يقول لوريمر في كتابه دليل الخليج
القسم التاريخي الجزء الخامس
استيلاء كعب على دورق سنة 1747م
أخذت قوة كعب في الازدياد السريع في عربستان وفي أو حوالي 1747م اغتصبوا دورق "فلاحية" الآن من جيرانهم الأتراك الافشار الذين كانوا القبيلة السائدة في هذا القطر وعاصمتهم دورق , ويعود انتصار كعب الى معونة والي الحويزة العربي ولفعالية أسالبيهم الحربية.
شيخ كعب سلمان أو سليمان 1737-1766م
ويرجع معظم الفضل في تقدم كعب في هذا الوقت الى مقدرة وطاقة زعيمهم الشيخ سلمان أو سليمان الذي تكاثر عددهم تحت زعامته كما تتكاثر أية قبيلة في عربستان تحت قيادة زعيم شعبي ناجح.
وتولى سليمان الزعامة عقب وفاة أخيه "طهماز خنفر" الذي قتل سنة 1735م وابن أخيه "بندر" الذي حكم من سنة 1735 الى 1737م ثم قتل واستمر عهده من 1737-1766. وفيما السنتين الأخيرتين من حكمه فقد شاركه في الحكم أخ آخر يسمى "عثمان".
واحتفظ سليمان باستقلاله منتفعاً بالنزاع بين السلطات الإيرانية والتركية , وهكذا أصبح بعد قليل حاكماً بدون منازع لبعض الأحياء المعروفة الآن بفلاحية والمحمرة بينما أمتد نفوذه بشكل ما الى الأهواز وجراحي وحتى هنديان.
حملة كريم خان الأولى ضد كعب سنة 1757م
وفي سنة 1757م قام كريم خان , وسلطته في فارس ماتزال في أولى مراحلها , بحملة على كعب بقصد إخضاعهم وإلزامهم بدفع الخراج. ولكن المتاعب في مناطق أخرى أكثر أهمية جعلته ينسحب بعد أن حصل على مبلغ بسيط كجزية.
المتاعب بين كعب والحكومة التركية وأول حملتين تركية انجليزية ضد القبيلة بين سنة 1758-1763م
لم يكن النجاح الجزئي الضئيل الذي انتهى إليه كريم خان ضد سلمان الا عاملا" لازدياد ثقة الشيخ في نفسه ولنمو ميوله العدوانية. والحقيقة الواضحة التي تبدو من خلال قيامه ببناء أول سفنه الكبيرة في العام التالي مباشرة هي أن هذه الحملة الإيرانية ضده هي التي اوحت إليه بأهمية حيازته لقوة بحرية.
وفي سنة 1761م تحرك الترك شأنهم شأن فارس من قبل ضد كعب وحققوا بمساعدة الانجليز نجاحاً مؤقتاً , ولكن في سنة 1762م حاصرت كعب البصرة من البحر وغزت الأحياء التركية في البر الغربي لشط العرب وتلت تلك حملة انجليزية تركية وكانت أيضاً فاشلة.
كريم خان 1763-1799 (1)
تجدد العدوان بين كعب من جانب والترك والبريطانيين من جانب أخر سنة 1765م. بعد محاولة أخرى لقهر القبيلة بذلها كريم خان.
حملة كريم خان الثانية ضد كعب سنة 1765م
في أوائل مايو 1765م كان كريم خان يعسكر في كوبان بعربستان مع قوة كبيرة. وكان قد طلب تعاون الترك معه ضد كعب فوعدوه بذلك لكنهم لم يستطيعوا تقديم أي عون مستعجل. وبسبب ذلك تمكن الشيخ سلمان من تضليل كريم خان وعبور قنوات الماء بأسطوله المكون من 10-12 مركب حربي و70 داناكه تجارية واحدة بعد الأخرى حتى وصل سالما" الى الأرض العثمانية على البر الغربي لشط العرب.
ولما تأخر وصول الترك صرف الوكيل , وذلك كان لقب كريم خان , النظر عن الحملة في نفس الوقت الذي كان الترك قد أكملوا استعداداتهم , وكانوا على وشك التحرك من البصرة. وحوالي منتصف مايو قسم الوكيل قواته مرسلاً قسماً منها ليشترك في العمليات التي بدأت حينئذ بقيادة اللواء "أمير" كونه خان ضد "مير مهنا" زعيم القراصنة في ريق.
وعلى أي حال فقد تمكن كريم خان , بجانب تدمير دورق التي وجدها مهجورة , من إنزال ضرر بالغ ودائم بالقبيلة الثائرة.
ومعروف أن أراضي كوبان , التي كانت عاصمة كعب في عربستان , تبدو كما دل على ذلك تحليل حديث لتربتها أنها تروى من قناتين مستمدتين من نهر القارون , الأولى تترك النهر عند جدول ماريد وتصب في نهر خور كنكه قرب كوبان بينما الثانية وتعرف بأسم "السلمانية" غالبا" نسبة الى الشيخ سلمان نفسه تنبع قرب جزيرة بنفس الاسم وكان مورد الماء للقناة الأولى يعتمد على خزان من البناء الحجري مازالت بقاياه ترى قرب جدول ماريد. وأمام ماريد على الشاطئ الأيمن لقارون كانت توجد مستوطنة لكعب تسمى "السبلة" ينسب إليها ذلك الخزان. وفي أثناء هذه الحملة قام كريم خان بهدم الخزان مؤثراً بذلك في رخاء كوبان , كما أباد مستوطنة لم يسمع عنها شئ في التاريخ التالي لقبيلة كعب. ومن المحتمل أن يكون انتقال عاصمة كعب من كوبان الى الفلاحية قد حدث في ذلك الوقت.
الحملة الانجلو تركية الثالثة ضد كعب وتعديات تلك القبيلة على السفن البريطانية سنة 1765م
ضمن الأتراك معونة البريطانيين في البصرة , ولم يكونوا راغبين في النكوص عن الحملة المرسومة ضد كعب لمجرد انسحاب الإيرانيين من الأمر , لكنهم نفذوا هذه الحملة بمنتهى التراخي وحتى بدون أ ن يعبروا شط العرب الى أرض العدو , أو يستفيدوا من قطعة بحرية بريطانية استأجروها حتى أنهم في الواقع تحملوا خسائر أكثر مما أوقعوا بالعدو. وقبل أن بقفل الأتراك عائدين الى البصرة جرى الاتفاق على سلام شكلي بينهم وبين كعب , لم يرد فيه ذكر ما للانكليز.
كما أكد شيخ كعب ذلك فيما بعد.
ولم يمض غير وقت غير قصير حتى دوى في أوروبا اسم سليمان , الذي أحنقه جداً سلوك الانجليز العدائي ضده فشن على غير انتظار غارة جريئة لم بسبق لها مثيل في الخليج العربي ضد السفن البريطانية.
استيلاء الكعبيين على السفينة "ساللي":
على أثر فشل الحملة الانجلوتركية انتاب الخوف الممثلين البريطانيين في البصرة , ولكن ما أن ثاب لهم رشدهم حتى أرسلوا يختاً تابعاً للشركة الى "خارج" وصلها حوالي 20 يونيه ليكون بمثابة إعلان عام بعدم وجود أي خطر من كعب. وفي العاشر من يوليو شوهد جزء من أسطول كعب بالقرب من "خارج" متحدا" على مايبدو مع أسطول مير مهنا الذي لم يكن عادة على وفاق مع الشيخ سلمان , ولكنه بات يشابهه الآن في الحرب ضد الإيرانيين , وفي ادعاء المظالم من الانجليز.
وفي الثامن عشر من يوليو بينما كانت "سالي" وهي سفينة ذات شراعين من مدراس تصعد لشط العرب في طريقها الى البصرة التقت بعد زوارق لم يلق إليها ضابط المراقبة بالا , ولكن فجأة قفز منها عدد من رجال كعب وألقوا بأنفسهم على سطح "سالي" في صيحات عالية واستولوا عليها حتى قبل أن يفيق القبطان ويغادر قمرته.
كعب تستولي على يخت انجليزي في 19 يوليو 1765م
وفي نفس الوقت وصل للنهر يخت الشركة الذي كان قد غادر "خارج" في التاسع من يوليه في حراسة "فورت وليام" وهي سفينة شراعية ذات ثلاثة أشرعة خوفاً من مير مهنا. وفي اليوم
التالي للاستيلاء على "سالي", حوصر اليخت واستولى عليه رجال كعب عندما كانوا يهبطون في النهر عائدين بغنيمتهم.
كعب تستولي على السفينة "فورت وليام" 19 يوليو 1765م
ولكن نجاح العرب لم ينته بهذا , فعند مصب النهر , صادفوا "فورت وليام" نفسها التي أراد ربانها عند رؤيته لمركبتين في كامل سلاحهما الرجوع الى الخليج لتجد مجالا أرحب. ولكنها للأسف جنحت للشاطئ. وعندما شاهد الكعبيون ما حصل , انتظروا حتى أنحسر الجزر ومالت السفينة على جانبها مما أفقد مدافعها وظيفتها , فصعد إليها الكعبيون واستولوا عليها , آسرين جميع أفراد طاقمها. وكان الرحالة نيبور قد تخلف في آخر لحظة عن ركوب الباخرة من "خارج الى "البصرة".
ولولا ذلك لكان قد أضاف فصلاً شيقاً عن الحادث في كتابه. وعند ارتفاع المد قام الكعبيون بتعويم "فورت وليام" وساروا بها ومعها السفينتان الأخريان الى كوبان غالباً عن طريق خور موسى وخور كنكه. وقد قدرت قيمة المركبين وشحنتهما بمبلغ 390,930 روبية.
وعلى الفور قام وكيل الهند الشرقية , السيد ريتس بالاتصال بمتصرف البصرة على افتراض أن "كعب" هم رعايا الباب العالي مطالباً بالتعويض. وقبل المتصرف الموقف وبعث رسولاً الى الشيخ سلمان بخطابات منه ومن الوكيل.
وجاء رد الشيخ في 26 يوليو مقرراً أن لديه مطالبات طرف شركة الهند الشرقية ناشئة عن أعمال مقيمهم السيد "شو" ووكيلهم السيد "برايس" واتهم الأول بأنه استولى على أراض من أملاك رعاياه في "ماجيل" و"السيلك". ولكن هذا كان ادعاء باطلاً لأن الأرض موضع الاتهام كان معروفا" أن السيد "شو" أشتراها من أصحابها الشرعيين. ولكن الوسيط نجح في أطلاق سراح القبطانين "فيلبس" و "هولاند" وجميع طاقميهما مقابل إرسال معاهدة سلام بين الطرفين على الأسس القديمة بين الشركة المحترمة وبين الشيخ. ورفض الشيخ أعادة السفن المأسورة حتى يتم التصديق على المعاهدة , وإعادتها إليه من حكومة بومباي.
ولكن الوسيط الذي اعتبر المعاهدة مع الشيخ مجرد شكليات نافعة في تخليص رجالنا من بين يديه اتجه الى مناقشة الموقف مع السلطات التركية التي وعدت بمهاجمة كعب برياً بشرط أن تحميها قوة بحرية بريطانية , كما وافقت على أن يحصل البريطانيون بمقتضى هذه الشروط على نصف الغنائم بخلاف المراكب المأسورة التي تعود كاملة في حالة استردادها الى ملاكها.
وأرسل الوكيل والمجلس الى حكومة بومباي مؤكدين بشدة على موضوع ما سوف ينشأ من أخطار ومتاعب على التجارة إن لم يوقف الشيخ عند حده سريعاً وأوصوا بإرسال اثنين على الأقل من الطرادات الرئيسية مع "النسر" أو أي سفينة تعوم في الماء الضحل وأربع أو أكثر من سفن "جاليفات" الخفيفة التي ستشهد الحاجة إليها لمطاردة الشيخ في الخور , وختموا بترك الأمر في النهاية لحكمة وتقدير المجلس الموقر.
وفي خلال شهر سبتمبر 1765م شغل الكعبيون أنفسهم بقطع سباطات البلح من النخيل في المناطق التركية جنوبي البصرة مباشرة. وتبعهم في ذلك قبيلة "المنتفك" التي تحركت الى هذا الأقليم متذرعة بحجة الدفاع عنه ضد "كعب".
تعليق: أطلق الشيخ سلمان سراح جميع الأسرى البريطانيين من غير أن يمسهم أي سوء وهذا دليل على نبل وسمو أخلاق هذا الشيخ وذلك في مقابل معاهدة سلام بين الطرفين , وأن يتم التصديق عليها ثم تعاد السفن البريطانية المأسورة , ولكن لاحظ عزيزي القارئ الكلمات التالية "الوسيط أعتبر المعاهدة مع الشيخ مجرد شكليات نافعة في تخليص رجالنا من بين يديه" , المستعمر لديه كافة الوسائل متاحة من كذب وغدر وخيانة ليصل الى مبتغاه , وهي وسائل مشروعة بنظرهم , بينما كان كل مايطلبه الشيخ سلمان هي معاهدة بينه وبين الشركة تقوم على أساس الأحترام بين الطرفين , وما أشبه اليوم بالبارحة في حين يلتزم المسلمون بالمعاهدات الدولية نجد الغرب وعلى رأسهم أمريكا يضربون بهذه المعاهدات التي خطوها هم بأنفسهم عرض الحائط فلا تقيم خصوصية لأي دولة وتعطي لنفسها حق التدخل في شئون الغير فهاهم يعترضون على أنتخاب حكومة حماس المسلمة رغم أنها خيار الشعب الفلسطيني وعن طريق الديموقراطية التي يريدون نشرها !!! , نعود لموضوعنا هذا ما جعل بني كعب يكنون الكره الشديد للأنكليز , ويشتبكون معهم في كذا مناسبة بل وأنزلوا بهم الهزائم الشنيعة كما هو مذكور بدليل الخليج.
الحملة الانجلو – تركية الرابعة ضد كعب سنة 1766م
تصرفات وأوامر حكومة بومباي في يناير سنة 1766م
ويبدو أن حكومة بومباي قد قدرت خطورة الموقف. فأنها في بداية يناير سنة 1766م استجابت لمقترحات الوكيل والمجلس , وأرسلت قوة حربية بحرية الى الخليج بقيادة القبطان "ليسلي بابلي" والقبطان "جون بريور" تألفت من "الجراب بومباي" و "الكتش سكسس" والفرقاطتين "دولفين" و "تايجر" و "الجلفاط" وولف وناقلة الجنود "فيمّ وهي سفينة مستأجرة خصيصا" , ومعهم 50 جنديا" أوروبيا" من المشاة و15 جنديا" من المدفعية و150 جنديا" هنديا" و25 من البحارة والخدم والهنود.
وأبحر القبطان "بابلي" ومعه تعليمات بضرب حصار بحري على طريق "كعب" للبصرة , بوضع بعض من مراكبه في المراكز المناسبة.
وتضمنت التعليمات التي أرسلت الى الوكيل وللمجلس ضرورة قيامهم بتوجيه طلب مباشر الى "كعب" , بمجرد أتمام الحصار , بضرورة إعادة السفن البريطانية وشحناتها مع التعويض عن مدة حجزها والتكاليف التي تكبدتها الشركة في إرسال الحملة البحرية , فإذا قبل الشيخ بتلك المطالب , فان ذلك يكون مقروناً بتعهد من قبله بأن لايعاكس تجارة الشركة. وتلتزم الشركة من جانبها بأن لاتعود للتدخل في أي نزاع بينه وبين جيرانه. وإذا ظهر أن الشيخ لايسلك مسلكاً عملياً , فعلى الوكيل أو المجلس أن يلجأ للأتراك لاقتراح عمل مشترك ضد كعب , على شرط أن تكون القوات التركية مستعدة للتحرك فوراً , وأن يوافق الموظفون الأتراك على اتخاذ الإجراءات المرضية للوفاء بدين كبير مستحق للشركة على من يسمى " الحاج يوسف" , ولكن إذا لم تتحقق هذه الشروط فأن على القوات البريطانية "أن تتحرك بمفردها وأن تتبع أكثر الوسائل فعالية لأسترداد سفنها وتدمير سفن الكعوب".
الإجراءات التي اتخذها الوكيل والمجلس بالبصرة لدى وصول الحملة في مارس – مايو 1766م
وصل القبطان "بايلي" والسفن التي تحت قيادته الى بوشهر في العاشر من مارس 1766م , وغادرها في طريقه للبصرة في الثالث عشر منه. ويبدو أنه نظراً لاعتقاد الوكيل والمجلس بأن السلام بينهم وبين كعب لن يحقق الأمن للتجار بل سوف يضر بعلاقتهم بالأتراك , وبالنظر أيضاً لوعدهم الباشا والمتسلم بالاعتماد على معونة بريطانية , ولما كانوا يرون أن القوات البريطانية أضعف من أن تقود عمليات برية دون حلفاء. لذلك كله أخذوا على أنفسهم مسئولية إغفال التعليمات التي وصلتهم من بومباي , بالتفاهم مع كعب وحدهم ابتداء , وعلى ذلك فقد اتجهوا مباشرة لترتيب معونة الأتراك الحربية. ويبدو أن اشتباكاً واحداً فقط حدث بين الحملة البريطانية وأسطول كعب. فالأخير احتياطاً للأسوأ لجأ بكل سرعة ومهارة الى التواجد قريباً من "دورق" حيث يأمن من الغارات البحرية. أما الأتراك فكانوا كالعادة بطيئ الحركة. وبناء على اقتراح المتصرف أرسل الى شيخ بوشهر لتقديم المعونة , ولكن لم يرد منه أي جواب ما. بيد أنه قبيل نهاية شهر مايو تجمع معسكر تركي في مكان ما جنوبي البصرة , وفي نفس الوقت وصلت من الخليج السفينة "تارتر" وأرسلت لترسوا بجوار المعسكر , وتجمع الجزء الأكبر من القوة البريطانية في أو بجوار خور موسى وكانت تحت قيادة القبطان "اندرونيس" بسبب مرض الرئيس "بايلي" الذي توفي بعد ذلك بعدة أسابيع.
فشل هجوم بريطاني على قلعة منصور مايو 1766م
وقرب نهاية مايو أرسل القبطان "نسبت" , الملازم "دوتون" مع عدة زوارق مسلحة لارتياد واختبار نهر "دورق". وكانت النتيجة اكتشاف عدة سفن وطنية راسية بدون قلوعها العليا في خور صغير قريب من طابية حديثة الإنشاء تسمى "المنصور". ومع أن القبطان "نسبت" كان يخشى أنه لايستطيع عمل شئ دون معونة الأتراك فقد أرسل "سكسس" و"دولفين" و "وولف" ومعهما لنش والصندل "بومباي" وزورقان أو ثلاثة مسلحة لتدمير السفن المكتشفة. وهي مهمة أديت بنجاح , ولكن محاولة الاستيلاء على الطابية نفسها فشلت "بسبب الافتقار الى الماء والرجال لجر المدافع حيث أنها تبعد سبعة أميال عن مكان رسوهم" وانتهت العملية بالانسحاب في منتصف الليل , وأسفرت عن خسائر طفيفة تشمل مقتل الملازم وواحد من رجال المدفعية الأوروبيين وجرح أربعة آخرين.
مفاوضات الوكيل والمجلس مع الكعبيين والأتراك والإيرانيين مايو – يونيو 1766م
وقبل أن يقع ذلك الفشل كان شيخ كعب قد أرسل الى الوكيل والمجلس بالبصرة مقترحاً لأجراء تسوية. ورداً على ذلك ابلغ بالمطالب البريطانية , ولكن لم ينشأ أي اعتقاد في جدية رغبته في التسوية.
وحاول الوكيل والمجلس بدون نجاح حمل متصرف البصرة على الهجوم بقواته لكنه أحتج بأن عليه انتظار المدد المحتمل إرساله من بغداد. لكنه بعد وصول الأنباء عن فشل البريطانيين مال للتحرك على أساس أن "الكيخيا" كان في طريقه من العاصمة مع قوة من الجند , وهو ماثبت فعلاً. ومن المحتمل أن رضوخ الترك للتحرك في النهاية كان راجعاً الى إعلان الوكيل بأنه أذا استمرت خدمات الكتيبة البريطانية لما بعد شهر يونيه وجب أن تدفع لها الحكومة التركية بمعدل آلف تومان كل شهر وكان هذا مصدر قلق الباشا خشية أن يترك لمواجهة "كعب" منفرداً , أو أن تسحب الشركة مفوضيتها من البصرة كما كانت تهدد أيضاً , حتى انه قبل هذه الشروط الاضطرارية , وأخيرا" وصل "الكيخيا" أو "محمود" آغا الى البصرة ومعه 1500 رجل , وبعد أيام لحق بالمعسكر , معفياً المتصرف ليس فقط من قيادة القوة البحرية ولكن أيضاً من معظم الأشراف الإداري والسياسي.
وأرسل الوكيل الى "كريم خان" خطاباً يرجوه فيه أن لايؤوي إليه أي لاجئ كعبي , ولكنه لم يتلق رداً على رسالته تلك.
تقدم الأتراك في عربستان يوليو –أغسطس 1766م
من المستحيل تتبع تحركات القوات المهاجمة لعربستان على وجه الدقة , ولكن يبدو أنه بينما تحرك البريطانيون من جانب خور موسى , فأن الأتراك أقاموا قاعدتهم في مكان ما على نهر قارون. ومن أوائل الإجراءات التي قام بها القائد التركي هي أمره قبطان باشا بأن يبحر بمراكبه الى كوبان حيث وصلها سالماً مصحوبا" بالمركب البريطاني "وولف" وكان الأثر المعنوي لظهوره كبيراً جداً حتى أنه لم تحل فقط الحامية الكعبية عن طابية كوبان بلا مقاومة , ولكن قبيلة كاملة من رعايا الشيخ سلمان الذين كانوا يعتبرون خيرة فرسانه هجرته ولجأت الى المعسكر التركي والبعض الى السفن البريطانية سائلين الحماية لهم ولعوائلهم. وكان الظن أن شيخ كعب يواجه مصاعب كبيرة جداً حتى لقد قيل إن قواته كلها ستهجره لولا أنه يبقي زعمائها باستمرار تحت بصره , وأنه يوقع بهم أيشع ضروب البربرية لأي شك بسيط. وساد اعتقاد عميق بأنه إذا تقدم الترك لداخل البلاد فأن الشيخ سيستسلم. ولكن القائد التركي بدأ يكشف ذرائع لتأخيره. وفي ذلك الوقت قدم الشيخ سلمان عروضاً جديدة للسلطات البريطانية , واستخدمت هذه العروض لحث الكيخيا الذي لم يكن يرغب في أية تسوية في هذه المرحلة على القيام بأجراء قوي. وفي النهاية دفع الى التقدم ضد كعب ووعد بأن يسير حتى يبلغ خور موسى ويعسكر بجوار الأسطول البريطاني.
تحطيم السفينة ساللي والسفينة فورت ويليم 23 أغسطس 1766م
وفي الثالث والعشرين من أغسطس , ولم يكن تحقق بعد اتصال بين القوات التركية البرية والبريطانية , أقنع الكابتن "نيسبت" ليقابل "غانم" نجل شيخ كعب على الشاطئ على بعد ميل مما يسمى"الطابية السفلى" حيث كانت ترسو "ساللي" و "فورت ويليم" السفينتان البريطانيتان المأسورتان.
لكن "غانم" بدلاً من أن يقترح شروطاً معقولة تصرف بسفاهة مع الكابتن "نيسبت" , الذي أحس من جملة شواهد أن هناك مذبحة تدبر له ولقواته لذلك بادر هو وهاجم العرب. وفي هذه المعركة التي بدأت في الساعة الخامسة بعد الظهر فقد البريطانيون أوروبياً واحداً وجرح خمسة أوروبيون وثلاثة هنود ومن الجانب الأخر جرح "غانم" نفسه جرحاً بالغاً كما قتل وجرح عدة شيوخ وغيرهم. وفي العاشرة من مساء نفس اليوم حاول الكابتن "نيسبت" أسترجاع "ساللي" و "فورت ويليم" بالصعود إليهما ولكن العدو تمكن في أخر دقيقة من إشعال النار فيهما. فلم يكن أمام البريطانيين بعد ذلك الا أن يتأكدوا من دمارهما التام بالبقاء بجوارهما حتى أكلتهما النار تماماً.
أما الوكيل والمجلس اللذان سبق أن أعطيا أوامر بأن كل شخص يتقدم للتفاوض للسلام بأسم كعب , يجب أن يرسل تحت حراسة مأمونة الى البصرة , فقد وجها اللوم للقبطان "نيسبت" بالتفاوض مع "غانم" نفسه , وخاصة في مثل تلك الظروف الخطيرة ولكنهما وافقا على " أنه نظراً لما أبداه الرجال العاديون من شجاعة في المعركة فأن بعض الأسلاب التي غنمت في تلك العملية يجب أن توضع تحت تصرفهم ولمنفعتهم على مؤخر المركب بصفة علنية".
"تعليق" : يبدو من جملة ما كتبه لوريمر عن المكيدة التي يتهم فيها غانم بتدبيرها أن النية كانت مبيتة لدى الجانب البريطاني من أجل الحفاظ على ماء وجههم وتحرير السفن المأسورة من قبل الكعوب , فأصابة غانم البليغة ومقتل بعض شيوخ العشائر مقابل مقتل جندي واحد من الطرف البريطاني دليل على أن المكيدة كانت مدبرة من جانب بريطانيا.
وكلمة أن غانم تصرف بسفاهة, هذا مايقوله البريطانيين أذا وجدوا من يعاملهم معاملة الند للند , فهم متعودين في تاريخهم الأستعماري الطويل ليومنا هذا على معاملة غيرهم بتكبر وسفاهة لايرون ولايسمعون الا رأيهم , ومافعله الكعوب فيهم هي سابقة لم تحدث من قبل كما ذكروا في ملخصاتهم ومذكراتهم.
التجمع عند مقر قيادة الكعوب سبتمبر 1766م
وفي 30 أغسطس بعد تلك الحادثة أحضر القبطان "نيسبت" المراكب الصغيرة التركية من كوبان حيث كان المعسكر التركي وكتب الى الكيخيا الذي كان على مايبدو في مكان أخر ليسير براً الى طابية "كعب" السفلى.
وفي نفس الوقت كانت هناك قوة بحرية تحت قيادة القبطان "بريور" ملحقة بفرقة بحرية تحت قيادة الملازمين "هول" و "سميث" تسير مصعدة في النهر , وهو غالباً خور دورق , ومعهما ذخائر للمدفعية , وباختصار بدأت عملية تركيز عامة غالباً ضد المركز الرئيسي لكعب أو قرب مدينة الفلاحية الآن. وعقب هذا الاتصال أرسل الكيخيا الى الوكيل البريطاني في البصرة يرجوه أن يحضر شخصياً الى الموقع. وفي الحال بدأ السير "ريتش" السفر , ولكن قبل وصوله أصاب القوات المتحالفة حادثان هامان.
تدمير المواعين التركية سبتمبر 1766م
أما المصيبة الأولى فوقعت على الترك فقد أحرق العدو "كعب" تسعة مراكب من أصل أثني عشر مركباً لهم من بينهما مركب القيادة. ويعود الحادث الى إهمال الترك "في عدم إرسال الكشافة اللازمين". وشملت الخسارة ضياع كل بارودهم ومعظم ذخيرتهم الأخرى. وبعد هذه الحادثة ولعدة ليال متتابعة حاول الكعبيون الاستيلاء على المواعين الباقية , ولكن الفرقاطات البريطانية ردتهم على أعقابهم في كل محاولة , بعد تكبيدهم خسائر كبيرة. وفي ليل السابع عشر من سبتمبر هاجم الكعبيون الفرقاطات نفسها بقوة قدرت بألف مقاتل. ولكنهم ردوا على أعقابهم وتتبعهم الترك على الخيول وعلى الأقدام وقتلوا وأسروا عدداً كبيراً منهم.
وفي نفس الوقت فاجأ الكعوب أحد الصنادل التابعة للأسطول البريطاني فدمروه وأحرقوه , بعد أن أخلد أثنين من ملاحيه للنوم , و20 جنديا" هنديا" على ظهره للنوم غير أنه لم يقع سوى واحد من هذه الفصيلة في أيدي الكعبيين الذين أعادوه في اليوم التالي الى المعسكر بعد أن قطعوا يده اليمنى وأنفه وأذنيه , وهو نوع من القسوة تبادله الطرفان على طول المدي.
بطء الأتراك:
والظاهر أن النقيب "بريور" زار يوم 18 سبتمبر المتصرف مقترحاً شن هجوم على حصن الأعداء , وهي الفكرة التي كانت مستحسنة أولا. ولكن قدوم الشيخ درويش أحد الأعيان الرئيسيين غير كل شئ فقد كانت لديه أسباب للاعتقاد بأن لدى الكعوب أنباء وصلتهم في نفس الليلة. وفي النهاية طلب متسلم البصرة من النقيب "بريور" أن ينتظر ثلاثة أيام لأنه يتوقع مساعدة الإيرانيين , ولكن هذا الضابط الذي بدأ ييأس حتى من المساعدة التركية أعد أخشاباً لصنع سلالم للتسلق وأعد باقي الترتيبات استعداداً للهجوم بدون أية مساعدة.
غياب طبيب القوة البريطاني:
ونظراً لمرض طبيب القوات البريطانية فقد طلب النقيب "بريور" بديلا" له من البصرة. وأستطاع المجلس هناك بعد لأي أن يحصل على خدمات طبيب دار المقيم الفرنسي بأجر قدره ثلاثة فرنكات يومياً بالإضافة الى الغذاء وعلاوة خاصة لخادم أو مترجم.
فشل الهجوم البريطاني على كعب 23 سبتمبر سنة 1766م وإقلاع القوة البريطانية:
وفي يوم 23 سبتمبر وهو نفس اليوم الذي وصل فيه الوكيل البريطاني على ظهر "تارتر" الى دوراكستان. ونعني بها خور موسى غالباً , حدث هجوم بريطاني سئ الحظ جداً على حصون "كعب". ويبدو أنه حصل دون معاونة الترك. وانتهى هذا الهجوم بفقد النقيب "بريور" وأثنين من الملازمين ورقيب وثمانية عشر آخرين في الموقع علاوة على 32 آخرين جرحوا جروحاً خطيرة , بخلاف استيلاء العدو على المدافع التي أنزلت للبر ومعها 13 صندوقا" من الذخيرة.
وبعد هذه الكارثة وبناء على تعليمات من السيد "ريتش" , الذي أقتنع بعدم جدوى مواصلة الإبحار في الخور على أساس أن كلا الشطين تحت سيطرة العدو "كعب" وأن حضوره لن يحقق غرضاً نافعاً , أبحرت القوة البريطانية كلها فيما عدا ستة من المدفعيين تركوا مع الأتراك لمساعدتهم في قذف القنابل.
انسحاب الترك من الحملة أكتوبر سنة 1766م
وفي هذه المرحلة من العمليات وصل رسل كريم خان الوكيل البريطاني الى الميدان بخطابات الى الكيخيا والى الوكيل البريطاني تطلب الكف عن العدوان على الكعوب الذين هم رعاياه والانسحاب من الأراضي الإيرانية , ولكنه وعد في نفس اليوم بأن يلزم "كعب"بأداء تعويضات عن الخسائر التي أوقعوها بالبريطانيين والترك وقد فتح الكيخيا الخطاب وبقى لبعض الوقت مرتبكاً يخفي الأمر عن الوكيل رغم أنه تسلم الخطاب من ضابط بريطاني لأحالته. ولكنه أبلغ محتوياته الى الوكيل الذي عاد وقتها للبصرة وأخبره أنه سيستجيب الى طلب الإيرانيين حيث أنه أن لم يفعل فقد تنشب الحرب بين إيران وتركيا. وانسحبت القوة التركية من حول "كوبان" عاصمة الكعبيين.
تعليق: يذكر المؤرخين الأوروبيين لتاريخ الخليج العربي أن قبيلة كعب لم تخضع لأحد وكانت دائماً ما تحاول الأيقاع بين القوى الفارسية والعثمانية ففي حال وجود هجوم فارسي تعلن تبعيتها للعثمانيين والعكس ولعلنا نقتطف ماذكره السير ارنولد ويلسون في كتابه "الخليج العربي- مجمل تاريخي من أقدم الأزمنة حتى أوائل القرن العشرين" "ظل بنو كعب غير خاضعين لأحد واستمروا لفترة طويلة شوكة في جنب الأتراك والفرس والانكليز بالدور". وظلت أمارتهم عربية مستقلة حتى الأحتلال الفارسي لها عام 1925م
انتخاب المستر سكيب الى الكيخيا 10-16 أكتوبر 1766م:
وعقب استلام خطاب الكيخيا انتدب الوكيل والمجلس واحدا" منهم هو المستر "سكيب" لزيارة الكيخيا والاحتجاج على قراره وليشرح له بأن البريطانيين ينتظرون من الترك التعويض وأنهم لاشأن لهم بالإيرانيين. وقد أقلع المستر "سكيب" على ظهر "تارتر" في 10 أكتوبر قاصدا" خور موسى لكنه عندما علم أن الكيخيا كان في "كوبان" , ترك الباخرة وتوجه هناك عن طريق نهر قارون.
وقد أكد الكيخيا لمستر "سكيب" أن انسحابه مؤقت انتظاراً لوصول ردود من باشا بغداد كريم خان على ماأرسله إليهم , وأن مجلس أعيانه كان مجمعاً على ضرورة ذلك. ولكنه رجاه بأن تبقى مراكب البريطانيين حيث هي على أن يستمر تحمل الأتراك لتكاليفها كما تعهد بالوفاء بالوعود الخاصة التي قطعها الوكيل في البصرة بالنسبة للمعونة الممنوحة للأتراك. واعتذر عن حجبه خطاب كريم خان عن المستر "ريتش" وأعطاه الآن للمستر "سكيب" , معللاً ذلك بأنه كان يخشى إساءة نقله. وأعلن الكيخيا أنه في خلال بضعة أيام سينقل معسكره الى مصب قارون حيث يأمل أن يشرفه الوكيل باللقاء. وعندئذ يمكن أن يسوي معه كل النقط بما يكفل تحقيق منتهى الرضا منه.
وعاد المستر "سكيب" الى البصرة في 16 أكتوبر وقدم تقريره في اليوم التالي.
انتداب المستر "هولمبي" المقترح الى الكيخيا في 19 أكتوبر سنة 1766م:
وفي 19 أكتوبر وبالنظر لمرض المستر "سكيب" , تقرر إيفاد المستر "هولمبي" الى الكيخيا ليوضح له بكل جلاء مسئولية الترك عن تعويض الخسائر التي لحقت البريطانيين من "كعب" , وليلح في ضرورة الوفاء الكامل بأقساط معونة الكتيبة , وليصرف النظر عن اللقاء مع الوكيل على أساس أنه غير ميال له , ولكن نتيجة هذه المساعي ظلت غير مؤكدة.
المفاوضات التي تلت والحصار الفاشل سنة 1766-1769م
إرسال حكومة بومباي للإمدادات في يناير 1767م
تحققت حكومة بومباي من خطورة الموقف الناشئ عن هزيمة الحلفاء من قبل الكعوب , وقررت عندما علمت بما جرى أن تأخذ بأسرع وأنجع الوسائل لأسترداد الدين الذي لنا وإعادة الأمور الى وضع يمكن أن ترضى عنه قوتنا عند عودتها الى الرئاسة بعد الحجز الطويل الذي أدى في الخليج الى أبلغ الأضرار بسادتنا المحترمين هنا وسبب كثيراً من المضايقات لأعمالهم , وتبعاً لذلك أرسلوا الى البصرة في يناير سنة 1767 السفينة "سال باي" , و"ديفانس" و "سلر مندر" و "ايجيل" وباخرة تجارية مؤجرة حملت المؤنة . وعلى هذا الأسطول أبحرت نجدة بحرية تتكون من بطارية كاملة من المدفعية الأوروبية وضابطين وثلاثين جندياً وخمسة وسبعين جندياً هندياً.
فشل البريطانيين في الحصول على نتائج مرضية من ثوار كعب 1767-1768
ولكن الرئاسة اعترضت على أية حال على استمرار الحرب مع البريطانيين دون حلفاء محليين كافين. وأدت التعليمات التي أصدروها بالاتصال مع سفارة أرسلها وقتئذ كريم خان الى بغداد والبصرة الى أن تنتقل تسوية قضية "كعب" الى شيراز لتعلقها بتاريخ الشاطئ الإيراني. واستمرت المفاوضات في العاصمة الإيرانية وعهد بها الى المستر "سكيب" من ابريل الى سبتمبر سنة 1767. وانتهت بأتفاق الوكيل بأن يدفع خمسمائة آلف روبية الى شركة الهند الشرقية بشرط إعارته معونة فعالة ضد القرصان "مير مهنا" من خارج كتعويض عما سببته "كعب" من أضرار من بينها تكاليف الحملة. لكن التفاهم لم يدم طويلاً بسبب فشل الهجوم البريطاني على بلدة "خارج" في مايو ,1768 ولسوء التوقيت في استدعاء المستر "سكيب" من بعثة ثانية الى شيراز في سبتمبر التالي. وكان المسئول عن إساءة التوقيت هو الوكيل البريطاني في البصرة المستر "مور" فقد انتهى التفاهم.
الحصار البحري لكعب (1766-1768م)
ورغماً عن المفاوضات السياسية المشروحة في الفقرة السابقة , فأن الحصار البحري الذي فرض على كعب منذ بدء الحرب , استمر فيما يبدو لمدة سنتين , وفي أكتوبر سنة 1767 عندما أرسلت الباخرة التاعسة "ديفيانس" وغيرها في حملة ضد هرمز كانت المدمرة "بومباي" والفرقاطة والجالبفات باقية في شط العرب لهذه الخدمة. وفي بداية فبراير سنة 1768 كان مصب قارون مايزال مراقباً بفرقاطتين وجاليفات وبعض المواعين التركية الصغيرة.
وفي أكتوبر سنة 1768 خفت فيما يبدو حدة الحصار لأن الوكيل البريطاني والمجلس في البصرة قررا أن "الكعبيين" كانوا يبنون طوابي على جانبي النهر من شط العرب فيما يبدو , وأن الأتراك كانوا في مركز لايسمح لهم من منعهم وأنهم أنفسهم انتهوا الى عدم التدخل , ولكنهم عزموا على إبقاء نصف الكتيبة البريطانية في البصرة كاحتياط وقائي.
على أن الكتيبة كما يجب أن نذكر وصلت الآن الى حالة مؤسفة من الكآبة بالنسبة لرجالنا أو مخازنها حتى أن الوكيل والمجلس خشيا الى أن يضطرا الى توفير الطرادات الصغيرة حتى يمكن تحصين وتموين الطرادات الكبيرة. وفي نفس الوقت تجرأ "الكعبيون" وأرسلوا شحنة "فورت ويليم" للبصرة حيث بيعت , مما أضطر الوكيل والمجلس لاتخاذ قرار ضد العرب والتجار الأرمن وكذلك المستر "روبرت جاردن" نيابة عن وكلائه البنغاليين.
زعامة كعب 1766-1769
ويظهر أن الشيخ سلمان (1) الشهير توفي حوالي سنة 1766. وربما بعد نهاية العدوان البريطاني على القبيلة , نظراً لعدم وجود إشارة مسبقة عن وفاته. وخلفه أبنه أو أبن أخيه غانم الذي قتل سنة 1769م.
(يقرر الملازم أ.ف. ويلسون- بناء على مصادر وطنية- أن الشيخ سلمان توفي سنة 1768. وأن خليفته المباشر كان ولده غانم الذي توفي بعد ذلك بسنة. وتولى المشيخة بعد غانم داود بن سلمان الذي قتل بعد ستة أشهر وتولى بعد داود بركات بن عثمان سنة 1769. أنظر : ملخص علاقات الحكومة البريطانية مع قبائل ومشايخ عربستان).
وهكذا أنتهى أكبر عدوان يشن على أمارة خليجية في العصور الحديثة بهزيمة مذلة لقوات الأحتلال , ليسطر أبناء عمنا بني كعب الأحواز صفحة بيضاء ناصعة من تاريخ قبيلتنا.
منقول من
http://www.alkaabi.org/vb/showthread.php?t=21382
مواقع النشر (المفضلة)