مدى تحكم الاحتياجات العسكرية والإدارية و الاقتصادية في حكم العرب للشام

بقلم م ايمن زغروت

لقد برز تأثير الحاجة العسكرية و الاقتصادية جليا في تنظيم إدارة الحكم بالشام عند العرب, فقد ثبت أنهم يعتمدوا بالتقسيم الإداري البيزنطي الذي ورثوه عن الروم و الذي كان يقسم الشام إلى سبعة مقاطعات منها مقاطعتين ساحليتين , فقد قسم العرب بلاد الشام إلى خمسة وحدات إدارية و سموا كل وحدة باسم "جند كذا" , كجند دمشق أو جند حمص و هكذا.
و يدلل استخدام مصطلح "جند" على أن التقسيم الإداري كان منسوبا إلى حشد من الجيوش في بقعة جغرافية محددة و كانت مهام هذا الحشد عسكرية و أمنية أولا ثم اسند لقائدهم إدارة شئون هذه المنطقة إلى جانب قيادة الجند بها.

قال ياقوت الحموي: «وأما الجند فيجيء في قولهم: جند قنسرين، وجند فلسطين، وجند حمص، وجند دمشق، وجند الأردن. فهي خمسة أجناد، وكلها بالشام. ولم يبلغني أنهم استعملوا ذلك في غير أرض الشام (1)

و يظهر من تقسيم الأجناد انه تم مراعاة الاحتياجات العسكرية و الإدارية و الاقتصادية كالآتي:
1. توزيعات النفوذ القبلي و تركيبة السكان لأنها هي الأساس عند الحشد العسكري , فمثلا كان جند دمشق مزيجا من القبائل كلب بن وبرة و القين بن جسر و سليح و بلي و كلها قبائل قضاعية تشترك في النسب, كما كان جند فلسطين يتكون من قبيلتي لخم و جذام سكانه الأصليين من العرب.(2)
2. تم استحداث جند قنسرين في عهد يزيد بن معاوية بفصله عن جند حمص لان أكثر أهله كانوا من جند العراق , و لم يكن يريد للعراقيين ان يختلطوا بأهل الشام فيفسدوا آراءهم الفكرية و السياسية, و من ذلك يتضح أن الدواعي الأمنية كانت احد أهداف التقسيم.

3. كان هناك هدف إداري من استحداث جند قنسرين السيطرة على الأراضي الممتدة من أنطاكية إلى الجزيرة وتنظيم إدارتها، إلا أن الجزيرة ما لبثت أن فصلت عام 74هـ/ 693م وأصبحت مهمتها السيطرة على ما تضمه من مدن وبخاصة تلك المجاورة للبيزنطيين، وقد أطلق عليها آنذاك اسم الثغور وكانت قنسرين محاطة بسور كبير، إلا أن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أمر بهدمه إثر معركة كربلاء ومقتل الحسين بن علي ومعظم آل بيته وأقاربه، ويذكر صاحب كتاب الروض المعطار أنه لم يبق من ذلك السور إلا آثار بسيطة، وإن قنسرين نفسها كانت تقع على نهر قويق الذي يصلها من حلب ثم يغوص في الأجمة. (3)

4. تم عمل ظهير ساحلي لكل جند حتى تقتسم كل الأجناد مسئولية حفظ امن الساحل الشامي من هجمات الروم البحرية التي كثرت في ذلك الوقت, و قد تنافست الأجناد في غزو البحر و ضبط أمنه و تقويض أخطار الروم البحرية بالإضافة إلى فتح قبرص و الإيقاع بالأسطول الرومي في غزوة ذات الصواري.
5. كما تم عمل ظهير ساحلي لكل جند حتى يكون لكل جند موانئه و منفذا للتبادل التجاري بين أهل المنطقة و العالم الخارجي.
و يؤخذ على هذه التقسيمات الآتي:

1. ضعف السيطرة الإدارية و الجدوى الاقتصادية بسبب طول خطوط المواصلات في المنطقة الجنوبية من جند دمشق و التي تمتد الى تبوك و حسمى بالحجاز, رغم قربها الشديد من جند فلسطين و وجود قبائل مشتركة بين المنطقتين مثل لخم و جذام.

2. بعد التأثير الإداري لهذه الأجناد على الثغور و المناطق الشمالية نتيجة للبعد الجغرافي لحمص و لدمشق عنها, و هو ما تلافته الدولة العباسية باستحداثها لأقاليم الثغور و العواصم فيما بعد.

3. عدم احترام خصوصية السواحل و تخصصها في حياة البحر بإلحاقها على أجناد ذات طبيعة برية بالمقام الأول كتوابع بعكس أحوالها إبان العهد البيزنطي حيث كانت السواحل حواضر تعج بالحضارة و تقود الداخل.



المصادر و المراجع
1. ياقوت الحموي, معجم البلدان 1/38 , نسخة رقمية من مكتبة المصطفى.
2. حسين عطوان, الجغرافيا التاريخية لبلاد الشام في العصر الأموي, الطبعة الأولى دار الجيل 1987 م.
3. عبد الرحمن بدر الدين, قنسرين عش النسور , مقال بمجلة ارض الحضارات الالكترونية



l]n jp;l hghpjdh[hj hgus;vdm ,hgY]hvdm , hghrjwh]dm td p;l hguvf ggahl l]n jp;l hghpjdh[hj hgus;vdm ,hgY]hvdm , hghrjwh]dm td p;l hguvf ggahl luh,dm hghl,ddk hgahl p;l hguvf ggahl k/l hgp;l k/hl hgp;l td w]v hghsghl k/hl p;l hghl,ddk