سيرة عبدالله بن جحش الأسدي رضى الله عنه "بحر الجود"
هو الصحابي الجليل عبد الله بن جحش بن رياب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة ، وكنيته بحر الجود لكرمه ... أبن عمة الرسـول (صلى لله عليه وآله وسلم) السيدة أميمه بنت عبد المطلب وشقيق أم المؤمنين وزوجة الرسول خاتم النبيين الذي بعث بالحق اليقين محمد صلى الله عليه وآله زينب بنت جحش الأسدية ، يعد في صدارة السباقين للإسلام وفي طليعة المهاجرين إلى الحبشة والمدينة المنورة ، وأول أمير سرية في الإسلام ، عندما بعثه رسول الحق (صلى الله عليه وآله وسلم) في العام الأول للهجرة إلى موضع يطلق عليه النخلة يقع بين مكة والطائف وفيه قال الرسول لصحابته (لا"بعثن عليكم رجلا" أصبركم على الجوع والعطش) وتحت أمرته أحد عشر رجلا" ، وقيل ثمان أو تسعا" من رجالات المهاجرين ، وهو فارس من فرسان واقعة بدر الكبرى (2هـ) ، وفيها استشاره الرســـول الأعظم مع من استشارهم من الصحابة أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) وقد أحسن في مشورته ، وشهد معركة أحد ويومها أنقطع سيفه فأعطاه الرسول الكريم عرجون نخل فصار بيده سيفا" ،ونال الشهادة فيها بعد أن مثل به كما مثل بحمزة سيد الشهداء وعلى أثرها أمر النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يدفن الحمزة وعبد الله بن جحش في قبر واحد بعد أن قتل بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ...
آخى النبي بين عبد الله بن جحش وعاصم بن ثابت .
أهم ملامح شخصية الصحابي عبد الله بن جحش الأسدي :
1- حبه الشديد للشهادة
2- حبه الشديد للجهاد في سبيل الله.
3- طاعته المطلقة لكلام رسول الله وتنفيذه لأوامر القائد ويتضح ذلك لما بعثه النبي على رأس سرية وأعطاه كتابًا وأمره ألا يفتحه إلا بعد مسيرة يومين.
بعض مواقف عبد الله بن جحش مع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) :
قال ابن إسحاق وبعث رسول الله عبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي في رجب مقفله من بدر الأولى وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الأنصار أحد وهم أبو حذيفة بن عتبة وعكاشة بن محصن بن حرثان من بني أسد بن خزيمة وعتبة بن غزوان حليف بني نوفل وسعد بن أبي وقاص الزهري وعامر بن ربيعة الوائلي حليف بني عدي وواقد بن عبد الله بن عبد مناف بن عرين بن ثعلبة بن يربوع التميمي حليف بني عدي أيضًا وخالد بن البكير أحد بني سعد بن ليث حليف بني عدي أيضًا وسهيل ابن بيضاء الفهري فهؤلاء سبعة ثامنهم أميرهم عبد الله بن جحش .
وقال يونس عن ابن إسحاق كانوا ثمانية وأميرهم التاسع. فالله أعلم. قال ابن إسحاق: وكتب له كتابًا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضي لما أمره به ولا يستكره من أصحابه أحدًا فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فإذا فيه: "إذا نظرت في كتابي فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشًا وتعلم لنا من أخبارهم". فلما نظر في الكتاب قال: سمعًا وطاعة. وأخبر أصحابه بما في الكتاب وقال: قد نهاني أن أستكره أحدًا منكم فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها فلينطلق, ومن كره ذلك فليرجع, فأما أنا فماض لأمر رسول الله فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد, وسلك على الحجاز حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له: بحران. أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرًا لهما كانا يتعقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة فمرت به عير لقريش تحمل زبيبًا وأدمًا وتجارة من تجارة قريش فيها عمرو بن الحضرمي, قال ابن هشام: واسم الحضرمي عبد الله بن عباد الصدفي. قال السهيلي: وقيل غير هذا في نسبه, وعثمان بن عبد الله بن المغيرة المخزومي وأخوه نوفل والحكم بن كيسان مولى هشام بن المغيرة, فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبًا منهم, فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه أمنوا وقالوا: عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب فقالوا: والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام. فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم..
وأقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه: إن لرسول الله مما غنمنا الخمس. فعزله وقسم الباقي بين أصحابه وذلك قبل أن ينزل الخمس.قال: لما نزلنا الخمس نزل كما قسمه عبد الله بن جحش كما قاله.
قال ابن إسحاق فلما قدموا على رسول الله قال: "ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام". فوقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئًا فلما قال ذلك رسول الله أسقط في أيدي القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين فيما صنعوا وقالت قريش: قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال. فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة: إنما أصابوا ما أصابوا في شعبان.
وقالت يهود -تفاءل بذلك على رسول الله : عمرو بن الحضرمي قتله واقد بن عبد الله, عمرو عمرت الحرب, والحضرمي حضرت الحرب, وواقد بن عبد الله وقدت الحرب. فجعل الله ذلك عليهم لا لهم فلما أكثر الناس في ذلك أنزل الله تعالى على رسوله { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217], أي إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به وعن المسجد الحرام وإخراجكم منه وأنتم أهله أكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 217], أي قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه إلى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل ثم هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه غير تائبين ولا نازعين ولهذا قال الله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].
قال ابن إسحاق فلما نزل القرآن بهذا من الأمر وفرج الله عن المسلمين ما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله العير والأسيرين وبعثت قريش في فداء عثمان والحكم بن كيسان فقال رسول الله : "لا نفديكموهما حتى يقدم صاحبانا يعني سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان فإنا نخشاكم عليهما فإن تقتلوهما نقتل صاحبيكم". فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله . فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن إسلامه وأقام عند رسول الله حتى قتل يوم بئر معونة شهيدًا وأما عثمان بن عبد الله فلحق بمكة فمات بها كافرًا.
قال ابن إسحاق فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا: يا رسول الله أنطمع أن تكون لنا غزوة نعطى فيها أجر المجاهدين؟ فأنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 218], فوصفهم الله من ذلك على أعظم الرجاء.
أثر عبد الله بن جحش في الآخرين :
كان من اجتهاده أنه قسم الغنيمة أخماس، فجعل لرسول الله الخمس وجعل أربعة أخماس في الغانمين، من قبل أن يفرض ذلك، فنزل بعد ذلك قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41].
استشهاد عبد الله بن جحش:
روى البغوي من طريق إسحاق بن سعد بن أبي وقاص، حدثني أبي أن عبد الله بن جحش قال له يوم أحد: ألا تأتي فندعو؟! قال: فخلونا في ناحية، فدعا سعد فقال: يا رب إذا لقينا القوم غدًا، فلقني رجلاً شديدًا حرده، أقاتله فيك، ثم ارزقني الظفر عليه حتى أقتله، وآخذ سلبه، قال: فأمن عبد الله بن جحش، ثم قال عبد الله: اللهم ارزقني رجلاً شديدًا حرده، أقاتله فيك حتى يأخذني، فيجدع أنفي وأذني، فإذا لقيتك، قلت هذا فيك، وفي رسولك، فتقول: صدقت. قال سعد: فكانت دعوة عبد الله خيرًا من دعوتي، فلقد رأيته آخر النهار، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط.
- وأخرجه ابن شاهين من وجه آخر، عن سعيد بن المسيب أن رجلاً سمع عبد الله بن جحش، فذكر نحوه، وهذا أخرجه ابن المبارك في الجهاد مرسلاً، وقال الزبير: كان يقال له: المجدع في الله، وكان سيفه انقطع يوم أحد، فأعطاه النبي عرجونًا، فصار في يده سيفًا، فكان يسمى العرجون، قال: وقد بقي هذا السيف حتى بيع من بغاء التركي بمائتي دينار.
- وروى زكريا الساجي من حديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: استشار النبي أبا بكر وعمر وعبد الله بن جحش في أسارى بدر.. فذكر القصة، وأخرجه أحمد، وكان قاتله أبو الحكم بن الأخنس بن شريق ، ودفن هو وحمزة سيد الشهداء (رض) عم الرسول الأعظم في قبر واحد.
وكان له يوم أستشهد رضي الله تعالى عنه وأرضاه بن بضع وأربعون سنة



"fpv hg[,]" hgwphfd hg[gdg uf] hggi fk [pa hgHs]d