النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: دولة السلاجقة قبيل الحروب الصليبية

دولة السلاجقة قبيل الحروب الصليبية قلنا إنه في أوائل القرن الخامس الهجري ظهرت قوة جديدة على الساحة الإسلامية، هي قوة الأتراك السلاجقة السُّنَّة القادمين من بلاد الأناضول وآسيا الصغرى،

  1. #1
    مشرف عام مجالس التاريخ وكنانة - عضو مجلس الادارة
    تاريخ التسجيل
    05-02-2010
    الدولة
    الحجاز
    المشاركات
    1,327

    1 (7) دولة السلاجقة قبيل الحروب الصليبية

    دولة السلاجقة قبيل الحروب الصليبية

    قلنا إنه في أوائل القرن الخامس الهجري ظهرت قوة جديدة على الساحة الإسلامية، هي قوة الأتراك السلاجقة السُّنَّة القادمين من بلاد الأناضول وآسيا الصغرى، وكان لهذه القوة أثر بالغ في القضاء على السيطرة الشيعية على الخلافة العباسية، وبلغت دولة السلاجقة أوج اتساعها في عهد ملكشاه بن ألب أرسلان، ولكن بعد وفاته سرعان ما حدث تنافس وصراع بين أبناء البيت السلجوقي؛ مما أضعف دولتهم وكان لهذه الصراعات أثرها في ضعف العالم الإسلامي، مما مهد للحروب الصليبية.

    انقسام دولة السلاجقة
    خريطة انقسام دول السلاجقةحدث صراع كبير بين السلاجقة الذين كانوا يعيشون في منطقة الأناضول (آسيا الصغرى) بقيادة سليمان بن قتلمش، وبين السلاجقة الذين يعيشون في الشام بقيادة تتش بن ألب أرسلان ويعاونهم سلاجقة فارس، وكان هذا الصراع في سنة (478هـ) 1086م، ونتج عن هذا الصراع مقتل سليمان بن قتلمش، وهو أقوى ملوك السلاجقة الروم[1]؛ مما أدى إلى فراغ سياسيٍّ ضخم في آسيا الصغرى، خاصةً أنه ترك ولدًا صغيرًا على ولاية عهده هو قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش، وبالتالي تفككت منطقة آسيا الصغرى إلى عدة دويلات صغيرة منفصلة، بل ومتناحرة.

    وكان من الآثار السيئة الأخرى لهذا الصراع أن فَقَد سلاجقة الروم وسلاجقة الشام أي ثقة في التعاون والاتحاد، وكان لهذا أشد الأثر في انهيار المقاومة أمام الصليبيين بعد ذلك[2].

    وهكذا صار ملك السلاجقة موزَّعًا على الصورة الآتية في نهاية القرن الخامس الهجري (نهاية القرن الحادي عشر الميلادي)

    أولاً: دولة السلاجقة الكبرى
    وهي التي خلفها ملكشاه الأول، وظلت تحكم أقاليم واسعة أهمها العراق وإيران، وكانت لها السيطرة المباشرة على الخلافة العباسية، وهذه كان بها صراعات داخلية، وإن كانت ظلت متماسكة إلى حدٍّ ما، وكان يحكمها خلفًا لملكشاه ابنه الأكبر بركياروق، وقامت ضده عدة ثورات من أقاربه وأعمامه، ولكنه ظل حاكمًا حتى وفاته (498هـ) 1104م[3].

    ثانيًا: بيت سلاجقة كرمان
    تقع جنوب إيران ومنطقة باكستان، وهم عشيرة قاروت بك بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، وهو أخو القائد الكبير ألب أرسلان.

    ثالثًا: سلاجقة العراق
    أي سلاجقة عراق العجم وكردستان (في شمال العراق).

    رابعًا: سلاجقة الشام
    وهم بيت تتش بن ألب أرسلان، وهؤلاء انقسموا على أنفسهم عدة انقسامات، وفتَّتوا الشام إلى عدة إمارات، سنأتي لتفصيلها بإذن الله.

    خامسًا: سلاجقة الروم بآسيا الصغرى
    وهم بيت قتلمش بن إسرائيل بن سلجوق، والذي كان أكبرهم سليمان بن قتلمش أقوى ملوكهم، الذي قُتل سنة (478هـ) 1086م، كما بيَّنَّا.

    ونتيجة هذه الصراعات المتتالية صار الوضع مزريًا قبيل دخول الجيوش الصليبية إلى أرض المسلمين.

    وضع دولة سلاجقة الشام
    ففي أرض الشام صارت حلب إمارة مستقلة تحت زعامة رضوان بن تتش، وصارت دمشق أيضًا إمارة مستقلة تحت حكم دقاق بن تتش، أما فلسطين فقد كانت تحت حكم سقمان وإيلغازي أولاد أرتق التركماني، وهو أحد القادة الذين كانوا يتبعون تتش بن ألب أرسلان[4].

    ثم إن الدولة العبيدية المسماة زورًا بـ الفاطمية -التي كانت تحكم مصر آنذاك- كانت متفوقة في أسطولها البحري عن السلاجقة؛ مما مكَّنها من السيطرة على موانئ الشام، وأهمها صور وصيدا وعكا وجبيل، غير أن ميناء طرابلس كان إمارة مستقلة تحت حكم ابن عمار أبي طالب، وهو من الزعماء الشيعة المنشقِّين عن الدولة العبيديّة[5].

    فكان هذا هو حال الشام! وهي المنطقة التي ستوجَّه إليها الحملات الصليبية القادمة.

    وضع دولة سلاجقة الروم
    ولم يكن حال سلاجقة الروم في آسيا الصغرى بأفضل من حال الشام، وخاصةً بعد مقتل سليمان بن قتلمش سنة (478هـ) 1086م[6]، وكان السلطان ملكشاه قد أخذ ابن سليمان بن قتلمش وهو قلج أرسلان إلى فارس تحت رقابته[7]، غير أنه عند وفاة ملكشاه وولاية ابنه بركياروق أطلق سراح قلج أرسلان ليصبح بذلك زعيم السلاجقة الروم[8]، وإن لم يتمكن من السيطرة على كل آسيا الصغرى. ولا يخفى على أحد أنه كان لا يمتلك الخبرة الكافية لهذه المهمة الكبيرة، وهي قيادة منطقة تموج بالمشاكل والفتن، سواء من المسلمين أو من غير المسلمين؛ فالمشاكل الداخلية بين الأتراك، والمشاكل مع سلاجقة الشام كانت مستمرة ومستعرة، إضافةً إلى وجودها إلى جوار الدولة البيزنطية العدو اللدود والتقليدي للمسلمين على مدار خمسة قرون متتالية.

    ثم إن آسيا الصغرى لم تكن وحدة واحدة، فأزمير مثلاً كانت تحت إمرة زاخارس، بينما كانت هناك إمارة الدانشمند، وهي إمارة أسسها أمير تركماني اسمه أحمد غازي، وكانت تشغل الشمال الشرقي من آسيا الصغرى، وكانت على خلاف مستمر مع السلاجقة في آسيا الصغرى، ومن ثَمَّ كان التحالف بينهما نادرًا ما يحدث، وفي ظروف ضيقة جدًّا[9].

    وليس هذا فقط، فقد شهدت سنة (490هـ) 1095م توسُّعًا بيزنطيًّا في غرب آسيا الصغرى، واستولت على الجهات الساحلية في نيثنيا وأبونيا[10]، ومما زاد الموقف تعقيدًا في آسيا الصغرى وجود أعداد كبيرة من الأرمن كانوا يعيشون في دولتهم في هذه المنطقة منذ فترات طويلة، لكن الدولة البيزنطية ضمت أرمينيا إلى أملاكها في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، لكن مع توسع السلاجقة في القرن الخامس الهجري في آسيا الصغرى على حساب أملاك الدولة البيزنطية اجتاح السلاجقة الكثير من أقاليم أرمينيا؛ مما جعل الأرمن يهاجرون إلى الجنوب الشرقي من آسيا الصغرى حيث الطبيعية الجبلية الصعبة في إقليم قليقية، كما تركزوا في ثلاث مناطق أخرى متفرقة هي ملطية والرُّها وأنطاكية[11].

    مع العلم أن هذه المناطق الثلاثة الأخيرة كانت تجمعات بيزنطية قديمة. ومن ثَمَّ أصبحت خليطًا من الأرمن الكاثوليك والبيزنطيين الأرثوذكس، غير أن سليمان بن قتلمش استطاع ضم أنطاكية لحكم السلاجقة سنة(477هـ) 1085م، وتسرب إليها المسلمون ليعيشوا فيها جنبًا إلى جنب مع البيزنطيين والأرمن[12]، وكذلك الرها فقد سيطر عليها ملكشاه، لكنه أقر على حكمها أحد الأرمن وهو ثوروس مع دفع الجزية[13]، ونفس الأمر حدث في ملطية فقد سيطر عليها أحد رجال الأرمن يُدعى جبريل، وكان كذلك يعلن الولاء للسلاجقة[14].

    ومن هنا نرى أن هذا الوجود الأرمني المكثف جعل الأمور غير مستقرة وغير آمنة في هذه المناطق الثلاثة، إضافةً إلى إقليم قليقية في الجنوب الشرقي من آسيا الصغرى، وهذا كله سيكون له آثار مباشرة في نجاح الحملة الصليبية الأولى كما سيتضح لنا.

    وهكذا نرى أن التركيبة السكانية الصعبة في آسيا الصغرى والمكوَّنة من سلاجقة وأرمن وبيزنطيين، والتفتُّت الواضح في مراكز الحكم، والعلاقات السلبية بين الطوائف المختلفة، والتوتر الشديد مع المناطق المحيطة، كل هذا أدَّى إلى وضع معقد جدًّا في هذه المناطق، لعله يفسِّر الاقتحام الصليبي المرتقب لمنطقة آسيا الصغرى وما حولها.

    [1] النويري: نهاية الأرب 27/93.
    [2] سعيد عاشور: الحركة الصليبية 1/90،89.
    [3] انظر: ابن كثير: البداية والنهاية 12/150-164، وابن القلانسي: ذيل تاريخ دمشق ص127.
    [4] سعيد عاشور: الحركة الصليبية 1/96، وعماد الدين خليل: الإمارات الأرتقية في الجزيرة والشام ص66،65.
    [5] ابن الأثير: الكامل في التاريخ 8/425،424.
    [6] النويري: نهاية الأرب 27/93.
    [7] انظر: سبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ص443.
    [8] زامباور: معجم الأنساب والأسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي ص215.
    [9] Grousset: Hist. des Croisades l, L Vll – Llll.
    [10] سعيد عاشور: الحركة الصليبية 1/100.
    [11] lorga: L`Armenie Cilicienne, pp. 7-88.
    [12] ابن الأثير: الكامل في التاريخ 8/294، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان ص422.
    [13] Chalandon: Hist. de la Premiere Croisad, p. 175.
    [14] Setton, op cit l, p. 299.


    ],gm hgsgh[rm rfdg hgpv,f hgwgdfdm


  2. #2
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    وأقتبس من مقالك : "وهكذا نرى أن التركيبة السكانية الصعبة في آسيا الصغرى والمكوَّنة من سلاجقة وأرمن وبيزنطيين، والتفتُّت الواضح في مراكز الحكم، والعلاقات السلبية بين الطوائف المختلفة، والتوتر الشديد مع المناطق المحيطة، كل هذا أدَّى إلى وضع معقد جدًّا في هذه المناطق، لعله يفسِّر الاقتحام الصليبي المرتقب لمنطقة آسيا الصغرى وما حولها".
    هذه زبدة القول، وقد سبق وقلت في تعليق لي عند ورود اسم الأرمن ما لهؤلاء من دور في تفتيت قوة الحكم السلجوقي وخاصة حيث مركزه آسيا الصغرى من تركيا التاريخية الكبيرة!
    بارك الله فيك اخي عبدالمنعم ..ونتابعك

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الحروب الصليبية لماذا . سبب الحروب الصليبية الى اليوم . بقلم جلال العالم
    بواسطة مفيد في المنتدى مجلس الفكر الاسلامي و الرد على الشبهات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-07-2017, 04:54 AM
  2. الحروب الصليبية احد قصص حقد الغرب على الاسلام
    بواسطة مفيد في المنتدى مجلس الفكر الاسلامي و الرد على الشبهات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-07-2017, 04:37 AM
  3. مختصر قصة الحروب الصليبية
    بواسطة عبدالمنعم عبده الكناني في المنتدى تاريخ الدولة المملوكية
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 20-03-2016, 07:34 AM
  4. مصر وبلاد المغرب العربي والأندلس قبيل الحروب الصليبية
    بواسطة عبدالمنعم عبده الكناني في المنتدى تاريخ الدولة الأيوبية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 14-03-2016, 04:39 PM
  5. العالم الإسلامي قبيل الحروب الصليبية
    بواسطة عبدالمنعم عبده الكناني في المنتدى تاريخ الدولة الأيوبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 13-03-2016, 04:46 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum