النتائج 1 إلى 15 من 15

الموضوع: قبيلة عذرة القضاعية و الحلف مع جذام

تاريخ بني عذرة في الجاهلية في العصر الجاهلي : قد اعتقد شبرنكر بأن قبيلة عذرة ربما هي التي ذكرها العالم الإغريقي بطليموس باسم أدريته "Adritai" "Adraetai" ،

  1. #1

    افتراضي قبيلة عذرة القضاعية و الحلف مع جذام

    تاريخ بني عذرة في الجاهلية

    في العصر الجاهلي :

    قد اعتقد شبرنكر بأن قبيلة عذرة ربما هي التي ذكرها العالم الإغريقي بطليموس باسم أدريته "Adritai" "Adraetai" ، وقال الدكتور جواد علي : أما تاريخ عذرة البعيد فلا نعرف عنه شيئاً، وما نعرفه منه يخص الأيام القريبة من الإسلام[1] وهذا ما يدل على قدم تاريخها فعلا، لأن المشهور في التاريخ، أن قبيلة قضاعة من القبائل العربية القديمة التي كانت أول من نزحت من اليمن بعد إنهيار سد مأرب، كما كانت قضاعة من أقدم القبائل التي اعتنق جزء كبير منها الديانة المسيحية أو النصرانية[2]، وربما هذا يرجع إلى وجود قضاعة في الشام منذ انتشار الديانة النصرانية لأن قضاعة عاصرت الأنباط الذين كانوا موجودين في فلسطين وقد جرت بينهم وبين اليهود حروب، وربما هذه الحروب كانت بسبب معاداة اليهود للديانة المسيحية ومن هذه المعارك ما حدث في حوالي 87 – 62 ق.م في زمن الحارث الثالث المؤسس الحقيقي لدولة الأنباط[3] وبعد أن خضعت فلسطين للسيطرة الرومانية واعتمدت الديانة المسيحية ديانة رسمية للامبراطورية حدثت هجمات عديدة ضد اليهود ويبدو بأن ذلك أيضاً استمرار لما قام به الأنباط لأن اليهود كانوا يكذبون بالمسيحية ويصفونها بصفات الكفر والعصيان، ولقد انتشرت المسيحية بين قبائل كثيرة من العرب آنذاك كما كان بعضهم على دين إبراهيم عليه السلام وهم الحنفاء، ومنهم بعض الموحدين بالله مثل عبد الله القضاعي بن تغلب بن وبرة بن قضاعة الذي كان يؤمن بالله واليوم الآخر وكان من أشهر حكماء العرب، وعمير بن جندب الجهني من الموحدين العرب وعبد الطابخة القضاعي[4] كما عرف فيهم الشرف قبل الإسلام وخاصة في عذرة والحارث بن سعد، قاله ابن رشيق في العمدة، فمن كان له الشرف في الجاهلية لم يغيره الإسلام وعلى ذلك ورد الحديث : " الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" ووجه التشبيه أن المعدن لما كان إذا استخرج ظهر ما اختفى منه ولا تتغير صفته، وكذلك صفة الشرف لا تتغير في ذاتها بل من كان شريفاً في الجاهلية فهو بالنسبة إلى أهل الجاهلية رأس فإن أسلم استمر شرفه (بلوغ الأرب ج2ص190) .
    ومن أشراف عذرة قبل الإسلام كما ذكره الصحاري في الأنساب الحن ورزاح ابنا ربيعة[5]، ومسعود بن سنان، كما أن الشرف دائماً يضاف إلى بني عذرة أينما وجدوا فهم أشراف الحجاز، وأشراف مصر، وأشراف الشام وأشراف العراق، وجاء في معجم قبائل العرب بأن بنو العبيد بن الأبرص بن عمرو من قبيلة قضاعة وهم من أشراف العرب كان لهم ملك بالجزيرة الفراتية[6]، وهو دليل بأن الشرف كان في قضاعة بن حمير بن قحطان والذي قيل فيهم : " الإيمان يمان ورحى الإسلام في قحطان، وحِمْيَرُ رأس العرب ونابها، ومذحج هامتها ، والأزد كاهلها وجمجمتها، وهمدان غاربها وذورتها ،...[7]".
    هذا ولم تشتهر قبيلة بني حن، بعبادة الأصنام على غرار قبائل العرب الأخرى لأن غالبيتهم كانوا على دين النصارى واعتقد بأن حن هذا ولد سنة 450م[8] تقريباً أي بعد انتشار المسيحية في فلسطين زمن الإمبراطور الروماني قسطنطين بنحو 150 عاماً وقبل ظهور الإسلام بنحو 170 سنة، بينما عذرة فمن المتوقع أنه ولد سنة 270م أما قضاعة فقد يكون ولد سنة 70م تقريباً وهذه السنة تصادف الفترة التي كانت فيها دولة الأنباط في غاية مجدها حيث امتد نفوذها من مدينة دمشق شمالاً وبادية الشام وجنوب فلسطين وسيناء ثم جنوباُ حتى مدائن صالح[9]والذي تقع بمساكن قبيلة بني عذرة، وقد انتهت دولة الأنباط سنة 105م نتيجة سيطرة الرومان عليها ولهذا السبب ذهب بعض المؤرخين إلى اعتقادهم بأن أولائك العرب من بقايا الأنباط ففي ذات المنطقة نجد أن الديانة السائدة هناك هي فعلاً الديانة النصرانية، ولكننا نجد لعبادة الأصنام بعض الوجود النادر في بني عذرة، وربما انتقلت إليهم في وقت ما، حيث نجد صنماً يقال له حمام، كان في بني هند بن حزام بن ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة، وكانوا يعظمونه، وكان له سادن يقال له طارق[10]، وذكر اليعقوبي أنه كان في دومة الجندل صنماً يقال له ود تقدسه قبيلة بني كلب بن وبرة بن قضاعة، وكان لقوم من عذرة صنم يقال له شمس (تاريخ اليعقوبي، الموسوعة الشاملة، ص100) .

    أهم أحداثهم في العصر الجاهلي :
    نأتي الآن على ذكر شيء من أخبارهم القديمة و بعض أحداثهم المؤرخ لها في أمهات الكتب، وحديثنا هنا يشمل بني حن وبني رزاح وكذلك بني عذرة، فهي مسميات تاريخية تدل على مسمى واحد، حيث قال النسابة في كتب الأنساب أن بني حن وبني رزاح هما قبيلا عذرة، أي هما القبيلتان اللتان حملتا وتورثتا تاريخ وكنية هذه القبيلة فيما بعد، حين كثر نسلهما، قال ابن إسحاق: فلما رجع رزاح إلى بلاده نشره الله ونشر حنا، فهما قبيلا عذرة إلى اليوم[11]، وكذا قال الصحاري عن رزاح وحن " هما كانا أكثر من بطون قضاعة وأنماها واجتماعها ببلادها[12] " يفهم من ذلك أن تاريخ عذرة وخاصة بعد الإسلام هو نفسه تاريخ بني حن ورزاح، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وجد في بعض الكتب التي نقلت عن المخطوطات أخطاء عند نقل تلك الأسماء وهي تغيير في الحروف والنقاط ومنها ذكر بني حن ببني حسن، وذكر رزاح – دراج، والصحيح بني حن – ورزاح هذا للعلم والتوضيح، ونستطرد حديثنا هذا في ذكر أهم منعطفات التاريخ وأحداثها لهذه القبيلة الشريفة والتي تميزت بظاهرتين جميلتين قلما تجد لهما نظير بين قبائل العرب، وهاتين الظاهرتين هما الشرف والعفة[13] فقد تميزت قبيلة عذرة بالشرف قبل الإسلام لأنها لم تكن تعبد الأصنام كغيرها بل كانت على دين النصارى وجزء منهم كانوا على دين إبراهيم عليه السلام والذي كان يعرف آنذاك بالحنفاء، وقد أشار الشاعر جميل الحني إلى ذلك في قوله :
    لنا سابقان : الملك والعز والندى قديماً وفي الإسلام ما لا يعنف
    وهذه إشارة إلى تاريخهم وخصائصهم قبل الإسلام، وهي الزعامة والرئاسة المبنية على العز والندي أي الكرم والعطاء، وهو عينه المقصود به الشرف .
    والظاهرة الثانية العفة والطهارة في الحب التي اشتهرت به العرب فاشتهرت هذه القبيلة بنوع من الشعر الغزلي الإسلامي الأموي أطلق عليه اسمهم فيقال الحب العذري العفيف وهو أن يبدع الرجل قصيدته الغزلية فيمن يحب من فتيات قومه فيناديها باسمها ويذكرها في أشعاره وأغانيه الذي ينشدها في مناسبات القبيلة وبين مضاربها، مما يتسبب ذلك برفض طلبه من قبل قومه نكاية له، فيهيم على وجه مقسماً ولائه لحبه الأول والأخير، ويبقى يكثف قصائده وأشعاره في كل موضع كلما رأتها عيناه أو سمعت عنها أذنيه، ويبقى كذلك دون أن يطلب غيرها حتى يموت، لذلك قال عنهم المؤرخين والنسابة والأدباء ( قوم إذا أحبوا ماتوا) ولعل أشهر قصتين من هذا النوع هما، قصة جميل مع بثينة وقصة عروة مع عفراء[14]، ثم انتشر هذا الغزل العذري للبوادي المجاورة.
    ومن أهم وقائعهم في تلك الفترة نذكر ما يلي:-
    * التصدي لغزو الغساسنة :
    حيث ذكر لنا الشاعر النابغة الذبياني الذي كان معاصرا لتلك الغزوة بعض تفاصيل هذه الحرب، فيبدأ بتذكيره في مطلع قصيده بما حذر منه ملك الغساسنة النعمان، حين التقى معه في قصره و حذره من غزو بني حن لما لهم من قوة وخبرة في الفروسية وفنون القتال ذاكرا له بعض الأمثلة التي خاضتها قبيلة بني حن دفاعاً عن وادي القرى الغني بخيراته ومياهه، وحينما لم يستجب النعمان لذلك وجرب بنفسه الحرب وقع في شر غروره وكبريائه حيث لقي هزيمة نكراء على مشارف وادي القرى لقنته قبيلة بني حن درساً افتخرت به قبائل عرب الجنوب بل عرب الجزيرة كلها، وقد كان ملك الغساسنة وبدعم من الروم يحاول أن يوسع نفوذهم إلى الجزيرة العربية انطلاقاً من جنوب بلاد الشام، وبهذه الوقعة تحطمت تلك المساعي والأهداف، يذكر أن النعمان هو النعمان بن الحارث بن جبلة بن الحارث الغساني، من ملوك الغسانيين في أطراف الشام. كان ممدوحا في الجاهلية. كنيته " أبو كرب ".ملك بعد أبيه (نحو سنة 570م) وهو الذي خاطبه النابغة الذبياني، وقد عزم على غزو " بني حن " من عذرة بن سعد هذيم[15].
    ومن بعض أخبارهم في العصر الجاهلي أيضاً ، نزولهم سوق عكاظ ، حيث جاء ذكر لهم ضمن زعامات العرب الذين كانوا يهبطون هذا السوق، والذي تقام فيه المنافرات والمفاخرات بين القبائل، حيث ورد ذكر مياد بن حن نافر رجل من أهل اليمن، فقال مياد بن حن ، أنا مياد بن حن ،، أنا ابن حباس الظعن، وأقبل اليماني عليه حلة يمانية، فقال مياد احكم بيننا أيها الحكم، فقضى حكم عكاظ لمياد بن حن على صاحبه[16]، كما ورد اسم معمر بن الحارث بن ظبيان بن حن سنة خمس وثلاثين من عام الفيل (616م)، في سوق عكاظ حيث ابتاعوا الناس بضاعتهم في السوق، فنظر معمر بن حن إلى عمرو بن الشريد السلمي في السوق وأمر أولاده أن يخدموه ففعلوا، وحين انفض السوق دعا عمرو ولداه معاوية وصخر فقال لهما إني أردتُ أن أكافئ من وقف معي من العرب، فقالا له افعل ما بدا لك، فدعا بكتاب وصحيفة وكتب : هذا ما منح عمرو بن شريد السلمي معمر بن الحارث بن ظبيان بن حن العذري ، منحه ماله بالوحيدة من أخلاف يثرب وما يتعلق بها كلها فهو لمعمر دون عمرو، وكتب لخمس وثلاثين عاماً من عام الفيل، ثم بعث بالكتاب إلى معمر، وقال الأصمعي فهي باقية إلى الآن يفيض على ولده دخلها وذلك في أيام الرشيد[17]، أي حتى سنة 800م .
    * نصرتهم لقريش ضد خزاعة وبكر :
    وقد مر بنا الحديث سابقاً عن إخوة قصي ونصرتهم له، وأما الآن فإنني سأذكر وقائع ما حدث، وأترك الحديث هنا لنص مقتبس من كتاب تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام :
    "وأرسل قصي إلى أخيه لأمه رزاح بن ربيعة وهو ببلاد قومه من قضاعة يدعوه إلى نصره ويعلمه ما حالت خزاعة بينه وبين ولاية البيت، ويسأله الخروج إليه من إجابة قومه، فقام رزاح في قومه فأجابوه إلى ذلك وخرج رزاح بن ربيعة ومعه إخوته من أبيه فيمن تبعهم من قضاعة في حاج العرب مجتمعين لنصرة قصي والقيام معه، وفلما اجتمع الناس بمكة خرجوا إلى الحج فوقفوا بعرفة ونزلوا منى، وقصي مجمع على ما أجمع عليه من قتالهم بمن معه من قريش وبني كنانة ومن قدم عليه مع أخيه رزاح من قضاعة، فلما كان آخر أيام منى أرسلت قضاعة إلى خزاعة يسألونهم أن يسلموا إلى قصي ما جعل له خليل، وعظموا عليهم القتال في الحرم وحذروهم الظلم والبغي بمكة وذكروهم ما كانت فيه جرهم وما صارت إليه حين ألحدوا فيه الظلم، فأبت خزاعة أن تسلم ذلك فاقتتلوا في منى فسمي ذلك المكان المفجر؛ لما فجر فيه وسفك من الدم وانتهك من حرمته، فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثرت القتلى في الفريقين جميعاً وفشت فيهم الجراحات، وحاج العرب جميعاً من مضر واليمن مستنكفون ينظرون إلى قتالهم ثم تداعوا إلى الصلح ودخلت قبائل العرب بينهم وعظموا على الفريقين سفك الدماء والفجور في الحرم فاصطلحوا على أن يحكموا بينهم رجلاً من العرب فيما اختلفوا فيه، فحكموا يعمر بن عون بن كعب بن عامر بن الليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة وكان رجلاً شريفاً فقال لهم: موعدكم لنا الكعبة غداً فاجتمع الناس وعدوا القتلى فكانت في خزاعة أكثر منها في قريش وقضاعة وكنانة، وليس كل بني كنانة قاتل مع قصي خزاعة إنما كانت مع قريش من بني كنانة نفر يسير واعتزلت عنها بكر بن عبد مناة قاطبة، فلما اجتمع الناس بفناء الكعبة قام يعمر بن عون فقال: ألا إني قد شدخت ما كان بينكم من دم تحت قدميّ هاتين فلا تباحث لأحد على أحد في دم وإني حكمت لقصي بحجابة الكعبة وولاية أمر مكة دون خزاعة كما جعل له خليل وأن يخلي بينه وبين ذلك، وأن لا تخرج خزاعة من مساكنها بمكة فسمي يعمر ذلك اليوم " الشّدّاخ " فسلمت خزاعة لقصي وافترق الناس"[18].
    قال ابن إسحاق: ولما فرغ قصي من حربه انصرف أخوه رزاح بن ربيعة إلى بلاده بمن معه وإخوته من أبيه الثلاثة وهم حن ومحمود وجلهمة .
    قال رزاح في إجابته قصيا:
    ولما أتى من قصي رسول فقال الرسول أجيبوا الخليلا
    نهضنا إليه نقود الجياد ونطرح عنا الملول الثقـيلا
    وقال حنّ بن ربيعة العذري: من الوافر
    أخذت الحجّ من عدوان غصباً ... ولو أدركت صوفة لاشتفيت
    قال ابن إسحاق: فلما رجع رزاح إلى بلاده نشره الله ونشر حنا، فهما قبيلا عذرة إلى اليوم.
    و قال أيضاً : قال قصي بن كلاب في ذلك:
    رزاح ناصري وبه أسامي فلست أخاف ضيما ما حييت[19].
    * نصرتهم للضعيف من القبائل :
    ولعل نجدة الطنيب ونصرة المظلوم والمستغيث، وطرد ونفي الظالم من الأمور الذي يفتخر بها أهل البادية بل والعرب جميعاً، حيث تسارع القبائل بتلبية نداء المستغيث من ضعفاء القوم والذوذ عنهم وتوفير الحماية لهم، ومن أمثلة هذه المواقف، وقوف بني ضنة بن عذرة إلى جانب بني يربوع ونصرتهم وحمايتهم بعد طلب الأخيرة العون والنجدة، فاستقبلتهم بني عذرة وأنزلتهم ديارهم وأفسحت لها في مراعيها، ونصرتهم على عدوهم من بني مرة وبني نشبة بن غيظ (حلف المحاش)[20]، ومن خلال قصيدة النابغة نفهم بعض الأحداث في تلك الحقبة وهي :
    نفيهم وطردهم لبني بلي وهم أخوال بني حن[21] من وادي القرى، وقتالهم لبني فزارة، ومنعهم أحياء قضاعة كلها والقبائل المضرية القيسية أيضاً من السيطرة على وادي القرى، وقتلهم زعيم طيء أبو جابر وسبي زوجته[22]، وطردهم لبني نهد بن زيد، وبني حوتكة بن سود بن أسلم بعد وقوع الحرب بينهم وبين بني سعد بن زيد، فأخرجوهم بنو سعد من وادي القرى، وألحقوهم ببلاد اليمن ، كل ذلك بسبب التنافس الحاد بين القبائل حول مواضع الرعي و الماء والسكن، والتحالف والعصبية وغير ذلك .


    [1] المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ، جواد علي ، ج4 ،ص430.
    [2] بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب ، ج1/ص241
    [3] ( موسوعة بلادنا فلسطين، ج1، ص638).
    [4] (بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب ، ج2 ص260-280)
    [5] ( الأنساب ، ص96-97 ، الصحاري )
    [6] ( معجم قبائل العرب ، ص744).
    [7] ( السمعاني ، ج1 ، ص54)
    [8] حسابات المؤلف وهي سنوات تقريبية .
    [9] ( موجز التاريخ الإسلامي ، العسيري ، ص44)
    [10] مختصر تاريخ دمشق ، ابن منظور ص321
    [11] ( البداية والنهاية ، ص 266)
    [12] (الأنساب ، الصحاري ، ص96)
    [13] (بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب ، ج2 ص190 )،
    [14] عفراء : إسم علم مؤنث أشك بعدم صحته لغوياً ، ربما هو غفراء أو كما يلفظ اليوم (غفرة) وكان إسم شائع حتى فترة قريبة وخاصة عند أهل البادية ، والغفرة هي قطعة قماش تلبسها المرأة لتغطي بها رأسها ، وترتدي فوقها القنعة .
    [15] ( الأعلام للزركلي /ص37).
    [16] ( أمثال العرب للمفضل ، ص140)
    [17] ( الأزمنة والأماكن ، المرزوقي ، ص 201)
    [18] (تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام ، ص24، ابن الضياء)
    [19] (البداية والنهاية ، ص266)
    [20] (النابغة الذبياني ، العشماوي ،1980م ص163)
    [21] ( ديوان جميل ، عدنان درويش ، ص74)
    [22] ديوان النابغة ، تحقيق على فاعور ، ص62-63



    rfdgm u`vm hgrqhudm , hgpgt lu [`hl


  2. #2

    افتراضي

    تاريخ بني عذرة في الإسلام
    وكان دخولهم الإسلام في صفر سنة تسع للنبوة /631م حيث قدم وفد "عذرة" على الرسول صلى الله عليه وسلم، وضم وفدهم 12 رجلاً ، وفيه "حمزة بن النعمان العذري", و"سليم" و"سعد" ابنا مالك، و"مالك بن أبي رباح"، وسلموا على الرسول "بسلام أهل الجاهلية، وقالوا: نحن إخوة قصي لأمه، ونحن الذين أزاحوا خزاعة وبني بكر عن مكة، ولنا قرابات وأرحام". وكان من رجال عذرة الذين وفدوا على الرسول "زمل بن عمرو العذري".
    وذكر "ابن سعد" أن الرسول كتب إلى "عذرة" في "عَسيب", وبعث به مع رجل من "بني عذرة", فعدا عليه "ورد بن مرداس" أحد "بني سعد هذيم"، فكسر العسيب وأسلم واستشهد مع "زيد بن حارثة" في غزوة وادي القرى[1].
    ومما وصل إلينا من تاريخهم بعد دخولهم في الإسلام ما يلي :

    * فتح بلاد الشام :
    استخدم الجيش عدة أدلاء وخبراء طرق من بني عذرة من أجل معرفة مواضع العدو، وجاء اختيار بني عذرة بناءاً على توجيهات من القيادة العليا للجيش الإسلامي وذلك بسبب درايتهم وخبرتهم في اقتفاء الأثر ومعرفتهم بمواضع وكمائن العدو، وبعد دخولهم في الإسلام وجه الخليفة أبو بكر الصديق القائد عمرو بن العاص إلى قبائل قضاعة يدعوهم إلى الجهاد والانضمام للجيش الإسلامي حيث قال أبو بكر رضي الله عنه لعمرو بن العاص:" إني قد استعملتك على من مررت به من بلي و عذرة وسائر قضاعة ومن سقط هناك من العرب، فاندبهم إلى الجهاد في سبيل الله ورغبهم فيه، فمن تبعك منهم فاحمله وزوده، ورافق بينهم واجعل كل قبلية على حدتها ومنزلتها[2].
    وقد شاركت قبيلة عذرة في الفتوحات الإسلامية منذ دخولهم في الإسلام، ومن بين هذه المشاركات نذكر على سبيل المثال:
    * غزوات شاركت فيها عذرة :
    غزوة دومة الجندل سنة 5ه /627م كان دليل المسلمين رجل من بني عذرة يقال له مذكور، وسرية زيد بن حارثة القضاعي إلى حسمى 6ه حيث كان في مقدمة الجيش دليل من بني عذرة لم يذكر اسمه[3]، وفي غزوة مؤتة سنة 8ه: كان على ميمنة المسلمين رجل من بني عذرة يقال له قطبة بن قتادة[4]، وفي غزوة أسامة بن زيد بن حارثة سنة 11ه كان دليل الجيش الإسلامي في هذه الغزوة رجل من عذرة يقال له حريث يقطن بوادي القرى[5]، وفي إحدى الغزوات جاءت سيدة من بني عذرة يقال لها " أم كبشة " أرادت الخروج مع الجيش، حيث جاء في أسد الغابة " أخبرنا يحيى بن محمود فيما أذن لي بإسناده عن ابن أبي عاصم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، أخبرنا حُميد بن عَبْد الرَّحْمَن، عن الحسن بن صالح، عن الأسود بن قَيْس قال: حدثني سعيد بن عَمْرو القُرشي: أن أم كَبْشَة امْرَأَة من عُذرة قضاعة قالت: يا رسول الله، ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا. قال: " لا" قالت: يا رسول الله، إني لا أريد أن أقاتل إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى وأسقي الماء. قال: " لولا أنْ تكون سُنّةٌ ويقال: فلانةٌ خرجت، لأذنتُ لك، ولكن اجلسي[6] "وفي غزوة القادسية سنة 15ه وفتح العراق قد انضم ألفان من قضاعة وطيء ممن انتخبوا إلى ما كان قبل ذلك على طيء عدي بن حاتم وعلى قضاعة عمرو بن وبرة (تاريخ الأمم والملوك الطبري، ص383)، وكان خالد بن عرفطة العذري قد تولى القتال يوم القادسية، وهو الذي قتل الخوارج يوم النخيلة. (الطبقات الكبير،ج5، ص273).
    وفي معركة اليرموك سنة 15هـ يوم الاثنين لخمس بقين من رجب، كان في هذه المعركة مع قائد الروم هرقل قبائل العرب التي كانت في الشام آنذاك ومنها:
    " لخم وجذام وبلقين، وبلي وعاملة، وتلك القبائل من قضاعة وغسان بشر كثير، وكان من العرب في الجيش الإسلامي كل من القبائل التالية : الأزد وفيهم دوس وقادتها عمرو بن الطفيل الدوسي وأبو هريرة، وحمير وهمدان، ومذحج وخولان وخثعم، وكنانة وقضاعة، ولخم وجذام وكندة وحضرموت، وزبيد وهم 500 فارس، وقيس، وكان أدلاء الطريق، وعيون القوات الإسلامية نفر من قضاعة[7].
    * فتح افريقية سنة 27ه : في زمن عثمان بن عفان (t) شاركت قضاعة كلها في حوالي ألف وثلاثمائة فارس منهم ثلاثمائة رجل من عذرة وبني أسلم، وستمائة رجل من جهينة[8]
    وفي موقعة صفين سنة 657م/35ه حيث شهدها الفارس زمل بن عمرو العذري[9]، وفي يوم راهط 684م/64ه الذي استشهد فيه زمل بن عمرو العذري .
    * فتح الأندلس : 711م-714م/92ه ولقد كانت قبيلة قضاعة من أول القبائل التي توجهت مع قادة الجيش لفتح الأندلس، وكانت هذه القبيلة تعتبر من القبائل المقاتلة بسبب خبرتها المسبقة التي تأسست عليها مهارة فرسانها، الذين كان لهم باع طويل في قتال الروم ودور بارز في فتح الشام وخبرة في ركوب البحر فقد كان موطنهم الأول قريباً من بحر القلزم وبحر الروم، وقد ذكر المؤرخ حسن مؤنس رحمه الله قبيلة قضاعة أنها أكثر القبائل انتشاراً في الأندلس، كما أنها من أكثر جنود الدولة الأموية وقد ذكر الإدريسي وابن حزم الأندلسي بعض المواضع التي سكنتها عذرة في الأندلس ومنها : قرية عذرة ، ودلاية وبيجان والثغر.



    [1] (المفصل في تاريخ العرب ، ص246).
    [2] (مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ، ص61)
    [3] (الواقدي ، 1984م ،ج2ص557)
    [4] ( تاريخ الرسل والملوك ، الطبري ، ص45)
    [5] (الواقدي ، مرجع سبق ذكره ،ج3ص1122) ،
    [6] ( أسد الغابة ، ص456)
    [7] (مختصر تاريخ دمشق ، لابن عساكر ، ج1 ، ص 213)
    [8] (حسين مؤنس ، ص81-82) ، (السمعاني ، ج4 ، ص 516، ط1988م).
    [9] ( ابن باطيش،ص63)

  3. #3

    افتراضي

    بني حن وعذرة في بلاد الشام والعراق
    بلاد الشام، لها وقعٌ خاص، في ذاكرة أجدادي، ولها رنينٌ بين دفات قلوبهم، وثنايا شرايينهم، وبين حدقات عيونهم ترى آثار خرائطها، وبين تمتمات شفاههم، يتكرر ذكرى شامهم، فقد سمعتُ أبي مراراً يطلقُ عنان حنجرته فينشد لها المواويل التراثية، وكثيراً جداً ما تترقرق عينتاه بحبيبات من الدموع الماسية، وحين كنتُ طفلاً أتذكر عم والدي وهو يطرب الجالسين في ديوانه من أهله وربعه، بقصائد رائعة متناغمة مع ألحان ربابته، وصوته الجميل، والذي لم أسمع مثل عذوبته في حياتي، حيث كان ينشد القصيد ذاكراً بعض مدن الشام فيذكر الشهباء "حلب"، وبادية الشام، والفرات، والغوطة ، واللاذقية، وبيروت، والمرج، وعكا، ويافا، والرملة، وعمان، ومرجعيون، وجرش، وينشد للخيل والهجن، والزرع والحصيد، والماء والعيون، وللجبل والسهل والبحر والرمل، وللسحاب والمطر والهواء والنسيم، و صنوف من النبات يرد ذكرها في قصائدهم و أمثالهم ومنها عناقيد العنب، والرمان، والريحان، والزعتر، واللوز الأخضر، واليمون والبرتقال، وجميع ما ذكر يدخل في حكايتهم وقصصهم وأغانيهم وتراثهم، في الأفراح والمناسبات والعادات، ولعلنا الآن نقف أمام بعض مواقع القبيلة في بلاد الشام موطن الأجداد، والتي وجدنا فيها أثراً لبني عذرة في الكتب والمراجع نوردها كما يلي:

    فامية : وهي مدينة رومية قديمة خراب على بحيرة عظيمة وأهلها من عذرة وبهراء (بغية الطلب في تاريخ حلب ، ابن العديم ، ص32)، وقال ابن خلكان فامية هي قلعة ورستاق من أعمال حلب، كان قد تولى القضاء فيها أبو الحسين علي بن الحسن بن الحسين بن محمد القاضي المعروف بالخِلَعي توفي سنة 492ه .
    ذات السلاسل : أرض بالشام بها قوم من عذرة وبلي وقبائل من اليمن[1] .
    البلقاء : وهي تلك المنطقة التي تقع ما بين نهري الزرقاء والموجب، والممتدة من جبال عجلون شمالاً حتى الكرك جنوباً والواقعة شرق نهر الأردن, تعتبر من المناطق التي نزلتها قبائل الأزد وقبائل العرب ممن كانوا بالحجاز، ومن أهم مدنها مدينة الزرقاء ومدينة عمان والسلط ومأدبا وذيبان والكرك، سكنت في هذه المنطقة قبيلة عذرة وبطون كثيرة منها لأن البلقاء من أكثر النواحي الشامية اتصالاً بوادي القرى، ويذكر أن رجلاً من بني أمية كان يقطن البلقاء[2] تزوج عفراء بنت معاصر بن مالك من بني عذرة، ورحل بها إلى بلده، قلت وذلك كان قبل قيام الخلافة الأموية بعشر سنين – قصة عفراء* موجودة تحت عنوان الشعر والقصيد في الفصل الثالث – ومن بني عذرة بالبلقاء : بني مهدي التي تضم قبيلة السماعنة، وبني طريف الجذاميين، وبني مياد وقبائل كثيرة أخرى تجدها في الملحق رقم 3 في نهاية الكتاب، وقد كان ينزل البلقاء خلفاء بني أمية ومنهم الخليفة سليمان بن عبد الملك، وكذا الوليد بن يزيد[3]، وقال ابن خلكان، كانت البلقاء لعلي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، وأولاده في أيام بني أمية، وفي هذه المنطقة ولد السفاح والمنصور وتربيا فيها، ومنها انتقلا إلى الكوفة (وفيات الأعيان، ج3، ص278)، كما أننا نجد أمية وقد أحبوا هذه المنطقة كثيراً، ومما يدلل على ذلك كثرة آثارهم من القصور والمباني، ومنها:
    قصر الخرانة على بعد 64كم جنوب شرق عمان، وقصر الأزرق الذي عاش فيه الوليد الثاني الأموي، وقصر عمرة في الجنوب الغربي من قصر الأزرق وعلى بعد 22 كم منه، وقصر الطوبة وقصر المشتى الذي يقع في منتصف طريق عمان – قصر الخرانة[4]، أضف إلى ذلك قصر هشام بن عبد الملك في مدينة أريحا شمال البحر الميت، ولذلك لا غرابة بأن نجد انتشاراً كبيراً للقبائل اليمنية في البلقاء، فهي عبارة عن وطن مصغر جمع قادة وزعماء وأجناد الجيش الأموي، وبالمناسبة هناك قرية اسمها البلقاء من أعمال معرة النعمان في شمال سوريا، مما يعطينا فكرة راسخة حول ترابط القبائل المنتشرة في بلاد الشام، ونقل ما أحبوا من أسماء قراهم التي عرفوها في تاريخهم إلى مواضع جديدة ينتقلوا إليها، كما وتعتبر قبائل شرق الأردن وغرب الأردن من أكثر القبائل المرتبطة نسباً وحلفاً، بمعنى أن قبائل الأردن وقبائل فلسطين هما نسيج واحد مشترك بتاريخه وتراثه.
    معرة النعمان : وهي بلدة صغيرة بالشام، بالقرب من حماة وشيرز، قال ابن خلكان وهي منسوبة إلى الصحابي النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه ، وقد سقطت في أيدي الفرنجة سنة 492ه، إلى أن فتحها عماد الدين زنكي سنة 592ه[5] وفي هذه البلدة سكنت منذ القدم أحلاف تنوخ وهم من قبائل قضاعة ضمت بطون كثيرة من العرب، كان معظمهم على دين النصارى، ومنهم عذرة وبهراء وتغلب وسليح، ولكني أختلف مع قول ابن خلكان حول تسمية معرة النعمان، نسبة للصحابي النعمان بن بشير، بل أن تسميتها بذلك كان أسبق من ظهور الإسلام، وربما كان الراجح أن تسميتها نسبة لأول من ملك على تنوخ وهو النعمان بن عمرو بن مالك، ثم ملك بعده عمرو بن النعمان، ثم ملك بعده الحواري بن النعمان هذا ما قاله المسعودي[6]، كما قال ابن الكلبي أن تنوخ نزلت الأنبار والحيرة قبل الإسلام[7] وبذلك فإن معرة النعمان كانت منازل قبائل كثيرة معظمها من قضاعة وهم " تنوخ، والضجاعمة، ودوس " وهم أنفسهم النواة الرئيسية الأولى لحلف القبائل اليمنية في فلسطين قبل الإسلام، ووجودهم في بلاد الشام كان أيام الأنباط وقبل دولة الرومان، وينسب لهذه البلدة الشاعر العربي المعروف أبو العلاء المعري، وهو من بني أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن الحاف بن قضاعة التنوخي[8].
    وجاء بمعجم البلدان " وكان حاضر قنسرين بنواحي حلب، لتنوخ منذ أول ما أناخوا بالشام ونزلوه وهم في خيام من الشعر ثم ابتنوا به المنازل، ولما فتح أبو عبيد قنسرين دعا أهلها إلى الإسلام، فأسلم بعضهم وأقام بعضهم على النصرانية فصالحهم على الجزية، وكان أكثر من أقام على النصرانية بني سليح، وأسلم من أهل ذلك الحاضر جماعة في خلافة المهدي[9] (157ه/774م-169ه/785ه).
    جبل سمعان : وهو موضع يقع إلى الجنوب من مدينة حلب، وصفه ابن العديم، قائلاً :
    وهذا الجبل غربي مدينة حلب أوله شمالي جبل جوشن[10]، ثم يمتد غرباً ويتصل بجبال عدة محسوبة منه، إلى كورة تيزين، وهو جبل نزه، كثير الشجر من التين والزيتون والكرم والكمثرى؛ وفيه آثار عظيمه من بناء الروم، وفيه دير سمعان، وكان من الأبنيه العظيمة المستحسنة التي تقصد لحسنها وكان على الدير حصن مانع، أخربه سعد الدولة أبو المعالي شريف بن سيف الدولة بن حمدان، خوفاً من غلبة الروم عليه، ومضايقتهم حلب به[11].
    وقال الحموي سمعان بكسر أوله موضع بالشام فيه قبر عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه[12]، وهذا المكان جغرافياً واقع ضمن تنقلات بني عذرة وقضاعة في فامية ومعرة النعمان والبلقاء المار ذكرها لكونها من أهم خطوط القوافل التجارية من أقصى شمال بلاد الشام إلى أقصى جنوبه، وقد جاء في معجم قبائل العرب، بأن بني حن فخذ من الأفخاذ التي تتألف منها عشيرة السكن، في جنوبي جبل سمعان أحد أقضية حلب[13]، وجاء في المعجم بأن السكن من العشائر المختلطة كالنعيم والأكراد والعميرات وغيرهم[14]، قلت والصحيح هي أحلاف من القبائل اليمنية "سبأ والأزد وكندة" وهذه ديارهم منذ القدم فيها نشأت أحلافهم الأولى كحلف تنوخ، والسكن ربما هي السكون بن أشرس بن ثور[15] الذين كانوا يقطنون بجاور بني كلب بدومة الجندل، وكانت السكون ضمن حلف الدولة الأموية وشاركت مع بني عذرة وقضاعة وغيرهم إلى جانب مروان بن الحكم في وقعة مرج راهط، وربما اختلطت معهم قبائل شامية أخرى خاصة أيام حروب الفرنجة، ومما يسترعي الأنتباه فيما ذكر سابقاً من أسماء العائلات النعيم والأكراد والعميرات وهي أسماء تتشابه مع أحلاف قبيلة السماعنة وتركيبة عائلاتها، وربما اشتق إسم القبيلة من الموقع الذي كانت تقطن فيه منذ أمد بعيد وهو جبل سمعان، ولا أستبعد بأن يكون هذا الجبل سمي بذلك أصلاً نسبة لأول من سكن به وهو جد السماعنة "سمعان بن ديلم بن عدي بن حزاز بن كاهل بن عذرة "، المار ذكره أسوة بكثير من الأماكن الجغرافية، ويذكر أن جبل سمعان كان يعرف قبل ذلك بجل بني صنم (معجم البلدان، ج2، ص283)، كما أن سمعان هذا كان على دين النصرانية قبل الإسلام وينسب لنصارى العرب كثير من الأديرة، ولذلك فإن دير سمعان هو أحد أديرة العرب النصارى في بلاد الشام وهذا الدير يقع بنواحي حلب بين جبل بني عليم (بني عليم بن جناب بن عذرة[16] ) والجبل الأعلى، ومن الجدير ذكره أيضاً أن مدينة حلب كانت قصبة جند قنسرين وبينها وبين معرة النعمان مسيرة يومان، وقد رحل سكان قنسرين إلى حلب سنة 350ه بسبب هجمات الروم[17].
    مدينة دمشق : وهي من أهم المناطق التي تعدّ موطناً هاماً لقبيلة قضاعة وأحلافها وخاصة منذ الخلافة الأموية، وبمدينة دمشق مواضع مر بنا ذكرها سابقاً حيث كانت تسكن فيها بني عذرة، ويظهر من بعض القصائد العلاقة الحميمة بين قبائل الغوطة بمرج راهط وبين أقربائهم بمدينة اللد والرملة بفلسطين، حيث قال الشاعر كثير :
    حموا منزل الأملاك من مرج راهطٍ ورملة لُدٍ إذ تباح سهولها[18]
    وقد عثرتُ على حوالي سبعة علماء ممن ينتسبون لقبيلة عذرة، ويسكنون مدينة دمشق، ذكرتهم في موضوع علماء ورجال القبيلة، سيأتي لاحقاً، ولمعرفة المسافة بالأيام بين دمشق وبعض المناطق المجاورة، والتي كانت تسير فيها القوافل التجارية آنذاك، حيث كان المسافرون يستخدمون الجمال أو الخيول طبعاً، فهي كما يلي: من دمشق إلى مدينة القدس 6 أيام، ومن دمشق إلى غزة 8 أيام، ومن عكا إلى دمشق أربعة أيام، من دمشق إلى حلب 10 أيام، ومن دمشق إلى مصر 18 يوم[19].
    الرملة واللد : في فلسطين وهما مدينتان متجاورتان يقال فيهما مثلاً " الرملة في حد اللد " أي أنهما متجاورتان، المسافة بين المدينتين 3,5 كم، وقد ظهر هذا المثل بعيد قيام الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك ببناء مدينة الرملة في حدود العام 714م ونقل السكان من اللد إليها، كما يذكر أن سكان هذه المدينة هم من أحلاف الدولة الأموية، حتى اعتبرت هذه المدينة أهم معاقل الأمويين في فلسطين لذا ظهرت فيها عدة ثورات ضد بني العباس، كما وتعرضت لأعمال القمع والتنكيل على أيدي القوات العباسية، و لعل أهمها ما حدث قرب نهر العوجا بعيد انهيار دولة بني أمية، حيث نفذ العباسيين هناك مجزرة قتل فيها ما لا يقل عن 90 زعيماً من بني أمية وأحلافهم، سنة 132ه/753م[20].
    ولقد وردت الرملة واللد في قصائد شاعرنا جميل بن معمر الحني العذري، في إشارة منه للموضع الذي سكنته قبيلته في أواخر القرن السابع الميلادي وهو وادي حنين، حيث يقول:
    وحنت قلوصي، فاستمعتُ لسجرها برملةِ لُدٍ، وهي مثنية تحبو
    أكذبتُ طرفي، أم رأيتُ بذي الغضا لبثنة ناراً، فارفعوا أيها الركبُ[21]
    وقال في موضع آخر :
    تذكرتُ من أضحت قرى اللد دونه وهضبٌ لتيما والهضابُ وُعُورُ[22]
    كانت هذه الأبيات في أواخر القرن السادس الميلادي، أي في حوالي عام 698م، أي بعد مرور حوالي أربعة عقود على قيام الخلافة الأموية في بلاد الشام، وفي هذا المقام كتب المؤرخ ماكس أوبنهايم في كتاب البدو أن قبيلة عذرة في تلك الفترة كانت قد اختفت من الحجاز لانتقالها تدريجيا إلى مركز الخلافة الأموية[23] علماً أن الشاعر جميل بن معمر قد توفي بمصر سنة 701م، ويأتي ذكر عائلة الحن في اللد ويافا من العائلات القديمة، وذلك في كتاب عائلات وشخصيات من يافا وقضاؤها لطاهر القليوبي صفحة 81 ( أنظر الملاحق ).
    وفي العصر العثماني كان لهم انتشار في مصر وفلسطين والشام وفي الأردن ومنهم بني مهدي والسماعنة كانوا ينزلون البلقاء متحالفين مع بطون من جذام، ثم تفرقوا في فلسطين.
    وفي العراق : لبني عذرة عقب وذرية من نسل خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان من بني كاهل بن عذرة، حيث كان قد نزل الكوفة وابتنى بها داراً وعقبه بها إلى اليوم[24]، ومن الآثار المنسوبة لقبيلة قضاعة في العراق، " قصر قضاعة " الواقع في نواحي بغداد وينسب إليه أبو إسحاق إبراهيم بن محيسن بن حسان القصر قضاعي[25]، ومن المعروف أن بادية السماوة جنوب العراق كانت ضمن منازل بني كلب القضاعية قبل الإسلام، كما كانت قضاعة والضجاعمة ودوس قد نزلوا الأنبار والحيرة وما بين الحيرة وطرف الفرات وغربيه إلى ناحية الأنبار وما والاها، نزلوا في المظال والأخبية لا يسكنون بيوت المدر، ولا يزاوجون أهلها. وكانوا يسمون "عرب الضاحية".( المفصل في تاريخ العرب، ج2/168).
    وجاء في المعجم بأن في العراق عشيرة " الحني[26] " متحالفة مع عشائر من الجهيم الطائية، ولعلنا عرفنا فيما سبق حجم ومدى علاقة بني حن بطيء وقضاعة، فلا أستبعد بأن تكن هذه العائلة هي ممن تفرق عن قبيلة بني حن، والحني بفتح الحاء من الأماكن النجدية، والحني بكسر الحاء موضع بين العراق والشام ببادية السماوة[27]، وفي عام 1421م/824ه ورد ذكر لشخصٍ عُرف على أنه أمير عذرة، قاد جيشاً من بني ربيعة، وبني خفاجة، وأغاروا على مدينة الحلة ونهبوها وأرغموا " الجلائريون(*)" بدفع تعويضات مالية، على هيئة تمور، وبهذه المعلومة تنتهي الأخبار المتعقلة بنبي ربيعة، (البدو، ج3، ص507-509)، قلت وقد ورد ذكراً لقبيلة عرفت باسم العذاريين من عائلات السادة الأشراف، ضمن العائلات التي اشترت ملكيات عقارية في المنطقة الجديدة سنة 1882م، حيث كان العذاري يقيمون سابقاً بمنطقة الحلة، وتربطهم علاقة مصاهرة مع شيوخ الفتلة من عشائر لواء الديوانية في العراق[28]، قلت هذا دليل دامغ بأنهم أنفسهم قبيلة بني عذرة بن سعد واسعة الصيت والشهرة في العصور الإسلامية الأولى، فقد اشتهروا بالشرف، وجاء وصف عدد منهم بعبارة "وكان شريفا" كما مر بنا في السابق.
    ومن قرى عذرة في البحرين، نطاع يقطن فيها بني رزاح بن ربيعة بن حزام، أخو حن بن ربيعة[29]، ومن بني رزاح عيش بن لبيد بن عدي بن أمية بن رزاح، ( معجم قبائل العرب، ص783).
    وفي اليمن السعيد، كان لبني عذرة منازل في قرية الشرجة، وبلدة المحالب بسواحل اليمن كان أميرها شرف الدين، إسماعيل بن أبي بكر العذري[30].



    [1] ( تاريخ اليعقوبي ، ص134)
    [2] ( مختصر تاريخ دمشق، ج15، ص347).
    * وعفراء اسم حصن من حصون الشام، من أعمال فلسطين، قرب بيت المقدس، (معجم البلدان، ج4، ص131)، وجاء فيه بأن العفرة اللون الذي يشبه بياض الأرض، أي أنه ليس بناصع.
    [3] ( موسوعة بلادنا فلسطين ، ج1 ، ص90 ، 104 )
    [4] ( موسوعة بلادنا فلسطين ، ج1 ، ص 331)
    [5] ( وفيات الأعيان ، لابن خلكان ، ج1،ص116)
    [6] ( مروج الذهب ، للمسعودي ، ص 212)
    [7] ( المفصل في تاريخ العرب ، ج2 ، ص162)
    [8] ( وفيات الأعيان ، ج1 ، ص113)
    [9] ( معجم البلدان ، ج2 ، ص207).
    [10] جوشن بطن من بني سعد من جذام ( معجم قبائل العرب، ج1، ص221).
    [11] (بغية الطلب في تاريخ حلب ، ابن العديم ، ص116)
    [12] ( معجم البلدان ، ج3،ص250).
    [13] ( معجم قبائل العرب ، ص307).
    [14] ( معجم قبائل العرب ، ص528).
    [15] ( معجم قبائل العرب ، ص529)
    [16] ( معجم قبائل العرب ، ص519)
    [17] ( معجم البلدان ، ج2 ،ص 404)
    [18] ( معجم ما استعجم ، ج2 ، ص 1153) .
    [19] ( معجم البلدان، ج2، ص469)
    [20] (معجم البلدان ، م5 ، ص315)
    [21] (ديوان جميل بن معمر ، ص16، دار صادر بيروت)
    [22] ( عصر المأمون ، الرفاعي ، ج2، ص120)
    [23] ( البدو ، اوبنهايم ج2/ص459)
    [24] ( الطبقات الكبرى ، ابن سعد ج5 ص273)
    [25] ( معجم البلدان ، المجلد الرابع ، ص362)
    [26] ( معجم قبائل العرب ، ص311).
    [27] (معجم البلدان، م2، ص313).
    (*) الجلائريون من أحفاد السلالة المغولية كان قد تسلطن عدد منهم في العراق، في حوالي العام 1405م ( البدو،ج1،ص109)
    [28] ( البدو، ج3، ص394).
    [29] ( معجم البلدان ، ص432)
    [30] ( درر العقود الفريدة، المقريزي، ج1، ص419).

  4. #4

    افتراضي

    بني حن وعذرة في مصر
    هنا نبذة مختصرة عن مواضع قبيلة بني عذرة ، في أرض مصر منذ العصر الجاهلي وخلال القرون الثلاثة الأولى للإسلام

    قصير الشوك: كانت تنزله عذرة في الجاهلية وقصر الشوك كان في موضع القاهرة قبل بنائها، قال ابن عبد الظاهر أن قصر الشوك كان منزلا لبني عذرة قبل القاهرة، حيث ذكر الحمداني مثل هذا فقال سكنت بني عذرة في الفسطاط والحوف الشرقي زمن الأمويين والعباسيين، وفي بحري مصر وصعيدها[1]، وجاء ذكر بعض بني عذرة بمصر ومنهم : آل حوى بن معاذ، ومنهم إبراهيم بن حوى الذي قتله أهل الحوف[2] في المعارك التي وقعت بينهم وبين الدولة من 186ه-187ه/809م، وكان حوى من أشراف أهل مصر وهو صاحب فندق حوى في الفسطاط ولي أولاده الولايات في مصر، منهم أحمد بن حوى من أصحاب الشرطة (189-199ه) وكان أبو الكرم بن حوى من القادة، قتله أهل الحوف سنة 197ه/817م .
    وكان من بني عذرة بمصر في القرن الثالث الهجري، أبو مجاهد بن مصعب المحدث ومؤذن المسجد الجامع بمصر توفي سنة 252ه/874م .
    كما كان منهم جماعة في دمياط وما حولها ببحيرة تنيس وهم بني حن، وهم من أشراف مصر[3]، وكانوا زمن الدولة الفاطمية حلفاء لبني سنبس الطائية " الخزاعلة، والجموح، وبني عبيد" وديارهم من ثغر دمياط إلى ساحل البحر[4]، ويذكر أن قبيلة سنبس كانت في العهد الفاطمي تقطن في جنوب فلسطين، وقد استقدمها الوزير أبو الحسن اليازوري من أهل قرية يازور[5] وأسكنها بالبحيرة لمواجهة قبائل قيسية، وهذا يدل على إنتماء الوزير الفاطمي اليازوري للقبائل اليمنية وعلاقته بهم لكونه من أهل فلسطين.



    [1] (المواعظ والاعتبار، المقريزي ، ص 454)
    [2] الحوف في مصر إثنان الحوف الشرقي والحوف الغربي ، وهما متصلان أول الشرقي من جهة الشام ، وآخر الغربي قرب دمياط يشتملان على بلدان وقرى كثيرة (السلوك لمعرفة دول الملوك، المقريزي ، ج1 ، ص320)
    [3] ( القبائل العربية في مصر في القرون الثلاثة الأولى للهجرة ، عبد الله خورشيد البري ، 1992م ، ص238)
    [4] مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ، العمري ، ج4ص186
    [5] ( موسوعة بلادنا فلسطين ، ج4 ق2 ، ص 307)

  5. #5

    افتراضي

    موقع قبيلة بني حن بوادي القرى
    موقعهم الجغرافي المشهور هو وادي القرى[1] في أعالي الحجاز من مشارف الشام، وهو الموضع الذي ينسب لقبيلة بني حن بن ربيعة وبطون عذرة كلها، وهو ما بين الشام والمدينة، يمتد من الشمال إلى الجنوب قرب تيماء وخيبر وتحديداً بين حرة عويرض وحرة خيبر وهي من أول قبائل قضاعة التي استوطنت هذا المكان[2]، الذي كان منبعاً لكثير من العيون[3]، ولما كان الماء والعشب وفيراً، تجمعت فيه القبائل على هيئة قرى منتظمة على طول مجراه وضفافه، فهو وادي كثير الواحات ونخيله من أجود نخيل العرب وأطيبها، كان هذا الوادي قديماً مساكن لثمود وعاد وبه هلكوا، ولما كان هذا الوادي غنياً وخصيباً طمع به العدو والصديق، ولذلك تنازعت عليه القبائل فكان على من يسكنه أن يدافع عنه، الأمر الذي حدث فعلياً، حيث فرضت القبائل التي تقطن فيه قوتها ، وأثبتت حرصها على البقاء فيه ومن هنا تكمن أهمية هذا الوادي بالنسبة لأحياء قضاعة كلها حيث كانت فيه أغلب بطونها، ثم تنازعت فسيطرت عليه عذرة، وكانت تسكن فيه قبل الإسلام بنحو 300 عاماً، وحول هذا الوادي كانت تنتشر بني عذرة وأحياء قضاعة بحيث كانت منازلهم تمتد من وادي سرحان شمالاً حتى منطقة المدينة جنوباً, ومن جبل شمر شرقاً حتى خليج العقبة والبحر الأحمر غرباً ولذلك كانت بطونها منتشرة في "وادي القرى" وحول "تبوك" وعند "أيلة"(العقبة) وفي طور سيناء، والبلقاء، وكان بهذه المدينة مجتمع حاج الشام، وحاج مصر، ومنزلاً لبني أمية، وأكثرهم موالي عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكان أهلها سقاة الحاج[4]، ولما كان هذا الموقع يربط بين طرق التجارة ما بين الشام ومصر ومكة والمدينة أصبحت قبائله حراساَ للطرق وجباة للرسوم وعمالاً للنقل، إضافة لاكتسابهم الخبرة بمسالك الشام وممالكه مما مهدهم للعمل كإدلاء للقوات الإسلامية يسيرون بمقدمة الجيش أثناء الغزوات والسرايا التي استهدفت حدود الروم.


    وفي هذا الموضع كانت قبيلة عذرة، قد تولت الإشراف على طرق التجارة والحج وحراستها، وجباية الرسوم منها، ولما رأى بعض المستشرقين أنها تقطن منطقة كان يسكنها "أهل مدين" وكذلك النبط، ذهبوا إلى أنها من نسل "مدين" أو من بقايا "النبط"[5] وذكر الحموي، قال أبو عبيد الله السكوني : وادي القرى والحجر والجناب منازل قضاعة ثم جهينة وعذرة وبلي وهي بين الشام والمدينة يمر بها حاج الشام[6]، وهو ذات المكان الذي شهد نشاطاً لقبائل حرب منذ القرن التاسع الميلادي .
    والحقيقة إن هذه الديار والمواضع كانت تسيطر عليها القبائل السبئية منذ القدم، حيث كانوا قد انتشروا في مساحات واسعة من شمال شبه الجزيرة العربية، وحققوا انتصارات كبيرة في السيطرة على طرق التجارة البرية والبحرية، وشيدوا المدن التجارية في صحراء العرب، مثل البتراء وتدمر وددان، وهم أول من عرف فلسطين ومصر، وكان عصرهم الذهبي يقع في الفترة 650ق.م – 115ق.م، ويرجع افتتاح الطرق التجارية بين اليمن والشام إلى عرب الجنوب " السبئيين"[7]، وهذا هو السبب الرئيس لوجود القبائل اليمنية في شمال الحجاز وفي جنوب الشام، وهي قبائل تتمركز بالقرب من الأودية والمسالك التي تخترق الصحراء، وغالبهم قبائل تربي الإبل لكونها الوسيلة الأكثر اعتماداً للسفر والنقل وتحمل مشاق الطريق واجتياز وعورته .
    يطلق على بني عذرة، لفظ الأعراب هكذا وردت في العديد من الكتب، فيقال أعرابي من بني عذرة، كما ويقال بدوي، وكلمة أعرابي وبدوي هما بمعنى واحد فكل أهل البادية أعراب ويقصد بهذا اللفظ كل من كان صاحب نجعة وارتاد الكلأ وتتبع مساقط الغيث، واحتفظ بلهجته العربية لذلك فهم أهل الفصاحة وأصل العرب[8] إلا أنني أعتقد بأن الأعراب هم سكان الحضر وليسوا سكان البادية لأن الأصل في الكلمة هي عرب وكان العرب كلهم أهل بادية، يقطنون في بيوت الشعر، وهم أكثر استخداماً لكلمة عرب، بينما أهل الحضر أكثر استخداماً لكلمة قرية ومدينة، كما أن كلمة الأعراب كلمة لاحقة لكمة عرب وليست سابقة لها مثلها في ذلك مثل البدواة فهي أسبق من الحضارة، وحسبما هو معروف بأن البداوة أصل الحضارة وهي مرحلة من مراحل التطور الاجتماعي، وقد أثبت أهل البادية ذلك منذ أمد بعيد، فهم الذين بنوا مدينة البتراء في وسط الصحراء وكان ذلك بعد انتقالهم وتطورهم من البداوة إلى الحضارة، وقياساً على ذلك لابد لنا أن نستخدم كلمتي عرب وأعراب، فالأولى هي البداوة والثانية هي الحضارة، إلا أن كلمة أعراب فيما بعد أصحبت تشير إلى سكان بيوت الشعر .
    أراضي بني عذرة بهذا الوادي :
    1- مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في بني عذرة يعرف باسم شَقَّةُ بَنِي عُذْرَةَ : تُعْرَفُ الْيَوْمَ بِالْمَجَزِّ ، وَهِيَ شَقَّةٌ طَوِيلَةٌ تَلِي الْحِجْرَ مِنْ الشَّمَالِ الشَّرْقِيِّ ، وَمَعْنَى شَقَّةَ : أَيْ مَسْلَكٌ بَيْنَ سِلْسِلَتَيْنِ مِنْ الرَّمْلِ ، أَوْ الْجِبَالِ[9] .
    2- حصن سلاح : لبني عذرة[10]، وفي معجم البلدان ذكره موضع أسفل خيبر، دون أن يشير إلى بني عذرة، وقال سلاح أيضاً ماء لبني كلاب شديد الملوحة[11] .
    3- أديم أرض لبني عذرة في وادي القرى كانت لهم بها وقعة مع بني مرة، وكانت تقطن فيها بني جرم[12]، وهذا دليل على تقارب بني عذرة وبني جرم منذ القدم، فهما يتجاوران في كثير من المواضع القديمة والحديثة .
    4- برقة صادر موضع لبني عذرة، ورد ذكرها في قصيدة النابغة الذبياني، والبرقة هي الأرض الغليظة كثيرة الحجارة. ( نهاية الإرب، النويري، ج1، ص189)
    5- بركة تبوك لأبناء سعد من بني عذرة، تقع بين جبال حسمى وجبال الشراة (معجم البلدان، الحموي، م2، ص14).
    6- حدوداء موضع في بلاد بني عذرة.(معجم البلدان، م2، ص229).
    7- قالس موضع أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم لبني الأحب بن حن من عذرة، قال عمرو ابن حزم : وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذلك كتاباً نسخته : " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول الله بني الأحب، أعطاهم قالساً وكتب الأرقم"[13]
    8- كرتوم[14] وهي حرة لبني عذرة في بلادهم، والحرة هي أرض ذات حجارة سوداء.
    9- الجناب بكسر الجيم أرض لبني عذرة وبلي بقرب خيبر .
    10- وادي الجزل وهو ببلاد عذرة قرب وادي القرى على نحو سبعة مراحل من المدينة.
    11- شَغبَى : قرية ببلاد بني عذرة، بها منبر وسوق، واقعة ما بين المدينة وإيلة[15]
    12- سقيا وهي موضع بديار بني عذرة قريب من وادي القرى، ويقال سقيا الجزل ( معجم البلدان ، ص228).
    13- الرحبة ، موضع لبني عذرة ما بين الشام والمدينة[16].
    14- الرقعة ، موضع من شقة بني عذرة ، المار ذكرها .
    15- ذو ضال، موضع كثير الشجر من نبات الضال، وهو في ديار بني عذرة، قال جميل[17] :
    ومن كان في حبي بثينة يمتري فبرقاءُ ذي ضالٍ عليّ شهيد
    إن تعدد هذه القطع من الأراضي، لدليل بالغ الأهمية، على سيطرة بطون بني عذرة وانتشارها في وادي القرى، مما يصعب على أي باحث تعقب تاريخهم بدقة وتحديد مناطق انتشارهم بشكل جيد، وقد جاء في معجم قبائل العرب، بأن قضاعة شعب عظيم، كان لها الملك ما بين الشام والحجاز، إلى العراق، في إيلة وجبال الكرك، إلى مشارف الشام، واستعملهم الروم على بادية العرب هناك. (معجم قبائل العرب، ج3، ص957)، قلت ذلك كان قبل ألف سنة، فأما الآن فإنها شعوب تنتشر في بقاع العالم.





    [1] وادي القرى الحد الجنوبي لبلاد الشام قديماً (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، العمري ،ج3، ص348)، وادي القرى هو وادي العلا في الوقت الحالي .
    [2] ( البدو،ج2،ص454).
    [3] معجم البلدان ، ج4 ، ص339.
    [4] ( القبائل العربية في مصر ، ص108)
    [5] ( المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام ، ط 1422هـ/ 2001م ، ص 246- 248)
    [6] ( معجم البلدان ، لياقوت الحموي ، ص338)
    [7] ( القبائل العربية في مصر ، ص25)
    [8] ( المعجم المفصل في الأدب ، ص110)
    [9] (المعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية ، ص417)
    [10] (الروض المعطار في خبر الأقطار ، ص10، الحميري ، ط2 لسنة 1980م)
    [11] ( معجم البلدان ، ج3 ص233)
    [12] معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع ج1/ص128 .
    [13] ( معجم البلدان ، ج4 ، ص299).
    [14] ( معجم البلدان ، ج4،ص445).
    [15] (معجم البلدان ،ج3/ص351).
    [16] ( المرجع السابق ، نفسه ، ص33)
    [17] (معجم ما استعجم ، ج3 ، ص854)

  6. #6

    افتراضي

    رجال وزعماء بني عذرة
    هؤلاء مجموعة من علماء ورجال قبيلة بني عذرة ، والذي تمكنا من جمعهم وترتيبهم ترتيباً أبجدياً حسب الحروف الأبجدية ، وقد وضحنا مصادرنا ومراجعنا في متن وذيل الموضوع .
    1- إبراهيم بن جدار العذري، قيل كان أعبد أهل الشام في زمانه، (مختصر تاريخ دمشق ،ج4/ص42).
    2- إبراهيم بن عبد الرحمن العذري، من أهل دمشق روى عن النبي مرسلاً ، حدث قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرثُ هذا العلم من كل خَلف عُدُولهُ ، ينفون عن تحريف الغالين، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين " وسئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، وقيل له كأنه كلام موضوع، فقال : لا ، هو صحيح[1].
    3- أحمد بن العباس بن الوليد بن مزيد أبو العباس العذري البيروتي، حدث عن محمد بن سليمان الأسدي، وحدث عنه هشام بن عمار، روى عنه موسى بن عبد الرحمان الصباغ[2].
    4- أحمد بن محمد بن أبي كلثم سلامة بن بشر بن بديل أبو بكر العذري، حدث سنة 338ه/960م عن أبيه عن جده، بسنده عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما طلعت الشمس في يوم قط أفضل من يوم الجمعة، ولا أحب على الله عز و جل منه[3].
    5- أحمد بن محمد بن أحمد بن سلامة العذري ( أبو بكر)، حدث عن أبيه، وحدث عنه تمام الرازي، وحريث العذري عن أبي هريرة يرفعه : المصلي يحط بين يديه إذا لم يجد سترة، رواه أبو محمد بن عمرو بن حريث، عن جده، وروى عن أبي محمد إسماعيل بن أمية، وفي إسناده إختلاف[4].
    6- أحمد بن محمد بن إسماعيل العذري الدمشقي ، حدث عن أبي عامر موسى بن عامر، حدث عنه الطبراني، كنيته أبي الدحداح العذري. ( التمييز والفصل ، ص63).
    7- أحمد بن محمد بن عمر العذري صاحب الممالك والمسالك الأندلسية، والمتوفي سنة 478ه /1100م، وكتابه هذا من الكتب المفقودة.
    8- أحمد بن مسلمة بن جبلة بن مسلمة بن أوفى بن خارجة بن حمزة بن النعمان صاحب " رسول الله صلى الله عليه وسلم " أبو العباس العذري[5].
    9- إسماعيل بن أبي بكر بن إبراهيم بن عبد الله العذري اليماني الشافعي[6] : ولد في اليمن سنة 755هـ برع في علم الفقه والأدب ورحل إلى القاهرة ، واشتغل فيها ، توفي سنة 837ه/1458م .
    10- إسماعيل بن عبيد الله بن قيراط العذري[7] (أبو علي)، حدث عن سليمان بن عبد الرحمن، وأحمد بن صالح ، وحرملة بن يحيى، وهارون بن سعيد الإبلي ، وروى عنه أبو الحسن بن حوصا، وخثيمة بن سليمان ، والطبراني ، وأبو عوانة الأسفراييني، قال بن بر مات إسماعيل بن محمد قيراط سنة 297ه/910م .
    11- إسماعيل بن محمد بن إسحاق العذري (أبو قصي)، حدث عن أبيه وعمه عبد الله، وأبي سليمان بن عبد الرحمان بن بنت شرحبيل، وزهير بن عباد ، وروى عنه أبو أحمد بن عدي الطبراني، وأبو سعيد بن الأعرابي ، وأبو الحسين بن علي الحافظ ، قال أبو سليمان بن ربر توفي سنة 302ه/924م[8].
    12- جدار بن جدار العذري، كانت له دار بدمشق[9]، ذكر بعض الحديث .
    13- جزاء بن عمرو العذري : جاء ذكره في الإصابة ، أنه ممن رأوا النبي صلى الله عليه وسلم.
    14- جميل بن درام العذري : وفد على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكتب له : " هذا ما أعطى محمد رسول الله ، جميل بن درام العذري ، أعطاه الرمداء لا يحاقه فيه أحد " وكتب علي بن أبي طالب[10] .
    15- جميل بن عبد الله بن معمر، شاعر مشهور ولد أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ومات سنة 701م في مصر ، وقيل في الشام .
    16- جناب بن حارثة بن صخر بن مالك العذري، أسلم وهاجر إلى المدينة.
    17- الحارث بن هانئ بن مدلج بن المقداد بن زمل بن عمرو العذري, كان زمل بن عمرو ممن وفد على النبي ضمن وفد بني عذرة[11].
    18- حريث العذري ، له صحبة ، روى من طريق الواقدي[12]، كان حريث هذا دليلاً بارزاً للجيش الإسلامي ورد له ذكر في كتاب المغازي للواقدي ..
    19- حمزة بن النعمان بن هوذ العذري أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم رمية سوطة أرض بوادي القرى ، كان حمزة سيد بني عذرة وأحد كبارها ، وهو أول أهل الحجاز الذين وفدوا على النبي ، بصدقة بني عذرة. (فتوح البلدان ، ص40)
    20- حيي (حي) بن ثعلبة بن الهود العذري، ذكر أبو الفرج الأصبهاني أن له صحبة ( الإصابة ج2، ص667).
    21- خالد بن عرفطة ابن أبرهة بن سنان بن صفي وقيل صيفي بن العيلة بن عبد الله بن غيلان وقيل عيلان بن أسلم بن حراز بن كاهل بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان العذري.
    صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن حبيب بن سالم، وسالم بن عبيد روى عنه مولاه مسلم وأبو عثمان النهدي وهلال وعبد الله بن يسار، وشهد فتح المدائن، وولاه سعد بن أبي وقاص قتال الفرس يوم القادسية، وكان في صحبة معاوية حين توجه من الشام وعبر معه جسر منبج إلى الأخنونية، وصالح الحسن ابن علي رضي الله عنه وكان خالد بن عرفطة يحمل راية معاوية حتى دخل معه الكوفة[13].
    22- رجاء بن محمد العذري ، حدث عن إسحاق بن إدريس ، وحدث عنه الحسن بن إسحاق البسري[14].
    23- رزاح بن ربيعة بن حزام العذري كان ممن اجتمعت عليه قضاعة، وأطاعته، وهو أخو قصي بن كلاب لأمه وقد ذكرنا قصتيهما ..
    24- زغبة بن قطبة بن قتادة بن جواس بن قطبة بن ثعلبة بن الهوذ بن عمرو بن الأحب بن الحن العذري، هاجر إلى الأندلس وهو أحد من قام بدعوة اليمانية أيام العصبية، وابنه عمران بن منيب بن زغبة أحد القائمين على الحكم بالربض من قرطبة 202ه/824م[15].
    25- زمل بن عمرو بن العتر:ابن خشاف - وقيل حشاف بن خديج - بن واثلة بن حارثة بن هند بن حزام بن ضنة بن عبد بن كثير بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة العذري الحزامي الضني، وقيل هو: زمل بن ربيعة، وقيل: زميل بن عمرو، وقيل: زامل بن عمرو العذري من بني هند بن حزام.
    وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له كتاباً، وعقد له لواءً، فشهد بلوائه ذلك صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وسكن الشام، واستعمله معاوية على شرطته، وهو أحد شهود معاوية في أمر الحكمين، روى عنه ابنه المقداد بن زمل وصعصعة بن صوحان[16].
    26- سلامة بن بشر بن بديل العذري الدمشقي حدث عن يزيد بن السمط وعن صدقة بن عبد الله[17]، وحدث سلامة بن بشير عن صدقة بن عبدالله بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : لو أن للإنسان واديين من مال لابتغى وادياً ثالثاً ، ولا يملأ نفس الإنسان إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب ".
    27- سليمان بن حيان أبو خثيمة العذري من أهل دمشق، حدث عن الوليد بن أبي مالك[18]، حدث عن واثلة بن الأسقع ، روى عنه إسماعيل بن عباس .
    28- سليمان وسعيد ابنا مالك العذري ، ذكرهما ابن سعد في وفد عذرة ، وأنهما نزلا دار رملة بنت الحارث النجارية. ( التمييز والفصل، ص63).
    29- العباس بن الوليد بن يزيد العذري، حدث عن أبيه ، ومحمد بن شعيب بن شابور ، حدث عنه أبو دواد السجستاني ، وأبو عبد الرحمن النسائي .
    30 – عبد الرحمن بن يحيى العذري، حدث عن مالك بن أنس، وأبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي، حدث عنه علي بن حرب الطائي، وعبد الرحمان بن محمد بن منصور الحارثي.
    31- عبد الله بن أحمد بن عبد العزيز بن موسى بن أبي بكر جمال الدين العذري: ولد سنة 762هـ نبغ في علوم اللغة العربية ، وله مصنف فيه أخبار قضاة مصر، توفي سنة 820ه/1442م في الإسكندرية. ( درر العقود الفريدة، المقريزي، ج2 ص 357)
    32- عبد الله بن إسحاق بن إسماعيل العذري[19]، وهو عم أبي قصي إسماعيل، الذي ذكرناه آنفاً.
    33- عبد الله بن العباس بن الوليد العذري ، حدث عن أبيه ، وحدث عنه سليمان بن أحمد الطبراني[20]، كان معاصراً للخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
    34- عبد الله بن دينار العذري[21] " أبو الوليد" الدمشقي، حدث عن الأوزاعي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر.
    35- عبد الله بن صعير[22]، وهو عبد الله بن ثعلبة بن صعير أبو محمد العذري، حليف بني زهرة، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ومسح على وجهه، ودعا له وحفظ عنه حديثاً، وشهد خطبة عمر بالجابية " قرب دمشق"، ولد عبد الله قبل الهجرة بأربع سنين، وتوفي سنة تسع وثمانين، وكان عالماً بالأنساب.
    36- قطبة بن قتادة العذري قاتل يوم مؤتة ، وهو القائل :
    طعنتُ ابن زافلة بن الأراش برمح مضى فيه ثم انحطم
    ضربت على جيده ضربة فمال كما مال غصن السلم
    وسقنا نساء بني عمه غداة رقوقين سوق النعم[23]
    37- محمد بن إسماعيل بن إسحاق العذري،( التمييز والفصل ، ص62)
    38- محمد بن هاشم بن شهاب أبو صالح العذري من قرية جسرين من قرى غوطة دمشق ، كان شيخاً صالحاً قاضياً يقضي بين الناس من قرى الغوطة ، توفي في رمضان سنة 329ه/950م[24].
    39- مدلج بن المقداد بن زمل العذري، كان شريفاً، ومن عقبه أبو الحارث محمد بن الحارث بن هانئ بن مدلج بن المقداد بن زمل بن عمرو المدني، حدث عن أبيه عن جده، روى عنه تمام بن محمد الرازي في فوائده.( التمييز والفصل، ص63).
    40- مذكور العذري : رجل له صحبة، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة دومة الجندل، وكان دليله إليها.
    عن محمد بن عمر الوافدي بسنده، قال: أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدنو إلى أرض الشام، وقيل له: إنها طرف من أفواه الشام، فلو دنوت لها كان ذلك مما يفزع قيصر، وقد ذكر له أن بدومة الجندل جمعاً كثيراً وأنهم يظلمون من مر بهم من الضافطة، وكان بها سوق عظيم وتجار، وضوى إليهم قوم من العرب كثير وهم يريدون أن يدنو من المدينة، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فخرج من الجم من المسلمين، فكان يسير الليل ويكمن النهار، ومعه دليل له من بني عذرة يقال له: مذكور ؛ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغذاً للسير، ونكب عن طريقهم. ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من دومة الجندل، وكان بينه وبينه يوم أو ليلة سير الراكب المعتق، قال له الدليل: يا رسول الله إن سوائمهم ترعى عندك، فأقم لي حتى أطلع لك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نعم " . فخرج العذري طليعة حتى وجد آثار النعم والشاه وهم مغربون، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وقد عرف مواضعهم، فسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى هجم على ماشيتهم ورعاتهم، فأصاب رسول الله من أصاب وهرب من هرب في كل وجه.
    وجاء الخبر أهل دومة الجندل فتفرقوا، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم، فلم يجد بها أحداً، فأقام بها أياماً، وبث السرايا وفرقها حتى غابوا عنه يوماً ثم رجعوا إليه ولم يصادفوا منهم أحداً، وترجع السرية بالقطعة من الإبل، إلا أن محمد بن مسلمة أخذ رجلاً منهم، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن أصحابه، فقال: هربوا منك حيث سمعوا بأنك أخذت نعمهم، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أياماً فأسلم، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمل على المدينة سباع بن عرفطة.
    قال الواقدي: غزوة دومة الجندل في ربيع الأول على رأس تسعة وأربعين شهراً، يعني: من مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
    41- مسعود بن شداد العذري.
    42- النخار بن أوس بن أبير العذري : أحد النسابة العرب ، قال عنه الكلبي " كان أنسب العرب[25].
    43- الوليد بن زيد العذري، حدث عن الأوزاعي، وابن لهيعة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وحماد بن عبد الملك الخولاني، وغيرهم. ( التمييز والفصل، ص62).
    44- يعقوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن ثعلبة بن صغير العذري العدوي، حدث عن أبيه، عن صفوان بن سليم، وروى عنه محمد بن عزيز بن الوليد المديني ، وعمارة بن يحيى بن خالد بن عرفطة العذري. (التمييز والفصل، ص61).
    45- أبو خزامة العذري، كان يسكن الجناب وهي أرض لبني عذرة وبلي، أسلم وصحب النبي (e)، وروى عنه.( الطبقات الكبير، ج5، ص273)
    المراجع والمصادر :
    [1] (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ، ج4/ص78)
    [2] (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ج3/ص132)
    [3] ( مختصر تاريخ دمشق ، ج3 ، ص221)
    [4] ( التمييز والفصل ، ص61)
    [5] ( مختصر تاريخ دمشق ج3/ص298)
    [6] ( التمييز والفصل، ص62).
    [7] (التمييز والفصل، ص62).
    [8] ( التمييز والفصل، ابن باطيش، ص62).
    [9] ( مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر ج6،ص14)
    [10] ( الإصابة في تمييز الصحابة، ج2، ص230).
    [11] ( مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر، ج6، ص168).
    [12] (الإصابة ، ابن حجر العسقلاني ، ج2،ص514)
    [13] ( بغية الطلب في تاريخ حلب ، ابن العديم ، ص242)
    [14] ( التمييز والفصل ، ص61).
    [15] ( معجم البلدان ج2ص460).
    [16] ( بغية الطلب في تاريخ حلب ، ابن العديم ، ص72)
    [17] (مختصر تاريخ دمشق، مرجع سابق ، ج10،ص238)
    [18] (مختصر تاريخ دمشق ، مرجع سابق ، ج10 ص114)
    [19] ( مختصر تاريخ دمشق، ج12، ص30).
    [20] ( المرجع السابق، ج12، ص330)
    [21] ( مختصر تاريخ دمشق ،ج12، ص139).
    [22] ( المرجع السابق نفسه، ص54).
    [23] ( المعالم الواردة في السيرة النبوية /ص142)
    [24] ( معجم البلدان ، ياقوت الحموي ،ج2/ص141).
    [25] (طبقات النسابين ، بكر أبو زيد ، ص21)

  7. #7

    افتراضي

    معاني أسماء القبيلة
    أضع هنا, شرحاً وتفسيراً لمعاني بعض الأسماء الواردة في مُشَّجرةِ نسب بني حن، وكذلك بعض الأسماء المهمة التي سنستخدمها في سياق هذا البحث، ولهذه المسميات بالطبع علاقة وثيقة بتاريخ القبيلة ومراحل حياتها .

    1- حن : تعني الصوت والغنة، فيقال حن الرجل بفتح الحاء أي صوت طربا، وحنت الناقة أي نادت ولدها لإرضاعه وصوتت شوقا إليه، ويعرف هذا الصوت بحنين الإبل، وهي لغة أهل البادية الأقحاح وهم الذين يهتمون بتربية الإبل واقتنائها، ويحتلون المرتبة الأولى في تصنيف البدو[1]، حيث تعتبر الإبل أهم وسيلة للنقل والتنقل على الإطلاق عند جميع الحضارات العربية القديمة التي نشأت في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام والرافدين، وحن هو لقب لجبل أحد حيث تسميه العرب "حن" من باب التدليل[2]، وفي الحديث الشريف ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أحدٌ جبل يحبنا، ونحبه، وهو على باب من أبواب الجنة[3].
    اسم العائلة "أبو الحن" : بضم الحاء، الأصل في هذه التسمية آل حن، وكلمة آل بمعنى عائلة، فدمجت الألف واللام مع الاسم وكتبت الحن، وفي آخر بطاقة شخصية موجودة لدينا كتبت " الحن" ثم أضيف إليها " أبو "، ولم تدخل هذه الصيغة في اسم العائلة إلا عام 1948م فقط، وتختلف صيغة الجمع من قوم إلى آخر، فقد جمعتُ حنون، وحناحنة، وحناينة، ويقال للفرد منهم حني، وحناوي، وفي حالة التصغير، فيقال حنين مصغر كلمة حن، وتصغير الأسماء والكلمات يحدث كثيراً في لغة أهل البادية، من باب التدليل والمحبة، وجاءت تسمية وادي حنين بفلسطين، نسبة لقبيلة بني حن التي كانت أول من سكنت فيه، وسنرى ذلك في موضعه.
    2- ربيعة : الخصب من الزرع والرعي، وهي تسمية منتشرة في بلاد العرب، لأنهم بأشد الحاجة لهذه الأماكن الذي ترتبع فيها القبيلة لترعى أنعامها، وعرفت في بداية الإسلام أيضاً بمناطق الارتباع[4]، حيث خصص لقبائل الفتح مناطق معينة للرعي .
    3- حزام : ما يشد به الرجل وسطه، ويقصد به العزوة وكثرة النسل، وفي بعض الكتب حرام وهو يعني المنع ، ومشكلة أخطاء التنقيط والكتابة كثيرة جداً ، فمنها حرام ، وحزام ، وخزام وغيرها، ولكن أصح هذه الأسماء في بني عذرة هو " حزام " وهو مكرر في مسميات القبيلة ومنها، ربيعة بن حزام بن ضنة، والشاعر عروة بن حزام المار ذكرهما، وتجمع بني حزام عند العربان " بالحوازم " .
    4- عذرة : ما علا خدي الفرس من لجامه[5]، وقيل هو نجم من منازل القمر، كما جاء في كتاب جمهرة اللغة[6] أن مرج عذري هو موضع بالشام، وقال الحموي : "عذراء قرية من قرى غوطة دمشق، بالقرب منها مرج راهط الذي كانت فيه الوقعة بين الزبيرية والمروانية، وقال الراعي :
    كم من قتيل يوم عذراء لم يكن لصحابه في أول الدهر قاليا[7]"
    ومن المعروف أن الفارس زمل بن عمرو العذري، استشهد في هذه الوقعة سنة 64ه، واعتقد أن تسميتها بهذا الإسم هو نسبة لقبيلة عذرة ، حيث أن مرج راهط المجاور له أيضاً سمي نسبة لرجل من قضاعة اسمه راهط[8]، ويبدو أن هذه الأسماء تشتق من أسماء القبائل التي تسكن فيها، حالها في ذلك حال مرج بن عامر في فلسطين .
    أما عذرة بفتح العين نبات صحراوي عُشبي ذو أشواك، ويلفظه البعض بألف بعد العين، وقال الحموي عذرة بفتح أوله ثم ثانيه هي الأرض[9]، واعتقد أنه يقصد الشكل ذات الوعورة من الأرض، صعبة المسالك التي يصعب اجتيازها، ومن هنا نفهم بأن المعنى الكامن للإسم هو الصعوبة، فيقال تعذر عليه الوصول؛ أي وجد عوائق منعته من الوصول.
    5- الحارث : وفي مشجرة قبيلة بني عذرة من هذا الإسم ما يقارب ستة أسماء كانت في بداية الإسلام، والحارث هو إسم من أسماء الأسد[10]، وقد وجدته من أكثر وأوسع الأسماء انتشاراً بين قبائل العرب، وجاء ذكر بني الحارث ضمن قبائل جذام في غزة دون أن يذكر نسبهم[11]، وجاء في المعجم بأن بني الحارث بن سعد هذيم بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي بن قضاعة[12]، ولهذا الإسم انتشاراً في فلسطين وخاصة في المغرب منها.



    [1] ( البدو، أوبنهايم ، ج1 ، ص75).
    [2] ( معجم المعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية، عاتق البلادي، 1982م، ص19)
    [3] ( معجم البلدان،م1, ص109)
    [4] ( القبائل العربية في مصر ، خورشيد ، ص56) .
    [5] جمهرة اللغة ، لأبي بكر محمد بن دريد ، ج2/ص692
    [6] ( جمهرة اللغة ، نفس الصفحة )
    [7] ( معجم البلدان ، ج4 ، ص 91)
    [8] ( معجم البلدان ، ج3 ، ص 21)
    [9] (معجم البلدان ، ج4 ، ص91)
    [10] ( نهاية الإرب في فنون الأدب ، النويري ، ج9 ، ص141).
    [11] ( معجم قبائل العرب ، ص226) .
    [12] ( معجم قبائل العرب ، ص229).

  8. #8

    افتراضي

    أحلاف قبيلة بني عذرة عبر التاريخ

    نذكر تحت هذا العنوان ما تم جمعه من معلومات مكتوبة حول علاقة بني عذرة بقبائل العرب وأحلافها القديمة، وسنأخذ بعين الاعتبار قد الإمكان التدرج التاريخي لهذه التحالفات، أي سنرتبها من الأقدم إلى الأحدث بإذنه تعالى.
    ونبدأ أولاً بتوضيح معنى الحلف :
    الحلف لغة القسم ويراد به التعاهد والعقد بالعزم والنية[1]، والمراد به عند القبائل هو الاتحاد والتكتل والتعصب لهذا الحلف، وهو يضم عدد من القبائل، والقبيلة تضم عدد من العناصر التي تنشأ بينها علاقات مختلفة، إلى جانب النواة الأساسية للقبيلة والتي تكون مرتبطة بصلة الدم والقرابة، ولذلك فالقبيلة عبارة عن حلف مصغر ومحدود ومحكوم لضوابط معينة بينما يكون الحلف واسع ومتعدد ومتشعب وله مساحة جغرافية واسعة، ومما ينبغي علينا ذكره في هذا الإطار بأن العائلات والقبائل تنسب إلى الأحلاف في كثير من الأحيان، وخاصة في حالات التأريخ المكتوب، ولكن كل قبيلة أو عائلة تبقى محتفظة بنسبها الأصل من خلال الروايات والتراث الخاص بكل قبيلة أو عائلة، ومن هنا تكمن أهمية الروايات العائلية لكونها تقود الباحث للوصول إلى سلسلة النسب بغض النظر عن الإنتماء للتحالفات، وهي تحالفات متجددة تختلف من منطقة إلى أخرى، وقد كانت قبائل العرب حتى فترة قريبة جداً تلجأ إلى إنشاء هذه الأحلاف، من أجل الحصول على احتياجاتها ومتطلباتها وقد امتدت فترة الأحلاف في بلادنا مدة طويلة من الزمن بسبب عدم وجود حكومة مركزية ترعى مصالح الناس وتهتم بهم، وذلك كان احد أسباب ضياع فلسطين، وبقي بأن نشير لأمر هام بالنسبة للأحلاف الآتي ذكرها، وهو أن كل حلف منها هو جزء من الحلف الذي يليه، لأنها أحلاف متداخلة ومتقاربة وفي حالة تطور مستمر، ونبدأ الآن بنبذة بسيطة عن كل حلف في مراحل زمنية معينة، تشكل جميعها تاريخ حلف قبائل اليمن (عرب الجنوب).

    1- الحلف التنوخي (90م – 120م)»:
    تنوخ مختلفٌ فيه بين النسابة أهو إسم لشخص وبنوه تنوخيين، أم هو لقب ويضم أحلاف من قبائل كثيرة، بالنسبة لي لا فرق بين الأول والثاني، لأن التحالف هو عدد من القبائل قد تتحالف في كلتا الحالتين، وعلى أية حال، فقد جاء في نسب تنوخ أنه من ولد أسد بن وبرة بن تغلب بن قضاعة، وقال النويري تنوخ والقين من عقب أسد بن وبرة وتنوخ هو مالك بن زهير[2]، وقال الزبيدي تنوخ قبائل تحالفت وقال السمعاني مثله : " تنوخ هو إسم لعدة قبائل اجتمعوا قديماً بالبحرين وتحالفوا على التوازر والتناصر، وأقاموا هناك فسموا تنوخاً، والتنوخ الإقامة[3]، وقال ابن عبد ربه أبو الفداء تنوخ من قبائل قضاعة، وقال أبو عبيد هم ثلاثة أبطن نزار والأحلاف وفهم[4]، وقال الهمداني تنوخ أسمه مالك بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة، قبيل كبير ينسب إليه خلق كثير[5]، والحقيقة ليس الاختلاف جوهرياً لأن الكل متفق بأن رأس تنوخ هي قضاعة، وتاريخ تنوخ يؤكد أنها من أوائل من سكن فلسطين وكانوا على دين النصرانية وهم من القبائل الشامية وأول الملوك وتضم عددا من قبائل العرب أهمها لخم وجذام وقضاعة وغسان وعاملة وكندة وهؤلاء جميعاً مجتمعين ومتحالفين مع الروم بحكم ديانتهم وموقعهم، وتعاقب ملوك الشام من تنوخ ثم سليح ثم غسان على حكم قبائل جنوب وشرق فلسطين، وكانوا أثناء غزوة اليرموك ضمن قوات الروم[6] . وسيأتي .
    وكل نصارى العرب هم من أعقاب هذه القبائل التي كانت على النصرانية، وهم عرب أقحاح خلص جلهم من عرب قحطان، وذكر البيقهي أنه كان لتنوخ ملك في عين التمر غربي الكوفة، ولهم حروب في الجاهلية مع بني نصر أصحاب الحيرة، ثم تفرقوا بعدها في البلاد[7] ومن ديارهم دير حنيناء وهو من أديرة الشام وبيت حنينا من قرى بيت جالا قضاء القدس، ودير حنة دير بالحيرة قديم بناه حيٌّ من تنوخ، يقال لهم بنو ساطع وقال شاعرهم :
    دير حنة عند القائم الساقي إلى الخَوَرنق من دير ابن براق
    ليس السُلوَّ وإن أصبحت ممتنعاً من بُغيتي فيك من شَكي وأخلاقي
    سقيا لعافيتك من عافٍ معالمه قفرٍ وباقيك مثل الوشي من باقي[8]
    ودير حنا أيضاً قرية من قرى قضاء عكا عدد سكانها 750 نسمة[9]، ومن أسماء عشائر العرب النصارى القديمة أيضاً، الحناحنة وهم على المذهب الأرثوذكسي تقيم بناحية بنو عبيد بمنطقة عجلون، كانت تعرف سابقاً بالجبارات[10]، وبنو عبيد هؤلاء هم من بني ضجعم حلفاء تنوخ وحلفاء جرم قضاعة وعذرة قبل الإسلام، وكلهم كانوا علي دين النصارى ومذهبهم .
    2- حلف صحار[11] سنة (120- 300م): وهم من أول القبائل التي أوغلت في الصحراء بعد الحروب التي وقعت بينهم، فاشتق إسمهم هذا نسبة لسكنهم في الصحراء، وضم هذا التحالف " جهينة، ونهد، وسعد هذيم[12]، وبني ضنة، وبني سلامان، وبني جرم "، وحلف " بني عذرة وجهينة "يرجع تاريخه إلى أيام حرب قضاعة، والحلف العذري يتألف من: "بنو الجلحاء، وجلهمة[13]، وزقزقة، وضنة، وجرش، وحن، ومدلج، وبني عامر، وبني الهون"، وصحار مدينة معروفة اليوم بسلطنة عمان بين الجبل والساحل.

    4- بني حن وقريش (490م):
    نشأ التحالف بين بني حن بن ربيعة وبين زعيم قريش ومؤسسها قصي بن كلاب الجد الخامس للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، عندما تزوج ربيعة بن حزام العذري بقريبته الأرملة فاطمة بنت سعد العامرية العذرية وذلك بعد وفاة زوجها كلاب بن مرة، وكان لديها ولدين أحدهما زهرة كان صبياً والثاني قصي واسمه زيد وكان رضيعاً فاحتملته أمه معها إلى بلاد زوجها ربيعة، وهناك أحياء قضاعة كلها في وادي القرى بأعالي الحجاز، ترعرع قصي في حجر ربيعه بن حزام وعاش طفولته مع إخوته لأمه وأشهرهم اثنين وهما حن بن ربيعة ورزاح بن ربيعة وتعلم في هذه البادية الجميلة ذات الوفرة والغنية بالواحات عاداتهم وتقاليدهم وفنونهم الحربية، و لعل أشهر ما يتميز به هؤلاء القوم : الفطنة والذكاء وفصاحة اللسان[14] والشجاعة والفروسية وحب التضحية والفداء والزعامة والرئاسة، فاكتسب قصي منهم كل عاداتهم وتقاليدهم، ففي إحدى المرات وقع نقاش وجدال بينه وبين رجل من قضاعة فعيره القضاعي بنسبه قائلا له أنت لست منا، أحزنه ذلك فالتفاخر بالأنساب من أعظم الأمور عند العرب في الجاهلية، ذهب قصي (زيد) لأمه فسألها وردت عليه لا تحزن يا بني، إنك أفضل منه نسباً وأنت ابن كلاب بن مرة وقومك بمكة، وقرر الذهاب إليهم، فعرضت عليه أمه أن يستغل موسم الحج ويهبط مكة مع قوم قضاعة، وكان له ذلك فحين هبط أرض مكة وكانت يومها تحت سيطرة خزاعة وبكر، أكمل قصي حياته هناك وتزوج ابنة شيخ خزاعة، وكان قصي يجتمع مع قومه وبني عمه وكان أخواه حن ورزاح يزورانه في قومه أثناء ذهابهما مع قوافل العرب التجارية، وبعد أن توفي شيخ خزاعة عرض قصي بن كلاب فكرة أحقية قريش بسدانة مكة ورعاية البيت، فوافقه القوم على ذلك وبدأ يخطط ويعد لهذا اليوم، واتصل قصي بأخويه لأمه حن ورزاح وابلغهما بنيته فوافقاه وأيداه وقدما له ثلة من فرسان قبيلتهم بلغ عددهم ثلاثمائة فارس[15]، وقد تحقق لهم النصر وتم إجلاء خزاعة عن بكر وفي ذلك يذكر لنا المؤرخين والنسابة والأدباء أشعار وقصائد جميلة تروي تفاصيل ذلك، نوردها في قسم القصائد إن شاء الله، بعد هذه الحرب واصل حن ورزاح زيارتهما لقصي بن كلاب الذي أصبح زعيم قريش ومكة كلها، وكانا ينزلان الموسم ويريان تعظيم قريش له[16].
    ومن الجدير ذكره أن سلسلة نسب النبي صلى الله عليه وسلم، مرتبطة بأمهات من قبيلة قضاعة، غير فاطمة أم قصي بن كلاب، فهناك أم كعب بن لؤي بن غالب، أمه مارية بنت كعب بن القين بن جسر[17], وأمها وحشية بنت ضنة بن عبد بن كثير بن عذرة، وأمها عاتكة بنت رشدان بن قيس بن جهينة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم من قضاعة[18].
    وقد استمر هذا الحلف فيما بعد الإسلام، ففي الفترات المتأخرة سنة 735ه كانت بني عذرة بمصر حلفاء لقريش[19]، قلتُ وقد تركت نشأت قصي بن كلاب في ديار بني ربيعة العذريين، آثارها الخاصة لدى القريشيين، حيث صارت عندهم عادة بعد ذلك، في ارسال أطفالهم إلى البادية، لارضاعهم وتلقينهم وتعليمهم بهدف اكتساب بعض الصفات والميزات كالفطنة والفروسية، والكرم والسخاء والمروءة.
    5- حلف بني عامر وبني عذرة (450م): وكلاهما من قضاعة فالأولى بني عامر بن عوف التي سكنت مرج فلسطين واشتهر باسمها، (مرج ابن عامر ) ونسبهم بني عامر الأجدار بن عوف بن كنانة بن عوف بن عذرة بن زيد بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة[20]، وبني عامر هؤلاء هم أخوال بني حن كما ذكرنا وبينهم صلة وتحالفات كانت تشرف على طرق تجارية تصل ما بين مصر والحجاز والشام، وكانوا يجبون منها الرسوم[21] .
    6- حلف جذام وبني عذرة (650م – 1400م): وهو حلف قديم جداً حيث أن مساكنهم تجاور بني عذرة في الحجاز ومصر[22] والشام، و تربطهما مصاهرة ونسب ويذكر أن الشاعر جميل بن معمر حين طلبه الوالي مروان عامل معاوية على المدينة لجأ لبني جذام[23] وهم أخواله فاختبأ عندهم فترة إلى حين أزيح الوالي من ولايته، كما أن عذرة وجذام متجاورتين في الموقع الجغرافي الأصلي وكذا في المواقع المهاجر إليها عقب الفتح الإسلامي، كما ورد اسميهما ضمن الحلف اليمني الأموي في مصر والشام، ولا زالت قبيلة السماعنة في سيناء وفلسطين هي الوريث لهذا الحلف القديم والمتمثل ببني مهدي من عذرة وبني طريف من جذام، وهما يلتقيان في سبأ لذا كانتا ضمن حلف السبئية في مصر هذا ما ذكره المقريزي في كتاب البيان والأعراب، حيث أن السماعنة ترتبط مع البياضيين بحلف، والبياضيون من جذام وهم من قبائل بر قطيا بشمال سيناء، كان من شيوخهم الشيخ محمد خضير، والشيخ حسين شبانة[24] .
    7- بعض أصهار بني عذرة (أحلاف المخولة) حلف ليث وبني عذرة، ذكر منهم محمد بن إياس بن أبي البكير الليثي حليف بني عذرة[25]، وقيل أن سعد بن أبي وقاص كانت امرأته من بني عذرة، و" بني الأشدق" وهم أبناء عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق[26]، وأولاده أمية، وسعيد، وإسماعيل، ومحمد[27]، أمهم من عذرة أخوها محمد بن حريث بن سليم العذري[28]، بن عيش بن لبيد بن عدي بن أمية بن عبد الله بن رزاح بن ربيعة بن حزام بن ضنة بن عبد بن كبير بن عذرة، وأبو السنابل القرشي العبدري أمه بنت أوس من بني عذرة (الوافي بالوفيات، الصفدي، ص82) أَبو السنابِل بن بعكَكِ بن الحارث السباق بن عبد الدار، كذا نسبه أَبو عمر، وابن الكلبي، وقال ابن إِسحاق: هو أَبو السنابل بن بعكك بن الحارث بن عُمَيلَةَ بن السباق، كذا نسبه عنه أَبو نُعَيم واسمه عَمرو، وقيل : حبة، وأمه عَمرة بنت أَوس العُذرِية، مِن عذرة بن سعد هُذَيم، أَسلم في الفتح، وهو من المُؤلفة قلوبهم، وكان شاعراً وسكن الكوفة، (أسد الغابة، ابن الأثير، ص192) وحرب بن الحارث أمه من بني كاهل بن عذرة (الإكليل ، الهمداني ، ص17)، الأوس والخزرج أمهما قيلة بنت كاهل بن عذرة[29]، وكانوا في المدينة المنورة في معشر الأنصار، ومدلج بن المقداد بن زمل العذري، كان متزوج أخت أمير العراق خالد بن عبدالله القسري[30] البجيلي، وبجيلة قبيلة من الأزد من القحطانية[31].
    8- بني أمية وبني عذرة (620م-750م): وهم أخوال عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي، ولهم علاقة قوية ومتينة بدولة بني أمية ومشاركة معظم حروبها ووقائعها كما سيأتي في الحديث عن رجالاتهم وتاريخهم، ويذكر أن الأمويين اتبعوا سياسة خاصة، أخذوا من خلالها التقرب لقبائل البادية ، مستخدمين أسلوب المصاهرة تارة، وإغداق الأموال والعطايا تارة أخرى[32]، وذلك حتى تقف هذه القبائل إلى جانب بني أمية[33]، كما يذكر أن الأمويين كانوا على صلة قديمة بقبائل عرب الجنوب منذ العصر الجاهلي، وقد كانت لهم علاقة احتكاك مباشرة مع قبائل الحجاز والذي يرجع معظمها لقبائل الأزد وقضاعة وجذام، ومن بينها بني عذرة، ومن أمثلة الصداقة نذكر ومن خلال ما ورد في ديوان الشاعر جميل بن معمر العذري، يتبين أن هناك علاقة صداقة بينه وبين الأمويين، حيث ذكر أنه كان ذات يوم مع الوليد بن عبد الملك في سفر[34] ولكن لم تعرف طبيعة ووجهة هذا السفر، ويبدو أن ذلك كان وهم صبية فلم يكن الوليد بن عبد الملك حينها قد تولى الخلافة بعد، لأن جميل توفي سنة 701م، في حين تولى عبد الملك الحكم من 705م – 714م، وذكر أيضاً بأن جميل بن معمر وأبو زبيد الطائي اجتمعا عند يزيد بن معاوية[35]، وكما وردت بعض الأمثلة التي تدل على ولاء وتأييد بني عذرة للأمويين، ففي بيعة يزيد بن معاوية جاء فارسا من بني عذرة يدعى يزيد بن المقنع حين اجتمع الناس عند معاوية وقام الخطباء لبيعة يزيد وأظهر قوم الكراهة فقام رجل من عُذرَة يقال له يزيد بن المقنّع، واخترط من سيفه شبراً، ثم قال: أمير المؤمنين هذا، وأشار إلى معاوية، فإن يَهْلِكْ فهذا، وأشار إلى يزيد، فمن أبى فهذا، وأشار إلى سيفه. فقال معاوية: أنت سيد الخطباء[36]، ويذكر أن بني عذرة من القبائل المتعصبة للحكم الأموي، فقد ورد أن زغبة بن قطبة بن الحن العذري قام بدعوة اليمانية أيام العصبية[37]، وقد كان لبني عذرة أيضاً مشاركة في الحرب التي دارت بمرج راهط وفيها استشهد الفارس زمل بن عمرو العذري.
    9- حلف اليمانية (650م – 950م):
    أكبر الأحلاف وأعظمها اتساعاً وتشعباً، وأكثرها قوة وسطوة، تأثر الحلف اليمني على مر تاريخه الطويل بعوامل كثيرة متشابكة، أدت إلى نموه وتعاظمه، كان أولها في عصور ما قبل الإسلام، حيث جمعهم ووحدهم رابط النسب والذي كان معروفاً بعدة أسماء، لكل إسم منها دور معين وظروف وخصائص ومتطلبات تخضع للأهداف والمقتضيات التي تفرضها مؤثرات النزاع والصراع الدائر بين القبائل آنذاك، مثل الحلف السبئي، وحلف عرب الجنوب، والحلف القحطاني، والحلف اليمني، إلى أن وصل هذا الحلف إلى القاعدة الأساسية لتنظيمات الجيش الأموي، وأصبح هو الثقل الرئيسي في هذه القوات براً وبحراً، وهو في حقيقته يتكون من أحلاف عديدة تجمعت كلها ضمن الحلف اليمني الأموي، وجميع القبائل والأحلاف الواردة في متن هذا الكتاب هم جزء من هذا الحلف، الأمر الذي أدى إلى ضخامته واتساع نفوذه وسيطرته على الدولة الأموية، حيث ضم جميع القبائل القحطانية كلها وقد انضمت إليهم أيضاً قبائل قيسية كثيرة، لا يتسع هنا المجال لذكرها، ولا يخفى على أحد ما هو تأثير هذا الحلف ودوره الكبير في قوة الدولة الأموية، وهو المسئول عن تدهور وضعف الأميين بعد أن خاب ظنهم بآخر خلفائهم .
    10- حلف عذرة وسنبس " طيء"(950م -1170م):
    وجدنا هذا التحالف في منطقة الحوف الغربي بمصر في حدود القرن العاشر الميلادي، حيث نرى تحالف بين سنبس الطائية وبني عذرة القضاعية في دمياط غرب البحيرة، وتجدر الإشارة إلى أن موطن هاتين القبيلتين هو الشام وخاصة في غزة كانتا ضمن القبائل اليمنية، في حين كانت قبائل البحيرة قيسية ، ويقال بأن الفاطميين استقدموا قبيلة سنبس من دير البلح من أجل مواجهة ثورة بني قرة في البحيرة وهم من بني هلال وقيس[38]، ويعتقد بأن ذلك كان استغلالاً لشيء ما كان بين طيء( اليمنية) والقيسية، وقد نجحت سنبس وأحلافها في طرد بني قرة والإحلال مكانها، بالبحيرة حيث ينتسب السنابسة هناك لبني لبيد بن سنبس بن معاوية بن جرول بن الثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء[39]، ولازالت هناك عشائر من بني عذرة تنتشر في الدقهلية والمرتاحية ومنهم الأحامدة، وبنو شهاب، وبنو حمزة، وبنو لام، وبنو شمس، والفضليون، وبني شما[40]، واضح جداً في هذه الأسماء آثار حلف سنبس وعذرة، فالأحامدة وبنولام والفضليون أسماء متشابهة تماماً في تركيبة طيء بفلسطين، بل إن الأحامدة يتشابه مع قبيلة أخرى متحالفة مع قبائل حرب بالحجاز، إن هذا لدليل على اندماج تلك القبائل بفضل الزواج والمصاهرة والتحالف، وهذا ما سيتراكم في ذهن القارئ من خلال تتبع التاريخ بهذا الكتاب، ويعتبر هذا الحلف جزء لا يتجزأ من الحلف الآتي ذكره.



    [1] ( لسان العرب، ابن منظور ، ص53)
    » سنوات تقريبية وفق حسابات المؤلف .
    [2] ( نهاية الإرب ،ج2 ،ص312)
    [3] ( الأنساب ، للسمعاني ، ج3 ، ص90).
    [4] ( معجم قبائل العرب ، ص 134)
    [5] ( عجالة المبتدي ، ص33)
    [6] (مختصر تاريخ دمشق ، ج1 ، ص 212- 213)
    [7] ( نشوة الطرب ، ج1 ، ص177)
    [8] معجم ما استعجم ، ج2 ، ص 578.
    [9] ( موسوعة بلادنا فلسطين ،ج1 ، ص 150)
    [10] ( معجم قبائل العرب ، ص309)
    [11] ( معجم ما استعجم ، ج1، ص31).
    [12] من قبائل سعد هذيم : بني عذرة ، وبني الحارث ، وبني صعب ، وبني وائل ( السويدي ، 1989م،ص87) ، وربما تنسب بني صعب بمنطقة اللد في فلسطين ، لهذه القبيلة ، وعرب الحوارث نسبة لبني الحارث ، أو بني حارثة الطائية وجميعهم ضمن الحلف اليمني الأموي الفلسطيني ، وبني وائل جاء ذكرهم في مصر سنة 930ه ( الكواكب السائرة في أعيان المئة العاشرة النجم الغزي ، ص99) .
    [13] ( المقتضب من كتاب جمهرة النسب، الحموي، تحقيق د. ناجي حسن، ص344).
    [14] ( مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ، ص205)
    [15] (تاريخ الرسل والملوك ، للطبري ،ص372)
    [16] (تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام ، ص24، ابن الضياء).
    [17] ( نهاية الإرب ، النويري ، ج2 ،ص367)
    [18] ( نهاية الإرب ، النويري ، ج2 ،ص367)
    [19] ( مسالك الأمصار ، العمري ، ج4،ص199)، العمري : عاش في الفترة (700ھ/1300م - 750ھ/1349م).
    [20] (المفصل في تاريخ العرب ، ج1/ص240)
    [21] ( المفصل في تاريخ العرب ، ص247)
    [22] (البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب ، المقريزي ، ص11).
    [23] (وفيات الأعيان ، ج1، ص437)
    [24] ( البدو ، ج2 ، ص210)
    [25] (الوافي بالوفيات ، الصفدي ، ص246)
    [26] (التاريخ الإسلامي، العهد الأموي، محمود شاكر،ج4، ص117)
    [27] ( الطبقات الكبير، ج7، ص234).
    [28] (الإكليل ، الهمداني ، ص17)
    [29] ( معجم البلدان ، ج5،ص85)
    [30] ( الطبقات الكبير، لابن سعد، ج6، ص313).
    [31] ( الأنساب، السمعاني، ج10، ص144).
    [32] منح عبد الملك بن مروان رجلا من بني عذرة جائزة لقوله الشعر بلغت ثمانية آلاف درهم ورزمة ثياب ( مختصر تاريخ دمشق ، لابن منظور ، ص416)
    [33] ( ديوان جميل ، عدنان درويش ، ص10)
    [34] ( ديوان جميل ، المرجع السابق ، ص 48)
    [35] (ديوان جميل ، المرجع السابق، ص74)
    [36] (عيون الأخبار ، ابن قتيبة الدينوري ، ص214)
    [37] ( معجم البلدان ج2ص460)
    [38] ( موسوعة بلادنا فلسطين، ج2،ص310).
    [39] ( نهاية الإرب، النويري، ج2، ص316).
    [40] ( مسالك الأبصار، العمري، ج4، ص199)

  9. #9

    افتراضي

    حلف بني عذرة وقضاعة كلها
    حلف جرم قضاعة (1250م -1450م):
    هذا هو آخر الأحلاف والتحالفات التي جاء ذكرها في روايات العائلة، حيث ذكر الرواة أن جدنا كان قائداً في هذه الحرب التي دارت رحاها في غزة والقدس والرملة، وكانت عائلتنا إلى جانب قضاعة في هذه الحرب – التي سوف نذكرها في موضوع مستقل بإذنه تعالى – ومما يستحق الذكر هو أن قبيلة قضاعة هي أكثر القبائل العربية انتشاراً في هذه المنطقة من غيرها، حيث قال ابن خلدون أن جرم قضاعة جامعة البطون كلها وهذا ما سوف نثبته الآن فصاعداً .

    ولعلنا نجد أكثر قبائل فلسطين تنحدر أصلاً من قبيلة قضاعة حيث تصل نسبتها وحدها حوالي 50% من جملة القبائل العربية القديمة التي نزلت فلسطين، وباقي القبائل وهي من غسان ولخم وجذام وعاملة، وكانت كلها تنضوي تحت حلف عربي واحد هو حلف عرب الجنوب (اليمنية)، وهذا يعني أن كامل عرب فلسطين قبل الفتح العربي كانوا من جذور العرب اليمانية الأوائل، وظل الوضع كذلك حتى نهاية العصر المملوكي.
    أشهر قبائل قضاعة في فلسطين :
    ذكر المؤرخ مصطفى الدباغ في موسوعة بلادنا فلسطين الجزء الأول عدة قبائل قضاعية نذكرها فيما يلي:
    1- بنو سليح وقد انتشروا في القرن الثاني للمسيح في أطراف الشام بين البلقاء وجبل الشيخ وكانت دولتهم بقيادة الضجاعمة، و كانت ديانتهم النصرانية، ويذكر أن بني سليح هؤلاء كانوا ركناً كبيراً في قوات العرب التابعة لدولة تدمر، تحت قيادة الملكة زنوبيا " الزباء[1] " وإلى سليح ينتسب كثير من قبائل فلسطين، والتي تجمعهم صيحتهم الحربية " عيال ضجعم[2]، وعيال الضجاعمة " ومنهم العبيدات والجرامنة والسناقرة، ويذكر أن سليح كانت من أقدم قبائل قضاعة التي كونت حلف تنوخ والذي ضم عددا ضخماً من قبائل العرب في بلاد الشام، تعتبر القبائل التالية جزء منه .
    2- بنو القين، وكانت منازلهم بين تيماء وحوران وفي غور البلاونة وغور الوهادنة، وجاء بمعجم قبائل العرب بأن القين بطن من عذرة بن سعد[3].
    3- بني كلب بن وبرة كانوا ينزلون دومة الجندل – الجوف، وتبوك وأطراف الشام في سهل البقاع ، وجبل قلمون ووادي التيم وغوطة دمشق، ومنهم بنو عامر الذين سكونوا المرج الفلسطيني المنسوب لإسمهم، ومن أحفاد الكلبيين في فلسطين عشيرة السراحين في بئر السبع، والهديبات في الخليل، وآخرين .
    4- جرم بن ربان : كانت منازلهم في جنوب فلسطين ما بين غزة وجبال الشراة في شرقي الأردن، وفي الجنوب الشرقي لمدينة يافا، ومنهم العزازمة في بئر السبع ووادي عربة .
    5- بنو عذرة كانت ديارها وادي القرى وتبوك والعقبة وجنوب فلسطين، وقال أوبنهايم في كتاب البدو أن قبيلة عذرة نزلت فلسطين، في العهد الأموي حتى اختفت من الحجاز كليةً[4].
    6- بنو بهراء وكانت منازلهم من ينبع إلى العقبة وبجوار البحر الأحمر وفي حوران وشرقي الأردن والبقاع وطول كرم وحمامة وغزة وجنين[5].
    وينسب إلى قبيلة قضاعة كثيرٌ من قرى بلاد الشام ومصر، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، نأتي بها كدليل بين على قدم هذه القبيلة وصلاتها الوثيقة بأرض الشام وما جاورها من ديار البوادي :
    جبل الدحي في الناصرة ينسب للصحابي دحية الكلبي القضاعي، جبل عوف في جنوب عجلون بالأردن والذي ينسب لبني عوف من جرم قضاعة[6]، و قرية مسكة[7] قضاء طولكرم نسبة لقبيلة من قضاعة، العبيدية نسبة لبني العبيد من الضجاعمة من سليح، وادي حنين نسبة لفرقة من قضاعة وهم بني حن ، جرش[8] نسبة إلى جرش بن عليم بن جناب العذري الكلبي، بني صعب نسبة لبني صعب بن سعد هذيم، ومرج بن عامر ينسب لبني عامر بن عوف بن عذرة من بني كلب القضاعية ، وقراوي بني حسان نسبة لبني حسان بن معاوية من بني ربيعة القضاعي، ورفيديا نسبة لبني رفيدة الرفيدات من قضاعة.
    وأسوة بهذا النمط، نجد بأن هناك مواضع أخرى تنسب للقبائل القديمة مثلاً : قرية صبارين قضاء حيفا تنسب للغساسنة، وهي جمع الصبر وهم بطن قديم من الغساسنة، والمنارة قضاء طبريا وتنسب لقبيلة المنارة بطن من غافق من الأزد[9]، وقرية مسلية قضاء جنين وتنسب لقبيلة من مذحج[10]، وقرية أبو زريق قضاء حيفا وهي قبيلة من طيء[11]، وهناك مواضع وقرى تعرف بإسم العائلة أو القبيلة التي تعيش فيها، وتبدأ بعرب كذا، وبعضها يبدأ بكلمة بيت وهي أيضاً تأتي بمعنى العائلة ، كأن يقال بيت جالا ، وبيت ساحور، وبيت جبرين، وإلى غير ذلك من المسميات الكثيرة، والتي إن دلت على شيء فهي تدل على الملكية العربية القديمة لهذه الديار، ومن الضرورة بمكان الإشارة إلى أن التسميات العربية القديمة لهذه القرى والأحياء والمواقع الطبيعية والأثرية قد تعرضت لهجمة صهيونية شرسة ومتخصصة تم تشكليها سنة 1948م خصيصاً من مهندسين وجغرافيين صهاينة عرفت بإسم " اللجنة الحكومية للأسماء[12] " قامت بتغيير الأسماء التاريخية العربية، وتزييف تاريخها لمحو وطمس الحقائق الفلسطينية العربية لهذه الديار المحتلة، وعملت هذه اللجنة على إدخال ذلك في المناهج التعليمية في الأراضي المحتلة عام 1948م وفرضت على جميع الطلاب والتلاميذ حتى العرب منهم، بعدم إستخدام الأسماء العربية لتلك الأماكن، ثم صنعوا تاريخاً يضم أكاذيبهم وزيفهم دون ذكر أي من تاريخنا العربي في هذه الديار، بالرغم من الاعتراف اليهودي بأن مستوطناتهم أقيمت في ذات المواقع التي كانت فيها قرى عربية، حيث قال الصهيوني موشي ديان[13] مخاطباً طلاب في معهد " التخنيون" قائلاً : لم تعد كتب الجغرافيا موجودة، وقد زالت القرى العربية من الوجود" كما قامت تلك اللجنة أيضاً بانجاز خارطة معدلة للخارطة البريطانية التي وضعت سنة 1944م، ثم تم إصدار أطلس صهيوني سنة 1996م حيث شطبت فيه أي أثر للوجود العربي الفلسطيني، كما تقدمت الدولة المحتلة عام 1967م بطلب للمؤتمر الدولي لتوحيد المصطلحات الجغرافية المنعقد في جنيف ( 4 – 22/9/1967م)[14] بمذكرة تضمنت محاولاتها لإحلال أسماء عبرية محل الأسماء العربية الأصلية للمواقع العربية في فلسطين، ووصل بها الجنون والزيف درجة عالية من الاستهتار حينما ادعت بأن الأسماء العربية هي تحريف للأسماء العبرية القديمة، إذا هي هجمة كاملة ومنظمة من جميع الجوانب والاتجاهات وبكافة الطرق والأساليب الإجرامية المختلفة التي قد لا تخطر على بال آدمي أبداً، في مقابل ذلك لم نلمس عناية واهتمام عربي بتاريخنا يكون مناسباً لحجمه وتراثه الضخم، أو يكون على قدر كبير من تحدي أعداؤنا الذين سلبوا منا كل شيء حتى الحروف والكلمات، فعلينا أن نكون بحاراً من المعاجم والقواميس، وعلى الجميع بأن يثور في وجه هذه العواصف ليس بالبندقية فقط، وإنما بالقلم والنقش والكتابة وتوثيق تاريخنا ونشره إعلامياً في جميع الاتجاهات، نعم لقد أثبتنا للعالم أننا شعب تواق للحرية ومحباً وعاشقاً للعلم والثقافة، ولكن هذا يحتاج للمزيد من السير قدماً وإطلاق العنان لثورة الفكر والثقافة بلا حدود، وتوفير كل الدعم وبجميع مجالاته للباحثين والمبدعين والمفكرين ليبحروا في بواخر العلم يخوضون أمواجه ويكتشفون شطآنه .



    [1] ( نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب، ابن سعيد الأندلسي ،ج1/ص59)
    [2] ( ضجعم : بن سعد بن سليح بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة (جمهرة انساب العرب ، لابن حزم،ص184))
    [3] ( معجم قبائل العرب ، ص947).
    [4] ( البدو ، أوبنهايم وآخرون ، ج2 ، ص459)
    [5] ( موسوعة بلادنا فلسطين، الدباغ ،ج1، ص707-715)
    [6] (المرجع السابق ،ج1،ص322)
    [7] (المرجع السابق،ج1،ص235)
    [8] (معجم البلدان ، ج2،ص127).
    [9] (موسوعة بلادنا فلسطين ،ج1، ص182)
    [10] ( المرجع السابق نفسه ، ص217)
    [11] (معجم قبائل العرب ، ص471)
    [12] ( مجلة شئون عربية ،أيلول/ 1999م ، العدد99، ص95)
    [13] (مجلة شئون عربية ، المرجع السابق نفسه ، ص 97)
    [14] ( المرجع السابق ، نفسه).

  10. #10

    افتراضي

    تفاصيل الحرب بين قضاعة وجذام
    أصبحت قضاعة وجذام والذي يرجع إليهما جميع قبائل شمال شبه الجزيرة العربية وبلاد الشام[1] والمتحالفتين منذ عام 600م – 1300م حوالي سبعة قرون كانت فترة كافية لصقل هاتين القبيلتين العظيمتين في قبيلة واحدة يصعب فيها التمييز بين جذام وقضاعة حيث كانت علاقات النسب والمصاهرة القديمة جدا قد وحدتهم في جسم واحد وفي مخطوط سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب ما يدل على رسوخ النسب والمصاهرة والعلاقة والتداخل بينهما إلى درجة إختلاط النسب لعائلات كل منهما حيث نجده في صفحة 47 " يقف حائراً في نسب بعض القبائل إلى جذام أم قضاعة ومن أمثلة ذلك بني الأمري، والبترات، والعبيدي ، والعفار ، وبني مهدي ، وهذا اللبس مرده أنها من بقايا الحلف الجذامي القضاعي ، وهذه القبائل وجدناها متحالفة مع قبيلة السماعنة، الأمر الذي يؤكد توزع القبائل بين جذام وقضاعة فعلاً، وهو السبب وراء نسبتهم تارة إلى جذام وتارة أخرى إلى قضاعة.

    وبدأت الفتنة تشق طريقها إلى أعماق هذا الحلف نتيجة التجاذبات السياسية والأطماع والمصالح الشخصية التي ظهرت في أواخر العهد المملوكي فكانت قد أوقعت بين حلف جذام الذي كان موالياً وقريباً من مماليك مصر، وحلف قضاعة الذي كان قريباً من مماليك الشام، وبين هذا التناقض هناك مصالح خاصة لبعض القبائل في كلا التيارين، ونتيجة ذلك تطاير لهب الفتنة بين جموع قبائلهما وبطونهما وعائلاتهما المتداخلة أصلا في بعضها البعض، إلى قسمين قسم قادته قبيلة عرب العايد وتبعها قسم من أحلافهم من قبائل قضاعة وكون الحلف الجذامي المتمترس في حدود فلسطين الجنوبية حتى منطقة العريش، والقسم الثاني قادته قبيلة بني جرم القضاعية وتبعتها أحلافها من جذام وطيء وبطون قضاعة وكون الحلف القضاعي المتمترس في ساحل فلسطين ابتداءا من دير البلح حتى مدينة يافا، وقد اندلعت الشرارة الأولى لهذه الفتنة ابتداءاً من سنة 1254م/636ه في مصر بالشرقية حيث اندلعت بين أقطاب الحلف اليمني القحطاني الثلاثة وهي جرم وجذام وثعلبة وقتل فيها عدد كبير من الخلق وقام الملك العادل بتجريد جيش بقيادة الأمير بهاء الدين بن ملكيشو ليصلح بينهم[2]، وتمكن من ضبط أمورهم وتوجيه فرسانهم ومقاتليهم لمقارعة الفرنجة، وبعد أن انتصر المسلمون على المغول عام 658ه/1260م بنحو ثلاث سنوات نظر السلطان الظاهر بيبرس في أمر تلك القبائل، حيث خلع على أمرائهم من عربان العايد وجرم وثعلبة وضمنهم البلاد وألزمهم القيام بالعداد، وشرط عليهم خدمة البريد وإحضار الخيل برسمه[3]، ثم نزل السلطان الكرك ورتب الإقطاعات للعربان والأجناد، وأحضر أمراء عرب بني مهدي من عذرة، وألزمهم أدراك البلاد وصاروا خفراء الحجاز[4] وكان ذلك في عام 661ه/1263م ، أي بعد أن ضرب عسكر السلطان عرب الزبيد بنحو عام ونصف العام وهم كانوا حول دمشق[5]، وجعل السلطان الأمير على جميع العربان الواقعة في بادية الشام للأمير شرف الدين عيسى بن مهنا، ويبدو أن بعض القبائل لم يروق لها ذلك فدست الفتن والدسائس حتى وقعت الفتنة الداخلية بين آل مرة وآل مهنا فعين السلطان أميراً من آل الفضل، ولما كانت البلاد في حالة جهاد ضد بقايا الفرنجة، كان الأمر يفرض مزيداً من تنظيم البلاد ووقف النزاعات والصراعات والفتن بين القبائل وبين الأمراء، ومن ثم توجيه فرسانهم لشن الغارات والهجمات على مواقع الفرنجة، وطرقاتهم و كانت القبائل حينذاك تباغت الفرنجة فتقتل وتنهب وتأسر، حيث كانت مدن عسقلان وعكا وقيسارية سنة 663ه/1265م من أهم الأهداف التي تهاجمها القبائل الفلسطينية من العربان والتركمان كما كانت القبائل تكمن في التلال والغابات الساحلية في جنوب الرملة وفي العوجا وأرسوف وفي الأودية مثل وادي غزة ووادي عارة وعرعرة وغيرها، وقوات المماليك تدك القلاع التي يتحصن فيها الفرنجة، وفي العام 664ه تقدمت قبيلة الحريث اليمنية مع قوات الظاهر بيبرس واستولت على عسقلان، فأقطعهم هناك[6]، والحريث هذا من المجاهدين الأوائل كان دليل الجيش الإسلامي في غزوة أسامة بن زيد المار ذكرها، ونسبه الحريث بن سليم بن عيش بن لبيد بن عدي بن أمية بن عبدالله بن رزاح العذري القضاعي، وتواصلت عمليات الجهاد والتحرير إلى أن تم تحرير قلعة قيسارية ثم عتليت وأخذت القوات تهدم قلاع الفرنجة، إلى أن تم تحرير وتطهير فلسطين نهائياً من الفرنجة سنة 1291م على يد السلطان قلاوون، فعادت تلك القبائل مرة أخرى للنزاع حيث نرى بعض القلاقل ومنها:
    في العام 679ه وقعت حروب بين عسكر مصر بقيادة الأمير عز الدين الأفرم، وبين عسكر الشام الأمير سنقر الأشقر في غزة والرملة، وانتصر عسكر مصر، وهرب سنقر مع الأمير عيسى بن مهنا، ثم استقاموا للصلح، وبعدها اندلعت فتن داخلية منها في العام 680ه/1299م قامت العشائر في غزة بقتل خلقاً كثيراً من الناس وقاموا بأعمال السلب والنهب، فخرج عسكر مصر بقيادة الأمير شمس الدين سنقر البدوي(*)، وخرج عسكر دمشق بقيادة الأمير علاء الدين الفخري من أجل ردعهم، ونفس الأمر وقع في نابس في نفس الفترة، حيث ثارت العشائر ونهبوا المدينة واقتتلوا مقتلة عظيمة، فتوجه إليهم الأمير علاء الدين الفخري من غزة، وقبض على جماعة منهم وشنق 32 رجلاً من أكابرهم وسجن عدد آخر بصفد[7]، لم يذكر المقريزي أسماء تلك العشائر ولا أسباب تلك الفتن والقلاقل، إلا أنني أعتقد بأن سببها الحصول على الإقطاعات والإمارة، ثم وقعت الفتنة الثانية بين أقطاب الحلف اليمني في القدس ونابلس سنة 1349م وكانت الغلبة لبني ثعلبة (طيء) حيث سيطرت على القدس والخليل والرملة واللد، وفي سنة 795ه/1415م حدثت فتنة في طيء بين عرب آل مهنا بقيادة عامر بن ظالم بن الأمير حيار بن مهنا، وعرب الزبيد ومعهم أحلافهم، فانهزم عامر بن ظالم وهرب إلى الفرات، فغرق وغرق معه 17 رجلاً من زعماء آل مهنا، وقتل خلق كثير جداً في هذه الحرب[8]، ثم نظمت جرم قضاعة وأحلافها صفوفهما وبدعم من المماليك وأمير غزة أغارت على الطائيين، حيث تمكنت من القضاء على ثعلبة وهزيمتها قرب اللد[9]، ويبدو أن بني جرم وأحلافها الكثيرة ، قد استبدت بحكم المنطقة الساحلية بعد هذه المعارك وفرضت هيمنتها عليها، وأرادت أن تفرض رأيها ورؤيتها وتملي شروطها على حكام غزة، وهذا ما يفسر سبب الحرب التي اندلعت بين أمير غزة " الأمير يونس " وبين عرب جرم سنة 825ه/ 1443م، حيث انهزم هو وعساكره[10]، ولقي عدد منهم حتفه على أيدي مقاتلي عرب جرم، ثم واصلت قضاعة برئاسة بني جرم فرض سيطرتها كما تواصلت الفتن بين جذام وقضاعة، حتى كانت آخرها في حوالي سنة 1444م حيث اندلعت الحرب الحاسمة والأخيرة بين الطرفين في السهل الساحلي الجنوبي من فلسطين[11]، وعلى الرغم من دعم نائب غزة طوخ المؤيدي لقبيلة جذام للتخلص من الاستبداد القضاعي، إلا أن النصر كان حليف قضاعة وتمكنت من فرض سيطرتها على ساحل فلسطين حتى رفح، وقام القضاعيون بقتل طوخ المؤيدي لعدائه ووقوفه إلى جانب جذام سنة 848ه[12] وتراجعت جذام منهزمة إلى العريش وكانت هذه الحرب قد رسمت حدود كل قبيلة منهما .
    نتج عن هذه الحرب أن فرضت قبائل قضاعة كلها سيطرتها على مدن البريد ومدن طريق الشام التي تمر منها قوافل الحج والتجارة، وهي المدن التالية : من الجنوب إلى الشمال الداروم " دير البلح " وغزة ، وأسدود والرملة ، ثم بالاتجاه شرقاً إلى قلنسوة ثم اللجون في مرج بن عامر، ثم مدينة طبريا، وسيطرت جذام على مدن الطريق المتجه إلى مصر وهي العريش، والواردة، وأم العرب، والفرما، ومسجد قضاعة ثم بلبيس، ومن الجدير ذكره هنا أن قبيلة جذام لم تكن جذامية بحتة، بل كانت تضم بطون من قضاعة، كما هو الحال عند قضاعة فلسطين فقد شملت هي الأخرى بطون من جذام، قد دخل كل منها في التركيبية الأخيرة للحلف المنقسم، وفي العام 894ه/1489م، كانت لا تزال قضاعة مسيطرة حيث حاول الأمير الجرمي راشد أبو العويس فرض ضريبة على فلاحي القدس، وبعد تدخل كبار الشيوخ لدى الحكومة فشلت هذه المحاولة، وفي العام 899ه/1494م حدث خلاف بين حاكم القدس وحاكم غزة حول تعيين أمير جديد، وكان المرشح لحكم غزة أبو العويس بن أبي بكر، والمرشح لحكم القدس محمد بن إبراهيم، واشتد الخلاف بينهما لدرجة أن القاهرة اعتبرت المسألة مهمة جداً، وطلبت عقد اجتماع في غزة يحضره المتخاصمين وقاضيا غزة والقدس، وتم الاتفاق على أن يحكم القدس محمد بن إبراهيم مع ضمانه جباية الضرائب ودفع مبلغ إضافي آخر[13]، وكان نفوذ القضاعيين بقيادة بني جرم قد وصل إلى وادي الأردن، وبعد ذلك حدثت ثورات ضدهم قادتها قبيلة المساعيد، وتمكنت من طرد بني جرم فتراجعت إلى الساحل باتجاه يافا والرملة، وهكذا بدأت نهاية الحلف القضاعي وتشتته .


    [1] ( البدو ، ج2،ص552).
    [2] السلوك لمعرفة دول الملوك ، المقريزي ج1/ص393
    [3] ( السلوك لمعرفة دول الملوك ، المرجع السابق ، ج1،ص556).
    [4] ( المرجع السابق نفسه ، ص557).
    [5] ( المرجع السابق ، ج1، ص538).
    [6] ( مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ، العمري ، ج4 ، ص156).
    (*) ربما يكون السناقرة هم أحفاد الأمير سنقر البدوي، وأصل القاف جيماً، والجيم تلفظ قافاً في لهجة مصر، لذلك فأصل الكلمة سنجر، وهم فرع من طيء
    [7] ( السلوك، ج2، ص144، 151).
    [8] ( السلوك، ج5، ص360).
    [9] غزة وقطاعها ، سليم المبيض ،ص228
    [10] السلوك لمعرفة دول الملوك ، مرجع سابق ،ج7/ص61
    [11] ( مدن فلسطينية ، ص170-192)
    [12] (المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي ، ج7 ، لابن تغري )
    [13] ( البدو ، أوبنهايم ، ج2 ، ص97) .

  11. #11
    مشرف مجلس قبائل بلاد الشام الصورة الرمزية عالم بالأنساب
    تاريخ التسجيل
    28-03-2014
    الدولة
    على الواقف
    المشاركات
    727

    افتراضي

    كلمة حق تقال ،،، وللأمانة هذا بحث متعوب عليه، وهو بحث علمي موضوعي، وهو أشبه ما يكون جزء من رسالة علمية كماجستير أو دكتوراة
    التعديل الأخير تم بواسطة د ايمن زغروت ; 24-09-2014 الساعة 07:37 PM

  12. #12
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية د ايمن زغروت
    تاريخ التسجيل
    01-10-2009
    الدولة
    مصريٌ ذو أصولٍ حجازية ينبعية
    المشاركات
    12,200

    افتراضي

    بحث طيب و فتوح لاراء النسابين الكرام و لنا تعقيب عليه لاثرائه ان شاء الله

  13. #13
    عضو منتسب
    تاريخ التسجيل
    23-08-2022
    الدولة
    تبوك - العلا
    المشاركات
    6
    Blog Entries
    1

    افتراضي

    بحث عظيم ويستحق الثناء والشكر بارك الله يالجهود

  14. #14

    افتراضي

    شكراً على المعلومات القيمة

  15. #15

    افتراضي

    سبحان الله وكأنك تعلم ماهي أسباب الجدال الحاصل في جماعتنا حول هذا الموضوع فكيت عندي طلاسم كثيره ووجدت أجوبة لأسئلة كثيرة كنت أظن أنها ذهبت مع التاريخ ولكنك أعدت التاريخ بهذا البحث العظيم..تحياتي​

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. السماعنة و الحناوية و المهداوية ..اخوة من قبيلة عذرة القضاعية
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى مجلس قبيلة عذرة
    مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 21-10-2022, 02:06 AM
  2. أزمة تنسيب جذام بين ناثل بن قيس وروح بن زنباع - سلسلة قبيلة جذام اصهار المسيح - ج3
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى قناة النسابون العرب Alnassabon Tube
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-05-2019, 08:19 PM
  3. رؤية جديدة في تحقيق نسب جذام - سلسلة قبيلة جذام اصهار المسيح - ج2
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى قناة النسابون العرب Alnassabon Tube
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17-05-2019, 08:18 PM
  4. تحالف عذرة القضاعية مع كنانة العدنانية
    بواسطة ابو محمد السردي في المنتدى التحالفات القبلية عند العرب
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 29-07-2016, 07:50 PM
  5. السماعنة و الحناوية و المهداوية ..اخوة من قبيلة عذرة القضاعية
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى مجلس قبيلة السماعنة العذرية القضاعية
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 28-11-2014, 03:41 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum