علاقة قبيلة عدوان بأشراف مكة
بقلم نواف العدواني



:: علاقة قبيلة عدوان بأشراف مكة ::




تشير المصادر التاريخية المدونة بمدلولاتها على وجود علاقات متميزة و متينة بين قبيلة عدوان و أشراف مكة الحسنيين. يقول بوركهارت : (( كانت عدوان في الماضي قبيلة عريقة و نبيلة لا نظير لها في الحجاز بفضل الشجاعة و كرم الضيافة ، و احتلت المكانة الأولى من حيث الهيبة و ظلت على صداقة مع أشراف مكة )) . و استمرت تلك العلاقة قروناً طويلة سادها التواصل و التقارب في معظم الأحوال متمثلة في أربع صور :



أولاً :



مشاركة قبيلة عدوان لأشراف مكة في حروبهم و حملاتهم العسكرية على القبائل المتمردة على دولتهم و الخارجة على سلطانها ، باعتبار قبيلة عدوان من القبائل الموالية و الحليفة للأشراف ، و أحد المكونات الرئيسية في عسكر الدولة الحسنية ، فهذا يحيى الهاشمي المكي يذكر أتباع الشريف في أرجوزته التي نظمها فيما وقع بين أمير مكة الشريف حسن بن عجلان الحسني و خصمه بيسق أمير الركب المصري في عام 812 هـ فقال :





فجمـع الجمـوع و الخيـولا
من كل فج قـد أتـوا سيـولا
ما طبق الأرض و سدّ الأفقـا
و ملأ السهل و عـمّ الطرقـا
وعدة الخيل التـي قـد جمعـا
ثلاثـة مـن المئيـن إذ دعـا
وبعدها ستون من سوى التـي
لم تأت من موسـى و كنانـة
فخيل نفسـه ثلاثـون جـواد
و مائه يا صاح كلهـا جيـاد
و عدة الرجال من الأصنـاف
اثنـان مـع ثـلاثـة الآلاف
منهم قريش و كذا الحجادلـة
كذا بنو ريشة معهم صاهلـة
أما هذيل صرخهم يـا صـاح
ألـف مكملـون بالـسـلاح
كذا بنـو خالـد مـع سـواده
و غيرهم من عـرب العـادة
أما مطير مـع عـدوان فقـد
جاءوا كمثل السيل يرمي بالزبد
كذا خزاعـة و لحيـان أتـوا
يبغون قوماً قد طغوا و قد عتوا



فذكر من القبائل المناصرة لشريف مكة : عدوان و هذيل و خزاعة و مطير و خالد و غيرهم . و كذا أورد ابن فهد عبدالعزيز في مخطوطته ما يشير إلى ذلك ، فقال في موسم حج عام 918 هـ عند الاحتفال باستقبال الحجّاج و لبس شريف مكة الخلعة :

[ خرج السيد بركات بن محمد وولده أبو نمي و جميع عسكره و هو شيء كثير من الخيل و الرجال بنو حسين و عدوان و أهل الحجاز و هذيل و عربان البلاد و أهل مكة و ذوي حسن ]

و كان للشريف بركات غزوات متعددة في فترة ولايته أبرزها صراعه مع أخيه الشريف هزاع و منها غزو قبيلة مطير عام 905 هـ و غزو قبيلة عتيبه عام 910 هـ و غزو قبيلة زبيد عام 911 هـ و غزو بني عقبه و المفارجه عام 917 هـ . أما أبرز الأحداث في ولاية الشريف أبي نمي أمير مكة فهو قتاله البرتغاليين عام 984 هـ و هذا يعني اشتراك عدوان في معظم تلك الأحداث و الوقائع .




ثانياً :




اشتراك قبيلة عدوان في نزاعات الأشراف الداخلية و خلافهم على السلطة مما أثر سلباً في كثير من الأحيان على صدارة قبيلة عدوان و أضعفها و جعل منها هدفاً للثأر و الانتقام فيما بين الأشراف نتيجة مساندة و تأييد طرف دون آخر و قد يكون ذلك سبب نزوح بيوتات من قبيلة عدوان في سنوات خلت من تلك الحقبة و سيمر علينا في هذا المنتدى الكثير من الأمثلة لاحقاً مما سجله المؤرخون .




ثالثاً :



اتخذ الأشراف الحسنيون حكام مكة من رجال قبيلة عدوان خواص و أعواناً لهم ، فقلدوهم مناصب في دولتهم ، و اختاروا منهم وزراء و قادة لعسكرهم ، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ، محمد بن جمهور أحد قادة أمير مكة الشريف سعيد بن سعد الحسني الذي أرسله لإخماد ثورة العبيد في مكة عام 1116 هـ ، كما نصب أمير مكة الشريف سرور بن مساعد الحسني رجلاً من قبيلة عدوان وزيراً له و جعله على قلعة المدينة المنورة في أحداث عام 1194 هـ ، و من قبيلة عدوان عثمان بن عبدالرحمن المضايفي وزير الشريف غالب بن مساعد ، الذي أصبح فيما بعد من أشد المؤيدين للدعوة السلفية و المناصرين للدولة السعودية الأولى و أمير الطائف و الحجاز ، ومنهم كذلك عبدالله بن مسفر الخماش ، أحد أقطاب النظام الملكي في العراق ، و صديق الملك الشريف فيصل الأول في الحجاز و العراق و ابنه عبيد قائد الحرس الملكي في العراق ، وأول وزير للرياضة في تاريخ العراق الحديث. و غيرهم الكثير مما لم يسعني معرفته .




رابعاً :



ارتبطت قبيلة عدوان مع الأشراف بعلاقات اجتماعية و مصاهرة ، و هذه العلاقة لها بعد تاريخي قديم ، و أول صلة نسب جمعت بين الطرفين تمثلت في زواج عاتكة بنت عدوان من النضر بن كنانة بن خزيمة ، التي أنجبت له مالك و يخلد و الصلت ، فأنجب مالك فهراً و من فهر تفرعت بطون قريش الذين منهم بنو هاشم ، و من صور المصاهرة بين قبيلة عدوان و الأشراف الحسنيين مما وقعنا عليه في المصادر التاريخية و استنبطناه منها ، زواج الشريف بركات بن حسن بن عجلان الحسني بأخت أحمد بن قفيف العدواني ، فأنجب منها أمير مكة الشريف محمد بن بركات الحسني المتوفي سنة 903 هـ ، و زواج الشريف مشهون بن عجل النموي الحسني بفاطمة العدواني ، المتوفية عام 913 هـ . و زواج أمير مكة الشريف عبدالكريم بن محمد بن يعلي الحسني بعدوانية عام 1122 هـ . و زواج أمير مكة الشريف مساعد بن سعيد الحسني بعدوانية ، و زواج أمير مكة الشريف غالب بن مساعد بأخت عثمان المضايفي ، و غيرها من الأمثلة التي لا حصر لها . و في الموروث أن قبيلة عدوان لا تسمح بزواج نسائها من غير عدواني إلا إذا كان هاشمياً ، و ذكر البلادي في الرحلة النجدية ذلك الموروث فقال : [ و عدوان لا يزوجون بناتهم إلا لبني هاشم ] .

كما كان من عادة أشراف مكة أنه إذا ولد لهم مولود أرسلوه إلى بادية عدوان ليسترضعوه حتى يشب فيرجع إليهم و قد تعلم الفروسية و فنون القتال و لهجة الأعراب و عاداتهم في السلم و الحرب. يقول بوركهارت [ اعتاد الشريف القائم بالحكم ، و كل عائلات الأشراف الأخرى إرسال أطفالهم ليتربوا وسط البدو و خاصة بين أبناء قبيلة عدوان ، و كان الأطفال يمكثون معهم حتى يتعلموا ركوب الخيل بكل براعة ] و يقول بوركهارت أيضا : [ و أبناء أسرة الشريف الحاكم كانوا عادة ما يتعلمون بين قبيلة عدوان لشهرة أفرادها بالشجاعة و الكرم ] . و يقول المؤرخ التركي صبري أيوب باشا : [ و أعراب قبيلة عدوان ، هم أشهر قبائل العرب كرما و شجاعة ، و قد نالوا شرف مصادقة أشراف مكة المكرمة الكرام ...... ] ثم قال في موضع آخر : [ و قد اتبع كرام مكة إلى عهد قريب هذه السنة السنية حيث كانوا يرسلون أولادهم الذكور إلى سيدات هذه القبيلة المذكورة لكي يرضعوهن و يتولين تربيتهن منذ الصغر ] و يقول العلامة محمد سعيد كمال في حديثه عن قبيلة عدوان : [ و لحسن موقع أرضهم و صادق لهجتهم و شهامتهم و شجاعتهم و إفراط غيرتهم كان كثير من الأشراف يختارون مراضع أبناءهم فيهم و تنشئتهم بينهم ]



ughrm rfdgm u],hk fHavht l;m