مشيخة الغديات
أوردتهم هنا لدورهم التاريخي في كردفان و تحالفهم و تمثيلهم لسلاطين سنار في المنطقة، رغم أن نفوذهم و تواجدهم بدأ بالاضمحلال في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي لصالح قبيلتي الجوامعة و البديرية، و اللتان تشكلان أكبر مجموعتين في كردفان في الوقت الحاضر، بسبب انخراط الغديات في حروب مع القبائل المحلية في كردفان و حروبهم مع المسبعات و من ثم الأتراك، ما حد من قوتهم و نفوذهم.
و الغديات قبيلة تسكن كردفان جنوبي مدينة الأبيض على أطراف جبال النوبا، ولهم قوة ومنعة ومنهم مزارعون وأرباب ماشية وهم معروفون بالشجاعة والكرم، وكانوا يغزون النوباويتسرون منهم –أي يتخذون سراري من النوبا-، و ينتسبون إلى غدي بن سميرة بن الأمير سرار بن السلطان حسن كردم بن الأمير أبو الديس بن الأمير قضاعة بن الأمير عبد الله بن الأميرمسروق بن الأمير أحمد بن الأمير إبراهيم جعل –جد قبائل الجعليين-. و كان مركزهم في السواني، و من مناطقهم مَلْبِس و علوبة و الدويمة. تذكر روايتهم أنهم استقروا أولاً قرب جبل كرباج و مَلْبِس، ثم طردوا النوبا من جبل كردفان –جنوبي الأبيض- و حلوا محلهم و بسطوا نفوذهم على البديرية و الجوامعة و أصبح زعيمهم مندوباً عن سلطان سنار الذي خلع عليه لقب مانجل، و المانجل لقب هو في الأصل مانْجُلُك، و عرف به شيوخ العبدلاب و ملوكهم في سلطنة سنار، و قال شقير أنها مشتقة من: ما نَجَلُّ إلاّك، و الله أعلم، و فرض سلطان سنار ضريبة سنوية يؤديها زعيم الغديات إلى السلطان، و من ثم ظلت كردفان إسمياً تحت سيطرة الفونج. و لما سيطر المسبعات على كردفان في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، و هزموا الفونج –أصحاب دولة سنار-، تصدى لهم الغديات بقيادة عبد الله جدي بلولة فهزمهم هاشم المسبعاوي و قتل زعيمهم في ملبس جنوب الأبيض –و سنأتي لذكر المسبعات لاحقاً إن شاء الله-، و كان للغديات معارك ضارية مع الجوامعة الفضيلية الذين انهزموا، ثم كروا عليهم في أم هجيليجة و قتلوا الشيخ أبا سارة زعيم الغديات و من معه، و من زعمائهم إسماعيل ولد دلندوك الذي انضم للمهدية طلباً لثأر عمه علي ود كنونة الذي قتله الأتراك. أما علي ود كنونة، فهو شيخ قبيلة الغديات و سابع مناجل القبيلة، ولد سنة 1830م، و نقل مقر زعامته من السواني إلى الدويمة قرب كازقيل بمنطقة الرهد، و عندما غادر الحاكم التركي الأبيض لبعض شأنه و أوكل إلى إلياس باشا أم برير أمر الإدارة في غيابه، انتهز ود كنونة الفرصة و جمع أعداداً كبيرة من القبائل تصدوا للحكومة التي واجهتهم بقواتها، و قتل علي ود كنونة في معركة بخور عفينات سنة 1875م، و كان من المعارضين له أحد أبناء عمومته إسماعيل الأمين النور علي أبو شيران، و كان جده النور علي قد أقام مملكة مستقلة للغديات في علوبة، و كان علي أبو شيران آخر المناجل الذين عاشوا في جبل باقر مقر الغديات، و بعد دخول الإنجليز عادت الزعامة إلى فرع الرئاسة في القبيلة.

(المصدر: موسوعة عون الشريف ؛ تاريخ السودان لشقير؛ تاريخ العرب للفحل)


محمد بن عثمان الجعلي العباسي



ladom hgy]dhj hgr]dhj