نقل جميل ... بوركت الأدي المخلصة
تاريخ عريق للبحيرة " قلّ من يعرفه " حفظ الله أرض الكنانة
كانت مصر وما زالت " قلب العروبة النابض "
البحيرة قنطرة الاسلام
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
- كان يوم 9 أبريل سنة 641 م (20 هـ) بداية انطلاقة هائلة للمسلمين نحو الهدف الذي قادهم إليه عمرو بن العاص -رضي الله عنه- إلى مصر ففي هذا اليوم انتهى الحصار الذي ضربه عمرو بن العاص على (حصن باب ليون) لمدة سبعة أشهر ، وبعدها ركب عمرو –رضي الله عنه- بخيله عبر الصحراء يريد الإسكندرية والتحم مع الروم في (ترنوط) التى تسمي الآن (الطرانة)* فانتصر عليهم ومضى إلى مدينة (نقيوس) وكان بها حصن منيع ، وأقام بها عمرو -رضي الله عنه- بضعة أيام حتى سلمت يوم 13 مايو ، وتشتت شمل السفن الرومية ، وتقهقر القائد الرومي (تيودور) بجيشه إلى الإسكندرية ثم عبر النيل إلى الضفة الغربية ، ومن هناك بعث عمرو -رضي الله عنه- أحد قواده ويدعى (شريك بن سمى) ليقضي على فلول الجيش الرومى المهزوم.
- وفي هذا الوقت كان إقليم البحيرة كثير الترع ، متعدد القنوات والمستنقعات فركب عمرو -رضي الله عنه- بخيله ليتفادى كل مكان دهس ، وكان (شريك) قد سبق وسرعان ما أدركته إمدادات بعث بها إليه عمرو -رضي الله عنه- مع (مالك بن ناعمة الصدفي) وكان يُعرف بصاحب الفرس الأشقر المسمى (أشقر صدف) لأنه كان فرساً لا يُجارى ، وأدركة الروم عند قرية تقع في شمال (الطيرية) بين (إمبابة) و (إيتاي البارود) ، فاعتصم بكوم هناك فأحاط به العدو في حركة التفاف ناجحة ، ولكن سرعان ما انقض (مالك) عليهم بفرسه من أعلى الكوم ، وأسرع الروم من خلفه فلم يدركوه ، ونجا منهم بأعجوبة على كثرة مالديهم من العدد والعدة ، وسمي هذا المكان (كوم شريك) باسم (شريك) الفارس المغوار الذي أسرع إلى معسكر القائد العام عمرو بن العاص -رضي الله عنه- ليخبره بما حدث في (كوم شريك).
- وسار عمرو بن العاص -رضي الله عنه- بمحاذاة الترعة التى تلي الصحراء في اتجاه الشمال الغربي حتى وصل إلى (الدلنجات) ، ومضي في طريقه حتى اعترضته حامية الروم عند (سنطيس) أو (سلطيس) وهى في جنوب دمنهور بسبعة كيلو مترات ، وهناك دارت المعركة وانتصر المسلمون ولاذ الروم بالفرار واستمر عمرو –رضي الله عنه- في زحفه نحو (دمنهور) فبدد بها شمل العدو واتجه إلى (الإسكندرية) ، وكانت ترعة الإسكنرية يومئذٍ قد نضب ماؤها ، فعبرها دون مشقة ، وقطع مسافة عشرين ميلاً حتى بلغ (حصن الكريون) ، وكان الروم قد تحصنوا به ، وآووا إلى ظله ، وهم في حيرة من أمرهم ، وكأنهم يتساءلون : ماذا يحدث إذا سقط (حصن الكريون) في أيدي العرب؟
- تقع (الكريون)** على الضفة اليمنى من ترعة الإسكندرية واشتهرت في العصر الروماني بوجود محطة لنقل الغلال عندها من إقليم البحيرة إلى الإسكندرية عبر ترعتها وكانت أيضاً تهيمن على هذه الترعة باعتبارها الشريان الأصلي للحياة الإقتصادية بالنسبة للإسكندرية ، وفضلاً عن هذا كله كانت آخر معقل للرومان من السلسلة الطويلة الممتدة من الحصون والقلاع مابين (باب ليون) و (الإسكندرية).
- وكان الرومان قد أسرعوا بترميمات حصون (الكريون) ، ومع ذلك كانت أقل مناعة من حصون (نقيوس) و (باب ليون) ، ولم يجد (تيودور) القائد الروماني بداً من الاعتصام بها من زحف المسلمين نحوهم ، وهناك توالت الإمدادات من (بيزنطة) ، كما بعث الأقباط بالمعونة من (خيس) و (سخا) و (بلهيب) التي هي (ديبي) و (سنطيس).
- وعند (الكريون) دارت رحي القتال بين الروم والمسلمين سنة 20هـ بضعة عشر يوماً وصمد جيش المسلمين بقيادة عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- ، وقد أيده أبوه -رضي الله عنه- بحامل اللواء (وردان) ، ويومئذٍ كان المسلمون اثنا عشر ألفاً ، يواجهون حامية من الروم لا يقل عددها عن خمسين ألفاً.
- وأصيب عبد الله بجراح خطيرة ، فطلب من (وردان) مولى أبيه أنْ يتقهقر قليلاً إلى الوراء ، فعرف (وردان) أنه يستبقي الحياة فسأله مستنكراً ، وأجابه مشجعاً حيث قال : الروح تريد؟ الروح أمامك وليس خلفك ، وعلم عمرو -رضي الله عنه- بالخبر فأرسل يسأل عن ابنه ، غير أنّ عبد الله -إزاء الإيمان بالموت في سبيل الله- أظهر الشجاعة في رده على أبيه مستشهداً بقول (ابن الإطنابه):
أقول لها إذا جشأت وجاشت *** رويدك تحمدي أو تستريحي
فقال عمرو –رضي الله عنه- إنه ابني حقاً ، وأقبل (وردان) على القتال ومعه عبد الله متكئاً على جراحه حتى صار في الشهداء.
- تأخر عمرو في فتح الإسكندرية ، فكتب إليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- يؤنبه على هذا التأخير ، وعقد اللواء لعبادة بن الصامت ، وصلى عمرو بالمسلمين صلاة الخوف ، ثم قام بهم إلى ساحة الخلود ، بين (الطرانة) و (الكريون) ، وخطب فيهم وقال: (سيروا على بركة الله ، فمن ركز منكم رمحاً في دار فهي له ولبني أبيه من بعده) ، والتحم الفريقان حتى فتح الله عليه (الكريون) ، ولم تعد أمامه عقبة في في الاستيلاء على المدينة الكبرى (الإسكندرية).
- تقهقر الروم إلى الإسكندرية ، ونزل المسلمون مابين (حلوة) و (قصر فارس) شرقاً ، وإلى ما وراء ذلك ، وكان الأقباط يُناصرون الروم ، ويمدونهم بالمؤنة ، فأقاموا شهرين ، حتى تحول عمرو-رضي الله عنه- منها إلى (المقس) ، فخرجت عليه الخيول من ناحية (البحيرة) متسترة بالحصن وجرى القتال عنده عنيفاً حتى قتل في (كنيسة الذهب) اثنا عشر رجلاً من المسلمين.
- المسلمون الآن عند (الكريون) لا يبرحونها ، فقد خلا لهم الطريق بعدها إلى الإسكندرية ، فمضى إليها عمرو –رضي الله عنه- بين بساتين الكروم وأشجار النخيل والكنائس والأديرة المنتشرة بأرباضها ، حتى وصل إلى أسوارها فحاصرها حتى سلمت مفاتيحها في نوفمبر سنة 641 م ، وأبرم عمرو –رضي الله عنه- عقد الصلح مع (المقوقس) كبير الأقباط ، والحاكم العام باسم الروم في الإسكندرية.
- وجعل عمرو القائد المسلم (وردان) والياً على (الإسكندرية) ، ثم سار عمرو من (الكريون) نحو الشرق على ضفاف النيل (في الحوف الغربي) وهو الإسم الذي أطلقة العرب على (إقليم البحيرة) حتى وصل إلى اخنا (ادكو حاليا) وهي غير بعيدة عن الإسكندرية ، فضرب الحصار حولها حتى اضطر حاكمها (طلما) إلى التسليم بعد وقوع عدد كبير من أهلها في أسر المسلمين ، فأرسلهم عمرو إلى الخليفة ، وعرض الإسلام على أهلها فأسلموا ، وأقبل (طلما) متوسلاً إلى عمرو -رضي الله عنه- أنْ يخفف الجزية فأشار إلى كنيسة مجاورة وقال : (لو أعطيتني من الأرض إلى السقف ما أخبرتك ، إنما أنتم خزانة لنا ، إنْ كثر علينا كثرنا عليكم وإنْ خفف عنا خففنا عنكم) ، وتم الصلح كما تم مع (قزماس) أو قزمان حاكم رشيد و (حنا) حاكم البرلس ، ووصل المسلمون إلى (دمياط) ، وبهذا تم استيلاؤهم على منافذ النيل على البحر .. بحر الروم (البحر الأبيض المتوسط) الذي أصبح بعد هذه الموقعة بحيرة إسلامية ، ومن ثم فقدت الإسكندرية مكانتها كعاصمة لمصر بعد أنْ وقع اختيار عمرو -رضي الله عنه- على (الفسطاط) فجعلها العاصمة.
منقول بتصرف بسيط من كتاب____________
"إقليم البحيرة صفحات مجيدة من الحضارة والثقافة"
لمحمد محمود زيتون
* الطرانة إحدى قري مركز حوش عيسي.
** الكريون بلدة بالقرب من قرية (معمل القزاز) بكفر الدوار.
المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: تاريخ مصر المعاصرhgfpdvm rk'vm hghsghl hgfpdvmKrk'vmKhgYsghl
نقل جميل ... بوركت الأدي المخلصة
تاريخ عريق للبحيرة " قلّ من يعرفه " حفظ الله أرض الكنانة
كانت مصر وما زالت " قلب العروبة النابض "
جزاك الله خيرا اخي الكريم على هذا الموضوع الجميل
الفاضل : الشريف أبو عمر الدويري
الفاضل : اكياد
الشكر الجزيل لكما على مروركما العطر وعلى حسن ثنائكما
كل عام وأنتم جميعاً بخير بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك
دمتم في حفظ الرحمن وأمنه
أرق التحايا؛؛؛
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)