكان إقامة الإسرائيليين من بقية الفرق التي تقيم في الجناح نفسه.
    عندها قلت لسهام:تعالي لنذهب ونتحقق إذا كان المبنى الذي يشغله السعوديون والسودانيون يشبه هذا.
    استعنت بالخريطة لأتبين ان هذا المبني على بعد مائة وخمسين مترا وقد صح ظني تماما فالهندسة هي عمليا مثل هندسة مكان إقامة الإسرائيليين.
    استطعنا ان ندخل الى المبنى بعد ان ادعينا أننا لاتينيون نريد رؤية مسجد واستغليت دخولي للتفرس في المكان والتعرف عليه لابد ان مساكن الإسرائيليين بالشكل نفسه.
    دامت زيارتنا عشرين دقيقة واعتذرنا للحارس الذي سمح لنا بالدخول.
    في اليوم التالي عدت الى القرية مع مسئولي المجموعة الفدائية والهدف هذه المرة معاينة المبنى حيث يقيم الإسرائيليون, لم يبد لي من السهل احتلال كامل الشقق (6 شقق) دفعة واحدة وبثمانية رجال فقط كان يجب التحقق من هذه النقطة, دخلنا القرية بسهولة فالحارس قد تذكرني وبعد القليل من الكلام سمح لي بالدخول.
    وقد بدأت الأمور تسير على أفضل ما يمكن, وهذا لم يكن شيئا بالنسبة لما كان ينتظرنا فما ان وصلنا الى المبنى 31 حتى رأيت فجأة امرأة سمراء تخرج من الباب الزجاجي الكبير ومن مظهرها عرفت أنها إحدى المرافقات فذهبت لملاقاتها وقلت لها:أنا بحلم بزيارة إسرائيل انا برازيلي مثل صديقي اللذين يرافقاني نتمنى الحصول على كراسات دعائية عن بلدكم وأعلاما نأخذها معنا.
    قالت لنا :سأجدها لكم الحقوا بي, وعادت أدراجها الى الجناح الإسرائيلي ودخلنا القاعة وراءها حتى أنها رجتنا الدخول الى إحدى الشقق الأرضية, كان المبنى مثل المباني التي رايتها في المبنى السعودي أثاث فاقع الألوان ومطبخ بباب جرار وفسحة تستعمل كصالة طعام مع وجود فارق واحد هو درج لولبي داخلي وعند سؤالي عنه قالت إنها شقة دوبليكس أي شقة موزعة على طابقين وقد استطعنا ان نجعلها ترينا مكان مبيت الرياضيين وكان كل رياضيين اثنين يناما في غرفة واحدة واستطعنا ان نرى الطابق العلوي من الشقة حيث يحتوي على غرفتان واحدة تطل على الطريق والأخرى على الحديقة.
    استغلينا غيابها لإحضار الأعلام لنلقي نظرة على القاعة ومخارجها فبالإضافة للسلم الذي يوصل للطابق العلوي كان هناك سلم يوصل للقبو ولكننا لم نجد في الطبقة الأرضية أي ممر او باب يوصل الى الشقق الأخرى.
    عادت المرأة ولم يبق أمامنا إلا أن نشكرها وكانت لا تشك إطلاقا أنها سهلت مهمتنا بشكل كبير.
    أصبحنا نعرف الآن أول أهداف مجموعة الفدائيين: السيطرة على تلك الشقة التي زرناها كانت الشقة معزولة بعض الشيء على طرف المبنى وتتحكم بأكبر عدد من المخارج وعند احتلال هذه الشقة واحتجاز ساكنيها يجمع فيها الفدائيون بقية الإسرائيليون الذين تم أسرهم في الشقق التي لا يمكن دخولها إلا من الخارج.
    مساء ذلك الخميس 31/8 كنت مع رفيقي ننتظر بفارغ الصبر وصول بقية الفدائيين من ليبيا.
    الخطة النهائية لتنفيذ العملية

    مساء يوم السبت 2/9 عشية وصول الرجال الستة أجريت نقاشا معمقا انا وتشي ومحمد مصالحة(13) حول مختلف جوانب المهمة التي تنتظرهما حتى تلك اللحظة لم يكونا يعرفا سوى الخطوط العريضة للعملية أي احتجاز اكبر عدد من الإسرائيليين في القرية بهدف مبادلتهم بمعتقلينا في إسرائيل , لكنني عملت على توضيح دور كل منهما و بحصولنا على البلاغات ولائحة المعتقلين حددت لهما هامش المناورة في المفاوضات التي سيقومان بها عند نجاح عملية الاحتجاز. وأضفت ان ابو اياد لم يختركما لقيادة الفدائيين لتنتقما من البعثة الإسرائيلية إذ يجب ان لا يقتل او يجرح أحد , العملية التي تنتظركما هي عملية سياسية وليست عسكرية تعليماتنا لكما هي ان تأسرا هؤلاء الإسرائيليون أحياء , من المهم جدا أيضا ان تظهرا للرأي العام بمظهر المحاربين الغير قساة المتمالكين أنفسهم تماما.
    أطلعتهما كذلك على البلاغين وورقتي الأسماء التي عليها اسم 236 معتقلا نريد إطلاق سراحهم حيث يجب ان تلحق القائمة بالبلاغ الأول, كما قلت لهما من اجل مصداقيتكما ومصداقية " أيلول اسود " يجب ان يفهم محاوروكما أنكما ستقتلون الأسرى في حال لم يتجاوبوا مع رغباتكم ولكن حتى بعد انتهاء المهلة الأولى في الساعة التاسعة صباحا والمهلة الثانية التي تستمر حتى الظهر ,نعطيكم الصلاحية في حال انقضت المهلة الأخيرة بان تؤجلوا تنفيذ تهديداتكم الى ابعد حد ممكن .
    إلا ان تشي ومحمد مصالحة لم يتوانيا عن لفت انتباهي الى المرحلة الدقيقة في بداية العملية إذ ان لحظة دخولهم المكان سيفاجئون بعض الرياضيين وهم نيام لكن الآخرين قد يكونون ساهرين او يستيقظون اثر ضجة كسر الباب الرئيسي الزجاجي الذي قد يكون مقفلا , وبين أعضاء البعثة مصارعون ورافعو أثقال إضافة انهم أصحاب خبرة في مغاوير الجيش لن يكون من السهل ضبطهم.
    اعترفت ان تلك اللحظات هي الأخطر في العملية :معكم الكلاشنيكوف كي توقفوا أسراكم عند حدهم إلا أنى أصر لا تفتحوا النار إلا إذا كنتم تعجزون عن أي شيء آخر.
    ثم وصلنا الى المفاوضات التي يجب ان يقوموا بها مع السلطات المحلية فاطلعتهما ان عليهما المطالبة بثلاث طائرات للسفر الطويل لحظة تسليم البلاغ الأول كي يغادروا البلاد هم وأسراهم بغض النظر عن نتيجة المفاوضات التي ستجريها ألمانيا مع إسرائيل. وقلت: لسنا من السذاجة ان نظن ان غولدا مائير سوف تستجيب لطلباتنا فورا لذا من الأفضل ان تختفوا عند أول فرصة انتم وأسراكم وترحلوا الى القاهرة حيث تسلموا أسراكم الى المصريين وهم يفاوضون مكانكم على شروط التبادل. فسال تشي :ثلاث طائرات هل هذا ضروري.
    فقلت:سؤال جيد يا تشي قررنا في السابق ان تكونوا عشرة لكن ابو اياد لم يجد متسعا لتعديل البلاغات تقيدوا بما تطلبه البلاغات وعند انتهاء المهلة الثانية يمكنكم التخفيف من مطالبكم وتكتفون بطائرتين لكنه من الضروري جدا ان تضعوا هذه الطائرات بتصرفكم ,ارفضوا أي اقتراح مغاير كالمال الوفير مقابل إطلاق سراح الأسرى او ضمان سلامتكما وسلامة بقية الفدائيين.
    وأخيرا رجوتهما عدم الأفصاح عن وجودي لبقية الفدائيين المتوقع وصولهم في اليوم التالي وعدم ذكر مناقستنا هذه أمامهم.وأنهيت الحديث قائلا:سنعيد البحث أيضا مساء الاثنين.
    على أنني قبل ان نفترق وزعت الأدوار بينهما في المرحلة اللاحقة من العملية,تشي مشهور بأنه محارب قديم عليه إذا ضبط الوضع العملياتي من الناحية التكتيكية, لكنني كنت أفضل الرفيق الآخر من أجل التفاوض مع السلطات المحلية لذلك عينت محمد مصالحة مسؤولا سياسيا عن المجموعة.
    لا بد ان أقول بضع كلمات عن هذا الرجل الذي مثل تشي سوف يقتل اثناء العملية فقد سبق ان لقيته في لبنان الربيع الماضي وهو أحد ضباط العاصفة الشباب وقد تدرب على يد أبوعلي إياد وقد وضع نفسه مثل تشي تحت تصرف أبو إياد .
    سوف يدهش القاريء:كان محمد يتكلم الألمانية وكنت اجهل هذا عندما كنا في ميونخ. كيف لي ان أعرف ذلك؟ خلال الثمانية الأيام التي قضيناها معا كنا نتناول وجبات الطعام سوية في المطاعم لم اسمعه يقول أي كلمة بالألمانية ولا حتى لنادل ما فهو لم يتكلم مع أي كان غيري أنا ويوسف.
    لكننا عندما كنا نتناقش بدا لي من الناحية السياسية اكثر نضجا من تشي إضافة أنه كان رجلا هادئا بعكس يوسف الذي كان مقاتلا باسلا لكنه زلق اللسان أكثر ما يجب بالنسبة إلي وقد يثور غضبه أحيانا .
    البـدء بتنفيـذ العملية

    صباح 4/9 أعطيت الإشارة للاستعداد فاتصلت باكرا بتشي ومحمد في فندقهما أعلمتهما قائلا :نلتقي في المحطة بعد الظهر , وكنت قد اشتريت قبل يومين ثماني حقائب رياضية وبذلات تدريب كما اشتريت الكثير من الجوارب ليستعملوها كغطاء للرأس وعدة امتار من الحبال وسكاكين وأمواس حلاقة وعدة للإسعافات الأولية ومؤنه من المعلبات الغذائية تكفيهم ليومين أو ثلاثة تقريبا ,
    والتقيت لاحقا قائدي المجموعة في المحطة وهما كانا قد ذهبا لتناول الغداء مع الرجال الذين وصلوا مساء أمس وأعادوهم بعدها إلى فنادقهم ,توجهنا نحن الثلاثة لأخذ حقائب الأسلحة المخبأة في خزانات الودائع ثم أخذناها إلى فندقي المعتاد "ادن والف" وقمنا بتوضيب الأسلحة في الحقائب الرياضية كل رشاش لكل حقيبة مع مخازن الرصاص وقنبلة او قنبلتين كما أضفنا السندويشات التي قمت بتحضيرها وبقية المؤونة التي اشتريتها في الصباح ومن ثم قمنا بتوزيع الحقائب على الفدائيين كل ثلاثة فدائيين في فندق منفصل عن بقية الفدائيين وبعد ان انتهينا حددت لهما موعدا الساعة التاسعة مساء للحضور مع الرفاق الستة يدفعون ايجار غرفهم ويتأكدون من عدم تركهم فيها أي شيء يثير الشبهات.
    وفي الوقت المحدد حضر أفراد المجموعة وكانوا جميعهم قد لبسوا البذلات الملونة التي اشتريتها, فذهبنا مباشرة إلى مطعم المحطة الذي يبقى فاتحا أبوابه طوال الليل.
    بإستثناء القائدين لم أكن أعرف أحدا من هؤلاء الفدائيين القادمين جميعهم من مخيمات لاجئينا في لبنان,لكنني لم أكن متأكدا من أحدا منهم لم يرني من قبل أثناء ترأسي "الشعبة 48" أو على رأس ميليشياتنا في لبنان,على أي حال قدمني تشي بأنني برازيلي أساعد الثورة الفلسطينية وحرصت بالتالي ألا أتكلم العربية.
    وكما تفرض القاعدة في هذا النوع من العمليات كان هؤلاء الشبان الذين تلقوا تدريبا مكثفا في ليبيا يجهلون كل شيء عن حقيقة المهمة التي تنتظرهم لذا كان العرض الذي قام به قائدهما لهذه المهمة أثناء الأكل طويلا جدا من جهتي تدخلت قليلا مكتفيا بالتحقق عن استيعابهم الكامل للأمور التي تناقشنا فيها أول أمس.
    لكنني في النهاية تكلمت موضحا بعض النقاط الأولى وقد شددت عليها قبل يومين: التعليمات تقضي ليس بقتل الأعداء بل بأخذ اسرى وبعمل كل ما يمكنهم لإبقاء الأسرى على قيد الحياة.
    كذلك شددت على اعلامهم بأنه على الارجح قد لا يتمكنون من الحصول على إطلاق جميع المعتقلين وقلت لهم ليس العدد هو المهم, المهم أن تقبل إسرائيل بمبدأ المبادلة كما حذرتهم من بعض الافخاخ التي قد تنصب لهم: لاتدعونهم يخدعونكم بالاعتبارات الانسانية ولا تقبلوا بأي وساطة للصليب الأحمر وتابعت قائلا على أنكم لا تستطيعون رفض طلب الألمان للتحقق من وضع أسراكم لكن بإستثناء هذه الحالة التي يجب ألا تكرر وبشرط ان يقوم بها مسؤول رفيع المستوى لن تسمحوا لاحد اطلاقا بالدخول إلى الشقة التي تسيطرون عليها.
    انهيت حديثي بلفت إنتباههم إلى وسائل النقل الي ستعرض عليهم لتقلهم إلى الطائرات التي ستوضع في تصرفهم كي يغادروا البلاد:إذا قدموا لكم باصات يستغرق وصولكم الى مطار ميونخ اربعين دقيقة اما اذا قدموا مروحيات فلن يلزمكم سوى مابين خمس إلى عشر دقائق فإذا كانت أوقات الإنتقال أطول مما أشرت اليكم فهذا يعني انهم يأخذوكم الى مكان آخر ان فخا ينصب لكم.
    كانت الساعة الثانية والنصف صباحا عندما تركنا المطعم وطلبت من الجميع إعطائي جوازات سفرهم,وألا يبقوا معهم أي شيء يدل من أين أتوا, صعدنا في تاكسيات وإتجهنا الى القرية التي نزلنا على مسافة من المدخل الغربي كنا نريد التأكد ان كل شيء يبدو طبيعيا في المكان حيث كان علي ان أقوم بدور الارتكاز كي يعبر الجميع السياج المعدني الذي يعلو مترين ويحيط بالقرية.
    الأسبوع المنصرم أتيت انا وقائدي الفدائيين عدة مرات لاستكشاف المكان وهو على مقربة من المدخل الغربي الذي لا يبقى مفتوحا في العادة إلا حتى منتصف الليل.
    وعندما حضرت نفسي لأساعد الرجال في العبور رأينا على بعد عشرات الأمتار منا مجموعة من الناس تخرج من المبنى ثم آخرون يغنون ويقهقهون , وصرخ تشي:أمريكيون.
    فأسالته:هل أنت متأكد؟قال :بالطبع مع هذه النبرة واللهجة المماثلة لا يمكن أن أخطي.
    هاهم يصلون الى مدخل القرية والأبواب مقفلة بعض منهم بدأوا يحاولون تسلق السياج المشبك,كان هؤلاء من الرياضيين العائدين الى شققهم.
    قلت لتشي:بسرعة لنلحق بهم ! اخبر الجميع إلا أنني شعرت انه متردد فالسياج عند المدخل أعلى مما حيث كنا.
    فاستدركت قائلا:إسمع هذه فرصة ذهبية مع كل الضجة التي يحدثونها من الأفضل ان نندس بين هؤلاء الرياضيين
    وفي حال وجود من يراقبنا لن يلاحظنا أحد.

    الجزء الثالث



    لم نختلط بمجموعة الأمريكيين فحسب بل ساعدناهم أيضا في تسلق شباك المدخل, فشكرونا ظانين أننا فريق من الرياضيين,هكذا قمت أنا واثنين من الفدائيين برفع بعض منهم إلى فوق على أيدينا وأكتافنا والجميع يتابع الضحك والغناء وعند بلوغهم أعلى السياج لم يترددوا في مد يد العون إلى رجالنا وكانوا يصرخون:يا هذا اعطني حقيبتك!
    وتشي الذي كان يفهم بالإشارة يجيبهم :أوكي ,أوكي ….
    كان المنظر خياليا ان ترى هؤلاء الأمريكيين -الذين بالطبع لا يشكون إطلاقا في انهم يساعدون مجموعة من فدائيي "أيلول اسود" الفلسطينيين في الدخول إلى القرية الأولمبية – يمدون أيديهم يأخذون حقائبنا المليئة بالأسلحة ويضعونها على الجهة الأخرى من السياج.
    كانت الساعة قد قاربت الرابعة صباحا, وكنت أميز رجالنا بصعوبة في ظلام الليل لكنني استدللت عليهم بصيحات الأمريكيين , ورأيت فدائيينا ينفصلون عنهم شيئا فشيئا ويتجهون بشكل مفاجئ نحو اليمين.
    قلت في نفسي جيد بعد بضع دقائق يبدأون أما انا فابتعدت بسرعة.
    عدت الى فندق متروبول في الرابعة والنصف حيث لم أتمكن من النوم كنت من وقت لآخر أدير الراديو أحاول ان استمع الى نشرات الأخبار ولكن لم يكن هناك سوى الموسيقى قضيت هكذا ساعة ثم ساعتين وفي أخبار الساعة السابعة لم يكن هناك من أخبار عن عمليتنا, هل يمكن ان يكون فدائيونا قد فشلوا ؟
    كنت قد اتفقت مع تشي ومحمد مصالحة على أنني في جميع الحالات سأذهب باكرا في بين الساعة الثامنة والتاسعة الى محطة الباصات مع جوازات سفر الجميع حتى إذا فشلت العملية وتمكنوا من الخروج من القرية ينتظرونني هناك فأحاول عندها إخراجهم من البلاد.
    إلا انه في أخبار الساعة الثامنة ورد الخبر:خمسة رجال مسلحين – من الفلسطينيين كما حدد الخبر – اقتحموا قبل الفجر بقليل شقق البعثة الأولمبية الإسرائيلية وقد قتل إسرائيلي واحتجز ثلاثة عشر آخرون وقد هدد الفدائيون في بلاغ إلى السلطات الألمانية بقتل الرهائن إذا لم يفرج عن عدد من المعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل وعن أشخاص آخرين. قلت في نفسي:لقد قضي الأمر, عملية "أكرت وكفار برعم" قد انطلقت.
    بعد سماعي مقتطفات الأخبار هذه,أثارت حيرتي ثلاثة عناصر فيها أولا بدا لي أن عدد الإسرائيليين المحتجزين قليلا:ثلاثة عشر وهو اقل من نصف ما كنت أتوقعه, ثم هناك الرجل الذي قتل:لماذا ؟وفي أي ظروف. أخيرا جرى الكلام عن مجموعة من خمسة فلسطينيين وليس ثمانية هل أخطأت الشرطة الالمانية في تقديراتها؟أم وجد ثلاثة من رجالنا في حمى المعركة مفصولين عن بقية الفدائيين؟ أسرعت إلى المحطة لعل الرفاق الثلاثة ينتظرونني هناك إلا أنني لم أرى أحدا وفكرت قائلا: لابد ان الرجال معا والشرطة تجهل قوة مجموعتنا الحقيقية.
    كانت الساعة تجاوزت التاسعة لم أكن أشك ان الفدائيين قد اعطوا المهلة الاضافية النتفق عليهاحتى الظهر.
    عند أخبار الساعة العاشرة استمعت إلى أل"بي بي سي" يبدو ان الأمور كانت تحدث وفق السيناريو الذي تخيلناه فقد مددت المهلة المحددة إلى الظهر وقامت بعثة مؤلفة من وزراء بافاريين ومصري من أعضاء اللجنة الأولمبية وألتقوا أحد مسؤولي الفدائيين وكان الأخير على اتصال دائم مع السلطات الألمانية عبر شرطية مترجمة.
    إلا أن عدد الأسرى لم يكن سوى عشرة إذ تمكن اثنان من الفرار وليس ثلاثة عشر كما أذيع في السابق.
    من جهة أخرى تأكدت وفاة أحد الإسرائيليين وأعطت الإذاعات اسمه عند الساعة الحادية عشرة موشيه وابنبرغ مدرب فريق المصارعة,كنت مقتنعا بأنه لم يقتل عمدا فهو من هؤلاء الرياضيين الذين حتى مجردين من السلاح يستطيعون عرقلة الفدائيين .
    كنت لا أزال في شارع المحطة جالسا في أحد المقاهي حيث يوجد تلفزيون وشاهدت ما كانت تبثه المحطات الألمانية كانت تبث وتكرر صور المبنى 31 ومحيطه هكذا رأيت رياضيين مزيفين ممدين على سطوح المباني المجاورة أو متنقلين من شرفة لأخرى ببذلات التدريب يحملون بنادق بنظارات مقربة:انهم قناصة الشرطة الألمانية ,كذلك كانت تبث صورا مؤثرة تظهر محمد مصالحة عرفته من قبعة الشاطئ وبذلته السافاري وهو يتكلم مع الشرطية المترجمة أمام مدخل المبنى 31 لاحظت في هذا الشأن ان رجالنا لم يحتاجوا الى كسر باب المدخل الزجاجي لأنه لم يقفل بالمفتاح في الليلة السابقة وقد أجرى أحد الصحافيين حديث مع أحد الإسرائيليين الذين تمكنوا من الفرار من فدائيينا وكان يمني الأصل :لحظة نجاحه في الهرب من بين مجموعة من الأسرى – كلهم رافعي الأثقال أو المصارعين – أثناء قيام رجالنا بنقلهم إلى الشقة عند زاوية المبنى كان موشيه واينبرغ(14) بينهم .بحسب شهادة هذا الإسرائيلي تأكدت انه لا بد ان يكون حصل بعد ذلك حادث خطير بشكل كاف ليجبر فدائيينا لقتل ذلك الأسير.
    في هذا الوقت انتهت المهلة الثانية المحددة ظهرا وكانت التقارير التلفزيونية تقول أن محمد الخطيب وهو مصري مدير مكتب الجامعة العربية في بون نقل عرضا إلى الفدائيين بفدية غير محددة ومبادلة الرهائن بشخصيات ألمانية رفيعة المستوى تحل محلهم ولم أتفاجأ حين علمت ان رجالنا قد رفضوا العرض وأشير أيضا ان مجلس الوزراء الإسرائيلي عقد اجتماعا في الصباح ولكن غولدا مائير لم تأت على أي ذكر لإطلاق سراح محتمل للمعتقلين , الوضع كان متأزما ومع هذا أعطى الفدائيون مهلة أخيرة لساعة باديء الأمر ثم حتى الساعة الثالثة بعد الظهر.
    قررت عند هذا الذهاب الى الحديقة الأولمبية وكانت الألعاب مستمرة كأن شيئا لم يكن وفي المقابل كانت القرية الأولمبية ومحيطها تحت الحصار وفي أقرب نقطة من المدخل الغربي حيث تم إدخال الفدائيين كان الصحافيون يتسلقون أي شيء بغية تسليط عدساتهم على مؤخر المبنى 31 وتجمعن ايضا جمهرة من المتسكعين على ربوة يمكن منها رؤية المبنى فاندسست بين هؤلاء.
    لم تكن الطوافات تكف عن الدوران لكن الجو كان بعيدا عن التوتر وأعلنت الإذاعات أن طعاما أوصل للرهائن وأن المهلة النهائية مددت للساعة الخامسة.
    كان هناك انطباع بان تسوية قد تحصل بين السلطات الألمانية والفدائيين على الرغم أننا نسمع من الراديو رفض الحكومة الإسرائيلية رفضا قاطعا الموافقة على أي إطلاق للمعتقلين الا ان هذا الانطباع انعكس فجأة منتصف بعد الظهر إذ تأكد مقتل ضحية ثانية من بين الإسرائيليين المحتجزين واسمه جوزيف رومانو(15) رافع أثقال ,كنا نقترب من المهلة النهائية التي حددها رجالنا , رأيت عند الساعة الرابعة والنصف المصفحات المزودة بالرشاشات تدخل القرية وبعد نحو خمس عشرة دقيقة حصلت حركات سريعة جامحة لرجال شرطة يلبسون السترات الواقية ومن بين الكثيرين المتجمعين حول القرية راجت فكرة بأننا لم نعد سوى على بعد دقائق من خاتمة مأسوية,وإذ تخطى الوقت الساعة الخامسة لم تسمع أي طلقة وأعلنت النشرات الإذاعية ان وزير الداخلية هانس غينشر كان يتفاوض مع الفدائيين وانه تمكن من محادثة ورؤية الرهائن ,في الخامسة والنصف خفت حدة الإجراءات الأمنية واخذ بعض المروحيات يحط بالقرب من القرية وبعد نصف ساعة بدأوا للوهلة الأولى بذكر التحضيرات لرحيل الفدائيين مع رهائنهم على متن طائرة من شركة لوفتها نزا.
    في هذا الوقت أعلن عن تأجيل مباراة ألمانيا الاتحادية مع المجر بكرة القدم الى الغد وقد استطعت من حيث اقف مشاهدة عشرات ألوف من المتفرجين وهي تتجه بصمت إلى محطة المترو كان مشهدا مؤثرا وفي القرية انخفض التوتر فقررت عندها التوجه والعودة الى المدينة إذ كان يجب ان احجز على إحدى رحلات اليوم التالي الى تونس عبر روما قبل ان تقفل مكاتب الطيران.
    فور عودتي الى الفندق طلبت من البواب تحضير الحساب لأنني انوي السفر في الصباح وقرب مكتب الاستقبال كان بعض الزبائن يشاهدون التلفزيون فبقيت برفقتهم لبعض الوقت .
    في اخبار التاسعة مساء:لقد قدم الطعام مجددا بعد الثامنة بقليل إلى المحتجزين مع رجالنا.
    من الفندق تمكنت من مشاهدة التلفزيون ,بحسب ما كانت تعرضه المحطات الألمانية كانت التحضيرات من اجل رحيل رجالنا مع رهائنهم تسير على قدم وساق المخططات تظهر المروحيات التي ستنقلهم الى المطار و الباص الذي سينقلهم أولا الى المروحيات وبعض الكاميرات مسلطة على مدخل المبنى 31 وواجهته التي تنيرها اضواء الشرطة الكاشفة وفي إحدى اللحظات رأينا حتى الرهائن التسعة يظهرون على احدى النوافذ ثم يتقدمون الى إحدى الشرفات كانت أيديهم موثقة خلف ظهورهم .
    عندما رأيت كل تلك الصور, لم أكن تخيل أبدا ان السلطات الألمانية كانت تتظاهر بلعب ورقة الإقلاع الى مصر بغية تحضير افضل للفخ الذي كانت تنصبه لرجالنا لكن عندما يرى رجال الشرطة الأسرى يخرجون من المبنى وهم مقيدون الواحد تلو الآخر ورفاقنا الثمانية وليس الخمسة كما تعتقد الشرطة ملتصقين بهم مشكلين مجموعة متراصة لم يكن عندي شك انهم سيستنتجون انه بات مستحيل الإيقاع بهم إلا إذا أرادوا قتل الجميع, صعدت الى غرفتي وعدت الى الاستماع لمحطات الإذاعة ولم تكن الساعة قد تجاوزت العاشرة مساء عندما غالبني النعاس إلا أنني بقيت مستيقظا وسمعت نشرة العاشرة تقول أن الفدائيين وأسراهم صعدوا في الباص لكنني لم اسمع الملحق بعد نصف ساعة ينبئ بمغادرتهم القرية على متن المروحيتين ولا ملحقات الساعة الحادية عشرة وما بعدها والتي ذكرت أولى الإشتباكات في مطار فورشتنفلد العسكري حيث كان سيقلع رجالنا وأسراهم بإتجاه القاهرة.
    النهايــة المأساويــة
    كانت الساعة الخامسة أو السادسة صباحا عندما استيقظت مذعورا لا اذكر لأي إذاعة كنت استمع لكنهم كانوا يتكلمون والكلام مرعب:كل الرهائن قتلوا كذلك خمسة من رجالنا الثمانية إضافة الى شرطي وقائد مروحية ألمانيين
    وهذا مخالف للاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل بضع ساعات و تداولته كل الإذاعات فقد كان هناك فخ منصوب في مطار فورستنفلد بروك.
    وقد أذاعوا التفاصيل: ما ان هبطت المروحيتان حتى بدا إطلاق النار استمرت المعركة ثلاث ساعات ليس هناك أدنى شك حول من كان المبادر الى فتح النار قناصة الجيش الألماني كما اعترف الدكتور برونو ميرك وزير داخلية مقاطعة بافاريا دون مواربة عندما استصرحه الصحافيون في الصباح الباكر.
    وذكى كلامه نظيره في الحكومة الاتحادية هانز غينشر قائلا:لم يكن أمامنا خيار آخر" في النهاية ولسوء حظ الرهائن التسعة ورفاقنا الخمسة أذعنت السلطات الألمانية لأوامر غولدا مائير.
    لكنه لم يكن لدي وقت للاستماع الى المزيد علي مغادرة الفندق بأسرع وقت ممكن كنت اجهل هوية الناجين الثلاثة من فدائيينا الذين أصيبوا بجراح فإذا كان بينهم تشي ومحمد مصالحة ونجحت الشرطة الألمانية في إجبارهم على الكلام بعد تعذيبهم بشتى الطرق كنت أخشى أن يأتوا ويلقوا القبض علي في أي لحظة.
    بعد ساعة كنت في مطار ميونخ-رايم لكنني كنت خائفا إذ احمل في حقيبتي جوازات سفر الفدائيين الثمانية وان يتم تفتيشي حسب الأصول, فهناك الكثير من رجال الشرطة في المطار وتخليت كل الاحتمالات كنت أخشى لحظة تدقيق جواز سفري إذ ان عليه الإسم الذي نزلت به بالفندق في الغرفة 330 سعد الدين والي لكن لم تحدث أي عرقلة عندما وصلت اللحظة المقدرة إلا أنني عندما تخطيت هذا العائق وكنت أنتظر في غرفة المسافرين لم أحاول الاستماع للراديو حتى لا الفت أي انتباه في المطار ماهو شعوري أخيرا عندما صعدت إلى الطائرة؟.
    كنت حانقا لخبث الألمان كانوا قد أعطوا كلمتهم ثم نكثوا بها تلك المجزرة على مطار فورشتنفلد بروك ليست ما كنا نريد والبرهان الوافي على ذلك موقف رجالنا الذين كانوا دائما يؤجلون موعد انتهاء المهلة التحذيرية إلى وقت لاحق بهدف المحافظة على حياة رهائنهم .
    لكنني في الوقت نفسه كنت اشعر بالاعتزاز فحتى الآن وعلى الرغم من بسالة الفدائيين وروح التضحية عندهم-وهذا ما أظهرته معركة الكرامة ولكن من يتذكرها؟- لم يكن أحد يعترف للفلسطينيين بشجاعتهم في القتال فقد كان فدائيونا صلبين.
    مـا بعد ميونـخ
    في ذلك الصباح 6 أيلول كنت لا أزال أجهل في الحقيقة إن كان رجالنا أم الألمان هم الذين قتلوا الرهائن لكنني كنت معتزا أيضا لتحققي من ان الحكومة الألمانية لم تنجح في قتل الفدائيين دون أن تتسبب في مقتل الرياضيين الإسرائيليين لربما اعتقدوا انه يكفي أن يقتلوا بعض العرب كي يستسلم الباقون دون قتال(16) .
    لقد أنشأ الإسرائيليون دولة بكل الوسائل نظيفة أو غيرها وقد تعلمنا منه الدرس فلماذا يغضب العالم منا.
    بعد عشرين سنة من الوقائع افترضت صحيفة جيروزالم بوست في عددها 16 تموز 1992 ان من الممكن ألا يكون الرهائن قد سقطوا على أيدي رجالنا فقط على مدرج المطار وقد استغربت الصحيفة كيف أن الألمان لم ينشروا أبدا نتائج تشريح الإسرائيليين ولا الكشوف الباليستية التي تحدد مصدر الطلقات التي قتلتهم كما ان الحكومة الإسرائيلية لم تحصل ولم تطلب اطلاعها على هذه الوثائق بالرغم من طلبات الضحايا المتكررة حتى لكأن السلطات الألمانية والإسرائيلية لم ترغب في كشف الحقيقة كاملة.
    من جهتنا اكتفينا بترك الكثير من الغموض يكتنفها وعلي الاعتراف باننا لم نحاول على مدى عشرين عاما تقديم كل الإيضاحات ولا أن نطلع العالم على ما حدث فعلا لا بل أننا أضفنا إليها أخبارا مضللة وقد تضافرت أسباب كثيرة أولها أننا رأينا غداة العملية وفي الأشهر التي تلت أن لا شيء يجب أن يشوه في نظر مواطنينا السمعة التي حققها فريقنا بفضل عمليتنا في ميونخ في ما يتعلق بشجاعته وعدائه الشرس لإسرائيل وحلفائها.

    نجاح العملية في تحقيق أهدافها
    بعد قليل من وصولي إلى تونس استقبلني ابو اياد الذي قال لي:برافو !صحيح أننا لم نستطع تحرير بعض رفاقنا السجناء غير أننا حققنا جميع أهدافنا الأخرى واكثر حتى !
    ثم راح يعدد ما حققناه قائلا انهم كانوا يحاولون إقصاءنا عن هذا التجمع الدولي ولكننا فرضنا وجودنا وبفضل ما وفرته هذه الألعاب من صدى سمع الرأي العام العالمي بالقضية الفلسطينية ومن النتائج التي لا تقل شانا أن ضربتنا قد شوهت الصورة المكونة في العالم العربي عن مناعة الإسرائيليين لكأننا نحقق نصرا آخر شبيها بمعركة الكرامة.
    وزاد ابو اياد معلنا:ليس هناك سوى هتافات الفرح في كل مخيمات اللاجئين من لبنان إلى سوريا إلى غزة.
    عدت مع ابو اياد إلى ليبيا وروى تفاصيل ما حدث فقد كان مطلعا اكثر مني بعدما استمع إلى كل الإذاعات أطلعني أولا على الظروف التي أشعلت إطلاق النار موضحا انه ما أن حطت طارتا الهيلوكبتر في مطار فورشتنفلد بروك حتى ذهب تشي ومحمد لتفتيش طائرة اللوفتهانزا ولحظة رجوعهما باتجاه طائرتي الهليكوبتر فتح الألمان نيراهم من مباني المطار فسقط الاثنان فورا إضافة إلى واحد أو اثنين من الرفاق الذين نزلوا من الطائرتين محاولين منع الطيارين ومساعديهما من التدخل.
    تحسرت عندما علمت أن رفيقي كانا من أوائل الذين أصيبوا لكن هذا لم يمنعني من الاعتراف بأنهما لم يكونا على جانب كبير من الحذر عندما إبتعدا عن الآخرين ما كان الألمان ليتجرأوا على إطلاق النار لو أن رجالنا انتقلوا جميعا إلى الطائرة مصطحبين الرهائن.
    وتابع ابو اياد: ثلاثة من جماعتنا مرميين أرضا قتلى أو ربما جرحى أما الآخرون الذين كانوا يحتمون تحت الهليكوبتر أو في داخلها مع الرهائن كان باستطاعتهم ان يتفرقوا ويرموا أسلحتهم مستسلمين. لكن لا!فبعدما سقط رفاقهم في الهجوم تصرفوا كما يجب وردوا منتقمين وهم يعلمون انهم في هذا الظرف بالذات يقومون بعمل انتحاري وعندما تدخلت المدرعات الألمانية بدورها قرر رجالنا أن يقتلوا الرهائن, ولكي لا نبقى محتقرين ذهبوا في الأمر حتى النهاية كل هؤلاء الرجال أبطال.
    كنت أستعيد ما سبق أن قاله أبو اياد عن هتافات الفرح في كل المخيمات بالنسبة لمواطنينا اتخذت العملية طابع النصر الكبير وخصوصا أن إشاعات ذكرت أن مسؤولين كبار في أجهزة الأمن الإسرائيلية قد أرسلوا على جناح السرعة وساعدوا الألمان في المواجهة النهائية,ولكن سواء كان الخبر صحيحا أم كاذبا حول الكمين وبنوع خاص بسبب تصلب غولدا مائير فإن مواطنينا ما كانوا أبدا ليسامحوا رجالنا الذين نجوا من الرشقات الأولى لو انهم لم ينـتقموا من الرهائن ,انه السبب الحقيقي الذي جعلنا نغطي الروايات التي روجت أن رجالنا هم الذين قتلوا الإسرائيليين فوق مدرج المطار فورشتنفيلد بروك.
    وقد سلمنا نصا الى وكالة وفا يعرض تفاصيل جديدة من "مصادر خاصة" تؤكد أن "رجالنا فجروا قنابلهم داخل طائرتي الهليكوبتر مما أدى الى استشهادهم والى موت الرهائن وبعض الطيارين"وقد تمسكنا بتلك الرواية الى درجة أننا نسينا أن طائرة هليكوبتر واحدة فقط احترقت في الحقيقة.
    وليس هذا كل شيء فعندما أخبرنا بعد ذلك أحد الناجين الثلاثة أن الرهائن في الهيلوكبتر التي كان منبطحا تحتها قد قضوا برصاص الألمان حرصنا, جيدا على عدم إعلان ذلك.
    وحتى عام 1978 استمر أبو إياد عندما نشر مذكراته متمسكا بتلك الرواية التي ساهمنا جميعا في نشرها.
    أخذ الألمان يشيعون جملة من الأنباء حول التواطؤ الذي أفاد منه الفدائيين في المكان وعلى ذمتهم فان بعض رجالنا توصلوا إلى تدبير أعمال في القرية الأولمبية فعمل أحدهم طاهيا في المطعم وآخر كمهندس .. الخ .
    بعد ذلك فهمنا لماذا أصر المسؤولون الألمان على هذه الأنباء فبعدما تكاثرت عليهم الانتقادات الموجهة إليهم حول الخفة في تامين حماية ضيوفهم خلال الألعاب كان عليهم أن يوضحوا انهم وان اتخذوا إجراءات خاصة فان ذلك ما كان ليغير شيئا اذ ان مجموعة أيلول اسود كانت قد زرعت رجالها في المكان.
    ومن سخرية الحكاية ان ابو اياد قد سعى لتأكيد الإيحاءات الألمانية لكي لا يسعى أحد إلى التفتيش مرة أخرى.

    ردة الفعـل الإسرائيلية
    لم يتأخر الرد الإسرائيلي الانتقامي فبعد ثمان واربعين ساعة قصف الطيران الإسرائيلي العشرات من القواعد ومخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان وقد سقط نتيجة الغارة اكثر من مئتي قتيل غالبيتهم من المدنيين إلا أن القاذفات لم تستهدف في أي لحظة القاعدة الواقعة شمال صيدا حيث تم إعداد متطوعي مجموعتنا وهذا يؤكد أن أعدائنا كانوا يجهلون كل شيء عنا.
    ويروى أيضا أن غولدا مائير وانتقاما لعملية ميونخ قد أعطت الضوء الأخضر لتصفية القادة والمسؤولين الفلسطينيين الذين يمكن أن يكونوا قد ساهموا فيها من بعيد أو قريب بحسب تعليمات أجهزة الموساد.
    لا اعتقد أن هذا الأمر يتعلق فقط بالانتقام لميونيخ فقد كانت مجموعتنا تضرب من جديد حيث كان طموحنا توجيه الضربات إلى الأجهزة السرية الإسرائيلية العاملة في أوروبا حيث في نفس الأسبوع لعملية ميونخ في 10/9 أطلق النار على ضابط موساد إسرائيلي في بروكسل وقد تبنت مجموعتنا "أيلول الأسود" العملية.وقد برهنت هذه العملية بتوقيتها بعد عملية ميونخ أن الفلسطينيين باتوا يعرفون كيف يعملون في الخفاء وكيف ينشئون الشبكات وينظمون العمليات الهادفة.وقد برهن على ذلك سلسلة العمليات التي نفذت بعد ذلك التاريخ.
    بنقلنا الصراع إلى أوروبا أوجدنا ارض معركة حيث أمكننا انتزاع المبادرة من الإسرائيليين وابعد من الرغبة في الانتقام لميونيخ اعتقد أن تزامن عملياتنا هذه مع الأعمال الانتقامية التي مورست ضد شعبنا هو أساس حملة الاغتيالات التي أطلقها قادة الدولة الصهيونية ضد من استطاعوا أن يصلوا من جماعتنا .
    وبرهاني على ذلك الأهداف التي حددت لفريق التصفية التابع للموساد فالضحية الأولى كان وائل زعيتر ممثلنا في إيطاليا اغتيل في 16/10 أما الضحية الثانية فكان محمود همشري ممثلنا في باريس في 8/11 اثر انفجار هاتفه وفي يناير قتل مندوبنا في قبرص حسين أبو الخير وفي هذه الأثناء تسببت رسالتان مفخختان في إصابة ممثلنا في الجزائر ابو خليل وفي ليبيا مصطفى عوض بجروح بالغة متسببة لهما في إعاقات دائمة وهم ليس لهم علاقة بعملية ميونخ.
    وبما انه كان على الموساد ان يبرر اغتيالاته هذه فهو اتهم هؤلاء الرجال بالتورط في عملية ميونخ بشكل أو آخر.

    الإفراج عن السجناء الثلاثة
    وللمفارقة, وفيما بدأت "حرب خفية" حقيقية بيننا وبين الإسرائيليين شرع الألمان بمحادثات سرية مع قادتنا ودافعهم في ذلك التفتيش عن وسيلة للتخلص من الفدائيين الثلاثة الناجين والمحتجزين لديهم وهم يعتمدون في ذلك علينا هذا ما سارع به كمال العدوان(17) إلى إخباري به بعدما تقرب منه الألمان.
    لم تكن مبادرة الألمان لتفاجئني فرفاقنا الثلاثة(18) كانوا سيخضعون للمحاكمة التي يمكن أن تبرز أخطاء الألمان إلى الواجهة, وقد صرح على لسان أيلول اسود أحد مسؤولي دائرة الإعلام في حركة فتح إلى مجلة كويك" انهم قادرون على التصرف في أي وقت والطائرات الألمانية تملا الجو" وهذا يعني بشكل واضح إذا لم تفرج ألمانيا في إطلاق الناجين الثلاثة فان أيلول اسود ستهاجم الطائرات الألمانية.
    لم تعجبني تلك التصريحات ولم تعجب ابو اياد ويبدو ان الألمان صدموا بالإنذار المنشور في كويك فعرضوا عن طريق كمال العدوان بعرض انهم مستعدون لان يدفعوا فورا تسعة ملايين دولار إضافة لمبلغ سنوي يمكن تحديده شرط ان تقبلوا العمل وفق سيناريو يقضي بتنفيذ عملية خطف مدبرة لإحدى طائراتهم فيسارعون لاطلاق السجناء.
    فقاطعت كمال العدوان قائلا:ماذا يعتبروننا؟ أنت تعرف ان خطف الطائرات هو ضد مبادئنا وحتى لو تظاهرنا بذلك فان كل أموالهم لا تكفي لتعويض الخسارة التي ستمنى بها صورتنا والقضية الفلسطينية, نحن لسنا قراصنة.
    وأضفت قائلا: نعرف كيف نحررهم في الوقت المناسب.
    أيدنى في رفضي للعرض الألماني أبو أياد حين أبلغته به, ولكن يبدو ان فلسطينيين آخرين دخلوا اللعبة التي عرضها الألمان, إذ في 29/10 علمت أن فدائيين خطفوا طائرة "بوينغ 727" تابعة لشركة لوفتهانزا وانه تمت الموافقة فورا على إطلاق السجناء الثلاثة.فمن كان هؤلاء الخاطفون؟
    علمت في النهاية من نظمها وقبض بعدها المال الذي وعد به الألمان فهو لم يكن سوى وديع حداد قائد العمليات الخاصة في الجبهة الشعبية وقد روى لي أبو عصام المسؤول البارز في الجبهة انه إزاء رفضنا التعاون معهم قرر الألمان وهم على عجلة من أمرهم ان يدقوا باب وديع حداد الذي قبل العرض وقبض المال من اجل تعويم خزينة الجبهة.

    ما بعـد ميونخ
    خلال شهر أكتوبر اضطررت للعودة إلى صوفيا كي استعيد المر سيدس التي تركتها في شهر آب مع الأسلحة الخاصة المخبأة فيها والتي قدمنا بها طلبا إلى شركة كينتكس ثم قدت السيارة وحمولتها الثمينة إلى مرفأ بورغاس على البحر الأسود وشحنت السيارة باتجاه لبنان وقام عاطف بسيسو بتسلمها من مرفأ بيروت.
    كانت هذه آخر زياراتي الى بلغاريا وأوروبا ذلك أننا تفاهمنا على أن أتفرغ أنا اكثر مستقبلا للنشاطات السرية لمجموعتنا في الشرق الأوسط فيما يستمر أبو أياد بالأشراف مباشرة على نشاطاتنا ضد الموساد في أوروبا وقد سجل في ذلك نجاحا فعليا عندما جرى اغتيال عميل إسرائيلي وسط مدريد في 26/1/1973 معروف باسم موشي حنان وقد نتج من قتل هذا العميل تصفية الشبكة الإسرائيلية في أسبانيا.
    وقد يتسائل القاريء بعد المرحلة التي بلغناها في بداية عام 1973 عن علاقة الأعمال التي ندعو اليها بعملية تحرير فلسطين,وفي هذا أسلم على غرار ما إعترف به أبو إياد أنها لا تمت لحروب التحرير التقليدية بصلة لكنها لم تصبح ضرورية الا بسبب الظروف الخاصة التي حكمت نضالنا, فقد شهد تراجعا مهما بعد طرد فدائيينا من الاردن وان جنوب لبنان لم يكن نظرا لقدراتنا العسكرية الساحة الفضلى لمحاربة الجيش الاسرائيلي, فخلال وجودي في بلغاريا شهر أكتوبر واستجابة لمطالب الحكومة اللبنانية المتكررة ألتزمت قيادة حركتنا الا تقوم وحداتنا مستقبلا بأية عملية ضد اسرائيل الا بعد موافقة مسبقة من بيروت حتى ان عرفات قرر أن يسحب بعض القوات من المناطق الحدودية لتنكفيء نحو الشمال أكثر ,ةقد نتجت من ذلك سلسلة من الصدامات في صفوف العاصفة,في هذه الأثناء تأخر وصول الاسلحة التي وعد بها السوفيات خلال الصيف.
    في هذه الأجواء رأينا ان لدينا دورا نؤديه كمجموعة تابعة للمقاومة فبمجرد ان نحرم حقنا البسيط او ان يحد هذا الدور في القدرة على القتال داخل وطننا لطرد الغاصبين منه ,كان من الطبيعي ان نثير العواصف حيثما استطعنا وذلك كي نذكر اعدائنا وجيراننا العرب والعالم بأننا مازلنا موجودون ولن نتخلى أبدا عن نضالنا.

    أسفرت أحداث أيلول وما تبعها في أحراش جرش وعجلون الى خروج قوات المنظمة نهائيا من الأردن مما اعتبر في نظر الكثيرين هزيمة قاسية.
    2- آرييل شارون رئيس الوزراء الحالي اشتهر بمجازره ضد الفلسطينيين خاصة مجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا سنة 1982 ومخيم جنين سنة
    2002 كان قائد قطاع غزة في ذلك الوقت.
    3- كان يقدر عددهم ب300 ألف لاجيء موزعين على مخيمات على طول ساحل البحر وحول بيروت.
    4- ابو علي اياد عضو اللجنة المركزية قائد قوات العاصفة في لبنان ودرعا وقائد القواعد الفلسطينية في أحراش جرش وعجلون
    استشهد في تموز 1971 أثناء المواجهة النهائية بين الفدائيين والجيش الأردني.
    5- ابو اياد من مؤسسي فتح أسس جهاز الرصد استشهد عام 1991 في تونس.
    6- ابو مازن محمود عباس أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رئيس الوزراء الحالي للسلطة الفلسطينية.
    7- أيلول اسود اسم وهمي استخدمته مجموعات في فتح لتغطية عملياتها الخارجية.
    8- عاطف بسيسو من مساعدي ابو اياد ترأس أجهزة الاستخبارات ومكافحة التجسس اغتالته إسرائيل سنة 1992.
    9- فخري العمري ابو محمد مساعد ابو اياد استشهد معه سنة 1991 في تونس.
    10- ميونخ مدينة في جنوب ألمانيا تابعة لمقاطعة بافاريا استضافت الألعاب الأولمبية وقعت فيها العملية.
    11- تشي واسمه يوسف نزال أحد ضباط العاصفة الشباب والقائد العسكري لعملية ميونخ ولد وعاش فترة في الكويت وفي أواخر
    الستينات التحق بصفوف فتح.
    12- علي ابو اللبن تاجر عضو في فتح ومن مساعدي ابو اياد وكان يسدي إليه خدمات بحكم سفره الكثير إلي أوروبا اغتالته إسرائيل بعد العملية بسنوات لضلوعه فيها.
    13- محمد مصالحة كان طالبا في ألمانيا عام 1965-1967 إلا انه لم يكمل دراسته في الهندسة مفضلا الانضمام لصفوف العاصفة.
    14- من مواليد حيفا عام 1939 كان أحد مديري مؤسسة اورد وينغانت وكان يكمل خدمته العسكرية في فرق المغاوير الخاصة.
    15- ولد عام 1939 في طرابلس الغرب وهو من افضل أبطال رفع الأثقال اشترك في حرب الأيام الستة على جبهتي الضفة الغربية والجولان كما اشترك عام 68 في اشتباكات عدة مع وحدات العاصفة في محيط نهر الأردن.
    16- يوم الخميس 7/9 صرح الدكتور ميرك "أقر بأننا كنا ننتظر أن يسلم الذين لم يقتلوا أنفسهم تحت وقع صدمة التراشق بالرصاص لكن هذا لم يحدث" ونشرت لوموند في عدد 9 أيلول تصريحات أدلى بها مدير شرطة ميونخ "انهم الفلسطينيون لم يدعوا أنفسهم لموت أول ثلاثة منهم في حين أننا كنا نأمل أن تؤدي الصدمة إلى استسلامهم
    17-كمال العدوان عضو اللجنة المركزية لفتح وعضو تنفيذية المنظمة اغتيل في شارع الفردان ببيروت هو وأبو يوسف النجار وكمال ناصر سنة 1973.
    18- عبد القادر الضناوي مازال حي يرزق, جمال الجشي وإبراهيم الجشي وهما نسيبان جمال مازال حيا أما إبراهيم فقد توفي بعد سنوات بنوبة قلبية.
    *المصدر:كتاب ابو داود"الطريق الى ميونيخ"

  9. #9
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    أخطر رجال المخابرات المصرية في اسرائيل

    في صباح يوم 13 يوليو من عام 1956 نشرت صحيفة الأهرام خبرا عابرا يقول : قتل العقيد مصطفى حافظ نتيجة ارتطام سيارته بلغم في قطاع غزة، وقد نقل جثمانه إلى العريش ومن هناك نقل جوا إلى القاهرة على الفور، ولم ينس الخبر أن يذكر أنه كان من أبطال حرب فلسطين وقاتل من أجل تحريرها .. لكنه تجاهل تماما انه كان أول رجل يزرع الرعب في قلب اسرائيل.


    ومصطفى حافظ رجل مصري من مدينة الإسكندرية التي يحمل أحد ميادينها أسمه الآن، كما أن له نصبا تذكاريا في غزة تبارى الإسرائيليون في تحطيمه عندما احتلوها بعد هزيمة يونيو 1967.
    كان (مصطفى حافظ) مسؤولاً عن تدريب الفدائيين وإرسالهم داخل إسرائيل كما انه كان مسؤولاً عن تجنيد العملاء لمعرفة ما يجري بين صفوف العدو ووراء خطوطه، فقد كان (مصطفى حافظ) باعتراف الإسرائيليين من أفضل العقول المصرية، وهو ما جعله يحظى بثقة الرئيس جمال عبد الناصر فمنحه أكثر من رتبة استثنائية حتى أصبح عميدا وعمره لا يزيد على 34 سنة، كما انه اصبح الرجل القوي في غزة التي كانت تابعة للإدارة المصرية بعد تقسيم فلسطين في عام 1947.
    وبرغم السنوات الطويلة التي قضاها مصطفى حافظ في محاربة الإسرائيليين إلا انه لم يستطع رجل واحد في كافة أجهزة المخابرات الإسرائيلية أن يلتقط له صورة من قريب أو من بعيد، لكن برغم ذلك سجل الإسرائيليون في تحقيقاتهم مع الفدائيين الذين قبضوا عليهم انه رجل لطيف يثير الاهتمام والاحترام ومخيف في مظهره وشخصيته.


    وكانت هناك روايات أسطورية عن هروبه الجريء من معتقل أسرى إسرائيلي أثناء حرب 1948، وقد عين في منصبه في عام 1949 وكانت مهمته إدارة كافة عمليات التجسس داخل إسرائيل والاستخبارات المضادة داخل قطاع غزة والإشراف على السكان الفلسطينيين، وفي عام 1955 أصبح مسئولا عن كتيبة الفدائيين في مواجهة الوحدة رقم 101 التي شكلها في تلك الأيام اريل شارون للإغارة على القرى الفلسطينية والانتقام من عمليات الفدائيين ورفع معنويات السكان والجنود الإسرائيليين، وقد فشل شارون فشلا ذريعا في النيل منه ومن رجاله وهو ما جعل مسئولية التخلص منه تنتقل إلى المخابرات الإسرائيلية بكافة فروعها وتخصصاتها السرية والعسكرية.
    كان هناك خمسة رجال هم عتاة المخابرات الإسرائيلية في ذلك الوقت عليهم التخلص من مصطفى حافظ على رأسهم (ر) الذي كون شبكة التجسس في مصر المعروفة بشبكة "لافون" والتي قبض عليها في عام 1954 وكانت السبب المباشر وراء الإسراع بتكوين جهاز المخابرات العامة في مصر.


    والى جانب (ر) كان هناك ضابط مخابرات إسرائيلي ثان يسمى "أبو نيسان" وأضيف لهما "أبو سليم" و"اساف" و"أهارون" وهم رغم هذه الأسماء الحركية من أكثر ضباط الموساد خبرة بالعرب وبطباعهم وعاداتهم وردود أفعالهم السياسية والنفسية.

    ويعترف هؤلاء الضباط الخمسة بأنهم كانوا يعانون من توبيخ رئيس الوزراء في ذلك الوقت ديفيد بن غوريون أول رئيس حكومة في إسرائيل والرجل القوي في تاريخها، وكانت قيادة الأركان التي وضعت تحت سيطرة موشى ديان أشهر وزراء الدفاع في إسرائيل فيما بعد في حالة من التوتر الشديد.

    وكان من السهل على حد قول ضباط المخابرات الخمسة التحدث إلى يهوه (الله باللغه العبريه) في السماء عن التحدث مع موشى ديان خاصة عندما يكون الحديث عن براعة مصطفى حافظ في تنفيذ عملياته داخل إسرائيل ورجوع رجاله سالمين إلى غزة وقد خلفوا وراءهم فزعا ورعبا ورغبة متزايدة في الهجرة منها.

    وكان الحل الوحيد أمام الأجهزة الإسرائيلية هو التخلص من مصطفى حافظ مهما كان الثمن.

    ووضعت الفكرة موضع التنفيذ ورصد للعملية مليون دولار، وهو مبلغ كبير بمقاييس ذلك الزمن، فشبكة "لافون" مثلا لم تتكلف أكثر من 10 آلاف دولار، وعملية اغتيال المبعوث الدولي إلى فلسطين اللورد برنادوت في شوارع القدس لم تتكلف أكثر من 300 دولار.

    كانت خطة الاغتيال هي تصفية مصطفى حافظ بعبوة ناسفة تصل إليه بصورة أو بأخرى، لقد استبعدوا طريقة إطلاق الرصاص عليه، واستبعدوا عملية كوماندوز تقليدية، فقد فشلت مثل هذه الطرق في حالات أخرى من قبل، وأصبح السؤال هو: كيف يمكن إرسال ذلك "الشيء" الذي سيقتله إليه ؟.

    في البداية فكروا في إرسال طرد بريدي من غزة لكن هذه الفكرة أسقطت إذ لم يكن من المعقول أن يرسل طرد بريدي من غزة إلى غزة، كما استبعدت أيضا فكرة إرسال سلة فواكه كهدية إذ ربما ذاقها شخص آخر قبل مصطفى حافظ.

    وأخيرا وبعد استبعاد عدة أفكار أخرى بقيت فكرة واحدة واضحة هي: يجب أن يكون "الشئ" المرسل مثيرا جدا للفضول ومهما جدا لمصطفى حافظ في نفس الوقت كي يجعله يتعامل معه شخصيا، شئ يدخل ويصل إليه مخترقا طوق الحماية الصارمة الذي ينسجه حول نفسه.

    وبدأت الخطة تتبلور نحو التنفيذ، إرسال ذلك "الشيء" عن طريق عميل مزدوج وهو عميل موجود بالفعل ويعمل مع الطرفين، انه رجل بدوي في الخامسة والعشرين من عمره يصفه أبو نيسان بأنه نموذج للخداع والمكر، كان هذا الرجل يدعى "طلالقة". لم يكن يعرف على حد قول ضابط الموساد أن مستخدميه من الإسرائيليين.

    وبعد أن استقر الأمر على إرسال (الشيء) الذي سيقتل مصطفى حافظ بواسطة (طلالقة) بدأ التفكير في مضمون هذا الشيء، واستقر الرأي على أن يكون طردا بريديا يبدو وكأنه يحتوي على (شئ مهم) وهو في الحقيقة يحتوي على عبوة ناسفة.

    ولم يرسل الطرد باسم مصطفى حافظ وإنما أرسل باسم شخصية سياسية معروفة في غزة وهو بالقطع ما سيثير (طلالقة) فيأخذه على الفور إلى مصطفى حافظ الذي لن يتردد فضوله في كشف ما فيه لمعرفة علاقة هذه الشخصية بالإسرائيليين، وفي هذه اللحظة يحدث ما يخطط له الإسرائيليون وينفجر الطرد في الهدف المحدد.

    وتم اختيار قائد شرطة غزة (لطفي العكاوي) ليكون الشخصية المثيرة للفضول التي سيرسل الطرد باسمها، وحتى تحبك الخطة أكثر كان على الإسرائيليين أن يسربوا إلى (طلالقة) إن (لطفي العكاوي) يعمل معهم بواسطة جهاز اتصال يعمل بالشيفرة، ولأسباب أمنية ستتغير الشيفرة، أما الشيفرة الجديدة فهي موجودة في الكتاب الموجود في الطرد المرسل إليه والذي سيحمله (طلالقة) بنفسه.

    وأشرف على تجهيز الطرد (ج) عضو (الكيبوتس) في المنطقة الوسطى، وقد اكتسب شهرة كبيرة في أعداد الطرود المفخخه وكان ينتمي إلى منظمة إرهابية تسمى (أيستيل) كانت هي ومنظمة إرهابية أخرى اسمها (ليحي) تتخصصان في إرسال الطرود المفخخه إلى ضباط الجيش البريطاني أثناء احتلاله فلسطين لطردهم بعيدا عنها.


    مصطفى حافظ

    وأصبح الطرد جاهزا وقرار العملية مصدق عليه ولم يبق سوى التنفيذ، وتم نقل الطرد إلى القاعدة الجنوبية في بئر سبع وأصبح مسئولية رئيس القاعدة أبو نيسان الذي يقول: "طيلة اليوم عندما كنا جالسين مع (طلالقة) حاولنا إقناعه بأننا محتارون في أمره، قلنا أن لدنيا مهمة بالغة الأهمية لكننا غير واثقين ومتأكدين من قدرته على القيام بها، وهكذا شعرنا بأن الرجل مستفز تماما، عندئذ قلنا له: حسنا رغم كل شئ قررنا تكليفك بهذه المهمة، اسمع يوجد رجل مهم جدا في قطاع غزة هو عميل لنا هاهو الكارت الشخصي الخاص به وها هو نصف جنيه مصري علامة الاطمئنان إلينا والى كل من نرسله إليه والنصف الآخر معه أما العبارة التي نتعامل بها معه فهي عبارة: (أخوك يسلم عليك)!.


    ويتابع ضابط المخابرات الإسرائيلي : كنا نواجه مشكلة نفسية كيف نمنع طلالقة من فتح الطرد قبل أن يصل إلى الهدف ؟ وللتغلب على هذه المشكلة أرسلنا أحد الضباط إلى بئر سبع لشراء كتاب مشابه أعطاه لـ (طلالقة) قائلا: (هذا هو كتاب الشيفرة يحق لك تفقده ومشاهدته وبعد أن شاهده أخذه منه وخرج من الغرفة وعاد وبيده الكتاب الملغوم وسلمه له لكن (طلالقة) لعب اللعبة بكل برود على الرغم من بريق عينيه عندما تساءل: ولكن كيف ستعرفون أن الكتاب وصل؟ وكانت الإجابه: ستأتينا الرياح بالنبأ.

    وفهم (طلالقة) من ذلك أنه عندما يبدأ (لطفي العكاوي) بالإرسال حسب الشيفرة الجديدة سيعرف الإسرائيليون انه نفذ المهمة وعندما حل الظلام خرج أحد رجال المخابرات الإسرائيلية المسئولين عن العملية ومعه (طلالقة) وركب سيارة جيب ليوصله إلى أقرب نقطة على الحدود وهناك ودعه واختفى (طلالقة) في الظلام لكن كان هناك من يتبعه ويعرف انه يأخذ طريقه إلى غزة.


    وفي رحلة عودته إلى غزة كان الشك يملأ صدر (طلالقة).. وراح يسأل نفسه : كيف يكون (العكاوي) أقرب المساعدين الى مصطفى حافظ عميلا إسرائيليا؟، وفكر في أن يذهب أولا الى (العكاوي) لتسليمه ما يحمل وبالفعل ذهب الى منزله فوجده قد تركه الى منزل جديد لا يعرف عنوانه واحتار ما الذي يفعل؟ ثم حزم أمره وتوجه الى منطقة الرمال في غزة حيث مقر مصطفى حافظ.
    وحسب ما جاء في تقرير لجنة التحقيق المصرية التى تقصت وفاة مصطفى حافظ بأمر مباشر من الرئيس جمال عبد الناصر فإنه في 11 يوليو عام 1956 في ساعات المساء الأخيرة جلس مصطفى حافظ على كرسي في حديقة قيادته في غزة وكان قد عاد قبل يومين فقط من القاهرة، كان يتحدث مع أحد رجاله والى جانبه الرائد فتحي محمود وعمر الهريدي وفي نفس الوقت وصل اليهم (طلالقة) الذي سبق أن نفذ ست مهام مطلوبة منه في اسرائيل.


    وقابله مصطفى حافظ وراح يروى له ما عرف عن (العكاوي)، وهو ما أزعج مصطفى حافظ الذي كان يدافع كثيرا عن (العكاوي) الذي اتهم أكثر من مرة بالاتجار في الحشيش، لكن هذه المرة يملك الدليل على إدانته بما هو أصعب من الحشيش؛ التخابر مع إسرائيل.

    وقرر مصطفى حافظ أن يفتح الطرد ثم يغلقه من جديد ويرسله إلى (العكاوي)، أزال الغلاف دفعة واحدة عندئذ سقطت على الأرض قصاصة ورق انحنى لالتقاطها وفي هذه الثانية وقع الانفجار ودخل الرائد فتحي محمود مع جنود الحراسة ليجدوا ثلاثة أشخاص مصابين بجروح بالغة ونقلوا فورا إلى مستشفى تل الزهرة في غزة.



    وفي تمام الساعة الخامسة صباح اليوم التالي أستشهد مصطفى حافظ متأثرا بجراحه، وبقى الرائد عمر الهريدي معاقا بقية حياته بينما فقد (طلالقة) بصره، وأعتقل (العكاوي) لكن لم يعثروا في بيته على ما يدينه.

    وبرغم مرور هذه السنين مازال يصر الإسرائيليون على أنهم لم ينفذوا مثل هذه العملية أبدا، وبقيت أسرارها مكتومة هنا وهناك إلى أن كشفها الكاتب الإسرائيلي " يوسف أرجمان" مؤخرا في كتاب يحمل أسم "ثلاثون قضية استخبارية وأمنية في إسرائيل"، والذي لا نعرف هل ما ذكره حقيقة أم خيال.


    بقى أن نعرف إن الإسرائيليين عندما احتلوا غزة بعد حرب يونيو وجدوا صورة مصطفى حافظ معلقة في البيوت والمقاهي والمحلات التجارية وأنهم كان يخلعونها من أماكنها ويرمونها على الأرض ويدوسون عليها بالأقدام، وكان الفلسطينيون يجمعونها ويلفونها في أكياس كأنها كفن ويدفنونها تحت الأرض وهم يقرآون على روح صاحبها الفاتحة فهم لا يدفنون صورة وإنما يدفنون كائنا حيا.

  10. #10
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    هذة رسالة من ضمن الرسائل الحقيقية بالفعل اقدمها بين يديكم لكى تعرفو كيف يعمل الجواسيس وهناك طرق للعمل اغرب من الخيال
    مثلا تللك الرسالة كانت لجاسوس فى القاهرة فى فترى الثمانينيات
    توضح الفرق بين الكلام العادى والكتابة با الحبر السرى
    وسوف ارمز للكتابة العادية فى الخطاب باللون الازرق


    ============================

    من العمة استير الى جورج كيف احواللك وكيف اخبارك فى مصر التى تحبها وهل استطعت الحصولعلى عمل ام لا


    من 311 الى 333 استعلم بحذر عن اسباب احالة الواء عمر صفوت للتقاعد ولكن بحذر

    لو لم تستطيع الحصول على عمل ابلغ السفارة وسوف تحضر لك وظيفة محترمة فى اجواء الشرق التى تحبها

    ابلغ عن اى تحركات عسكرية فى الطريق الرئيسى طريق مصر السويس الصحراوىوخاصة نشاط المدرعات

    سمعنا انك زرت الاهرامات وابو الهول وانك التقط صور رائعة لك بجوارهما كم اشتاق لرؤيتهما وازور تللك البد الرائعة

    بعد 11 يوم سافر الى الدلتا وبلغ عن اىتحركات لسرب(..) والسرب(..)المقاتل وكم عدد المقاتلات التى رأيتها وماهو لونها وماهى شارة وشعار السرب

    للعلم ياجيمس خالتك رونى اتصلت ولم تكن تعلم انك سافرت الى مصر وقولنا لها انك تمضى عطلة رائعة هناك عندما تعود سوف تحضر لها مزيد من التحف المصرية التى تعشقها

    سوف يصللك المبلغ المتفق علية حسب طلبك على الحساب مالعروف لديكحاول الاتصرفة با الكامل وامسك قليلا عن الشرب والهو من فتيات شارع الهرم

    الاولاد بخير ودائما يسئلون عليك سوزى التحقت بمدرسى الرقص وتبلى بلاء حسنا ولكن الشباب يتحرشون بها ماذا افعل قول لى

    قابل زميللك العميل ادوارد فى فندق موفينبيك الهرم يوم الخميس الساعة 1200لاتحاول ان تثير الانتباة

    عزيزى جبمس لقد اشتقت اليك وخاصة الشتقت لعلاقتنا الزوجية اريدك ان تعود باسرع وقت الى اللقاءياعزيزى

  11. #11
    عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية محمد محمود فكرى الدراوى
    تاريخ التسجيل
    10-12-2009
    العمر
    61
    المشاركات
    2,416

    افتراضي

    الجاسوس عزام عزام يروي القصة الكاملة لاعتقاله في مصر والافراج عنه




    اسم البرنامج: العين الثالثة-فضائية العربية
    مقدم البرنامج: أحمد عبد الله
    تاريخ الحلقة: السبت 3/12/2005


    =======


    أحمد عبد الله: مشاهدينا الكرام أهلاً بكم في حلقة جديدة من العين الثالثة، سُجن بتهمة التجسس لصالح إسرائيل وقبل أن تنتهي مدة العقوبة أُطلق سراحه في صفقة أدهشت الكثيرين وأغضبت المصريين، هو عزام عزام الدرزي الإسرائيلي الذي سبّب سجنه جدلاً كبيراً على الساحتين المصرية والدولية، من ناحية أصرّ الإسرائيليون على أن عزام بريء، ومن ناحية أخرى أكّد المصريون أن عزام جاسوس لا محالة وللقضاء الكلمة الأخيرة، بين هذا وذاك اختفت التفاصيل، فما هي حكاية عزام؟ وهل كانت هناك صفقة؟ تعالوا نتابع معاً.
    القاضي: بالنسبة لعزام أنت متهم بالاشتراك بالمساعدة مع المتهم الأول بأنك سهّلت له وجبت له الملابس التي تحوي مادة التراسل السري الحبر السري، كلامكم إيه؟
    عزام عزام: سيدي القاضي أنا رجل جيت أشتغل في مصر ما تخابرت وكلمة تخابر عمري ما سمعتها، أنا بريء ما عملتش ولا حاجة، والحبر السري عمري ما سمعت عليه.
    فريد الديب (محامي عزام): أنا لم أقبل هذه القضية إلا مقتنعاً بأن عزام لم يرتكب جرماً وقت ما قابلت القضية إحساسي ويقيني واستمت في الدفاع عما اعتقدت أنه هو الحق.
    - هذا البني آدم اللي بيقول لك واجب عليّ أن أدافع عن هذا الخائن الإسرائيلي أو الجاسوس الإسرائيلي ومش واجب عليك مصر وقتلة بحر البقر، وقتلة عمال أبو زعبل.
    - بين إسرائيل وبين حكومة مصر وجمهورية مصر هناك علاقات سلمية، هناك سلام بين مصر وإسرائيل، طبعاً سوف يدخل الحوار بين رئيس الحكومة الإسرائيلي ورئيس الجمهورية حول هذا الموضوع.
    سامح عاشور (نقيب المحامين): لأ الحقيقة ما حدش ضغط علينا، لا جهات داخلية ولا جهات خارجية والقضية بالنسبة لنا كانت موقفنا فيها معلن وواضح، نحن لا نتعامل مع أي شيء إسرائيلي رسمي أو شعبي.
    القاضي: حكمت المحكمة حضورياً بمعاقبة عزام متعب عزام بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة وألزمته المصاريف الجنائية.

    الصفقة...؟

    أحمد عبد الله: مشاعر مختلطة تلك التي تملكتني وأنا في طريقي للقاء عزام عزام المعروف بالجاسوس الإسرائيلي، الاختلاط في المشاعر لم يكن سببه فقط ما إذا كان عزام جاسوساً أم لا بقدر ما كانت المسماة نفسه، فالجاسوس لدى البعض بطل مغوار ولدى البعض الآخر خائن يستحق أقصى العقاب، عزام درزي مسلم إسرائيلي الهوية يقطن في قرية لمغار بالجليل التي تبعد عن القدس حوالي 160 كيلو متراً، وصلنا قبل غروب الشمس بقليل إلى منزل عزام الذي يسهل تحديده فملامحه إسرائيلية بداية ونهاية، هو أب لأربعة أولاد وله أشقاء ستة يحتل بينهم المرتبة قبل الأخيرة من حيث الصغر، تجاوز الثالثة والأربعين من العمر لكنه يقول أنه وُلد من جديد بعد الإفراج عنه.
    عزام عزام: إنني مواطن صالح لدولة إسرائيل لم أرتكب أي ذنب ولم أقترف أي ذنب كي أدفع من حياتي 15 سنة داخل السجون المصرية.
    أحمد عبد الله: كيف تم اعتقالك؟ وما الذي حدث بالضبط؟
    عزام عزام: كنت في طريقي من وسط البلد بعدما كنت.. بعد يوم عمل شاق في مصنع النسيج، فبعد عودتي إلى الفندق البارون في مصر الجديدة وقّفت العربية باب الفندق نزلت هجموا عليّ السبعة اللي قلت لك عليهم ستة أو سبعة أنا لا أذكر بالضبط أديش، وطلبوا مني الجواز أعطيتهم الجواز حطوا لي الكلبشات على بين ما وصلت العربية قطعنا الشارع من الناحية ده للناحية الثانية غمغموا لي عينيّ وداخل العربية كان جنبي من الناحية اليمين ومن الناحية الشمال حراس اثنين، فسألت سؤال فلم يُسمح لي بالكلام، فبعدين جي واحد ومسك راسي ونزّله لحد رجليّ ما تسألش أي سؤال من أي نوع.
    أحمد عبد الله: هل تعتبر أنت أن الأمن المصري أو أجهزة الاستخبارات المصرية ساذجة لهذه الدرجة أنها تعتقل عزام دون سبب؟
    عزام عزام: من الممكن أن يكون لهم من وجهة نظرهم سبب اللي هو سبب سياسي وأنا اللي دفعت الثمن، يعني كانوا هم فاكرين لو رح يختطفوا إسرائيلي رح يتهموه يلبّسوا له يلفقوا له تهمة تجسس رح يكونوا أعطوا لرئيس الوزراء اللي كان أو اللي رح يكون قلمين على وجهه، فأنا حسب رأيي أنا اللي دفعت الثمن الغالي.
    أحمد عبد الله: أنت أطلقت عليه خطف اختطفت؟
    عزام عزام: اختطفت من دولة تطلق على نفسها دولة القانون.
    أحمد عبد الله: هل أنت عزام عزام الجاسوس الإسرائيلي؟
    عزام عزام: أنا عزام عزام الذي اتهمت بالتجسس لصالح إسرائيل..
    أحمد عبد الله: اتهمت.
    عزام عزام: هناك فرق شاسع..
    أحمد عبد الله: أنت تنفي تماماً أنك كنت جاسوساً لإسرائيل.
    عزام عزام: أنا اتهمت بالتجسس وحوكمت على تهمة التجسس 15 سنة وأُفرج عني أفرج عني بعد ثمان سنوات وشهر اللي هم 2950 يوم، عدت إلى دولتي عدت إلى أرض الوطن إلى إسرائيل لهذه اللحظة أقول بأنني اتهمت ولم أتجسس.
    أحمد عبد الله: كيف يعني؟ كيف؟ لماذا اهتم بك ثلاث رؤساء وزراء يعني؟ نتنممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى ويهود باراك وشارون ورؤساء أجهزة أمنية، يعني كل هذا الاهتمام حتى البعض يقول أن أميركا تدخلت لعقد صفقة معينة بين مصر وإسرائيل للإفراج عنك، كيف يتم هذا دون أن تكون فعلاً جاسوساً إسرائيلياً؟
    عزام عزام: لأنني وُلدت في دولة ديمقراطية، وأنا أعلم ما قيمة الإنسان في هذه الدولة، ليس فقط الجاسوس الذي تهتم به الدولة هذه نقطة، لأنني أنا في الأول وفي الآخر ولدت في دولة إسرائيل، خدمت خدمة العلم في دولة إسرائيل، أنا ضحيت بأخ في دولة إسرائيل، ولما أنا أقع في مشكلة فلازم دولة إسرائيل توقف جنبي، فليس من الممكن.. هذه هي الدولة الديمقراطية.
    أحمد عبد الله: يعني كل هذه المساعي السياسية والدبلوماسية على مستوى عالٍ جداً كله بسبب أنك مواطن إسرائيلي لدولة ديمقراطية هل يصدق هذا يعني؟
    عزام عزام: أنا أصدق، لأنني شعرت هذا على جلدي، لأنني مواطن دولة إسرائيل، وزيادة على ده لأنني بريء واتهمت في تهمة عارية عن الصحة بالمرة.
    القاضي: المتهم الرابع اشترك بطريقيْ الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثلاثة الأُول في ارتكاب جريمة التخابر..
    عزام عزام: الملابس التي استلمها عماد ما استلمها مني والملابس التي استلمها عماد استلمها من مصنع اسمه عين الأسد كهدية عبارة عن هدية.
    أحد المتهمين: أنا بريء التهمة تم تلفيقها داخل جهاز المخابرات العامة المصرية دون أدنى علم مني وخضوعي لأقصى أنواع التعذيب.
    أحمد عبد الله: نفي من هنا وإصرار من هناك، وغضب جارم اجتاح الشارع المصري آنذاك بصرف النظر، فاكتشاف جاسوس إسرائيلي أو شبكة تجسس إسرائيلية جاء في وقت ساءت فيه العلاقات المصرية الإسرائيلية بسبب ما تفعله إسرائيل في الأراضي المحتلة، مشاعر طبيعية لشعب لم يحمل في ذاكرته غير الشعور بالظلم والمرارة من ممارسات عدو يتربص به وبأمة العرب هكذا يقولون، ولكن وسط هذا الجدل كله ما هي

    الجزء الثاني



    عزام عزام: أنا بعثت مع مصري الذي كان مقيم في إسرائيل اسمه عماد عبد الحميد إسماعيل أربع باديهات حريمي اثنين سود واثنين بيض، كده قالوا لي في النيابة وتم الفحص في القاهرة بعد ثلاث أربع شهور وتم القبض على عماد، وبعد الكشف المخبري اكتشف أنها تحتوي هذه الملابس على الحبر السري، كيف تحتوي هذه الملابس؟ فأنا سألت، فإجا خبير مصري من المخابرات المصرية وفحص وهو الشاهد الوحيد ضدي، أنت واخد بالك الحكاية تكررت إزاي؟ جهة القبض وجهة التحقيق والنيابة العامة والخبير الذي فحص الهدوم كان من المخابرات المصرية، طيب إزاي يا جماعة حاجة زي كده تحصل؟ أبرأ نفسي إزاي بين الجماعات ده كلها؟ كلهم حاوطوني وكلهم ضدي.
    أحمد عبد الله: طيب ممكن يكون مع عماد الدين إسماعيل نفسه ممكن يكون هو الجاسوس؟
    عزام عزام: لا أعلم، لا أعلم عنه شيئاً إطلاقاً.
    أحمد عبد الله: أنت عارف أنه اتهم وسجن خمس وعشرون سنة؟
    عزام عزام: اتهم وسجن خمس وعشرين سنة.
    أحمد عبد الله: كان معاك في الزنزانة؟
    عزام عزام: جنبي، في الزنزانة لا.
    أحمد عبد الله: تحدثتم معاً في السجن؟
    عزام عزام: تحدثنا معاً في السجن.
    أحمد عبد الله: هل ذكر لك أنه فعلاً كان جاسوساً؟
    عزام عزام: ذكر لي بأنه بريء ولم يفعل شيئاً وكل ما قاله في الاعترافات كان تحت ضغط وتحت تعذيب.
    أحمد عبد الله: 25 سنة سجن يعني وأنت الآن تم الإفراج عنك وهو يُسجن بتهمة غير صحيحة؟ يعني هل تصدق هذا؟
    عزام عزام: منه لأهله، منه لأولاده.
    أحمد عبد الله: يعني أنت ما كنت تشعر بأنه كان فعلاً هو جاسوس؟
    عزام عزام: أنا لم يكن لديّ أي شعور ولا أي إحساس، الشعور والإحساس الوحيد الذي كنت أشعر به بأنني بريء ويجب أن أعود إلى عائلتي.
    أحمد عبد الله: طيب هو عماد الدين إسماعيل كان فني برضه منسوجات ولاّ كان..؟
    عزام عزام: كان يجي يتدرب عندنا هنا في إسرائيل.
    أحمد عبد الله: ما أنتو كنتو تشتغلوا مع بعض؟
    عزام عزام: لا.. لا ما اشتغلناش مع بعض، هنا معلومة خطأ، ما اشتغلناش مع بعض، عماد عبد الحميد إسماعيل جاء مع ال11 المصريين، 11 مصري أجو يتدربوا في إسرائيل وبعدين قرروا أنهم كانوا أجو من قبل علاء عرفة، ولما الشركة ما أقامت بين زيغي وأريي وعلاء عرفة فال11 مصريين ما عادوش.
    أحمد عبد الله: أولاً حدثني عن المصنع الذي كنت تعمل فيه، ما هو هذا المصنع مصنع النسيج الذي كنت تعمل فيه؟
    عزام عزام: مصنع النسيج أنا كنت أعمل في مصنع النسيج في إسرائيل اسمه تفرون للمنسوجات والإنتاج بتاع المصنع كان ملابس داخلية حريمي، اشتغلت في هذا المصنع ما يقارب 8 إلى 8.5، خلال هذه الفترة قام صاحب المصنع الذي هو زيغي رابينوفتش وأريي فولفسون رجال الأعمال صاحبين تفرون بإقامة.. قاموا باتصالات مع رجل أعمال مصري كان اسمه علاء عرفة الذي يتعامل بالمنسوجات ورجل أعمال منسوجات في مصر كبير جداً.
    أحمد عبد الله: هذا كان مصنع إسرائيلي في مصر.
    عزام عزام: أنا بُعثت من قبل مصنع المنسوجات الذي هو تفرون إسرائيل لأدرب العمال المصريين على تشغيل المكنات.
    أحمد عبد الله: عماد عبد الحميد إسماعيل كان من ضمن..
    عزام عزام: من ضمن ال11 مصري..
    أحمد عبد الله: ولكن أنت ذكرت عطيته ملابس..
    عزام عزام: أنا ما عطيتوش.
    أحمد عبد الله: ما أنت لسّه قايل عطيته..
    عزام عزام: لأ هم اتهموني بأني عطيته، هناك فرق بين اتهام وبين إني أنا أقرّيت، هم اتهموني بأني أعطيته وأنا ما أعطيتوش هو طلب مني الهدوم ده الباديهات فكانت مشرفة في المصنع اسمها تمام حشمة عمرو قلت له: أنا ما أقدرش أدي لك..
    أحمد عبد الله: مشرفة في المصنع هنا في إسرائيل.
    عزام عزام: تمام في عين الأسد، مصنع عين الأسد..
    أحمد عبد الله: في إسرائيل.
    عزام عزام: في إسرائيل هنا عين الأسد جنبنا.
    أحمد عبد الله: ده المشرفة أنت قلت لها تدي..
    عزام عزام: أدت له ما أدتلوش ما أعرفش.
    أحمد عبد الله: ما ممكن هنا رح تكون القصة عزام، يعني ممكن تكون هذه المشرفة..
    عزام عزام: وأنا أدفع ثمن.. لنفرض أن هنا فيه قصة لنفترض، وأنا أدفع ثمن غلطة حد ثاني؟ أنا ما أديتش عماد..
    أحمد عبد الله: لم يكن يعلم أحد.
    عزام عزام: آه لم يكن يعلم أحد..
    أحمد عبد الله: أنت طلبت كل المعروف..
    عزام عزام: وجابوا ضحية من الشارع لأنه إسرائيلي ويحوز جواز سفر إسرائيلي، هذه كل التهمة بتاعة عزام.
    أحمد عبد الله: يعني هم لما اعتقلوا في الأول عماد عبد الحميد إسماعيل المصري الذي كان يتدرب في إسرائيل صحيح بالأطقم التي طلبها منك؟
    عزام عزام: أنا لا أعلم اعتقلوه راح سلّم نفسه، ما أعرفش أي حاجة، أنا بعرف أن عماد كان في المخابرات المصرية قبلي بـ15-16 يوم..
    أحمد عبد الله: يعني اعتقل عماد عبد الحميد قبل ما يعتقلوك؟
    عزام عزام: أيوا..
    أحمد عبد الله: معنى كده أنه هو اعترف عليك؟
    عزام عزام: فيه هنا برضه فيه حاجة برضه مش عارفها حضرتك بأنها كانت القصة في البداية عماد عبد الحميد إسماعيل وزهرة جرييس إسرائيلية من قرية أجيش وكانت هناك منى شواهنة من سخنين هم اللي كانوا متهمين، ماشي؟ أنا عُلمت من السجن خلال فترة الحبس مع عماد بأن هناك وقعت قصة حب بين زهرة وعماد، فلم أكن أعلم بهذه القصة.
    أحمد عبد الله: زهرة اللي هي اليهودية الإسرائيلية؟
    عزام عزام: لأ المسيحية الإسرائيلية.
    أحمد عبد الله: زهرة المسيحية، ومنى؟
    عزام عزام: منى مسلمة إسرائيلية.
    أحمد عبد الله: فيه..
    عزام عزام: يا ابن الحلال أنا رح قولك القصة كلها حقيقية، هم تحاكموا وأخذوا حكم غيابي كل وحدة 25 سنة، فالبداية كانت مطلوبة زهرة جرييس المتهمة نمرة اثنين، ومنى شواهنة المتهمة نمرة ثلاثة، وأنا نمرة أربعة، فلما جربوا يجيبوا زهرة على مصر في الفترة ده أنا كنت أشتغل في..، فجابوا خط التلفون سحبوه المخابرات المصرية من بيت عماد على المخابرات وقعد يكلمها ويطمّنها وتعالي ورح نتجوز ولا يهمك ورح يحصل خير، وأربع مكالمات هاتفية، ده الكلام كله عن لسان عماد عبد الحميد إسماعيل داخل السجن..
    أحمد عبد الله: ذكره لك هو داخل السجن حكا لك.
    عزام عزام: هو حكا لي الحكاية وإزاي حققوا معاه وإزاي قالوا له قول وأنت رح تروح على البيت، وما لكش دعوة وإحنا رح ندخل الإسرائيليين على السجن، وأنت ما لكش دعوة وأنت ابننا وأنت حبيبنا، فجرّب يجيب رجل مين؟ رجل زهرة على مصر، على أساس أنه يبقى طرف إسرائيلي وطرف مصري، فزهرة ما جاتش..
    أحمد عبد الله: عماد ما كان يعمل لحساب المخابرات المصرية؟
    عزام عزام: لا أعلم.
    أحمد عبد الله: هو ذكر في السجن قال لك إيه؟
    عزام عزام: هو قال لي أنه.. هو قاله لي.. الذي قاله هو للمخابرات أنه تعالوا احموني من زهرة، ده أنا شاكك فيها، هي بتاعة مخابرات إسرائيلية وحاجات من ده، فإنه هو راح بلّغ عن زهرة، هو ده الذي قاله، ولكن ده حكاية ملفقة وما فيش لها رجلين تمشي..
    أحمد عبد الله: أنت بتعرف زهرة يعني؟
    عزام عزام: أنا زهرة عرفتها اشتغلت معاي..
    أحمد عبد الله: وبتعرف أنها لا تعمل لجهاز الموساد.
    عزام عزام: لا.. لا.. أنا أعرفها مواطنة عادية اشتغلت معاي حوالي الخمس سنين في المصنع.
    أحمد عبد الله: ربما تكون أنت وقعت جزء من شبكة يعني لو أنت تنفي عن نفسك صفة الجاسوس..
    عزام عزام: أنا أنفي بأن هناك أي شبكة، أنفي ولا أصدق بأن هناك أي شبكة وأي صلة لا لزهرة ولا لمنى ولا لعزام ولا لأي حد في الحكاية ده، وكلها كانت حكاية انتقام..
    أحمد عبد الله: لماذا برضه عزام عزام؟
    عزام عزام: أيوااا... لأ مش لماذا عزام، لماذا تفرون، وليس لماذا عزام، التقوا أريي فولفسون الإسرائيلي وعلاء عرفة في المطار المصري طبعاً الرواية ده عرفتها بعدما روّحت..
    أحمد عبد الله: عرفتها من مين؟
    عزام عزام: من أريي، من أريي فولفسون هنا وأنا هنا في البيت ده، أريي وزيغي هم صاحبين شركة تفرون الإسرائيلية، واللي راحوا قاموا شركة تفرون..
    أحمد عبد الله: مضبوط هو شريك رئيسي..
    عزام عزام: أحد الشركاء.. أيوا شريك رئيسي.
    أحمد عبد الله: هو قال لك هذه القصة تماماً كما حدثت.
    عزام عزام: كما حدثت.
    أحمد عبد الله: إنما فُضت الشراكة بينهما وبين رجل الأعمال المصري؟ أنت تعتقد أن هذا رجل الأعمال المصري انتقاماً..
    عزام عزام: من الإسرائيليين أريي وزيغي فـ.. رح كمّل لك الرواية بس لما التقوا في المطار المصري فمدّ إيده أريي رح يسلم على أحمد يقول له: إزايك يا أستاذ أحمد؟ فسلّم عليه كده يعني بالعافية يا دوب إيده لمست إيد الثاني، فقال له: رح نلتقي يا أريي، رح نبقى نلتقي يا أريي، فأريي لم يفهم هذه الرواية أو هذا.. بأنها نوع من التهديد، فنلتقي هو ده اللي صار، فهم أنا عايز أقول حاجة هنا في الموضوع ده لم يكن المقصود عزام عزام بحد ذاته، كان مقصوداً أي طرف إسرائيلي يعمل بشركة تفرون لكي لا ينجحوا في إقامة المصنع مع سمير سامر رياض.
    أحمد عبد الله: ربما أحد من أقاربك كان جاسوس وربما تم التلاعب معه..
    عزام عزام [يضحك]: أخي العزيز هذه روايات بعيدة عن الخيال، بعيدة عن الواقع، ده خيالية وبعيدة عن الواقع، مش ممكن بني آدم يعمل عملة ومش عارف بيها، مش ممكن، مش ممكن، حتى ولو بعثوه يشتري 2 كيلو قوطة، رح يعرف أنه رايح يشتري 2 كيلو قوطة بس ممكن يغلوا عليه الثمن ينقصوا عليه الثمن، ولكن بني آدم يتجسس ومش عارف أنه يتجسس، على فكرة أنا في هنا حاجة عايز أقولها لك أنا قلت في النيابة العامة لهشام بدوي لو أنا جاسوس رح قول لك أنا جاسوس ورح اطلع على برج القاهرة الذي هو في الجيزة، ورح أرفع بأعلى صوتي وأقول أنا جاسوس اعدموني.

    الإفراج عن عزام كان مفاجأة للكثيرين داخل مصر وخارجها

    أحمد عبد الله: في الخامس من ديسمبر عام 2004 أطلق سراح عزام بعد قضائه حوالي ثماني سنوات في السجن وهي نصف مدة العقوبة، جاء الإفراج عن عزام مفاجأة للكثيرين داخل مصر وخارجها فقد رفضت السلطات المصرية مراراً وتكراراً طلب الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والوساطات الأميركية والدولية الإفراج عنه، وبعد أن أكدت مصر على أن القضاء وحده هو الحكم الأوحد.
    حسني مبارك: عزام عزام في أيدي القضاء، ولا نستطيع أن نتدخل في القضاء حتى يكون واضحاً هذا.
    - بشكر كل اللي ساهموا وساعدوا أنها تبقى الفرحة على وجوه الناس ده كلها.
    أحمد عبد الله: وما أدهش الكثيرين أيضاً هو تلك الصفقة التي لم يكن يتوقعها أحد، ستة طلاب مصريين ضلوا طريقهم أو بالأحرى عبروا الحدود إلى إسرائيل عن طريق الخطأ كما تردد في معظم وسائل الإعلام المصرية بينما ذكرت بعض المصادر الإسرائيلية رواية أخرى وتظل التفاصيل الحقيقية رهن التكهنات في صفقة انتقدها الكثيرون في العالم العربي، كيف؟ ولماذا؟ رغم أحاديث من هنا وهناك عن صفقة أكبر وأهم وسؤال ملح عن هوية ودوافع الطلاب الستة، أسئلة كثيرة وروايات متناثرة وفرضية امتلأت بها صفحات الصحف العربية والدولية ما بين قائل بأن القصة كلها ما هي إلا عمل استخباراتي أمني من أجل تحسين العلاقات المتردية بين مصر وإسرائيل في أواخر التسعينات، وبين آخر يؤكد على أن الصفقة ما هي إلا ثمن تدفعه مصر إرضاءً لأميركا في ظل ظروف سياسية غاية في الحساسية، في الحادي عشر من أكتوبر تقدمنا بطلب لمكتب النائب العام المصري من أجل إجراء مقابلة معنا أو تفويض شخص من طرفه للتعليق على اتهامات عزام عزام ضد القضاء المصري، ولكن وبعد حوالي شهرين اعتذر النائب العام نظراً لانشغاله، وفي شهر أكتوبر أيضاً تكرر الموقف نفسه مع وزارة الخارجية المصرية ولم نتمكن من لقاء أحد للتعليق على ما عُرف بصفقة عزام عزام، لكن ورغم رغبة البعض في طيّ ملف عزام والطلاب الستة إلى الأبد لا يزال محامي عزام المصري فريد الديب الذي تعرض لانتقادات حادة بسبب دفاعه عن عزام عزام، لا يزال يصرّ على أن الحكم الذي صدر في أغسطس عام 1997 هو حكم سياسي وليس جنائياً.
    فريد الديب (محامي عزام): ما زلت عند رأيي أن الحكم وإن كان مع الاحترام الكامل له ولهيئة المحكمة التي أصدرته رأيي أنه حكم خاطئ، ولكن للأسف الشديد الحكم لأنه كان طوارئ من محكمة الطوارئ يعني أمن دولة عليا طوارئ لم يكن يجوز الطعن فيه أمام محكمة النقض، وبالتالي فما فيش غير الدرجة ده بس، وأنا أوضحت في مذكرة دفاعي أن هناك عوامل سياسية كثيرة أدت إلى خلق هذه القضية في هذا التوقيت بالذات.
    سامح عاشور (نقيب المحامين): الإدانة ثابتة في حقه بدليل أنه حُكم عليه، العقوبة تقدير العقوبة بحدها الأقصى أو بحدها الأدنى يدخل في تقدير المحكمة بملابسات بظروف، إنما بالتأكيد فيه إدانة في المسألة ما فيها شك، وإحنا يسيئنا الإفراج عنه ولو قبلها بأربعة وعشرين ساعة بغض النظر عن الموقف والاستفادة من الإفراج عنه بالإفراج عن الطلاب المصريين أو المواطنين المصريين، لأنه موقف المواطنين المصريين مختلف، الحقيقة لأنها هي عملية بلطجة إسرائيلية جرت في أنهم هم قبضوا على عدد من المصريين على الحدود والحدود متداخلة ومتشابهة والصحراء واحدة والأرض واحدة، بالإضافة إلى أن رفح وغزة ليست أرض إسرائيلية حتى بإقرارهم هم فقُبض عليهم بشكل يوحي أن هناك نية مبيتة لاستغلالهم بأغراض سياسية.
    أسعد الأسعد (مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نتنممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى): إطلاق سراح عزام عزام لم تكن صفقة ولكن المدة أو نصف المدة التي انسجنها في مصر هذا عادة حسب العرف المصري أو القانون المصري بعدما تمرّ نصف المدة عادة رئيس الجمهورية يخرج الناس من السجن، وهذا سمعته قبل سنتين مما طلع عزام من السجن من وزير الخارجية المصري الحالي أحمد أبو الغيط، كان سفير مصر في الأمم المتحدة وكان لي لقاء معه سألني في هذاك الوقت: أديش عزام صار له في السجن؟ قلت له: ست سنين ونصف سبع سنين، أعطاني خبر أنه عادة بعدما تمرّ نصف المدة رئيس الجمهورية ما يسمى ينظف السجون من الموجودين هناك.
    سامح عاشور (نقيب المحامين): ليس لدينا أي معلومات عن وجود شكل رسمي لصفقة، لكن الذي أمامنا إفراج عن عزام عزام قبل معاده غير راضي عنه، إذا كانت هناك صفقة فأنا غير راضي، أنا راضي عن رجوع
    المصريين بالتأكيد، لكن غير راضي عن تسليم عزام عزام.
    داني ياتوم (رئيس الموساد 1994- 1997): عدة مرات سافرت إلى مصر ضمن مهامي المختلفة والتقيت الرئيس مبارك وأوضحت له أنه ليس لعزام عزام صلة بالموساد أو بأي جهاز استخبارات آخر، وأنه لم يعمل باسم الدولة ولا علاقة له بالتجسس، الرئيس مبارك وعد بأن يدرس الموضوع ويرى إمكانية اختصار مدة السجن، من وجهة نظري كان بإمكان المصريين إطلاق سراحه قبل هذا الوقت بكثير.
    أسعد الأسعد (مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نتنممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى): كان لي حديث مع رئيس المخابرات الإسرائيلي داني ياتوم في هذا الوقت الذي قال رئيس المخابرات المصري أنه فيه حلف شرف أو حديث بين رؤساء المخابرات أنه قال له: أنا على ذمتي أن عزام مش جاسوس ومش إحنا بعثناه، ولهذا حكومة إسرائيل بالنسبة لعزام عملت المستحيل تروحه بسبب الضجة الإعلامية التي قامت في هذاك الوقت مشان عزام، والعلاقات الخاصة الموجودة بين إسرائيل وبين مصر وحكومات إسرائيل المتتالية مع جمهورية مصر، كنت مستشار لنتنممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى وبعدما تركت الكنيست وفي هذه الفترة انسجن عزام في نوفمبر 1997، طبعاً أنا ذهبت لمصر وللقاهرة أن أتكلم مع محامين كان لي حديث مع مستشار رئيس الجمهورية الدكتور أسامة الباز وعالجت قضية عزام من بدايتها وعرفت تفاصيل المحكمة والقضاء وحكم عزام وإلى آخره، طبيعي حاولت كل الفترة بعدما انسجن عزام وبعدما سمعت من المحامي تبع عزام أن عزام كان بريء وحُكم عليه بسبب الأوضاع السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين ومصر.
    أسامة سرايا (رئيس تحرير جريدة الأهرام): هو ثبت أنه يتبادل معلومات مع عدد من المصانع خاصة المعلومات الاقتصادية، ممكن في ذلك الوقت تكون في ذلك الوقت معلومات تشكل جريمة جاسوسية ممكن في مرحلة أخرى هي تشكل جريمة جاسوسية، وسعادتك هو فعلاً عزام أدين بالمحكمة وكان واضح أنه ينقل معلومات ويتعاون ويشتغل في مصر لصالح عدد من مصانع النسيج وينقل لهم المعلومات في هذا الإطار.
    داني ياتوم (رئيس الموساد 1994- 1997): أكثر من هذا أنا كنت شاهداً على عشرات المحادثات لباراك وبيريز ونتنممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرىممنوع وضع روابط لمواقع اخرى مع زعماء العالم وعلى رأسهم الرئيس الأميركي كلينتون، وقالوا له: إن عزام ليس جاسوساً فدولة إسرائيل لن تخاطر بالكذب على كلينتون، وقالوا له: اذهب واسدِ لنا معروفاً لدى الرئيس مبارك، وحاول أن تطلق سراح هذا المسكين فهو مسجون رغم أنه لم يفعل شيئاً.
    فريد الديب (محامي عزام): أنا رأيي طبعاً غير رأي كده خاصة، الحقيقة غير كده السبب في هذه المطالبات المتكررة من الحكومات المتعاقبة للأحزاب الإسرائيلية المختلفة سببها أن عزام عزام درزي وطائفة الدروز في إسرائيل كما هي في كثير من البلدان طائفة قوية لها نفوذها ويُحسب لها حساب سواء في الانتخابات أو في غير الانتخابات.
    أسامة سرايا (رئيس تحرير جريدة الأهرام): لم يكن عزام عزام جاسوسي وأنه بطل قومي استقبل في إسرائيل واستقبله أرئيل شارون من لحظة وصوله، أليس هذا دليل على أن المحاكم المصرية عندما حاكمت عزام على أنه جاسوس؟ ألا تقول أن إصرار إسرائيل ووزراء إسرائيل المتعاقبون على زيارة عزام في السجون المصرية أليست إشارة على أنه جاسوس؟ أليست البطولة التي أشار لها عزام على أنها جاسوس؟ أليست الطريقة التي تم بها الإفراج عن عزام في صفقة سياسية كبيرة التي تشير إلى أن عزام كان صيداً ثميناً للمخابرات المصرية أنه جاسوس؟ أنا لا يخالجني الشك لحظة إلى أن أجهزة الأمن المصرية عندما قبضت على عزام كان جاسوساً وعندما أدانته المحاكم المصرية كان جاسوساً.

    أحمد عبد الله: الفريق مجدي عمر مساعد رئيس الاستخبارات المصرية الأسبق يرى أن موضوع عزام هو موضوع سياسي بداية ونهاية وأن إسرائيل افتعلت الموقف كله من أجل استعادة الانتماء القوي للطائفة الدرزية.
    الفريق مجدي عمر (مساعد رئيس الاستخبارات المصرية الأسبق): ما تنساش برضه أنه درزي والدولة مهتمة جداً بأنها تخلي الأقلية الدرزية مربوطة بها لدرجة مثلاً أن سلاح الحدود معظمه دروز كله دروز، والدروز بقى قيمتهم أنهم يتكلمون عربي وأنهم محسوبين على الإسلام، وببساطة كده وأنا اشتغلت ميداني يعني أنا ما جانيش حد بالمنظر ده، ما أتعبش وقتي ما أضيعش وقتي معاه، أنشطة المخابرات هي أربعة أساساً: جمع المعلومات، تحليل المعلومات، العمل السري، المخابرات المضادة، ده من ناحية النوعية هي الأربع مجالات أو ميادين رئيسية بتاعة أي أجهزة مخابرات في أي دولة الأربعة دول.
    أحمد عبد الله: ما هو في حالة حرب في حالة سلم لا بد..
    الفريق مجدي عمر (مساعد رئيس الاستخبارات المصرية الأسبق): مستمرة..
    أحمد عبد الله: مستمرة.
    الفريق مجدي عمر (مساعد رئيس الاستخبارات المصرية الأسبق): وبالنسبة للعدو والصديق على السواء..
    أحمد عبد الله: العدو والصديق.
    الفريق مجدي عمر (مساعد رئيس الاستخبارات المصرية الأسبق): والصديق لأنه.. طبعاً.
    أحمد عبد الله: طيب معنى ذلك أنه بين مصر وإسرائيل حتى الآن هناك برضه عملاء.
    الفريق مجدي عمر (مساعد رئيس الاستخبارات المصرية الأسبق): بالتأكيد طبعاً بالتأكيد.
    أحمد عبد الله: بصرف النظر عن السبب الحقيقي وراء الاهتمام بعزام وما إذا كان عزام جاسوساً أم جزءاً من شبكة جواسيس، فهل لا تزال إسرائيل المعروفة بزرعها جواسيس حتى داخل الدول الصديقة بما فيها أميركا؟ هل لا تزال تعتبر نفسها في حالة حرب مع مصر؟ وهل لو صحت قصة عزام وعماد ومنى وزهرة هل انتهكت بذلك اتفاقات السلام مع مصر؟ أسئلة وجّهناها إلى داني ياتوم الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية المعروف بالموساد.
    داني ياتوم (رئيس الموساد): حتى في العصر الحديث لا يزال استعمال العملاء الجواسيس وهذا ما يسمى بالاستخبارات البشرية، فهناك أهمية ووزن كبيران لهذا، ويسمى اليومينج بلغة المهنة، وليس هناك أي جهاز استخبارات لا يستعمل اليومينج لأنه في بعض الأحيان يستعمل للحصول على جزء صغير من التفاصيل يتم عبر تفعيل عميل أحياناً إسرائيلي، وأحياناً أخرى محلي يسمى بالمتعاون، عندما يكون هناك خطر على حياة الجاسوس أو العميل فمن شبه المؤكد أن الدولة ستخرج عن صمتها وتعترف وتبذل كل الجهود لمساعدته، عندما تم القبض على عملائنا في الأردن الذين كان هدفهم اغتيال خالد مشعل والذين أرسلتهم بنفسي عندما كنت رئيساً للموساد قمت مباشرة بالعمل على جميع الأصعدة وجنّدت كل من استطعت تجنيده لكي أنقذهم، وفعلاً عاد آخر واحد فيهما إلى إسرائيل بعد اثني عشر يوماً، وكان بإمكاني تجاهل الموقف والقول بأنهما ليسا من رجالي، وكان من الممكن أن يبقيا في السجن، لكن من وجهة نظري عندما يتيح لك الوضع الخيار بين أفضلية العميل أم أفضلية الدولة فالدولة مع العميل، لا أستطيع أن أقول بأن لدى إسرائيل بالفعل أجهزة أمن واستخبارات قوية جداً، وصحيح أن الموساد يُذكر في عناوين الأخبار عندما تكون هناك أخطاء، ولكن كلنا يستطيع أن يفهم أنه من بين هذه الأخطاء هناك العشرات ومئات الآلاف من العمليات الناجحة حتى يومنا هذا، وحقيقة الأمر أن أحداً لم يسمع عنها، إنما يدل ذلك على أنها بدأت وانتهت بنجاح لأنه لو انتهت بالفشل فكان العالم كله سيسمع بها كما حدث معنا عدة مرات.
    أحمد عبد الله: إذا كانت الدولة تخرج عن صمتها في حال اكتشاف عميلها كما ذكر رئيس الموساد السابق، فلماذا إذاً لا يكون عزام جاسوساً؟ لكن عزام ينفي ويصرّ على النفي بأنه لم يكن جاسوساً.
    مخاطباً عزام عزام: يعني إسرائيل معروفة بزرع جواسيس في أماكن كثيرة من العالم..
    عزام عزام: والمصريين لا..
    أحمد عبد الله: والمصريين زرعوا جواسيس..
    عزام عزام: لحظة واحدة هل سمعت بكارين إي، سفينة كارين إي، ما كان بها سفينة كارين إي؟
    أحمد عبد الله: ما كان بها كارين إي؟ احكي لي.
    عزام عزام: بطاطس وطماطم؟ كان فيها ذخيرة مهربة، ماشي؟ وقُبض على ثمانية من طاقم السفينة ده مصريين، كانوا يعملوا إي المصريين الثمانية دول؟ كانوا يلعبوا شيش بيش على السفينة ولاّ كانوا عارفين أنه فيه باطن السفينة ذخيرة مهربة، مهربة لمين؟ ما ليش دعوة؟
    أحمد عبد الله: معروف..
    عزام عزام: وأفرج عنهم ولم يحاكموا وأفرجت عنهم إسرائيل، ولاّ هم دايماً أبرياء وإحنا أولاد الل.. الزي ما بيقولوا المصريين، إحنا المتهمين إحنا اللي منعمل الحاجة الوحشة، وهمّ كمان، والستة المصريين اللي دخلوا من غار حريف..
    أحمد عبد الله: ستة طلاب.
    عزام عزام: الستة المخربين أي طلاب؟ أو درسوا بجامعة تخريب.. كده مش ممكن يكونوا طلاب وداخلين يخربوا في إسرائيل ويسرقوا ويخطفوا جنود ويقتلوا بني آدمين ويخطفوا جنود..
    أحمد عبد الله: وأنت تأكدت من كده؟
    عزام عزام: أنا زي ما المصريين يصدقوا النيابة المصرية أنا بصدق الإسرائيليين، وبختم لهم وأنا مغمض.
    أحمد عبد الله: طيب أنت كان عندك أي معلومات عن هذه الصفقة؟ أي تفاصيل؟
    عزام عزام: أي صفقة؟
    أحمد عبد الله: الصفقة الأخيرة التي تم الإفراج عنك بسببها؟
    عزام عزام: في الفترة الأخيرة كان لديّ راديو ترانزستور وكنت أقرأ الصحف المصرية ولم يُسمح لي بالعبرية.
    أحمد عبد الله: كنت تسمع ما يدور في العالم من خلال..
    عزام عزام: من خلال الراديو، سأقص عليك قصة كمان العالم العربي لسّه ما سمعاش بأنني كنت أسمع بهذا الراديو بعد أن صُرّح لي براديو ترانزستور إي إم موجة واحدة مش موجتين يعني إف إم ممنوع، وأنا بقيت جرّبت أعمل أي حاجة هنا عيّرته وبقيت أسمع صوت إسرائيل.
    أحمد عبد الله: ولم يلحظ أحد من ضباط الأمن؟
    عزام عزام: فأنا لم أعطيهم الفرصة لأنهم لو علموا كنت خفت بأن يصادروا لي هذا الراديو لأنه كان عالمي الخارجي هو الراديو..
    أحمد عبد الله: هذا الراديو يعني غير عادي.
    عزام عزام: لا.. مصري، مصري، من مصر، ده من داخل مصر، اشتراه القنصل من داخل مصر..
    أحمد عبد الله: هذا القنصل إسرائيلي.
    عزام عزام: القنصل إسرائيلي، وراح معاه ضابط مصري، لما صُرّح لي براديو طلبت طلب، صُرّح لي بعد ثلاث سنوات أنت فاكر من أول يوم كان معي راديو ترانزستور؟ أنت لو تعرف كنت عايش إزاي داخل الزنزانة بعدين رح يقولوا كان جاسوس ولاّ ما كانش جاسوس، بعد ثلاث سنوات صُرّح لي، قالوا لي: قدم طلب فقدمت طلب، الطلب راح للمأمور الذي هو مدير السجن ورفعه لإدارة مصلحة السجون، ولما بعرفش وصل فين بعرفش وصل فين بعدين، أنا كنت خايف مرة من كثر ما يقولوا لي رفعناه رفعناه للأعلى كان ليوصل لعند ربنا عشان يجيبوا لي تصريح، فأجا لي تصريح فأجا القنصل قال له: مبروك أجا تصريح لعزام براديو ترانزستور، ولكن مسموح له بس بإي إم موجة واحدة، قال له: طيب أنا ببعث السواق يجيب، قال له: لا.. لا رح يطلع معاك الباشا نبعث معك باشا، بعثه معه ضابط راح اشترى راديو وأدهوا لي، فجيت أنا ألعب بيه فلحظي الحلو جبت صوت إسرائيل فمن خلال الراديو بقيت أنا أسمع صوت إسرائيل.
    أحمد عبد الله: يعني أنت ده الوقت خمس سنوات داخل السجن تسمع صوت إسرائيل من غير الأمن المصري ما يعرف عنك شيء، خمس سنوات، ولم يلحظ أي أحد أنك كنت تسمع..
    عزام عزام: لأنني كنت أخرج من الزنزانة ساعتين باليوم، وكنت داخل الزنزانة ما عنديش ولا حاجة أعملها يا أقرأ جرايد يا أسمع راديو، فلما أعرف أنهم رح يفتحوا لي في الساعة المعينة ده كانوا يفتحوا عليّ الساعة تسعة الصبح، أنا ألعب في الإشارات في المؤشر وأبدله ما حدش.. ولما كنت أسمع كنت أسمع بالوشويش.
    أحمد عبد الله: أنت أكيد عندك خبرة في الراديو.
    عزام عزام: جاسوس مش كده؟
    أحمد عبد الله: آه.
    عزام عزام: أكيد رح يقولوا كده.
    أحمد عبد الله: فعرفت أخبار الصفقة وعرفت كل شيء قبل ما تحصل.
    عزام عزام: لحظة، قالوا: تم القبض على ست طلبة جامعيين اجتازوا الحدود المصرية الإسرائيلية ودخلوا وقبض عليهم، فأنا طبعاً كانوا يجوا لي زيارات، سامي أخوي ومراتي وأخواتي، فقلت لهم: سمعتو على حكاية زي ده، قال: إحنا سمعنا وإحنا نجرب نعمل أي حاجة يربطوا دول في ده، فبقينا فأسمع أخبار دايماً من السفارة ومن أخواتي ومن العيلة أنه هل رح يربطوا الإفراج عن المصريين في الإفراج عني، فالحمد لله في الآخر تمت.
    أحمد عبد الله: طيب أنت تصنف نفسك عربي مسلم، مسلم يهودي، يهودي إسرائيلي؟
    عزام عزام: أنا أصنف نفسي لغتي الأم عربي، من عرب 1948، الديانة درزية، ومقيم في دولة إسرائيل، وأحوز على جواز السفارة الإسرائيلي.
    أحمد عبد الله: أنت عندما خرجت على فكرة من السجن في لحظة الإفراج كان تبادل ما سُمي بتبادل الصفقة بينك وبين المصريين ذكرت قلت: أنا ولدت من جديد، وحبي شديد وجم لإسرائيل وشارون، يعني هذه مشاعر كانت حقيقية؟
    عزام عزام: أنا لم أخترع هذه المشاعر، مشاعر لا يخترعون، المشاعر التي أنت تعيش جواك فهذه كانت عايشة معي طوال حياتي، هذه دورية، على فكرة سيدي العزيز أستاذ أحمد أنا عشت في إسرائيل وتعلمت في إسرائيل وخدمت خدمة العلم في إسرائيل وأولادي رح يخدموا كلنا رح نخدم ده دولتنا، ما لناش مكان ثاني.
    أحمد عبد الله: وفرحان بكده أنت.
    عزام عزام: ليه لأ؟ ليه لأ؟ زي ما الأميركاني فرحان أنه أميركان، وزي المصري فرحان أنه مصري، وزي ما الأردني فرحان أنه أردني، فليش أنا ما أفرحش إني أنا إسرائيلي؟
    أحمد عبد الله: يعني الناس بيأخدوا عليك بيقولوا لك: أنت عربي لو عربي ليه يعني بتكون إسرائيلي؟ وإسرائيل تظلم العرب وتحتل أراضيهم وتقتل أبناءها، هذا ما يدور في الشارع العربي.
    عزام عزام: وأكم عربي هاجروا لأميركا وده الوقت أميركا محتلة، هل نفس الكراهية؟ سؤال، بقى أميركي.
    أحمد عبد الله: يعني في ظل ما يدور الآن على الساحة السياسية البعض يأخذ موقفاً من الدروز أو الموالين لإسرائيل، أنت فاهمني؟ بيتاخذوا موقف كده معادي شوية عشان يمكن ربما لحظة الإفراج عنك كان فيه لحظات غضب وأنك أنت جاسوس والدرزي إزاي يكون درزي وعربي وموالي لإسرائيل؟ أنت أكيد بتسمع هذا الكلام.
    عزام عزام: موالي لمين؟ موالي لمين؟
    أحمد عبد الله: لإسرائيل.
    عزام عزام: لأ أنا عايز أقول لك: إن لم أكن موالي لإسرائيل لمن أكون موالي؟ لأي دولة؟
    أحمد عبد الله: المفروض تكون مساند للقضية العربية.
    عزام عزام: هذه قضية سياسية لا تتبعني ولا تخصني ولا أستطيع أن أعمل بها شيئاً، أنا فرد واحد من ملايين الناس، وماذا يعملون الملايين العرب لمساندة القضية الفلسطينية؟ ماذا يعمل عزام ومئات العزام؟ ماذا يعملون؟ ماذا يستطيعون أن يعملوا؟ مرة أخرى أنا إسرائيلي ولدت هنا وأنا مخلص لهذه الدولة وأحب هذه الدولة، ولا أنكر بأنني إسرائيلي ودرزي، فهذا أنا مفتخر جداً زي ما كل بني آدم مفتخر في ديانته في هويته في كل حاجة في بلده في وطنه.

    أحمد عبد الله: تدين بالشكر بالخصوص لشارون اللي هو في الشارع العربي كثير من الناس يكرهوه، يفتكروا أنه هو محرض ضد العرب والفلسطينيين بالتحديد..
    عزام عزام: يكرهوه ليه.. ما هو يزور رؤساء عرب كثار، يكرهوه ليه؟ ما هو يقعد مع رؤساء عرب كثار! ليه يكرهوه؟
    أحمد عبد الله: أنت كثير فخور بشارون كرئيس وزراء إسرائيل؟
    عزام عزام: أنا فخور أول حاجة بالدولة وبشعبها في البداية، لأنه من أوصل شارون إلى هذه المرتبة هو الشعب، عندنا الرئيس ما بيقعدش مدى الحياة، ماشي؟ وعشان كده الاهتمام تبع رئاسة إسرائيل من يكن في الحكم إن كان شارون أو أي واحد منهم فيهتم بالمواطن الإسرائيلي لأنه هذا هو المواطن البسيط الذي يستطيع أن يضعه في هذه المكانة السياسية.
    أحمد عبد الله: لو خُيرت أن تكون عربياً أو تحمل هوية عربية.
    عزام عزام: لا قدر الله، لا قدر الله، بعدما رأيته بأم عيني لا قدر الله.
    أحمد عبد الله: أي دولة.
    عزام عزام: أعوذ بالله، أعوذ بالله، أي دولة كانت عربية أنا مسامح مش عايز.
    أحمد عبد الله: لا تريد.
    عزام عزام: أنا هنا مبسوط الحمد لله رب العالمين، لا أريد أن أبدل وطني بأي وطن آخر وليس أوروبي حتى.
    أحمد عبد الله: إسرائيل.
    هكذا كانت حكاية عزام، عموماً فإن الافتخار بالهوية شعور فردي ولكل شخص الحق بالافتخار بما يرغب وبما يشاء من دون الإساءة إلى أحد،


    النهــــــــــــــــــاية

  12. #12
    مشرف مجلس قبيلة مطير الصورة الرمزية خليل المطيري
    تاريخ التسجيل
    10-07-2010
    الدولة
    بيت ربعـــــــــــي عزي
    العمر
    35
    المشاركات
    848

    افتراضي

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا ... لك مني أجمل تحية .

  13. #13
    مشرفة المجلس النسائي
    تاريخ التسجيل
    10-11-2010
    الدولة
    محافظه البحيره مركز ايتاى البارود
    العمر
    33
    المشاركات
    228

    افتراضي

    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

  14. #14
    مشرف مجلس قبائل فلسطين الصورة الرمزية عبدالرازق مصاروة
    تاريخ التسجيل
    30-01-2010
    العمر
    76
    المشاركات
    1,007

    افتراضي

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

  15. #15

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  16. #16

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

  17. #17

    افتراضي

    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

  18. #18

    افتراضي

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

  19. #19

    افتراضي

    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

  20. #20

    افتراضي

    كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟

  21. #21

    افتراضي

    ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر

  22. #22

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  23. #23
    كاتب بالنسابون العرب الصورة الرمزية محمد الجيلاني
    تاريخ التسجيل
    12-09-2011
    الدولة
    فلسطين
    العمر
    38
    المشاركات
    490

    افتراضي

    والله انها معلومات قيمة ، وخاصة موضوع العميل الذي اسقط عن طريق النت ، فيجعلك دائما حذرا .
    بارك الله فيك ، بوركت .

  24. #24
    كاتب في النسابون العرب الصورة الرمزية الشريف حسين الحسني
    تاريخ التسجيل
    24-02-2012
    الدولة
    بلاد العرب أوطاني
    المشاركات
    755

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


  25. #25
    عضو مشارك
    تاريخ التسجيل
    17-08-2015
    العمر
    54
    المشاركات
    31

    افتراضي

    موضوع شيق

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الجاسوسية في الاسلام
    بواسطة القلقشندي في المنتدى موسوعة التراجم الكبرى
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-02-2013, 08:12 PM
  2. الجاسوسية . الجواسيس . اجهزة المخابرات . ملفات كاملة بالصور
    بواسطة ابن خلدون في المنتدى عجائب و طرائف الفيديو و الصوتيات
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-02-2013, 04:55 PM
  3. الجاسوسية . ملف خاص . بالصور
    بواسطة ابن خلدون في المنتدى عجائب و طرائف الفيديو و الصوتيات
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 07-02-2013, 06:44 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum