دولة بني مزيد الأسدية ...
نزل بنو أسد بعد البعثة النبوية الشريفة وأبان الخلافة الراشدة مدينة الكوفة ، فاختط بنو أسد كغيرهم من القبائل التي أقامت حول الجامع في الجنوب الغربي منه ، ويعرف اليوم بالمحلة الميثمية (في ضواحي قبر الصحابي الجليل ميثم التمار) ، وكانت لهم فيها مساجد معروفة كمسجد بني جذيمة بن مالك بن نصر بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة ، ومسجد سماك بن مخرمة بن حمين الأسدي (أحد بني الهالك بن عمرو بن أسد بن خزيمة) .
كان انتشار بني أسد في القرن الرابع الهجري بين البصرة و واسط ، وكانت الزعامة لبني ناشرة وهم بطن من بطون أسد الكبيرة ، تنافس على الزعامة بنو مزيد الناشري و بنو عفيف الناشري ، وأزداد نفوذ بنو مزيد وذلك لكثرة أتباعهم من بني أسد وحلفائهم الأكراد .
وقد سعى الخلفاء العباسيون و سلاطين آل بويه إلى كسب ودهم ، واعترفوا بإمارتهم وخلعوا عليهم وانتقلوا من المشيخة إلى الأمارة ، لعب بنو مزيد دورا" مهما" وبارزا" ومتميزا" أيام الدولة العباسية ، كان بنو مزيد رأس الحربة في صد الهجمات والأطماع الأجنبية التي كانت تستهدف فرض السيطرة على مقاليد الحكم وجعل الخليفة أسما" ليس غير ، ونهب خيرات الوطن والعبث بأمنه ونفي العدل من ربوعه .
بلغ عدد أمراء بني مزيد الأسديين ثمانية أمراء ، وكانوا مثالا" للخلق الرفيع والشجاعة والكرم والثبات والثقة بالنفس والعفة ، وبالرغم من كثرو الحروب التي خاضها بنو مزيد فلم تلههم عن تشجيع العلم والعلماء والأدب وأغدقوا على الشعراء وبنوا المدارس وأصبحت الحلة في زمانهم عاصمة للمرجعية الأسلامية ، جسد بنو مزيد شيم العروبة وبسالتها أحسن تجسيد .
أسس المزيدون في القرن الرابع الهجري (350 هـ) إمارة عرفت بالأمارة المزيدية نسبـة الى آل مزيد المنسوبين الى سلفهم مزيد بن مرثد و الذي ينتهي نسبه الى أسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معـد بن عدنان ، أستمر حكم الأمارة المزيدية زهاء قرنين كاملين وقد بزغ نجم مزيد بن مرثد عندما عهد اليه أبو محمد المهلبي وزير معز الدولة البويهي بحماية مدينة سورا وسوادها بين سنتي (345 هـ – 352 هـ) ، وعندما توفي مزيد خلفه أبنه علي ، الذي كان يعتبر المؤسس الحقيقي للأمارة المزيدية ، وفي سنة (379 هـ) عهد الخليفة العباسي لعلي بن مزيد بولاية الحلة ومنحه لقب سند الدولة ، وقد أضفى عليه هذا اللقب مكانة سياسية، عهد اليه الخليفة بعدها بحماية الحجاج ، وعندما توفي علي بن مزيد سنة (408 هـ) خلفه أبنه دبيس ، ولقب بنور الدولة ، أمير العرب بالعراق …. كان فارسا"، جوادا"، ممدحا"، كبير الشأن ، عاش ثمانين سنة ، رثته الشعراء فأكثروا .
قام دبيس بشؤون الأمارة من بعد أبيه وعمره (14) سنة ودامت إمارته (67) سنة ، وقد تأمر عليه أخاه المقلد لأنه كان يطمع بالأمارة ، وذهب الى بغداد وبذل أموالا" طائلة للأتراك ليساعدوه على ضرب أخيه فأجابوه لذلك وسار معه خلق كثير وكسبوا دبيسا" ونهبوا أمواله انتصروا عليه ، وبالرغم من الهزيمة لم يهن ولم يضعف ، فجمع الجموع وكان قائده (الأثير الخادم) ، وحارب أخاه وأنتصر عليه وهرب المقلد الى ديار بني عقيل .
قام الأمير المعروف بأبي الشوك وأصلح بين الأخوين دبيس والمقلد فثار على دبيس أخاه الأخر ثابت مستعينا" بالبساسيري الأمير التركي فجند دبيس جيشا" كبيرا" وانضمت اليه هذه المرة بقبيلة خفاجة فأجلى أخاه وتم الصلح بينهما .
وحين توفي نور الدولة سنة (474 هـ) خلفه أبنه أبو كامل منصور الملقب ببهاء
الدولة ، كان بطلا"شجاعا"وشاعرا"محسنا" ، ذا نزعة عربية مناهضا" للسلطة البويهية والسلجوقية التي كانت تسيطر على الحكم في بغداد ، وبهاء الدولة المزيدي الأسدي هو القائل :
فأن أنا لم أحمل عظيما" ولم أقـد لهاما" ولم أصبر على كل معظــم
ولم أحجر لجاني وأمنع جــوره غداة أنـادي للفخـــار وأنتمــي
فلا نهضت لي همـة عربيـــة الى المجـد ترقى بي ذرى كل مكرم
وتوفي منصور بن دبيس بن علي بن مزيد سنة (478 هـ) وخلفه أبنه صدقة بن
منصور الملقب بسيف الدولة ، وفي عهده اتخذت الأمارة المزيدية بعدا" جديدا" ، فقد أستغل سيف الدولة الأوضاع السياسية التي كانت تمر بها السلطة السلجوقية ، فأخذ يميل الى جانب ضد جانب أخر مستهدفا" من وراء ذلك أن يوسع نفوذه ، كما أنه بدأ يشكل قوة سياسية منافسة للسلطان السلجوقي والخليفة العباسي … وقد قال عنه أبن الأثير في (الكامل في التاريخ) :أن صدقة قد عظم أمره وزاد حاله وكثر دلاله ، ويبسط في الدولة حمايته على كل من يفر اليه من عند السلطان ، وهذا لا تحتمله الملوك لأولادهم ، لقد كان يستجير به كل خائف من خليفة وسلطان وغيرهما .
وفي سنة (496 هـ) استولى صدقة على هيت ، بعد أن تمكن من فتحها بمساعدة الربعيين وهم ينتمون الى أسد أيضا" ، وفي سنة (497 هـ) أستولى صاحب الحلة على مدينة واسط ، وفي السنة ذاتها استولى على عنه والبصرة ، واستطاع في سنة (500 هـ) السيطرة على قلعة تكريت …. .
يجمع أغلب المؤرخين على أن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي المزيدي الأسدي كان كريما" ذا ذمام عفيفا" من الزنا والفواحش ، لم يتزوج على زوجته ولم يتسر ، ولم يشرب المسكر ولا سمع غناء ، ولا صادر أحد من أصحابه ، يهتم بجمع الكتب حيث ضمت مكتبته آلاف المجلدات ، وكان يحسن القراءة ولا يكتب ، قال فيه أبن كثير في البداية والنهاية (ملجأ لكل خائف يأمن في بلاده ، وتحت جناحه …) ، وقال عنه القلانسي (ت 562 هـ-1164م) :- لم يكن للعرب بعد صدقة مثله في البيت والنقد ، وإحسان السيرة منهم ، والأنصاف لهم والأنعام عليهم ، وكرم النفس وجزيل العطاء ، وحسن الوفاء ، والصفح عن الجرائر والتجاوز عن الجرائم والكبائر ، والتعفف عن أموال الرعية ….

ـــــــــــــــــــــــــــــ
أسماء القبائل العراقية وغيرها ص24/العلامة مهدي القزويني الحسيني .
ومضات من أقصر المختصرات/منصور الأسدي .
الكامل في التاريخ ج3/أبن الأثير .
موسوعة عشائر العراق ج1/عبد عون الروضان .
سير أعلام النبلاء ج18/الذهبي .
الكامل في التاريخ ج7/أبن الأثير .
البداية والنهاية ج12/أبو الفداء أسماعيل أبن كثير .
البداية والنهاية ج12/أبو الفداء أسماعيل بن كثير الدمشقي .
موسوعة عشائر العراق ج1ص29/عبد عون الروضان .



hgjptm hgfidm td Hkshf hgrfhzg hglqvdm (rfdgm fld Hs] fk o.dlm) >>> ],gm fkd l.f] hgHs]dm (3)