القواسم

لنفس الأسباب التي جمعت بني ياس في قيادة قوية جديدة فلقد ألتم شمل القواسم وتوحد أمرهم بقيادة قوية جديدة هي قيادة ( كايد بن عدوان ) في إمارة جلفار التي هي رأس الخيمة الآن . وكان ذلك أيضاً في حوالي 1600 الميلادي أو قبله بقليل . وقبل ان ندخل في ظروف إعادة جمع القواسم في إمارة جلفار سنناقش الآراء التي قيلت في اصل القواسم وبداية وجودهم خارج الإمارات أو في داخلها ، ولقد اختلف المؤرخون وعلماء الأنساب في أصل القواسم فذهبوا إلى الآراء التالية :


1. أنهم من نسل ( جاسم ) وجاسم قبيلة ظهرت على عهد عاد وثمود ، يقول الدكتور جواد علي ( في المفصل في تاريخ العرب ) : " ان من العرب العاربة جاسم بن عمان بن سبأ بن يقشان بن إبراهيم ، وقال الهمداني ان قبيلة جاسم نزلت عمان " ، ويردف الدكتور في مكان آخر في الكتاب : " وجماع العرب البائدة في عرف أكثر أهل الأخبار هم عاد وثمود وطسم وجديس وأميم وجاسم وعبيل وجرهم الأولى والعمالقة " .
ويقول أيضاً : " أما جاسم فهو من نسل العماليق فهم إذن من نسل لاوذ بن سام .

ويعرف أهل عمان والبحرين بجاسم وجاسم من نسل عمليق " .


2. القواسم شرفاء تحدروا من أرومة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) نزحوا من

الحجاز وتوطنوا ساحل عمان وأنشأوا إمارة رأس الخيمة .


3. ان القواسم من بقايا الجيش الذي قادة القاسم بن شعوة المزني الذي أوفده الحجاج إلى عمان ليقضي على ثورة سعيد بن عباد الجلندي وقد قتل القاسم وتمزق جيشه . ثم جاء إلى عمان ( مجاعة ) اخو القاسم واندحر جيشه أيضاً فاضطر مجاعة إلى قبول الحصار والاعتصام في جلفار ( راس الخيمة ) إلى أن استطاع جيش آخر أوفده الحجاج أن يفك الحصار عنه ، فكان القواسم من أحفاد القائد وجنوده تسموا ( بالقواسم ) نسبة إليه وتوزعوا في عمان وبقية الساحل العربي وكذلك الفارسي للخليج .


4. أمهم من عرب الظفير تجولوا بين نجد والعراق .


05 ذكر طبيب إيطالي اسمه ( مريزي ) اشتغل طبيبا خاصا للسلطان سعيد بن سلطان سلطان عمان إلى ان القواسم انحدروا من زعيم اسمه ( غياشم ) وسكنوا في ساحلي الخليج العربي والفارسي وأن ( غياشم ) هو الذي نصب خيمة على ساحل البحر فصار اسم المنطقة ( راس الخيمة ) .


6. أما المؤرخ عبدالله صالح المطوع في مخطوطته ( الجواهر واللآلي في تاريخ عمان الشمالي ) ، فيذكر رأيين مهمين يلقيان الكثير من الضوء على الموضوع ويؤديان بالتالي إلى تفسير منطقي للإحداث والأسماء .


فالرأي الأول عند المطوع أنهم من عرب الظفير وكانوا دولة كبيرة على إطراف مدينة الموصل في شمال العراق ، فاقتتلوا فيما بينهم وتفرقوا فنزح قسم منهم إلى منطقة الأهواز في إيران ، ومن هناك هاجروا إلى جلفار راس الخيمة وهناك اتحدوا مع قوم اسمهم ( بنو زراف ) وكانت جلفار تحت حكم ملك العجم ، فلما استقروا هناك تعارفوا مع الحاكم العجمي لجلفار ، فوجد الحاكم في شخصية زعيم القواسم ما يؤهله لزعامة القبائل العربية المنتشرة هناك ، ولقد ساعد الحاكم العجمي على عقد حلف ومعاهدة بين الزعيم القاسمي وبين القبائل المنتشرة حوالي جلفار . وكان من أهم شروط الحلف ان لا يتخذ الزعيم القاسمي قرارا أو رأيا وينفذه دون الرجوع إلى رأي وموافقة بقية العشائر ، على ان تكون الرئاسة بعده لمن يخلفه من أولاده شرط ان يلتزم الولد أو الخليفة بالرجوع إلى موافقة الجماعة والقبائل في اتخاذ القرار .


وقد حدث ذات مرة أن حاول الأعداء الهجوم عليهم فذهب الزعيم القاسمي بنفسه

واستطلع قوة العدو ، فلما طلب استنفار القبائل المتحالفة معه لم يصدقه احد ورفضوا الخروج معه للقتال ، فاضطر ان يجهز قوة من القواسم فقط وكمن للعدو ليلا وعندما تمكن منهم خرج إليهم وأبادهم عن بكرة أبيهم ، فقويت شوكته وارتفعت مكانته بين قومه وحلفائه . ثم ان ملك العجم فوض أمر المنطقة إلى الزعيم القاسمي وعقد معه معاهدة . ألا ان الزعيم القاسمي تمكن في الأخير من التخلص من المعادة واستقل بالإمارة ولم يبق للعجم إلا قلعة واحدة .


أما رواية المطوع الثانية فهي أن ملك الفرس أراد أن يرسل مستشارا عربيا إلى الحاكم الفارسي لجلفار . فرأى في أمير القواسم من العرب الموجودين في بلدة ( خيل بدو ) و ( لنجه ) خير مستشار ، وقد وافق الزعيم القاسمي وسافر إلى بلدة جلفار حيث يوجد الحاكم الفارسي . وهناك في جلفار استطاع الزعيم ان يجمع فلول القواسم وان يوحدهم ثم تزعم بقية العشائر في المنطقة وأخذ يباعد بين العرب والعجم ، فلما فطن الفرس إلى نشاطه كان قد أصبح ذا باس وقوة شديدين ، فتنازل له الفرس عن حكم المنطقة بشرط اعترافه بحق بحق إيران في حماية المنطقة ومعاونة إيران عند الحاجة ، ويقول المطوع : " انه لم يستطع معرفة اسم الموفد أو الزعيم ولعله الشيخ ( فاهم ) الذي بنى قلعة ( الفشت ) بين الحيرة والشارقة وبه ضرب المثل : " لا تقرب الشارقة ما دام فاهم حي " .


ومن خلال الإطلاع على الآراء السابقة يبدو أن القواسم وجدوا في المنطقة منذ عهد عبدالملك بن مروان وحجاج العراق .. ولعلهم أحفاد القاسم بن شعوة أو غيره من الجيوش التي سارت من العراق إلى عمان في العهدين الأموي و العباسي وتشتت شملها هناك في عمان . ولربما يكون من تبقى منهم في العراق قد هاجر بعد أن اجتاح المغول الدولة العباسية بغداد عام 1200 الميلادي ، فهربوا إلى سواحل إيران الغربية المتاخمة للخليج وتجولوا بين بلدة ( نخيل بدو ) وغيرها ثم اتخذوا من بلدة ( لنجة ) عاصمة لهم فقويت شوكتهم هناك ورسخوا أنفسهم وباشروا علاقاتهم مع بقية القواسم المنتشرين في أرجاء عمان وبقية الإمارات وخاصة بلدة ( جلفار ) .


إذن متى ظهر الزعيم كايد بن عدوان أو( كايد بن حمود ) .. ؟ الأغلب الأعم عندي أنه هو الزعيم المقصود في رواية المطوع ، وأنه ظهر على زمن الشاه عباس بن الشاه إسماعيل الصفوي ، فلما أراد الشاه عباس مقاتلة البرتغاليين استعان بالعناصر العربية على الساحل الفارسي فوجد الزعيم القاسمي كايد بن عدوان القاسمي خير مستشار للحاكم الفارسي في جلفار وهو ( القائد ناصر الدين العجمي ) ، فانتقل كايد من بر فارس إلى جلفار أو الصير وهناك نصب خيمة على رأس جبل يطل على الخليج فصار اسم المنطقة المحيطة بجلفار ( رأس الخيمة ) كما كانوا يسمونها بالصير أيضاً ،



وبعدها قام كايد ببناء قلعة ليقيم فيها عرفت باسم ( برج كايد ) من هنا باشر بجمع شمل العشائر القاسمية الموزعة هنا وهناك في إرجاء عمان والساحل . وهناك في ( رأس الخيمة الجديدة ) ترعرع أولاده وأحفاده وبنوا دولتهم التي امتدت شرقا وغربا ، وكان لكايد رجال وقادة مشهورين مثل القائد ( فاهم ) الذي مد النفوذ القاسمي إلى الشارقة وبه ضرب المثل ( لا تقرب الشارقة ما دام فاهم حي ) . وهكذا فيكون ظهور كايد في أحد الأعوام الممتدة من 1550 الميلادي إلى 1600 الميلادي .


منفول بواسطه البو فلاسه عن اخرين


hgr,hsl