الفرع الثاني : فرع مالك بن زغبةوكانت قبائل سويد المذكورة في عهد ابن خلدون مخصورة في القبائل الآتية وهي :
قبائل بنو مالك بن زغبة العدنانية الجزائرية
يرجع نسبهم إلى مالك بن زغبة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامِر من العرب العدنانية من نسل سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام (1). كانت مواطنهم جنوب بني توجين المستولين على ما بين سعيدة والمدية(2)، ثم استولت قبائل سويد على بلاد توجين كلها ما عدا اعالي جبل الونشريس بقيت فيه لمة من توجين(3). وقبائل بنو مالك بن زغبة هي في الأصل ثلاث قبائل كبيرة وهي : بخيس وسويد والحرث. تفرعت منها عدة قبائل وفروع أخرى كثيرة ( لن نذكرها كلها بل سنذكر الثابت في أصلها في كتب النسابة ، أما ما إستحدث في أنسابهم وأسامهم سنتركه لأبناء تلك القبائل للبحث عنه وتدوين رواياته الشفوية )
1 ـ أما قبيلة بخيس بن مالك بن زغبة فنزلوا بنواحي وهران.
2 ـ وأما قبائل سُويد فهم بنو عامر بن مالك بن زغبة. فقد كانوا في البداية أحلافاً لبني بادين قبل دولة بني زيان، ولما ملك عائلة بنو عبد الواد تلمسان ونزلوا بساحتها وضواحيها، كانت قبائل بنو سويد هؤلاء أخص بحلفهم وولايتهم من سائر قبائل زغبة. ومواطنهم تمتد ما بين جبل الونشريس وتلمسان عرضا وخليج أرزيو والشط الشرقي طولا ( أي أنهم سيطروا وعمروا أراضي الولايات المحصورة بين تسمسيلت وتلمسان اليوم وبين وهران ومستغانم إلى حدود ولاية المدية الجنوبية ) ، وكانت ناجعتهم تنحدر شتاءا إلى مزاب ( ولاية غرداية اليوم ) ، فيمرون بآفلو وتاجموت (ولاية الأغواط ) .(4)
قبيلة فليتة ( تستقر اليوم في ولاية غليزان) وشبابة ( دخلت في احلاف كثيرة ) ومجاهر ( كامل ولاية مستغانم وكانت مستغانم تسمى= بلاد مجاهر ) وجوثة (وهران)، وهذه القبائل كلها ( اخوة ) وهم م من بني سويد بن عامر بن مالك من العرب القيسية العدنانية . وقبيلة الحساسنة بطن من شبابة إلى حسان بن شبابة. ( كانت مواطنها في ولاية غليزان ، شتت فروعها الأتراك إثر ثورة قامت بها القبيلة ضدهم ، ونقلوا أجزاء منها لبلعباس ومعسكر ومازال بعضهم في ولاية غلزان داخل اخوتهم فليته ) وبنو غفير وبنو شافع وبنو مالف، وهؤلاء كلهم من بنو سليمان بن مجاهر. وبو رحمة وبو كامل وبني حمدان، وهؤلاء كلهم بنو مقدر بن مجاهر. ومن حمدان بطون كثيرة: أولاد عيسى وأولاد مهدى وأولاد عريف وأولاد ميمون وأولاد أبوبكر وأولاد عنتر وأولاد عطيه وغيرهم.
أما قبيلة هبرة الذي يُسمى عليهم اليوم سهل كبير في الغرب الجزائري (سهل هبرة )وتُنسب إليهم الزاوية الهبرية فينسبهم الناس إلى مجاهر بن سويد، بينما يزعمون أنهم من قوم المقداد بن الأسود الصحابي البدري، فهم من قبيلة قضاعة، وقد ينتسب بعض بطونهم إلى قبيلة تجيب من بطون كندة.(حسب ما دونه ابن خلدون عنهم ) وكانوا قد نزلوا بنواحي البطحاء بالضفة اليمنى لواد مينة ( ولاية غليزان ) (5)، وكانت لهم حروب شديدة ضد الأسبان.
وقبيلة صبيح ( أكبر قبيلة في ولاية الشلف ) : وهم من صبيح بن علاج بن مالك بن زغبة، كان لهم عدد وقوة، وكانوا يظعنون بظعن قبائل سويد ويقيمون بمقامهم. وتنقسم قبيلة صبيح اليوم إلى قبيلين يفصل بينهما واد شلف، صبيح القبلية : جنوب شلف ( الونشريس ) ، وصبيح الظهارة : شمال شلف ( نسبة لجبال الظهرة ) ، كما يتواجدون أيضا في كل من تنس ومازونة ومستغانم.
وكانت رياستهم لعهد يغمراسن وما قبله، في أولاد عيسى بن عبد القوي بن حمدان، وكانوا ثلاثة: عمر بن مهدي وعطية وطراد. واختص مهدي بالرياسة عليهم ثم ابنه سيف بن مهديثم أخوه عمر بن مهدي. ثم تملك يوسف بن مهدي بلاد البطحاء وسيرات كلها بعدما أقطعه اياها يغمراسن، وأقطع لعنتر بن طراد بن عيسى قرارة البطحاء وكانوا يقتضون أتاواتهم على الرعايا ولا يناكرهم فيها. وربما خرج في بعض خروجه واستخلف عمر بن مهدي على تلمسان وما إليها من ناحية المشرق. وفي خلال ذلك خلت مجالاتهم بالقفر من ظعونهم وناجعتهم (انتقلوا كلهم للولايات الشمالية بعدما كانت اراضيهم الاولى في ولايات الهضاب المحاذية للصحراء ) ، إلا أحياء من بطونهم قليلي العدد من الجوثة وفليتة ومالف وغفير وشافع وأمثالهم فغلب عليهم هنالك المعقل ( بعض فروع هذه القبائل انضمت لقبائل المعقل في ولايات الهضاب ) ، وفرضوا عليهم أتاوة من الإبل يعطونها ويختارونها عليهم من البكرات. وكان المتولي لأخذها منهم من شيوخ المعقل أبو الريش بن نهار بن عثمان بن عبيد الله، وقيل علي بن عثمان أخو نهار. وقيل إن البكرات إنما فرضها للمعقل على قومه بن عامر جميل لأجل مظاهرة له على عدوه، وبقيت للمعقل عادة إلى أن تمشت رجالات من زغبة في نقفر ذلك، وغدروا برجال المعقل ومنعوا تلك البكرات.مخطوطة تاريخية لشجرة نسب أهم قبائل بنو مالك في عهد ابن خلدون (- المخطوطة لا تذكر كل فروعهم أو أسماء قبائلهم الحالية -أي الفروع و القبائل الأخرى التي تفرعت من هذه القبائل )
3 ـ وأما قبائل الحرث فهم بنو حارث بن مالك بن زغبة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامِر، وهم قبائل ثلاثة :
غريب، والعطاف ، والديالم.
ـ قبيلة غريب ( ولاية عين الدفلى ): وهم غريب بن حارث بن مالك بن زُغْبَة، وكان منهم بنو منيع ، وبنو مزروع وأولاد يوسف وأولاد كامل والأحلاف وبنى عامر وأولاد خلوف والمواهبه. كانت رياستهم الاولى في أبناء مزروع بن خليفة بن خلوف بن يوسف بن بكرة بن منهاب بن مكتوب بن منيع بن مغيث بن محمد بن غريب، وهو جدهم بن حارث. مواطنهم جنوب شرق خميس مليانة ، وباسمهم اليوم سد غريب حوالي 60 كلم شرق عين الدفلى.
ـ قبيلة العطّاف ( مدينة العطاف ) : وهم من ولد عطّاف بن رومي بن حارث بن مالك بن زُغْبَة، وكان من أشهر فروعهم أولاد يعقوب وأولاد، ومعهم طائفة من قبيلة براز إحدى قبائل الأثبج. كانت رياسة ظعونهم لأولاد يعقوب بن نصر بن عُرْوَة بن منصور بن أبي الذئب بن حسن بن عياض بن عطاف بن رومي بن الحارث بن مالك بن زغبة، وابن أخيه (أولاد علي) علي بن أحمد وبنيه. تمتد مواطنهم من غرب مدينة مليانة إلى غرب مدينة عين الدفلى، وباسمهم دائرة العطّاف. وأقطعهم السلطان مغارم جبل دراك وما إليه من وادي شلف، وحال بينهم وبين موطن باقي قبائل سويد جبل الونشريس، وكانوا قد تملكوا واستوطنوا بلاد وزينة في قبلة الجبل.
ـ قبيلة الديالم ( أغلب فروعها في ولاية المدية بلاد السارسو ) : وهم بني ديلم بن حسن بن إبراهيم بن رومي بن الحارث، وكانت فيهم فروع كثيرة منهم : أولاد إبراهيم بن رزق بن رعاية بن مزروع بن صالح بن ديلم، و بنو زيادة بن إبراهيم بن رومي، والدهاقنة أولاد دهقان بن حسن، وأولاد هلال بن حسن (تسمى بإسمهم اليوم ، منطقة بولاية المدية ) ، وبنو نوال بن حسن، ومنهم اليوم قبيلة العكارمة أبناء عكرمة بن مزروع بن صالح. كانت رياستهم في ولد إبراهيم بن رزق بن رعاية بن مزروع بن صالح بن ديلم، وأولاد السعد بن العبّاس بن إبراهيم منهم لعهد ابن خلدون. وكانت من قبل لعمه أبي يحيى بن إبراهيم. وتقبض عليه السلطان أبو عثمان بإشارة عريف بن يحيى وأغرى به وهلك في محبسه.
مخطوطة تاريخية لشجرة نسب أهم قبائل بنو مالك في عهد ابن خلدون ( المخطوطة لا تذكر كل فروعهم أو أسماء قبائلهم الحالية )
قال فيهم ابن خلدون :—————————————————————————————————————- ملاحظة : هاته أسماء أشهر قبائلهم في عهد إبن خلدون وهي اليوم بلا شك بطون كثيرة بأسماء مختلفة وجديدة نترك البحث فيها لأبنائها لتدوين فروعهم وقبائلهم الجديدة
و أما بنو مالك بن زغبة فهم بطون ثلاثة : سويد بن عامر بن مالك و هم بطنان العطاف بن ولدعطاف بن رومي بن حارث و الديالم من ولد ديلم بن حسن بن إبراهيم بن رومي فأما سويد فكانوا أحلافا لبني يادين قبل الدولة و كان لهم اختصاص ببني عبد الواد و كانت لهم لهذا العهد أتاوات على بلد سيراة و البطحاء و هوارة و لما ملك بنو يادين تلول المغرب الأوسط و أمصاره كان قسم بني توجين منه شياخ التلول القبلية ما بين قلعة سعيدة في الغرب إلى المرية في الشرق فكان لهم قلعة ابن سلامة و منداس و أنشريس و ورنية و ما بينهما فاتصل جوارهم لبني مالك هؤلاء في القفر و التل .
و لما ملك بنو عبد الواد تلمسان و نزلوا بساحتها و ضواحيها كان سويد هؤلاء أخص بحلفهم و ولايتهم من سائر زغبة و كانت لسويد هؤلاء بطون مذكورون من فلمة و شبانة و مجاهر و جوثة كلهم من بني سويد و الحساسنة بطن من شبانة إلى حسان بن شبانة و غفير و شافع و مالف كلهم بنو سليمة بن مجاهر و بو رحمة و بو كامل و حمدان بنو مقدر بن مجاهر و يزعم بعض نسابتهم أن مقدرا ليس بجد لهم و إنما وضع ذلك أولا بو كامل . و كانت رياستهم لعهدهم في يغمراسن و ما قبله في أولاد عيسى بن عبد القوي بن حمدان و كانوا ثلاثة : مهدي و عطية و طراد و اختص مهدي بالرياسة عليهم ثم ابنه يوسف بن مهدي ثم أخوه عمر بن مهدي و اقطع يغمراس يوسف بن مهدي ببلاد البطحاء و سيرات و أقطع عنتر بن طراد بن عيسى مراري البطحاء و كان يقتضون أتاوتهم على الرعايا ولا يناكرهم فيها و ربما خرج في بعض خروجه و استخلف عمر بن مهدي على تلمسان و ما إليها من ناحية المشرق . و في خلال ذلك خلت مجالاتهم بالقفر من ظعونهم و ناجعتهم إلا أحياء من بطونهم قليلي العدد من الجوثة و فليتة و مالف و غفير و شاقع و أمثالهم فغلب عليهم هنالك المعقل و فرضوا عليهم أتاوة من الإبل يعطونها و يختارونها عليهم من البكرات و كان المتولي لأخذها منهم من شيوخ المعقلابن الريش بن نهار بن عثمان بن عبيد الله و قيل علي بن عثمان أخو نهار و قيل إن البكرات إنما فرضها للمعقل على قومه عامر بن جميل لأجل مظاهرة له على عدوه و بقيت للمعقل عادة إلى أن تمشت رجالات من زغبة في نقض ذلك و غدروا برجال المعقل ومنعوا تلك البكرات . أخبرني يوسف بن علي ثم غانم عن شيوخ قومه من المعقل أن سبب البكرات و فرضها على زعمه كما ذكرناه و أما سبب رفعها فهو أن المعقل كانوا يقولون غرامتها ادالة بينهم فلما دالت لعبيد الله الدولة في غرامتها جمع ثوابه في جوثة قومه و حرضهم على منعها فاختلفوا و اختبروا مع عبيد الله و دفعوهم إلى جانب الشرق و حالوا بينهم و بين أحيائهم و بلادهم و طالت الحرب و مات فيها بنو جوثة و ابن مريح من رجالاتهم و كتب بنو عبد الله إلى قومهم من قصيدة بني معقل . ( بني معقل إن لم تصرخونا على العدو … فلا يذلكم تذكر ما طرا لنا ) . ( قتلنا ابن جوثه و الهمام بن مريح … على الوجه مكبوب و ذا من فعالنا ) . فاجتمعوا و جاؤا إلى قومهم و فرت أحياء زغبة و اجتمع بنو عبيد الله و إخوانهم من ذوي منصور و ذوي حسان و ارتفع أمر البكرات من زغبة لهذا العهد ثم حدث بين يغمراسن و بينهم فتنة هلك فيها عمر بن مهدي و ابن حلوا و انزلوهم عن التلول و الأرياف من بلاد عبد الواد إلى القفر المحاذي لأوطان بني توجين على المهادنة و المصاهرة فصاروا لهم حلفاء على بني عبد الواد و من عجز منهم عن الظعن نزل ببسائط البطحاء و سارت بطونهم كلها من شبابة و مجاهر و غفير و شافع و مالف و بو رحمة و بو كامل و نزلمحيسن بن عمارة و أخوه سويد بضواحي و هران فوضعت عليهم الأتاوات و المغارم و صاروا من عداد الرعايا أهل الجباية و ولي عثمان بن عمر أمر الظعون من سويد ثم هلك و قام بأمره ابنه ميمون و غلب عليه أخوه سعيد و استبد و كان بين سويد و بين بني عامر بن زغبة فتنة اتصلت على الأيام و ثقلت و طأة الدولة الزيانية عليهم و زحف يوسف بن يعقوب إلى منازلة تلمسان و طال مقامه عليها فوفد عليه سعيد بن عثمان بن عمر بن مهدي شيخهم لعهده فأتى مجلسه و أكرم و ادته ثم أجمع قتله ففر و لحق و أجلب على أطراف التلول و ملك السرسو قبلة بلاد توجين و نزعت إليه طائفة من عكرمة بني يزيد و عجزوا عن الظعن و أنزلهم بجبل كريكرة قبلة السرسو و وضع عليهم الأتاوة و لم يزل كذلك إلى أن هلك يوسف بن يعقوب و اتصل سلطان آل يغمراسن . و لما ولي أبو تاشفين بن موسى بن عثمان بن يغمراسن استخلص عريف بن يحيى لديه صحابة كانت له معه قبل الملك ثم آسفه ببعض النزعات الملوكية و كان هلال مولاه المستولي عليه يغص بما كان عريف منه فنزع عريف بن يحيى إلى بني مرين ملوك المغرب الأقصى و نزل على السلطان أبي سعيد منهم سنة عشرين و سبعمائة و اعتقل أبو تاشفينعمه سعيد بن عثمان إلى أن هلك في محبسه قبيل فتح تلمسان و لحق أخوه ميمون بن عثمان و ولده بملك المغرب و أنزل عريف بن يحيى من سلطان بني مرين أكرم نزل و أدنى مجلسه و أكرم مثواه ثم اتخذه ابنه السلطان أبو الحسن من بعده بطانة لشواره و نجيا لخلواته و لم يزل يحرضهم على آل زيان بتلمسان و نفس ميمون بن عثمان و ولده عريف رتبته عند السلطان أبي الحسن فنزعوا إلى أخيه أبي علي بتافيلات فلم يزالوا بها إلى أن هلك ميمون تغلب السلطان أبو الحسن على أخيه أبي علي و صار أولاد ميمون في جملته و زحف السلطان أبو الحسن إلى تلمسان يجر أمم المغرب و أحجر على زيان بتلمسان ثم اقتحمها عليهم عنوة و أبتزهم ملكهم و قتل السلطان أبا تاشفين عند شدونة و بعث كلمته في أقطار المغرب الأقصى و الأدنى إلى تخوم الموحدين من أندلس و جمع كلمة زناتة و استتبعهم تحت لواتة و فر بنو عامر من زغبة أولياء بني عبد الواد إلى القفر كما نذكره و رفع السلطان أبو الحسن قوم عريف بن يحيى بمحلته على كل عربي في إيالته من زغبة و المعقل و كان عقد سمعون بن سعيد على الناجعة من سويد وهلك أيام نزول السلطان بتاسالة سنة اثنتين و ثلاثين و سبعمائة قبل فتح تلمسان . و ولي من بعده أخوه عطية و هلك لأشهر من ولايته بعد فتح تلمسان فعقد السلطان لوزمار بن عريف على سويد و سائر بني مالك و جعل رياسة البدو حيث كان من أعماله و أخذ الصدقات منهم و الأتاوات فعكفت على هيئة أمم البدو و اقتدى بشواره رؤساؤهم و فر ابن عمه المسعود بن سعيد و لحق ببني عامر و أجلبوا على السلطان بدعاء جزار شبة ابنه أبي عبد الرحمن فجمع لهم وزمار و هزمهم كما نذكره و سفر عريف بين السلطان أبي الحسن و بين الملوك لعهده من الموحدين بأفريقية و بني الأحمر بالأندلس و الترك بالقاهرة و لم يزل على ذلك إلى أن هلك السلطان أبو الحسن . و لما تغلب السلطان أبو عنان على تلمسان كما سنذكره رعى لسويد ذمة الانقطاع إليه فرفع و زمار بن عريف على سائر رؤساء البدو من زغبة و أقطعه السرسو و قلعة ابن سلامة و كثيرا من بلاد توجين و هلك أبو عريف بن يحيى فاستقدمه من البدو و أجلسه بمكان أبيه من مجلسه جوار أريكته و لم يزل على ذلك و عقدلأخيه عيسى على البدو من قومه ثم بني عبد الواد بعد ملك السلطان أبي عنان عادت لهم الدولة بأبي حمو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن أبي يغمراسن من أعياص ملوكهم . و تولى كبر ذلك صغير بن عامر و قومه لما لهم مع آل زيان من الولاية و ما كان لبني مرين فيهم من النعمات فملكوا تلمسان و نواحيها و عقدوا على سويد لميمون بن سعيد ابن عثمان و تاب وزمار بن عريف و رأى الترهب و الخروج عن الرياسة فبنى حصنا بوادي ملوية من تخوم بني مرين و نزل به و أقام هنالك لهذا العهد و ملوك بني مرين يرعون له ذمة اختصاصه سلفهم فيؤثرونه بالشورى و المداخلة في الأحوال الخاصة مع الملوك و الرؤساء من سائر النواحي فتوجهت إليه بسبب ذلك وجوه أهل الجهات من الملوك و شيوخ العرب و رؤساء الأقطار . و لحق أخواه أبو بكر و محمد بقومهم فمكروا بالميمون و دسوا عليه من قتله غيلة من ذويهم و حاشيتهم و استبدوا برياسة البدو ثم لما نصبت بنو حصين بن زيان ابن عم السلطان أبي حمو للملك كما نذكره و رشحوه للمنازعة سنة سبع و ستين و سبعمائة هبت من يومئذ ريح العرب و جاش مرجلهم على زناتة و وطئوا من تلول بلادهم بالمغرب الأوسط فأعجزوا عن حمايته و ولجوا من فروجها ما قصروا عن سده و دبوا فيها دبيب الظلال في الفيوء فتملكت زغبة سائر البلاد بالأقطاع من السلطان طوعا و كرها رعيا لخدمته و ترغيبا فيها و عدة و تمكينا لقوته حتى أفرجت لهم زناتة عن كثيرها و لجؤا إلى سيف البحر . و حصل كل منهم في الفلول على ما يلي موطنه من بلاد القفز فاستولى بنو يزيد على بلاد حمزة و بني حسن كما كانوا من قبل و منعوا المغارم و استولى بنو حسين (حصين) على ضواحي المدينة أقطاعا و العطاف على نواحي مليمانة و الديالم على وزينة و سويد على بلاد بني توجين كلها ما عدا جبل و نشريس لتوعره بقيت فيه لمة من توجين رياستهم لأولاد عمر بن عثمان من الجشم بني تيغرين كما نذكره و بني عامر على تاسالة و ميلانة إلى صيرور إلى كيدزة الجبل المشرف على وهران . و تماسك السلطان بالأمصار و أقطع منها كلميتو لأبي بكر بن عريف و مازونة لمحمد بن عريف و نزلوا لهم عن سائر الضواحي فاستولوا عليها كافة و أوشك بهم أن يستولوا على الأمصار و كل أول فإلى آخر و لكل أجل كتاب و هم على ذلك لهذا العهد . و من بطون سويد هؤلاء بطن بنواحي البطحاء يعرفون بهبرة ينسبهم الناس إلى مجاهد ابن سويد و هم يزعمون أنهم من قوم المقداد بن الأسود وهم بهذا من قضاعة و منهم من يزعم أنهم من تجيب إحدى بطون كندة و الله أعلم . و من ظواعن سويد هؤلاء ناجعة يعرفون بصبيح و نسبهم إلى صبيح بن علاج بن مالك و لهم عدد و قوة و هم يظعنون بظعن سويد و يقيمون بمقامهم .
و أما الحرث بن مالك و هم العطاف و الديام فموطن العطاف قبلة مليانة و رياسة ظعونهم لولد يعقوب بن نصر بن عروة من منصور بن أبي الذئب بن حسن بن عياض بن عطاف بن زيان بن يعقوب و ابن أخيه علي بن أحمد و بنيهم و معهم طائفة من براز إحدى بطون الأثبج و أقطعهم السلطان مغارم جبل دراك و ما إليه من وادي شلب و حال بينهم و بين موطن سويد و نشريس و لهم بلاد و زينة في قبلة الجبل رياستهم في ولد إبراهيم بن زروق بن رعاية من مزروع بن صالح بن ديلم و السعد بن العباس بن إبراهيم منهم لهذا العهد و كانت من قبل لعمه أبي يحيى بن إبراهيم و تقبض عليه السلطان أبو عثمان بإشارة عريف بن يحيى وأغرى به و هلك به و هلك في محبسه . و فيهم بطون كثيرة منهم بنو زيادة بن إبراهيم بن رومي و الدهاقنة أولاد هلال بن حسن و بنو نوال بن حسن أيضا و كلهم إخوة ديلم بن حسن و ابن عكرمة من مزروع بن صالح و يعرفون بالعكارمة و هؤلاء العطاف و الديالم أقل عددا من سويد و أولياؤهم في فتتتهم مع بني عامر لمكان العصبية من نسب مالك و لسويد عليهم اعتزاز بالكثرة و الديالم أبعد مجالا منهم في القفر و يحاذيهم في مواطنهم من جانب التلولبطن من بطون الحرث يعرفون بغريب نسبهم إلى غريب بن حارث حي حلول بتلك المواطن يطلبهم السلطان في العسكرة و يأخذ منهم المغارم و هم أهل شاء و بقر و رياستهم في أبناء مزروع بن خليفة بن خلوف بن يوسف بن بكرة بن منهاب بن مكتوب بن منيع بن مغيث بن محمد الغريب و هو جدهم ابن حارث و ترادفهم في رياستهم على غريب أولاد يوسف و هم جميعا أولاد بني منيع و سائر غريب من الأحلاف شيوخهم أولاد كامل و الله مالك الخلق و الأمر
—————————————————————————————————————- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) – تاريخ ابن خلدون – ج6 – ص.
59 (2) مبارك الميلي ـ تاريخ الجزائر في القديم والحديث ـ ج
2 (3) – تاريخ ابن خلدون – ج6 – ص.64 ـ 65
(4) مبارك الميلي ـ تاريخ الجزائر في القديم والحديث ـ ج2 ـ ص375 (5) مبارك الميلي ـ تاريخ الجزائر في القديم والحديث ـ ج2 ـ ص201
مواقع النشر (المفضلة)