النتائج 1 إلى 21 من 21

الموضوع: النوادر والطرف في الادب العربي- شخصية جحا

النوادر والطرف في الادب العربي (1) من الطبيعي أن يضحك ويبتسم الانسان، فالضحك وسيلة التعبير عن البهجة والسرور، والطرائف والنوادر ملح الحياة وزينتها وكما وصفها القدماء (بها جلاء القلب

  1. #1
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي النوادر والطرف في الادب العربي- شخصية جحا

    النوادر والطرف في الادب العربي

    (1)
    من الطبيعي أن يضحك ويبتسم الانسان، فالضحك وسيلة التعبير عن البهجة والسرور، والطرائف والنوادر ملح الحياة وزينتها وكما وصفها القدماء (بها جلاء القلب وتسلية النفس )، وحس الفكاهة مهارة يختص به بعض الناس دون غيرهم وقد تبدو هذه المهارة في رواية واختراع النوادر أو اختلاق المواقف الكوميدية وتمثيلها أو تأليفها وتدوينها في كتب أدبية أو أعمال فنية.
    لقد اشتهرت حكايات النوادر والطرف في الادب العربي على مر العصور..وكان لكل عصر شخصياته الهزلية التي يُتندّر بها..فكانت شخصيات في الجاهلية ك هبنّقة وغيره، وزمن العصر الاول من الاسلام حيث كان التندّر على أنقى صوره وأجملها من غير استهزاء بالآخرين.. أمّا الذي يليه فقد ظهرت مكامن قوّة عند العرب وبراعة فيه لم تك من قبل في سالف العصور والدهور..

    والتراث العربي حافل بالنوادر والطرائف وبالشخصيات الظريفة، ويعد الجاحظ الأديب الساخر ذا الروح المرحة والسخرية الذكية أشهر من وضع النوادر والطرائف وجمعها في كتابه النفيس (أخبار البخلاء)، حيث أبدع الجاحظ في وصف البخلاء وتصويرهم تصويراً واقعياً حسياً نفسياً فكاهياً، فأبرز لنا حركاتهم ونظراتهم القلقة ونزواتهم النفسية، وفضح أسرارهم وخفايا منازلهم وأطلعنا على أحاديثهم وحواراتهم، وحلل نفسياتهم وأحوالهم، ولكنه بالرغم من ذلك كله لا يكرهنا بهم لأنه لا يترك لهم أثراً سيئاً في نفوسنا.
    ومن كتب التراث العربي التي غلبت عليها روح النكتة والظرافة أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي والذي تناول أخبار ومواقف الحمقى واستعرض في كتابه القيم أشعار وفصاحة وطبائع وصفات وأنواع الحمقى، كذلك يورد ابن الجوزي في كتابه الأمثال التي ضربت في الحمقى وبأسلوب فكاهي ظريف.

    كما روى الأصمعي الذي لقب براوية العرب وعده المؤرخون أحد أئمة الأدب واللغة والشعر في كتابيه (النوادر) و( نوادر الأعراب) طرائف وقصصا ذاع صيتها وانتشرت بين الناس.
    ومن أشهر الشعراء الذين قدموا صوراً كوميدية حية الشاعر العباسي ابن الرومي المعروف بسخريته وظرافته حتى في هجائه القاسي، حيث يصف الشخص الذي يهجوه بصورة كاريكاتورية ساخرة مثيرة للضحك.

    وقد ابتدعت الكثير من الشعوب شخصيات كوميدية خيالية تتلاءم مع طبيعتها وظروفها الاجتماعية والاقتصادية، تروى عنها قصصا مضحكة تتسم بالسذاجة أحياناً وأحياناً أخرى بالذكاء ورفاهة الحس، مثل شخصية جحا عند العرب، ونصر الدين خوجة في تركيا وملا نصر الدين في إيران وكردستان، وشخصية آرتين في أرمينيا وغابروفو ذي اللسان السليط في بلغاريا، وآرو اليوغسلافي المغفل ..
    وجحا العربي شخصية ليست خيالية بطلها رجل فقير كان يعيش بطريقة مختلفة عن الآخرين ويتصرف بذكاء كوميدى ساخر، وقد انتشرت قصصه ومواقفه المضحكة وتداولها الناس على مر العصور حتى عصرنا هذا، حيث ماتزال شخصية جحا ترمز للظرافة وخفّة الظل.

    الكثير منا لا يعرف " جحا " ولا يعرف من هو مع ان نوادره ملآت الدنيا من ألف عام واكثر شخصية خيالية فكاهية في الأدب العربي، أضحك الملايين على مدى قرون طرد عنها الحزن والأسى بحكاياته الطريفة المضحكة خلال أكثر من ألف عام

    عاش نصف حياته في القرن الأول الهجري ونصفها الآخر في القرن الثاني الهجري، فعاصر الدولة الأموية وبقي حياً حتى حكم الخليفة المهدي، وقضى أكثر سنوات حياته التي تزيد على التسعين عاماً في الكوفة.

    هو أبو الغصن دُجين الفزاري المشهور ب(جحا)
    اختلف فيه الرواة والمؤرخون، فتصوّره البعض مجنوناً وقال البعض الآخر
    إنه رجل بكامل عقله ووعيه وإنه يتحامق ويدّعي الغفلة ليستطيع عرض آرائه النقدية
    والسخرية من الحكام بحرية تامة.

    وما إن شاعت حكاياته وقصصه الطريفة حتى تهافتت عليه الشعوب،
    فكل شعب وكل أمة على صلة بالدولة الإسلامية صمّمت لها (جحا) خاصاً بها
    بتحوير الأصل العربي بما يتـلاءم مع طبيعة تلك الأمة وظروف الحياة الاجتماعية فيها.
    ومع أن الأسماء تختلف وشكل الحكايات ربما يختلف أيضاً.
    ولكن شخصية (جحا) المغفّل الأحمق وحماره هي هي لم تتغيّر .

    شخصية فكاهية حقيقية، لكنها سرعان ما انفصلت عن واقعها التاريخي،
    وأصبحت رمزًا فنيًا، ونموذجًا نمطيًا للفكاهة في التراث العربي.
    ومن هنا قيل على لسانه آلاف النوادر أو الحكايات المرحة، على مر العصور.
    لقد نسي الناس جذوره التاريخية، ولكنهم لم ولن ينسوا أبدًا أسلوبه الضاحك وفلسفته الساخرة.

    وعلى الرغم من كثرة أعلام الفكاهة في التراث العربي، فإن جحا يبقى أشهر شخصية نمطية فكاهية، لاتزال حيّة فاعلة ـ حتى اليوم ـ في الذاكرة الجمعية العربية، الأدبية والفولكلورية والثقافية.

    وشهرته الفنيِّة لا تلغي الدور التاريخي الذي يؤكد أن جحا شخصية حقيقية.
    فهو أبو الغصن دُجَيْن بن ثابت الفزاري، ولقبه جحا، وقد عرف بين معاصريه بالطيبة والتسامح الشديدين، وأنه كان بالغ الذكاء، وتنطوي شخصيته على قدر كبير من السخرية والفكاهة.

    ووسيلته إلى ذلك ادّعاء الحمق والجنون، أو بالأحرى التحامق والتباله في مواجهته لصغائر الأمور اليومية، استعلاء منه على حياة فانية، وشعورًا بعبثية الصراع الدنيوي، وإحساسًا بالجانب المأساوي للوجود الإنساني (الموت) في وقت معًا.

    ولذلك لا غرو أن يعمّر جحا، وأن يعيش مائة سنة، كما يقول الجاحظ. وقد شهدت الفترة التاريخية التي عاصرها جحا أحداثًا جسامًا كان لها أبعد الأثر في أسلوبه وفلسفته في الحياة والتعبير، منها مأساة السقوط الدموي للدولة الأموية، وهيمنة الدولة العباسية ـ بقوة السيف ـ على مقدرات الأمور العربية الإسلامية،
    وسط مناخ ثقافي حافل آنذاك بالصراع السياسي والعسكري والمذهبي والعرقي.

    شرع اسم جحا يتردد في أدبيات القرنين الثاني والثالث للهجرة
    مقرونًا ببعض النوادر، كما ذكر الجاحظ
    ولكن ما نكاد نصل إلى القرن الرابع الهجري
    حتى تكون نوادره المتواترة شفهيًا
    قد عرفت طريقها إلى التدوين في أسواق الوراقين باسم كتاب نوادر جحا
    الذي كان من الكتب المرغوب فيها على حد تعبير ابن النديم في الفهرست.
    ومن أقدم التراجم التاريخية التي وصلت إلينا عن جحا
    تلك الترجمة الضافية التي ذكرها الآبي ( المتوفي سنة 421هـ 1030م )
    في موسوعته نثر الدرر.

    بل إنك تجد الطرائف الواردة في كتاب (نوادر جحا) المذكور في [[فهرست ابن النديم (377هـ) هي نفسها لم يختلف فيها غير أسماء المدن والملوك وتاريخ وقوع الحكاية، فجحا العربي عاش في القرن الأول الهجري واشتهرت حكاياته في القرنين الثاني والثالث، وفي القرون التي تلت ذلك أصبح (جحا) وحكاياته الظريفة على كل لسان.

    وقد ألّفت مئات الحكايات المضحكة ونُسبت إليه بعد ذلك، ويبدو أن الأمم الأخرى استهوتها فكرة وجود شخصية ظريفةمضحكة في أدبها الشعبي لنقد الحكام والسخرية من الطغاة والظالمين، فنقلت فكرة (جحا العربي) إلى آدابها مباشرة، وهكذا تجد شخصية (نصر الدين خوجه) في تركيا، و(ملة نصر الدين) في إيران، و(غابروفو) جحا بلغاريا المحبوب، و(ارتين) جحا أرمينيا صاحب اللسان السليط، و(آرو) جحا يوغسلافيا المغفل.

    وبعودة بسيطة إلى التاريخ تكتشف أن كل هذه الشخصيات في تلك الأمم قد ولدت واشتهرت في القرون المتأخرة، وهناك شك في وجودها أصلاً، فأغلب المؤرخين يعتقدون أنها شخصيات أسطورية لا وجود لها في الواقع، وقد اشتهرت حكاياتها في القرون الستة الأخيرة، وربما أشهرها وأقدمها هو (الخوجة نصر الدين) التركي الذي عاصر تيمورلنك في القرن الرابع عشر الهجري، كما يتضح ذلك من حكاياته الطريفة مع هذا الطاغية المغولي.

    ومن اللافت للنظر، أن المأثور الجحوي بعامة، لم يكن وقفًا على النقد السياسي أو الاجتماعي فحسب، بل أدى وظائف أخرى، نفسية وجمالية، بالضرورة. فالنوادر الجحوية ليست إلا تعبيرًا عن واقع نفسي وخارجي معًا، في بنية واحدة متعاضدة، إنها هنا تسخر، تنتقد، تنتقم، تفرج، تسِّري، فهي تنفيس وتفريغ لشحنات انفعالية سالبة. وتأتي النوادر الجحوية ـ في وظائفها الجمالية والإمتاعية ـ

    تحقيقًا للجانب الباسم في مسرح الحياة، باعتبارها رواية هزلية كبرى كما يقال، وغايتها عندئذ التسلية والإمتاع، إما تحقيقًا لهذا الجانب الباسم من الحياة (ابتسم تبتسم لك الحياة)، وإما تسرية وترفيهًا وتفريجًا عن بعض كرب الحياة وضنك العيش (شر البلية ما يضحك).

    وبذلك تمنحنا هذه النوادر قدرًا من "التطهير" النفسي الذي يزود المرء أو الجماعة بقوة التحمل والصبر والتفاؤل في خضم الإحباط الفردي أو الجمعي (القومي) وكأنها جرعة إنقاذية وتنشيطية غايتها " تطعيم" الناس ضد واقع محبط، وراهن جارح، وبذلك تضفي هذه النوادر الجحوية على الحياة والواقع قدرًا من التجميل الخيالي والتطهير النفسي الذي يحتاجه الناس كثيرًا.


    كما اشتهرت شخصيات أخرى بظرفها ونوادرها مثل شخصية أشعب الأكول وهو رجل حقيقي عاش في المدينة المنورة اشتهر بجشعه وطمعه وحبه للأكل وكانت له طرائف كثيرة ما زالت تروى في القصص الشعبية، واعطت نوادر أشعب صورة صادقة عن الأوضاع السياسية والحياة الاجتماعية في زمنه.
    النوادر والطرائف والكوميديا بأنواعها حاجة ملحة تزداد كلما تعقدت الظروف وتعددت الخطوب، وما أحوجنا اليها في زمننا هذا لتبدد ضيق النفوس وتزيل هموم القلوب، وكما يقول علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ): (أعط الكلام من المزح بمقدار ما تعطي الطعام من الملح )، وكما قال القاضي عياض: (التحدث بمُلَح الأخبار، وطُرف الحكايات تسلية للنفس، وجلاء للقلب ).


    ولقد اهتم النقاد بدراسة شخصية " جحا " وتمكنوا من تفنيدها بين الحقيقة و التوهم ورأوا أنَّ :

    جحا شخصية فكاهية حقيقية، لكنها سرعان ما انفصلت عن واقعها التاريخي، وأصبحت رمزًا فنيًا، ونموذجًا نمطيًا للفكاهة في التراث العربي. ومن هنا قيل على لسانه آلاف النوادر أو الحكايات المرحة، على مر العصور. لقد نسي الناس جذوره التاريخية، ولكنهم لم ولن ينسوا أبدًا أسلوبه الضاحك وفلسفته الساخرة.
    وعلى الرغم من كثرة أعلام الفكاهة في التراث العربي، فإن جحا يبقى أشهر شخصية نمطية فكاهية، لاتزال حيّة فاعلة ـ حتى اليوم ـ في الذاكرة الجمعية العربية، الأدبية والفولكلورية والثقافية. وشهرته الفنيِّة لا تلغي الدور التاريخي الذي يؤكد أن جحا شخصية حقيقية. فهو أبو الغصن دُجَيْن بن ثابت الفزاري، ولقبه جحا، وقد عرف بين معاصريه بالطيبة والتسامح الشديدين، وأنه كان بالغ الذكاء، وتنطوي شخصيته على قدر كبير من السخرية والفكاهة. ووسيلته إلى ذلك ادّعاء الحمق والجنون، أو بالأحرى التحامق والتباله في مواجهته لصغائر الأمور اليومية، استعلاء منه على حياة فانية، وشعورًا بعبثية الصراع الدنيوي، وإحساسًا بالجانب المأساوي للوجود الإنساني (الموت) في وقت معًا. ولذلك لا غرو أن يعمّر جحا، وأن يعيش مائة سنة، كما يقول الجاحظ. وقد شهدت الفترة التاريخية التي عاصرها جحا أحداثًا جسامًا كان لها أبعد الأثر في أسلوبه وفلسفته في الحياة والتعبير، منها مأساة السقوط الدموي للدولة الأموية، وهيمنة الدولة العباسية ـ بقوة السيف ـ على مقدرات الأمور العربية الإسلامية، وسط مناخ ثقافي حافل آنذاك بالصراع السياسي والعسكري والمذهبي والعرقي.

    وفي مثل هذه الظروف التاريخية الاجتماعية حدث أن استدعى أبو مسلم الخراساني ـ عندما نزل الكوفة ـ جحا لشهرته، عسى أن يظفر منه بطرفة أو فكاهة في خضم حروبه الدموية، فخشي جحا على نفسه، وادعى الحمق والجنون في حضرته. وبالرغم من ذلك فقد أعجب به أبو مسلم، وحدث عنه الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور، الذي بادر فاستدعاه إلى دار الخلافة في بغداد لعله يصلح نديمًا أو مضحكًا (مهرجًا) في بلاطه. وقد أدرك جحا عاقبة مثل هذا الدور وهامشيته ومخاطره وقيوده، فما هو بمهرج وما ينبغي له أن يكون كذلك. فتمادى في ادعائه الحمق والجنون حتى أفرج عنه المنصور بعد أن أجزل له العطاء. وكان لمثل هذا اللقاء أثره البالغ أيضًا في ازدياد شهرته، وطلب الناس له في مجالسهم، والإغداق عليه. وهم سعداء به وبنوادره، وبرؤيته الساخرة للحياة والأحياء جميعًا، وهنا قال جحا قولته الساخرة المشهورة: "حُمْق يعولني خيرٌ من عقلٍ أعوله".


    >> يتبع بأمر الله سبحانه


    hgk,h]v ,hg'vt td hgh]f hguvfd- aowdm [ph


  2. #2
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    (2)
    [align=right]ومن الطريف الدال على أن جحا استمرأ هذا الأمر ـ التغابي أو التحامق ـ ما دام يعفيه من تبعات الناس، ويتيح له قدرًا كبيرًا من الشجاعة في قول الحق، وحكمة الرأي وأن يكون صريحًا في التعبير عن نفسه، أنه دائمًا يستسلم لرغباته في لحظاته، وإنْ اتهمه الناس بالحمق والجنون ـ فليس ثمة عندئذ من حرج ـ مما يجعله بريئًا من الخوف أو الكبت وقادرًا على قول "المسكوت عنه" دائمًا، اجتماعيًا وأخلاقيًا وسياسيًا وإنسانيًا.[/align]
    [align=right]وشرع اسمه يتردد في أدبيات القرنين الثاني والثالث للهجرة، مقرونًا ببعض النوادر، كما ذكر الجاحظ، ولكن ما نكاد نصل إلى القرن الرابع الهجري حتى تكون نوادره المتواترة شفهيًا قد عرفت طريقها إلى التدوين في أسواق الوراقين باسم كتاب نوادر جحا الذي كان من الكتب المرغوب فيها على حد تعبير ابن النديم في الفهرست. ومن أقدم التراجم التاريخية التي وصلت إلينا عن جحا، تلك الترجمة الضافية التي ذكرها الآبي (المتوفي سنة 421هـ، 1030م) في موسوعته نثر الدرر. ثم توالت التراجم له في كثير من المصادر الأدبية والتاريخية اللاحقة. وعلى الرغم من أنها أجمعت على الوجود التاريخي لهذه الشخصية، فإنها أنكرت عليه كل ما روي عنه من نوادر بلغت من الكثرة حدًا يستحيل ـ زمانًا ومكانًا ـ أن تكون جميعًا متصلة به، بل ذكر الآبي صراحة: "أن له جيرانًا كانوا يضعون عليه هذه النوادر" أي يؤلفونها وينسبونها إليه، بل أضافوا إليه أيضًا ـ كما يقول ـ نوادر غيره من نوادر الحمقى والمغفلين والأذكياء وعقلاء المجانين وأمثالها من النوادر الذائعة في التراث العربي. وهذا يعني أن الوجدان الشعبي العربي قد انتخب جحا رمزًا لكل ضروب الفكاهة، خاصة بعد أن تَزيَّدَ الناس عليه، فنسبوا إليه، على مر العصور، آلاف النوادر حتى ليقول عباس محمود العقاد في كتابه جحا الضاحك المضحك عبارة طريفة ذات دلالة:هي أن جحا لو تفرغ في حياته لصناعة النوادر التي نسبت إليه، لمات قبل أن تنفد روايتها أو ينتهي هو من إبداعها. ومعني هذا أن جحا انفصل عن واقعه التاريخي وتحول إلى رمز فني استقطب معظم ما قيل من نوادر التراث العربي، الذائعة، وما أكثرها! بل شرع الشعب العربي، على تعدد أقطاره، يؤلف ما يؤلف من نوادر وينسبها إلى جحا على مر العصور.
    [/align]

    [align=right]وهذا يعني أن المأثور الجحوي الذي لايزال يتنامى حتى اليوم، لم يكن ـ بداهة ـ من تأليف جحا أو إبداعه، بل كان تعبيرًا جَمْعِيّاً من إبداع الشعب العربي بعامة، ترسيبًا للتجربة ونزوعًا إلى السمر في وقت ما. فأعلن المجتمع الشعبي على لسان جحا تأملاته في الحياة والأحياء، وجسّد تصوراته السياسية والاجتماعية والدينية، بما في ذلك "المسكوت عنه" وصاغ رؤيته للعالم، ونظرته للقيم والمثل العليا، كما ينبغي أن تكون، وذلك في صياغة أدبية جمالية، ذات قالب سردي أو شكل فني متميز هو فن الحكاية المرحة أو ما عرف في تراثنا الأدبي باسم النوادر والطرف والتي أصبح في زماننا اسمها النكات..وصارت ترتبط إمّا بأماكن وأهلها وسكانها و/أو بالذاكرة الشعبية الجمعية بالحكاية عن فلان وكان هزليا..وهو كثير وتكاد لا تخلو قرية منه..فمثلا فلان واسمه كيت ولباسه كيت ويصنع كيت..وذلك من البلد الفلاني واهل ذلك البلد جميعهم ممن صار يُتندّر بهم وتُحكى عنهم النكات والطرف والنوادر..وهذا مشتهر جدا..[/align]
    [align=right]غير أن النقلة النوعية الكبرى في حياة النموذج الجحوي تحققت في القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، عندما دخل العرب تحت السيادة العثمانية، حيث استهوى الأتراك آنذاك هذا النموذج الجحوي العربي، فقاموا بنقل نوادره وترجمتها إلى التركية، ونسبتها إلى شخصية تركية شبيهة بالنموذج العربي، اشتهرت أيضًا بميلها للدعابة، وجنوحها إلي السخرية، وحبها للفكاهة، هي شخصية الخوجة نصر الدين، الذي كان معلمًا وفقيهًا وقاضيًا. وقد قُدّر له أن يلتقي ـ تاريخيًا ـ بتيمورلنك الطاغية المعروف؛ وأن تكون بينهما من المواقف والطرائف ما يعكس حمق هذا الطاغية وظلمه وجبروته ضد المستضعفين أفرادًا وجماعات.[/align]
    [align=right]وفي ضوء اتصال الثقافتين الإيرانية والتركية إبان العصور الوسطى، ادّعى الإيرانيون أيضًا لأنفسهم هذه الشخصية، وأطلقوا عليها اسم المُلاَّ نصر الدين وزعموا أنها إيرانية لا تركية، ونسبوا إليها النوادر الجحوية، التركية والعربية معًا، فازدادت هذه الشخصية الفكاهية ثراء وشهرة وذيوعًا في تركيا وإيران، إلى جانب شهرته العربية بطبيعة الحال لكونه النموذج الأصل. وغدت هذه النماذج الجحوية الثلاثة جزءًا من التراث الشعبي الإسلامي، وعبر هذا التراث ـ عربيًا وتركيًا وفارسيًا ـ استطاع جحا العربي أن يعرف طريقه، باسمه وبنوادره معًا أو بنوادره دون اسمه، إلى الآداب العالمية، خاصة في إفريقيا وأوروبا وروسيا وبلاد البلقان والصين وغيرها. وذلك في الوقت الذي تجاهلت فيه ثقافتنا الرسمية السائدة حديثًا هذا النموذج الفني الإنساني، وغابت عنا أصوله العربية خاصة عندما شرع الناشرون العرب في طباعة كتب التراث العربي، فذكروا في فهارسها ـ كلما ذكر جحا العربي ـ أنه المعروف باسم الخوجة نصر الدين. ولما جمعوا هذه النوادر في كتب مستقلة أذاعوها بين الناس تحت عنوان نوادر جحا الكبرى الشهير بنصرالدين خوجة إما جهلاً بأصوله العربية ونوادره الذائعة في كتب التراث العربي المدونة قبل ظهور الدولة العثمانية ذاتها، وهو الأرجح، وإما مجاملة لثقافة الطبقة التركية السائدة خلال القرون الأربعة الأخيرة التي كان العالم العربي فيها تابعًا للخلافة العثمانية.[/align]
    [align=right]ولما كان المجتمع الشعبي العربي لا يحفل بتراثه الشعبي إلا بقدر ما يحقق له هذا التراث من وظائف حيوية، فكرية وجمالية، فإنه ظل يردد ـ في موروثه الشعبي الشفهي ـ نوادر النموذج الجحوي العربي، بل صار كل قطر عربي يدعيه لنفسه، حتى بات هناك جحا المصري، وجحا الليبي، وجحا السوري، وجحا العراقي، وهكذا. واختلط الأمر على المثقفين العرب، ودبّجوا الكتب والمقالات في جحا الإقليمي، دون أن ينتبهوا أو يتبينوا أصوله العربية القومية الأساس. لكن الدراسات الفولكلورية المعاصرة أثبتت أنه ما من قطر عربي إلا وعرف النموذج الجحوي (العربي / القومي) بسَمْتِه وملامحه، وأسلوبه وفلسفته في الحياة والتعبير، فعرف فيه "صمام أمان وعصا توازن" في خضم تحدياته ومعوقاته ـ وتمثْلَ نوادره زادًا فنيًا ونفسيًا بعيد الأثر قد يدفعه إلى الابتسام والسخرية، وقد يدفعه إلى الضحك والدعابة، لما فيها من انحراف عن المألوف أو تلاعب باللفظ أو خطأ في القياس. ولكننا لو تجاوزنا قشرتها الخارجية، وتأملناها من الداخل لوجدناها وسيلة حيوية من وسائل الدفاع عن الذات العامة، مؤكدة ـ بالتناقض الظاهر أو الخفي ـ القيم الإنسانية العليا، والغايات القومية، التي تعمل الجماعة أو الأمة العربية على تحقيقها. وهذا الدور الوظيفي للنوادر في الثقافة الشفهية أقرب ما يكون إلى الدور الذي يلعبه الكاريكاتير المعاصر، في الثقافة والصحافة المعاصرة.[/align]
    [align=right]وتتمثل عبقرية "الفلسفة الجحوية" أو بالأحرى عبقرية الشعب العربي الذي أبدع هذه الشخصية الجحوية، في أمرين: أحدهما في أسلوب هذه الشخصية في المواجهة، حين اكتشفت بعبقريتها أن الماسأة يمكن أن تتحول إلى ملهاة، في ضوء الحالة النفسية التي نواجه منها وقائع وأعباء الحياة، فاندماج الإنسان ـ كما نعلم ـ في بؤرة الحدث أو الموقف يضنيه، وخروجه منه وفرجته به يسري عنه، وقد يضحكه، وهكذا استطاع جحا أن يكابد الحياة، ويضطرب فيها، وأن يخلق من نفسه شخصًا آخر بعيدًا عن الأول، يتفرج به ويسخر منه. وهكذا تحولت المآسي عنده إلى طرائف وملح ـ ذات طابع إنساني ـ تخفف عنه وتسري عن أفراد الشعب العربي تأسيًا به، الأمر الذي دفع الوجدان الشعبي إلى أن يسلك جحا ـ الواقع والرمز ـ مسلك الحكماء، في تعبيره الفني والأدبي. والآخر، في "تنميط" هذه الشخصية.فلم يكن الحمق أو الغباء السمة الغالبة عليه، ولكنه التحامق أو الذكاء الباحث عن جوهر الحقيقة. ولهذا لم يكن جحا مخبولاً أو ناقص العقل ـ كما يتوهم ـ ولكنه كان الإنسان الذي يتناول الأمور ـ مهما بدت معقدة أو تظاهرنا نحن بتعقيدها ـ من أقرب الزوايا إلى الحق والواقع، فيبدو مناقضًا لصنيع الآخرين الذين لا يتصورون الحق قريبًا ويمدون أبصارهم إلى بعيد.[/align]
    >>يتبع

  3. #3
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](3)[/align]
    [align=right]وقد ذهب القدماء إلى تصنيف نوادر جحا المدونة إلى قسمين كبيرين، أحدهما نوادر الحمق والجنون ـ حيث الحمق أو الجنون هنا تعبير دلالي يستدعي نقيضه (فضيلة الذكاء والتعقل)، أو لغة إرشادية دالة تبوح بالمسكوت عنه (من حماقات الناس). والآخر نوادر الذكاء. ولكن المحدثين ذهبوا إلى تصنيف المأثور الجحوي الشفاهي والكتابي، طبقًا لمحتواه الدلالي: فهناك النوادر السياسية التي تتناول علاقة المجتمع الشعبي بالسلطة الحاكمة (السلطان - القضاء - الأمن الداخلي) وخاصة في عصور القهر العسكري والكبت السياسي، وفي عصور التحول التاريخي والاجتماعي وما تمور به من متناقضات اجتماعية ونفسية، وانحرافات سياسية واقتصادية. والمتأمل لما أثر عن جحا من نوادر سياسية، قالها الشعب العربي على لسان جحا، يراها تشكل في مجملها ـ أسلوبًا ووظيفة ـ بابًا واسعًا من أبواب النقد السياسي في الأدب العربي عامة والأدب الشعبي خاصة، فلا غرو أن يستمر احتفاء الوجدان القومي بهذه النوادر الجحوية على مر العصور، وأن يظل معتصمًا بها، كلما حزبه أمر أو حفزه موقف، في تلك المعركة الأزلية بين القوى السياسية والشعب الأعزل، وما ينشأ بينهما من علاقات سلبية، نتيجة حتمية لغياب القانون، وانحراف القضاء، واختلال ميزان العدالة في فترات تارتيخية مختلفة. ليس فقط من قبيل نقد الوضع القائم، وفضح المسكوت عنه ـ عندما يعِزُّ القول ـ بل أيضًا للقيام بدور "تعويضي" حيث النادرة السياسية هنا بمثابة "تنفيس" عن قهر سلطوي ضاغط، وتهدف إلى التخفيف من المخاوف، حيث يغدو الظالمون موضوعًا للضحك والسخرية، وعندئذ يخف العداء للتسلط، نصغره فنكبر، ونحقّره فنرد لذواتنا الاعتبار. فالضحك رفض للظلم، وهذه هي الوظيفة السياسية للنادرة الجحوية. ومن الجدير بالذكر أن كثيرًا من النوادر السياسية الذائعة في المأثور الجحوي الشفهي الحديث لم تعرف طريقها إلى التدوين، بسبب حذر الناشرين من طباعتها ونشرها.[/align]
    [align=right]وهناك النوادر الاجتماعية، وهي من الكثرة بمكان، ولاتزال تتنامى إبداعًا وتذوقًا حتى الآن، وتتعاظم وظائفها الحيوية في نقد الواقع الاجتماعي، وما يمور به من سلبيات في القول والفعل والسلوك، مما هو سائد في حياتنا اليومية. ولهذا لم تشأ الأمة العربية أن تجعل هذه الشخصية التي أبدعتها بعبقريتها سلبية أو منعزلة، وإنما جعلتها شخصية رجل عادي من الناس، له مشاعرهم ومواقفهم وتجاربهم، وآمالهم وآلامهم، عليه أن يسعى ـ في سبيل العيش ـ كما يسعى غيره، ويختلف إلى الأسواق، ويرحل إلى الأمصار، ويلتقي بالحكام ويتحدث إلى العامة. وهو رب أسرة، له زوج، بينه وبينها ما يكون بين الرجل وصاحبته من الأحداث والمواقف، وله معها نوادر تجسم فلسفته الخاصة في الحياة، بل تجسم ما يريده الشعب العربي من ترسيب التجربة ونقد الحياة الاجتماعية، واتصلت حياة جحا، فكان له ابن ينشئه بحكمته ويحاوره بفكاهته وسخريته، وكأنما أراد أن تمتد حياته وفلسفته أجيالاً متعاقبة. بل سوف نرى أن هذه الشخصية الساخرة تؤكد بدورها وحدة الحياة عند الأمة العربية، فلم تقتصر مواقف جحا على علاقاته بالناس، وخير ما يصور ارتباط جحا بالأحياء تعاطفه مع حماره الذي ارتقى به حتى جعل منه صديقًا أو شبه صديق، يتحدث إليه ويصب في أذنيه سخرياته اللاذعة من الحياة والأحياء. وبهذا يتكامل الثالوث الجحوي الشهير (امرأة جحا، ابنه، حماره).[/align]
    [align=right]ومن الجدير بالذكر أن الشعب العربي في نقده لجوانب الحياة الاجتماعية على لسان جحا، الذي سلك في ذلك مسلك الفكاهة، إنما كان يرى في ذلك التهكم الساخر ضربًا من الثأر السلمي أو القصاص العادل أو الجزاء الاجتماعي الذي تنتقم به الجماعة أو الأمة لنفسها من الخارجين على معاييرها ومثلها وقيمها، بغية الدفاع عن الذات العامة، وحفاظًا على تماسكها، وتعضيدًا لهويتها القومية. ذلك أن النوادر الجحوية بتركيزها على الجانب السلبي في الحياة والمجتمع، لا تنتقم أو تهجو فحسب، بل تعالج وتخفف من التوتر الداخلي، وتحد من مخاوف الجماعة أو الأمة، وتعيد اعتبار الذات للذات.[/align]
    [align=right]ومن اللافت للنظر، أن المأثور الجحوي بعامة، لم يكن وقفًا على النقد السياسي أو الاجتماعي فحسب، بل أدى وظائف أخرى، نفسية وجمالية، بالضرورة. فالنوادر الجحوية ليست إلا تعبيرًا عن واقع نفسي وخارجي معًا، في بنية واحدة متعاضدة، إنها هنا تسخر، تنتقد، تنتقم، تفرج، تسِّري، فهي تنفيس وتفريغ لشحنات انفعالية سالبة. وتأتي النوادر الجحوية ـ في وظائفها الجمالية والإمتاعية ـ تحقيقًا للجانب الباسم في مسرح الحياة، باعتبارها رواية هزلية كبرى كما يقال، وغايتها عندئذ التسلية والإمتاع، إما تحقيقًا لهذا الجانب الباسم من الحياة (ابتسم تبتسم لك الحياة) [/align]

    >>يتبع

  4. #4
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    (4)

    [align=right]أمّا عن نوادره فقد رفعت موضوعا خاصا بها..فتابعوه هناك يغفر الله لكم جميعا..
    ونأتي الآن على شخصية أخرى فريدة من نوعها..وقد اشتهرت وصارت جماعات بمثلها..إنّها شخصية أشعب الأكول..الطمّاع..فمن هو؟![/align]


    [align=center]حياته[/align]
    [align=right]أشعب بن جبير، وقد ولد في سنة تسع من الهجرة، وكان أبوه من مماليك عثمان بن عفان، وقد عمر أشعب حتى أيام خلافة المهدي.
    ويقال له ابن أم حميدة ويكنى أبا العلاء وأبا القاسم، قيل إنه كان مولى لعبد الله بن الزبير. تولت تربيته عائشة بنت عثمان ذات النطاقين فتأدب وقرأ القرآن وجوده وحفظ الحديث وتنسك، وروى عن عكرمة وعن أبان بن عثمان بن عفان وغيرهما، ولكن هزله وظرفه ودعابته صرفت الناس عن الأخذ بجدية روايته حتى قيل فيه: «ضاع الحديث بين أشعب وعكرمة»، وخلاصة الحكاية أن أشعب قال: «حدثنا عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله قال: لا يخلو المؤمن من خلتين». وسكت، فقيل له: «ما هما؟» فقال: «الأولى نسيها عكرمة، والثانية نسيتها أنا».[/align]

    [align=right]وقد روى عن عبد الله بن جعفر، فقد كان طيب العشرة من الظرفاء، يحسن القراءة، ذا صوت حسن فيها، فقد روت له كتب الأدب نوادر تبين حرصه وجشعه وطمعه وقد اختلط الصحيح بغير الصحيح حتى لا يكاد الباحث يعثر على هذه الشخصية التي أضحكت الناس بنوادرها، غير أن شهرة أشعب لم تقف عند عصر معين أو مكان معين فها هو أشعب ما يزال ماثلا حتى في الأدب الفارسي وقد عرف بالذكاء.[/align]
    [align=right]كان أشعب حسن الصوت يجيد الغناء ويتكسب به، وكان حسن الدعابة سريع النكتة شديد الحرص ميالاً للتطفل، وقد كان لشدة طمعه مضرب المثل، ذكره الميداني في «أمثال العرب» فقال: «أطمع من أشعب» .
    عاش طويلاً واتصل بكثير من الشخصيات المعروفة في زمنه، وكان يتنقل مرغوباً في عشرته بين حواضر الحجاز والعراق، وقدم بغداد في أيام المنصور العباسي وعاد إلى المدينة وتوفي بها .
    توفي سنة 154 هـ الموافق للعام 771 م.[/align]

    [align=center]في الأدب والتراث[/align]
    [align=right]ارتبط اسم أشعب في العصر العباسي بكثير من القصص والنوادر المأثورة والأخبار المستظرفة في كتب الأدب، والمستقاة من الأوضاع السياسية والاجتماعية ومن حياة الطبقة الوسطى في عصره، وهي تقدم صورة صادقة عن الحياة في تلك الأيام. وقد لقيت نوادره رواجاً عظيماً في العصور التي تلت ولاسيما في الأوساط الشعبية.
    >> يتبع[/align]

  5. #5
    مشرف عام مجالس التاريخ وكنانة - عضو مجلس الادارة
    تاريخ التسجيل
    05-02-2010
    الدولة
    الحجاز
    المشاركات
    1,327

    افتراضي

    أحسنت ابا علي معلومات جديدة وجميلة

  6. #6
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](5)[/align]

    [align=center]طرائفه وبعض القصص المروية حوله[/align]
    [align=right]ويقال وفد على الوليد بن يزيد وقال عثمان بن فايد حدثنا أشعب مولى عثمان بن عفان عن عبد الله بن جعفر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه. عثمان ضعف. وقال أبو عاصم حدثنا أشعب حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال لله على عبده نعمتان، وسكت أشعب فقال اذكرهما قال واحدة نسيها عكرمة والأخرى أنا.[/align]
    [align=right]قيل إن أشعب خال الأصمعي وعن سالم أنه قال لأشعب إني أرى الشيطان ليتمثل على صورتك وكان رآه بكرة وأطعمه هريسة ثم بعد ساعتين رآه مصفرا عاصبا رأسه بيده قصبة قد تحامل إلى دار عبد الله بن عمرو بن عثمان[/align]
    [align=right]قال الزبير قيل لأشعب نزوجك قال ابغوني امرأة أتجشى في وجهها تشبع وتأكل فخذ جرادة تنتخم وقيل أسلمته أمه عند بزاز ثم قالت له ما تعلمت قال نصف الشغل تعلمت النشر وبقي الطي وقيل شوى رجل دجاجة ثم ردها فسخنت ثم ردها فقال أشعب هذه من آل فرعون " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا " وقيل لقي دينارا فاشترى به قطيفة ثم نادى يا من ضاع منه قطيفة ويقال دعاه رجل فقال أنا خبير بكثرة جموعك قال لا أدعو أحدا فجاء إذ طلع صبي فقال أشعب أين الشرط قال يا أبا العلاء هو ابني وفيه عشر خصال أحدها أنه لم يأكل مع ضيف قال كفى التسع لك أدخله. وعنه قال أتتني جاريتي بدينار فجعلته تحت المصلى ثم جاءت بعد أيام تطلبه فقلت خذي ما ولد فوجدت معه درهما فأخذت الولد ثم عادت بعد جمعة وقد أخذته فبكت فقلت مات النوبة في النفاس فولولت فقلت صدقت بالولادة ولا تصدقين بالموت قال أبو عاصم أوقفني ابن جريج على أشعب فقال ما بلغ من طمعك قال ما زفت امرأة إلا كنست بيتي رجاء أن تهدى إلي وعن أبي عاصم أن اشعب مر بمن يعمل طبقا فقال وسعه لعلهم يهدون لنا فيه ومررت يوما فإذا هو ورائي قلت ما بك قال رأيت قلنسوتك مائلة فقلت لعلها تقع فآخذها قال فأعطيته إياها قال أبو عبد الرحمن المقرئ قال أشعب ما خرجت في جنازة فرأيت اثنين يتساران إلا ظننت أن الميت أوصى لي بشيء وقيل إنه كان يجيد الغناء. ويقال مات سنة أربع وخمسين ومئة .[/align]

    [align=right]وقال الشافعي : عبث الولدان يوما بأشعب فقال لهم : إن ههنا أناسا يفرقون الجوز - ليطردهم عنه - فتسارع الصبيان إلى ذلك، فلما رآهم مسرعين قال : لعله حق فتبعهم.[/align]

    [align=right]وقال له رجل : ما بلغ من طمعك ؟، فقال : ما زفت عروس بالمدينة إلا رجوت أن تزف إلي فأكسح داري وأنظف بابي واكنس بيتي.[/align]

    [align=right]واجتاز يوما برجل يصنع طبقا من قش فقال له : زد فيه طورا أو طورين لعله أن يهدى يوما لنا فيه هدية.
    [/align]

    [align=center][align=right]و روى ابن عساكر أن أشعب غنى يوما لسالم بن عبد الله بن عمر قول بعض الشعراء:[/align]
    مـضين بها والبدر يشبه وجههـا مطهرة الأثواب والدين وافـر
    لها حـسب زاكٍ وعــرض مهــذب وعن كل مكروه من الأمر زاجر
    من الخفرات البيض لم تلق ريبة ولم يستملها عن تقى الله شاعر
    فقال له سالم : أحسنت فزدنا، فغناه :
    ألمت بنا والليل داج كـأنه جناح غراب عنه قد نفض القطـرا
    فقلت أعطار ثوى في رحالنا وما علمت ليلى سوى ريحها عطرا
    فقال له: أحسنت ولولا أن يتحدث الناس لأجزلت لك الجائزة، وإنك من الأمر لبمكان[/align]

    >>يتبع

  7. #7
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    حياك الله اخي عبدالمنعم..وتابعنا مشكورا
    بارك الله فيك وحفظك ورعاك..

  8. #8
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](6)[/align]
    [align=center]
    [align=center]هبنّقة:[/align]
    [align=right]هو يزيد بن ثروان ويقال ابن مروان أحد بني قيس بن ثعلبة، يقال عنه أنه من أعيا العرب ويضرب به المثل في الحمق. ولابن الجوزي، في كتابه أخبار الحمقى والمغفلين، أخبار كثيرة عنه منها:
    • من حمقه انه جعل في عنقه قلادة من ودع وعظام وخزف وقال أخشى أن أضل نفسي ففعلت ذلك لاعرفها به فحُوِّلت القلادة ذات ليلة من عنقه لعنق أخيه فلما أصبح قال يا أخي أنت أنا فمن أنا؟!
    • ومرّة أضلّ بعيرا فجعل ينادى من وجده فهو له!
    فقيل له: فلم تنشده؟
    قال: فأين حلاوة الوجدان؟!
    وفي رواية من وجده فله عشرة! فقيل له لم فعلت هذا؟
    قال للوجدان حلاوة في القلب!
    • واختصمت طفاوة وبنو راسب في رجل ادّعى كل فريق انه في عرافتهم فقال هبنّقة حكمه أن يلقى في الماء فان طفا فهو من طفاوة وإن رسب فهو من راسب قال الرجل إن كان الحكم هذا فقد زهدت في الديوان!
    • وكانوا إذا رعى غنما جعل يختار المراعي للسمان ويُنَحِّي المهازيل عنها ويقول لا أصلح ما أفسده ؟؟؟..أستغفر الله العظيم من مقالته فقد سبّ الذات العلية سبحانه وتعالى..لذلك لم اسطّرها هنا![/align]
    [/align]

    >>يتبع

  9. #9
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](7)[/align]
    [align=right]
    النوادر والطرف ومن الحبيب صلى الله عليه وسلم
    قد يستغرب البعض وقوع ذلك زمن النبي صلى الله عليه وسلم..
    ويعلم الجميع وقوع الطرفة منه صلى الله عليه وسلم..ولكنّها صدقٌ كلها..فليس فيها انتقاص لشخص أيّاً كان..واستهزاء به ولا كذب أو تلفيق أو بهتان لإضحاك الناس على من وقعت تلك الطُّرَف..فللطرفة قواعد شرعية هي في الاصل تهذيبية..فمنها توجيه بما يجوز ومنها تحذير مما لا يجوز..سوااءا في مضمون الطرفة أو في حق من قيلت عنه..
    وعلى الرغم من كون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ نبياً من الأنبياء يتلقّى الوحي من السماء ، غير أن المشاعر الإنسانية المختلفة تنتابه كغيره من البشر ، وتمر به حالات من الضحك والبكاء ، والفرح والحزن ، وتبرز قيمة العنصر الأخلاقي في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في وضع هذه المشاعر المتباينة في إطارها الشرعي ، حيث صانها عن الإفراط والتفريط ، بل أضاف لها بُعْداً راقياً حينما ربطها بقضيّة الثواب والاحتساب ، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( تبسمك في وجه أخيك صدقة ) رواه الترمذي . وعن أبى ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلِق (ضاحك مستبشر) ) رواه مسلم .

    ولا شك أن من مكارم الأخلاق إدخال السرور على المسلم ، ومن ثم فقد كان مزاحه ـ صلى الله عليه وسلم ـ تأليفا ومداعبة ، وتفاعلا مع أهله وأصحابه ، وإدخالا للسرور عليهم ، وكان مشتملاً على كل المعاني الجميلة ، والمقاصد النبيلة ، فصار من شمائله الحسنة ، وصفاته الطيبة ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، قال عبيد الله بن المغيرة : سمعت عبد الله بن الحارث قال : (ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) رواه الترمذي .

    والضحك والمزاح أمر مشروع كما دلت علي ذلك النصوص القولية ، والمواقف الفعلية للرسول ـ صلي الله عليه وسلم - ، وما ذلك إلا لحاجة الفطرة الإنسانية إلي شيء من الترويح ، يخفف عنها أعباء الحياة وقسوتها ، وهمومها وأعبائها ، ولا حرج فيه ما دام منضبطا بهدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ولا يترتب عليه ضرر ، بل هو مطلوب ومرغوب ، لأن النفس بطبعها يعتريها السآمة والملل ، فلا بد من فترات راحة ، وليس أدل على مشروعية الضحك والمزاح والحاجة إليه ، مما كان عليه سيد الخلق وخاتم الرسل ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد كان يداعب أهله ، ويمازح أصحابه ، ويضحك لضحكهم .
    وقد سئل ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ هل كان أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يضحكون ؟ ، قال : نعم ، والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل .
    وقال بلال بن سعد : أدركتهم يضحك بعضهم إلى بعض ، فإذا كان الليل لا، كانوا رهبانا .

    لكن المزاح والضحك في هدي وحياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقيد بضوابط لابد وأن تُراعى ، منها :
    ألا يقع في الكذب ليضحك الناس ، ولهذا قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ويل للذي يحدث فيكذب ، ليضحك القوم ، ويل له ، ويل له، ويل له ) رواه الترمذي .
    وقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يمزح ويضحك ولا يقول إلا حقا وصدقا ، ومن ثم فينبغي ألا يشتمل المزاح والضحك علي تحقير لإنسان آخر ، أو استهزاء به وسخرية منه ، قال الله تعالي : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (الحجرات:11) . وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) رواه مسلم .

    ومن ضوابط المزاح والضحك في هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم ، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لا يحل لمسلم أن يروع مسلما ) رواه أبو داود .
    وأن يكون بقدر يسير معقول ، وفي حدود الاعتدال والتوازن ، الذي تقبله الفطرة السليمة ، ويرضاه العقل الرشيد ، ويتوافق مع المجتمع الإيجابي العامل ، ولهذا قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( يا أبا هريرة أقل الضحك ، فإن كثرة الضحك تميت القلب ) رواه ابن ماجه ).
    فالمنهي عنه هو الإكثار ، فالمبالغة في المزاح والضحك يُخشي من ورائه الإلهاء عن الأعباء ، أو تجرؤ السفهاء ، أو إغضاب الأصدقاء، أو الوقوع فيما حرم الله .

    أما المواقف التي مزح وضحك فها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهي كثيرة ومتنوعة ، فتجده ـ صلى الله عليه وسلم ـ يضحك فرحا بكرامة وفتح لأمته ، أو تفاعلا مع أصحابه، أو مداعبة لزوجاته ، أو لإدخال السرور على الأطفال .

    ومن أشهر ما روي عنه صلى الله عليه وسلم في هذا الباب..ما يلي:-[/align]


    >> يتبع

  10. #10
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](8)[/align]
    [align=right]
    مع أمته :
    عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( بينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيت بعض نسائه ، إذ وضع رأسه فنام ، فضحك فى منامه ، فلما استيقظ قالت له امرأة من نسائه : لقد ضحكت فى منامك فما أضحكك ؟ ، قال : أعجب من ناس من أمتي يركبون هذا البحر هول العدو ، يجاهدون في سبيل الله ، فذكر لهم خيرا كثيرا ) رواه أحمد ، وفي رواية: ( يركبون هذا البحر كالملوك على الأسِرَّة ) .

    وعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها، رجل يؤتى به يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه صغار ذنوبه، فيقال: عملت يوم كذا وكذا، كذا وكذا، وعملت يوم كذا وكذا ، كذا وكذا ، فيقول نعم ، لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه، فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة، فيقول: رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا، فلقد رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضحك حتى بدت نواجذه (أضراسه) رواه مسلم .

    مع أصحابه :

    عن جرير ـ رضي الله عنه ـ قال: ( ما حجبني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذ أسلمت ، ولا رآني إلا تبسم في وجهي ) وفي رواية : ( ما حجبني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذ أسلمت، ولا رآني إلا ضحك ) رواه ابن ماجه .
    وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ : ( أن رجلا أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال يا رسول الله : احملني ، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنا حاملوك على ولد ناقة ، قال : وما أصنع بولد الناقة ؟!، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهل تلد الإبل إلا النوق ) رواه الترمذي .
    فكان قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مداعبة للرجل ومزاحاً معه ، وهو حق لا باطل فيه .


    وعن عبد الله بن مغفل قال:( أصبت جرابا من شحم يوم خيبر ، قال: فالتزمته (احتضنته) ، فقلت لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا، قال : فالتفت فإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ متبسما ) رواه مسلم .

    وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : ( قالوا يا رسول الله : إنك تداعبنا ، قال : نعم ، غير أني لا أقول إلا حقا ) رواه الترمذي .

    مع الأطفال :

    عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أحسن الناس خَلَقا ، فأرسلني يوما لحاجة ، فقلت : والله لا أذهب ، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق ، فإذا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد قبض بقفاي من ورائي ، قال : فنظرت إليه وهو يضحك، فقال : يا أنيس ، أذهبت حيث أمرتك ؟ قال : قلت : نعم ، أنا أذهب يا رسول الله ) رواه مسلم .


    وكان ـ صلى الله عليه وسلم يمازح أنس ـ رضي الله عنه ـ قائلا : ( يا ذا الأذنين ) رواه أبو داود .

    وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم أحسن ـ الناس خلقا ، وكان لي أخ يقال له أبو عمير ، وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير(طائر صغير) رواه البخاري.
    >>يتبع
    [/align]

  11. #11
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](9)[/align]

    [align=right]مع زوجاته :
    عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ( خرجت مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بعض أسفاره و أنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن ، فقال للناس : تقدموا، فتقدموا، ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك، فسابقته فسبقته ، فسكت عني حتى إذا حملت اللحم و بدنت و نسيت ، خرجت معه في بعض أسفاره ، فقال للناس : تقدموا، فتقدموا ، ثم قال : تعالي حتى أسابقك ، فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك وهو يقول : هذه بتلك ) رواه أحمد .
    [/align]

    [align=right]وروى أبو يعلى عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : ( أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخزيرة طبختها له ، فقلت لسودة والنبي - صلى الله عليه وسلم - بيني وبينها ، فقلت لها : كلي ، فأبت، فقلت : لتأكلنَّ أو لألطخن وجهك ، فأبت ، فوضعت يدي في الخزيرة فطليت بها وجهها ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع فخذه لها ، وقال لسودة : الطخي وجهها ، فلطخت وجهي ، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم – أيضاً ) .[/align]

    [align=right]ودخل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوما على عائشة وهي تلعب بلعب لها ، فقال لها : ( ما هذا ؟ ، قالت : بناتي، قال ما هذا الذي في وسطهن ؟ ، قالت : فرس ، قال : ما هذا الذي عليه ؟ ، قالت : جناحان ، قال : فرس لها جناحان ؟ ، قالت : أو ما سمعت أنه كان لسليمان بن داود خيل لها أجنحة ؟! ، فضحك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى بدت نواجذه ) رواه أبو داود .[/align]

    [align=right]لا يوجد من هو أكثر اهتماما بالدعوة من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وليس هناك من تعددت لديه الواجبات كما تعددت لدى الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فلقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إماما للناس ، ومعلما للدين ، وحاكما وقاضيا ، وقائدا للجيوش ، كما كان أبا رحيما ، وزوجا بارا ، وصاحبا وفيا ، ومع هذا كله فقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضحاكًا بساماً ، يربي ويهذب بالابتسامة والممازحة ، فلضحكاته منافع ، ولابتساماته وممازحاته مقاصد وفوائد ، ولو ترك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ طريق الابتسامة إلى العبوس ، لأخذ الناس أنفسهم بذلك ، على ما فيه من مخالفة الفطرة من المشقة والعناء .
    [/align]

    [align=right]قال الإمام النووي : " المزاح المنهي عنه هو الذي فيه إفراط ويداوم عليه ، فإنه يورث الضحك وقسوة القلب ، ويشغل عن ذكر الله تعالى ، ويؤول في كثير من الأوقات إلى الإيذاء ، ويورث الأحقاد ، ويسقط المهابة والوقار ، فأما من سلم من هذه الأمور فهو المباح الذي كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفعله " .
    وقال رجل لسفيان بن عيينة : المزاح هجنة أي مستنكر؟! ، فقال : " بل هو سُنَّة، ولكن لمن يُحسنه ويضعه في موضعه "

    >> يتبع
    [/align]

  12. #12
    المشرفة العامة للمجالس الاسلامية و الاسرة العربية - عضوة مجلس الإدارة الصورة الرمزية معلمة أجيال
    تاريخ التسجيل
    27-08-2015
    الدولة
    الأردن-عمان
    المشاركات
    1,884

    افتراضي

    اللهم صل وسلم وبارك على رسول الله ، جزاك الله خيرا ابا علي معلومات نافعة مفيدة تثري المعرفة وتزودنا بكم من الاضافات قد نجهل بعضها بارك الله فيك ونفع بك ااامين

  13. #13
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    حياك الباري يا ام علي..تابعيني مشكورة..
    بارك الله فيك

  14. #14

    افتراضي

    طرح راق جميل .... معلومات رائعة .... منا لك مهندسنا الفاضل .... كل تقدير وإحترام .... ننتظر ونتابع بكل شوق ..... مواضيعك ...... بارك الله فيك ... وحفظك .

  15. #15
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    حياك الله اخي فؤاد..وأحسن الله اليك وبارك فيك
    اشكر كريم مرورك وطيب حضورك

  16. #16
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    حياكم الله وبارك فيكم وحفظكم مولاي ومولاكم

  17. #17
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](10)[/align]

    [align=center]تحفل كتب التراث الأدبي العربي بالحكايا والنوادر والطرائف الأدبية على أنواعها. هذه الطرائف التي يطلق عليها اسم (anecdotes). ومن أشهر الكتب التي تحتوي على هذه النوادر والطرائف, كتب الجاحظ وخاصة رسائله, والثعالبي في كتابه خاص الخاصّ, والأصفهاني في الأغاني, والابشيهي في كتابه المستطرف من كل فن مستظرف, والآبي أو ألأبِيّ في نثر الدرّ او نثر أو نثر الدرر. وغير ذلك الكثير الكثير. ومما يلفت النظر أن القارئ- قديما وحديثا- حين يقرأ هذه النوادر والطرائف يستسيغها ويقبل عليها بشغف ويطلب الاستزادة. ومن المعروف أيضا أن مثل هذه الطرائف والنوادر قد استغلّت في حديثنا وكلامنا اليومي والرسمي كدلالات رامزة أو صريحة أو كبراهين وإثباتات لقضايا معينة, وذلك لأنها بقدر ما تحتوي عليه من العمق المعنوي والعِظة والدرس, تحتوي أيضا على التركيز والإيحاء والتكثيف, وهي في هذا وذاك تلتف بروح ساخرة دعابية تثير بسمة القارئ وترفعها إلى الشفاه. ومثلما استغلّت هذه الطرائف والنوادر في الحديث اليومي والرسميّ, استغلّت أيضا في ثنايا الروايات والقصص والحكايا, وذلك لنفس الغاية التي ذكرناها آنفا ولأنها تزيد من إضاءة النص إضاءة معنوية ثانيا.
    والطرفة/ النادرة كما تعرّفها المعاجم المختصة هي حدث شخصي محدود أو قصّة قصيرة لا تطمح إلى التسربل بشكل فنّي. وهي تأتي إما مستقلة وإما داخل حكاية أكبر وأوسع.
    وفي تعريف آخر لها يقول: الطرفة هي القليل الذي يحتوي على الكثير. وهي غالبا تأتي سهلة مستساغة ممزوجة أو مكسوّة بمسحة من الفكاهة الضاحكة, ولكنها دائما تأتي محمّلة بدرس أو عظة. أو كما يقول عنها بوبر:هي قصّة لحدث واحد, ولكنّ هذا الحدث يضيء مصيرا كاملا.
    [/align]

    [align=center]
    من هنا في رأيي تنبع أهميّة الطرفة/النادرة, أي من تركيزها وتكثيفها وإيحاءاتها وأيضا من العظة التي تقدمّها والروح الساخرة التي تلّفها. فالطرفة النادرة تطرح ما عندها بأقل عدد من الكلمات نثرا أو شعرا. والمتمعّن في هذه الطرائف/النوادر يجد أنها في النهاية تلخّص تجارب إنسانية كبيرة, وتختصر مساحات واسعة ومسافات كبيرة في الحياة, هذا من جانب اما من آخر فهي تطال كثيرا من مجالات الحياة والأدب, من هنا كَثُر توظيفها أدبيا وفنيّا كما كثر استخدامها في المجالس والمحافل الرسميّة وفي المسامرات الشعبيّة, وقد استفاد الأدب الغربي من هذه الطرائف/النوادر كثيرا ووظّفها في شعره وفي نثره, وللتدليل على ذلك يكفينا أن نذكر الفاشيتا, , لبوتشيو, والديكامرون لبوكاتشيو, وحكايات كنتربري. ولكنّ الأدب العربي يفوق الآداب الغربية في جمال طرائفه وحذق تركيبها وبراعة إيحائها, ومهارة صياغتها وكل ذلك كي تروق للسامع وتجذبه اليها, كما تفوق الطرائف الغربيّة في خفة دمها وسرعة وصولها إلى هدفها. وعلى ما يبدو فأن لغتنا العربيّة أطوع من اللغات الأخرى, وأكثر ليونة منها, وأسرع استجابة لمثل هذا اللون من القص. وما ذلك إلا لاختلاف مستوياتها, ولكثرة اشتقاقاتها, ولتلوّن ألفاظها وقرائنها ولغزارة وثروة انزياحاتها ولغنى مجازها وصريحها.[/align]


    >>يتبع

  18. #18
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](11)[/align]

    [align=center]وما يهمنا في هذه العجالة ليس البحث في هذا الجانب بقدر الاطّلاع عليه وعلى أهميته. ومن هنا يرتفع عدد من الأسئلة حول الطرفة/ النادرة الأدبية: هل هي جنس أدبيّ مستقل له ما يميّزه شكلا ومضمونا عن الأجناس الأخرى؟! ومن ثم هل لهذا الجنس الأدبيّ وظائف ومهام معينة؟! وهل ما زال هذا اللون يستمدّ حيويته أم أنه اخذ في التراجع؟! بمعنى إذا بحثنا في أدبنا الحديث اليوم هل نعثر على هذا اللون مستقلا أو مستغلا في الثنايا؟! والسؤال الكبير الذي يمكن له أن يرتفع في مثل هذه المساءلة التي نحن بصددها, هل فحص دور هذه الطرائف/النوادر من حيث أثرها وتأثيرها في نشأة الجانر القصصي عندنا على أنواعه؟! وبالتالي هل استفاد أدبنا قديمه وحديثه من هذه الطرائف/النوادر؟! وكيف؟![/align]
    [align=right]
    استمرارا لما ذكر أعتقد أن هذا الجانب الرائع من أدبنا حقل واسع ما زال بكرا يحتاج إلى الكثير من الدراسة والفحص, وهو لكثرة ما يحمل من إشارات وأبعاد يشكّل جنسا أدبيا متكاملا له ما يميّزه شكلا ومضمونا. وربما هناك من يزعم العكس مدعيّا أن هذا اللون الأدبي قريب جدا من ألوان أخرى, لذلك من الممكن إدخاله ضمن أجناس أدبية أخرى مشابهة له وأوسع منه, ولكنني أقول انه رغم اقتراب أو تشابه هذا اللون مع ألوان أخرى, فان هذا الاقتراب لا يلغي تميّزه ولا يضرّ بفرادته وتفرّده. ونحن إذ حاولنا أن نعدّد في هذه العجالة بعض ميزات هذا الجنس الأدبي يكفي أن نذكر ما فيه من عناصر تركيبيّة أصبحت ملازمة له حتى التصقت به والتصق بها على مرّ الزمن, وعلى كثرة ما كتب فيه. ومن أهمّ هذه العناصر في رأيي:
    أولا: قضية التركيز على حدث معين شخصي محدود, يجمل تجربة أو خبرا منقولا على ألسنة الغير أو يدور على شخصيّة ما.
    ثاني: قضية التكثيف والإيحاء.
    ثالثا: العظة والدرس والمغزى, فكل طرفة/نادرة قوامها ذلك.
    رابعا: قضية الروح الساخرة.
    خامسا: قضية الترميز لذلك كثرت في هذا الجانر الكنايات الرائعة.
    سادسا: ويضاف إلى ذلك قضية الخاتمة/النهاية المتفجرة.
    فالطرفة/ النادرة تقوم دائما على خاتمة تتجمع فيها كل الخيوط وتتركّز لتنفجر بالتالي في وجوهنا ولتحملنا الى أجواء ذهنية أو اجتماعيّة أو أدبيّة جميلة[/align]

  19. #19
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](12)[/align]
    [align=center]
    ونحن إذا فحصنا حبّنا لهذا الجنس الأدبي نجد أنه ينبع من جملة من الأمور, أهمها في رأيي:
    1- أن هذه الطرائف/النوادر تخاطب فينا العاطفة حينا,
    2- وحينا الغريزة,
    3- وفي أحايين أخرى ينبع حبنا لها من تضارب المستويات اللغويّة/الاجتماعيّة وتصادمها.
    فنحن حين نقرأ موضوعا جديّا رسميا يعالج بكلمات عادية تمتدح من العادي/اليومي, لا بد لنا من أن نضحك. أو حين نرى أن الطرفة/النادرة تقوم على شخصيّة من مستوى اجتماعي رفيع متزاوجة مع شخصيّة أقل منها درجة من الناحيّة الاجتماعية, ترتفع عندئذ البسمة على شفاهنا. أو حين تتصادم اللغة أحيانا في نصّ يحتوي على مستوى أدبي معين ممزوج بمستوى أقل منه وربما كان محتقرا في حينه, كمزج الشعر العربي الكلاسيكي/ الارستقراطي مع لغة المحدثين. أو كمزج العربيّة الفصيحة الرسميّة بالعاميّة أو بالأعجميّة, أو كالتعبير عن موضوع رسمي جادّ بلغة غير رسميّة, كل هذا يثير فينا الضحك. ومن هنا فرّق الباحثون في أدبنا بين نوعين من هذا الأدب: الرسمي وغير الرسمي
    (Canonical- Non-Canonical).
    4- يضاف إلى ما ذكر أن استساغة القراء لمثل هذا الأدب لعبت دورا مهما في انتشاره بين الخاصّة والعامة على السواء.
    فقصور الخلفاء حفلت بالكثير من المجالس التي اقتصرت على قصّ هذه الطرائف/النوادر, سواء كانت نثرا أم شعرا. وكذلك حفلت مثلها أسواق العامة خاصّة في مسامراتهم. وربما ألأمر الذي يجمع كل ما ذكر ويثير فينا حبنا لهذا الجنس هو قضيّة كونه نوعا من القصّ (Narrative) إذ أن القصّ قديما وحديثا فن جاذب للناس على أنواعهم, حيث أنه استُغِلّ كشكل لعدد كبير من الأمور, من جملتها التعليم, والنقد الاجتماعي الإصلاحي والديني, هذا عدا عن وظيفة التسلية والترفيه.
    وإذا اتفقنا بعد هذا الحديث على أن الطرائف/النوادر, جنس أدبي له ما يميزه, من الجدير أن نبحث في وظائفه, ذلك لأن الجنس الأدبي مهما كان نوعه له وظائف معينة يؤديها ويسعى إلى توصيلها مستغلا في ذلك الشكل والمضمون. عن هذه الوظائف وأنواعها ونماذجها سيكون الحديث في المقال القادم في وقفة أخرى.
    >>يتبع..وظائف الطرفة والنوادر[/align]

  20. #20
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=center](13)[/align]

    الطرفة الأدبية هل لها وظائف؟
    استمرارا لما قلناه أعلاه وبناء عليه, نؤكّد ثانية أن الطرفة الأدبيّة التي شغلت مساحات لا بأس بها في أدبنا: قديمة وحديثة, هي جنس أدبي له قيمته ووزنه, كما أن له وظائفه ومهامه الكثيرة. ومن هنا فان المتتبع له يجد أن الاهتمام به والتعامل معه اكتسب احترام الكثيرين في الماضي. وإذا نحن ركّزنا اهتمامنا في اقتفاء أثر هذا الجنس ألأدبي نجد أنه كان على مدار عصور أدبيّة كثيرة محط اهتمام القارئ, ولكنه ازداد وتطور في رأيي مع ازدياد وتطور الفوارق الاجتماعية والسياسية قديما. ولعلّ هذه الفوارق هي التي حدّدت لهذا الجنس فيما بعد وظائفه ومهامه. والمتتبع للطرائف/النوادر في أدبنا العربي أيضا يرى أنها اتخذت فعلا وظائف هامة معبّرة, من أهمها في رأيي: إظهار الفوارق الطبقيّة, والسخرية من واقع ما بغية نقده وإصلاحه. كما أنها اتخذت في بعضها جانب التهذيب بمعنى تهذيب النفس والحثّ على الأخلاق الحميدة. وتنضاف إلى ذلك مهمة النقد السياسي, والديني والأدبي, مع الإشارة إلى غلبة الجانب الاجتماعي الطبقي, خاصّة موضوع الفقر.
    والمتمعن بهذه الوظائف يصل إلى كم كانت أهميتها كبيرة وهذه الأهميّة تنبع في رأيي من كون العصور القديمة التي فيها شاعت هذه الطرائف وتطوّرت وازدهرت كالعصرين العباسي والانحطاط شغلت مساحة واسعة من تاريخنا. ولعل الظلم الاجتماعي والقهر السياسي كان لهما نصيب كبير في ذلك التطور, وذلك الانتشار. إذ حين تُكَمُّ الأفواه ولا يستطيع الفرد التعبير عن رأيه صراحة يفتّش عن بدائل من خلالها يستطيع التنفيس عما يغمّ قلبه ويقلقه من هموم على أنواعها. هكذا بالمناسبة نشأ القص على ألسنة الحيوانات, وهكذا نشأ المثل, وهكذا بالتالي نشأت الطرفة الساخرة المحملة بالأبعاد التي حاولت أن تطرح أو تهرّب مأزومها ومخزونها كي يصلا إلى القارئ/السامع بطريقة سهلة محببة ساخرة لتشحنه. بما فيه من عظة أو نقد موجه, أي عن طريق النكتة السريعة السرديّة أو الشعريّة المحكية التي من أسهل الطرق وأحبّها على النفس. من هنا في رأيي- أي من الوظيفة ومن الطريقة في آن معا, اكتسبت هذه الطرائف أهمية توظيفها في الأدب القصصي على أنواعه, وفي الشعر على ألوانه أيضا.

    ورغم أن البعض يرى إلى هذه الطرائف من زاوية أخرى, من زاوية كونها خلقت لتسلي القارئ أو لتدفع عنه الملل, أو لتسدّ فراغا- كما هو الحال اليوم-, في مجلة أو صحيفة, إلا أن هذه الطرائف وبالرغم من استخفاف البعض بها, لها أهميتها, لذلك لم يكن توظيفها في المجلات والصحف صدفة وإنما جاءت بغيّة جذب القارئ إلى مواضيع أخرى في تلك المجلات أو الصحف وأعتقد أن هذا الرأي السلب تكوّن نتيجة الفهم المخطوء لجملة إمام النثر العربي الجاحظ التي وردت في رسائله حين وصل إلى باب الطرائف حيث قال هناك قبل ولوجه إليها, "كي لا يملّ القارئ". والصحيح أننا إذا تفحصنا كتب الجاحظ على كثرتها وتنوعها وغناها نجد أنه كان أكثر الأدباء استغلالا لهذا الجنس, ليس بغية دفع الملل, ولا بغية تسلية القارئ, بل لأنه كان يرمي من وراء هذا الاستغلال إلى الكثير من الأهداف التي ذكرناها آنفا. ونظرة طائرة إلى كتاب الحيوان أو البيان والتبيين, أو على الأخص إلى كتاب نوادر البخلاء تكفي للتدليل على ذلك.

    ومن الجدير ذكره أن الطرفة لم تقتصر على النثر في الأدب العربي بل تجاوزته وتعدّته- مع محافظتها على وظائفها-, إلى الشعر, ولكنها هناك اتخذت شكلا آخر أطلقوا عليه اسم الاخوانيات. والمتتّبع للشعر العربي: قديمه وحديثه, يجد أن الاخوانيات فيه شكّلت بابا مهما يستلطفه القارئ ويقبل على قراءته/ سماعه بنهم.
    >>يتبع بأمر الله

  21. #21

    افتراضي

    جميييييييل:

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. جني الأزهار في نسب جحا صاحب النوادر والأخبار
    بواسطة احمد ابو بكرة الترباني في المنتدى ملتقى القبائل العربية . مجلس القلقشندي لبحوث الانساب .
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 05-05-2013, 07:31 PM
  2. صدى النعمان بن المنذر ملك الحيرة في الادب العربي
    بواسطة الجشعمي بني لخم في المنتدى مجلس قبيلة جشعم اللخمية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-04-2012, 10:15 AM
  3. الادب القديمـ
    بواسطة مجدى العقيلى في المنتدى مجلس الادباء العرب ( المستطرف من كل فن مستظرف )
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-03-2011, 06:01 AM
  4. من غرائب الادب العربى: الرسالة السينيه!
    بواسطة زمرده في المنتدى مجلس الادباء العرب ( المستطرف من كل فن مستظرف )
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-11-2010, 07:24 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum