صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 40 من 53

الموضوع: الحكم والحكومة في الاسلام ...

ألحُكْـــــــمُ والحُكومــــــة في الإســــــــــلام بسم الله الرحمن الرحيم .. وبه نستعين وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء و المرسلين لما

  1. #1
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي الحكم والحكومة في الاسلام ...

    ألحُكْـــــــمُ والحُكومــــــة
    في الإســــــــــلام
    بسم الله الرحمن الرحيم .. وبه نستعين

    وصلى الله وسلم على خاتم الأنبياء و المرسلين

    لما أن نظرنا حولنا وما يدور في ديار العرب والمسلمين من ويلات حروب وتنازع بين أبناء الديار بغض النظر عن انتماءاتهم وولاءاتهم وعقائدهم سواء كانت سليمة أم فاسدة , هذا عدا عن التداخلات الكيدية والحاقدة من دول الكفر والإلحاد , والتي تكاد تمسح عن وجه الارض شعوباً مسلمة " سنية " بالخصوص , رأينا أن الوقت قد حان لتوعية أفراد الأمة بما يجب أن تكون عليه الحكومة " أي حكومة " تسيطر على جزء من ارض العرب والمسلمين , ولأننا نرى أن السبب الرئيس – بل الوحيد – الذي جعل ديار الاسلام مزرعة للسلب والنهب كما وكأنها افريقيا قبل قرن من الزمان حينما داسها الاحتلال الصليبي – وما زال – ونهب وينهب مقدرات الشعوب ! وهذا السبب يكمن في أننا تخلّينا طواعية عن الحكم بما ارتضاه الله لنا وأقام نواته رسوله عليه الصلاة والسلام .
    بناءً على ما تقدم .. وبعد التوكل على الله سبحانه .. رأينا أن نقدم هذه الدراسة والرؤيا لما يجب أن تكون حكومة أي قطر عربي واسلامي , وبنظرة واقعية لا عصبية فيها ولا تعصب ولا شطط , ولا ترتكز على خلفية حزبية ما قد سكنت وعينا ولا نستطيع الخروج من أغلالها , ولكن بتجرّد وحيادية وواقعية ونظرة مستقبلية بلا تشنّج ! بل بكل أريحية وراحة نفسية وهدوء ووعي ورضا نفس .. ولا نبغي غير رضا الله سبحانه والعمل على تبصير القارىء والمتابع لما سنقدمه في هذه الدراسة المتواضعة ! وبسم الله نبدأ ...


    نظرة الاسلام الى الحكومة :
    لم يلتفت الاسلام التفاتا خاصا الى الحكم الذي ينبغي ان يقوم في المجتمع الاسلامي , وهذا أمر جدير بأن يكون بموضع النظر والتأمّل , وأن يُلتمس له الوجه أو الوجوه التي من أجلها لم يكن له لفتة خاصة من لفتات الاسلام فيما التفت اليه من كليات الأمور وجزئياتها .
    والحكم والحكومة من ألزم ما يحتاج اليه الناس في الحياة , ومن أولى الدعائم التي يقوم عليها المجتمع الانساني , وهيهات أن يغفل الاسلام أمراً هذا شأنه في الحياة , ومكانه من الناس , إلا أن يكون ذلك لحكمة بالغة , وتدبير حكيم .
    وننظر في صنيع الاسلام , وفي موقفه من هذا الأمر , فنجد أن ما يبدو أنه تهوين من الاسلام للحكم والحكومة , أو أنه استخفاف بهما , لأنهما من شؤون الدنيا , ومن مظاهر الجاه والسلطان , بل هما غاية الغايات من الجاه والسلطان , على ما يفهم بعض الناس , بل وكثير من الناس – من أن الاسلام لا يحفل كثيراً بكل ما هو من الدنيا وما يتعلق بها – ونقول إن هذا الذي يبدو أنه تهوين من الاسلام للحكم والحكومة هو في الواقع اعتراف ضمني من الاسلام بأنهما سنّة قائمة من سنن الحياة , وطبيعة لازمة من طبائع المجتمع الانساني , والأمر حين يكون على تلك الصفة من الأصالة والتمكن في الحياة لا يحتاج الى خطط ترسم له , ولا الى مقررات تحدّث عنه , إنه يقيم وجوده في الحياة على الوجه الذي يؤدي به وظيفته من غير طلب أو تنبيه ! .
    فالحكم وظيفة اجتماعية , والحاكم هو العضو الذي تؤدّى به هذه الوظيفة , كما تؤدي أعضاء الكائن الحيّ وجوارحه وظائفها ... هكذا ينظر الاسلام الى الحكم والحاكم .. لا يتحدث عنهما حديث من يدل عليهما , ويقيم وجودهما , ويكشف ملامحهما , ويحدد صفاتهما , وإنما يتحدث عنهما باعتبارهما كائنين موجودين فعلاً , تلدهما المجتمعات كما تلد الكائنات الحيّة مواليدها .
    وحديث الاسلام عن الحكم والحاكم هو حديثه عن الغرائز الانسانية ودوافعها .. يريدها ان تستقيم على الوضع الذي يتيح لها أداء وظيفتها على خير الوجوه التي تحفظ سلامة الجسد الذي تعيش فيه , وهو في هذا الحديث لا يدخل في الجزئيات ولا يلتفت اليها , وإنما يضع ميزاناً عاماً , يرجع اليه في ضبط كل جزئية من هذه الجزئيات .
    - فالمبدأ العام لغريزة الانتقام يضعه الاسلام في هذا الميزان الذي تنطق به الآية الكريمة
    { وجزاءُ سيئة سيئةٌ مثلها .. فمن عفا وأصلح فأجره على الله }
    - ففي هذا المستوى يعيش الناس , وبهذا الميزان يأخذون ويعطون .
    فإذا كان في الناس من تضعه نفسه فوق هذا المستوى فهناك ميزان آخر يمكن أن يتعامل به في ظل الآية الكريمة { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة .. ادفع بالتي هي أحسن , فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم .. وما يلقّاها إلا الذين صبروا وما يلقّاها إلا ذو حظِّ عظيم } .
    وغريزة الطعام والشراب أو شهوتهما يضعها الاسلام في هذا الميزان المستقيم العادل .. { وكلوا واشربوا , ولا تسرفوا .. إنه لا يحب المسرفين } .. أما كيف يأكل الناس ومتى يأكلون ؟ فذلك من شأن الناس أنفسهم يأكلون كيف يشاؤون ومتى يشاؤون !! وحتى حين يسأل سائلهم : ماذا أحلّ لهم ؟ يجيبهم الاسلام الإجابة العامة المطلقة { قل أحلّ لكم الطيبات } .
    وهكذا يضع الاسلام الموازين المستقيمة العادلة لكل قوة عاملة موجهة في الحياة .. ثم يدعها تمضي في طريقها بعد أن يضع أقدامها على أول الطريق ! .
    الاسلام والحكم والحاكم :
    فإذا جاء الاسلام الى الحكم والحاكم كان موقفه منهما , وحديثه عنهما , وميزانه لهما , هو موقفه وحديثه وميزانه لأية غريزة أو قوة عاملة في الحياة .. ومن تدبر الاسلام في هذا , أنه لم يتجاوز هذه الحدود في نظرته الى الحكم والحاكم وفي حديثه عنهما .. كما سنرى فيما يلي :
    أوّلاً : ألحكم أمانة , والحاكم أمين :
    فالحكم في يد الحاكم هو أمانة عنده , سواء كان ذلك عن رضى الناس به واختيارهم له , وتسليمهم إياه النظر لهم شؤونهم وتدبير أمورهم , أم كان ذلك بما مكّن الله له في الارض , وما أفاء عليه من ملك السلطان .. فهو في كلا الحالين أمين على ما اجتمع له من سلطان وقوة .. وهو في هذا السلطان وفي تلك القوة مطالب أن يتصرف فيها كما يتصرف في أي قوة مادية , أو معنوية , يمتلكها لخاصة نفسه , كالمال , والذكاء , وقوة البدن , مثلا .. فإن الانسان مطالب – في شريعة الاسلام – أن يرعى هذه الامانات التي أودعها الله إياه , وأن يضعها موضعها من الحق والعدل , فإذا جار أو انحرف فقد خان الأمانة , وتعرض لغضب الله وسخطه .
    يقول الله سبحانه وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا , لا تخونوا الله والرسول , وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون } .. ويقول جل شأنه : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الى أهلها , وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } .. وقد جمعت هذه الآية بين الأمر بأداء الأمانات الى أهلها وبين الأمر بالحكم بين الناس بالعدل , وهذا الترابط يشعرنا ما بين الأمانة والحكم بالعدل من صلة , وأن الحكم أمانة , أو بعض الأمانة , وقد نزلت هذه الآية في فتح مكة , حين أخذ النبي صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة .. وقد كان في يد آل شيبة , وقد فهم من هذا أن المفتاح كان أمانة في يد الرسول , وأن ردّه الى أهله كان حكماً عادلاً .
    ولم يقف القرآن عند هذه الأوامر والنواهي المرسلة المجردة , بل جاء بصورة من واقع الحياة , وفي مجلس الحكم والسلطان , لنبي كريم هو " داود " عليه السلام .
    وفي هذه الواقعة يذكر القرآن أن " داود " عليه السلام – كان نبياً وملكاً معاً – قد نزع به سلطان الملك الى أن يهتز ميزان العدل في يده , وسرعان ما تلقّى من رحمات الرحمن نفحة ردت عليه ما كان قد انفلت من بين يديه من عزمات النبوة .. وسرعان ما فتح قلبه للإنابة والاستغفار .
    يقول الله سبحانه وتعالى : { وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوّروا المحراب .. إذ دخلوا على داود ففزع منهم , قالوا : لا تخف .. خصمان بغى بعضنا على بعض , فاحكم بيننا ولا تشطط , واهدنا الى سواء الصراط , إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة , ولي نعجة واحدة .. فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب ! , قال : لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه , وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضم على بعض .. إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات , وقليل ما هم ! وظن داود أنما فتنّاه .. فاستغفر ربه وخر راكعاً وأناب , فغفرنا له ذلك , وإن له عندنا لزلفى , وحسن مآب } .. ثم يختم القرآن الكريم هذه الواقعة بهذا الأمر الملزم لكل ذي سلطة بأن يحكم بالعدل , ولا يتبع الهوى .. { يا داود .. إنا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق , ولا تتبع الهوى فبضلّك عن سبيل الله .. إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب } .

    إلى هنا تنتهي خاتمة القصة !!! ويتبع الجزء الثاني بحول الله وتوفيقه



    hgp;l ,hgp;,lm td hghsghl >>>


  2. #2
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألحكم والحكومة – 2

    والقصص القرآني لا يجيء إلا للعبرة والعظة , فلا تنتهي القصة حتى تترك في النفس صدىً قوياً للمبدأ الكريم الذي تدعو اليه .. ثم إن من إعجاز القرآن , ومن كمال تربيته , أن لا يدع هذا الصدى يدور في النفس على غير هدى , أو يضيع في أغوارها من غير أن يعقب أثراً .. بل إنه ليمسك بهذا الصدى في إطار محكم من التوجيه والتسديد ...

    أنظــــــــــر !

    بعد هذا الأمر الموجّه الملزم الذي ختمت به القصة يجيء قوله نعالى { وما خلقنا السموات والارض وما بينهما باطلا .. ذلك ظن الذين كفروا فويل للكافرين من النار } .. إن الحق , والحق وحده , هو الذي قام عليه هذا الوجود كله , وما خلقنا السموات والارض وما بينهما باطلا .. ثم تتبع هذه الآية بالآية التالية { أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض , أم نجعل المتقين كالفجار } ...

    انظر كيف تتسرب الحكمة الى النفوس في لطف ورفق كما يتسرب الماء في أصول الشجر وفروعه , فيحفظ حياته ويقيم وجوده , ويطلع زهره وثمره .
    ذلك هو أسلوب القرآن , وتلك هي تربية الاسلام وسياسته , في تغذية النفوس بمبادىء الخير , وإقامتها على موازين الحق والعدل .

    وليس للحاكم عند الاسلام أسلوب خاص يأخذه به , في تربية خاصة ينشئه عليها .. إنه بعض هذه الشجرة الانسانية التي يغذيها الاسلام , ويمدها بالزاد الطيب .. إنه الساق الذي تستند اليه الجماعة , وتغتذي منه ومعه جميع الفروع والأغصان , والأوراق والأزهار والثمار .

    إن دعوة الاسلام ليست غايتها إقامة حكم على صورة ما , وإنما غايتها إقامة مجتمع انساني سليم , معافى من أدواء الظلم والبغي .. غايتها خلق جسد انساني مرتبط بمشاعر الأخوة , والمودة والرحمة .. أما الحكومة فهي جزء من هذا الجسد , تصلح بصلاحه , وتفسد بفساده " ( كما تكونوا يولى عليكم ) .

    والنبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه لم يتولَّ شرح هذه المبادىء العامة التي جاء بها القرآن في إلزام المسلمين العدل , وأداء الأمانات الى أهلها سواء أكانوا حاكمين أو محكومين , لم يتولّ الرسول الكريم هذه المبادىء بشرح أو تفصيل , بل جعلها حكماً عاماً شاملاً في كل شيء , وعند كل انسان , كما فعل القرآن .

    يقول النبي الكريم : ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته .. فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته , والمرأة راعية في بيت زوجها , وهي مسؤولة عن رعيتها , والولد راعٍ في مال أبيه وهو مسؤول عن رعيته , والعبد راعٍ في مال سيده , وهو مسؤول عن رعيته .. ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ) .

    انظر تكريم الاسلام للإنسان , هذا التكريم الذي يجعل له ذاتية وشخصية لا تذوب أبداً , حتى لو كان في قيد الرق والعبودية , إنه انسان , وما دام في ثوب الانسانية فهو أهل لحمل الاعباء , واحتمال المسؤوليات .

    وانت ترى من هذا أن الاسلام لم يفرد الحاكم أو الخليفة بوضع خاص في الحياة .. إنه راعٍ ومسؤول عن رعيته .. كما أن العبد راعٍ في مال سيده وهو مسؤول عن رعيته .

    فالناس – في نظر الاسلام – عباد الله , أو " مال الله " في هذه الارض , والحاكم أو الخليفة هو الراعي لهؤلاء " العباد " والقيّم على هذا " المال " وهو مسؤول عن أي تقصير أو إهمال يقع منه , كما يُسأل العبد عما يقع منه من إهمال أو تقصير في مال سيده .

    يقول ابن تيمية : هذا ظاهر الاعتبار , فإن الخلق عباد الله , والولاة نوّاب الله على عباده , وهم وكلاء العباد على نفوسهم بمنزلة أحد الشريكين مع الآخر ففيهم – الولاة – معنى الولاية والوكالة .

    وتلمح من هذا أن الاسلام لم يرَ الخلافة أو الحكومة أمراً غير واقع في الحياة , حتى يدعوا المسلمين اليها , وإنما يرى ذلك أمراً واقعاً , لا فكاك للمجتمعات الانسانية منه , وإنما الذي يراه الاسلام في حاجة الى الإلفات والتوجيه , هو ما ينبغي أن يكون عليه الحاكم أو الخليفة من حسن الرعاية لما استرعاه الله .

    ولعلك تذكر قول الرسول الكريم لأبي ذر حين سأله الإمارة ... فقال صلى الله عليه وسلم له : أنت ضعيف , وهي أمانة , وهي يوم القيامة خزي وندامة , إلا من أخذها بحقها , وأدّى الذي عليه فيها .

    لعلك تذكر هذا وتذكر معه الآيات القرآنية الكريمة التي تدعو المسلمين الى أداء الأمانات الى أهلها , والى ألاّ يخونوا الله والرسول ويخونوا أماناتهم .

    وفي هذا ما فيه من تقرير وتوكيد أن الحكم أمانة في يد الحاكم , وهو مسؤول أمام الله سبحانه عن هذه الأمانة , وعن مدى الإحسان أو التقصير في أدائها الى أهلها .

    هذا هو الدستور , وتلك هي كل مقرراته , التي أراد الاسلام أن يجعلها عهداً وميثاقاً يعاهد به الحاكم ويواثقه عليه , ثم يحاسبه محاسبة المقصرين إن قصّر , ويجزيه جزاء المحسنين إن أحسن .

    وليس هذا العهد وذلك الميثاق مجر " مواد " فقهية أحكمت صياغتها ونُخّلَت معانيها , وإنما هي وقبل كل شيء رسالة من رب العالمين حملها الى الناس رسول كريم , ترقبها عين لا تغفل , وتحاسب عليها قدرة لا يعجزها شيء في الارض ولا في السماء .

    ومن هنا كان لهذه الكلمات سلطانها الروحي على من تعنيهم وتتجه اليهم , وكان لها فاعليتها في ضمائر المؤمنين ووجدانهم , إذا هم قاموا في الناس مقام الحكام , أو جلسوا مجلس القضاة .

    ثانياً : ألفرد ومسؤوليته في المجتمع الاسلامي :
    هذا تدبير الاسلام في شان الحكام ...
    أما مع المحكومين فشأنه هو هذا الشأن .. إنهم مسؤولون ومحاسبون عن كل انحراف يخرج بهم عن جادة الطريق , وهذا مما يخفف كثيراً من أعباء الحاكم وييسر مهمته , إذ يضعه على رأس مجتمع يعرف طريق الحق , ويتجه اليه .. فكل فرد في المجتمع الاسلامي مطالب بأن يكون على الجادّة , يدين نفسه قبل أن يدينه الديّان .

    وأنت تذكر المجتمع الاسلامي الأول , وما أثمرت تعاليم الاسلام فيه من فضائل , كان يمكن أن يعيش الناس فيها بلا حكومة وبلا حاكم .

    فكم من مقارف إثم لم تطلع العيون عليه , كان يستبد به الندم والألم , ويركبه الضيق والقلق من شناعة هذا الجرم , فيسعى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم معلناً عن جريمته طالباً أن يقام عليه حدّها , ولو كان الموت رجماً بالحجارة !! ولنا هنا مثلان بارزان هما : المرأة الغامدية , والرجل الأسلمي , وقد جاء كل منهما الى النبي يريد أن يتطهر من الإثم الذي اقترفه .

    هذا , ولم ينظر الاسلام الى الحياة نظرة جامدة فيقيمها في هذا المستوى المثالي , ويقيم تعاليمه على هذا المستوى الرفيع – بل لقد امتد نظر الاسلام الى الحياة الانسانية كلها , في أعلى مستوياتها وأدناها جميعاً .

    فقد ينحرف الحاكم المسلم .. ولا يستقيم على تعاليم الاسلام .. فماذا يكون شأن الناس معه ؟

    يتبع الجزء الثالث من الحكم والحكومة بحول الله وتوفيقه

  3. #3
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    الحكم والحكومة - 3

    لقد رسم الاسلام للمسلمين منهج العمل حين ينحرف بهم الحاكم , ويخرج عن سواء السبيل ... وذلك :


    أولا : هذا الانحراف هو في نظر الاسلام منكر , وقد أوجب الاسلام على المسلمين تغيير كل منكر ينجم فيهم .. فإن لم ينكروا هذا المنكر أو يغيروه أثموا جميعاً , واستوجبوا غضب الله ونقمته .
    روي أن أبا بكر خطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال : أيها الناس .. إنكم تقرأون هذه الآية , وتضعوها على غير موضعها { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم , لا يضرّكم من ضلَّ إذا اهتديتم } وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيّروه أوشك أن يعُمّهم الله بعقاب منه ) .


    - والاسلام إذ يوجب على أتباعه إنكار المنكر لم يحملهم على مركب وعر , ولم يكلفهم بما لا طاقة لهم به .. وإنما أمر الاسلام كله يُسْر .. لا عُسر فيه .
    - وقد وضع الرسول الكريم منهج العمل لتغيير المنكر , وجعله بحيث يسع جميع الاحتمالات , ويأخذ الوضع الذي يلائم ظروف الناس وأحوالهم .
    - يقول النبي صلوات الله وسلامه عليه : ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده .. فإن لم يستطع فبلسانه .. فإن لم يستطع فبقلبه , وذلك أضعف الإيمان ) .


    وأنت ترى أن المجتمع كله يمكن أن تنظمه مشاعر واحدة إزاء " المنكر " – أي منكر – سواء أكان من فرد أو جماعة .. من حاكم أو محكوم .. فالانكار بالقلب للمنكر هو حال يجب أن يدخل في قلب كل مسلم حين يرى المنكر , فليس لمسلم عذر في هذا , وعدم إنكاره المنكر بقلبه معناه الرضا عنه , فهو آثم , لأن قلبه قد أطمأن الى الإثم ورضي به .

    فإنكار المنكر بالقلب فرض عين على كل مسلم .. أما ما وراء ذلك من الإنكار باللسان أو اليد فذلك أمر متروك لظروف الناس وأحوالهم .


    ثانياً : هذا الانكار بالقلب ليس موقفا سلبيا كما يبدو , بل إنه بمثابة إعلان حرب على المنكر , وعقد النيّة على هذا الحرب , ثم تحويلها من القلب الى اللسان واليد إن سنحت الفرصة لأي منهما , وهيهات أن يمتد عمر منكر من المنكرات , في مجتمع ينطوي قلبه على إنكاره , وإن لم يتحرك لسانه , أو تعمل يده ! فإن امتداد الزمن كفيل بأن تتحرك الألسنة وتعمل الأيدي .


    ثالثاً : قد لا يجد الانكار بالقلب عزائم تستجيب لهذا النكران , فتجند الألسنة والأيدي لمحاربته .. وهنا تضيق الصدور .. وتنحلّ العزائم .. ويستحكم اليأس ..!
    فهل يقف الاسلام بالمسلمين على هذا المرعى الوبيل ؟ كلا .. إنه يدعوهم الى الصبر , ويفتح لهم باب الرجاء في رحمة الله وثوابه إذ ابتلوا فصبروا .
    عن الحسن البصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا لا تسُبّوا الولاة , فإنهم إن أحسنوا فلهم الأجر , وعليكم الشكر , وإن أساؤوا فعليهم الوزر , وعليكم الصبر , وإنما هم – أي ولاة السوء – نقمة ينتقم الله بهم ممن يشاء , فلا تستقبلوا نقمة بالحميّة والغضب , واستقبلوها بالاستكانة والتضرع ) .


    والحديث هنا أدب حكيم , وتربية عالية , وسياسة رشيدة في حماية المجتمع الاسلامي من الثرثرة , والجهر بالسوء , وإشاعة الفاحشة فيه , كما أن فيه رعاية لحق الحاكم , وما ينبغي له من الاحترام والتوقير .. فإنه إذا لهج الناس بسب الحاكم , وتطاولوا على مقامه ضعف سلطان الحكم في نفوسهم , وذهب بهم ذلك الى الخروج على كل قانون وكل نظام , وهنا يقع الناس في بلاء عظيم , وفتنة عمياء .



    ولا تعارض بين هذا الحديث وبين الحديث السابق الذي يجعل اللسان أداة من أدوات الحرب على المنكر , وعلى الحاكم إذا انحرف .
    فاللسان الذي يجعله الاسلام أداة من أدوات الحرب على المنكر , وعلى الحكام المنحرفين هو اللسان الذي يريد الخير والاصلاح , اللسان الذي يقدم النصح , ويجادل بالتي هي أحسن , .. اللسان الذي يتحرك بالحكمة والموعظة الحسنة , وفي هذا يقول النبي الكريم : ( الدين النصيحة .. قالوا لمن يا رسول الله ؟ قال : لله , ولرسوله , ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .

    وليس كذلك الشأن في اللسان الذي يتخذ السباب والبذاءة دعوة لمحاربة الباطل .. فإن ذلك باطل يريد أن يدفع به باطلاً .. وهيهات ..!

    ثم أن فيما يدعو اليه الحديث الشريف من استقبال البلاء الناجم من تسلط الحاكم المستبد وبغيه .. بالاستكانة والتضرع .. في هذه الدعوة تسكين لنفوس الناس من أن يستبد بها الجزع , وتطمين لقلوبهم من أن يذهب بها اليأس من رَوْح الله ورحمته .. فليس هذا الصبر الذي يدعو اليه الاسلام هو الصبر الذي يلد الخنوع والانعزال عن الحياة , وإنما هو صبر أولى البأس والعزم , حين تنزل بهم الشدائد وتغشاهم المحن , فلا تنحل لها عزائمهم , ولا يضيق بها احتمالهم , حتى تنجلي تلك الغاشية وتنقشع غيومها السوداء .

    يتبع الجزء الرابع " لقب الخليفة وما وراءه " بحول الله

  4. #4
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    لقب الخليفة وما وراءه !!!

    لم تكن كلمة " خليفة " من الالفاظ التي وقعت في خواطر المسلمين أو جرت على ألسنتهم في اجتماعهم يوم السقيفة , وتشاورهم في اختيار من يتولى شؤونهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم ...


    وأكثر الكلمات تداولا يومذاك كانت الإمارة او الأمير , مدلولا بها على اللقب الذي سيطلق على من يقع عليه الاختيار لهذا الامر الذي اجتمعوا له , وقد عرف المسلمون من الرسول صلوات الله وسلامه عليه إطلاق كلمة " أمير " على من يقوم على أية جماعة من جماعات المسلمين في الغزو أو في الحج مثلاً ...


    فكان صلى الله عليه وسلم إذا بعث سريّة جعل عليها " أميراً " هو بمنزلة القائد , إلا أن سلطانه كان أكمل وأشمل , إذ كان الى جانب أعباء الحرب يؤم المسلمين في الصلاة , ويقيم لهم شعائر دينهم .. كذلك بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر " أميراً " على الحج سنة تسع من الهجرة ...



    وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أطاعني فقد أطاع الله , ومن عصاني فقد عصى الله , ومن أطاع أميري فقد أطاعني , ومن عصى أميري فقد عصاني ) .


    نقول : إن كلمة " خليفة " لم تكن من الكلمات التي جرت على السنة المسلمين يوم السقيفة أو وقعت في خواطرهم , إذ لم يكونوا يرون أن أحداً يكون عندهم خلفاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ...


    كانوا يومئذ إنما يتشاورون في أمر مملكة تقام , ودولة تُشاد , وحكومة تُنشأ إنشاء , ولذلك جرى على لسانهم يومئذ ذكر الإمارة والأمراء .. والوزارة والوزراء .. وتذاكروا قوة السيف والعزة , والثروة , والعدد , والمنعة , والبأس والنجدة , وما كان ذلك إلا خوضاً في المُلك , وقياماً بالدولة , وكان من أثر ذلك ما كان من تنافس المهاجرين والانصار وكبار الصحابة بعضهم مع بعض , حتى تمّت البيعة لأبي بكر ...


    نعم .. ان القوم تذاكروا في ذلك اليوم كلمات الامارة والوزارة والملك والسلطان .. وقال الحباب بن المنذر الانصاري " منا أمير ومنكم امير ! " وقال أبو بكر رضي الله عنه " نحن الامراء وأنتم الوزراء ! " وقال عمر رضي الله عنه يخاطب الانصار " إنه والله لا ترضى عنكم العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم .. لنا على العرب الحجة الظاهرة .. والسلطان المبين .. من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مُدْلٍ بباطل , أو متجانف لإثم , أو متورط في هلكة ! " ...


    من أين جاء لقب الخلافة ؟
    لم يسجل التالريخ اليوم الذي ولدت فيه هذه الكلمة.. كلمة " خليفة " , وإن كان من الثابت الذي يرتفع الى مرتبة اليقين أنها أطلقت على أبي بكر رضي الله عنه .. وقد غلب هذا اللقب على ابي بكر , فكان يُخاطب بقولهم : يا خليفة رسول الله , ولم يُعرف أنهم خاطبوه بكلمة يا امير المؤمنين ...


    فمن أين جاء لقب الخلافة هذا ؟
    إن الخليفة في الاستعمال اللغوي هو من يقوم مقام الاصل الذي ذهب , كما يقوم الخلف بعد السلف .. والخِلْفَة .. هي تداول الأمر بين طرفين متقابلين كالليل والنهار , قال الله تعالى : { وهو الذي جعل الليل والنهار خِلْفَة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً } أي مداولة , فيخلف أحدهما الآخر .. والخَلْفُ ما وراء الشيء .. كأنه كان فيه ثم تركه ليشغل بغيره ...


    ويرجح ان كلمة " خليفة " رسول الله التي أطلقها المسلمون على ابي بكر لم تكن تحمل عندهم هذا المعنى الذي أضفي عليها من إضافتها الى الرسول الكريم معاني الجلال والتقديس , والذي صبغها بصبغة الدين , وغمسها فيه غمساً , حتى بدت وكأنها من الكلمات الشرعية , كالصلاة , والزكاة , والصوم وغيرها ...


    فالذين رأوا في أبي بكر أنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يروه يومذاك إلا والياً أو اميراً عليهم بعد ان أصبحوا بغير أمير أو والٍ بعد الرسول الذي كانوا تحت إمرته وولايته .. فهو خليفة رسول الله عليهم في هذا المعنى وحده .. أي أنه رأس هذا المجتمع أو أميره , أشبه بما كان للرسول من أمراء على البعوث التي يبعث بها الى القبائل , لدعوتها الى الاسلام , أو لتفقيهها في الدين ...


    ولو أن لقب " خليفة " رسول الله كان له – في حقيقته – نسب يصله بالنبوّة , ويدنيه من النبي لعَضَّ عليه عمر بن الخطاب بنواجذه , ولما تخلّى عنه في غير حرج أو أسى .. وعمر كما نعلم أحرص الناس على التأسّي برسول الله , والتمسُّح بكل ما كان للنبي , وما كان من النبي ...


    هتف بعض المسلمين بأبي بكر " يا خليفة الله " ! فقال له أبو بكر : لست خليفة الله , ولكني خليفة رسول الله ! , ولقد رآها أبو بكر كبيرة عليه أن يكون هو سلطان الله في الارض على عباده , وحسبه أن يتولى من أمر الناس بعض ما كان يتولاه النبي من شؤونهم ...


    وخليفة الله , أو خليفة رسول الله سواء في المعنى المراد منهما , وهو أن من يقوم على الجماعة الاسلامية , ويدير شؤونها , وينظم أمورها هو ذو سلطان عامل في حياة الجماعة من وراء سلطان الله الخفي الذي لا يُرى , أو سلطان النبي الذي كان له في حياته , ثم ارتفع بموته ...


    هناك سلطان لله سبحانه على هذا الوجود , هو السلطان الأعظم الذي يمسك بكل شيء , ويدبر كل شيء, ولكنه سلطان خفيٌّ لا يواجه الناس , ولا يلامس حواسهم , فإذا قام عليهم ذو سلطان يعمل في حياتهم المادية المحسوسة , ويسوسهم بسياسته وتدبيره , كان سلطانه هذا المشهود ترجمةٌ صحيحة أو سقيمة لسلطان الله , وكذلك شأن سلطانه معهم فيما كان للنبي عليهم من سلطان ...


    ولهذا , فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يرى سلطان الحاكم على الناس ظلاً لسلطان الله , سواء كان هذا الحاكم مستظلً بهذا الظل أو منحرفاً عنه .. وقد قال عمر لسعد بن أبي وقاص وقد تخطى رقاب الناس فعلاه بالدرّة قائلاً له : " لم تخف سلطان الله في الارض , فأردت أن أعلّمك أن سلطان الله لا يهابك " ...


    فإذا جرت على الالسنة كلمة " خليفة الله " أو " خليفة رسول الله " فإنه كان ينظر اليها من خلال صاحبها الملقب بها , وأنه أولاً وقبل كل شيء إنسان منهم , ليس له نسب ينتسب به الى الله أو الى رسول الله إلا عمله الذي يدنيه أو يبعده من الله ورسوله .. ولم يكن أحد ينظر الى هذه الكلمة في مدلولها الحرفي المنقطع عن صاحبها , والذي ربما دخل على بعض العقول بشيء من الوهم الذي يُحرّف الكَلِم عن مواضعه ...


    لقد ظلت كلمة " خليفة رسول الله " يتعامل بها المسلمون في خلافة ابي بكر , وليس لها مفهوم عندهم أكثر من أنه " الأمير " القائم عليهم .. ولو وجد أبو بكر كلمة غير هذه الكلمة تحدد منصبه هذا وتدل عليه , لما وقف عند هذا اللقب , ولما تمسك به .. بل اننا لنكاد نشعر أن أبا بكر عاش وفي نفسه شيء من هذا اللقب , وأنه قد كان يراه ثوباً فضفاضاً عليه , كما رأى في لقب " خليفة الله " وعدل عنه الى خليفة رسول الله ...


    نقول هذا ولنا شاهد صدق عليه من أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عته , فإنه ما إن سمع قائلاً يقول عنه " أمير المؤمنين " حتى وقع هذا القول من نفسه موقع الرضا والغبطة .. وأصبح منذ ذلك الوقت يدعى " أمير المؤمنين " ...


    ونقول مرة أخرى إنة " عمر " ما كان يخلع أبداً لقب " الخلافة " .. خلافة رسول الله , ويلبس مكانه هذا اللقب الجديد " امير المؤمنين " لو أنه كان في نفسه أي شعور بإن لقب " الخلافة " يحمل في كيانه شيئاً – أي شيء – من رسول الله صلى الله عليه وسلم ...


    وشاهد آخر على ان لقب " الخلافة " هو لقب اصطلاحي ولدته الظروف كما تولد الأسماء لمسمياتها .. هذا الشاهد هو انه لما ىتوفي ابو بكر وتولى " عمر " الخلافة من بعده , جعل الناس يدعونه : خليفة خليفة رسول الله .. وكان من المتوقع ان الخليفة بعد عمر سوف يدعى " خليفة خليفة خليفة رسول الله .. وهكذا .. وهذا ما جعل عمر يتطلع الى لقب يلقب به الخليفة غير هذا اللقب الذي سيزداد على الايام طولاً , ويصبح التعامل معه شاقاً عسيراً ...


    ولو كانت الخلافة خلافة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وانها قبس من أقباس النبوة , وضَوءَة من مشكاتها لكان كل من يلي المسلمين خليفة لرسول الله , ولما دُعي عمر " خليفة خليفة رسول الله " حيث كان معنى ذلك أنه خليفة أبي بكر , الذي هو خليفة رسوا الله ...


    ليست الخلافة إذن كلمة من كلمات الشريعة , وليس" الخليفة " حامل هذا اللقب صاحب شرع , وإنما هو واحد من آحاد أتباع هذه الشريعة , فإذا جعلوه أميراً لهم أو حاكما عليهم , فليس له في مكانه الجديد هذا إلا ما كان له من قبل أن يقوم فيه .. ينزل هو والناس جميعا على حكم الشريعة سواء بسواء ...


    يتبع بحول الله

  5. #5
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    نأسف بان وقع سهواً رفع " الخلافة والدين - 2 " قبل " الخلافة والدين - 1 "
    ألخلافة والدين -
    2
    إن هذه النظرة العميقة الواعية التي نظر بها " إقبال " الى " الخلافة " من خلال الدين الاسلامي هي التي ينبغي أن ينظر بها الناظرون الى الخلافة الاسلامية , وبهذا تصبح الحكومة – أي حكومة , في المجتمع الاسلامي " خلافة " ويصبح الحاكم " خليفة " أي اميناً على هذا المجتمع , قائداً له بقدر ما في كيانه العقلي والروحي من أحاسيس وعواطف لهذا الدين , مقدراً أن الدين ليس إلا بعض هذا المجتمع أو كله , في منازع تفكيره , وفي اتجاهات سلوكه , وأن هذا المجتمع في أفراده وجماعاته كائن تسري في روحه , وفي دمه , وفي أعصابه , وفي كيانه كله ما يحمل الدين من عقيدة وشريعة .



    إنا إذا نظرنا الى " الخلافة " هذه النظرة – وهو ما ينبغي أن يكون – فإنا نضع " الخلافة " في موضعها الصحيح الذي كثيراً ما نراها قد تجاوزته وبعدت عنه .


    إن " الخلافة " في هذا الموضع كائن له وجوده الذاتي , فتَصحّ أو تمرَض , وتستقيم أو تنحرف , دون أن يحسب على الدين شيء من صحتها أو مرضها , ومن استقامتها أو انحرافها , و " الخليفة " الذي يلبس ثوب الخلافة هو " حاكم " له ذاتيته .. حسابه لنفسه , وعلى نفسه , لا يحسب على الدين , ولا يضاف اليه .



    وذلك كله لا يمنع بحال أبداً أن تسمى " الخلافة " بهذا الاسم ,وأن تضاف الى الاسلام , وتحسب عليه , كما لا يمنع بحال أبداً أن تسمى كل حكومة قائمة في مجتمع اسلامي " حكومة اسلامية " وأن تحسب على الاسلام وتضاف اليه .. تماماً , كما ينتسب المسلمون الى الاسلام ويحسبون في المسلمين , وإن اختلفت حظوظهم منه , وتعددت منازلهم فيه .. إنهم مسلمون .. وإن حكامهم الذين يقومون عليهم حكام مسلمون أو خلفاء مسلمون , يمثلون الحكم الاسلامي , والخلافة الاسلامية .



    فأبو بكر , وعمر , وعثمان , وعلي , ومعاوية , ويزيد , ومروان بن الحكم , وعبدالملك بن مروان .. وبقية الخلفاء الأمويين والعباسيين .. كلهم مسلمون , على اختلاف حظوظهم من الاسلام ومنازلهم فيه .. وهم كذلك خلفاء على اختلاف حظ خلافتهم من الاسلام وموضعها منه . رضي الله عن الراشدين الأربعة ورضي الله عن معاوية .


    لماذا هذا الفصل بين الدين والدولة ؟
    وعلى هذا فلا وجه للفصل بين الدين والدوله .. كما لا يمكن الفصل بين الروح والجسد , إذا أريد الاحتفاظ بالانسان ككائن حي .
    - إن الدين وحدة .. روح وجسد !
    - والدولة وحدها .. جسد بلا روح !
    - إذ أنه لا دين إلا إذا خالط تفكير الناس , وتلبس بمشاعرهم !
    - وإنه لا دولة – بل لا انسانية – إلا إذا كان لها مدارك تعقل , ومشاعر تتأثر , وإلا دخل على عقلها مدركات , وتسربت الى مشاعرها مؤثرات .


    - وقد عرفنا أن الاسلام ينظر الى الانسان باعتباره انساناً , ذا شخصية واحدة , وكيان واحد : هو " الانسان " .. وليس هو جسداً وروحاً .
    - وقد جاءت تعاليم الاسلام لتتعامل مع هذا الانسان باعتباره كلاً , فلا تتجه الى روح وجسد منه , وإنما تتجه اليه جميعاً .


    فإذا ساغ لذي نظر أن يرى الحياة ديناً في جانب , ودولة في جانب آخر .. كان لنا عليه إذا سألناه : أين الدين وأين الدنيا .. أن يشير اليهما , وأن يحدد صفة كل منهما ومكانه .. فيقول : هذا هو الدين , ويكشف لنا عن وجهه , ويحدد صفاته , ويحدث عن طبيعته ! ثم يقول : وهذه هي الدنيا , ويكشف عن وجهها , ويحدد صفاتها , ويبين طبيعتها , نريده أن يتجه الى ناحية فيقول : هنا يوجد الدين , ثم يتجه الى ناحية أخرى فيقول : هنا تقوم الدنيا .


    محال أن يجد المرء لهذه الإشارة مدلولاً أو مفهوماً

    فأين الدين ؟ أهو هذه المبادىء والمقررات المسطورة في كتاب ؟

    أدين من غير متدينين ؟ أمعبد بلا عباد ؟ ومسجد ولا مصلين ؟

    وأين هي الدنيا . وأين هم الناس ؟ عالم بلا عواطف , ولا مشاعر , بل ولا عقل ؟

    إن عملية فصل الدين عن الدنيا عملية قد تستقيم في التصورات الذهنية !

    لكنها لا تستقيم في واقع الحياة أبداً




    من أين جاءت هذه الثنائية ؟



    " التوحيد " هو شريعة الاسلام , أو هو حقيقة الاسلام

    والانسان مخلوق على ما صوره الخالق الواحد

    ووجود الانسان وجود واحد تتصل دنياه بأخراه !

    قد صبغ الاسلام العقلية الاسلامية بهذه الصبغة " الواحدية " حين جمع المسلمين على عبادة إله واحد , ورد أصلهم الى أبٍ واحد , وجعلهم أمّة واحدة ...!


    ولا نريد أن نضرب الأمثال لهذا من تاريخ التفكير الاسلامي , ومنازعه , وحسبنا أن نرى اتجاه هذا التفكير في هذا الموضوع الذي بين أيدينا , وهو " الخلافة " .



    لقد عاشت " الخلافة " في المجتمع الاسلامي على أنها القوة العاملة في دنيا المسلمين ودينهم معاً .. فهو إمامهم في الصلاة , وقائدهم في الحرب , وقاضيهم في المنازعات .



    لم يقع في تفكير المسلمين حتى في أقسى الظروف وأسوأ الأحوال التي أحاطت بهم فيها تلك الفتن , والتي اقتتلوا فيها , وتفرقوا مذاهب وشيعاً , لم يقع في تفكير المسلمين أن يجعلوا الخلافة خلافتين .. خلافة للدين , وأخرى للدنيا , كما لم يقع في تفكيرهم أن يعزلوا الخلافة عن الدنيا , ويجعلوها خلافة للدين وحده , لم يقع شيء من هذا في تفكير المسلمين , على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم .. وأنت تعلم كيف تعددت هذه الفرق .. من سنية , وشيعة , وخوارج , وكيف تفرقت تلك الفرق حتى كانت الخوارج والشيعة عشرات الفرق .


    وهذه الفرق جميعها كانت تتقاتل بالرأي , كما كانت تقتتل بالسيف .. ومع هذا فإن أحداً لم ينْح " بالخلافة " أو الخليفة منحى الدين أو الدنيا , وإنما ظل الدين وظلت الدنيا الى يد " الخليفة " , وفي سلطانه .



    فمن أين جاءت الى الاسلام فكرة فصل الدين عن الدولة ؟ ومن أي باب دخل على المسلمين هذا التفكير ؟ .


    يرى الفيلسوف " إقبال " أن فكرة فصل الدين عن الدولة قد ولدت في أعقاب الخلافة العثمانية , بعد أن ضعف شأن الخلافة .. وغليت على الخلفاء المنازع العصبية , والاهواء الذاتية ممثلة بالحزب الوطني التركي وأفكاره المستوردة .

    يتبع بحول الله " هل المجتمع بحاجة الى الخلافة " ؟
    التعديل الأخير تم بواسطة الشريف ابوعمر الدويري ; 14-04-2016 الساعة 07:08 AM

  6. #6
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألخلافة ... والدين !!!

    هذا العنصر الديني الذي امتزج بالخلافة الاسلامية , وكان بعض ألوانها منذ يومها الأول – هذا العنصر الديني – ما هو ؟ , أهو أصل من أصول الخلافة حتى إذا انفصل عنها لم يكن لها مقام في الحياة ؟ أم أنه شيئٌ طارىء عليها .. إذا افتقدته يوماً لم تفقد وجودها وحياتها ؟ .

    وللإجابة على هذا يجب أن نقرر :
    أولاً : أن الحكم ضرورة لازمة في حياة المجتمع الانساني .. تطلبه المجتمعات كما تطلب الأمن , والسلام , بل كما تطلب الحياة .. إذ لا حياة , ولا أمن , ولا سلام لمجتمع انساني لا يقوم عليه حاكم ...
    ثانياً : أن أي حكم إنما يلوّن بما في المجتمع من آراء , ومذاهب , ومعتقدات , وأن قانون الجماعة الذي تُساس به إنما هو نسيج عواطفها ووجدانها , ونضيج آرائها , ومذاهبها في الحياة .. يستوي في ذلك أرقى الشعوب وأعرقها حضارة ومدنية , مع أبعد الشعوب عن مجال الحضارة والمدنية ...


    فكل حكم – أياً كان – حضارياً , أو بدائياً .. ديموقرطياً , أو ديكتاتورياً .. اشتراكياً , أو رأسمالياً .. إنما ياخذ صورته من الآراء والمذاهب والمعتقدات التي يعيش فيها المجتمع الذي يدين بهذا الحكم , ويخضع له , وهيهات أن يخضع مجتمع لغير الآراء التي يدين بها إلا في ظروف استثنائية طارئة , كأن يُفرض عليه حكم أجنبي , أو نحو ذلك ...


    إذا تقرر هذا – ولا خلاف عليه فيما نظن – فإن الخلافة الاسلامية , وهي ضرب من ضروب الحكم , وأسلوب من أساليبه , لا بد أن تخضع لهذه المقررات : فيكون الاسلام الذي هو عقيدة مجتمع الخلافة لوناً بارزاً من ألوانها .. إذ كان الدين – من حيث هو دين يجمع بين طرفي الدنيا والآخرة – مستولياً على النصيب الأوفر من تفكير الانسان ,ومشاعره ووجدانه .


    وإذن فالحاكم المسلم الذي يحكم مجتمعاً يدين بالاسلام لا يمكن ان يجرّد اسلوب الحكم من سلطان الدين عليه , وعلى كل شأن من شؤون حياته , كما لا يمكن ان يوجه سياسته وجهة متحررة تحريراً كاملاً من مقررات الدين ومعطياته , وإلا عزل نفسه عن المجتمع , فكان في جانب , والناس والحياة في جانب آخر .. وإذا صح القول بأن الناس على دين ملوكهم ! فإنه يصح أن يقال : إن الملوك على دين من يملكون , إذا أرادوا أن يسكن لهم الناس ويُلقون اليهم بالمودة والولاء ...


    ( محمد إقبال ) الفيلسوف المسلم يقول :
    - طبيعة أي عمل مهما كان دنيوياً في فحواه , إنما تشكلها النزعة العقلية التي تسيطر على القائم بهذا العمل .
    - فما وراء العمل من تفكير لا تراه العين هو الذي يشكل آخر الأمر طبيعته .
    - والعمل يكون دنيوياً , أو طالحاً , إذا صدر عن روح بعيدة عما للحياة من مزيج لا نهاية لعناصره .
    - ويكون روحانياً إذا صدر بوحي من هذا المزيج .
    - والحقيقة في نظر الاسلام هي بعينها .. تبدو ديناً إذا نظرنا اليها من ناحية .. وتبدو دولة إذا نظرنا اليها من ناحية أخرى .


    أرجو أن تقرأ هذا الذي يقوله " اقبال " , هنا مرة أخرى , أو أكثر ! فإنهن كلمات لهن دلالات مشرقة واعية في تحديد النظرة الى الخلافة الاسلامية , وفي ضبط ميزانها الذي توزن به بين أنظمة الحكم .
    ألدين ... والدولة !!!
    بهذا الميزان الذي وضعه " افبال " بين يديك في تلك المقررات السابقة , يزن " الخلافة " ويترجم الدولة التي يدل عليها مؤشر هذا الميزان .. فيقول بعد هذا :
    - ليس صحيحاً أن يقال إن الدين والدولة جانبان , أو وجهان لشيء واحد .
    - فالاسلام حقيقة مفردة لا تقبل التحليل .
    - وهو – الاسلام – يبدو في صورة أو أخرى بحسب اختلاف نظرك اليه .
    - وهذا الأمر بعيد الأثر .. وتوضيحه توضيحاً وافياً يزج بنا في بحث فلسفي عميق .
    حسبنا أن نقول إن الخطأ القديم – في مفهوم الخلافة , أو مفهوم الدين – نشأ عن تفريغ وحدة الانسان الى حقيقتين , منفصلتين , متمايزتين , تتصلان إحداهما بالأخرى على وجه ما , ولكنهما أساسياً متضادتان ... هذا هو مبعث الخطأ !!!
    - والحق هو أن المادة هي الروح مضافة الى الزمان المكاني .


    - والوحدة التي نسميها " الانسان " هي جسم إذا نظرت الى عملها بالنسبة لما نسميه بالعالم الخارجي , وهي عقل أو نفس إذا نظرت الى عملها باعتبار ما له من غاية , والى المثل الأعلى الذي يستهدفه هذا العمل .
    لعلّ من الخير أن نقف عند هذا القول وقفة تأمّل لنتأكد من فهم مراميه ومقاصده التي قصد اليها هذا الفيلسوف , وأرادها :


    فأوّلاً : الدين والدنيا وجهان لشيء واحد .. هذا الشيء هو دين ودنيا معاً .. ننظر اليه من جانب فإذا هو دين .. وننظر اليه من جانب آخر فإذا هو دنيا .. ولست بمستطيع أن ترى الدين كائناً وحده , غير قائم على " فرش " من الدنيا !!! ولست بمستطيع كذلك أن ترى الدنيا دنيا خالصة غير " مشبعة " بالدين , أو ملونة به .


    ثانياً : الدين حقيقة مفردة لا تقبل التحليل .. ومعنى هذا أن ما يحمل الدين من مبادىء وتعاليم لا يمكن ان تحلل تحليلا كيميائيا , أو حسابياً .. فيكون بعضها للدين , وبعضها الآخر للدنيا , أو يكون جانب منها للروح , وجانب آخر للجسد .


    وذلك .. لأنه ليس من طبيعة حقائق الدين أن تنقسم , وتوزع , كما أنه ليس هناك ما يمكن أن تتوزع اليه , إذا كان من طبيعتها ان تتوزع – وهو أمر غير ممكن – فحقائق الدين تتوجه الى الانسان على أنه كيان واحد , ليس روحاً , وليس جسداً , وإنما روح وجسد معاً , وحقائق الدين تتجه الى تنظيم وجود الانسان .. وللانسان وجود واحد يجمع بين الدنيا والآخرة .


    نعود بعد هذا الى " اقبال " فنصحبه في اتجاهه هذا مرحلة أخرى , يحدثنا فيها عن الاسلام ومقامه في الحياة , وإمكانياته التي يفتح للناس مجال العمل فيها , فيقول " اقبال " :
    - وروح التوحيد " الاسلام " بوصفه فكرة قابلة للتنفيذ , هو : المساواة , والاتحاد , والحرية .
    - والدولة في نظر الاسلام .. هي محاولة تبذل بقصد تحويل هذه المبادىء المثالية الى قوى مكانية زمانية .. هي إلهام لتحقيق هذه المبادىء في نظام انساني معيّن .
    - والدولة في الاسلام .. ليست " ثيوقراطية " أي دينية إلا بهذا المعنى وحده , لا بمعنى أن على رأسها خليفة الله على الارض , يستطيع دائماً أن يستر إرادته المستندة وراء عصمته المزعومة .


    - وقد غاب هذا الاعتبار عن أنظار نقّاد الاسلام .
    - فالحقيقة القصوى في نظر الاسلام روحية , ووجودها يتحقق في نشاطها الدنيوي .
    - والروح تجد فرصتها في : الطبيعي , والمادي , والدنيوي .
    - فكل ما هو دنيوي إذن , هو طاهر , وديني .. في جذور وجوده .
    - وأعظم خدمة أداها التفكير العصري الاسلامي , بل في حقيقة الأمر الى كل دين , هي تمحيص ما أسميه مادياً أوطبيعياً تمحيصاً أظهر أن المادي فحسب لا يكون له حقيقة الى أن نكشف عن أصله متأصلاً فيما هو روحاني .


    - فليس ثمة دنيا دنسة , وكل هذه الكثرة من الكائنات المادية إنما هي مجال تحقق الروح وجودها فيه .
    - فالكل أرض طهور , ولقد صور النبي عليه الصلاة والسلام هذا المعنى أجمل تصوير بقوله " ( جعلت لنا الأرض كلها مسجداً ) .


    - فالدولة في نظر الاسلام ليست إلا محاولة لتحقيق الروحانية في بناء المجتمع الانساني .. وبهذا المعنى تكون كل دولة ليست مؤسسة على مجرد السيادة والسلطان , بل تهدف الى تحقيق المبادىء المثالية .. دولة " ثيوقراطية " أي دينية ...

    يتبع بحول الله الخلافة والدين - 2

  7. #7
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    هل المجتمع الاسلامي في حاجة إلى الخلافة ؟

    والخلافة التي نتحدث عنها هنا هي " الخلافة " كما نتصورها وكما صورناها من قبل , وهي هذا الحكم الذي يقوم في المجتمع الاسلامي , على أساس ديني ودنيوي .
    وأنا أعلم أن كثيراً من الناس سيلقّون هذا الرأي لقاء غير كريم , يرجمونه بأفواههم , ويسلقونه بألسنتهم , ويجتمعون – على بعد ما بينهم من خلاف فيه – لمحاربته والتشويش عليه , فأولائك الذين يُعرفون عند أنفسهم , أو يعرفهم الناس " بالتقدميين أو العصريين " , سيقولون : ما لنا ولهذا الثوب البالي الذي عفى عليه الزمن , نتزيّا به اليوم , ونخرج به على الناس عراة أو شبه عراة ؟ .
    كيف ينظر العالم الينا ؟ وماذا يقول عنا ؟ وهو يرانا في تلك المرقّعات وفي هذه الخِرَق البالية ؟ .. " خلافة " ؟ أو " خليفة " ؟ ما هذا ؟ وهل جاء يوم البعث ؟ وهل أخرجت الارض أثقالها ؟ .
    ثم ما وراء هذه " الخلافة " ؟ الدين ؟ وسدنة الدين ؟ وأصحاب الملابس الفضفاضة الضريحية ؟ والعمائم الضخمة من بيض , وحمر , وخضر , وسود ؟ .
    ما هذا " الكرنفال " الذي يراد لنا أن نغرق فيه ؟ وأن نمثل على مسرحه تلك الحياة الهزيلة , التي يحياها الهازلون , والمهرجون ؟ .
    إن الحياة تخطو خطوات سريعة الى الامام , ونحن نهوي الى الوراء هُوِيّاً بعيداً , ونتخذ من أكفان الموتى أكفاناً لنا في الحياة ؟ .
    لا ... لا ... إن ذلك لن يكون أبداً !
    إننا لم نجد وجودنا , ولم نستشعر السلامة والعافية إلا حين تخففنا من هذه الأثقال التي آذت ظهورنا , وأثقلت خطونا , وجعلتنا من مخلفات الحياة التي يطؤها الناس بالأقدام ؟ .
    إن الدين ما لبس أمّة إلا ولبستها الذلّة والمهانة والاستكانة .. وما خلعت أمّة أسمال الدين , وألقت به بعيداً عنها إلا خلعت الحياة عليها خلع القوة والعزّة والسيادة .. والسعادة .
    هذه أوروبا وأمريكا .. نَفضَت الدين عنها , فملكت الارض , وكادت تبلغ السماء طولا , وإنها لم تخرج من ظلام القرون الوسطى إلا حين تنبّه فيها هذا الإحساس الذي باعد بينها وبين الدين .. ولو أنها ظلت على ولائها وخضوعها للدين وللكنيسة لما خرجت من ظلمات القرون الوسطى هذه , ولتراكمت عليها ظلمات فوق ظلمات .
    فما لنا وللدين إذن ؟ دعوا لنا حياتنا نحياها كما يحيا الناس .. ولا على من يريد الدين أن يَرِدَ موارده كيف شاء , ومتى شاء , وأن يعبَّ من صفوه وكدره ما يريد ..!!
    إن الدين أمر شخصي .. شهوة من شهوات النفس , أو نزعة من نزعات العقل , أونزغة من نزغات الشيطان .. أو وسوسة من وساوس الضمير .. وليس هناك ما يحجز الانسان عن شهوات نفسه , أو نزعات فكره , أو نزغات شيطانه , أو وساوس ضميره , ما دام ذلك كله لا يمَسُّ أحداً غيره .. فللمرء أن يلبس من أثواب الدين ما يشاء , في داخل حدوده الشخصية , وكيانه الذاتي .. أما إذا خرج الى الحياة , وعاش في الناس , فينبغي أن يطرح هذه الأثواب جانباً , وأن يلبس للحياة وللناس زيَّ الدنيا الذي لا خيط من خيوط الدين فيه .
    هذا بعض ما يلقى به هذا الرأي الداعي الى " الخلافة " الاسلامية أولائك العصريون , أو المتعصرون .. فإنه لا أثقل على قلوبهم , ولا أزكم لأنوفهم من الدين , وريح الدين ...!
    وكذلك الدينيّون والمتدينون ...
    لا يحمدون هذه الدعوة التي تدعو الى التفكير في " الخلافة " , ولا يجدون فيها انتصاراً لجانب الدين الذي جارت عليه الدنيا , وألجأته الى الانسحاب في زوايا الزوايا من بيوت الله .
    ذلك أنهم يخشون على الدين إذا هو خرج من هذه الزوايا المتحصّن بها , والتقى الحياة , ودار مع الناس في دنياهم , شاهَ وجهه , وتبدّلت معالمه , وضَمَر وجوده , وهان على الناس شأنه ...
    وخيرٌ للدين أن يظل محتفظاً بكيانه المضمر في كتاب الله , وفي سنة رسوله , وفي قلوب المؤمنين به , من أن ينزل الى هذا المعترك الصاخب المائج فيتبدد ويضيع ...!!
    ونقول للدنيويين , والدينيين : مهلاً .. مهلاً ..
    لا تفزعنكم كلمة " الخلافة الاسلامية " هنا ..
    فالاسلام – كما عرفتم – ليس عقيدة تعيش في ضمير الانسان .. وإنما هو عقيدة وشريعة .. تملأ ضمير الانسان , وتعبىء مشاعره , وتحدد سلوكه في الحياة ...
    الاسلام " حياة " متكاملة .. تملأ وجود الانسان كله , وتحيط به ! وحيث يكون مسلمون , يكون مجتمع اسلامي فإن الدين يملأ عليهم وجودهم , ويلقاهم حيث كانوا , في المسجد , في المصنع , وفي البيت , وفي الحقل , وفي السرّ , وفي العلَن .. ولن يستطيع " المسلم " في أي حال من أحواله أن يعزل الاسلام عنه إلا إذا خلع نفسه منه جملة , وخرج خروجاً كاملاً من هذا الدين .. وهنا لا حساب بين الاسلام وبينه ...
    إن الاسلام ليس ثوباً يلبسه الانسان في حال , ثم إذا شاء خلْعه خَلَعَه يوماً أو بعض يوم , كما يخلع ملابس نومه , ليرتدي الثوب الذي يخرج به الى الناس .. ثم يعود فيلبس ثوب الاسلام من جديد كما يلبس ملابس النوم .. كلا .. ثم كلا ...
    الاسلام – كدين – ليس ثوباً ينزع ويلبس , وإنما هو روح قائم في كيان الانسان , وحياة ممسكة بوجوده ...
    فالذين ينكرون على الدين مقامه في الحياة , إنما ينكرون أمراً واقعاً .. والذين يحاولون أن يعزلوا أنفسهم عن الدين يحاولون محالاً !! وإن خرجوا على مقررات الدين , واستباحوا حماه , فإن أقل ما يبقى لديهم من الدين أنهم ينتسبون اليه , ويحملون اسمه .. فيقولون : نحن مسلمون , وهذا – على ما به من بُعد عن حقيقة الدين , وما فيه من انخلاع روحي عنه – راية يستظل المسلم بظلها , ويجتمع مع المسلمين عليها , وذلك من شانه أن يشيع في كيان هذا المسلم – الذي يحمل اسم الاسلام – عواطف اسلامية , تقوى حيناً وتضعف حيناً حتى يدخل في الاسلام ظاهراً أو باطناً , أو ينفصل عنه ظاهراً أو باطناً , أو يموت تحت راية الاسلام , دون أن يشهد تحتها مشهداً من مشاهده , أو يوماً من أيامه ...

    ويتبع بحول الله" شبهة وردها "

  8. #8
    مشرف مجلس قبائل كندة الصورة الرمزية مدريدي
    تاريخ التسجيل
    09-04-2016
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    282

    افتراضي

    اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين

  9. #9
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    اللهم آمين ... جزاك الله الخير أخي الكريم

  10. #10
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    شُبْهَــــــةٌ وَرَدَّهـــــا !!!

    وقد يسأل سائل هنا : وأين الدين إذا لم يكن له في نفس صاحبه حرمة ولا توقير ؟ وهل الدين مجرد اسم يطلقه المرء على نفسه , ويعلقه على صدره , كما تعلق الشارات المميزة لبعض أصحاب الوظائف والرتب ؟ .
    ونقول ليس أمر الدين على هذه الصورة .. وإن صاحب الدين مهما بعُد عنه , ومهما فرّط في جنبه , فإن ما بينه وبين الدين لا ينقطع أبداً وإن وهَت حباله , ورَثَّت عُقَده .
    ومع هذا فالدين قول وعمل .. مظهر ومخبر .
    والدين الاسلامي .. إسلامٌ .. وإيمان .
    والاسلام , هو الشعار الظاهر الذي يتعارف به المسلمون , ويدخل به المسلم في مجتمع المسلمين .. فمن حمل هذا الشعار , وقال : إني من المسلمين , فهو مسلم .
    ثم يبقى بعد ذلك " ألإيمان " وهو ما يمكن أن يسمى " الدين الشخصي " , الذي يسكن كيان الانسان , ويدخل قلبه , ويصاحب وجدانه .


    - فرق كبير بين الاسلام والإيمان ...
    - فهناك في المسلمين من يعيش بالاسلام , بلا إيمان , وكثير ماهم ...
    - وهناك في المسلمين من يعيش بالاسلام والإيمان معاً , وقليلٌ ما هم ..
    - ولهذا فرّق الله سبحانه وتعالى بين الاسلام , والإيمان , في قوله تعالى :
    { قالت الأعراب آمنا .. قل لم تؤمنوا , ولكن قولوا أسلمنا , ولما يدخل الإيمان في قلوبكم }
    - والمجتمع الاسلامي كله .. مجتمع مسلمٌ كله أيضاً .. مجتمع يدين بالاسلام , وإن لم يكن كله مؤمناً .
    وإذا تقرر هذا , ولا نظن ان احداً من المسلمين – مجرد اسلام – أو المسلمين المؤمنين يخالف هذا , أو يدفعه .. بل نحسب أن أكثر من يحسبون في الاسلام – مجرد مسلمين – لا يرضون أن ينزلوا هذه المنزلة , ويأبون إلا أن يكونوا في المسلمين المؤمنين !


    نقول إذا تقرر هذا كان لنا أن نقول :
    أولاً : إنه لا عزلة بين الدين والدنيا في المجتمع الاسلامي , مهما بعُد هذا المجتمع عن الدين .. وأن أقل ما يصحب هذا المجتمع – كما قلنا – هو الاسلام وإن لم يقارنه الإيمان عند حميع أفراد المجتمع المسلم .
    ثانياً : الدنيويون مسلمون أيضاً , وقد يكونوا مؤمنين .
    ثالثاً : الدينيون .. مسلمون طبعاً , وقد لا يكونوا مؤمنين .
    رابعاً : الحكومة التي تحكم المدتمع الاسلامي , وتقوم عليه من بين المسلمين – كبر هذا المجتمع أو صغر – هي حكومة اسلامية , وقد تكون مؤمنة .. وقد لا تكون !
    وعلى هذا ...فإن الحكم في أي مجتمع مسلم , هو حكم اسلامي أو هو " خلافة " اسلامية !
    إعتراضان ... وردّهما :
    ويبدو هنا اعتراضان :
    ألإعتراض الأول : يمكن أن يصوّر في الصورة الآتية :
    ماذا ينفع الاسلام أو المسلمين من هذا " الاسم " الذي لا حقيقة له ؟
    إسلام , ولا إيمان ؟ ماذا وراء هذا من خير ؟
    وردّنا على هذا الاعتراض : أن خيراً كثيراً , يُرجى من وراء هذا الاسم !!!
    1 – أن أقل ما فيه أنه يحفظ وحدة المسلمين , ويحدد مكانهم وأوطانهم في الحياة .. إنه على الأقل " علًم " يُعرف به المسلمون , وراية يجتمعون عليها ,
    2 – أن هذا الاسم يُذَكّر المسلمين دائماً بالاسلام , وهو يوجه أبصارهم اليه , ويفتح قلوب كثير منهم الى حقائقه .
    وإنه لو كان المجتمع الاسلامي كله مجرد أفراد مسلمين – غير مؤمنين – لكان الدين في صورته هذه ذا أثرٍ بعيد في توحيد المشاعر , وربط القلوب .
    إن فلسفة الأزياء , وفلسفة الألوان تُحدّث عن آثار قوية في الحياة الانسانية , فالزيّ الذي يتزيّا به الانسان , واللون الذي يُؤثره في حياته , أو تفرضه عليه حياته , كل ذلك ينفض عليه كثيراً من المشاعر والعواطف والأخلاقيات .
    فكيف " بالاسلام " وإن يكن مجرداً من الإيمان ؟ إنه ليس مجرد ثوب أو مجرد لون , بل هو حقيقة محمّلة بقوى حيّة , تنطق بالعظات والزواجر .
    ولعلنا نذكر هنا الاسلوب النبوي الرائع من أساليب التربية والهداية فيما لقي به صلوات الله وسلامه عليه وفد ثقيف , وقد جاءوا ليدخلوا في الاسلام , ولكنهم اشترطوا ألا يجاهدوا في سبيل الله , وألا يؤدوا الزكاة .. هكذا يدخلون الاسلام بشهادة أن لا اله إلا الله , وأن محمداً رسول الله !! وقد قبل النبي الكريم منهم هذا , ورأى صلوات الله وسلامه عليه عجباً ودهشاً وحيرة في وجوه أصحابه .. فقال صلى الله عليه وسلم : ( سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا ) .
    فكيف والمجتمع الاسلامي يضم أعداداً كثيرة, وكثيرة جداً من المسلمين المؤمنين ؟ وهذا جدير به أن يجعل الاسلام ليس مجرد اسم يحمله المجتمع , وأن يكون اسماً وحقيقة معاً .
    3 – لو فقد الدين " الاسلامي " هذا الاسم .. ماذا يكون ؟ ومن يدُل عليه ؟ ومن يعرف أهله ؟ وكيف يتوارث المسلمون , وكيف يتزوجون ؟ .


    إن هناك حقائق كثيرة للاسلام لا تظهر إلا في مجتمع اسلامي , وفي قوم مسلمين .. إنه لا بد أن يكون للاسلام مجتمع , ووطن , حتى يكون لهذا الدين مأوى يأوي اليه الناس , وراية يجتمعون عليها .
    إنه لو فقد الدين " الاسلامي " هذا الاسم لصار دعوة من تلك الدعوات السرّية , " كالماسونية " ونحوها .. لا يُعرف لها وجه ولا وطن .. وقد لحظت الشعوب الاسلامية هذا الأثر القوي الذي تعمله كلمة الاسلام , في حياتها , فتمسكت بها , وجعلتها شعاراً لها ودثاراً .
    وقد استجابت " الحكومات " في كثير من الشعوب الاسلامية لهذا الشعور فنصّت دساتيرها على أن دولتها " دولة اسلامية " .. وكانت مصر أشد هذه الشعوب تمسكاً بهذا الاسم , وأكثرها وفاءاً له , فكان كل دستور من دساتيرها يحمل هذه المادة ( الدين الرسمي للدوله هو الاسلام ) .
    وقد حرص حتى ميثاق إعلان الوحدة بين مصر , وسورية , والعراق , على تأكيدهذه الحقيقة , وإبرازها , فنصّ على ( أن دين الدولة الاسلام ) .. وهذا يعني أن الحكومة حكومة اسلامية , أو خلافة اسلامية , على الوجه الذي قررناه .

    ويتبع بحول الله " الاعتراض الثاني " !

  11. #11
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألإعتراض الثاني !!!

    ألإعتراض الثاني :
    أما الاعتراض الثاني الذي يقوم في وجه القول بان الحكم في أي مجتمع مسلم هو حكم اسلامي – وخلافة اسلامية – فهو يمكن أن يصوّر في هذا السؤال أو الأسئلة :
    إن كلمة " خلافة " تعني أن يقوم الحكم الاسلامي , على النظام الفردي , وأن يدين المجتمع الاسلامي كله لحاكم واحد هو الخليفة ...
    فهل يمكن أن يقع هذا وقد تعددت أوطان الاسلام وقام على رأس كل وطن حاكم أو ملك ؟ وهل يرضى الحكام والملوك أن بعطوا الولاء لهذا الحاكم , وأن ينزلوا له عما في أيديهم طائعين ؟ وهل إذا رضي الحكام والملوك ترضى الأوطان ذاتها , ولا تأخذها العزّة لأوطانها وأجناسها ؟ .


    ونحن ندفع هذا كله بما يأتي :
    أولاً : أن الصورة التي قام عليها الحكم الاسلامي في الصدر الأول للإسلام ليس شريعة من شرائع الدين , وإنما هو نظام رآه المسلمون قادراً على القيام بحاجات الحياة التي يحيونها .. وللمسلمين في أي مجتمع , وفي أي عصر أن يقيموا حكومتهم الاسلامية على الوجه الذي يرونه مناسباً لأحوالهم وأزمانهم ...
    فإنه كما عدّل المسلمون وبدّلوا في أنظمة الحكم تلاسلامي الأول .. في الأنظمة المالية , والعسكرية , والإدارية .. وغيرها حسب حاجات الحياة .. إنه لا حرج عليهم أن يغيروا ويبدلوا ما شاءوا في صورة " الحكومة " أو " الخلافة " .


    ثانياً : الحكم الفردي ليس من طبيعة الروح الاسلامية , إذ الاسلام يدعو المسلمين الى التشاور فيما يعرض لهم في الحياة .. والخلفاء الراشدون وإن كانوا في مقام التفرد بالحكم والسلطة , فقد كان أمرهم شورى بينهم وبين المسلمين , كما نطق بذلك القرآن الكريم .
    وعلى هذا فإن الحكم " الجمهوري " الذي يعتمد على الشورى , ويقوم عليه , هو أقرب صور الحكم الى روح الاسلام .



    يقول " محمد إقبال " :
    ونظام الحكم الجمهوري لا يتفق مع روح الاسلام فحسب , بل لقد أصبح كذلك ضرورة من الضرورات , نظراً للقوى الجديدة التي انطلقت من عقالها في العالم الاسلامي .



    ثالثاً : إن تعدد أوطان المسلمين لا يحول دون قيام وحدة اسلامية بينهم , فالمشاعر الدينية التي بين أبناء الدين أقوى من أية رابطة تربط الانسان بالانسان , من وطن , أو لغة , أو دم .. إذ الدين روح يسري في كيان الانسان , وهو بهذا المعنى صلة بين الارواح , تتخطى السدود , والحدود , ولا تحمل الانسان على ان يقطع علائق الصلات بين أبناء وطنه .. أو لغته .. أو جنسه ...


    إننا نرى في الحياة أمماً مختلفة , وأجناساً متباينة , وأوطاناً متباعدة تعيش في نظام واحد من الأنظمة الاقتصادية أو السياسية .. كالشيوعية مثلاً .. وهي في هذا النظام تنتظمها مشاعر توحد بينها , على تباعد الاوطان , وتباين الاجناس , واختلاف الأمم , دون أن تنزل أمة عن مشاعرها لوطنها , أو لغتها , أو جنسها .


    والاسلام .. ليس قومية , ولا فتحاً , ولا استعماراً , وإنما هو رابطة أمم تسلّم بما بينها من حدود صناعية , وتشعر بما بينها من فوارق جنسية , قُصد بها التعارف على كل شعب { وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا } لا تقييد الأفق الاجتماعي لأعضاء هذه الرابطة .



    وفي الاسلام شعائر عملية من شأنها أن تخلق في المجتمع الاسلامي عادات موحدة .. كالطهارة , والوضوء , وأعمال الصلاة في أوقات محددة , خمس مرات في اليوم , والاتجاه الى قبلة واحدة .. وهذه العادات من شانها أن تقارب بين المجتمعات الاسلامية , وان تكون وسيلة من وسائل التفاهم المضمر بينها ...


    فالاسلام في طبيعته دين ليس اقليمي , وغايته أن يقيم للانسانية كلها مثالاً للألفة والانسجام , باجتذاب معتنقيه المنتسبين الى أجناس متباينة , ثم تحويل هذه المجموعة الذُّرية الى أمة لها شعورها بذاتها , وكيانها الخاص ...


    ولم يكن تحقيق هذا عملاً سهلاً , ولكن الاسلام , بما له من نظم رُسمت على خير وجه – وُفّق الى حد كبير جداً , الى خلق ما يشبه ارادة عامة , وضميراً جماعياً في هذه الأوفاض من الأجناس .. بل ان ثبات العرف الذي ليس له خطر اجتماعي ! كالعرف المتعلق بالأكل والشرب والطهارة والنجاسة – يكون له في تطور مجتمع كهذا قيمة حيوية خاصة , من حيث أن من شأنه أن يجعل للمجتمع حياة نفسية مميزة له , ذلك الى أن يكفل لأفراده الانسجام والوحدة في الظاهر والباطن , الأمر الذي من شانه أن يقاوم عوامل الفرقة وعدم الانسجام , التي تكمن دائماً في الجماعات المؤلفة من أمم وشعوب مختلفة ...

    فينبغي على من يتصدى لنقد هذه النظم أن يسعى قبل أن يضطلع بمعالجتها ألى فهم مرامي هذه التجربة الاجتماعية التي ينطوي عليها الاسلام فهماً واضحاً سليماً .. عليه أن ينظر اليها من حيث ما لها من منافع بالنسبة لقوم أو مضار لغيرهم , ولكن من حيث قصدها الأكبر الذي يسري شيئاً فشيئاً في الحياة الانسانية عامة ...


    مرة أخرى يقول : إن تعدد أوطان المجتمع الاسلامي لا يقف حائلا دون الوحدة الاسلامية التي دعا اليها الاسلام , وشرّع لها , ورسم المنهج العملي الذي يقيمها في نفوس المسلمين جميعاً .. فمن كان في الجماعة الاسلامية , ولبس ثوب الاسلام ظاهراً , أو ظاهراً وباطناً , فإنه بهذا الثوب – على أي لونيْه – يجد نفسه واحداً من آحاد هذا المجتمع , وعضواً من أعضاء هذا الجسد الكبير ...


    ومهما يكن بين الحكومات الاسلامية من صلات طيبة أو غير طيبة , فإن ما بين المسلمين في جميع أوطان الاسلام من توادٍّ , وتعاطف , وتناصر , قائم أبداً .. ما أقام الاسلام في هذه الاوطان ...


    رابعاً : هل يمكن أن يجتمع المسلمون على حكومة اسلامية موحدة ؟
    إن فكرة الحكومة الاسلامية التي تجمع العالم الاسلامي تحت رايتها أمل يملأ صدور المسلمين ويملك مشاعرهم .. فالأخوة الاسلامية لها حنينها , ولها أشواقها , وليس يروي ظمأ هذا الحنين , ويطفىء وقده مثل هذا اللقاء المادي الذي يجتمع فيه الأخوة في كيان واحد , في دولة واحدة , تحت علم واحد , ودستور واحد ...


    إن الذي يشهد موسم الحج , ويشارك المسلمين في اداء هذه الفريضة , يرى جماعات المسلمين قد صاروا أمة واحدة على اختلاف الألسنة , والألوان , والأوطان , والأجناس , فمن كل أمة , ومن كل جنس , ومن كل لغة , ومن كل بلد من بلاد العالم قد جاء المسلمون الى البيت الحرام , فما وجد واحد منهم غربة , ولا أحسّ وحشة , ولا ذكر شيئاً من لونه أو جنسه , أو وطنه , بل ولا لغته , فإن الكلمات القليلة التي يُحسن المسلم الاوروبي , أو الأمريكي , او الزنجي , أو الصيني , أو الروسي النُّطق بها من اللغة العربية كافية هناك في نقل أنبل المشاعر الأخوية وأصفاها بين المسلم والمسلم ...


    إن كلمة " لا اله الا الله محمد رسول الله " تكفي وحدها أن يتعارف المسلمون , وأن يلتقوا جميعاً بعواطفهم وعقولهم عند دعوة الاسلام , وما تحمل الى الناس من مودة وإخاء ...
    يكفي أن يلقى المسلمُ المسلمَ بأية كلمة من الكلمات الاسلامية , فيدخل بها الى قلبه , ويسكن الى نفسه , وإذا تجاوُب القلوب , وتجاذُب النفوس , يغنيان عن اللسان , والبيان ...


    هذه الصورة المصغرة التي يشهدها المرء من التلاحم والتقارب بين المسلمين في الحج قد أطمعت كثيراً من مفكري المسلمين أن يعملوا على إقامة وحدة عامة بي أمم الاسلام , في مشارق الارض وغاربها , ولم يعملوا حسابهم لهذه الفوارق الكثيرة التي بين وحداتهم المختلفة , لأن شيئاً من هذه الفوارق لم يبدُ له أثر حين تلاقى المسلمون واشتركوا في مناسك الحج ...


    والحق أن هذه الفوارق الكثيرة التي بين المجتمعات الاسلامية , وإن ذابت في حرارة اللقاء بي الحجيج , ليس من اليسير التغلب عليها في مواطنها , حيث تحيط بالانسان في وطنه منازع كثيرة , تدعو الى الولاء للوطن , أو الجنس , أو للغة ...
    إذن فهناك عوائق كثيرة تقف أمام الوحدة الاسلامية , وليس من الممكن أن تتم هذه الوحدة إلا إذا تغلب المسلمون على تلك العوائق , وأزاحوها من طريقهم الى الغاية المنشودة , الى الوحدة الشاملة ...

    يتبع بحول الله " ماذا يقف في طريق الوحدة الاسلامية ؟ "

  12. #12
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ماذا يقف في طريق الوحدة الاسلامية ؟

    لا بد من التعرف على هذه المعوقات التي تقف في طريق الوحدة الاسلامية حتى نعرف طبيعتها , والقوى الكامنة فيها , والعناصر التي تخلّقت منها .. لا بد من هذا , حتى نعمل على معالجتها بالوسائل الممكنة , التي تتلاءم مع كل حالة منها ...


    1 – ألقوميّــــــة :

    وأول ما يصادفنا هذه المعوقات القائمة في طريق الوحدة الاسلامية هو التعصب , للقومية , فنحن حين ننظر في المصور الجغرافي للعالم الاسلامي نجده يضم عديداً من القوميات المختلفة .. فهناك عرب , وترك , وباكستانيون , وأندونيسيون , وهناك فارسيون , وأفغانيون , وسنغاليون , وصوماليون .. هذا الى جانب قوميات اخرى تمثل أقليات في أوطانها كمسلمي الروس , والصين , وألبانيا , ويوغوسلافيا قبل التجزئة وغيرها ...


    هذه الاجناس المتعددة تعيش في أوطان متباعدة , وإن كانت جميعها تضم صدرها على الاسلام , وتمنحه ولاءها الخالص المكين .. ولكنها تضم صدرها كذلك على قوميتها .. وتمنحها ولاءها وحبها .. فنحن هنا امام مجموعات من المسلمين .. يجمعهم الولاء للدين , ويفرقهم الولاء لأوطانهم وقومياتهم .. فكيف تقوم وحدة اسلامية بين هذه الجماعات المتّفقة المختلفة , والمتقاربة المتباعدة ؟ ونسأل قبل الإجابة على هذا السؤال :
    اولاً : هل هناك تعارض بين الولاء للقومية والولاء للعقيدة ؟
    ثانياً : إذا كان هذا التعارض قائماً ألا يمكن قيام تصالح بينهما ؟



    ونجيب على هذه الأسئلة أولاً ...
    1 – هل هناك تعارض بين الولاء للدين والولاء للقومية ؟
    إن الاسلام , وإن دعا الى الأخوة العامة الشاملة بين المسلمين , والى ترك العصبيات التي تمزق وحدة الجماعة , وتميت الاحساس بالأخوة , فليس ذلك معناه أنه جعل الناس جميعاً في قالب واحد , وسمت واحد , حتى لكأنهم نتاج مصنع تتشابه وحداته تشابهاً كاملاً في كل شيء , فلا تكون لواحدة منها صفة تعرف بها من غيرها ...
    وكلا .. فإن الاسلام قد احتفظ لكل فرد من أفراد الانسانية بذاتيته , وشخصيته التي لا يشابهه فيها أحد , ولا يشابه هو أحد فيها .. فكل فرد عالم قائم بذاته , كما يقول الله تعالى : { ومن آياته خلق السموات والارض , واختلاف ألسنتكم والوانكم } , وليس الأمر مقصوراً على اختلاف الألسنة والألوان بين الناس .. فذلك هو الظاهر المُشاهَد .. ولكن هناك اختلاف كبير بين الناس في كيانهم الداخلي .. من إدراك , وإحساس , ووجدان .. الى كثير غير ذلك من وجوه الاختلاف بين أفراد الناس .. فرداً .. فرداً .
    كذلك الناس في أجناسهم وقومياتهم .. هم جسد كبير له ذاتيته وشخصيته المميزة له .. كل قوم غير القوم الآخرين .. في ملامحهم الخارجية , وفيما انطوى عليه وجودهم الداخلي , من قوى عقلية وروحية , ونفسية .
    وفي هذا يقول الله تعالى : { يا أيها الناس .. إنا خلقناكم من ذكر وأنثى .. وجعلناكم شعوباً , وقبائل لتعارفوا } , فكما في كل انسان علامات ظاهرة وباطنة مميزة له , ومشخصة لشخصيته , كذلك لكل قوم خصائص ظاهرة وباطنة مميزة لهم , ومشخصة لوجودهم , لا يشبهون أحداً , ولا يشبههم أحد ...


    وكما يخاطب الاسلام الانسان كفرد , ويوجه اليه اوامره ونواهيه كذلك يخاطب الجماعة في قوميتها , وجنسها , فيوجه اليها أوامره ونواهيه , { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم .. عسى أن يكونوا خيراً منهم } .. وعلى هذا نستطيع أن نقول إنه لا تعارض بين الولاء للدين والولاء للقومية .. كما أنه لا تعارض بين ولاء المرء لنفسه , وولائه للجماعة التي يعيش فيها .
    فيستطيع المسلم أن يسع في قلبه الولاءين معاً .. الولاء للمسلمين جميعاً , في كل موطن من مواطن الاسلام , والولاء لوطنه ولأبناء جنسه ! .. فكما يمنح المرء حبه لأبنائه وذوي قرابته , ولا يمنعه ذلك من أن يجد في قلبه متسعاً لحب أبناء وطنه , بل لحب الناس جميعاً ! .. كذلك يستطيع أن يمنح ولاءه وحبه لبني جنسه , ولا يمنعه ذلك من أن يمنح ولاءه وحبه للمسلمين جميعاً ...


    وفي الحق إن الولاء الذي يمنحه الانسان لقومه وبني جنسه هو جزء من الولاء للمسلمين , فإذا أعطى المرء ولاءه وحبه للمسلمين عامة , فإنه يكون قد أعطى – ضمناً – ولاءه لبني جنسه , وهم مسلمون أيضاً .. وإذن فلا تعارض بين الولاء للدين والولاء للقومية ...
    2 – إذا كان هذا التعارض قائماً فهل يمكن التصالح بينهما ؟
    إن الذي يعيش في مبادىء الاسلام , ويستقيم على شريعته لا يجد في القومية والتعصب لها صدى قوياً يزاحم الولاء للدين والمسلمين ..فهو مسلم في جماعة المسلمين كلها , ومواطن في اوطان المسلمين جميعها .. ولكن ضعف العقيدة الدينية في النفوس قد يتيح للنوازع الاخرى في نفس الانسان أن تتسع وتتضخم حتى تحل الدين عن مكانه فيها , وتزيله عن موضعه فيها , فيحيا الانسان على نوازعه من غير أن يكون للدين أثر في سلوكه .. وهنا تظهر في الناس نزعات التعصب , وتستعلن فيهم دوافع التعالي والتفاخر بالأحساب والأنساب , وهنا تبرز حكمة الاسلام في دعوته الى التخفف من هذه النوازع , وتلك الدوافع , فينزل الناس على حكم الاخوة التي يجمعهم اليها أصلهم الذي جاءوا منه .. { إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } .. و .. ( كلكم آدم , وآدم من تراب ) .. { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ...


    فالتعارض الذي يقوم في كيان الأفراد أو الجماعات بين الولاء للدين والولاء للقومية هو امر عارض , نشأ من ضعف الشعور الديني , ومن فتور الإحساس بالدين , إحساساً واعياً صادقاً .. يقوم على مفهوم صحيح الدين , وليس على مظاهر كاذبة .. لا تغني من الحق شيئاً .
    ولقد شهد المجتمع الاسلامي ألواناً صارخة من التعصب للقومية , جار فيها المتعصبون جوراً بالغاً على الاسلام , وعلى دعوته الكريمة الى الإخاء الاسلامي .. الإنساني ...
    وواجب الحق يقتضينا أن نقرر أن الاسلام قد حقق دعوته الى الإخاء الانساني تحقيقاً يكاد يكون كاملاً في الصدر الأول للإسلام , وأن الفوارق التي كانت تعزل الناس قد ذهبت آثارها من العقول والقلوب .. وأخذ الناس منازلهم في الاسلام لا بأحسابهم , ولا بأنسابهم , وإنما بالتقوى , وصالح الأعمال , { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } ...
    وواجب الحق يقتضينا أيضاً أن نقرر أن المسلمين لم يستقيموا على هذا الهدي هذه الاستقامة بعد عصر الراشدين .. فإنه سرعان ما هبّت ريح التعصب , وتمايزت القبائل .. فكانت عدنان وقحطان .. ثم كان العدنانيون قبائل وعشائر , وكان القحطانيون قبائل وعشائر أيضاً .. ثم كانت الى جانب عصبيات القبائل عصبيات الأوطان .. فأهل الشام عصبة واحدة يجتمعون الى معاوية وخلفائه , وأهل العراق عصبة واحدة يجتمعون الى علي وشيعته ...

    يتبع بحول الله الجزء الثاني من " ماذا يقف في طريق الوحدة الاسلامية "

  13. #13
    المطور العام - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية أبو مروان
    تاريخ التسجيل
    18-02-2015
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    3,295

    افتراضي

    بارك الله فيك أبو عمر ، و ما أوردته هنا هو الحوصلة المرشدة :

    {وفي الحق إن الولاء الذي يمنحه الانسان لقومه وبني جنسه هو جزء من الولاء للمسلمين , فإذا أعطى المرء ولاءه وحبه للمسلمين عامة , فإنه يكون قد أعطى – ضمناً – ولاءه لبني جنسه , وهم مسلمون أيضاً .. وإذن فلا تعارض بين الولاء للدين والولاء للقومية ... }

  14. #14
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ماذا يقف في طريق الوحدة الاسلامية – 2

    ثم أطلّت من وراء ذلك كله عصبية العرب على العجم .. عصبية الفاتح الغالب .. على المهزوم المغلوب .. فنظرت الدولة الأموية الى العرب نظرة غير نظرتها الى المسلمين الفرس والروم ...


    وأخذ المسلمون من الفرس والروم وغيرهم من غير العرب يضعون للعرب مثالب تقابل تلك المفاخر التي حاول الشعراء والقُصاص أن يبرزوها في شعرهم وقصصهم مصوّرة أمجاد الأمة العربية في جاهليتها , وكأنهم يقولون للأمم المغلوبة ذات الحضارة والسيادة : إننا أمة عريقة في المجد والحضارة , وإن يكن الاسلام قد زادها مجداً وفخراً .. وما أن أتقن من الفرس والروم اللغة العربية , واستقامت ألسنتهم عليها , وقويت ملكاتهم فيها حتى نبغ منهم الشعراء , فاتخذوا من الشعر العربي أداة للدفاع والهجوم معاً .. فكانوا يصورون مثالب العرب من جهة , ويفخرون بأصولهم من جهة أخرى .. فكان أبو نواس – على لهوه ومجونه – حامل الراية في هذه الحركة , ومعه كثير من الشعراء المتعرّبين كبشّار , ومهيار , وابن الرومي , وغيرهم .. ويكفي أن نلتقط بيتاً من هنا أو هناك ليكشف لنا مدلوله عن تلك النفسية التي قيل في جوّها .. يقول أبو نواس متهكماً على تلك " اللازمة " التي عرفت في الشعر العربي , وهي الوقوف على الاطلال وبكاء الأحباب :



    لا تَبْكِ هنداً ولا تَطْرَبْ إلى دعْد ..... واشربْ على الورد من حمراء كالورد
    ويقول :

    صفة الطلول بلاغة الفَدْمِ ..... فاجعلْ صفاتك لابنة الكرم

    ويقول متهكماً بالحياة في البادية , وبخشونة العيش فيها , واعتمادها على " الحليب " وما كان يؤخذ منه :

    إذا راب الحليب فبُلْ عليه ..... ولا تأثم , فما ذاك حَوْب

    ومهيار " الديلمي " يقول بملء فيه , وبمصَكّ أسماع العرب :


    وجَدّيَ كسرى على إيوانه ..... أين في الناس أبٌ مثل أبـي ؟

    قد جمعت المجد من أطرافه ..... سؤدد الفرس , ودين العربِ

    فهذه الشعوبية , التي تجمعت في وجده العرب كانت في الواقع رد فعل لما كان من العرب , ومحاولة استئثارهم بالمكان الأول في المجتمع الاسلامي , والذي كان العصر الأموي محققاً له في هذا الجانب , على حين كان العصر العباسي – وقد كان الفرس أكبر قوة له – مهيئاً للشعوبية فرصتها في أن تكيل بالكيل الذي كيل لها به من قبل ...


    ثم لا تقف الساعة عند هذا الحد .. بل لقد عاود الفرس حنين الى دولتهم التي ذهبت , والتي أصبح الاسلام دينها وشريعتها , واللغة العربية لسانها .. فلم يعد أحد منهم يذكر عن لغة آبائه وأجداده شيئاً ...



    ولو استطاع الفرس – في حميّة هذه العصبية – أن يتركوا الاسلام الذي حمله العرب اليهم , بلسان عربي مبين – لو استطاعوا أن يتركوا الاسلام إذ ذاك لتركوه , حتى لا يكون للعرب عليه فضل , ولكن الدين كان قد ملك قلوبهم , وملأ مشاعرهم , واستولى على وجودهم , فلم يكن في وسعهم " والأمر كذلك " أن ينخلعوا من الدين – , ولهذا فإنهم أخذوا يعدون أنفسهم لتجربة جديدة , وهي ترك اللسان العربي , والعودة الى اللسان الفارسي , بعد أن تعطّل , وعلاه الصدأ .. وكانت التجربة قاسية , لأنها تهدم وتبني في آن معاً .. تهدم لغة , وتقيم لغة ...


    وقد كان السلطان , محمود بن سبكتكين " الغزنوي " – أول حاكم فارسي اجتمع له نفوذ وسلطان , وقامت في يده دولة – كان أول من دعا الى إحياء اللغة الفارسية فدعا " الفردوسي " وكان ممن لا يزالون يحسنون الفارسية .. دعاه الى البدء بهذه التجربة , فنظم له " الشاهنامة " على نظام الشعر العربي في أوزانه وقوافيه .. كما أنها اتخذت الخط العربي أداة لها .. ومن ذلك اليوم أخذ الفرس ينسلخون شيئاً فشيئاً من اللغة العربية , حتى استقام لهم لسانهم الفارسي , فانسلخوا عن اللغة العربية جملة ! ...


    وقد شعر المتنبي بهذه الغربة والوحشة , في هذا الزمن المبكر في مواطن الاسلام وهو يدخل أرض الفرس فيقول :
    غريب الوجه واليد , واللسان
    ثم جاء دور الاتراك بعد هذا , وكان قد ضعف شأن العرب , والفرس معاً .. وهم أمة ناشئة , تحمل في كيانها عناصر الشباب , فاستخفوا بالعرب , وجعلوا للترك المقام الأول في المجتمع الاسلامي الذي خضع معظمه لسلطانهم , فلما انتقلت الخلافة الاسلامية اليهم واجتمعت في أيديهم القوة الروحية الى جانب القوة المادية تاكدت في نفوسهم مشاعر السيادة والاستعلاء , حتى لقد عدّوا الدم التركي إذا جرى في عرق انسان اكتسب به مجداً . واكتسى به عزاً ...


    وانتهى الامر بالاتراك الى ان تجسدت هذه المشاعر السوداء في كيانهم , فكانت سياط عذاب تلهب الأمة العربية بصفة خاصة , إذ كانوا يرون في العرب القوة الكامنة في المجتمع الاسلامي , التي يخشى منها على " الخلافة " التي في ايديهم , وإذ كانوا هم أول من أخذ " الخلافة " من العرب , وأخرجوها منهم , فهم لهذا يعيشون في وسواس دائم من هذا الخطر الذي يلقي في روعهم أن العرب لن يسلموا لهم أبداً " بالخلافة " ...


    وكان هذا الصراع الخفي والظاهر بين الترك والعرب مما عجّل بسقوط الخلافة التركية او العثمانية , وتبديد الملك الواسع الذي كان في يدها , فانفراط عقد الدول التي كانت تحت سيلطانها , وتبدد شملها ...


    من هذا نرى أن العصبية " للجنس " والتعصب للقومية قد كان لهما دور كبير في تمزيق الوحدة الاسلامية , وفي توهين عرى المودة والإخاء بين المسلمين ! ونسأل بعد هذا :
    إذا قدر للمسلمين أن تقوم فيهم حكومة اسلامية واحدة , فهل يعيد التاريخ – البعيد والقريب – سيرته في جماعات المسلمين , فتفرقهم " الخلافة " بدل ان تجمعهم وتوحد بينهم ؟ أم أن المسلمين قد أفادوا من تجارب الماضي , ومن تلقيات الحاضر , وأن دوافع الوحدة بينهم اليوم أقوى منها في أي وقت مضى .. فإلى جانب الشعور الديني الذي يهتف بهذه الوحدة , يقوم داعٍ آخر يدعو اليها بقوة .. وهو داعي السياسة ,, فإن دواعي السياسة في هذا العصر قد دعت الى التقرب بين الأمم في صورة أحلاف , وإن لم يكن بينها رابطة قرابة من قومية أو دين .. وإنما المصلحة وحدها هي التي تجمع هذه الأمم الى بعضها , وتؤلف بين أشتاتها ..



    والمسلمون في عددهم , وفي مساحة الارض التي يعيشون عليها , وفي الموارد الطبيعية , والمواقع الاستراتيجية , التي يملكونها .. كل هذا يجعل وحدتهم قوة هائلة , يعمل لها حسابها في المجال الدولي , فلا يطمع فيها طامع , ولا تحدّث احد نفسه بأن يطأ شبراً من ارضها ...


    وإن أقلّ ما يضمنه المسلمون في هذه الوحدة هو سلامة أوطانهم , وكفالة أمتهم وسلامتهم , ولكن لنا أن نسأل أيضاً : إذا سلم المسلمون في ظل هذه الوحدة الاسلامية , من العدوان الخارجي فهل يسلمون من عدوان بعضهم على بعض ؟ .


    أو بمعنى أصرح : ما الضمان الذي يحجز عدوان " الحاكم " العام للمسلمين وتسلطه عليهم ؟ مستعيناً في ذلك بأبناء قومه الذين لا شك أنهم واجدون في سلطان " الحاكم " الذي هو منهم شعوراً بالعزة والسيادة , وإن ظل هذا الشعور مكبوتاً زمناً , فإنه لا بد أن ينضج , ويعلن عن نفسه يوماً ما .. فمن يضمن للمسلمين – إذا اتحدوا – أن تقوم في داخل كيانهم نزعات قومية , وعصبيات للأهل والوطن ؟



    هذه هي المشكلة ... وليس حلها بالأمر العسير !!!
    إن الحل الوحيد لها – ولا حل غيره – هو أن تقوى مشاعر الدين في الجماعات الاسلامية , حتى تنكسر في النفوس حدة الإحساس بالمشاعر القومية وحتى يخفت صوتها , فلا يحسّ به أحد ... أذلك ممكن أن يكون ؟


    ندع الجواب عليه الآن الى حين .. فإن لنا مع الدين وقفة اخرى , بعد قليل ..!

    ويتبع بحول الله الجزء الثالث من " ماذا يقف في طريق الوحدة الاسلامية " !

  15. #15
    المطور العام - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية أبو مروان
    تاريخ التسجيل
    18-02-2015
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    3,295

    افتراضي

    فهذه الشعوبية , التي تجمعت في وحده العرب كانت في الواقع رد فعل لما كان من العرب , ومحاولة استئثارهم بالمكان الأول في المجتمع الاسلامي , والذي كان العصر الأموي محققاً له في هذا الجانب , على حين كان العصر العباسي – وقد كان الفرس أكبر قوة له – مهيئاً للشعوبية فرصتها في أن تكيل بالكيل الذي كيل لها به من قبل ...(أبو عمر)
    ________
    بارك الله فيك أبو عمر على هذا الموضوع الجدير بالاهتمام من العرب ، و أرجو أن ينخرط في مناقشته إخواننا المهتمون بالقضايا العربية و الإسلامية من المنتدى .
    ________

    إن الإسلام لا يقوم به إلا العرب ، و ما اختار الله تعالى لرسالته الخاتمة نبيا من العرب إلا لعلمه سبحانه أنه لا يوجد على الأرض خير من العرب لحمل الرسالة الكونية ، و لا أقول هذا من باب الشوفينية ، بل الواقع التاريخي يؤكده ؛ يقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله بأنه لم يكن يوجد في زمن ظهور نبي الإسلام محمد عليه الصلاة و السلام أمة أخرى أرجح عقلا من العرب و لا أحسن منها في القيم الإنسانية و الخلقية ... و مازالت العرب تحتفظ بقيمها و قدراتها العقلية إلى اليوم و ستظل كذلك بالرغم من افتقارهم إلى قيادات قوية تقودهم إلى الرقي و السيادة . و لولا ما تتميز بها الأمة العربية من قوة عقلية و قيم خلقية و إنسانية عالية ، ما كانت تخرج واقفة على قدميها من الليل الاستعماري الطويل ، و لما استطاعت أن تثبت و تصمد أمام كل العواصف الهوجاء التي تضربها من كل جهة ، و بتواطؤ حكامها في كثير من الأحيان .
    إن الأمة الإسلامية، بدأ يدب الضعف في أوصالها منذ أن تقلد الأعاجمُ أمورَها ، و أقصد الفرس و الترك ، و مازالت الأمة الإسلامية تعاني من وباء هذين القومين إلى اليوم .و ليست الخلافة الأموية هي السبب في في تحرش الأعاجم بالعرب أو ظهور الشعوبية (التي رافقها ظهور الزندقة) ، لأن الأمويين أدركوا جيدا قوة العنصر العربي ، التي يعول عليها في حمل أعباء الدولة أو الخلافة ، لما رأوه من قلة حماس في الأعاجم ، لتأثرهم بما آلت إليه دولهم الزائلة و لم يتمكنوا من التخلص من عقدة التفوق ( دليل على عدم تَمَثُّلِهم للاسلام حَقَّ التَّمَثُّل)، لذا لم يعتمدوا عليهم في الأمور الجسيمة للأمة ، خوفا من خيانتهم . و لم يكن بنو أمية عنصريين و لا عصبيين ، إنما كانوا حكماء في تدبير شؤون الأمة بالاعتماد على العرب ، لعلمهم بإخلاصهم و غيرتهم على الإسلام . فلما جاءت الدولة العباسية (التي كانت بعمل الأعاجم الخفي لاسقاط الحكم العربي) أطلقت للأعاجم اليد الطولى في شؤون الخلافة ، فحطموها بكل الوسائل؛ بنسائهم في قصور الحكم، و بتمزيق أواصر العائلات الحاكمة بإفتعال النزاعات و إذكاء الخلافات على الولاية و الحكم ، حتى اليهود شاركوا في تقويض الحكم العربي العباسي ، أكلوا الأمويين كعرب بإخوانهم العباسيين ثم أكلوا العباسيين (أُكلتُ يوم أُكل الثور الأبيض) .
    و لا نعني بهذا أن العباسيين يتحملون وزر سقوط الحكم العربي أو الخلافة ، لا فإن العباسيين كعرب أخلصوا لمبادئهم و تعاليمهم الإسلامية و قيمهم العربية ، فطبقوا المساواة بين الناس( لا عنصرية في الإسلام) و لكن الأعاجم لم يكونوا يؤمنون بهذا المبدأ ، و لا يؤمنون به إلى اليوم .
    أما أولئك الشعوبيون و على رأسهم أبو نواس -الذي عاش حياته ماجنا فاسقا- فلم يكونوا إلا من سقط المتاع ، كانوا من شواذ الناس و الشاذ لا رأي له و لا يقاس عليه ، بل بالعكس فإن طعنهم في العرب لا يزيد العرب إلا علو شأن و رفعة:
    إذا أتتْك مذمتي من ناقص ×× فتلك الشهادة لي بأني كامل .

    الكلام عن الخلافة الإسلامية اليوم و في هذه الظروف سابق لأوانه ، لأن هناك مهمة أهم و أعظم من الخلافة : هي مهمة إعادة رسكلة العرب و المسلمين في دينهم و ثقافتهم ، و في مقدمة ذلك وضع الرجال المخلصين للأمة العربية في قيادتها ، و التخلص من تبعية الغرب و هيمنته علينا من خلال صناعة قياداتنا .


    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مروان ; 21-04-2016 الساعة 01:13 AM

  16. #16
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألأخ الكريم عبدالقادر - رعاك الله
    كل ما تفضلت به هو " مُخَزَّن " في الوجدان .. معك حق في عدم الصبر علينا حتى نهاية الدراسة هذه .. وهذا ما ينبىء كل متابع لنا بأنكم على رأس من يشاركنا هموم الأمة !!!
    فقط ( لا تعجل علينا ... وأنظرنا ... )
    أخوكم المحب لكم في الله
    أبو عمر الفاروق

  17. #17
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ماذا يقف في طريق الوحدة الاسلامية
    – 3
    أللغـــــــــــة : وننظر الآن الى اختلاف اللغة كعامل من عوامل التعويق للوحدة الاسلامية المنشودة .. إذ لا شك أن اختلاف الألسنة حاجز يحجز الناس بعضهم عن بعض , وعلى هذا فإنه حين يلتقي المسلم بالمسلم وليس لهما لسان واحد يتفاهمان به , ينعزل احدهما عن الآخر انعزالاً يكاد يكون تاماً , لأن اللسان هو ترجمان الأفكار , والعواطف التي بدونها لا يجتمع انسان الى انسان .

    وهذا حق .. فأن المجتمعات الاسلامية يتكلم أهلها بعدة ألسنة , ويعيشون في عديد من اللغات , وهذا من شأنه أن يجعل من الأمة الاسلامية أمماً , تتعدد بعدد لغاتها , وتختلف مشاعرها ووجداناتها , فإن اللغة – في حقيقتها – ليست مجرد أداة للتفاهم وحسب , وإنما هي وجود كامل للمجتمع الذي يتعامل بها ويعيش فيها .. إنها عقل المجتمع .. وقلبه .. إنها المرآة التي يتجلى فيها النشاط الانساني كله .. العقلي .. والروحي .. والنفسي .. بل والسلوكي أيضاً .. فما من عمل يعمله الانسان إلا صبّ في قالب لغوي , فيصبح كلمات تجري على الالسنة ومعاملة يتعامل بها الناس .. أخذاً وعطاء .

    وعلى هذا .. فاختلاف الالسنة في الأوطان الاسلامية يستتبعه حتماً اختلاف في مناحي التفكير , وفي اسلوب الحياة , بل وفي مفهوم الدين , وفي تصور حقائقه والإفادة منها .

    إن اللغة كوسيلة للتفاهم يمكن الاستغناء عنها في هذا المجال , ويمكن التماس وسيلة – ولو مع شيء من العسر – تؤدي الى هذا التفاهم على أية صورة .
    ولكن اللغة – كما قلنا – وجود كامل تتجسد فيها ماديات الانسان ومعنوياته .. أفكاره , ووجدانه , وآماله , وأحلامه , وذكرياته .. ثم هي ميراث الآباء والأجداد , وتراث يحمل مخلفات الآباء والأجداد , من ماديات حياتهم ومعنوياتها جميعاً .

    وليس من اليسير أن ينزل المرء عن هذه المعاني كلها , وأن ينخلع عنها ويخلعها كما يخلع الثوب الخلَق ! وماذا يبقى للانسان إذا هو تعرّى من أفكاره , ووجداناته وآماله , وذكرياته , وتاريخ آبائه وأجداده ؟ .

    إن الأمر كما ترى – أعقد من ذنب الضب – كما يقولون ...

    وهنا يطل علينا التاريخ بهذا السؤال : كيف استطاع الاسلام في أيامه الأولى أن يحلّ هذه العقدة أو تلك العُقد , فيضع على السنة الناس لغة غير لغتهم كما وضع في قلوبهم ديناً غير دينهم ؟ وكيف سوّغ للناس أن يُسَلّموا للإسلام ألسنتهم كما أسلموا له لغتهم .. والاسلام هو الاسلام , والمسلمون هم المسلمون ؟ كيف غزت اللغة العربية الألسنة على هذا النحو الذي غزا به الاسلام العقول والقلوب ؟

    والإجابة على هذه الأسئلة تحتاج الى وقفة طويلة نستعرض فيها سير الدعوة الاسلامية وصحبة اللغة العربية لها , من أول يوم خرج فيه الاسلام من الجزيرة العربية , ليلتقي بالناس من كل جنس , ومن كل ملّة .. في مشارق الارض ومغاربها .. ثم ما جدَّ بعد ذلك من أحداث عوّقت سير اللغة , أو ردّتها على أعقابها .. إنه تاريخ طويل , وأحداث متعددة متشابكة لا يسمح لنا المجال هنا باستعراض هذا التاريخ , وتحليل تلك الأحداث .

    ومع هذا , فإنه لا بد من الإشارة الى تلك العلاقة الوثيقة التي بين اللغة العربية والاسلام .. ألأمر الذي جعل من الدعوة الاسلامية , دعوة للغة العربية نفسها .. ذلك أن اللغة العربية كانت هي اللسان الذي نطق به الدين , وصور تشريعاته وأحكامه .

    وقد يكون هذا الأمر غير ذي بال في التمكين للغة العربية , وحمل من يدخل في الاسلام على تعلمها .. ولكنه مع ذلك داعية من دواعي الاحساس بها , والدنو منها , لمن يريد أن يأخذ حظه كاملا من الدين , إذ يتلو كلام الله باللغة التي نزل بها , وإذ يسمع حديث الرسول باللسان الذي تحدث به .

    غير أن شأن اللغة العربية مع الاسلام أعظم من هذا الشان , وأبعد أثراً .. إذ ليست اللغة العربية مجرد أداة لنقل التشريعات والأحكام التي حملتها شريعة الاسلام , ولكنها اللغة التي فيها " معجزة " الرسول الكبرى , والتي حملت " الإعجاز " الذي تحدّى به الرسول الناس جميعاً .. بل والجن معهم .. أن يأتوا بمثل هذا القرآن .. في اسلوب عربي مبين .

    فاللغة العربية من هذا الوجه هي الشاهد القائم أبد الدهر على معجزة الرسول الخالدة .. ولو نُقل القرآن الى أية لغة أخرى لذهب هذا الشاهد , ولسقطت حجة إعجازه .
    لهذا كانت اللغة العربية بعض هذا الدين , وإحدى صفحتي وجه الاسلام لا يُرى الاسلام في بهائه وجلاله وروعته إلا وهو في حلّته تلك , التي خلعها عليه , وألبسها إياه المُشَرّع الأعظم , سبحانه .. جل جلاله .
    ولهذا أيضاً حرص المسلمون من أول يومهم في الاتصال بالأمم الداخلة في الاسلام على أنه يدخل الدين الى القلوب باللسان الذي نزل به , وصور فيه .

    كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الى أبي موسى الاشعري , وهو قائده في الشام وحاكمه بعد الفتح : ( أما بعد .. فتفقهوا في السنة .. وتفقهوا في العربية .. وأعربوا القرآن .. فإنه عربي ) .

    ويقول ابن تيمية : ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا ارض الشام . ومصر , ولغة أهلها رومية .. وأرض العراق وخراسان , ولغة أهلها فارسية .. وأهل المغرب .. ولغة أهلها بربرية .. عوّدوا أهل هذه البلاد العربية , حتى غلبت على أهل هذه الأمصار .. مسلمهم وكافرهم .

    وهكذا كانت خراسان قديماً – أي انها استقامت على اللسان العربي – ثم انهم تساهلوا في أمر اللغة , واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم , وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم .. ولا ريب أن هذا مكروه ديناً .

    وقد أشرنا من قبل الى تلك الاسباب التي دعت الى عودة أهل خراسان – الفرس – الى لسانهم الذي فارقوه , بعد ان استشرت العصبية بينهم وبين العرب , ففارقوا لغة العرب , ولم يفارقوا دينهم .
    ويقول ابن تيمية أيضاً :
    واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل , والخلق والدين , تأثيراً قوياً , ويؤثر أيضاً في مشابهته صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين , ومشابهتهم تزيد العقل , والدين , والخلق .. ثم يقول :
    وأيضاً , فإن نفس اللغة العربية من الدين , ومعرفتها فرض واجب , فإن فهم الكتاب والسنة فرض , ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ! ويقول ابن تيمية في موضع آخر .. فإن اللسان العربي شعار الاسلام وأهله , واللغات من أعظم شعائر الأمم التي بها يتميزون .

    ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال ( تعلموا العربية , فإنها من دينكم , وتعلموا الفرائض , فإنها من دينكم ) .. فاللغة العربية - كما ترى - عنصر قوي من عناصر الاسلام , وركيزة من ركائزه , يقوم بها , ويستند اليها .

    يتبع بحول الله " ألوحدة العربية , والوحدة الاسلامية "

  18. #18
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    نتابعك..شيخي ابوعمر..
    ولي إضافات حضّرتها قديما في موضوع "الديموقراطية" لاخينا الاستاذ احمد الدعباسي وهي هنا أنسب وأوضح وأوفر..لكنها طويلة جدا وسأختصرها قدر الامكان..
    حفظكم الله ورعاكم

  19. #19
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألأخ الكريم - ابو علي - حفظكم الله
    لا بأس بما تنوي رفعه بخصوص " الديموقراطية " !
    فقط نرجوا الصبر قليلاً حتى يكتمل الموضوع حتى يأتي ملخص بحث " الديموقراطية " شاملاً ! فربما كان فيما نسطره بعض الفائدة ! وبقي ثلاثة أجزاء من دراستنا التي هي عبارة عن ( خمسة عشر جزءاً ) .. وفي التأني السلامة والغنيمة !
    رحم الله والديك
    التعديل الأخير تم بواسطة الشريف ابوعمر الدويري ; 21-04-2016 الساعة 02:41 PM

  20. #20
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    حسنا شيخنا ابوعمر
    نتابعكم بشغف..والتعليق مؤجّل حتى تتمّ البحث..حفظكم الله ورعاكم وسدّد بكم وقارب
    بارك الله فيكم

  21. #21
    المطور العام - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية أبو مروان
    تاريخ التسجيل
    18-02-2015
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    3,295

    افتراضي

    ومع هذا , فإنه لا بد من الإشارة الى تلك العلاقة الوثيقة التي بين اللغة العربية والاسلام .. ألأمر الذي جعل من الدعوة الاسلامية , دعوة للغة العربية نفسها .. ذلك أن اللغة العربية كانت هي اللسان الذي نطق به الدين , وصور تشريعاته وأحكامه .(أبو عمر)
    __________________

    و كذلك مما سهل نشر اللغة العربية بين شعوب البلاد المفتوحة ، ما كان يتمتع به العرب المسلمون من قوة في الأرض ، و على العرب اليوم ليواصلوا تبليغ رسالة الإسلام للناس -كما فُرض عليهم- أن يتمكنوا من اكتساب هذه القوة :و هذه القوة لا يشترط فيها أن تكون عسكرية أو اقتصادية فحسب، و إنما أن يتقووا من الداخل ، أن يكتسبوا هذه القوة في مجتمعاتهم بتحقيق العدل و الرجوع إلى دين الله في حكوماتهم للمسلمين ، و النصر من عند الله ، فإن أرضوه بالامتثال لدينه استجاب لهم و نصرهم .

    و الأهم من القوة الاقتصادية و العسكرية ( و العرب الحمد لله أغنياء من فضل الله) أن يُحَوِّل بعض العرب ولاءهم من أمريكا و الغرب عامة إلى قومهم العرب ... فإن العرب لم ينهزموا من ضعف و لكن من الخيانة الداخلية .
    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مروان ; 21-04-2016 الساعة 09:37 PM

  22. #22
    مشرف مجلس قبائل كندة الصورة الرمزية مدريدي
    تاريخ التسجيل
    09-04-2016
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    282

    افتراضي

    يجب على الامم المسلمة الغير عربية ان تعي ان عز الاسلام بعز العرب فجيب ان يقدروا دورنا كعرب وكحاملين أعظم رسالة بعثها الله تعالى للخلق اجمعين فحين ضعفوا العرب ضعف الاسلام وسقطت الخلافة الاسلامية العربية العباسية طبعا كان هناك تآمر على العرب من بعض المسلمين العجم وهذا ما سبب الاحداث التي جرت والان رجع العالم الاسلامي يخذل العرب من جديد ولا يؤمنون بنا كعرب حاملين رسالة ويجب ان نحكم الديار المسلمة كما أمرنا الله تعالى فكيف نحرر القدس الشريف والمسجد الاقصى وكيف نحرر جميع اراضي العرب والمسلمين مثل الاحواز والاندلس الخ.. يجب ان نكون اقوياء كعرب مدعومين من جميع مسلمين الارض والا فنحن في انحدار وسقوط والان اين العراق وسوريا وليبيا وشعبوها ؟ دمار وحروب وتشريد واصبحوا جزء من الشعوب الغربية الاوروبية بسبب الهجرات المتتالية فهؤلاء العرب المسلمين الذين يهاجرون الي ديار المشركين بعد سنوات قليلة يصبحوا جزء من المشركين ويغيروا دينهم مع مرور الزمن والاجيال الجديد التي تخرج منهم لن يعرفوا ما هي كلمة عرب او عربي او اسلام ومسلمين فنحن للاسف نسقط كل يوم ولكن لا نشعر

  23. #23
    مشرف مجلس قبائل كندة الصورة الرمزية مدريدي
    تاريخ التسجيل
    09-04-2016
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    282

    افتراضي

    هذا الشيخ المجاهد الاموي القرشي اراد ارجاع كرامة العرب والمسلمين ولكن قتل غدرا وتم اجهاض مشروعه قبل بدايته
    نريد هكذا نماذج اين انتم يا بني امية يا بني هاشم من بيدكم الحلول ؟ اليس فيكم رجل رشيد مؤمن مجاهد يرجع للامة امجادها وكرامتها ؟

  24. #24
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألإخوة الفضلاء - رعاكم الله
    قبل أن نواصل رفع ما تبقى من البحث .. وبعد التنويه بسعادتنا بهذا التداخل الكريم منكم جميعاً أحببنا أن نُثبِت معلومة في أذهان ووجدان القارىء الكريم ولا مجال للجدل فيها .. وهي :

    ( إذا عَزَّ العرب عَزَّ الاسلام .. وإذا ذَلَّ العرب ذّلَّ الاسلام )

    حقيقة رغم أنف الشعوبية وكل من لفَّ لفّها !
    بارك الله بكم ووفقكم لكل خير

  25. #25
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألوحدة العربية والوحدة الاسلامية

    هناك إذن الدين واللغة .. هما اللذان يعملان في كيان المجتمع الاسلامي , ويقيمان وجوده .. فإنه بغير الاسلام لا يكون المرء مسلماً , وتكون الجماعة جماعة اسلامية , ولكن الاسلام يكون هنا روحاً بلا جسد , ومشاعر بلا كيان .. كما عرفنا من أن اللغة العربية بعض الدين , وصفحة من أحد وجهيه , وأن هذا الدين لا يستقر في كيان الانسان استقراراً متمكناً إلا إذا دخل الى العقل والقلب باللغة التي بها كتاب الشريعة , ونطق بها صاحب الرسالة .. ولكن واقع العالم الاسلامي يبدو لنا وكأنه عالمان :



    عالم دينه الاسلام , ولسانه العربية .
    وعالم دينه الاسلام , ولسانه ألسنة مختلفة , ليس منها اللسان العربي .


    هل تقوم الدولة التي ندعوا اليها ؟؟؟ على أساس الدين وحده , مع صرف النظر عن اللغة ؟ أم انها تقوم على أساس الدين واللغة معاً ..؟ ونضع هذين السؤالين موضع النظر والبحث .. كلّ على حدة :
    هل تقوم الدولة على أساس الدين وحده ؟
    الدعوة الى قيام الدولة الاسلامية على اساس الدين وحده دون نظر الى عامل اللغة , واختلاف الألسنة بين جماعات المسلمين , , هذه الدعوة قد كانت ولا تزال تدور في عقول كثير من المسلمين , وتجول في خواطرهم , وتجري على السنتهم فيما يقولون , وما يكتبون .


    وأكبر حجة لهم على هذا أنهم يقولون : إن الدين الاسلامي دين عالمي .. لا تقف دونه حواجز مادية أو معنوية .. إنه أكبر وأقوى من أن يقف وراء هذه الحواجز .. من اختلاف الجناس , والاوطان , والألسنة .


    إن الاسلام قد غزا قلوب الناس بمبادئه وأحكامه , قبل أن يغزو ألسنتهم , أو يغيّر لغتهم , فآمنوا به دون أن يعرفوا بلاغة آياته , وأسرار إعجازه القرآني . . بل وأكثر من هذا , فإن الغالبية العظمى ممن أصبحت العربية لهم لساناً لا يتذوقون جمال القرآن ذلك التذوّق الفنّي , الذي يدركون به سرّ الإعجاز ودلائله .



    فالاسلام – كدين – هو مبادىء , وأحكام .. هو عقيدة وشريعة .. تؤدى في أي لغة , وتُحمل في أي أسلوب !!! وهم يقولون – نعم .. إن للغة العربية مكانها من الدين الاسلامي .. فنحن لا ننكر هذا , ولكننا لا نرى أن التدين بهذا الدين موقوف على تعلم اللغة العربية , وتذوّق آدابها , وفنون بلاغتها .. هذه نظرة بعض ذوي الرأي من المسلمين الداعين الى الوحدة الاسلامية , دون نظر الى اللغة , وتلك حجتهم على هذه الدعوة .

    وهناك كثير من الداعين الى تلك الوحدة لم يحاولوا أن يجدوا لها حجة غير ما في عواطفهم من مشاعر لكلمة " الاسلام " ولجماعة المسلمين " , فالمسلم أخو المسلم حيث كان .. والأخوة الاسلامية أخوة مطلقة غير مشروطة بشرط الجنس , أو الوطن , أو اللغة .



    هذا , وقد قامت الخلافة العثمانية – قبل سقوطها – بدور كبير في الدعوة لهذا الرأي , والدعاية له بكل وسيلة ممكنة .. وغير ممكنة .. وذلك لأن لسانها ليس اللسان العربي , كما أن أوطان المسلمين التي كانت تحت سلطانها لا تُحسن التركية , ولا تتعامل بها .


    ولهذا دخل على كثير من زعماء المسلمين وقادتهم هذا الشعور تحت ضغط هذه الظروف المادية والمعنوية بسطتها يد الخلافة العثمانية على المسلمين .. فالزعيم أحمد عرابي مثلا , وكانت ثورته ثورة على الحكم التركي .. نراه يلقي بهذا التصريح , في كتاب بعث به الى " جورجي زيدان " .. يقول :



    لم يخطر ببالي أصلا الاقتداء بالفاتحين والمتغلبين كما ذكرتم , ولا تأليف دولة عربية , كما أرجف المرجفون , لأني أرى ذلك ضياعاً للإسلام عن بكرة أبيه , وخروجاً عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله .



    ولا نستطيع أن نجزم بحقيقة نوايا عرابي هنا .. وهل كان هذا الرأي هو رأيه فعلاً , الذي ينطوي عليه قلبه .. أم أن هذا أسلوب من أساليب السياسة , دعاه اليه الحال , وأملته عليه الظروف ؟ .. ليس ببعيد هذا , أو ذاك .



    فقد يكون عرابي مع كراهيته للحكم التركي – حريصاً – في الوقت نفسه على الخلافة ! , لأنها على ما بها من اختلال وفساد , مظهر من مظاهر الوحدة الاسلامية , ثم هي أيضاً ميراث عزيز على المسلمين أن يبددوه , ويفرّطوا فيه , بسبب تلك العوارض التي تعرض لهم , وتوقع الشحناء , والبغضاء بينهم .



    وقد يكون ما بنفس عرابي غير كل هذا .. أو عكس كل هذا .. فقد يكون في ثورته داعية الى نزع مصر من يد الاتراك , ثم نزع الوطن العربي كله .. ليقيم من ذلك دولة عربية .. تكون " الخلافة " في يدها .. لأن الخلافة قد ظلت عربية منذ قامت , الى ان انتزعها الاتراك من يد العرب .. ربما يكون هذا , أو ذاك .


    ألكواكبي والوحدة الاسلامية :
    في كتابه " أم القرى " ..وهو اسم مكة , كما سماها القرآن الكريم .. في هذا الكتاب يتصور الكواكبي مؤتمراً اسلامياً جامعاً انعقد في مكة في موسم الحج , وقد شهده كثير من وجوه المسلمين وعلمائهم من مختلف الاجناس .. ثم يدير الكواكبي الحديث في هذا المؤتمر على السنة هؤلاء الوجوه من ذوي المكانة والرأي في المسلمين , ويجري على السنتهم ما تنطوي عليه صدورهم من مشاعر الإخاء والمودة بينهم , وما تتعلق به آمالهم من قيام وحدة اسلامية عامة , يلتقون عندها , ويتنفسون في جوّها .


    وواضح أن حلم " الكواكبي " هذا لم يتحقق, ولا زالت هناك كثير من الاحلام لم يظهر تاويلها .. ولعل المؤتمر الاسلامي القائم الآن يكون أصدق هذه الاحلام , فتحقق به أمنية عزيزة على الاسلام والمسلمين جميعاً .



    ثانياً : ألوحدة على أساس الدين واللغة معاً :
    الدعوة الى قيام وحدة اسلامية على اساس الدين واللغة أقرب الى التحقق من الدعوة الى تلك الوحدة التي تقوم على الدين وحده , والتي كانت موضوع بحثنا فيما سبق ... وذلك :
    اولاً : أن وحدة الدين , ووحدة اللغة .. كل منهما – على حدة – عامل أصيل من عوامل الترابط بين الجنسيات المختلفة , والاوطان المختلفة , فإذا اجتمع أحدهما الى الآخر كان ذلك مدعاة الى توثيق تلك الروابط , وإحكام شدّها .. فإذا ضعف عند بعض الناس الشعور الديني سانده الشعور اللغوي , والعكس صحيح كذلك .
    ثانياً : أن اللغة العربية – كما قلنا – لها وزنها , وحسابها مع الدين الاسلامي , فهي بعض الدين , وهي لسانه , وترجمانه , ومنطق إعجازه .
    ثالثاً : أوطان العرب .. أوطان متقاربة , متصلة , أشبه بالوطن الواحد , وتاريخها تاريخ واحد , والأحداث التي جرت عليها قد توزعت في أقطارها , وأخذ كل قطر نصيبه منها .. من غارات المغول والتتار , ومن الحروب الصليبية , ومن الاحتلال الاوروبي .. فقد كانت أوطان العرب مسرحاً واحداً لهذه الأحداث ,



    هذه العوامل مجتمعة في الأوطان العربية من وحدة الدين , واللغة , والتحام الأوطان , والتاريخ المشترك , هذه العوامل من شأنها أن تحمل وحدة هذه الأوطان حقيقة واقعة , لا حلماً ينتظر تأويله .



    ألإعتراضات القائمة في وجه هذه الوحدة :
    وإذا كانت هذه الوحدة واضحة الإمكان .. تقوم من بين يديها ومن خلفها كل الأسباب الداعية اليها , بل الموجبة لها .. فإن هناك من يثير في وجهها بعض المخاوف , ويلقي في قلوب المؤمنين بها بعض الشكوك والرّيَب , حتى يفتر حماسهم لها , ويبرد شوقهم اليها .. وذلك بما يفتح للناس من مباحث تشرف بهم على خلافات جنسية , ومذهبية , وطائفية .. من شانها أن تخلق في الأفكار بلبلة , وتثير فيها اضطراباً .



    وأكثر ما يدور على السنة أولائك الذين يعارضون هذه الوحدة العربية الاسلامية , ويجرون أقلامهم في مجال الكتابة فيه .. أمران ...!



    أولهما : أن الاسلام ليس وحده هو الذي يدين به جميع المواطنين في الوطن العربي . بل إن هناك ديانات أخرى – كالمسيحية واليهودية – يدين بها اعداد غير قليلة من الذين يعيشون في هذا الوطن الكبير .. ثم إن الذين يدينون بالاسلام في أوطان العروبة ليسوا على طريق سواء فيه , فهناك سنيون , وشيعيون , ودروز , وإباضيون .. وغيرها , وكل هذه الطوائف منقسمة على نفسها , ومختلفة فيما بينها , فالقول بوجود الوحدة الدينية في الوطن العربي قول لا يتفق والواقع .
    ثانياً : أن " العربية " التي يتصف بها المواطنون في هذه الاوطان ليست وحدها هي الجنسية التي يرجع اليها جميع المواطنون .. وإنما هناك الى جانبها " قوميات " أخرى لا تزال قائمة محتفظة بجنسيتها كالأكراد , والأرمن .. كما أن هناك جنسيات مندسة في كيان كثير من أبناء تلك الأوطان .. كالبربرية في المغرب , والفرعونية في مصر , والفينيقية في الشام .



    فالقول بأن الأوطان العربية ذات جنسية واحدة قول لا يمثل الحقيقة أيضاً ...!
    تلك هي أبرز ما يحاول دعاة الانعزالية في الوطن العربي الكبير أن يثيروه من اعتراضات , على قيام الوحدة الاسلامية العربية بين أوطان العروبة ,



    ولا بأس بعد أن التقينا بهذه الاعتراضات أن نعرضها في مجال النظر والتمحيص , لنعرف ما فيها من حق أو باطل ...!

    يتبع بحول الله" ألإسلام والديانات الأخرى في الوطن العربي "

  26. #26
    مشرف مجلس قبائل كندة الصورة الرمزية مدريدي
    تاريخ التسجيل
    09-04-2016
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    282

    افتراضي

    نعم اخواني الكرماء عز العرب بعز الدين , وكما فجرها ********امام الامبراطورية التركية لارجاع اراضي العرب للعرب فقد حدث ما اراده وتحررت الدول العربية من التبعية التركية ومن الاستعمار الفرنسي والايطالي والبريطاني لمصر ودول شمال افريقيا الخ. لكن للاسف كان يريد فقط ان يكون ملك على العرب ولم يطمح للخلافة لذلك سيرجع عز العرب مع الخلافة القادمة باذن الله بعد سقوط امريكا والله تعالى اعلم لان مدام امريكا والماسونية الصهيونية تتحكم بالعالم فلن نقدر على فعل أي شيء , والعالم العربي تعب من الحكام الديكتاتوريين لو سألنا اهل مصر هل تريديون خليفة عربي يحكم بالعدل والمساواة والسنة النبوية او حكام مراهقين دكتاتوريين ؟ *************** هل تريدون هؤلاء يتلاعبون بنا ام خليفة مؤمن مجاهد يحكم بالعدل والشرع ويعم الخير على الجميع بعهد الخلافة فلن يكون هناك خير او عز وتمكين الا بوجودها وذل لاعداؤنا الكفرة المشركين ونصبح نحن أهل الكلمة العليا في العالم اجمع كما كنا سابقا
    التعديل الأخير تم بواسطة الشريف ابوعمر الدويري ; 23-04-2016 الساعة 06:24 AM سبب آخر: ممنوع ذكر الاسماء الصريحة ! وكذ الخوض في السياسة .. بارك الله بك ونحيي شعوركم النبيل

  27. #27
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    أخي مدريدي..وقعت في المحذور..السياسة!
    تواصل معي على الخاص..لطفا وتكرما
    حفظك الله ورعاك

  28. #28
    مشرف مجلس قبائل كندة الصورة الرمزية مدريدي
    تاريخ التسجيل
    09-04-2016
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    282

    افتراضي

    لم افهمك اخي مخلد ما هو المحذور في كلامي ؟

  29. #29
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألأخ المكرم - مدريدي - رعاك الله
    من شروط الانتساب في الموقع " عدم الخوض في السياسة " ! وكذلك " عدم ذكر الاسماء الصريحة " لأي انسان سواء كان حاكماً او محكوماً .. فهذا يعرضنا الى المساءلة القانونية !!!
    رحم الله والديك .. ونأسف لحذف ما خرج عن الالتزام !
    نحبكم في الله ... اخوكم " المراقب العام "

  30. #30
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألإسلام والديانات الأخرى في الوطن العربي

    لا ينكر أحد أن الوطن العربي يدين بالاسلام , وان هذا الدين هو العقيدة الغالبة في جميع أرجاء هذا الوطن .. كذلك لا ينكر أحد وجود متدينين في بقاع مختلفة من أجزاء الوطن يدينون بغير الاسلام من المسيحيين واليهود .


    وإذا كان الاسلام هو دين الغالبية العظمى في الوطن العربي , فإن من طبيعة الأمور أن يأخذ أبناء هذا الوطن جنسيتهم من هذا الدين كما تأخذ أوطانهم جنسيتها منه أيضاً .


    فيقال أمة اسلامية , وبلاد اسلامية , وشعب مسلم .. وليس في شيء من هذا كله افتيات على الأقلية التي تدين بغير الاسلام , ولا اعتداء على حقها , ولا إهدار لدينها الذي تدين به .


    إن الأغلبية , لها وضع معترف به في الحياة السياسية " الديموقراطية " , في النظام الدولي العالمي , فحيث تكون أغلبية في أي مجال من مجالات الحياة , وحيث يكون احتكاك بين أكثرية وأقلية , فإن القانون يعطي الأكثرية الحقوق أن تكون لها الكلمة العليا , وأن تنزل الأقلية على حكمها .


    هذا ما يقع في معترك الحياة , وفي مجال الرأي والسياسة .. فكيف لا يُسَلّم به في مجال العقيدة , وهي أكثر من رأي .. إنها رأي بلغ من العقل منطقة الإيمان , ومن القلب موضع اليقين ؟؟؟ .


    والاسلام – كما قلنا – ليس عقيدة شخصية ينطوي عليها كيان الانسان , وإنما هو مع هذا مبادىء وأحكام يعتقدها المسلم , ويتعامل في الحياة بها .. فالذي يدخل في عقل المسلم وفي قلبه من تعاليم الاسلام , هو آراء محررة من شوائب الباطل .. مصفّاة من عناصر الزّيف .. آراء علويّة , سماوية , لا يأتيها الباطل من بين يديها , ولا من خلفها .. وهذا من شأنه أن يربط بين قلوب الجماعة الاسلامية وبين عقولها , حيث يتلاقون جميعاً عند هذه الآراء ويعيشون فيها .


    فالأكثرية الاسلامية التي تتمثل في سكان الأوطان العربية تعطيهم الحق كاملاً في أن يجعلوا الاسلام الدين الرسمي لهذه الأوطان , وأن يجعلوا شريعة الاسلام دستورهم الذي يعيشون فيه , ويتعاملون به .. ولن يكون في هذا اعتداء على وجود الأقليات التي لا تدين بالاسلام , ولا جور على حقوقها , لأن الاسلام في سماحته لا يضيق بمخالفيه ما لم يكيدوا له , أو يفتنوا أهله .. والله سبحانه وتعالى يقول : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين , ولم يخرجوكم من دياركم , أن تبرّوهم وتُقسطوا اليهم , إن الله يحب المقسطين } .



    أما الخلافات المذهبية , أو الطائفية التي بين المسلمين في هذه الاوطان فهي لا تخرج عن أن تكون واحدة من إحدى اثنتين من صور الخلاف :


    أولاهما : أن تكون خلافات ناجمة عن اجتهاد في فهم النصوص من الكتاب والسنة , واستنباط الاحكام منها , مراداً في ذلك كله التماس الحق , والوصول الى أقرب الوجوه احتمالاً لمراد الشارع .
    ومثل هذا الاختلاف لا يثير عداوة , ولا يبعث فُرقة , بل إنه اختلاف محمود .. تبرز فيه شخصية المسلم .. وينضج به عقله .. وتتضح على شراراته معالم الحق .. وذلك كالخلاف الواقع بين المذاهب الأربعة .. كذلك الخلاف الواقع بين بعض فِرَق الشيعة .فيما بينها .

    وثانيهما : أن تكون الخلافات متولدة عن أهواء .. يراد بها الانتصار لمبدأ سياسي , أو تحقيق غاية شخصية , أو كيد للاسلام , وإفساد للعقيدة .
    وهذه الخلافات لا تحسب على الاسلام , ولا يحسب المتمذهبون بها في المسلمين , وبهذا يكون شأنهم في المجتمع الاسلامي , وفي الاوطان الاسلامية شأن الأقليات التي تدين بغير الاسلام ...!



    إن أمر المسلمين واحد .. وأصول الاسلام لا خلاف عليها .. فمن استقام عليها وآمن بها فهو مسلم له ما للمسلمين , وعليه ما عليهم , وإن كان له رأيه , وله فهمه في فروع الشريعة , فيما لم يرد فيه نص قاطع , لا يحتمل تأويلاً .. فلكل مسلم هنا حق النظر , وحق الفهم , وحق الأخذ بما أدّى اليه نظره , وفهمه .

    ألجنسيات غير العربية في الوطن العربي

    لا نريد أن نعيد هنا بحث المقومات التي يقوم عليها مبدأ " الجنسية" .. وهل هو المولد , أو الموطن , أو اللغة .. فقد كان في أحاديثنا السابقة إشارات , ومواقف كشفنا بها عن هذه المقومات , وعن مكانها , وقيمتها في تكوين الجسد , القومي , للجماعة .


    وعلى هذا فإننا نرى أن الامر يقتضي وقفة مع " الجنسية " العربية هنا , لنعرف العنصر الأصيل الذي تقوم عليه .. أهو اللغة ؟ أو الدم ؟ أو الجنس ؟.. وقد تحدثنا من قبل عن اللغة العربية , وعن مكانتها في حياة الأمة العربية باعتبارها عنصراً من عناصر الدين وبعضاً منه .


    وقضية العرب والعروبة قضية قديمة , كانت دائماً موضع بحث وجدل , حول تحديد الصفات التي يكون بها العربي عربياً , وذلك في الفترات التي تتأزم فيها الأمور بين العرب والجنسيات الأخرى , التي أدخلت في الاسلام , من فرس , وترك , وروم , وهنود , وغيرهم .. فكان كل جنس ينزع الى جنسه , ويتعصب له , ويعرض مفاخر أمته في الاسلام وقبل الاسلام .


    ولا تعجب إذا رأيت عالماً جليلاً , وإماماً كبيراً من أئمة المسلمين كابن تيمية يثير هذه المسألة , ويحاول أن يتحدث عن العرب والعروبة في المجتمع الاسلامي , ويكشف عن الخصائص التي ينبغي أن تكون فيمن يحمل الجنسية العربية .. لا تعجب لهذا .. فإن هذه المسالة كانت كما قلنا قضية معروضة بين الجماعات الاسلامية .. كلٌّ يحكم فيها بالرأي الذي يراه .


    وبحسبنا هنا أن نعرض رأي ابن تيمية في التعريف بالجنسية العربية .. فهو لا ينظر الى المسالة من جانب التعصب للجنس كما يذهب الى هذا المذهب كثير من الذين عرضوا لهذا الأمر , وإنما ينظر اليها في ضوء الاعتبارات الدينية , بحسبان ان اللغة العربية عنصر من عناصر الدين , وباعتبار أن العرب هم واجهة هذا الدين , وعنوانه .


    رأي ابن تيميــــة :
    يقول ابن تيمية : واسم العرب في الأصل كان اسماً لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف :
    أحدها : أن لسانهم كان اللغة العربية .
    الثاني : أنهم كانوا من أولاد العرب .
    الثالث : أن مساكنهم كانت ارض الجزيرة , وهي جزيرة العرب التي من بحر القلزم " الاحمر " الى بحر البصرة , ومن أقصى حجر باليمن الى اوائل الشام , بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم , ولا تدخل فيها الشام .. وفي هذه الارض كانت العرب , حين البعث وقبله .


    وواضح من هذا أن ابن تيمية يحصر " الجنسية " القومية للعرب قبل الاسلام في .. اللسان , والدم , والموطن .. أما بعد الاسلام , وانتشار العرب خارج الجزيرة العربية حاملين دينهم , ولغتهم , الى مختلف الأجناس , والأوطان .. فإن الأمر قد أخذ وضعاً آخر .


    يقول ابن تيمية : فلما جاء الاسلام , وفتحت الأمصار سكنوا " أي العرب " سائر البلاد من أقصى المشرق ألى أقصى المغرب , والى سواحل الشام وارمينية , وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر وغيرهم .. ثم انقسمت هذه البلاد قسمين :



    منها .. ما غلب على اهله لسان العرب حتى لا تعرف عامتهم غيره , أو يعرفونه وغيره .. مع ما دخل على لسان العرب من اللحن .. وهذا غالب مساكن الشام , والعراق , ومصر , والمغرب العربي .. ونحو ذلك .. وأظن أن أرض فارس وخراسان كانت هكذا قديماً .



    ومنه .. ما العجمة كثيرة فيهم , أو غالبة عليهم , كبلاد الترك , وخراسان , وأذربيجان , ونحو ذلك .. فهذه البقاع – التي دخلت في الاسلام – انقسمت الى ما هو عربي ابتداء , وما هو عربي انتقالاً , وألى ما هو عجمي ,


    ثم يقول ابن تيمية : وما ذكرناه من حكم اللسان العربي واخلاق العرب يثبت لمن كان كذلك , وإن كان أصله فارسياً , وينتفي عمن لم يكن كذلك وإن كان أصله هاشمياً !! فالمعوّل عليه في النسب عند ابن تيمية هو " اللسان " .. او اللغة .. لأن اللغة هي ترجمان العقل , ومجْلَى العاطفة .. وفيها ينصهر كيان الانسان , وتتجسد شخصيته .


    يتبع بحول الله الجزء الثاني من " الاسلام والديانات الاخرى " وهو خاتمة البحث !

  31. #31
    مشرف مجلس قبائل كندة الصورة الرمزية مدريدي
    تاريخ التسجيل
    09-04-2016
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    282

    افتراضي

    اخي الكريم ابو عمر شروط الموقع على راسنا لكن يجب علينا كذلك عدم السكوت عن الحق والخشيه من قوله , فالساكت عن الحق شيطان اخرس ويجب علينا كذلك عدم الخوف من هؤلاء الديكتاتوريين الحكام فهم جبناء امام العدو الصهيوني والمحتل والمستعمرين الغرب فعندك مثال على شعب سوريا المناضل المجاهد منذو ما قبل الاستعمار الفرنسي وهم مجاهدون وفي الاخير حين ينتهي الاستعمار ياتي لقيط حقير علوي رافضي ويعلوا عرش الحكم في سوريا وبلاد الشام لمجرد انه مواطن من تلك البقاع التي سلمها اجداده للمحتل ودوما كانوا ضد المسلمين والاسلام ثم بعد ذلك سلم الجولان لاسرائيل ولم يطلق رصاصة واحدة لتحريرها وبنفس الوقت يقتل شعب باكمله ويهجره ويحاربه وسجنه وتعذيب وانتهاك الخ.. هذا غيض من فيض فجميعهم من المغرب للمشرق اتوا بمساعدة الغرب ولقمع الشعوب العربية والمسلمة ولمحاربة الدين والسنة المطهرة وهم انظمة تقمع اهل الحق او شعوبها كما قال المثل أسد علي وفي الحروب نعامة ونحن من واجبنا عدم السكوت حتى نلقى الله تعالى وكما قال الله تعالى ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم , وقال صلوات الله عليه وسلم سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه، فقتله , فسبب نشر الاسلام وفتح البلاد ودخول العرب في الدين سببه كان على المجاهدين الذين لم يخضعوا الا لله تعالى فلو لم يجاهد نبينا الكريم والصحابة رضوان الله عليهم في معركة بدر الكبرى ضد مشركين قريش لم يدخل عربي الدين ولم تفتح مكة ولم تدخل قريش للاسلام فمنذو اول معركة في الاسلام حتى اخر معركة كلها جلبت علينا الامن والامان والخير ونشر السلام والاسلام الخ.. شكرا لكم عموما فلله الأمر من قبل ومن بعد

  32. #32
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألأخ الكريم - مدريدي - حفظك الله
    من قال ان ما تفضلت به ليس هو الأصح والأحق بان يُتّبَع ؟
    نحن موقع " علم الانساب " في الأصل ! وما المنتديات التي تراها هنا وقد وصلت الى ما يربو على مائتي منتدى إلا محاولة من الادارة لإرضاء القراء والأعضاء الكرام وعلى رأسها " المنتديات الاسلامية " المشروطة بفقه " أهل السنة والجماعة " !
    وكذلك تعدد المنتديات ما القصد من ورائه إلا تعميم الفائدة وإثراء المعرفة بين القراء أعضاء كانوا أو زائرين ! وما حظر الخوض بالفكر السياسي الصريح - خاصة - نقد الدول والحكام بأسمائهم أحياء كانوا أو أموات .. إلا حرصاً منا على دوام بقاء هذا الموقع منارة لهداية كل غافل أو متهاون في أي مجال علمي أو تاريخي أو ديني أو غيرها ... أما السياسة فقد تم تطبيق قانون المحاكم والجزاء على الشبكات الالكترونية للتواصل بين الناس .. وحصل أن تأذى هنا معنا إخوة وطُلبوا الى محاكم خارج قطرهم الذي يعيشون فيه .. زد على ذلك " الفتنة " التي حصلت معنا من جراء الخوض في الاحداث السياسية الخطرة التي تمر بها بلادنا حتى وصلت الى التهديد والوعيد من قبل معارضي الحقيقة لكاشفي الدجل والكذب .. وقِس على ذلك إمكانية - إغلاق - الموقع برمته إذا استمرت الادارة بالسماح للسياسة أن تأخذ مساحة لافتة للانتباه .. ونحن لسنا فوق القانون حتى وإن لم يعجبنا ! لكنه سيطبق علينا " والحي خير من الميت " بارك الله بك ...
    وعليه فقد تم علم كل الاعضاء الكرام بحظر الحوار في السياسة " العفنة والقذرة " حفاظاً على بقاء الموقع .. وتستطيع الاطلاع على منتدى الاخبار العربية " المغلق " كم كان نشيطا يوميا !!
    عزيزنا : ما في اليد حيلة ! والله المستعان !!!
    أخي الكريم : لأننا نحبكم في الله .. نسألكم عن اختياركم للقبكم ومعرفكم ( مدريدي ) ! فهل هو اسمكم أم لقبكم أم اعجابكم بنادي رياضي - كريال مدريد - أم محبتكم بالمدينة أم ماذا ؟ ربما تستغربون منا هذا !! لكن من واجبنا بيان شيء عن هذا اللقب الذي يلفت الانتباه الى مدينة " مدريد " !!!
    أخي الكريم : ما لا يعرفه إلا القليل من العرب أن مدريد هو اسم تحريف لاسمها القديم الذي كانت تحمله قبل فقدان الاندلس حيث كان اسمها ( مجريط ) وموقعها في قلب البلاد ! وقد اجتمع فيها القساوسة والسياسيون بعد هزيمة العرب المسلمين وخروجهم من اسبانيا جميعها وأطلقوا عليها هذا الاسم واختاروه قريبا من اسمها " مجريط " حيث ابدلوه بستة أحرف تحمل جملة فيها كل الحقد والكراهية للعرب والاسلام !! تماما كما اطلقوا على المسجد " موسكيتوس " وهو البعوض ! واخذناها وسلّمنا بها ونعتنا المسجد أما العالم " بالموسك " ونحن لا نعي ما خلف هذا النعت المُذل الوقح لمكان عبادة المسلمين !!!
    أخي الكريم : لأننا نحبكم في الله نتمنى عليكم اختيار اسم ومعرف يفرحكم ويفرحنا ! سيما وقد لمسنا فيكم حمل هم الأمة ومحاولة نصح الناشئة والتوجه الخيّر السليم !!!
    رحم الله والديك وزادك حلماً وعلماً
    أخوكم " ابو عمر الفاروق "
    المراقب العام

  33. #33
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    ألإسلام والديانات الأخرى – الجزء الثاني

    يروى عن الحسن " البصري " عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من تكلّم العربية فهو عربي .. ومن أدرك له أبوان في الاسلام فهو عربي ) .


    ويعلّق ابن تيمية على هذا الحديث بقوله :
    فهذا إن صحّ هذا الحديث , قد عُلقت العربية فيه – أي في الانتساب الى العربية – بمجرد اللسان , وعُلقت في النسب أن يُدرك له أبوان في الدولة الاسلامية العربية .



    ويروى عن مالك بن أنس عن الزهري عن سلمة بن عبدالرحمن قال : جاء قيس بن مطاطة الى حلقة فيها " صهيب " الرومي , و " سلمان " الفارسي , و " بلال " الحبشي .. فقال : هذا الأوس والخزرج قد قاموا بنصرة هذا الرجل – يشير الى النبي صلى الله عليه وسلم – فما بال هؤلاء ؟ - يشسير الى " صهيب وسلمان وبلال " – فقام معاذ بن جبل فأخذ بتلابيبه .. ثم أتى به الى النبي صلى الله عليه وسلم , فأخبره بمقالته .. فقام النبي صلى الله عليه وسلم مغضباً يجر رداءه , حتى دخل المسجد .. ثم نودي : أن الصلاة جامعة .. فصعد المنبر , فحمد الله وأثنى عليه , ثم قال : ( أما بعد أيها الناس .. إن الربَّ ربٌّ واحد , والأب أبٌ واحد ,وإن العربية ليست لأحد بأبْ , ولا أم , وإنما هي لسان , فمن تكلم العربية فهو عربي ) .
    فقام معاذ بن جبل فقال : بم تامرنا في هذا المنافق ؟ فقال : دعْهُ الى النار , فكان " قيس " ممن ارتدّ , فقُتل في الردّة .


    ويقول ابن تيمية : هذا الحديث ضعيف .. لكن معناه ليس ببعيد .. بل هو صحيح من بعض الوجوه .



    وعلى هذا نستطيع أن نقرر أن الجنسية العربية هي جنسية جميع المواطنين الذين اتخذوا أوطان العروبة وطناً , كما اتخذوا لسان العرب لساناً لهم .


    وعلى هذا أيضاً فإن وحدة الأوطان العربية وحدة متكاملة , قد اجتمع لها كل مقومات الوحدة التي يقوم عليها الجسد " القومي " في الوطن الواحد .. الدين , واللغة , والتاريخ المشترك .. الى تجاور الاوطان , وتقارب الاحوال في صور الحياة , وفي العادات والتقاليد الغالبة على أبناء هذا المجتمع الكبير .



    وإذن فوحدة الاوطان العربية , واجتماعها في قطاع موحد , في دولة موحدة , أمر تنادي به طبيعة الأمور في هذه الاوطان , وتقتضيه مصلحتها .. في دينها ودنياها جميعاً .
    وليس ثمة عائق يعوق قيام هذه الدولة الموحدة إلا نعرات زائفة , وإلا ضلالات وأحقاداً تعيش في صدور نفرٍ ممن لا يرعون للاسلام حُرمة , ولا للعروبة عهداً .. أما مشاعر الناس في هذه الأوطان فهي مشاعر الاخوة .. أخوة الدم .. والدين .. واللسان .. والوطن .


    وليس ينتظم هذه المشاعر الأخوية , ويتيح لها متنفساً طيباً تتنفس فيه إلا وحدة الوطن , الذي يظله علم الدولة الاسلامية العربية , ويخفق في أرجائه .



    فإذا أذن الله لهذه الدولة أن تقوم – وهذا ما نتمنى على الايام تحقيقه – فإن قيام الوحدة الاسلامية الشاملة تحت علم دولة واحدة سيكون أقرب الى التمام والكمال , إذ أنه سيقوم حينئذ على دعائم وطيدة ثابتة , واستند الى تلك الركيزة التي استندت اليها دولة الاسلام يوم قامت في الوجود تلك الدولة .. في ظل الاسلام , وتحت راية العرب .


    ليس بعيد ذلك اليوم الذي يتحقق فيه قيام الدولة الاسلامية , التي تجمع أوطان الاسلام جميعها تحت حكومة واحدة , بل وفي ظل راية واحدة , فإن الرابطة التي بين الشعوب الاسلامية رابطة دائمة , لا تتأثر في صميمها بأحداث الحياة , ولا تقلباتها .. لأنها من وحي العقيدة , ومن معطيات الشريعة .



    فإذا وقعت أوطان المسلمين تحت ظروف قاسية – من الداخل أو الخارج – فإن هذه الرابطة قد ينكمش ظلها في واقع الحياة , ولكنها تظل على ما هي عليه من قوة , في ضمير الجماعات الاسلامية , تنتظر اللحظة التي تزول فيها هذه الظروف , فتنطلق من مكمنها , وتُعبّر عن وجودها في كل صورة ممكنة من صور التعبير .


    وأقسى الظروف التي مرّت بالمجتمعات الاسلامية , وأقامت الحواجز المادية بين الجماعات الاسلامية هي تلك الظروف التي وقعت فيها مواطن الاسلام في يد الاحتلال " ألإستعمار" .. فلقد ألقى الاحتلال على تلك الاوطان ليلا ثقيلا باردا محملا بالهموم , والمظالم , والمآسي , وكان من هذا أن شغلت تلك الاوطان بما هي فيه من محنة وبلاء , ولم تجد في وجودها لحظة تلتفت فيها الى غير ما هي فيه , وإن ظل شعورها نحو المجتمعات الاسلامية مندساً في كيانها , قائما في تفكيرها .



    وقد أذن الله للمسلمين أن يتحرروا من الاحتلالات , وأن تنجلي من سماء أوطانهم سُحُب الاحتلال الكثيفة الثقيلة المظلمة .. ( ما عدا فلسطين ) .. فصارت اليهم أمورهم ومقدرات حياتهم .



    وأمّا وقد ملك المسلمون أمرهم , فإنه لا شيء يحول دون هذه الوحدة المنشودة بينهم , روحاً وجسداً , وأن تقوم عليهم حكومة واحدة , على رأسها حاكم واحد , لدولة واحدة , وأمة واحدة ..



    يقول الشاعر التركي " ضيا " :
    ولكي يكون للاسلام وحدة حقيقية حقا يجب أولا : أن تصبح جميع البلاد الاسلامية دولة مستقلة , ثم تخضع جميعاً لسلطان خليفة واحد ...
    ثم يسأل نفسه هذا السؤال : وهل يستطاع أمر كهذا في الوقت الحاضر ؟
    ويجيب على ذلك بقوله : إن لم يكن ذلك ميسور اليوم , فلا مفرّ لنا من الانتظار !


    ولو كان الشاعر بيننا اليوم لرأى اليوم الذي كان يحلم به , وينتظر لقاءه قد جاء , فتحررت مواطن الاسلام كلها – وأيضا ما عدا فلسطين - ! .



    ثم إن الشاعر إذ يدعو الى قيام خليفة على المسلمين , كان يلتفت الى الخلافة العثمانية التي كانت قائمة على دعائم فاسدة , قد قوّض الظلم أركانها , وتمشّت حمّى الاستبداد في أوصالها , إن الشاعر وهو ينظر الى المستقبل بعين , والى الماضي بعينه الاخرى , والى الواقع بعينيه معاً .. ينصح المنسلمين أن يقيموا خلافتهم في جو مشبع بروح الاسلام الذي يحمل الى الناس أسمى ما عرفت الحياة من مبادىء وتعاليم .



    يقول الشاعر " ضيا " : وفي الوقت نفسه يجب على الخليفة أن ينظم بيته هو , وأن يقيم القواعد لدولة عصرية " صالحة " .



    وقد أشرنا من قبل الى أن قيام الحكم الجمهوري " الديموقراطي " هو الذي يتفق مع روح الاسلام , وهو الذي يناسب ظروف الحياة الحديثة , ويوائم أحدث النظم السياسية وأقربها الى تصورات المصلحين , وآمالهم فيما يرجون للإنسانية من تقدم , ورخاء , وسلام ...!


    فإذا اتحد المسلمون في دولة , وقامت عليهم حكومة لابسة ثوب أحدث النظم الديموقراطية القائمة على الانتخاب العام , وعلى حكم الشعب بشرع الله .. كانت تلك الحكومة خلافة راشدة , يبارك عليها الاسلام , ويسعد في ظلها المسلمون .


    وبعد كل هذا .. لا نهمل إمكانية قيام حكومة عربية اسلامية على نهج الخلافة الراشدة ! ولا يضيرنا أن تكون تحت أي مسمى .. أمارة .. أو رئاسة .. او ملك .. او سلطان .. أو ما يرتضيه المسلمون .. والمهم .. أن تكون كما أراد لها الشارع الأعظم سبحانه ...

    تم بحمد الله وتوفيقه

    الفقير الى الله تعالى " ابو عمر الفاروق الدويري "

  34. #34
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    أحسنت وأجدت وأفدت.. وعسى الاجر من الله قد بلغت..
    جعل الله ذلك العمل في ميزان حسناتك..وأثابك عليه من رضوانه..فاكرم به منزلتك..ورفع فيه ذكرك..
    ولله الحمد في الاولى والآخرة..والثناء بعد الحمد على علومه بسطها لخلقه..هداية منه الى جنانه..قال تسطيرا وتأكيد في موضعين خطابا مستنيرا في موضعين ارشادا وتوجيها لا بل وجوبا وتلزيما فقال عزّ من قائل :
    "إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ"-الانبياء 92
    "وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ" - المؤمنون 52
    فلم يخاطبنا شعبا وعرقا..ولا عربا او عجما..بل قال ما نحن على وصفه واجبا.. أمّتَُكم أمّةً واحدةً..إذ أكّد في بيانه ب "إنّ" في الآيتين ونسبها اليه توحيدا وعلوا وتمكينا ودعاهم أمرا لا فضلاً فاعبدون واتقون..وجاء بعد الاولى تعقيباً فقال سبحانه تقريعا وتخويفا "وتقطعوا أمرهم بينهم كلٌّ إلينا راجعون" وفي الثانية تحذيرا وتنبيها فقال وهو العالم بمآل الامور "فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا. كل حزب بما لديهم فرحون. فذرهم في غمرتهم حتى حين"..
    ففي الانبياء ذكر وحدتكم لوحدة انبيائه عليهم السلام..وما دعوتكم الاّ وهي دعوتهم "لا اله الاّ الله" خير ما قلت أنا والنبيون من قبلي..وفي المؤمنون..كان الخطاب فيه التخويف والنذير من الفرقة بعد الجمع..والخطاب قائم على أمّة هي أمّتكم لا غير بخطاب مباشر بلا تأويل ولا ريب..فلا تصيروا من بعد جمعكم فِرَقا وأحزابا..فكل حزب بما لديه فرحون..فالحزب الواحد وإن كان مفردا لكنه ينطوي على جموع فإذا تعدّدت أحزابكم تفرّقتم جموعكم..وكلٌّ فرِحٌ بما عنده من فكرة ومنهج..وعددٍ وعدّة..لكنّها لاتُغني عن جمعكم الواحد..فأنذرهم قائلاً فذرهم في غمرتهم حتى حين..وهذا أبلغ من النذير المباشر الصريح إذ تعدّى فيه القول تعييبا عليهم في غمرتهم أي ما يغمرهم ويغمر عيونهم عن الحق المبين بوجوب وحدتهم على أمّة واحدة وجمع واحد عبادة له وتقوى حصرا وتقييدا..إذ قد أكرمكم برسالة جامعة فَلَمَّ بها شعثكم ورفع بها ذلّتكم..وأعزّكم فيها من بعد ضعفكم وهوانكم على الناس..وأكرمكم وآواكم وفضّلكم على كثير من عباده تفضيلا..والكثير يسع من غير تقييد..ولا بيان ولا حصر يشمل ما تباين وتنوّع من خلقه الكثير الكثير..والتحذير قائم بوعيد فمن تنكّب عن الجمع الى فرقة وتشرذم صار التبديل والتغيير لزاما وقانونا حيث يقول عالما عليما سبحانه : "وإن تتولّواْ يستبدل قوما غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم" وأتى بلفظة قوم دلالة على الجمع وهو المطلوب..ونفى التشابه بكم عن هذا القوم الجمع إذ قال "أمثالكم" فلم يقل مثلكم لما في الثانية من صفة الجمع وفي الاولى تعدد الجمع وتفرقه فقال أمثالكم أي مثل كل واحد منكم على تفرقه عن الجمع المطلوب والمفروض..
    أقف لأتابع بعد قليل بأمر الله سبحانه

  35. #35
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    هذه والله هي " الجواهر واللؤلؤ المكنون الذي عنيناه " !
    بيان جميل وصاعق لكل أفاك وضال ... وبالقطع له بقية !!!
    ننتظر إتمام الفائدة .. رحم الله والديكم

  36. #36
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=right]حسنا شيخنا..وبالامر ان شاء الله نتابع معكم ما بدأتموه وتابعتكم عليه..
    أهمية وجود الحكومة الإسلامية وتنفيذها للنظام الإسلامي

    إن الإسلام ليس أمرا اعتقاديا فحسب.. ولا تعبّديّاً وحسب..ولا دعوة الى كريم الاخلاق فحسب.. ولا تصحيحا بوعظ لمعوجّ السلوك والقِيَم وحسب..ولا ترهبناً وانعزالاً في صومعة أو معبدٍ أو كنيسة أو كنيس وأعلى من ذلك كله مسجدا فحسب..ولا إيماناً بقلب أو تهذيباً لشعور وحسب.. ، فأمور الدنيا التي شرعها ووضعها ونظمها هذا الدين هي جزء منه أيضا. فليس لمسلم على سبيل المثال أن يلغي ما فرضه الله من المواريث، أو أن يلغي أو ان يعطّل شيئا من الحدود، أو يحلّل ما حرّم الله ورسوله..ويحرّم ما حلّلالله ورسوله صلى الله عليه وسلم..
    ولتطبيق ذلك النظام والتشاريع الإسلامية كان ضروريا من وجود الحكومة الإسلامية لتطبيع شرع الله في الأرض. بحيث تتحمل هذه الحكومة مسؤولية كل من هو داخل الدولة من جماعات وأفراد وكيانات اعتبارية أو شخصية أو عرقية أو دينية ..وهذه المسؤولية ذات تنطلق من ثلاث هي :
    1. وجوب القيام بأمر الله تحقيقا بالاستخلاف عنه سبحانه بمقتضى إرادته لخلق آدم وذريّته والكون المسخّر لهذه الغاية..لقوله سبحانه "إنّي جاعل في الارض خليفة"..فهي ليست في السماء وإن كان منشأ وخلق خليفته آدم فيها..وليست تخييرا بعد القبول بالقيام بأمانة الامر الرباني المعروض على الخلق كلهم إذ يقول سبحانه "إنّا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الانسان.." لذا فهمنا انّها أمر تكليفي بعد العرض والقبول..وهذا عقد بين الخالق والمعبود.. وفيما بعد هو عقد بين المستخلف راعيا والرعية..
    2. وجوب تقديم الإسلام وتعاليمه وأي شيء متصل بالإسلام بالدعوة بالرشد إلى الناس كافّة ومن يدخل في هذا الدين وتأمين دروب وسبل الدعوة مكانيا وعالميا..
    3. وجوب وجود نظام أو أنظمة أو هيئة أو هيئات تطبّق أحكام الإسلام وتشاريعه وتعاليمه وتلزم المسلمين بتلك الأحكام وتصونها وتحافظ عليها.. وتقوم بما أُسنِد اليها من القيام بمقاصد الشرع الاسلامي الحنيف..وضمان توفير البيئة لعبادة الله والدعوة الى منهاجه ودينه.. وإنزال العقوبة بكل من يخالف تلك الأحكام بالحكم الذي حدده الشرع من العقوبات.
    إن نظام الحكم جزء من دين الإسلام وقد أجمعت عليه مصادره وعلى سبيل المثال:
    1) قول الله: (الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ) وأيضا قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ).
    2) من السنة أيضا : ففي الحديث : (من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.
    3) وإجماع السلف الصالح:
    • قول الخليفة أبي بكر رضي الله عنه عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم :... إن محمدا مضى بسبيله، ولا بد لهذا الدين من يقوم به.
    • وقول عمر بن الخطاب : لا إسلام إلا بجماعة ولا جماعة إلا بإمارة. ولا إمارة إلا بطاعة.
    • قول الماوردي في الأحكام السلطانية... عقد الإمامة ان يُقام بها في الأمة واجب بالإجماع.
    • ويقول ابن تميمة : (يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيمة للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالإجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس حين قال النبي : إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا احدهم، وجاء في مسند أحمد أن النبي قال : لا يحل لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض إلا أمّروا عليهم أحدا، فأوجب الرسول تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع..) وهي في الاعظم الغالب أوجب![/align]

    >يتبع بامر الله سبحانه

  37. #37
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=right]<تابع لما سبق[/align]

    [align=right]قواعد النظام الإسلامي
    إن النظام الإسلامي في الحكم نظام متميز بكل المقاييس عن باقي الأنظمة الأخرى لوجود خصائص مميزة فيه تجعله فوق كل الأنظمة وتلك الخصائص نلخصها في قواعد النظام الإسلامي التالية:
    القاعدة الأولى : الحاكمية لله تعالى
    وهذه القاعدة تعني أن تكون شريعة الله هي المنفذة في كل الأقطار وليس أي شريعة أخرى، وتلك الشريعة تحكم الناس وتنظم حياتهم. قال تعالى :(إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ)
    القاعدة الثانية: العدل والمساواة
    يقوم مفهوم العدل في الإسلام من خلال البعد عن الهوى. فالواقع أن الهوى والنزوات والشهوات أعدى أعداء إقامة العدل. وقد امتدح الله المؤمنين حقا وعد من صفاتهم العدل واتباع الحق والابتعاد عن الهوى فالعدل يحققالمساواة في المجتمع فالإسلام لا يقبل شيئا كالمحسوبية أو ما يسمى بالواسطة، والمحسوبية تحدث للأشخاص المهمين والكبار، مما يجعل الناس العاديين في المجتمع ضعفاء أمام الكبار منهم، فلولا وجود العدل لحدثت أضرار كبيرة في المجتمع، فبسبب عدم توفر العدل سوف تسود الجرائم في المجتمع وتفرق شمل المجتمع مما يؤدي إلى تخلف وتراجع في ذلك المجتمع وأيضا يعمل على توليد الكراهية فيه، فلأجل ذلك فرض الإسلام العدل والمساواة، وفرضه الإسلام في كل أمور الحياة، ويهدد الله كل حاكم ومسؤول من أن يظلم الناس ولا يعمل بالمساواة ودليل على ذلك قول الرسول : (أشد الناس عذابا يوم القيامة إمام جائر).
    إن الإسلام ينظر إلى أن كل الناس على أنهم متساوون أمام القانون، لا فرق بين غني وفقير ولا حاكم ولا محكوم. والإسلام فرض على الأمة الإسلامية أن تقيم العدل فيها.. في الأسرة والمجتمع والدولة. وقد فتح الإسلام الباب على مصراعيه لكل مظلوم ليرفع ظلامته إلى من ينصفه ويأخذ له بحقه، وألغى كل وسيلة من شأنها أن تعيق الناس عن الوصول إلى حقوقهم أو تمنعهم منها.
    القاعدة الثالثة: الطاعة
    إن الإسلام يعتبر الطاعة من الرعية إلى ولاة الأمور فرضا من الفروض. وقاعدة من قواعد الحكم في الإسلام، لا تستقيم الحياة السياسية إلا بها. ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. قال تعالى :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[/align]

    >يتبع بامر الله سبحانه

  38. #38
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    <تابع لما سبق
    [align=right]
    صحيح أن الإسلام فرض طاعة أولياء الأمور ولكن وضع للطاعة حدودا وشروطا يجب إتباعها وإذا تحققت الشروط فالإتباع هنا يكون مفروضا وإذا لم تتحقق سوف يصبح في الإتباع حرمة والشروط هي:
    أ‌) أن يكون ولي الأمر مطبقا للشريعة الإسلامية.
    ب‌) أن يحكم بالعدل بين الناس.
    ت‌) أن لا يأمر ولي الأمر بمعصية الله.
    القاعدة الرابعة: الشورى
    إن للشورى أهمية كبرى في أي تنظيم كان, أو أي جماعة من الجماعات. وترتكز عليها كل دولة تنشد لرعاياها الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار, وذلك لأنهها الطريق السليم الذي يتوصل بها إلى أحسن الآراء وأجودها لتحقيق مصالح الأفراد والجماعات والدول.
    فلا عجب إذن أن نرى الإسلام قد اهتم كثيرا بمبدأ الشورى، فهناك سورة في القرآن اسمها الشورى، وتتحدث هذه السورة عن صفات المؤمنين، وهناك من بين تلك الصفات أن حياة المؤمنين كاملة معتمدة على الشورى بينهم، مما يدل على المعنى والفائدة العظيمة للمسلمين إذا نفذوا مبدأ الشورى. ومن أكبر الأمثلة على الشورى هو أن الرسول كان أكثر الناس عملا بهذا المبدأ، فقد كان يستشير أصحابه في الكثير من الأمور، فقد استشار في شأن القتال في بدر الكبرى بقوله :أشيروا علي أيها الناس، وكرر ذلك أكثر من مرة ويشير عليه الصحابي الحباب بن منذر في ذلك الموقف بتغيير موقع العسكر إلى آبار بدر لمنع الماء عن المشركين، وأيضا استشار الرسول أصحابه يوم الخندق وقد كان يوما صعبا جدا على المسلمين فقد كانت أعداد الكفار هائلة مقارنة بأعداد المسلمين القليلة فأشار الصحابي سلمان الفارسي بحفر الخندق وحفره الرسول مع أصحابه وساعد ذلك الخندق في فوز المسلمين يومها.
    والشورى توزيع للمسؤولية، فلا تقع نتيجتها مهما كانت على كاهل واحد فقط بل يتقاسمها الجميع فلا يتلاوم الناس ويتنافرون ويتشاجرون إن كانت نتيجتها سيئة لأن الكل اشترك في اتخاذ القرار فيقع اللوم على الجميع ساعتها وليس على شخص واحد فقط. كما أن الشورى أفضل وسيلة للكشف عن الكفاءات والقدرات، وهي تدريب للمستشار في الحكم والإدارة.
    والشورى من الأمور التي تكاد الأمة تجمع على وجوبها، وتمارس الشورى في المجتمع الإسلامي من خلال نخبة من العلماء والفنيين والمختصين ويكون عمل المجلس تقديم المشورة الفنية للحاكم دون أن تكون له صفة الإلزام, أو التدخل في شؤون الدولة إذ هو مفوّض مؤتمن عليها حيث تمّ اختياره شرعا لهذه الغاية!
    أهل الشورى هم أهل الحل والعقد، هم أصحاب الرأي وقادة الفكر، وأرباب السياسة وأصحاب العلم الشرعي والاختصاصي، وهم أصحاب الاختصاص والخبرة في كل فن من الفنون، كالزراعة والصناعة والتجارة والاقتصاد وشؤون الحرب وقد أشير على ان تنحصر اختصاصات أهل الشورى فيما يلي :
    1- اختيار "الحاكم" أو "الخليفة-وهو عندي الافضل تسمية" أي رئيس الدولة وترشيحه : يقوم أهل الشورى في الدولة الإسلامية باختيار رئيس الدولة اختيارا أوليا، ويبايعونه البيعة الخاصة، ثم يعرض الأمر على الأمة فتبايعه البيعة العامة.
    2- مساعدة رئيس الدولة في إدارة شؤون البلاد، وعلاج القضايا العامة، كإعلان الحرب وعقد المعاهدات وتقنين القوانين الاجتهادية وكيفية تنفيذ الأحكام الشرعية.
    3- محاسبة رئيس الدولة وغيره من كبار الموظفين كالولاة والوزراء
    4- عزل رئيس الدولة أو أي موظف يختاره مجلس الشورى. إذ أنه إذا أخل رئيس الدولة بواجباته، يتقدم أهل الشورى بإسداء نصيحة له، فإذا اتعظ بها ورجع إلى دوره ووظيفته وأدائه السليم يبقونه في موقعه، أما إذا لم يرد على النصيحة وتجاهلها واستمر في تقاعسه أزالوه من منصبه، ويعلنون ذلك للأمة.
    لمجلس الشورى حق التشريع بالاضافة الى النظر فيما يقدمه رئيس الدولة نفسه الذي يملك الحق بعرض مقترح التشريع على مجلس الشورى للنظر فيه.[/align]

    >يتبع بامر الله سبحانه

  39. #39
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=right]<تابع لما سبق[/align]
    [align=right]
    رئاسة الدولة الإسلامية
    الدولة الإسلامية ضرورية لتطبيق شرع الله في الأرض, ولا بد لهذه الدولة من رئيس يتولى إدارة دفتها وتسيير أمورها وتنفيذ الواجبات الموكلة إليها. ورئيس الدولة الإسلامية هو أحد أفراد المسلمين لا يتمتع شخصيا بأي امتياز. وهو بحكم سلطته السياسية يعلن الجهاد عندما تدعو الحاجة للجهاد، ويري الحاكم أهل الشورى، وهو يدير شؤون الجند ويجمع الخراج ويقيم الحدود. وهو في كل هذا غير مستبد ولا يعبر عن نفسه بل عن رأي الأمة وينفذ ما يراه أهل الشورى.
    الشروط التي يجب توفرها في رئيس الدولة
    رئيس الدولة من المناصب المهمة جدا في الدولة الإسلامية فهو يؤثر على مسيرتها وعلى تقدمها وعلى سيادتها وهو منصب حساس جدا إذ لا ينبغي لأي أحد أن يأخذه، فالذي يجب أن يستلم هذا المنصب شخص يستحقه وللتأكد من أن الشخص يستحقه يجب توافر الشروط التالية فيه :
    1. التكليف : أي أن يكون مسلما بالغا عاقلا.
    2. الحرية : فلا يجوز إعطاء المنصب إلى مولى أو غير ذلك.
    3. الذكورة.
    4. العدالة : أي أن يكون قائما بالفرائض والأركان، مجتنبا الكبائر من الآثام، غير مصر على صغيرة، لا يتحكم به هواه، فهو يؤتمن في كل وقت سواء راضيا أم غاضبا، وبعيد عن مواطن الريب......
    5. الكفاءة : أن يكون كفؤ لهذا المنصب، فيكون جريئا في إقامة الحدود واقتحام الحروب بصيرا بها، كفيلا بحمل الناس عليها. ويجب أن يكون لديه رأي سديد وحنكة سياسية ويقظة واعية بعيدا عن الغفلة.
    6. أن لا يطلب المنصب لقوله : (إنا والله لا نولي هذا الأمر أحدا سال هذا الأمر ولا حرص عليه).
    7. المواطنة : بمعنى أن يكون رئيس الدولة من سكان الدولة الإسلامية المستقرين فيها.
    8. سلامة الحواس والأعضاء : والمقصود هو سلامة الحواس والأعضاء التي يؤثر فقدانها على قيام رئيس الدولة الإسلامية بالواجبات الموكلة إليه.
    وليس هناك ثمة ما يمنع من اشتراط شروط أخرى إذ اقتضتها المصلحة العامة. فيجوز مثلا اشتراط أن يكون رئيس الدولة قد بلغ سنا معينا ويجوز الاشتراط فيه أن يكون حاصلا على درجات علمية معينة، ويجوز أن يشترط فيه أي شرط آخر دعت لذلك الشرط المصلحة العامة أو اقتضته ظروف الحياة.
    واجبات رئيس الدولة وحقوقه
    الواجبات:
    1) حفظ الدين وإقامته على وجهه الصحيح.
    2) إقامة العدل.
    3) نشر الأمن في الداخل.
    4) تنفيذ عقوبات جرائم الحدود والقصاص والتعزير.
    5) حماية الأمن الخارجي بالاستعداد حتى لا يهاجم الأعداء في حين غرة.
    6) الدعوة الى دين الله وتمكين عملها..فإن عارض ذلك خطر او مانع دعى واستنفر الى جهاد أعداء الإسلام.
    7) جمع الزكاة جباية الفيء والصدقات والجزية والخراج..الخ
    8) تقدير العطاء لمن يستحقه من بيت المال.
    9) تعيين إدارات الحكم من الوزراء والتفويض العام والخاص والولاة.
    10) أن يباشر بنفسه الأمور وتفقد الأحوال.
    11) تعيين هيئات الرقابة المالية والادارية والمظالم والحسبة..وتخضع اليه مباشرة.
    وله في مقابل ذلك حقان هما :
    • حق على الناس بطاعته بالمعروف وفي حدود ما أنزل الله.
    • حق له في مال المسلمين يسد حاجته نظرا لتفرغه وتوفير مسكن وزوجة وخادم له وحراسة عليه وعلى بيت الحكم.[/align]

    * وليعلم بأنّ الحراسة في حال اقتضت ذلك ضرورة دفعا لاذى مؤكّد عليه بالدرجة الاولى وعلى اهل بيته اذا وافق اهل الشورى..وليس له التصرّف في أمر حراسته ولا يجوز لحراسته منع الناس عنه او حجبهم..فلا حجابة ولا موكب رئاسي..


    >يتبع بامر الله وتوفيقه
    التعديل الأخير تم بواسطة م مخلد بن زيد بن حمدان ; 24-04-2016 الساعة 07:14 PM

  40. #40
    مشرف عام المجالس الاسلامية - عضو مجلس الادارة - رحمه الله رحمة واسعة الصورة الرمزية م مخلد بن زيد بن حمدان
    تاريخ التسجيل
    07-04-2015
    الدولة
    الأردن
    المشاركات
    6,612

    افتراضي

    [align=right]<تابع لما سبق[/align]

    [align=right]نظرية الحكم في الفكر الاسلامي "أهل السنة والجماعة"
    خاض الحكم الاسلامي أربع فترات من اشكال الحكم:
    الفترة الأولى- النبوة: وهي فترة النبي صلى الله عليه وسلم فهوالمصدر الوحيد المؤهل المستحق للحكم هو النبي وحرمة تقدم غيره عليه في ذلك وهو مصدر التشريع تماما كالوحي الذي ينزل عليه وذلك لقوله سبحانه "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا"
    الفترة الثانية-الخلافة الراشدة: وهي فترة الأئمة الراشدين الاربعة بدأً بأبي بكر الصديق الخليفة وأمراء المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب وذي النورين عثمان بن عفان وابي السبطين علي بن ابي طالب رضي الله عنهم جميعا.
    وقد قال غالب اهل العلم أنّ خلافة أمير المؤمنين السبط الحسن بن علي رضي الله عنهما.. صحيحة..وعليه أوافقهم على ذلك..إذ لا مُخالف على ذلك إمامة له في زمن المناداة به..وكانت مدّتها بضعة أشهر.
    وقال غالب أهل العلم بصحّة خلافة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما وذلك لتنازل الخليفة أمير المؤمنين صحيح الولاية اليه أي تنازل الحسن الى معاوية..وأوافقهم على ذلك.
    ولم يتفق بعد غالب أهل العلم على ولاية أحد من بعدهما إلاّ على ولاية عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إذ صحّت بيعته واتفقت الامّة عليه واجتمعت..وأوافقهم على ذلك..فما زلت اعتبر فترة انقطاع الخلافة منذ تولي يزيد بن معاوية حيث لم تستقر له بيعة عامة على جميع ديار الاسلام..فقد وقع في تلك الفترة خلافات فنودي بخلفاء في اكثر من موطن..!
    ولذلك فإنّي أرى أنّ من صحة ولايته ببيعة عامّة على جميع ديار الاسلام فهو خليفة وأمير للمؤمنين..ولكم القياس بعد ذلك..!
    ولقد روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه الله، قال: كنا جلوساً في المسجد فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال: يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء، فقال حذيفة: أنا أحفظ خطبته. فجلس أبو ثعلبة.
    فقال حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت. قال حبيب: فلما قام عمر بن عبد العزيز، وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته، فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه. فقلت له: إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين - يعني عمر - بعد الملك العاض والجبرية، فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فَسُرَّ به وأعجبه.
    وروى الحديث أيضًا الطيالسي والبيهقي في منهاج النبوة، والطبري ، والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وحسنه الأرناؤوط..وهذا الحديث من أصحّ ما في الباب..!
    قال الألباني في السلسلة الصحيحة: ومن البعيد عندي جعل الحديث على عمر بن عبد العزيز؛ لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة، ولم يكن بعد ملكان ملك عاض وملك جبري. والله أعلم. اهـ

    الفترة الثالثة- الملك العاضّ: وتبدأ فترته من بعد خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رحمه الله مرورا بباقي حكم بني مروان ابن الحكم ثم حكم العباسيين في فترتيه بغداد فالقاهرة وبغداد ثانية فانتهاءا بالقاهرة ثم بنهاية حكم العثمانيين..حيث صح حكمهم جميعا لدي على غالب ديار الاسلام ولكن كان حكمهم ملكا عاضا وقيل عضودا أي ذلك المتوارث فيه من الاب الى ولده او أخيه أو أحد من قراباته من عصبته..!
    والعضود تأييدا لما ذهبت اليه ورد معناه في قول الحق سبحانه "سنشدّ عضدك بأخيك" في الحكاية عن موسى وهارون عليهما السلام
    الفترة الرابعة- الملك الجبري- وهو الغصب والتسلّط- ويبدأ من نهاية حكم بني عثمان الى زماننا هذا.. قال ابن الأثير في النهاية: ثم يكون مُلك وجَبَرُوت> أي عُتُوّ وقَهْر. يقال: جَبَّار بَيّن الجَبَرُوّة، والجَبريَّة، والْجَبَرُوت. اهـ[/align]


    <يتبع بامر الله سبحانه

صفحة 1 من 2 1 2 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. بني الحكم في الأندلس
    بواسطة عبداللطيف الحكمي في المنتدى مجلس قبيلة بني الحكم
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-03-2021, 01:10 AM
  2. فصل في نسب بني مخزوم و طرف من أخبارهم..قبل الاسلام وفي الاسلام
    بواسطة م مخلد بن زيد بن حمدان في المنتدى مجلس القبائل الخالدية و المخزومية
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 01-06-2016, 07:06 PM
  3. بنو الحكم في العراق
    بواسطة الارشيف في المنتدى مجلس قبيلة بني الحكم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-02-2016, 07:32 PM
  4. الحكم بن سعد العشيرة هو الحكم بن الهون بن خزيمة
    بواسطة مفرح الرويلي في المنتدى ملتقى القبائل العربية . مجلس القلقشندي لبحوث الانساب .
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 22-01-2013, 01:30 AM
  5. أصدق ما قيل من الحكم
    بواسطة محمود محمدى العجواني في المنتدى مجلس الادباء العرب ( المستطرف من كل فن مستظرف )
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 27-09-2010, 12:59 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum