بقلم / الأستاذ : علي بن محمد سدران



هو : سفيان بن عوف بن المغفل بن عوف بن عمير بن كلب ويقال كليب بن ذهل بن سيار وقيل ( يسار) بن والبة بن الدول بن سعد مناة بن غامد الأزدي الغامدي . رضي الله عنه . أحد صحابة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، روى جُملا من كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لغامد ومنه : (أما بعد فمن أسلم من (غامد) فله ما للمسلمين من حرمة ماله ودمه ولا تحشروا ولاتعشروا ، وله ما أسلم من أرض) كما أنه أحد قواد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه . روى الحاكم عن مصعب الزبيري قال : وسفيان بن عوف الغامدي صحب النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان له بأس ونجدة وسخاء وهو الذي أغار على (هيت والأنبار)، في أيام علي بنأبي طالب رضي الله عنه ، وإياه عنى علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله في إحدى خطبه : وإنَّ أخا غامد قد أغار على هيت والأنبار وقتل حسَّان بن حسَّان (1) ، يعني عامل علي رضي الله عنه . جاءفي كتب التاريخ : بعث معاوية سفيان بن عوف في ستة آلاف ، فأمره أن يأتي هيت فيغير عليها ، ثم يأتي الأنبار والمدائن ، فسار حتى انتهى إلى هيت ، فلم يجد بها أحداً ،ثم إلى الأنبار وفيها مسلحة (2) لعلي نحو من خمسمائة ، فتفرقوا ولم يبق منهم إلا مائة رجل ، فقاتلوا مع قلتهم وصبروا حتى قتل أميرهم أشرس بن حسان البلوي في ثلاثين من أصحابه ، واحتملوا ما كان بالأنبار من الأموال ، وكروا راجعين إلى الشام.



استعمله معاوية على الصدقة ، وكان معأبي عبيدة بن الجراح (8) بالشام حين فتحها ، وبعثه من حمص إلى عمر رضي الله عنه ، وقال له : ائت أمير المؤمنين وأبلغهمني السلام ، وأخبره بما قد رأيت وعاينت ، وبما حدثتنا العيون ، وبما استقر عندك من كثرة العدو ، وبالذي رأى المسلمون من الرأي ومن التنحي ، وأرسل معه كتابا إلى عمر ،قال سفيان : فلما أتيت عمر فسلمت عليه قال : أخبرني بخبر الناس ، فأخبرته بصلاحهم ودفع الله عز وجل عنهم ، قال : فأخذ الكتاب وقال لي : ويحك ما فعل المسلمون ؟ فقلت : أصلحك الله خرجت من عندهم ليلا بحمص وتركتهم وهم يقولون : نصلي الصبح ونرتحل إلى دمشق ، وقد أجمع رأيهم على ذلك ، فكأنه كرهه ورأيت ذلك في وجهه فقال لي : ومارجوعهم عن عدوهم



وقد أظفرهم الله بهم في غير موطن ؟ وما تركهم أرضاً قد أحرزوها، وفتحها الله عليهم وصارت في أيديهم ؟ إني لأخاف أن يكونوا قد أساءوا الرأي وجاءوا بالعجز وجرَّأوا عليهم العدو . فقلت : أصلحك الله ، إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، إن صاحب الروم قد جمع لنا جموعا لم يجمعها هو ولا أحد كان قبله لأحد كان قبلنا ،ولقد جاء بعض عيوننا إلى عسكر واحد من عساكرهم ، مر بالعسكر في أصل الجبل فهبطوا من الثنية نصف النهار إلى معسكرهم ، فما تكاملوا فيها حتى أمسوا ، ثم تكاملوا حين ذهب أول الليل ، هذا عسكر واحد من عساكرهم فما ظنك بما قد بقي ؟ فقال عمر : لولا إني ربما كرهت الشئ من أمرهم يصنعونه فإذا الله يخير لهم في عواقبه لكان هذا رأيا أناله كاره ، أخبرني هل أجمع رأي جماعتهم على التحول ؟ فقلت له : نعم . الشاهد يرى مالا يرى الغائب ، إن صاحب الروم قد جمع لنا جموعا لم يجمعها هو ولا أحد كان قبله لأحد كان قبلنا ، ولقد جاء بعض عيوننا إلى عسكر واحد من عساكرهم ، مر بالعسكر فيأصل الجبل فهبطوا من الثنية نصف النهار إلى معسكرهم ، فما تكاملوا فيها حتى أمسوا ،ثم تكاملوا حين ذهب أول الليل ، هذا عسكر واحد من عساكرهم فما ظنك بما قد بقي ؟فقال عمر : لولا إني ربما كرهت الشئ من أمرهم يصنعونه فإذا الله يخير لهم في عواقبه لكان هذا رأيا أنا له كاره ، أخبرني هل أجمع رأي جماعتهم على التحول ؟ فقلت له : نعم . قال : فإذن لم يكن الله ليجمع رأيهم إلاَّ على ما هو خير لهم وأراد معاوية رضي الله عنه استلحاقه كما فعل بزياد فأبى وقال له : إنما أنا سهم من كنانتك فارم بيحيث شئت ، وكان يقول إذا أمره معاوية لغزو الروم في البحر : اللهم إن الطاعة علي وعلى هذا البحر ، اللهم إنا نسألك أن تسكنه وتسيرنا فيه . وسفيان بن عوف رضي الله عنه هو صاحب الصوائف (9) ، وأحد قادة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، قبل وبعد وفاة علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقد خلف عبدالله بن قيس الجاسي حليف بني فزارةعلى إمرة الجيش البحري الذي كان يقاتل الروم، وذلك بعد أنْ قُتِلَ عبدالله ، فخرج سفيان فقاتلهم , كما كان رضي الله عنه على الصائفتين اللتين غزتا بلاد الروم في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وعلى الشام معاوية بن أبي سفيان ، فلم يزل كذلك حتى مات ، واستعمله معاوية في خلافته وكان يعظمه ثم استعمل بعده ابن مسعود الفزاري (11) فقال له الشاعر: أقـم ياابن مسعود قناة صليبة وسم يا ابن مسعود مدائن قيصر كما كان سفيان بنعوف يقيمها كماكان سفيان بن عوف يسومها حكى صاحب العقد الفريد عن العتبي أنه قال : جاشت الروم وغزت المسلمين برا وبحرا ، فاستعمل معاوية على الصائفة عبد الرحمن بنخالد ‎‎بن الوليد (12) ، فلماكتب عهده قال : ما أنت صانع بعهدي ؟ قال : اتخذه إماما لا أعصيه . قال : اردد عليّ عهدي ثم بعث إلى سفيان بن عوف الغامدي فكتب له عهده ، ثم قال له : ما أنت صانع بعهدي ؟ قال : اتخذه إماما أمام الحزم ؛ فإن خالفه خالفته . فقال معاوية : هذا الذيلا يكفكف من عجلة ، ولا يدفع في ظهره من خور، ولا يضرب على الأمور ضرب الجمل الثفال .وفي هذه الغزاة كان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قد أمر ابنه يزيد بن معاويةأن يغزو ومعه سفيان بن عوف فسبقه سفيان بالدخول إلى أرض الروم ، فنال المسلمون في بلاد الروم حمى وجدري وكانت أم كلثوم بنت عبدالله بن عامر رضي الله عنه تحت يزيد بن معاوية (13)


وكان لها محبا ، فلما بلغهما نال الناس من الْحُمَّى والجدري قال : ما إن أُبالي بما لاقت جمـوعهم إذا اتكأت على الأنماط في غرف .. بالغذقـذونة من حمى ومن مـوم بدير مران عندي أم كلثوم (14) فبلغ ذلك معاوية فقال : أقسم بالله لتدخلن أرض الروم فليصيبنك ما أصابهم ، فأردف به ذلك الجيش ، فسميت هذه الغزاة : غزاة الرادفة . ولما احتضر استعمل معاوية على الناس عبدالله بن مسعود الفزاري ،فقال له : يا ابن مسعود : إن فتحاً كثيرا وغنما عظيما أن ترجع بالناس لم ينكأوا ولم ينكبوا ، فأقحم الناس فنكب ، فلما رجع الفزاري إلى معاوية قال : يا أمير المؤمنين إن عذري في ذلك أني ضممت إلى رجلٍ لا تضم إلى مثله الرجال ، فقال معاوية : إن من فضلك عندي معرفتك بفضل من هو أفضل منك ، ولما شتى سفيان بأرض الروم صف الخيول فاختار منها ثلاثة آلاف فأغار بها على القسطنطينية من باب الذهب ، ففزع أهلها وضربوا بنواقيسهم ثم استعدوا للقاء ، فقالوا له : ما شأنكم يا معشر العرب ؟ وما جاءبكم ؟ فقالوا لهم : جئنا لنخرب مدينة الكفر ويخربها الله على أيدينا ، فقالوا : والله ما ندري أأخطأتم الحساب أم كذب الكتاب أم استعجلتم المقدر ، فإنَّا وأنتم نعلم أنها ستفتح ولكن ليس هذا زمانها . ولما أدركه أجله أوصى وقال : أدخلوا علي أمراء الأجناد والأشراف ، فلما دخلوا عليه وقعت عينه على عبدالرحمن بن مسعود الفزاري ، فقال له : ادن مني يا أخا فزارة فإنك لمن أبعد العرب مني نسباً ،ولكن قد أعلم أن لك نية حسنة وعفافاً ، وقد استخلفتك على الناس فاتق الله يجعل لكمن أمرك مخرجا، وأورد المسلمين السلامة ، واعام أن قوماً على مثل حالكم لم يفقدواأميرهم إلاَّ اختلفوا لفقده وانتشر عليهم أمرهم وإن كان كثيرا عددهم ، ظاهرا جلدهم، وإن فتحاً على المسلمين أن يفعل بهم ولم يتكلموا ، ثم مات ، فبكت عليه العرب جميعاً حتى كأنه كان لهم ولداً ، فلما بلغت وفاته معاوية كتب إلى أمصار المسلمين وأجناد العرب ينعاه لهم ، فبكى الناس عليه في كل مسجد ، وقام عبد الرحمن بالأمر بعد، وكان معاوية إذا رأى في الصوائف خلالاً قال : واسفياناه ، ولا سفيان لي . وكان سفيان لا يجيز في العرض رجلاً إلاَّ بفرس ورمح ومخصف ومسلة وترس وخيوط كتان ومخلاة ومبضع ومقود وسكة حديد ، توفي سنة اثنتين أو أربع وخمسين بوضع يقال له أشيم . وذكرخليفة أنه مات سنة ثلاث وخمسين ، وأبوعبيدة سنة اثنتين، والواقدي سنة أربع فاللهأعلم . غير أن الطبري ينقل عن الواقدي في حوادث سنة خمس وخمسين أنَّ سفيان بن عوف شتى بأرض الروم ، وهذا ما قال به أيضا خليفة بن خياط وابن خلدون (15) ، مما يدل على أن وفاته تأخرت إل ىسنة خمس وخمسين أو إلى ما بعدها ،والله أعلم. وحكى الواقدي عن رجل من قومه : أنه شهد بدرا ، وهو ابن إحـدى وأربعين سنة، ومات سنة ثمان عشرة وهو ابن ثمان وخمسين سنة . انظر ابن قتيبة ، المعارف : 247. وجاء فى الإصابة في ترجمة مالك بن وهب الخزاعي من طريق عبد العزيز بن أبي بكر بن مالك بن وهب الخزاعي عن أبيه عن جده أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث سليطا (16) وسفيان بن عوف طليعة (17) يومالأحزاب (18) ، فقتلا ،فدفنهما النبي صلى الله عليه وسلم في قبر واحد ، فهما الشهيدان القريبان ... ويقول ابن حجر رحمه الله بعد أن أورد هذا الخبر : قلت : في سنده من لا يُعْرَف (19) . أمَّا ابن خلدون فيصرِّح بأنَّ الذي كان مع سليط طليعة يوم الأحزاب يُدعى سفيان بن عوف الأسلمي (20). قلت : ولمَّا كان الأسلمي غير الغامدي صح ضعف الخبر الذي يفيد استشهاده يوم الأحزاب ، استناداً إلى قول ابن حجر من ناحية ، وإلى رواية ابن خلدون من ناحية أخرى ،


والله أعلم







إيضاحـــــات

:--
(1) ورد بهذا الاسم ، وباسم ابن حسان ، وباسم أشرس بن حسان .
(2) المسلحة : جمع مسالح وهي الثغور. وأصل المسلحة قوم ذوو سلاح . انظر ابن منظور ، لسان العرب : 3/2061 .
(3) النخيلة موضع قرب الكوفة، جرت فيه وقعة بعد فشل التحكيم بين علي ومعاوية ، فانفصل فروة بن نوفل الأشجعي بأصحابه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم يقاتلوه وهزموا جيشا لمعاوية بن أبي سفيان ، ثم أبى معاوية أن يعطي لأهل الكوفة الأمان حتى يكفوا أمرهم . كما خرج فيه أيضا على معاوية عبد الله بن أبي الحوساء ، فبعث إليه معاوية خالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة في جمع من أهل الكوفة فقتل ابن أبي الحوساء في جمادى سنة إحدى وأربعين. انظر: أبو زكريا الأزدي ، حاشية تاريخ الموصل :205، تاريخ خليفة بن خياط: 203.
(4) الأحجال ، جمع حِجْل وهو الخلخال . لسان العرب : 2/788 .
(5) الرُّعُث ، جمع رَعْث وهو ما عُلِّق بالأذن من قرط ونحوه . المصدر السابق : 3/1668.
(6) حمارَّة القيظ : شدة الحر . المصدر السابق : 2/990 .
(7) سورة المائدة من الآية رقم : 25 .
(8) هو: عبدالله بن عامر بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة . رضي الله عنه . من عظماء الصحابة ، وأمين الأمة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح". وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم سقيفة بني ساعدة : رضيت لكم أحد صاحبي : أبا عبيدة أو عمر، أما أبو عبيدة فسمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول :" لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح " . وأما عمر ، فسمعته يقول : \" اللهم أيـّد هذا الدين بعمر أو بأبي جهل \" . وهو الذي انتزع نصالا من جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم أحد بثنيتيه فسقطتا، فما رُئي أهتم كان أحسن من أبي عبيدة ، مات رضي الله عنه بالشام في طاعون عمواس .
(9) الصوائف ، جمع صائفة وهي الغزو فى الصيف ، وسميت غزوة الروم الصائفة لأن سنتهم أن يُغْزَوا صيفاً ويُقْفَلَ عنهم قبل الشتاء لمكان البرد والثلج . لسان العرب : 4/2538.
(10) صدر بيت من الرجز للأغلب بن جشم العجلي رضي الله عنه ، وعجزه : ثمت يذهبن ولا تجينا . انظر ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة : 1/71 .
(11) هو : عبدالله بن مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذافة بن بدر الفزاري . ويقال ابن مسعدة ابن مسعود بن قيس .
رضي الله عنه . كان في جيش سفيان بن عوف لغزو الروم ، وقاد الصوائف بعد وفاة سفيان . ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة : 2/359 ، ابن عبدالبر ، الاستيعاب في أسماء الأصحاب : 2/319 .
(12) هو : عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة . كان فاضلاً ، ولي الجزيرة ، وشهد صفين مع معاوية. وكان على الصوائف بعد موت سفيان بن عوف ، يقال بأنه مات من شربة شربها في آخر خلافة معاوية . انظر ابن حبيب البغدادي ، المنمق في أخبار قريش: 360 ، ابن حزم ، جمهرة أنساب العرب: 1/147 ، تاريخ خليفة ابن خياط : 181 .
(13) هو : يزيد بن معاوية بن أبي سفيان . ولي الخلافة بعد أبيه معاوية في رجب سنة ستين ، وتوفي بـ حوّارين من عمل دمشق سنة أربع وستين ليلة البدر في شهر ربيع الأول ، وهو ابن ثمان وثلاثين سنة ، وكانت ولايته ثلاث سنين وشهورا ، ومن أهم الأحداث التي جرت في عهده : مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لعشر خلون من المحرم سنة إحدى وستين ، ووقعة الحرة بالمدينة سنة ثلاث وستين . انظر ابن قتيبة ، المعارف : 351 ، تاريخ خليفة بن خياط : 236 وما بعدها .
(14) وفي مروج الذهب : أهون عليّ بما لاقت جموعهم يوم الطوانة من حمس ومن موم والشطر الأول من البيت الثاني فيه كلمة (مرتفقا) مكان ( في غرف ) . وعجز البيت الأول عند ابن خلدون : بالفدفد البيد من حمى ومن شوم . وكذلك صدر البيت الأول عنده يبدأ بكلمة (اتطأت) بدل (اتكأت) .
(15) انظر : تاريخ خليفة بن خياط : 223 ، تاريخ ابن خلدون 3/39 .
(16) سليط بن سفيان بن خالد بن عوف الأسلمي . رضي الله عنه ، له صحبة . وهو أحد الثلاثة الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم طلائع في آثار المشركين يوم أحد . انظر ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة : 2/69 ، ابن عبدالبر ، الاستيعاب في أسماء الأصحاب : 2/117.
(17) الطليعة : القوم يبعثون لمطالعة خبر العدو ، والواحد والجمع فيه سواء . انظر ابن منظور ، لسان العرب : 4/2690 .
(18) غزوة الأحزاب أو (الخندق) : جرت هذه الغزوة في شوال سنة خمس من الهجرة ، وقـد تحزب المشركون من قريش وغطفان ومعهم يهود على المسلمين . فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر في بني فزارة والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة، ومسعر بن رُخيلة بن نويرة بن طريف بن سُحْمة بن عبدالله بن هـلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تـابعه من قومه من أشجع . فلما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على
المدينة ، ويقال إن الذي أشار به سلمان الفارسي ، ولما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وأهل تهامة ، وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد حتى نزلوا بذنب نقمي إلى جانب أُحد ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف من المسلمين ، فضرب هناك عسكره والخندق بينه وبين القوم ، وأمر بالذراري والنساء فجعلوا فوق الآطام ، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مرابطا ، وأقام المشركون يحاصرونه بضعا وعشرين ليلة قريبا من شهر ، ولم يكن بينهم حرب إلا الرمي بالنبل ، ثم دعا عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومن جملة ما قال : " اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم " . فبعث الله على المشركين ريحا ما تجاوز معسكرهم وجنودا لله تفعل بهم ما تفعل، لاتقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء ، فعادوا خاسرين إلى بلادهم ، وكفى الله المؤمنين القتال . ونزلت فيهم سورة الأحزاب ، وفيها الآية : 25 ، حيث يقول الله تبارك وتعالى : { وردَّ اللهُ الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً } .انظر ابن كثير ، البداية والنهاية : 4/94 وما بعدها .
(19) ابن حجر ، الإصابة في تمييز الصحابة : 2/54 ، 360 ، 3/31 ، 338 ، ابن السائب الكلبي ، نسب معد واليمن الكبير: 2/485 ، تاريخ خليفة بن خياط : 180، 218 ، 223، تاريخ اليعقوبي : 2/169 ، 196 ، 229 ، 240 ، المسعودي ، مروج الذهب : 3/24، ابن عبدربه ، العقد الفريد :2/119 ، 330 ، 4/160 ، ابن الأثير ، الكامل في التاريخ :3/461، 501 ، 7/332 ، تاريخ ابن خلدون : 3/19 ، 20 ، 39 ، 85 ، 185 ، ابن جرير الطبري ، تاريخ الرسل والملوك : 4/261 ، 5/134 ، 234 ، 287 ، 299 ، الجاحظ ، البيان والتبيين : 2/239 ، المبرد ، الكامل فى اللغة : 1/13 ، وخطبة علي رضي الله عنه منقولة منه ، ابن حزم، جمهرة أنساب العرب : 2/378 ، ابن كثير ، البداية والنهاية : 7/332 ، الفتوح لابن أعثم : 3/413 ، 6/183وما بعدها .
(20) تاريخ ابن خلدون : 4/297 .


lh`h juvt uk stdhk fk u,t vqd hggi uki