سلمت وسلمت اناملك استاذي علی جميل طرحك
شكراً لك
الحركة العلمية في الاندلس
نقلا عن كتاب " لقاء الحضارات على ارض الاندلس " للدكتور فتحي زغروت
والد مؤسس موقع النسابون العرب
نشطت الحركة العلمية في الأندلس عامة و في قرطبة خاصة فى العصر الأموى وما تلاه من العصور الإسلامية حتى سقوطها فى ايدى القشتاليين ، نشاطا لامثيل له،حتى غدت بحق قاعدة العلوم ومركز الآداب ،وأصبح اسمها مرتبطا ارتباطا وثيقا بالعلم ،بل أصبح العلم من معالمها البارزة التى يتفاخر بها أبناء قرطبة ،ويعبر الفقيه أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطيه عن ذلك بهذين البيتين :
بأربع فاقت الامصار قرطبة وهن قنطرة الوادى وجامعها
هاتان ثنتان والزهراء ثالثة والعلم اكبر شىء وهو رابعها
ومما يروى عن شهرة قرطبة فى مجال العلوم ان ابا الفضل التيفاشى ذكر ما قاله ابن رشد لابن زهر فى تفضيل قرطبة على اشبيلية ، فقال:
" ما أدرى ما تقول غير أنه إذا مات عالم بإشبيلية فاريد بيع كتبه حملت إلى قرطبة حتى تباع فيها ، وإن مات مطرب بقرطبة فأريد بيع آلاته حملت إلى أشبيلية ".
ووصف ابن سعيد تقدم قرطبة قال أن "لأهلها رياسة ووقار ،لاتزال سمة العلم والملك متوازنة فيهم " ،وقال أيضا :"إن قرطبة أعظم علما واكثر فضلا بالنظر الى غيرها من الممالك لاتصال الحضارة العظيمة والدولة المتوارثة فيها ".
ولذلك اجتذبت قرطبة اليها فحول العلماء والادباء ،فأموها من كل أوب وصوب ، وقصدوها من شرق الإسلام وغربه ، وأصبحت الأندلس مجالا خصبا لنشاطهم العلمى ، بعد ان ضاق المشرق بمواهبهم ، ويتردد حكام قرطبة من جانبهم فى مباركة هذا النشاط العلمى ، فسعوا إلى توفير الأمن والاستقرار لهؤلاء الوافدين المشارقة ،فاحاطوهم برعايتهم ، وكان حكام قرطبة مستنيرين يقدرون العلم والمشتغلين به ،وكانوا على حظ كبير من الثقافة والعلم ، ينظمون الشعر ،ويشتركون مع الكتاب والشعراء وعلماء اللغة فى مجالس يجرى فيها نوع من المساجلات الادبية ، بل ان احدهم وهو الحكم المستنصردق نظره واستوسع علمه ،الى حد انه كان ملما بكثير من فروع المعرفة وعلى الاخص العلوم العقلية ، بحيث استحق ان يلقب عن جداره "الخليفة العالم".
ولقد اهتم أمراء بنى امية وخلفاؤهم باقتناء المصنفات النادرة،وارسلوا للبحث عنها والتماسها وشرائها من الخبراء المختصين . فالامير عبد الرحمن الأوسط بعث عباس بن ناصح الجزيرى إلى المشرق ليبحث له عن الكتب القديمة النادرة ،فأتى له بالسند هند وغيره .
ويعتبر عبد الرحمن الاوسط يداخل كل ذى علم فى فنه ، كما كان مكرما للعلماء ،محسنا لهم ،وكان يخلو بكبير الفقهاء يحيى بن يحيى الليثى ويشاوره . وكان شاعرا أديبا ذا همة عالية ،عالما بعلوم الشريعة والفلسفة ،كما كان مولعا بالسماع مؤثرا له على جميع لذاته.
غير ان الحركة العلمية فى قرطبة لم تصل إلى ذروتها إلا فى عصر الخلافة ، وعلى الاخص فى زمن الحكم المستنصر، وكان الحكم أكثر خلفاء بنى امية حبا للكتب ،وذكروا " انه جمع من الكتب مالايحد ولا يوصف كثرة ونفاسة،حتى قيل انها أربعمائة الف مجلد كما عرفنا سابقا، وانهم لما نقلوها استغرقت ستة اشهر فى نقلها ".
وذكر أبو محمد بن حزم ، عن تليد الخصى المتولى لخزانة العلوم والكتب بدار بنى مروان ان عدد فهارس مكتبة الحكم التى تشتمل على اسماء الدواوين44 فهرسة ،بكل فرسة عشرون ورقة .
واهتم الحكم المستنصر بهذه الكتب عناية كبرى ،فجمع فى قصره حذاق النساخين ،والمهرة فى الضبط ، والمجيدين فى التجليد صيانة لكتبه ،ولكن هذه المكتبة العظمى التى جهد الحكم فى تكوينها لم تلبث ان بددت عند حصار البربر لقرطبة فى سنة 400هـ ،فبيع اكثرها على يدى الحاجب ( واضح العامرى ) ، ونهب ما بقى منها على أثر دخول البربر مدينة قرطبة عنوة فى سنة 403هـ .
وكان المنصور محمد بن أبى عامر ـــ رغم حبه للفلسفة ــــ قد جرد مكتبة القصر من كتب الفلسفة والفلك وغيرها من الكتب ، وأحرقها بيده أمام نفرمن علماء قرطبة البارزين كالأصيلى وابن ذكوان والزبيدى ،ليظهر للناس غيرته على الدين . ([1])
وكان الحكم المستنصر من كبار علماء الاندلس ، سمع من قلسم بن اصبغ واحمد بن دحيم ،ومحمد بن عبد السلام الخشنى ،وزكريا بن خطاب ، واجاز له ثابت بن قاسم ،وكتب عن خلق كثير سوى هؤلاء ،وكان يستجلب المصنفات من الأقاليم والنواحي ويبذل فى اقتنائها ما امكن من الأموال حتى ضاقت عنه خزائنه ،وكان ذا غرام بها قد آثر ذلك على لذات الملوك .
ويذكر بن بشكوال انه قلما كان يوجد كتاب من خزائنه إلا وله فيه قراءة او نظر أو تعليق مهما كان موضوع الكتاب ،وكان يعتنى بكتابة نسب المؤلف ومولده وتاريخ وفاته ،ولذلك كان فى معرفته بحال العلم والأدب والأخبار والأنساب نسيج وحده ، وكان ثقة فيما ينقله . كذلك كان الحكم المستنصر محبا للعلماء ، مكرما لهم ، وكان يبعث فى استقدامهم من المشرق ،ويرحب بهم ، ويكرم مثواهم ،ويرفع منازلهم عنده ،ومن بين علماء المشرق الذين وفدوا إلى قرطبة على ايام أبيه أبو على اسماعيل بن القاسم القالى اللغوى صاحب كتاب الأمالى ، واتفق أن وصل الى قرطبة فى ايام الناصر سنة 330هـ، فأمر الناصر ابنه الحكم باستقباله عند نزوله بالاندلس ،واصطحابه معه الى قرطبة ،تكرمة له ،واحتفاء بمقدمه ، وعهد اليه الخليفة الناصر بتأديب الحكم ولده وولى عهده ، فاختص القالي بالحكم ، واهدى القالى كتابه الأمالى الى الخليفة الناصر بعد ان طرزه باسم الحكم ،وكان الحكم يعينه على التأليف بواسع العطاء ،ويشرح صدره بالأفراط فى الاكرام .
وكان وفود القالى الى قرطبة يمثل نهضة كبيرة فى الدراسات اللغوية والادبية، فعليه تتلمذ أبو بكر الزبيدى والعاصمى وابن العريف . ومن العلماء المشارقة الذين وفدوا الى الاندلس فى عهد هشام المؤيد الأديب اللغوى أبو العلاء صاعد بن الحسن البغدادى ،أراد به المنصور أن يعفى آثار أبى على القالى ،فتصدى صاعد لتأليف كتاب يفوق الامالى ، يمليه على مقيدى خدمة المنصور وكتاب دولته ،يكون أرفع من كتاب الأمالى قدرا واجل خطرا ، فاذن له المنصور فى ذلك ،فجلس صاعد بجامع مدينة الزهراء يملى كتابه المترجم بالفصوص ،فلما اكمله ناقشه أدباء العصر فلم يتركوا خبرا أوكلمة دون ان ينتقدوها، فامر المنصور بان يقذف بكتاب الفصوص فى النهر. ([2])
واذا كان المنصور محمد بن ابى عامر قد ضحى بكتب الفلسفة والفلك لاسترضاء فقهاء قرطبة وتدعيم مكانته فى قلوب عامتها المنغلبين على ذوى السلطان ،وكف يد المشتغلين بالفلسفة والاعتزال ،أسوة بما فعله الناصر قبله عندما احرق كتب ابن مسرة القرطبى خارج باب جامع قرطبة لتضمنها إشارات غامضة وعبارات مشبوهة عن منازل الملحدين ،فإنه نهض بالشعر نهضة كبيرة ،واحتضن الشعراء والأدباء ،وجعل لهم ديوانا رتبهم فيها إلى طبقات ،وقدرت جوائزهم على قدر مراتبهم .
وفى عهده ظهرت شخصيات أدبية شرقية وأندلسية مثل صاعد البغدادى والشاعر الرمادى الأندلسى والاديب الفيلسوف أبو المغيرة بن حزم وابن زمنين.
وفى عصر الطوائف ازدهرت الحركة الادبية والعلمية فى قرطبة فى ظل الوزير الأديب أبى حزم بن جهور ، فظهر ابن حزم القرطبى الأديب العالم الفيلسوف ، وابن زيدون الوزير الشاعر ،وابن حيان المؤرخ .
ولم تخمد هذه الحركة العلمية فى عصر دولتى المرابطين والموحدين ،فظهر ابن قزمان القرطبى مؤسس مدرسة الزجل ،والفيلسوف العظيم أبو الوليد بن رشد القرطبى ، كما ظهر فى التراجم ابن بشكوال وفى الآداب الشقندى ، وفى الفقه ابن عبد البر .
الهوامش:
1- قرطبة حاضرة الخلافة فى الأندلس (دراسة تاريخية ،عمرانية أثرية فى العصر الاسلامى) د . السيد عبد العزيز سالم.
1- قرطبة حاضرة الخلافة فى الأندلس (دراسة تاريخية ،عمرانية أثرية فى العصر الاسلامى) د . السيد عبد العزيز سالم.المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: تاريخ الاندلسhgpv;m hgugldm td hghk]gs - frgl ] tjpd .yv,j hgpv;m hgugldm td hghk]gs uglhx hghk]gs tjpd .yv,j
التعديل الأخير تم بواسطة د ايمن زغروت ; 14-10-2017 الساعة 10:54 AM
سلمت وسلمت اناملك استاذي علی جميل طرحك
شكراً لك
كتاب "لقاء الحضارات على ارض الاندلس"
للدكتور فتحي زغروت
والد مؤسس موقع النسابون العرب
حياكم الله الحبيب أبو عبد الله
وبرجاء تسطير السيرة الذاتية لوالدكم الكريم
متعه الله بالصحة والعافية
قرأت .... ثم اعدت القراءه.
وفي كل مره كنت اسافر الى تلك المساحة، الاندلس، واغيب فيها بين حضور مجالسها و متعة محاسنها.
ولكم الفضل سيدي بان شرعتم ابوابها في بديع قلمكم.
شكرا... شكرا.
أطال الله عمر الكاتب الجليل .. وجزى الله شبله الناقل لكل جميل
أشبعت نهْم القارىء الأصيل .. وأخرجت درّة من نبعٍ يشفي كل عليل
رعاك الله وعافاك وأبقاك ... سيدٌ نبيل
حياكم الله و بارك فيكم , و امد الله في عمر الوالد و متعنا به ...
بارك الله في الكاتب و في الناقل ..
صورة كافية شافية عن الحراك العلمي و الثقافي بالأندلس .
الف شكر موضوع جدا جميل
سلسال ماء عذب !!!
نأمل له الاستمرار ولا ينقطع لإشباع نهم القراء الكرام
بارك الله بكم
حياكم الله اخواني الكرام
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)