[align=center]الرملة في العهد العثماني
[/align]
دخلت الرملة مع غيرها من مدن القطر الشامي تحت الحكم العثماني على أثر انتصار العثمانيين على المماليك بموضع «تل الفار» في مرج دابق يوم الأحد 14 رجب 922هـ: 1516م. وبينما كان السلطان سليم سائر إلى مصر تأخر من جماعته بعض أناس في الرملة. فشاع الخبر ان اهل المدينة قتلوهم وبلغ ذلك السلطان فأمر بقتل أهل البلد ولم يبق منهم أحد.
الا انه عاد للرملة بعض عمرانها بالجماعات التي نزلتها. فقد ذكر لنا التاريخ علماء اشتهروا منها في ذلك العصر. عرفنا منهم:
الشيخ خير الدين الرملي: هو خير الدين بن أحمد بن علي بن زين الدين بن عبد الوهاب الأيوبي العليمي الفاروقي الرملي. الامام المفسر المحدث الفقيه اللغوي. شيخ الحنفية في عصره. والعليمي نسبة إلى علي بن عليم المتقدم ذكره والفاروقي نسبة إلى الفاروق عمر بن الخطاب والأيوبي نسبة إلى بعض أجداده دون ابن عليم.
ولد الشيخ خير الدين في الرملة في رمضان من عام 993هـ: 1585م. وتوفي في رمضان من سنة 1081هـ: 1671م. ودفن بحي الباشقردي أحد احياء الرملة. تعلم القرآن الكريم ومبادىء الفقه على شيوخ بلده ثم رحل إلى مصر سنة 1007هـ فمكث في الأزهر ست سنين ثم عاد إلى الرملة فدرّس وعلّم ونصح وأفتى. وشاعت فتاواه في الآفاق ووردت اليه الأسئلة من كل جهة.
وكانت عنده مكتبة جمع فيها الكثير من نفائس الكتب. وقد نوه بذكرها الرحالة فولني الذي زار الرملة في القرن الثامن عشر. ولمكانة الشيخ خير الدين العلمية الرفيعة قصده العلماء والمفتون والمؤلفون للأخذ عنه والاستفادة من مكتبته. فانتشر طلاب في مختلف المدن الفلسطينية والسورية وفي الحجاز والمغرب والأناضول ومنهم وزراء و(باشوات).
ذكره صاحب خلاصة الأثر بقوله: «متين الدين عظيم الهيبة، تهابه الحكام من القضاة وأهل السياسة، وكانت الرملة في زمنه أعدل البلاد وللشرع بها ناموس عظيم وكذا في الب البلاد القريبة منها، فانه كان إذا حكم على انسان بغير وجه شرعي جاءه المحكوم عليه بصورة حجة القاضي فيفتيه ببطلانه فتنفذ فتواه، وقل أن تقع مشكلة في دمشق أو في غيرها من المدن الكبرى الا ويستفتى فيها مع كثرة العلماء والمفتين، وكانت أعراب البوادي إذا وصلتها اليهم فتواه لا يختلفون فيها مع انهم لا يعملون بالشرع في غالب امورهم»(***).
وللشيخ خير الدين نظم ومؤلفات كثيرة أشهرها (الفتاوى الخيرية). ولم يكتف رحمه الله بدروسه وفتاواه بل أخذ يشجع أهل بلده وقراها على العناية بغرس أشجار الفواكه المختلفة كالعنب والتين والزيتون، فقد باشر بنفسه بغرس ألوف الأشجار في أراضيه، مما در عليه المكاسب الوفيرة التي كان يوزع قسماً منها على أهله وجيرانه وغيرهم من أهل بلده، ومن أعماله الخيرية الأخرى عنايته بترميم مساجد الرملة ومدافن الأولياء.
وعائلة ألخيري في الرملة ويافا وغيرها، من كرام العائلات في الديار الفلسطينية، هم من أعقاب هذا العالم الفذّ.
محي الدين بن خير الدين الرملي: ابن الشيخ خير الدين المتقدم ذكره. ولد سنة 1020هـ. تعلم القرآن الكريم والفقه والعربية على والده وشيوخ بلده وغيرهم. ومحي الدين هذا هو الذي جمع فتاوى والده (الفتاوى الخيرية) الا انه توفي سنة 1071هـ: 1660م في حياة والده، قبل ان يتمها، فأكملها الشيخ ابراهيم بن سليمان الجنيني.
كان محي الدين حسن الخلق والخلق، كريم الطبع وقوراً عالي الهمة، سامي القدر ديناً، خيراً.
مواقع النشر (المفضلة)