التحقيب عملية معقدة يراد بها تقسيم التاريخ إلى حقب تبدأ بأحداث حاسمة و تنتهي بأخرى و تكون أصعب في التاريخ الإقليمي و التواريخ المحلية . يقسم التاريخ العالمي إلى حقب كبرى هي : - التاريخ القديم : و يبدأ من ظهور الكتابة و ينتهي بسقوط روما
- التاريخ الوسيط : و ينتهي بفتح القسطنطينية أو اكتشاف أمريكا
- التاريخ الحديث : و نهايته محددة بالثورة الفرنسية
- التاريخ المعاصر : و نهايته مع الحرب الثانية
- التاريخ الراهن : و يبدأ من نهاية الحرب العالمية الثانية
و يختلف المؤرخون حول تلك التواريخ و يجادلون حول تلك البدايات و النهايات .
و هذا التحقيب مدرسي بحت لتسهيل دراسة التاريخ فضلا عن انه تحقيب وضعه مؤرخوا أوربا و الغرب المعاصر . كما أن ذلك التحقيب العالمي ليس ملزما للحضارات كلها ، لان لها تحقيبها للتاريخ تبعا لتجربتها الخاصة و نظرتها للآخر .
لا يمكن فرض التحقيب العالمي على الحقبة الوسيطية الممتدة من ظهور الإسلام إلى سقوط بغداد لان الحضارة العربية الإسلامية عرفت ازدهارا منقطع النظير في تلك الحقبة في وقت كانت البلاد الأوربية تعيش العصر الوسيطي المظلم .
إن تحقيب التاريخ الوطني أي تاريخ بلاد بعينها أو إقليم محدد ، كموريتانيا ، أو غيرها من الأقطار ، هو أمر صعب لأنه يقتضي تحقيق التوازن بين الأحداث الكونية و تلك المحلية ، و تحقيق الانسجام بين التحولات التي جرت في الأطراف و تلك التي تمت في المركز . 1/ تاريخ قديم من الألف الثانية للميلاد وحتى القرن 7م
و يبدأ بظهور العربات التي جاء بها شعب الجرمنت ، و شكلت فتحا في تاريخ الصحراء ، و بداية للتواصل الفعلي بشمال إفريقيا الروماني ، ولذلك ظل السكان إلى اليوم يسمون ذلك الشعب باسم : أغرمان أي : الرومان الصغار ، تعبيرا عن علاقة الجرمنت بالرومان تجاريا و سياسيا . و ينتهي بالفتح الإسلامي للصحراء في القرن 7م و تاليه .
علما أن أغرومن هو اسم النصارى في لسان بعض أمازيغ لمزابيين.
2/ تاريخ وسيط و يبدأ من الفتح الإسلامي في القرن 1هـ /7م و ينتهي بسقوط تنبكتو 1591 م .
و نسميه العصر الصنهاجي و ينقسم إلى :
- العصر الصنهاجي الأول : و يبدأ من الفتح الإسلامي إلى قيام دولة المرابطين في القرن الخامس و فيه عرفت دولة قبائل الملثمين قيام دولتها و عاصمتها اودغوست ( في الحوض الغربي حاليا ) .
- العصر الصنهاجي الثاني : و يبدأ بقيام دولة المرابطين و ينتهي بسقوط مدينة تينبكتو 1591 م الذي كان أثره قويا على أحوال الصحراء .بفعل انهيار المؤسسات الدينية و الثقافية و الاقتصادية شمال نهر النيجر ، وهجرت العلماء غربا و تشتت مسالك القوافل غربا و شرقا .و صعود الإمارات الوثنية في الجنوب تساوقا مع الحضور الأوربي على الساحل .كما هز سقوط تنبيكتو ، أو بالأحرى انهيار دولة سنغاي رتابة الوحدات السياسية و المجتمعية في الصحراء و السودان .
3/ تاريخ حديث و يمكن تسميته بالعصر الحساني لأنه عرف السيطرة النهائية لبني حسان على شبه البلاد الحالية .
و يبدأ بسقوط تنبكتو 1591م و حتى حصار لحنيكات الشهير سنة 1778م بين عشائر ادوعيش الصنهاجية و قبائل بني حسان العربية ، و كان من نتائجه المباشرة قيام إمارة تكانت ، و نتائجه البعيدة نهاية الصراع الطويل بين الإمارات اللمتونية و القبائل العربية و الذي بدا مع القرن الثامن ( 14م ) و أفضى إلى تشكيل المجتمع على النحو الراهن .
4/ تاريخ معاصر و يبدأ من حصار لحنيكات 1778م و ينتهي بالسيطرة الاستعمارية 1903م و ما تلاها .
5/ تاريخ راهن
هذا الاصطلاح جديد و يعني الفترة التي عقب الحرب العالمية الثانية أو نهاية الحرب الباردة .و يمكن أن تكون بدايته الفعلية في موريتانيا قيام الدولة الوطنية 1960م .
و الحق أن تحقيب التاريخ الوطني لأي دولة ، عملية صعبة وغير نهائية ، لأنه يتأسس على خطاب الهوية ، و هو نفسه محل جدل و يخضع لصيرورة متواصلة و لمراجعة و مناقشة دائمين . و كان بالامكان تحقيب تاريخ البلاد على نحو أكثر دقة برصد التحولات الكبرى لنحلة العيش و محيطها ألطبعي .حيث يمكن تتبع دورات الانتجاع على مدى قرون ، و رصد التحول البنيوي الذي طرا على مسارها منذ الفترة الوسيطية إلى الحديثة فالمعاصرة .و كذا حركة الهجرة و الانتقال البشري من إقليم إلى آخر .
--------------------------------
المرجع
كتاب : تاريخ بلاد شنقيط ( موريتانيا ) /من العصور القديمة إلى حرب شر ببه بين أولاد الناصر و دولة ابدوكل اللمتونية / تأليف : د حماه الله ولد السالم / دار الكتب العلمية DKI بيروت - لبنان 2010
jprdf hgjhvdo hgl,vdjhkd
مواقع النشر (المفضلة)