الحلقة (84) الأقلية المسلمة في ملاجاش
مجموعة دول شمال شرقي أفريقيا وشرقها: (إثيوبيا - إرتريا - أوجادين وأوروميا - كينيا - تنزانيا - زنجبار - أوغندا - موزمبيق - ملاجاش - موريشيوس - ريونيون - سيشل)



هي المستعمرة الفرنسية السابقة (مدغشقر)، خامسة أكبر جزر العالم، أطلق عليها اسم ملاجاش غداة استقلالها، وملاجاش اسم لأكبر القبائل بالجزيرة، وحاولت البرتغال احتلالها في سنة 913هـ وقاوم المسلمون، وحاولوا دون دخولهم الجزيرة، ولكنهم عاودوا الكرة مرة أخرى في السنة التالية، ودمروا معظم مدن الجزيرة، وسيطروا عليها، وتعاقب عليها الاحتلال، فحاولت بريطانيا احتلالها في مستهل القرن الماضي، وضمها إلى جزر موريشيوس، ولكن تغلبت فرنسا في السباق، واحتلت مدغشقر في سنة 1285هـ - 1868م، وظل الاحتلال الفرنسي بها حتى نالت استقلالها في (1380هـ - 1960م)، وأطلق العرب عليها هي وجزر القمر معًا جزيرة القمر، وأشار إليها الإدريسي بهذا الاسم.

الموقع:

تقع جزيرة ملاجاش في المحيط الهندي في جنوب شرقي قارة أفريقيا، ولا يفصلها عن اليابس الأفريقي سوى أربعمائة كيلو متر، وهي في حوزة المنطقة المدارية، غير أن موقعها الجزري وسط المحيط الهندي عدل من أحوالها المناخية.

الأرض:

تبلغ مساحة ملاجاش (587.041 كم2)، وتتكون من الجزيرة الكبرى وعدد من الجزر الصغيرة، وطول الجزيرة من الشمال إلى الجنوب يصل إلى ألف وخمسمائة وثمانين كيلو مترًا، وأكبر عرض لها بين الشرق والغرب يصل إلى خمسمائة وثمانين كيلو مترًا، وعاصمة جمهورية ملاجاش تناناريف، وسكان الجمهورية في سنة 1408هـ - 1988م، حوالي 11.243.000 نسمة.

وتبدأ أرض ملاجاش بمستنقعات رملية في سواحلها الغربية، ثم سهل ساحلي يمتد بطول الجزيرة من الشمال إلى الجنوب، يتسع في الوسط والجنوب ثم يضيق في الشمال، وبالاتجاه شرقًا عبر أرض الجزيرة يرتفع السهل ليصل سفوح الهضبة، وتبلغ الهضبة أقصى ارتفاعها في الشمال والجنوب، وتنحدر بشدة نحو سهول ساحلية ضيقة في الشرق.

المناخ:

مناخ ملاجاش من النوع المداري المعتدل بسبب موقعها الجزري، فالحرارة في السهول الساحلية تصل إلى سبع وعشرين درجة مئوية كمعدل سنوي في الشمال، وثلاث وعشرين درجة في الجنوب، بينما تقل الحرارة فوق المرتفعات، وتتلقى الجزيرة كميات كبيرة من الأمطار معظمها تتساقط في النصف الجنوبي.

السكان:

سكان ملاجاش خليط آسيوي أفريقي، فالعناصر الآسيوية قدمت من الملايو، وإندونيسيا والعناصر الزنجية الأفريقية من زنوج البانتو، وقد اختلطوا بالعرب في جزر القمر، وعرفوا بالسلالة القمرية، ومنهم قبيلة هوفا، وإلى جانب العناصر السابقة هجرات عربية ممثلة في قبيلة الأنتيمور، وتعيش الجماعات الأفريقية على السواحل، بينما العناصر الآسيوية في الوسط والجنوب، ويصل عدد المسلمين حوالي ربع سكان ملاجاش، أي حوالي 2.810.000 وإن كانت بعض المصادر الإسلامية تقدرهم بـ15% أي يزيدون على المليون نسمة، ونسبة المسيحيين 25%، بينما عدد الوثنيين حوالي نصف سكان الجزيرة.

النشاط البشري:

تمثل الزراعة الحرفة الأساسية عند سكانها، ويعمل بها حوالي 77.5% من القوة العاملة، فالأرز المحصول الأساسي للسكان، ويزرع البن، وقصب السكر، وجوز الهند، والموز، والسيسل، وإلى جانب الزراعة تربى الثروة الحيوانية على حشائش السافانا في السهول الساحلية وعلى المنحدرات الجبلية، والرصاص والذهب والفوسفات أهم معادنها، وأهم موانئ ملاجاش تاماتاف على الساحل الشرقي.

كيف وصل الإسلام إلى جزيرة مدغشقر؟

وصل الإسلام إلى جزيرة مدغشقر عن طريق الدعوة التي قام بها التجار والمهاجرون المسلمون إليها من بلاد العرب وفارس، وجزر القمر، فالدعوة الإسلامية وصلتها بالسلم، واعتنقت قبيلة الهوفا الإسلام سنة ستمائة وثمانين هجرية، وذكر أن الجزيرة يحكمها أربعة شيوخ من المسلمين، كما ذكر أن الحروف العربية هي لغة كتابة أهلها. وعندما سيطر البرتغاليون على شرقي أفريقيا غزوا جزيرة مدغشقر في سنة 913هـ، ودمروا مدن الجزيرة، وخربوها، وقاوم المسلمون هذا بعنف، ووصلتهم نجدات من شبه الجزيرة العربية، ولقد أطلق البرتغاليون على المسلمين اسم المورو، كما أطلق الأسبان نفس الاسم على مسلمي الفلبين. وزادت الدعوة الإسلامية ازدهارًا بجزيرة مدغشقر عندما انتشر نفوذ آل سعيد في شرقي أفريقيا، وتزوج السلطان سعيد من ملكة جزيرة مدغشقر، وبسط نفوذه على الجزيرة، ولقد أسهم سكان جزر القمر في نشر الإسلام بملاجاش، فهاجر إلى الجزر العديد من القمريين.

وهكذا انتقلت الدعوة الإسلامية إلى مرحلة مزدهرة بمدغشقر، غير أن تشجيع البرتغاليين للبعثات التنصيرية، وقتالهم لأهل الجزيرة، وقربها من مستعمرتهم السابقة موزمبيق عرقل انتشار الدعوة الإسلامية، وعزل المسلمين عن العالم الإسلامي، وعندما ظهرت فرنسا كمنافس لاستعمار الجزيرة، برزت بريطانيا كمنافس آخر، غير أن ملكة الجزيرة (رانا فالونا) اتبعت سياسة عدائية نحو المنافسة الاستعمارية، واستطاعت فرنسا أن تحتل الجزيرة بعد وفاتها في سنة 1265هـ - 1868م، وشجعت البعثات التنصيرية الكاثوليكية على العمل بمدغشقر، وفرض حصار على الجزيرة فانقطع الاتصال بين مسلمي مدغشقر وإخوانهم، ونتج عن هذا الانقطاع عزلهم، وضعفت اللغة العربية وكانت لغة ملوك مدغشقر، كما ضعفت المعرفة بالإسلام نتيجة انعدام الدعاة، ورجال الدين المثقفين، وسادت الصوفية ودخلت شوائب محلية على الإسلام.

الوضع الحالي للمسلمين بمدغشقر:

ينتشر الإسلام بين قبائل الساكافا أو الصقلابة كما سماها العرب، وقبائل الفلانة، والأنتيمور في جنوب شرقي الجزيرة، وهذه الجماعات من أصول عربية، ولا يزال أفراد من قبيلة الهوفا على الإسلام، وكان من هذه القبيلة ملوك مدغشقر، وتعيش هذه الجماعات قرب مدينة ماجونجا، ولقد دخلت ألفاظ عربية كثيرة في لغات مدغشقر، وذلك نتيجة الصلات العربية بهذه الجزيرة، ويقدر عدد المسلمين بحوالي 2.810.000 نسمة، وينقسم المسلمون إلى قسمين:

1- مسلمون ملاجاشيون، ويتكونون من قبائل الأنتيمور (عرب) والأنتاكاران، والقلاوسى، والصقلابة.

2- مسلمون مهاجرون، ومنهم مسلمون من جزر القمر، ومسلمون هنود ومنهم شيعة إسماعيلية، ومسلمون عرب ومسلمون صوماليون.

المساجد:

يوجد بمدينة تناناريف مركز تابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ويوجد عدد آخر من المساجد في ميناء تاماناف، وفي مدينة ماجونجا جالية عربية كبيرة، وبها ثلاثون مسجدًا، وبها مجلس أعلى للشئون الإسلامية، ومن المدن الإسلامية ديجو، ومامنتيرانو، والمسلمون في ملاجاش في حاجة إلى تصحيح العقيدة في نفوسهم بعد هذا الانقطاع الطويل عن العالم الإسلامي. والهيئات الإسلامية حاليًا تتمثل في هيئات إسلامية، جمعيتان منها بالعاصمة، وهناك جمعيتان في مدينة ماجينقابال، وواحدة في ماجينقا.

التحديات:

تسود الأمية بين مسلمي مدغشقر، وهذه حقيقة مؤلمة، فلا تقوى المدارس القرآنية الإسلامية المتواضعة على الوقوف في وجه النشاط التعليمي التنصيري، الذي دعمته السلطات الاستعمارية، وأمدته بإمكانيات مادية، ونفوذ سياسي، ومن التحديات الحركات اليسارية التي ظهرت بالساحل الشرقي لأفريقيا، وانتقل أثرها إلى الجزيرة، وكذلك الحركات العنصرية التي بدأت تظهر في شرقي أفريقيا، وبعد أن استولى اليساريون على الحكم في ملاجاش اضطهدوا المسلمين، وحدثت مذبحة سنة 1396هـ ضد المسلمين في مدينة ماجينقا، وراح ضحيتها 2000 مسلم قمري، وهاجر العديد من المسلمين إلى جزر القمر، وكان المنصرون خلف هذه المذبحة.

متطلبات العمل الإسلامي في ملاجاش:

تتمثل المتطلبات في:

1- حسم الخلافات بين الجمعيتين الإسلاميتين في البلاد: جمعية إسلام ملاجاش، وجمعية مركز الدعوة الإسلامية في ملاجاش.

2- الاهتمام بالتعليم الإسلامي، وإنشاء معهد أو مدرسة متقدمة لتخريج الدعاة والمدرسين، وإنشاء بعض المدارس للمرحلتين المتوسطة والثانوية في مناطق تجمع المسلمين، والنهوض بالمدارس القرآنية، وتخصيص بعض المنح الدراسية لأبناء المسلمين الملاجاشيين في البلدان الإسلامية.

3- توفير الكتب الإسلامية باللغة الفرنسية لعلاج غياب الكتاب الإسلامي في المناهج التعليمية.

4- مكافحة الخرافات، والحد من نفوذ الصوفية، وتنقية الزعامات الدينية المحلية من الأهواء الشخصية.

5- الاهتمام بالتعليم المهني لرفع دخول المسلمين.

6- الاهتمام بمناطق المسلمين في الجنوب الشرقي، فالتركيز حاليًا يذهب إلى القطاعين الشمالي الشرقي والشمالي الغربي.

7- تنسيق العمل بين الهيئات الإسلامية الخارجية، والتي تعمل على مساعدة الأقلية المسلمة في ملاجاش مثل رابطة العالم الإسلامي، والندوة العالمية للشباب المسلم، وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، والأزهر، وجمعية الدعوة الإسلامية الليبية.
المصدر/موقع الاسلام


hgpgrm (84) hgHrgdm hglsglm td lgh[ha