النتائج 1 إلى 21 من 21

الموضوع: الإسراء والمعرج ... الشيخ محمد الغزالى ,,,

الإسراء والمعرج الشيخ محمد الغزالى يقصد بالإسراء ... الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس. ويقصد بالمعراج... ما عقب هذه الرحلة

  1. #1
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    1 (8) الإسراء والمعرج ... الشيخ محمد الغزالى ,,,

    الإسراء والمعرج

    الشيخ محمد الغزالى

    يقصد بالإسراء ...
    الرحلة العجيبة التي بدأت من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس.

    ويقصد بالمعراج...
    ما عقب هذه الرحلة من ارتفاع في طباق السموات حتى الوصول
    إلى مستوى تنقطع عنده علوم الخلائق ولا يعرف كنهه أحد،
    ثم الأوبة -بعد ذلك- إلى المسجد الحرام بمكة.

    وقد أشار القرآن الكريم إلى كلتا الرحلتين في سورتين مختلفتين،
    وذكر قصة الإسراء وحكمته بقوله:
    {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
    الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
    .

    وذكر قصة المعراج وثمرته بقوله:
    {وَلَقَدْ رَآهُ (يعني جبريل) نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى.
    إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى. مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى. لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}
    .

    فتعليل الإسراء -كما نصت الآية-
    أن الله يريد أن يري عبده بعض آياته.
    ثم أوضحت آيات المعراج ...
    أن الرسول عليه الصلاة والسلام
    شهد -بالفعل- بعض هذه الآيات الكبرى.

    وقد اختلف العلماء من قديم:
    أكان هذا السُّرى الخارق بالروح وحده،
    أم بالروح والجسد جميعاً؟
    والجمهور على القول الأخير.

    وللدكتور هيكل رأي غريب،
    فقد اعتبره استجماعاً ذهنياً ونفسياً لوحدة الوجود الأول من الأزل إلى الأبد،
    في فترة من فترات التألق النفساني الفذّ، الذي اختص به بشر نقيٌّ جليل
    مثل محمد (صلَّى الله عليه وسلم).
    وفي إبان هذا التألق الذي استعلى به على كل شيء
    -استعرض حقائق الدين والدنيا، وشاهد صور الثواب والعقاب..الخ.

    فالإسراء حق..وهو عنده -روحي لا مادي،
    ولكنه في اليقظة لا في المنام، فليس رؤيا صادقة كما يرى البعض،
    بل هو حقيقة واقعة على النحو الذي صوره، ثم قال فيه بعدئذ:
    "وليس يستطيع هذا السمو إلا قوة فوق ما تعرف الطبائع الإنسانية".

    والحق أن الحدود بين القوى الروحية والقوى المادية أخذت تضمحل وتزول،
    وأن ما يراه الإنسان ميسوراً في عالم الروح ليس بمستوعر في عالم المادة.

    وأحسب أنه بعدما مزق العلم من أستار عن أسرار الوجود؛
    فإن أمر المادة أضحى كأمر الروح،
    لا يعرف مداه إلا قيوم السموات والأرض.
    وإن الإنسان ليقف مشدوهاً، عندما يعلم...
    أن الذرة تمثل في داخلها نظام المجموعة الشمسية الدوارة في الفلك،
    وأنها -وهي هباءة تافهة- تكمن فيها حرارة هائلة...
    عندما أطلقت أحرقت الأخضر واليابس.

    إن الرسول (صلَّى الله عليه وسلم) أسري به وعُرج. كيف؟
    هل ركب آلة تسير بأقصى من سرعة الصوت كما اخترع الناس أخيراً؟
    لقد امتطى البراق، وهو كائن يضع خطوه عند أقصى طرفه،
    كأنه يمشي بسرعة الضوء. وكلمة "براق" يشير اشتقاقها إلى البرق،
    أي أن قوة الكهرباء سخرت في هذه الرحلة.

    لكن الجسم -في حالته المعتادة-
    يتعذر عليه التنقل في الآفاق بسرعة البرق الخاطف،
    لابد من إعداد خاص، يحصن أجهزته ومسامه لهذا السفر البعيد.

    وأحسب أن ما روي عن شق الصدر، وغسل القلب وحشوه،
    إنما هو رمز هذا الإعداد المحتوم..
    وقصة الإسراء مشحونة بهذه الرموز، ذات الدلالة التي تدق على السذج.
    إن الإسراء والمعراج وقعا للرسول عليه الصلاة والسلام بشخصه
    في طور بلغ الروح فيه قمة الإشراق، وخفّت فيه كثافة الجسد ...
    حتى تفصَّى من أغلب القوانين التي تحكمه.

    واستكناه حقيقة هذه الرحلة، وتتبع مراحلها بالوصف الدقيق،
    مرتبط بإدراك العقل الإنساني لحقيقة المادة والروح،
    وما أودع الله فيهما من قوى وخصائص.

    ولذلك سنتجاوز هذا البحث إلى ما هو أيسر وأجدى،
    أي إلى تسجيل المعالم المتصلة بالإسلام باعتباره رسالة عامة وتشاريع محددة.
    وقصة الإسراء والمعراج تهمنا من هذه الناحية.
    ألم تر أن "علم النفس" لم يستبحر وينطلق ...
    إلا يوم تحرر من البحث في الروح والخبط في مدلولها؟؟

    لماذا كانت الرحلة إلى بيت المقدس،
    ولم تبدأ من المسجد الحرام إلى سدرة المنتهى مباشرة؟.

    إن هذا يرجع بنا إلى تاريخ قديم،
    فقد ظلت النبوات دهوراً طوالاً وهي وقف على بني إسرائيل،
    وظل بيت المقدس مهبط الوحي، ومشرق أنواره على الأرض،
    وقصبة الوطن المحبب إلى شعب الله المختار.
    فلما أهدر اليهود كرامة الوحي وأسقطوا أحكام السماء،
    حلت بهم لعنة الله، وتقرر تحويل النبوة عنهم إلى الأبد!

    ومن ثم كان مجيء الرسالة إلى محمد (صلَّى الله عليه وسلم)
    انتقالاً بالقيادة الروحية في العالم، من أمة إلى أمة،
    ومن بلد إلى بلد، ومن ذرية إسرائيل إلى ذرية إسماعيل.

    وقد كان غضب اليهود مشتعلاً لهذا التحول، مما دعاهم إلى المسارعة بإنكاره
    {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْيُنَزِّلَ اللَّهُ
    مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ}
    .

    لكن إرادة الله مضت وحمَّلت الأمة الجديدة رسالتها،
    وورث النبي العربي تعاليم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب،
    وقام يكافح لنشرها وجمع الناس عليها، فكان من وصل الحاضر بالماضي
    وإدماج الكل في حقيقة واحدة أن يعتبر المسجد الأقصى ثالث الحرمين في الإسلام،
    وأن ينتقل إليه الرسول في إسرائه،
    فيكون هذا الانتقال احتراماً للإيمان الذي درج -قديماً- في رحابه..

    ثم يجمع الله المرسلين السابقين من حملة الهداية في هذه الأرض
    وما حولها ليستقبلوا صاحب الرسالة الخاتمة.
    إن النبوات يصدق بعضها بعضاً، ويمهد السابق منها للاح
    وقد أخذ الله الميثاق على أنبياء بني إسرائيل بذلك.

    {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ
    لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي
    قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ}
    .

    وفي السنة الصحيحة أن الرسول صلَّى بإخوانه الأنبياء ركعتين في المسجد الأقصى
    فكانت هذه الإمامة إقراراً مبيناً بأن الإسلام كلمة الله الأخيرة إلى خلقه،
    أخذت تمامها على يد محمد بعد أن وطّأ لها العباد الصالحون من رسل الله الأولين.

    والكشف عن منزلة محمد (صلَّى الله عليه وسلم) ودينه ليس مدحاً
    يساق في حفل تكريم. بل هو بيان حقيقة مقررة في عالم الهداية،
    منذ تولت السماء إرشاد الأرض، ولكنه جاء في إبّانه المناسب.

    فإن جهاد الدعوة الذي حمله محمد (صلَّى الله عليه وسلم) على كواهله،
    عرَّضه لعواصف عاتية من البغضاء والافتراء، ومزق شمل أتباعه،
    فما ذاقوا -مذ آمنوا به- راحة الركون إلى الأهل والمال.

    وكان آخر العهد بمشاق الدعوة، طرد "ثقيف" له،
    ثم دخوله البلد الحرام في جوار مشرك.
    إنّ هوانه على الناس -منذ دعاهم إلى الله-
    جعله يجأر إلى ربِّ الناس، شاكياً راجياً.

    فمن تطمين الله له، ومن نعمائه عليه أن يهيىء له هذه الرحلة السماوية لتمس
    فؤاده المعنَّى ببرد الراحة. وليشعر أنه بعين الله، مذ قام يوحده ويعبده،
    ويعلم البشر توحيده وعبادته..
    كان يقول: "إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي"[4]
    فالليلة علم أن حظه من رضوان الله جزيل،
    وأن مكانته بين المصطَفين الأخيار موطدة مقدمة.

    إن الإسراء والمعراج يقعان قريباً من منتصف فترة الرسالة التي مكثت ثلاثة وعشرين عاماً، وبذلك كانا علاجاً مسح متاعب الماضي، ووضع بذور النجاح للمستقبل.
    إن رؤية طرف من آيات الله الكبرى في ملكوت السموات والأرض له أثره
    الحاسم في توهين كيد الكافرين، وتصغير جموعهم، ومعرفة عقباهم.

    وقد عرف محمد في هذه الرحلة أن رسالته ستنساح في الأرض،
    وتتوطن الأودية الخصبة في النيل والفرات، وتنتزع هذه البقاع
    من مجوسية الفرس وتثليث الروم.
    بل إن أهل هذه الأودية سيكونون حملة الإسلام جيلاً في أعقاب جيل.
    وهذا معنى رؤية النيل والفرات في الجنة، وليس أن مياه
    النهرين تنبع من الجنة كما يظن السذّج والبله.

    لقد روى الترمذي مثلاً أن رسول الله قال:
    "إذا أُعطي أحدكم الريحان فلا يرده فإنه خرج من الجنة"[5]
    فهل ذلك يدل على أن الريحان من الجنة،
    ونحن نقطف أزهاره من الحقول والحدائق؟.

    * حكمة الإسراء :
    ذلك والله عز وجل يتيح لرسله فرص الإطلاع على المظاهر الكبرى لقدرته حتى يملأ قلوبهم ثقة فيه واستناداً إليه، إذ يواجهون قوى الكفار المتألبة، ويهاجمون سلطانهم القائم.
    فقبل أن يرسل الله موسى شاء أن يريه عجائب قدرته،
    فأمره أن يلقي عصاه قال:
    {أَلْقِهَا يَامُوسَى. فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى. قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى. وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى.
    لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى}
    .

    فلما ملأ قلبه إعجاباً بمشاهد هذه الآيات الكبرى قال له بعد:
    {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى..}.

    وقد علمت أن ثمرة الإسراء والمعراج إطلاع الله نبيه على هذه الآيات الكبرى وربما تقول: إن ذلك حدث بعد الإرسال إليه بقريب من اثني عشر عاماً ...
    على عكس ما وقع لموسى!
    وهذا حق، وسره ما أسلفنا بيانه من أن الخوارق في سير المرسلين الأولين
    قصد بها قهر الأمم على الإقتناع بصدق النبوة فهي تدعيم لجانبهم أمام
    اتهام الخصوم لهم بالإدعاء. وسيرة محمد (صلَّى الله عليه وسلم) فوق هذا المستوى.

    فقد تكفل القرآن الكريم بإقناع أولي النهى من أول يوم،
    وجاءت الخوارق في طريق الرسول ضرباً من التكريم لشخصه،
    والإيناس له، غير معكرة، ولا معطلة للمنهج العقلي العادي الذي اشترعه القرآن.[6]

    وقد اقترح المشركون على النبي أن يرقى في السماء،
    فجاء الجواب من عند الله:
    {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}.

    فلما رقي في السماء بعد، لم يذكر قط أن ذلك ...
    رد على التحدي أو إجابة على الاقتراح السابق.
    بل كان الأمر -كما قلنا- محض تكريم ومزيد إعلام من الله لعبده.

    * إكمال البناء :
    وفي قصة الإسراء والمعراج تلمح أواصر القربى...
    بين الأنبياء كافة، وهذا المعنى من أصول الإسلام.
    {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ
    كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ}
    .

    والتحيات المتبادلة بين النبي وإخوته السابقين توثق هذه الآصرة.
    ففي كل سماء أحل الله فيها أحد رسله، كان النبي يستقبل فيها بهذه الكلمة:
    مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح!.
    والخلاف بين الأنبياء وهمٌ صنعته الأمم الجائرة عن السبيل السوي،
    أو بالأحرى صنعه الكهان والمتاجرون بالأديان.

    أما محمد فقد أظهر أنه مرسل لتكملة البناء الذي تعهده من سبقوه،
    ومنع الزلازل من تصديعه، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم):
    "مثلي ومثل الأنبياء قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله إلا
    موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له!
    ويقولون: هلاّ وضعت هذه اللبنة؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين".
    [7]

    والأديان المعتمدة على الوحي السماوي معروفة، وليس منها -بداهة-
    ما اصطنعه الناس لأنفسهم من أوثان وطقوس كالبرهمية، والبوذية، وغيرهما.
    وليس منها كذلك ما ابتدع -أخيراً- من نحل احتضنها الاستعمار الغربي وكثر الأنصار حولها، ليشدد الخناق على مقاتل الشرق، ويعوق المسلمين الأحرار
    عن حطم قيوده، وإنقاذ عبيده وذلك كالبهائية والقاديانية.

    ومن الممكن -لو خلصت النيات ونشد الحق-
    أن توضع أسس عادلة لوحدة دينية، تقوم على احترام المبادىء المشتركة، وإبعاد
    الهوى عن إستغلال الفروق الأخرى، إلا أن تزول على الزمن، أو تنكسر حدتها.

    والإسلام الذي يعد تعاليمه امتداداً للنبوات الأولى،
    ولبنة مضافة إلى بنائها العتيد أول من يرحب بهذا الاتجاه ويزكيه.

    * سلامة الفطرة :
    وفي ليلة الإسراء والمعراج تأكدت الصفة الأولى لهذا الدين وهي أنه دين الفطرة.
    ففي الحديث: "...ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن. فأخذت اللبن
    فقال: هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك"
    .[8]

    إن سلامة الفطرة لبُّ الإسلام ...
    ويستحيل أن تفتح أبواب السماء لرجل فاسد السريرة، عليل القلب.
    إن الفطرة الرديئة كالعين الحمئة لا تسيل إلا قذراً وسواداً.
    ربما أُخفي هذا السواد الكريه وراء ألوان زاهية، ومظاهر مزوقة.

    بيد أن ما ينطلي على الناس، لا يخدع به رب الناس...!!
    ويوم تكون العبادات -نفسها- ستاراً لفطرة فاسدة ...
    فإن هذه العبادات الخبيثة، تعتبر أنزل رتبة من المعاصي الفاجرة.
    والناس كلما تقدمت بهم الحضارات، أمعنوا في التكلف والمصانعة،
    وقيدوا أنفسهم بعبادات وتقاليد قاسية.
    وأكثر هذه التكلفات حجب تطمس وهج الفطرة[9]
    وتعكر نقاوتها وطلاقتها. وليس أبغض إلى الله من أن تفترى هذه القيود...
    باسم الدين، وأن تترك النفوس في سجونها، مغلولة كئيبة.

    * فرض الصلاة :
    وفي المعراج شرعت الصلوات الخمس، شرعت في السماء لتكون معراجاً ...
    يرقى بالناس كلّما تدلت بهم شهوات النفوس وأعراض الدنيا .
    والصلوات التي شرع الله ...
    غير الصلوات التي يؤديها -الآن- كثير من الناس.
    وعلامة صدق الصلاة أن تعصم صاحبها من الدنايا،
    وأن تخجله من البقاء عليها إن ألم بشيء منها.
    فإذا كانت الصلاة-مع تكرارها-
    لا ترفع صاحبها إلى هذه الدرجة فهي صلاة كاذبة.
    الصلاة طهور [10]، كما جاء في السنة،
    إلا أنها طهور للإنسان الحي، لا للجثة العفنة.

    إن التطهير يزيل ما يعلق بالقلب الحي من غبار عارض،
    والأعراض التي تلحق المرء في الحياة فتصدىء قلبه كثيرة، ومطهراتها أكثر!.
    وفي الحديث "فتنة الرجل في أهله وماله وولده ونفسه وجاره، يكفرها الصيام
    والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".[11]

    أما أصحاب القلوب الميتة فالصلاة لا تجديهم فتيلا..
    ولن يزالوا كذلك حتى تحيا قلوبهم أو يواريها الثرى..

    وقد رويت سنن أن رسول الله رأى في هذه الرحلة...
    صوراً شتى لأجزية الصالحين والطالحين.
    وتناقلت كتب السيرة رواية هذه الصور الجليلة
    على أنها وقعت ليلة الإسراء والمعراج.
    والحق أن ذلك كان رؤيا منام في ليلة أخرى من الليالي
    المعتادة، كما ثبت ذلك في الصحاح.[12]

    * قريش والإسراء :
    فلما كانت صبيحة هذه الليلة المشهودة ...
    حدث رسول الله الناس بما تم له وما شهد من آيات ربه الكبرى.
    والذين كذّبوا أن يقع وحي على الأرض أتراهم يصدِّقون به في السماء؟
    لقد طاروا يجمع بعضهم بعضاً، ليسمعوا هذه الأعجوبة
    فيزدادوا إنكاراً لرسالة محمد (صلَّى الله عليه وسلم) وريبة من أمره،
    وتحداه بعضهم أن يصف بيت المقدس، إن كان رآه هذه الليلة حقاً؟

    عن جابر رضي الله عنه، قال:
    قال رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم):
    "لما كذبتني قريش ، قمت في الحجر، فجلّى الله لي بيت المقدس.
    فطفقت أخبرهم عن آياته، وأنا أنظر إليه"
    !![13]

    ويقول الدكتور هيكل:
    "أحسبك لو سألت الذين يقولون بالإسراء بالروح في هذا لما رأوا فيه عجباً،
    بعد الذي عرف العلم في وقتنا الحاضر من إمكان التنويم المغناطيسي
    للتحدث عن أشياء واقعة في جهات نائية..
    فما بالك بروح يجمع وحدة الحياة الروحية في الكون كله؟
    ويستطيع -بما وهب الله له من قوة-
    أن يتصل بسر الحياة من أزل الكون إلى أبده!".

    ونحن لا نعلق كبير اهتمام لمعرفة الطريقة التي تم بها الإسراء والمعراج،
    كلا الأمرين حق، ترك ثماره في نفس الرسول (صلَّى الله عليه وسلم)،
    فاستراح إلى حمد الخالق، وقل اكتراثه لذم الهمل من الجاحدين والجاهلين. ثم نشط إلى متابعة الدعوة، موقناً أن كل يوم يمر بها هو خطوة إلى النصر القريب..

    ويزعم بعض الكتاب ...
    أن فريقاً من المسلمين ارتد عقب الإسراء والمعراج إنكاراً لهما،
    بل يزيد الدكتور "هيكل" أن المسلمين تضعضعوا على أثر انتشار القصة على الأفواه،
    واستبعاد المشركين لوقوعها. وهذا كله خطأ، فلا الآثار التاريخية تدل[14] عليه،
    ولا الاستنتاج الحصيف ينتهي به، ولا ندري كيف يقال هذا؟

    مضى رسول الله (صلَّى الله عليه وسلم) على نهجه القديم،
    ينذر بالوحي كل من يلقى، ويخوض -بدعوته- المجامع،
    ويغشى المواسم، ويتبع الحجيج في منازلهم، ويغبر قدميه إلى أسواق "عكاظ"
    و"مجنة" و"ذي المجاز" داعياً الناس إلى نبذ الأوثان،
    والاستماع إلى هدي القرآن، وكان يسأل عن منازل القبائل العربية قبيلة قبيلة،
    ويعرض عليهم نفسه ليؤمنوا به ويتابعوه ويمنعوه...
    وكان عمه "أبو لهب" يمشي وراءه ويقول: لا تطيعوه فإنه صابئ كذّاب!
    فيكون جواب القبائل: أسرتك وعشيرتك أعلم بك! ثم يردونه أقبح الردّ.

    ومن القبائل التي أتاها الرسول عليه الصلاة والسلام ...
    ودعاها إلى الله، فأبت الاستجابة له...
    "فزارة" و"غسان"و"مرة" و"حنيفة" و"سليم" و"عبس" و"بنو النضر" و"كندة" و"كلب" و"عذرة" و"الحضارمة" و"بنو عامر بن صعصعة" و"محارب بن حفصة"...الخ.

    ما وجد في هؤلاء قلباً مفتوحاً، ولا صدراً مشروحاً،
    بل كان الراحلون والمقيمون يتواصَون بالبعد عنه،
    ويشيرون إليه بالأصابع.

    وكان الرجل يجيء من الآفاق البعيدة فيزوده قومه بهذه الوصاة:
    احذر غلام قريش لا يفتنك!!!

    مع ذلك فإن الرسول عليه الصلاة والسلام -في هذا الجو القابض-
    لم يخامر اليأس قلبه؛
    واستمر مثابراً في جهاد الدعوة حتى تأذّن الحق -أخيراً- بالفرَج.

    *****************

    هوامش :
    [4] تقدّم في خبر الطائف أنه حديث ضعيف.

    [5] حديث ضعيف، أخرجه الترمذي: 3/ 18، من طريق حنان عن أبي عثمان النهدي مرسلا، وهذا مع إرساله فيه جهالة حنان هذا، ولم يوثقه غير ابن حبان، ولو صح الحديث لكان اللائق حمله على ظاهره وهو أن الريحان أصله من الجنة، ولا يلزم منه أن ما نقطفه منه من الحقول هو من الجنة أيضا كما ظن المؤلف. ألا ترى أنه إذا قال إنسان لماء في كأس: هذا من السماء؛ لكان صادقا، وكان قصده معروفا؟ فليتأمل. ونحو هذا يقال فيما صح عنه صلى الله عليه وسلم: «إن أربعة أنهار من الجنة» أي: أصلها من الجنة، لا أنها تنبع الان منها. قلت: ألا ترى أنا نقول: إن الإنسان خلق من طين، وإن الذي خلق من طين هو أصل الإنسان (آدم) ، أما أفراد هذا الجنس فقد توالدوا من ماء مهين. (ن) .

    [6] انظر كتابنا: عقيدة المسلم، ص 193، الطبعة العاشرة، دار القلم- دمشق.
    [7] حديث صحيح، أخرجه البخاري: 6/ 437؛ ومسلم: 7/ 64- 65، من حديث أبي هريرة.

    [8] حديث صحيح، وهو قطعة من حديث صعصعة بن مالك الطويل في الإسراء، وقد مضى تخريجه (ص 65) ، ورواه ابن حبان في صحيحه أيضا، ص 192- 198، وأخرجه ثلاثتهم من حديث أبي هريرة أيضا.

    [9] انظر: خلق المسلم، ص 7، الطبعة الثالثة عشرة، دار القلم- دمشق. والإسلام والمناهج الاشتراكية، للمؤلف.

    [10] لا أعرفه بهذا اللفظ، وكأن المؤلف ذكره بالمعنى، ومما جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم: «أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كلّ يوم خمس مرات؟ هل يبقى من درنه شيء؟» قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: «فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا» أخرجه البخاري: 2/ 9؛ ومسلم: 2/ 131- 132، من حديث أبي هريرة؛ ومسلم والبخاري في (أفعال العباد) ، ص 94، من حديث جابر.

    [11] حديث صحيح، من رواية حذيفة بن اليمان، أخرجه البخاري: 2/ 6؛ ومسلم: 7/ 172.

    [12] يشير إلى حديث سمرة بن جندب عند البخاري في أماكن من صحيحه؛ منها: (الجنائز) و (الرؤيا) ؛ وأحمد أيضا في المسند: 5/ 1408، ولكن هذا لا ينفي أن يكون صلى الله عليه وسلم رأى ليلة الإسراء بعض الأجزية، بل هذا هو الواقع كما في حديث أنس رضي الله تعالى عنه مرفوعا: «لما عرج بي ربي عز وجلّ مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم صدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم» أخرجه أحمد: 3/ 224؛ وأبو داود: 2/ 298، وسنده صحيح، وقد روي مرسلا. ولكن المسند أصح كما قال العراقي في تخريج الإحياء: 3/ 123، ولأنس حديث اخر في رؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء الخطباء الذين يقولون ما لا يفعلون، أخرجه ابن حبان في صحيحه، رقم (52) ، وغيره، وفي الباب أحاديث أخرى عن جماعة من الصحابة ذكر بعضها ابن كثير في تفسير سورة الإسراء، فليراجعها من شاء.

    [13] حديث صحيح، أخرجه البخاري: 7/ 157- 159؛ ومسلم: 1/ 108؛ وابن حبان، رقم (54) وغيرهم، وله شاهد مفصل من حديث ابن عباس أخرجه أحمد، رقم (2820) ، بسند صحيح.

    [14] يرد هذا ما في المسند، رقم (4546) من حديث ابن عباس، قال: أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، ثم جاء من ليلته فحدّثهم بمسيره إلى بيت المقدس، وبعيرهم، فقال ناس: نحن نصدّق محمدا بما يقول؟! فارتدوا كفارا، فضرب الله أعناقهم مع أبي جهل ... الحديث. وإسناده حسن، وقال الحافظ ابن كثير في (تفسيره: 3/ 15) : «ورواه النسائي، وإسناده صحيح» قلت: وهذا من الأدلة الكثيرة التي تبين أن الإسراء كان بالروح والجسد، الأمر الذي لا يعلّق عليه حضرة المؤلف كبير اهتمام!.



    hgYsvhx ,hgluv[ >>> hgado lpl] hgy.hgn <<<


  2. #2
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    1 (8) التشكيك في ثبوت معجزة الإسراء والمعراج ,,,

    التشكيك في ثبوت معجزة الإسراء والمعراج(*)

    مضمون الشبهة:
    يُشكِّك بعض المغالطين في ثبوت معجزة الإسراء والمعراج، والجزم بوقوعها بالكيفية التي يعتقدها المسلمون،
    ويرون أنها لا تخرج في مجملها - لما فيها من مجاوزة للعقل والواقع المألوف - عن أحد هذين الاحتمالين:
    إما أنها رؤيا منامية مستدلين على ذلك بقوله عزوجل:
    {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ} (الإسراء: 60).

    وإما أنها ضرب من الأفكار الفلسفية، مثل وحدة الوجود، وكشف الحجب، واتحاد الزمان والمكان.
    وهم في هذا وذاك يرمون صراحة إلى نفي معجزة الإسراء والمعراج، ضمن منظومة نفي معجزاته
    صلى الله عليه وسلم؛ بغية تجريده من تأييد الله له بها، والخروج به عن مقتضى كونه نبيا.
    ---------
    وجوه إبطال الشبهة:
    1) إن معجزة الإسراء والمعراج معجزة عجيبة مدهشة بالفعل، وليس كل عجيب منكرا، وليس كل مدهش خياليا غير واقعي!
    2) إن في الحوار الذي دار بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وقومه، ودقة وصفه للمسجد الأقصى؛
    ما ينفي انتحاله هذه المعجزة من جهة، ويثبت وقوعها بالبدن والروح حال اليقظة من جهة أخرى.
    3) إن وحدة الوجود، وكشف الحجب، واتحاد الزمان والمكان جميعها محل نظر، ولا ينبغي تشبيه
    معجزة الإسراء والمعراج بمثل تلك الأفكار الفلسفية؛ للبون الشاسع بينهما.

    التفصيل:
    أولا. إن معجزة الإسراء والمعراج معجزة عجيبة مدهشة،
    لكن ليس كل عجيب منكرا، وليس كل مدهش غير واقع:
    ليس من الصواب في شيء أن يعد أحد المشككين كل ما هو خارج عن علمه في دائرة العدم،
    فنراه يتحدث بما لا يعرف قائلا: إن الإسراء والمعراج حدوثهما غير ممكن؛ لأن الذهاب من مكة إلى
    بيت المقدس، ثم الصعود إلى السماوات العلا، ثم الرجوع من حيث أتى في جزء من الليل أمر مستحيل؟
    ذلك لأن الطبقة الهوائية المحيطة بالكرة الأرضية محدودة بثلاثمائة كيلو مترا تقريبا، فمن جاوزها
    صار عرضة للموت المحقق لعدم وجود الهواء الذي لا بد منه للحياة.

    ومثل هذا الكلام لا ينهض على قدمين - ولو للحظة واحدة - أمام البحث العلمي الصحيح،
    "فالإسراء والمعراج أمران ممكنان عقلا أخبر بهما - عزوجل - في القرآن الكريم المتواتر، كما أخبر بهما
    الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - في الأحاديث الصحيحة المشهورة، فوجب التصديق بوقوعهما،
    ومن ادعى استحالتهما فعليه البيان وهيهات ذلك، وكونهما مستبعدين عادة لا ينهض دليلا ولا شبه دليل
    على الاستحالة، وهل المعجزات إلا أمور خارقة للعادة كما قال العلماء؟ ولو أن كل أمر لا يجري على
    سنن العادة كان مظنة للإنكار لما ثبتت معجزة نبي من الأنبياء.

    ثم ما قول المنكرين لمثل هاتين المعجزتين فيما صنعه البشر من طائرات نفاثة، وصواريخ جبارة
    تقطع آلاف الأميال في زمن قليل؟ فإذا كانت قدرة البشر استطاعت ذلك، أفيستبعدون على مبدع
    البشر وخالق القوى والقدر أن يسخر لنبيه "براقا" يقطع هذه المسافة في زمن أقل من القليل؟!

    لسنا نقصد بهذا أن الإسراء والمعراج من جنس ما يقدر عليه الناس - فحاشا لله -
    وإنما أردنا تقريبهما لعقول من ينكرونهما بما هو مشاهد ملموس، فمهما تقدمت العلوم ومهما
    تقدم غزو الفضاء فلا يزال الإسراء والمعراج آيتين ظاهرتين للنبي صلى الله عليه وسلم.

    وأما شبهة أن المعراج لم يذكر في القرآن كما ذكر الإسراء،
    فيدفعها - أن المعراج وإن لم يذكرفي القرآن الكريم صراحة فقد أشير إليه فيه،
    ولو سلمنا بعدم ثبوته بالقرآن فلا ينبغي أن يكون ذلك سببا للإنكار،

    فما الأحاديث النبوية إلا مبينة للقرآن، وشارحة له، ومتممة له، وهي الأصل الثاني من أصول التشريع
    في الإسلام، ومعرفة الحلال والحرام، والحق من الباطل، والهدى من الضلال، وإثبات الآيات والمعجزات،
    ولو أننا قصرنا الدين ومسائله على القرآن الكريم فحسب؛ لفرطنا في كثير من الأحكام والآداب،
    والآيات، والمعجزات الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

    وأما القول بأن المعراج يترتب عليه الخرق والالتئام وهو مستحيل
    ـ فمزعم قديم أكل الدهر عليه وشرب، وأبطلته النظريات العلمية الحديثة، فقد انتهى بحث العلماء
    إلى أن الكون في أصله كان قطعة واحدة، ثم تناثرت أجزاؤه، وانفصل بعضها عن بعض حتى
    غدا من ذلك العالم كله: علويه وسفليه" [1].

    إن العلماء الكونيين قد خطوا خطوات واسعة في غزو الفضاء، والتنقل بين الأجواء، والدوران حول الأرض
    والقمر، ومعرفة كم هائل من المعلومات عن المجموعة الشمسية، مما قد يعد من ضرب المعجزات والخيال
    في القرون الماضية، وما زال التقدم العلمي في هذا المجال يزداد يوما بعد آخر، مما يدحض زعم هؤلاء
    أن الإسراء والمعراج غير ممكن عقلا.

    وأما قولهم بأن الهواء ينعدم على بعد خاص فهو لا يسوغ الإنكار،
    فنحن نجد الغواصين يمكثون الساعات الطوال تحت الماء مكتفين بما معهم من هواء،
    وأيضا نجد رواد الفضاء قد تغلبوا على هذه المشكلة - إن صح أن تسمي هذه مشكلة -
    بل وعلى ما هو أشكل منها، ويختزنون معهم من الهواء ما يحفظ عليهم حياتهم أياما لا ساعات.

    فإذا ثبت هذا في حق المخلوق وكان في مقدرته ذاك - وقليلة ما هي مقارنة بمقدرة الله - أفيبعد على
    الخالق ما أدركه المخلوق إن أراد حدوثه لأحد من الأنبياء على طريق الإعجاز، وهو الذي يقول للشيء
    كن فيكون؟! إنه الله - سبحانه وتعالى - خلق السماوات، والأرضين معلقات في الفضاء بلا عمد،
    وأمسكهما أن تزولا وتسقطا على عظم أجرامهما، ودقة مساراتهما، وأبدعهما أيما إبداع، وربط الأسباب
    بالمسببات، وأوجد للكائنات نواميس خاصة بها، وعلم ما يحتاج إليه كل كائن حي من إنسان، أو حيوان،
    أو نبات، وقدر لكل ما يحفظ له حياته - وهو قادر على أن يسري بنبيه - صلى الله عليه وسلم -
    من مكة إلى بيت المقدس، ثم يعرج به إلى سدرة المنتهى في جزء من الليل، وأن يحفظ عليه حياته
    في عروجه من الأرض إلى السماوات السبع وما فوقهن[2].

    ويحسن بنا في هذا الصدد أن نذكر أنه في بعض المجامع في بلدة بالهند قال أحد المنصرين مشوشا على
    بعض المسلمين: كيف تعتقدون في الإسراء والمعراج، وهو أمر مستبعد؟ فأجابه مجوسي من مجوس
    الهند قائلا: إن الإسراء والمعراج ليسا بأشد استبعادا من كون العذراء تحمل من غير زوج، فبهت المنصر!
    والأمر كذلك ليس مستحيلا عقلا إذ إن خالق العالم قادر على أن يسري بمحمد - صلى الله عليه وسلم -
    بهذه السرعة، وغاية ما في الأمر أن المعجزة تمت خلاف العادة، والمعجزات كلها تكون كذلك[3].
    ولم يكن النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بدعا من أمره، بل شأنه في تأييد الله له بالمعجزات
    شأن سائر الأنبياء كإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام.

    ثانيا. إن في الحوار الذي دار بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وقومه، ودقة وصفه المسجد الأقصى،
    ما ينفي انتحالها من جهة، ويثبت أنها وقعت بالبدن والروح حال اليقظة من جهة أخرى:
    إن معجزة الإسراء والمعراج ثابتة بالكتاب والسنة، والأدلة العقلية التي تلتقي مع نصوص القرآن الكريم،
    والسنة المطهرة، تقوم على تأكيد حدوث هذه المعجزة يقظة، ومن أظهر هذه الأدلة:

    أن هذه الرحلة لو كانت مناما لما كان فيها آية ولا معجزة، ولما استبعدها الكفار ولا كذبوه فيها،
    ولما ارتد بها ضعفاء الإيمان ممن أسلموا وافتتنوا بها؛ إذ مثل هذا من المنامات لا ينكر،
    بل لم يكن ذلك منهم إلا بعد علمهم أن خبره إنما كان عن جسمه لا روحه، وحال يقظته لا حال منامه[4].

    فقد يقول قائل: إني رأيت أني ذهبت إلى أمريكا، ثم الهند، والصين، ثم عدت، وهو نائم على فراشه،
    وقد يرى أنه مات وانتقل إلى الدار الآخرة، ودخل الجنة أو النار بعد العرض على الملك الجبار،
    ولا يستطيع أحد أن يكذبه، فلو كان الإسراء والمعراج كذلك بالروح فقط لما كذبه المشركون؟

    "وما أدري كيف يقبل الذوق السليم أن يكون الإسراء بالروح، بعد قول الله سبحانه وتعالى:
    {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ
    لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
    (1الإسراء).

    فها أنت ذا ترى الآية الكريمة قد افتتحت "بـ سُبْحَانَ"
    وهو استفتاح مشعر باستعظام ما كان من الأمر، والتعجب منه لجلاله، وذلك اللفظ لا يصح موقعه،
    ولا يتناسب وبلاغة القرآن الحكيم، إلا إذا كان الأمر غير معهود، ولا مقدور لأحد من البشر.

    ولو كان الإسراء بالروح فقط لم يكن ثمة ما يقتضي هذا الاستعظام، وذلك التعجب؛ إذ لا خطورة في إراءة
    النبي - صلى الله عليه وسلم - آيات ربه في نومه، فإن هذا أمر يقع لكل أحد، وإنما يظهر وجه الاستعظام
    والتعجب إذا قلنا: إن ذلك الإسراء كان بالجسد والروح، كما هو ظاهر لكل ذي فطرة طاهرة وعقل سليم.

    ثم تراه يقول (أَسْرَىٰ) وهو لا يقال في النوم، كما قال القاضي عياض؛ لأن ما يقع في النوم إنما هو تخييل
    وضرب مثل لا غير، ولا يحسن أن يعبر عن ذلك بأنه أسرى به، وإنما ذلك إذا أسرى به ليلا إسراء حسيا
    على ما هو معهود ومعروف.

    ثم يقول: (بِعَبْدِهِ) وهو نص قاطع في الموضوع؛ لأن العبد لا يطلق فيما تعرفه العرب
    إلا على الشخص المكون من الروح والجسد معا، ولم يعهد في لغة العرب إطلاقه
    على الروح فقط، فهم لا يعرفون من العبد إلا الشخص المحسوس المنظور،

    كما في قوله سبحانه وتعالى:
    {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى ...} (العلق)،
    {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} (الجن: 19) إلى غير ذلك،
    {لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ } (الإسراء: 1)،
    {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى*وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى*عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى*عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى*
    إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى*لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى*}
    (18:12النجم).

    ولا شك عند من له ذوق سليم، أن هذه الآيات الكريمة تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم -
    أسري به إلى بيت المقدس، وأنه عرج به إلى السماوات العلا بجسمه وروحه وأنه رأى جبريل
    عند سدرة المنتهى، وأنه رأى من آيات ربه الكبرى.

    ونحن نستحلفك بعلمك وذوقك وإنصافك، أن تنظر معنا إلى قوله: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} (12 النجم)
    ثم قل بعد ذلك ماذا ترى. أفيسهل عليك أن تسلم أن المراء والجدال كانا في رؤيا منامية؟
    وهل يكون في رؤيا الروح وحدها في النوم جحود ومجادلة؟
    وهل لذلك وقع عند القائل والسامع، حتى تذكر فيه تلك الآيات، وتحصل به تلك المجادلات،
    وينوه بشأنه في القرآن هذا التنويه العظيم؟ وهل عهدوا مثل ذلك في الرؤى المنامية؟
    وهل ينكرون على أنفسهم ذلك، حتى ينكروه عليه صلى الله عليه وسلم؟

    لا شك أن مناكرتهم ومجادلتهم، ما كانت إلا لعلمهم أنه يقول إن ذلك كان يقظة لا نوما،
    فهذا محل الاستبعاد والاستنكار؛ لأنه غير معهود لديهم، ولا في متناول قدرتهم" [5].

    وأبعد من القول بأن الإسراء والمعراج كانا بروحه، قول من ذهب إلى أنهما كانا في المنام، مستدلين لذلك
    بقوله سبحانه وتعالى:
    {وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ ۚ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ
    وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ۚ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا }
    (60 الإسراء)،
    وقالوا: إن الآية تشير إلى الإسراء والمعراج، والرؤيا إنما تطلق على المنامية لا البصرية.

    وليس أدل على رد استدلالهم بهذه الآية من قول ابن عباس في تفسيرها:
    «هي رؤيا عين أريها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به، والشجرة المعلونة: شجرة الزقوم»[6].
    ومراد ابن عباس - برؤيا العين - جميع ما عاينه - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به من العجائب السماوية والأرضية.
    وابن عباس هو حبر الأمة، وترجمان القرآن، ومن أعلم الناس بالعربية، وكان إذا سئل عن لفظ من القرآن
    ذكر له شاهدا من كلام العرب، فكلامه حجة في هذا، والرؤيا كما تطلق على المنامية تطلق على البصرية أيضا.
    ومن شواهد ذلك من كلام العرب الذين يحتج بكلامهم قول الراعي يصف صائدا:
    وكبر للرؤيا وهش فؤاده وبشر قلبا كان جما[7] بلابله[8]

    على أن بعض المفسرين يري أن الآية نزلت عام الحديبية بسبب رؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    أنه دخل المسجد الحرام، وعلى هذا فلا تكون الآية دليلا لهم قط، ولكن الصحيح هو الأول[9].

    على أنه جاء في القصة ما هو قاطع في الموضوع، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخبرهم بذلك
    هاج هائجهم، وقامت قيامتهم، فمنهم الواضع يده على رأسه تعجبا، ومنهم المصفق، ومنهم القائل له:
    لقد كان أمرك أمما[10] قبل هذا. حتى ورد أنه ارتد بعض من كان قد دخل في الإسلام.
    فهل ترى أن ذلك كله كان من أجل رؤيا منامية؟

    بل في القصة ما هو أكثر من هذا، وهو أنهم سألوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عيرهم التي
    كانت فيها تجارتهم، فأجابهم - صلى الله عليه وسلم - بأنه مر بها وقد ند[11] منها بعير فانكسر،
    وأنه مر بعير أخرى قد ضلوا ناقة لهم، وكان معهم قدح من الماء، فشربه - صلى الله عليه وسلم -
    وقد سألوهم عندما قدموا مكة، فصدقوا ذلك كله، وفي القصة أكثر من هذا.

    فهل ترى أن الروح شربت الماء من القدح؟ وهل يمكننا أن نقبل أنهم يسألونه عن عيرهم،
    وعن بيت المقدس وأبوابه، وكل ما يتعلق به، إذا كانت الرؤيا منامية؟
    وأي علاقة بين رؤيا المنام وبين عيرهم التي تجيء من الشام[12].

    على أن ثمة فرقا بين القول بإسرائه روحا والقول بإسرائه مناما، هذا الفرق يوضحه د. محمد أبو شهبة في قوله:
    "ومما ينبغي أن يعلم أن بعض الكاتبين - في معجزتي الإسراء والمعراج - يخلط بين قول من يقول:
    كانا مناما، وقول من يقول: كانا بالروح فقط، وبينهما فرق،
    فمن قال: كانا بالروح أراد أن الروح بما لها من قدرة على التصرف والانتقال
    هي التي انتقلت وجالت في هذه المعاني المقدسة في الأرض والسماء،
    وأما من قال في المنام، إنما أراد حدوث صور وانكشافات للروح فيما
    وراء الحس من عالم الغيب من غير انتقال، ومفارقة للبدن" [13].

    وفي كون الإسراء والمعراج بالروح والجسد يقول الإمام النووي:
    "والحق الذي عليه أكثر الناس ومعظم السلف وعامة المتأخرين من الفقهاء، والمحدثين والمتكلمين أنه
    أسري بجسده - صلى الله عليه وسلم - والآثار تدل عليه لمن طالعها وبحث عنها، ولا يعدل عن ظاهرها،
    إلا بدليل، ولا استحالة في حملها عليه فيحتاج إلى تأويل"،

    ويقول ابن حجر في شرحه على صحيح البخاري:
    إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه، وإلى هذا ذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك
    إذ ليس في العقل ما يحيله حتى يحتاج إلى تأويل" [14].

    وليس في الأمر غرابة، لا من حيث قطع المسافة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ولا من حيث
    صعود النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء، فأما من حيث قطع المسافة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى في تلك المدة الوجيزة فقد يتوفر للجن، وهو الذي حدث مع سليمان - عليه السلام -
    وحكاه القرآن في قوله عزوجل:
    {قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ...} (40 النمل)
    وحمل العرش من القصر إلى الشام أبلغ من إسراء النبي صلى الله عليه وسلم،
    فهذا أبلغ من قطع المسافة بين المسجدين في جزء من ليلة.

    ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الذي عنده علم من الكتاب، ومن سليمان عليه السلام،
    فكان الذي خصه الله به أفضل من ذلك، وهو أنه أسري به، ثم عرج في ليلة واحدة، ليريه من آياته الكبرى.
    فهذا ما لم يحصل مثله لا لسليمان ولا لغيره، والجن إن قدروا على حمل بعض الناس في الهواء فلن يقدروا
    على إصعاده إلى السماء، وإراءته آيات ربه الكبرى، فكان ما آتاه الله لمحمد خارجا عن قدرة الإنس والجن[15].

    ومما سبق نخلص إلى أن معجزة الإسراء والمعراج ثابتة بالكتاب والسنة، وكان أهل مكة جميعا شهودا
    على هذه المعجزة، فعندما حدثهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه المعجزة، شككوا فيها واستنكروها
    وكذبوه، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - استطاع أن يثبت لهم صحة ما أخبرهم به بأدلة واضحة لا يرقى إليها الشك؛ من ذلك:· إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن القافلة التي يتقدمها جمل أورق[16]:

    فحدثهم عن أشياء حدثت في الطريق، وتبينوا بعد ذلك صدق ما قاله؛ فقد سألوه عن قافلة لهم قادمة
    من الشام، سألوه عن مكانها، ومتى تقدم عليهم، فأخبرهم عنها وعن وقت وصولها، وقدم لهم دليلا،
    حيث أخبرهم أن هذه القافلة يتقدمها جمل أورق، وبعد أن تحقق أمام أعينهم كل ما أخبرهم به خرست
    ألسنتهم وثبتت شهادتهم على هذا الحدث العظيم الذي كان اختبارا ليقين المسلمين وتمحيصا لإيمانهم.

    وصفه - صلى الله عليه وسلم - الدقيق للمسجد الأقصى:
    وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صلى بالأنبياء في بيت المقدس كما ثبت في الروايات الصحيحة،
    وعندما عاد من رحلته طلب منه أهل مكة أن يصف لهم المسجد الأقصى ليتأكدوا من صدقه، فوصفه لهم
    بتفاصيله كاملة، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رآه قبل ذلك، ولكن أهل مكة كانوا قد رأوه
    مرات عديدة أثناء رحلاتهم إلى بلاد الشام، فكان وصفه الدقيق للمسجد الأقصى دليلا آخر على صدقه
    صلى الله عليه وسلم، لم يعترض أحد من أهل مكة على ما قدمه لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
    من وصف دقيق ومفصل لهذا المكان المقدس، قال صلى الله عليه وسلم:
    « لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ قُمْتُ في الحِجْرِ فَجَلَّى اللَّهُ لي بَيْتَ المَقْدِسِ،
    فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عن آياتِهِ وأنا أنْظُرُ إلَيْهِ »
    [17].

    ثالثا. إن وحدة الوجود، وكشف الحجب، واتحاد الزمان والمكان جميعها محل نظر،
    ولا يصح تشبيه معجزة الإسراء والمعراج بمثل تلك الأفكار الفلسفية:

    إن النصوص الصريحة القائمة على إثبات معجزة الإسراء والمعراج تجعل من نافلة القول أن نثبت بطلان
    تلك الأفكار الفلسفية، أما وقد شبهت هذه المعجزة النبوية بتلك الأفكار الفلسفية؛ فقد لزم الأمر أن نقر أن
    الإسراء والمعراج ليستا فكرة مثلا كوحدة الوجود من الصحة في شيء، كي نبني عليها معتقداتنا الدينية
    ونثبت على أساسها وننفي، ولو كان الأمر كذلك لكان عبدة الأصنام على حق، وعبدة البقر على حق،
    ومن عبد أي معبود بمقتضى تلك الفكرة على حق.

    وغني عن الذكر - أيضا - أن نقول إن فكرة وحدة الوجود فكرة خاطئة وافدة إلى الإسلام فيما وفد إليه من
    آراء فاسدة لا يشهد لها عقل ولا نقل، وهي من مخلفات الفلسفات القديمة، وفيها ما فيها من أخطاء وأباطيل،
    وقد انتصر لها وتشيع بعض الغلاة الذين ينتسبون إلى الإسلام، وكتبوا فيها فكانت عاقبتهم الإلحاد في الله وصفاته.

    وقد أبان بطلانها كثير من علماء الأمة الراسخين في العلم، المتثبتين في العقيدة، والقول بها يؤدي إلى القول
    بالطبيعة، وقدم العالم، وإنكار الألوهية وهدم الشرائع السماوية التي قامت على أساس التفرقة بين الخالق
    والمخلوق، وبين وجود الرب، ووجود العبد، وتكليف الخالق للخلق بما يحقق لهم السعادة، ومقتضى هذا
    المذهب أن الوجود واحد، فليس هناك خالق ولا مخلوق، ولا عابد ومعبود، ولا قديم وحادث، وعابدو
    الأصنام والكواكب والحيوانات حين عبدوها إنما عبدوا الحق؛ لأن وجودها الحق، إلى آخر خرافاتهم
    التي ضلوا بسببها وأضلوا غيرهم، والتي أضرت بالمسلمين، وجعلتهم شيعا وأحزابا، ولقد بلغ من بعضهم
    أنه قال: إن النصارى ضلوا؛ لأنهم اقتصروا على عبادة ثلاثة، ولو أنهم عبدوا الوجود كله لكانوا راشدين،

    وقال بعض معتنقي الفكرة:
    العبد حق، والرب حق يا ليت شعري من المكلف؟
    إن قلت: عبد فذاك رب أو قلت: رب أنى يكلف؟

    قال الإمام تقي الدين أحمد بن تيمية الحراني في بعض كتبه بعد أن ذكر الفناء المحمود، والفناء المذموم:
    "ولهذا لما سلك ابن عربي وابن سبعين وغيرهما هذه الطرق الفاسدة أورثهم ذلك الفناء عن وجود السوى
    فجعلوا الموجود واحدا، ووجود كل مخلوق هو عين وجود الحق، وحقيقة الفناء عندهم ألا يرى إلا الحق،
    وهو الرائي والمرئي، والعابد والمعبود، والذاكر والمذكور، والناكح والمنكوح، والآمر الخالق هو المأمور
    المخلوق وهو المتصف بكل ما يوصف به الوجود من مدح وذم، وعباد الأصنام ما عبدوا غيره،
    وما ثم موجود مغاير له ألبتة عندهم، وهذا منتهى سلوك هؤلاء الملحدين!

    وأكثر هؤلاء الملاحدة القائلين بوحدة الوجود يقولون: إن فرعون أكمل من موسى، وإن فرعون صادق في
    قوله: "أنا ربكم الأعلى"؛ لأن الوجود: فاضل ومفضول، والفاضل يستحق أن يكون رب المفضول،
    ومنهم من يقول: إنه مات مؤمنا، وإن إغراقه كان ليغتسل غسل الإسلام".

    فالحق أن فكرة وحدة الوجود فكرة زائفة، تصادم نصوص الدين القطعية، ولا يدل عليها شيء
    من قرآن أو سنة، وأن العقيدة الإسلامية السمحة براء من مذهب "وحدة الوجود".

    تفسير الإسراء والمعراج بهذا يلزم إنكار النصوص أو تحريفها:
    ثم إن تفسير الإسراء والمعراج بهذه الفكرة أو غيرها، وتصويرهما هذا التصوير الذي ارتضاه المدعي
    يقتضي إنكارها على حسب ما جاء به القرآن القطعي، والسنة الصحيحة المشهورة، فليس ثمة إسراء حقيقة
    من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بذات النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس هناك عروج بالنبي -
    صلى الله عليه وسلم - من بيت المقدس إلى السماوات السبع وما فوقهن، ولا صلاة بالأنبياء،
    ولا لقاء ولا تسليم، ولا تكليم من الله لنبيه، وإنما كل ذلك تمثيل وتقريب على حد زعمهم.

    وما الداعي إلى ذلك ما دام الكون كله قد اجتمع في روح النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال صاحب الرأي:
    فالمسجد الحرام في روحه، والأقصى في روحه، والسماوات وما فيهن في روحه، ووجودها في وجوده!

    إغراب وتشويش:
    ثم ما الداعي إلى كل هذا التكلف والإغراب المدعى في فهم نصوص صريحة جاءت بلسان عربي مبين؟!
    وما الذي حدا بهؤلاء الأدعياء إلى أن "يشطحوا" هذه "الشطحات" التي لا داعي إليها؟!

    إن الإسراء والمعراج كما جاء بهما القرآن والأحاديث الصحاح أقرب منالا، وأشد استساغة لعقول الناس
    مما ذهب إليه المدعون، ولو جلست زمانا لتفهم رجلا أميا أو متعلما، بالإسراء والمعراج على ما رأى
    هؤلاء ما أنت بمستطيع إفهامه هذه الألغاز والطلاسم التي حاول المدعون بها إحداث رأي جديد.

    وهل تصوير الإسراء والمعراج بهذا التصوير إلا إشكال على عقول الكثرة من الناس، ومخاطبة
    لهم بما لا تبلغه عقولهم ومداركهم، وقد أمرنا أن نحدث الناس بما يعقلون وأن ندع ما ينكرون،
    وفي الحكم الذهبية عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
    «ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لبعضهم» [18].

    والحق أن الإغراب على القراء بمثل هذه الأفكار المسمومة، والآراء الشاذة الغريبة
    تشكيك لهم في عقائدهم الصحيحة، وتسميم لعقولهم، وانحراف بهم عن فطرتهم السليمة،
    والحق أبلج لا يحتاج إلى تكلف، وتفلسف من غير داع وقد حكى القرآن الكريم
    عن النبي صلى الله عليه وسلم: {وما أنا من المتكلفين} (ص: 86) [19].

    الخلاصة:
    إن الإسراء والمعراج من الأمور العجيبة والمدهشة حقا، ولكن العجب والدهشة شيء
    وإنكارها شيء آخر، وقد تكون محيرة للعقل ولكنها ليست مستحيلة في منطق الوحي،

    وإلا فكيف نفسر عقلا إحياء عيسى للموتى، وانبجاس الحجر ماء لموسى،
    وكيف تفسر عقلا ما فعلته عصا موسى مع فرعون،
    ومعلوم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاء بما يحير العقول وليس بما تتخيله العقول،

    فالإسراء والمعراج من الأمور التي لا يرفضهما العقل والبحث العلمي، فقد استطاع الإنسان في
    العصر الحديث أن يغزو الفضاء بعلمه وقدرته المحدودتين، فكيف يستبعد عن الخالق أن يسري بنبيه
    - صلى الله عليه وسلم - وأن يعرج به إلى السماء وهو القادر على كل شيء وهو الذي يقول للشيء كن فيكون.

    ليست معجزة الإسراء والمعراج رؤيا منامية كما يدعي المشككون؛ لأن رؤيا المنام من الأمور المعتادة التي
    لا تستنكر، ولو كانت كذلك لما وجد كل هذا الاعتراض من كفار قريش على النبي - صلى الله عليه وسلم -
    ولما ارتد بعض من دخل في الإسلام، ترى هل كل هذا يحدث بسبب رؤيا منامية؟!

    إن القول بأن معجزة الإسراء والمعراج ضرب من الأفكار الفلسفية مثل وحدة الوجود، قول باطل وتزييف
    للحق؛ لأن هذه الأفكار الفلسفية لا أصل لها في الإسلام، ولا دليل عليها من عقل أو نقل، وأكثر من يقول
    بهذه الأفكار هم الملحدون الذين ينكرون الألوهية، فلا يمكن تشبيه معجزة من أعظم المعجزات التي حدثت
    للنبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذه الأفكار.

    إن معجزة الإسراء والمعراج حقيقة ثابتة بالكتاب والسنة،
    وقد أثبت النبي - صلى الله عليه وسلم -
    صدق حديثه عن هذه المعجزة بأدلة واضحة أخرست ألسنة أهل مكة، وأفحمتهم،
    ومن ذلك: وصفه - صلى الله عليه وسلم - المسجد الأقصى وصفا دقيقا،
    فكان هذا الوصف دليلا آخر على صدقه،
    يجزم بكونها حال اليقظة لا المنام، وبالبدن والروح لا بالروح فحسب.

    --------------------------------


    (*) اضمحلال الإمبراطورية الرومانية وسقوطها، إدوارد جيبون، ترجمة: محمد سليم سالم، دار الكتب
    المصرية، القاهرة، د. ت. قصة الحضارة، ول ديورانت، ترجمة: محمد بدران، دار الجيل، بيروت، 1998م. القدس مدينة واحدة وعقائد ثلاث، كارين أمسترونج، ترجمة: فاطمة نصر ومحمد العناني،
    دار الكتب المصرية، القاهرة، 1998م.
    [1]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/2006م، ج1، ص419، 420.
    [2]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/2006م، ج1، ص421.
    [3]. رد افتراءات المنصرين حول الإسلام العظيم، مركز التنوير الإسلامي، القاهرة، 2008م، ص189، 190 بتصرف يسير.
    [4]. شمائل المصطفى صلى الله عليه وسلم، د. وهبة الزحيلي، دار الفكر، دمشق، ط1، 1427هـ/ 2006م، ص190 بتصرف.
    [5]. محمد المثل الكامل، أحمد جاد المولى، دار المحبة، دمشق، ط1، 1412هـ/ 1991م، ص136، 137.
    [6]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب المعراج (3675).
    [7]. الجم: الكثير.
    [8]. البلابل: أي الهموم والوساوس.
    [9]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/2006م، ج1، ص411، 412.
    [10]. الأمم: القريب.
    [11]. ند: نفر وبعد.
    [12]. محمد المثل الكامل، أحمد جاد المولى، دار المحبة، دمشق، ط1، 1412هـ/ 1991م، ص138، 139.
    [13]. السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة، د. محمد محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8، 1427هـ/2006م، ج1، ص413.
    [14]. فقه السيرة، د. محمد سعيد رمضان البوطي، مكتبة الدعوة الإسلامية، مصر، ط7، 1398هـ/1978م، ص121.
    [15]. النبوات، تقي الدين أحمد بن تيمية، تحقيق: الشحات الطحان، مكتبة فياض، القاهرة، 2005م، ص166.
    [16]. الجمل الأورق: ما في لونه بياض إلى سواد، أو الرمادي.
    [17]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب حديث الإسراء (3673)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب في ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال (446).
    [18]. أخرجه مسلم في صحيحه، المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع (14).
    [19]. السيرة النبوية في ضوء الكتاب والسنة، د. محمد أبو شهبة، دار القلم، دمشق، ط8،
    ===============
    موسوعة بيان الإسلام
    الرَّد على هذا التشكيك في ثبوت معجزة الإسراء والمعراج

  3. #3
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    1 (8) حادثة الإسراء والمعراج ... الشيخ يوسف القرضاوى ,,,

    حادثة الإسراء والمعراج

    الشيخ يوسف القرضاوى

    الإسراء والمعراج، الإسراء هو الرحلة الأرضية التي هيأها الله لرسوله (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى القدس، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، رحلة أرضية ليلية، والمعراج رحلة من الأرض إلى السماء، من القدس إلى السموات العلا، إلى مستو لم يصل إليه بشر من قبل، إلى سدرة المنتهى، إلى حيث يعلم الله عز وجل،

    هاتان الرحلتان كانتا محطة مهمة في حياته (صلى الله عليه وسلم) وفي مسيرة دعوته في مكة، بعد أن قاسى ما قاسى وعانى ما عانى، من قريش ثم قال علي أن أجد أرضاً أخصب من هذه الأرض عند ثقيف فى الطائف، فوجد منهم ما لا تحمد عقباه، ردوه أسوأ رد، سلطوا عليه عبيدهم وسفهائهم وصبيانهم يرمونه بالحجارة حتى أدموا قدميه (صلى الله عليه وسلم) ، ومولاه زيد بن حارثة يدافع عنه ويحاول أن يتلقى عنه هذه الحجارة حتى شج عدة شجاج في رأسه،

    خرج عليه الصلاة والسلام دامي القدمين من الطائف ولكن الذي آلمه ليس الحجارة التي جرحت رجليه ولكن الكلام الذي جرح قلبه، ولهذا ناجى ربه هذه المناجاة وبعث إليه ملك الجبال يقول إن شئت أن أطبق عليهم الجبلين، ولكنه (صلى الله عليه وسلم) أبى ذلك، وقال إني لأرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً، اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون،

    ثم هيأ الله تعالى لرسوله هذه الرحلة، الإسراء والمعراج، ليكون ذلك تسرية وتسلية له عما قاسى، تعويضاً عما أصابه ليعلمه الله عز وجل أنه إذا كان قد أعرض عنك أهل الأرض فقد أقبل عليك أهل السماء، إذا كان هؤلاء الناس قد صدوك فإن الله يرحب بك وإن الأنبياء يقتدون بك، ويتخذونك إماماً لهم،

    كان هذا تعويضاً وتكريماً للرسول (صلى الله عليه وسلم) منه عز وجل، وتهيئة له للمرحلة القادمة، فإنه بعد سنوات قيل أنها ثلاث سنوات وقيل ثمانية عشر شهراً (لا يعلم بالضبط الوقت الذي أسري فيه برسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنما كان قبل الهجرة يقيناً، كان ذلك إعداداً لما بعد الهجرة،

    ما بعد الهجرة حياة جهاد ونضال مسلح، سيواجه (صلى الله عليه وسلم) العرب جميعاً، سيرميه العرب عن قوس واحدة، ستقف الجبهات المتعددة ضد دعوته العالمية، الجبهة الوثنية في جزيرة العرب، والجبهة الوثنية المجوسية من عباد النار والجبهة اليهودية المحرفة لما أنزل الله والغادرة والتي لا ترقب في مؤمن ذمة، والجبهة النصرانية التي حرفت الإنجيل والتي خلطت التوحيد بالوثنية، والتي تتمثل في دولة الروم البيزنطية،

    كان لابد أن يتهيأ (صلى الله عليه وسلم) لهذه المرحلة الضخمة المقبلة ومواجهة كل هذه الجبهات، بهذا العدد القليل وهذه العدة الضئيلة، فأراد الله أن يريه من آياته في الأرض وآياته في السماء،
    قال الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ
    لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الاسراء:1)

    حتى يرى آيات الله في هذا الكون وفي السماء أيضاً
    كما قال الله تعالى في سورة النجم التي أشار فيها إلى المعراج
    (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى،لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)(سورة النجم:17-18)

    أراد الله أن يريه هذه الآيات من هذه الآيات الكبرى حتى يقوى قلبه ويصلب عوده، وتشتد إرادته في مواجهة الكفر بأنواعه وضلالاته، كما فعل الله تعالى مع موسى عليه السلام، حينما أراد أن يبعثه إلى فرعون، هذا الطاغية الجبار المتأله في الأرض الذي قال للناس أنا ربكم الأعلى، ما علمت لكم من إله غيري، عندما أراد الله أن يبعث موسى إلى فرعون، أراه من آياته بعد ما يقوي قلبه، فلا يخاف فرعون ولا يتزلزل أمامه، حينما ناجى الله عز وجل،
    (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى،قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى، قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى،فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى ،قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى ، وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى،لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى)(طـه:من الآية 17 : 23)) ،

    هذا هو السر، لنريك من آياتنا الكبرى، فإذا علمت أنك تركن إلى ركن ركين، وتعتصم بحصن حصين، وتتمسك بحبل متين، فلا تخاف عدواً هكذا فعل الله مع موسى، وهكذا فعل الله مع محمد (صلى الله عليه وسلم)، أراه من آياته في الأرض ومن آياته في السماء، الآيات الكبرى ليستعد للمرحلة القادمة،

    كان الإسراء والمعراج تهيئة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان تكريماً لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وكان تسلية لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) عما أصابه من قومه في مكة وفي الطائف، وكان كذلك لشيء مهم جديد في حياة المسلمين وله أثره في حياتهم المستقبلية، هو فرض الصلاة، فرض الله في هذه الليلة الصلاة،

    عادة الدول حينما يكون هناك أمر مهم تستدعي سفراءها، لا تكتفي بأن ترسل إليهم رسالة إنما تستدعيهم ليمثلوا عندها شخصياً وتتشاور معهم، وهكذا أراد الله سبحانه وتعالى أن يستدعي سفيره إلى الخلق، محمد (صلى الله عليه وسلم)ليسري به من المسجد الأقصى ثم يعرج به إلى السموات العلى إلى سدرة المنتهى، ليفرض عليه الصلاة، إيذاناً بأهمية هذه الفريضة في حياة الإنسان المسلم والمجتمع المسلم،

    هذه الفريضة التي تجعل المرء على موعد مع ربه أبداً، هذه الفريضة فرضت أول ما فرضت خمسين صلاة، ثم مازال النبي (صلى الله عليه وسلم) يسأل ربه التخفيف بإشارة أخيه موسى حتى خفف الله عنهم هذه الصلوات إلى خمس وقال هي في العمل خمس وفي الأجر خمسون، فهي من بقايا تلك الليلة المباركة.

    هي معراج لكل مسلم، إذا كان النبي النبي (صلى الله عليه وسلم) قد عرج به إلى السموات العلى، فلديك يا أخي المسلم معراج روحي تستطيع أن ترقى به ما شاء الله عز وجل، بواسطة الصلاة التي يقول الله تبارك تعالى فيها في الحديث القدسي،
    (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي قسمين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال عبدي الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدني عبدي، فإذا قال الرحمن الرحيم، قال تعالى أثنى علي عبدي، فإذا قال مالك يوم الدين قال الله تعالى مجّدني عبدي، فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر الفاتحة، قال الله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل)
    المسلم وهو يصلي يستطيع أن يرتقي حتى يكاد أن يسمع هذه الكلمات من الله تبارك وتعالى، الصلاة هي معراج المسلم إلى الله تبارك وتعالى،

    ثم لابد أن ننظر لماذا كان هذا الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، لماذا لم يعرج برسول الله النبي (صلى الله عليه وسلم)مباشرة من المسجد الحرام إلى السموات العلى؟
    هذا يدلنا على أن المرور بهذه المحطة القدسية، المرور ببيت المقدس، في هذه الأرض التي بارك الله فيها للعالمين، المرور بالمسجد الأقصى كان مقصوداً، والصلاة بالأنبياء الذين استقبلوا رسول الله النبي (صلى الله عليه وسلم)في بيت المقدس، وأنه أمامهم،

    هذا له معناه ودلالته، أن القيادة قد انتقلت إلى أمة جديدة وإلى نبوة جديدة، إلى نبوة عالمية ليست كالنبوات السابقة التي أرسل فيها كل نبي لقومه، هذه نبوة عامة خالدة لكل الناس، رحمة للعالمين، ولجميع الأقاليم ولسائر الأزمان فهي الرسالة الدائمة إلى يوم القيامة عموم هذه الرسالة وخلودها كان أمراً لابد منه،

    وهذه الصلاة بالأنبياء تدل على هذا الأمر، والذهاب إلى المسجد الأقصى، وإلى أرض النبوات القديمة، التي كان فيها إبراهيم، وإسحاق وموسى وعيسى إيذان بانتقال القيادة، القيادة انتقلت إلى الأمة الجديدة وإلى الرسالة العالمية الخالدة الجديدة، ثم أراد الله تبارك وتعالى أن يربط بين المسجدين، المسجد الذي ابتدأ منه الإسراء، والمسجد الذي انتهى إليه الإسراء، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى،

    أراد الله عز وجل لما يعلمه بعد ذلك أن يرتبط في وجدان المسلم هذان المسجدان، المسجد الحرام والمسجد الأقصى،
    وأراد الله أن يثبت المسجد الأقصى بقوله الذي باركنا حوله، وصف الله هذا المسجد بالبركة، وهذا قبل أن يوجد مسجد رسول الله النبي (صلى الله عليه وسلم) لأن المسجد النبوي لم ينشأ إلا بعد الهجرة، في المدينة فأراد الله أن يوطد هذا المعنى ويثبته في عقول الأمة وقلوبها، حتى لا يفرطوا في أحد المسجدين، من فرط في المسجد الأقصى أوشك أن يفرط في المسجد الحرام، المسجد الذي ارتبط بالإسراء والمعراج، والذي صلى إليه المسلمون مدة طويلة من الزمن، حينما فرضت الصلاة، كان المسلمون يصلون إلى بيت المقدس،

    كان بيت المقدس قبلتهم، ثلاث سنين في مكة وستة عشر شهراً في المدينة، صلوا إلى هذا المسجد إلى بيت المقدس، كان قبلة المسلمين الأولى، فهو القبلة الأولى، وهو أرض الإسراء والمعراج، وهو المسجد الذي لا تشد الرحال إلا إليه وإلى المسجد الحرام والمسجد النبوي، أحد المساجد الثلاثة، وبهذا كانت القدس هي المدينة الثالثة المعظمة في الإسلام بعد مكة والمدينة.

    *****************

  4. #4
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    نقل جميل ... بيد أخٍ نبيل
    جزاك الله خيراً ... وصلوات ربي وسلامه على الحبيب المصطفى

  5. #5
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    1 (8) الاسراء والمعراج بقلم فضيله الشيخ محمد متولى الشعراوى ,,,

    الإسراء والمعراج

    بقلم فضيله الشيخ محمد متولى الشعراوى


    قول القرآن الكريم:
    {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
    الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}
    [الإسراء:1].

    شاء الله الذي لا راد لمشيئته سبحانه القادر الذي لا يعجزه شيء أن يمن على حبيبه
    المصطفى عليه الصلاة والسلام برحلة مباركة طيبة هي الإسراء والمعراج.
    و الإسراء هي رحلة أرضية تمت بقدرة الله لرسول الله من مكة إلى بيت المقدس،
    أما المعراج: فهي رحلة سماوية تمت بقدرة الله لرسول الله من بيت المقدس إلى
    السماوات العلا ثم إلى سدرة المنتهى ثم اللقاء بجبار السماوات والأرض سبحانه.

    والإسراء والمعراج كان بالجسد والروح معه واستدل العلماء على ذلك بقول القران:
    {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ} [الإسراء:1].
    والتسبيح هو تنزيه الله عن النقص والعجز وهذه لا يتأتى إلا بالعظائم ولو كان الأمر
    مناما لما كان مستعظما ثم بقوله : بعبده والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح .

    والله تعالى أنزل عبدين من عباده من السماء إلى الأرض
    ورفع عبدا من عبيده من الأرض إلى السماء
    أنزل آدم وزوجه: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ} [البقرة:38].
    ورفع عيسى عليه السلام:
    {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:55].

    فكيف نستكثر على رسول الله أن يعرج به مولاه ؟

    المؤمن يقرأ في كتاب الله:
    أن الله وهب عبدا من عباده القدرة على نقل عرش ملكة سبأ
    من جنوب اليمن إلى أرض فلسطين في غمضة عين:

    {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ*
    قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ *
    قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ
    فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ
    وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}
    [النمل:38-40].

    فإذا كانت هذه قدرة عبد ... فكيف بخالقه
    وإذا كانت هذه إمكانية موهوب .... فكيف بالواهب سبحانه ؟


    إن من الحقائق العلمية أن القوة تتناسب تناسبا عكسيا مع الزمن
    فكلما زادت القوة قل الزمن فكيف إذا كانت القوة هنا هي قوة الحق سبحانه ؟
    لذا جاء في بعض الروايات أن النبي أًسري به وعرج وعاد وفراشه لم يزل دافئا .

    صفة الإسراء والمعراج

    فآلة الركوب كانت هي البراق ،
    ((أتاه به جبريل فكانت تضع حافرها عند منتهى طرفها
    صلى النبي بالأنبياء إماما في بيت المقدس ... صعد إلى السماوات العلا
    اطلع على أهل الجنة واطلع على أهل النار، .... اطلع على أهل الجنة

    رأي رجالا يزرعون يوما ويحصدون يوما كلما حصدوا عاد الزرع كما كان
    قال: من هؤلاء يا جبريل؟
    قال هؤلاء المجاهدون في سبيل الله يخلف الله عليهم ما أنفقوا)) ،
    { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ:39].

    (( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان من السماء يقول أحدهما:
    ((اللهم أعط ممسكا تلفا)) ، ويقول الآخر : ((اللهم أعط منفقا خلفا))

    وأمتنا عندما تركت الجهاد عندما ظنت على الله بمالها بأنفسها
    سلط الله عليها ذلا ليس بعده ذل أن أراذل خلق الله يسوقونها:
    {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام:64].
    قال ابن كثير:
    ((من فوقكم أي الصواعق ومن تحت أرجلكم أي أن يسلط عليكم أراذلكم)) .

    ((رأى النبي رجالا وأقواما ترضخ رؤوسهم بالحجارة
    قال: من هؤلاء يا جبريل؟
    قال : هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة))
    .


    العقول والرؤوس التي كانت تحترم كل موعد بشرى يزيد من رصيدها ويزيد من مالها
    تخرج مبكرة وتعود في آخر ساعات الليل ولكنها تنسي موعدها مع الله في موقف بين يدي الله
    في خمس صلوات مثل هذه الرؤوس لا وزن لها ولا كرامة لها عند الله وتستحق يوم القيامة الرمي بالحجارة

    ((ورأى النبي أقواما يسرحون كما تسرح الأنعام طعامهم الضريح (نبت ذو شوك)
    قال : من هؤلاء يا جبريل؟
    قال: هؤلاء الذين لا يؤدون زكاة أموالهم)) .

    وأي درك حيواني يبلغه الغني المسلم عندما يفتقد مشاعر الأخوة مشاعر الرحمة والرأفة بالضعيف الفقير،
    ومثل هذا يستحق أن يحشر يوم القيامة على صورة الحيوان ،

    ((ورأى النبي رجالا يأكلون لحما نتنا خبيثا وبين أيديهم اللحم الطيب النضج
    قال: من هؤلاء يا جبريل؟

    قال: هؤلاء رجال من أمتك تكون عند أحدهم المرأة بالحلال
    فيدعها ويبيت عند امرأة خبيثة حتى يصبح))

    المؤمن ينأى بمائه أن يضعه إلا في موضعه.
    وتجتنب الأسود ورود ماء إذا كان الكلاب ولغن فيه
    أما النفس الهابطة أما النفوس العفنة فإنها لا تبالي أن يكون الفراش طاهرا أم نجسا:

    ((ورأى النبي نساءا معلقات من أثدائهن
    قال: من هؤلاء يا جبريل؟

    قال: هؤلاء اللواتي يدخلن على أزواجهن من ليس من أولادهن))

    أجمل ما في الرجل غيرته وأجمل ما في المرأة حياؤها ولكن من علامات قرب الساعة زوال ذلك
    كما جاء في الأثر: (إذا كان آخر الزمان رفع الله أربعة أشياء من الأرض
    رفع البركة من الأرض والعدل من الحكام والحياء من النساء والغيرة من رؤوس الرجال)

    جيل المستقبل المظلم الذي نعيشه في واقعنا والذي أصبح شغله الشاغل في ليله ونهاره
    أن يظفر بالنظرة الحرام وباللمسة الحرام وبالمتعة الحرام
    جيل سبق الجاهلية في جاهليتها عنترة الجاهلي يصف عفته فيقول:
    وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يوارى جارتي مأواها

    و ((عندما بايع النبي نساء مكة على ألا يزنين ولا يسرقن غطت هند بنت عتبة وجهها وقالت:
    أو تزني الحرة يا رسول الله؟)) ،
    استكثرت أن تبايع على هذا الأمر الذي تستقبحه المرأة الحرة فضلا عن أن تكون امرأة مسلمة .

    الدروس المستفادة من حادثة الإسراء والمعراج!!! .
    1– درس في النبوات ، صلاة النبي بالأنبياء إماما له دلالتان .
    هي وحدة الأنبياء في دعوتهم فالكل جاء بالتوحيد الخالص من عند الله ،
    الأنبياء إخوة ودينهم واحد:
    {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25].

    صلاة النبي بالأنبياء إماما لها دليل ولها دلالة
    أن النبوة والرسالة قد انقطعت فلا نبوة بعد رسول الله ولا رسالة:
    {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب:40].

    2 – درس للدعاة إلى الله عاد النبي من رحلته أراد أن يخرج للناس حتى يبلغهم
    فتشبثت به أم هانيء بنت أبي طالب تقول له:
    يا رسول الله إني أخشى أن يكذبك قومك فقال :
    ((والله لأحدثنهموه)) (سأخبرهم وإن كذبوني)

    درس للدعاة إلى الله أن يبلغوا أمانة الله رضي الناس أم غضبوا ،
    رسول الله يقول: ((ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس)) .

    3 – درس في بناء الرجال والرجال لا يمكن بناؤهم إلا من خلال المواقف
    عندما تحدث النبي بأمر الإسراء والمعراج طفق القوم بين مصفق وبين واضع يده على رأسه تعجبا
    يقول ابن كثير: ((وارتد ناس ممن آمن بالنبي عليه الصلاة والسلام))

    فالأمر يحتاج إلى يقين ، يقين بقدرة الله ويقين بصدق النبي فالمحنة تفرز حقائق الرجال
    أفرزت هذا النموذج الذي لم يستطع أن يستوعب الأمر لضعف إيمانه

    وأفرزت رجالا كأبي بكر الصديق :
    (جاءته قريش يقولون له انظر ما قاله صاحبك إنه يدعي أنه أتى في بيت المقدس
    وعاد في ليلة ونحن نضرب إليه أكباد الإبل شهرا ذهابا وشهرا إيابا
    فقال أبو بكر: وهو قال ذلك، قالوا نعم ، قال: إن كان قد قال فقد صدق)
    إيمان ثابت إيمان لا تعبث به الدنيا ولا تزلزله الجبال إيمان قد استقام على حقيقة منهج الله .

    4- درس في معية الله لأنبيائه وأوليائه
    طلبت قريش من النبي أن يصف لها بيت المقدس
    ورسول الله قد جاءه ليلا ولم يكن قد رآه من قبل يقول :
    ((فأصابني كرب لم أصب بمثله قط))،

    أي أن الأمر سيفضح أي النبي سوف يتهم بالكذب ولكن حاشا لله أن يترك أولياءه
    يقول : فجلى الله لي بيت المقدس فصرت أنظر إليه وأصفه لهم باباً بابا وموضعاً موضعا ،
    {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ}[غافر:51].
    فجلى الله: أي فكشف الله .

    5- درس لكل صاحب هم لكل صاحب قلب مكلوم ألا يلتفت قلبه إلا إلى الله
    رسول الله رجل واحد يحمل هم الدنيا كلها .... رجل واحد يحمل أمانة تنوء بها الجبال
    ماتت زوجه خديجة التي كان يأوي إليها عند تعبه ... مات عمه أبو طالب الذي كان يحميه

    كان يبحث عن رجال صدق يعينونه في تبليغ أمر دعوة الله
    ذهب إلى ثقيف ولكنها ردته رداً سيئا وأغرت به السفهاء فضربوه بالحجارة
    حتى أدميت قدماه لجأ النبي إلى حائط وأخذ يناجي رب :
    (( اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس إلهي أنت رب المستضعفين
    أنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري أعوذ بنور وجهك
    الذي أضاءت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل علي غضبك
    أو أن تحل بي عقوبتك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله))
    .

    يبرأ النبي من حوله وقوته إلى حول الله قوته
    ويأتي حادث الإسراء والمعراج إيناسا للنبي وإعلاما للنبي ولسان الحال يقول :
    إن كان أهل الأرض لم يعرفوا قدرك فإن أهل السماء قد عرفوك
    فأنت أنت إمام المرسلين وأنت أنت حبيب رب العالمين

    6- درس في الجهاد رأى النبي البيت المعمور وهو بمنزلة الكعبة في السماء تحجه الملائكة
    هناك ((رأى النبي جند الله من الملائكة يدخلون البيت المعمور
    في كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة))
    ولله جنود السماوات والأرض ولا يعلم جنود ربك إلا هو .

    فلماذا إذاً فرض الله علينا الجهاد؟
    وهو القادر بكلمة كن فيمكن أن يبدل الحال غير الحال ولله جنود الأرض والسماء ؟

    يريد الله ألا يتنزل نصره على تنابلة كسالى يبخلون على الله بأنفسهم
    إن الله يحب أن يرى الدماء تسيل لأجله ويحب الله أن يرى الأموال تبذل لأجله

    وهذا عبد الله بن جحش في غزوة أحد رفع يده بدعاء. وتأمل في دعائه يقول:
    ((اللهم إنك تعلم أنه حضر ما أرى (أي من التقاء الجيشين) فأسألك ربي أن تبعث إلي
    رجلا كافرا صنديدا قويا يقتلني ويجدع أنفي وأذني ويضعها في خيط (زيادة في النكال والتمثيل)
    ثم آتيك ربي بدمي فتقول: فيما ذاك يا عبد الله؟
    فأقول: فيك يا رب ، فيك يا رب قد تمزق جسدي وسال دمي )) .
    أمنية يتمناها المسلم عند الله :
    (( من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه))

    7 – درس في الصحوة الإسلامية
    تأمل العلماء الربط بين إسراء النبي من مكة البيت الحرام إلى بيت المقدس
    فذكروا أن مكة هي رمز للإسلام لدين الله وبيت المقدس هو رمز لحال المسلمين
    فما يجري في تلك الأرض هي علامة صحوة المسلمين أو غفلتهم وجذوة الجهاد
    التي انطلقت من هناك دليل على أن أمر الغيرة ما زال في الأمة وأنه مازال فيها جيل
    وأن مازالت فيها الرغبة في أن تعود إلى الله أن تعود إلى زعامة محمد بن عبد الله
    وبيت الله لا يتحرر إلا على أيد متوضأة طاهرة كريمة .

    أما الأيدي التي يحمل أصحابها أفكارا منحرفة وعقائد فاسدة وعلمانية مثل هذه الأيدي
    لا يبارك الله فيها وحاشى لله أن يكتب لها النصر والتأييد مصداقا لقول النبي:
    ((لتقاتلن اليهود فيختبأ اليهودي وراء الحجر أو الشجر فيقول الحجر والشجر
    يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله))

    -----------------------

  6. #6
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    1 (8) فضيلة الشيخ الشعراوى ... والرد على المشككين في معجزة الإسراء والمعراج,,,

    فضيلة الشيخ الشعراوى ...
    والرد على المشككين في معجزة الإسراء والمعراج


    يعرف العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي المعجزة بأنها
    "أمر خارق للعادة الكونية يجريه الله على يد رسوله؛ ليكون دليلاً على صدقه".

    ويقول: ومن ذلك ما حدث لإبراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ حيث ألقاه قومه في النار،
    ومن خواص النار الإحراق، فهل كان المراد نجاة إبراهيم من النار؟
    لو كان القصد نجاته من النار ما كان الله مكنهم من الإمساك به،
    ولو أمسكوا فيمكن أن ينزل الله المطر فيطفئ النار.

    إذن: المسألة ليست نجاة إبراهيم،
    المسألة إثبات خرق النواميس لإبراهيم عليه السلام،
    فشاء الله أن تظل النار مشتعلة، وأن يمسكوا به ويرموه في النار،
    وتتوفر كل الأسباب لحرقه ـ عليه السلام.
    وهنا تتدخل عناية الله لتظهر المعجزة الخارقة للقوانين، فمن خواص النار الإحراق،
    وهي خلق من خلق الله، يأتمر بأمره، فأمر الله النار ألا تحرق، سلبها هذه الخاصية،
    فقال تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } ("69"سورة الأنبياء).

    الإسراء والمعراج وغزو الفضاء
    وربما يجد المشككون في الإسراء والمعراج ما يقرب هذه المعجزة لأفهامهم
    بما نشاهده الآن من تقدم علمي يقرب لنا المسافات، فقد تمكن الإنسان بسلطان العلم
    أن يغزو الفضاء، ويصعد إلى كواكب أخرى في أزمنة قياسية، فإذا كان في مقدور البشر
    الهبوط على سطح القمر، أتستبعدون الإسراء والمعراج، وهو فعل لله سبحانه؟!

    حادثة شق الصدر

    وكذلك من الأمور التي وقفت أمام المعترضين على الإسراء والمعراج
    حادثة شق الصدر التي حكاها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
    والمتأمل فيه يجده عملاً طبيعيًا لإعداد الرسول صلى الله عليه وسلم لما هو
    مقبل عليه من أجواء ومواقف جديدة تختلف في طبيعتها عن الطبيعة البشرية.

    كيف ونحن نفعل مثل هذا الإعداد حينما نسافر من بلد إلى آخر، فيقولون لك:
    البس ملابس كذا. وخذ حقنة كذا لتساير طبيعة هذا البلد، وتتأقلم معه،
    فما بالك ومحمد صلى الله عليه وسلم سيلتقي بالملائكة وبجبريل وهم ذوو طبيعة غير طبيعة البشر،
    وسيلتقي بإخوانه من الأنبياء، وهم في حال الموت، وسيكون قاب قوسين أو أدنى من ربه عز وجل؟

    إذن: لا غرابة في أن يحدث له تغيير ما في تكوينه صلى الله عليه وسلم
    ليستطيع مباشرة هذه المواقف. وإذا استقرأنا القرآن الكريم فسوف نجد فيه
    ما يدل على صدق رسول الله فيما أخبر به من لقائه بالأنبياء في هذه الرحلة،
    قال تعالى: { وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا .. } ("45" سورة الزخرف)

    والرسول صلى الله عليه وسلم إذا أمره ربه أمراً نفذه، فكيف السبيل إلى تنفيذ هذا الأمر:
    واسأل من سبقك من الرسل؟ ...... لا سبيل إلى تنفيذه إلا في لقاء مباشر ومواجهة،
    فإذا حدثنا بذلك رسول الله في رحلة الإسراء والمعراج ............ نقول له:
    صدقت، ولا يتسلل الشك إلا إلى قلوب ضعاف الإيمان واليقين.

    بين يقين المؤمن وتحكيم العقل
    فالفكرة في هذه القضية ـ الإسراء والمعراج ـ
    دائرة بين يقين المؤمن بصدق رسول الله، وبين تحكيم العقل،

    وهل استطاع عقلك أن يفهم كل قضايا الكون من حولك؟
    فما أكثر الأمور التي وقف فيها العقل ولم يفهم كنهها،
    ومع مرور الزمن وتقدم العلوم رآها تتكشف له تدريجياً،
    فما شاء الله أن يظهره لنا من قضايا الكون يسر لنا أسبابه
    باكتشاف أو اختراع، وربما بالمصادفة.

    وما العقل إلا وسيلة إدراك، كالعين والأذن، وله قوانين محددة لا يستطيع أن يتعداها،
    وإياك أن تظن أن عقلك يستطيع إدراك كل شيء، بل هو محكوم بقانون.

    ولتوضيح ذلك، نأخذ مثلاً العين، وهي وسيلة إدراك يحكمها قانون الرؤية،
    فإذا رأيت شخصاً مثلاً تراه واضح الملامح،
    فإذا ما ابتعد عنك تراه يصغر تدريجياً حتى يختفي عن نظرك،

    كذلك السمع تستطيع بأذنك أن تسمع صوتاً،
    فإذا ما ابتعد عنك قل سمعك له، حتى يتوقف إدراك الأذن فلا تسمع شيئاً.

    كذلك العقل كوسيلة إدراك له قانون، وليس الإدراك فيه مطلقاً.
    ومن هنا لما أراد العلماء التغلب على قانون العين وقانون الأذن
    حينما تضعف هذه الحاسة وتعجز عن أداء وظيفتها
    صنعوا للعين النظارة والميكروسكوب والمجهر،
    وهذه وسائل حديثة تمكن العين من رؤية ما لا تستطيع رؤيته.
    وكذلك صنعوا سماعة الأذن لتساعدها على السمع إذا ضعفت عن أداء وظيفتها.

    إذن: فكل وسيلة إدراك لها قانونها، وكذلك العقل،
    وإياك أن تظن أن عقلك يستطيع أن يدرس كل شيء،
    ولكن إذا حدثت بشيء فعقلك ينظر فيه، فإذا ثقته صادقاً فقد انتهت المسألة،
    وخذ ما حدثت به على أنه صدق.

    موقف أبي بكر من الإسراء والمعراج

    وهذا ما حدث مع الصديق أبي بكر رضي الله عنه حينما حدثوه عن صاحبه صلى الله عليه وسلم،
    وأنه أسرى به من مكة إلى بيت المقدس، فما كان منه إلا أن قال: "إن كان قال فقد صدق".

    فالحجة عنده إذن قول الرسول، ومادام الرسول قد قال ذلك فهو صادق،
    ولا مجال لعمل العقل في هذه القضية، ... ثم قال "كيف لا أصدقه في هذا الخبر،
    وأنا أصدقه في أكثر من هذا، ...... أصدقه في خبر الوحي يأتيه من السماء".

    فآية الإسراء ـ إذن ـ كانت آية أرضية، يمكن أن يقام عليها الدليل، ويمكن أن يفهم الناس عنها أن القانون
    قد خرق لمحمد في الإسراء، فإذا ما أتى المعراج وخرق له القانون فيما لا يعلم الناس كان أدعى لتصديقه.

    والمتأمل في هذه السورة يجدها تسمى سورة الإسراء، وتسمى سورة بني إسرائيل،
    وليس فيها عن الإسراء إلا الآية الأولى فقط، وأغلبها يتحدث عن بني إسرائيل،

    فما الحكمة من ذكر بني إسرائيل بعد الإسراء؟
    سبق أن قلنا: إن الحكمة من الكلام عن الإسراء بعد آخر النحل
    أن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كان في ضيق مما يمكرون،
    فأراد الحق سبحانه أن يخفف عنه ويسليه، فكان حادث الإسراء،
    ولما ألف بنو إسرائيل أن الرسول يبعث إلى قومه فحسب، كما رأوا موسى عليه السلام.

    فعندما يأتي محمد صلى الله عليه وسلم ويقول:
    أنا رسول للناس كافة سيعترض عليه هؤلاء وسيقولون:
    إن كنت رسولاً فعلاً وسلمنا بذلك، فأنت رسول للعرب دون غيرهم، ولا دخل لك ببني إسرائيل،

    فلنا رسالتنا وبيت المقدس علم لنا.
    لذلك أراد الحق سبحانه أن يلفت إسرائيل إلى عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم،
    ومن هنا جعل بيت المقدس قبلة للمسلمين في بداية الأمر،
    ثم أسرى برسوله صلى الله عليه وسلم إليه:
    ليدلل بذلك على أن بيت المقدس قد دخل في مقدسات الإسلام،
    وأصبح منذ هذا الحدث في حوزة المسلمين.
    ----------------------

  7. #7
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    [align=center]
    أللهم صلِّ وسلّم وبارك على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين
    بارك الله بكل يدٍ تُذكّر القراء بخير خلق الله أجمعين
    جزاك الله خيراً[/align]

  8. #8

    افتراضي

    بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز

  9. #9
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    افتراضي

    «وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ...... أمير الشعراء أحمد شوقى»

    = يأَيُّها المُسرى بِهِ شَرَفًـا إِلـــــــــى *** ما لا تَنالُ الشَمسُ وَالجَـوزاءُ
    = يَتَساءَلونَ وَأَنتَ أَطهَرُ هَيكَــــــــلٍ *** بِالروحِ أَم بِالهَيكَلِ الإِســـــراءُ

    = بِهِما سَمَوتَ مُطَهَّرَينِ كِلاهُمــــــا *** نورٌ وَرَيحانِيَّةٌ وَبَهــــــتــــــــاءُ
    = فَضلٌ عَلَيكَ لِذي الجَلالِ وَمِنَّـــــةٌ *** وَاللهُ يَفعَلُ ما يَرى وَيَشـــتــــاءُ

    = تَغشى الغُيوبَ مِنَ العَوالِمِ كُلَّمــــا *** طُوِيَت سَماءٌ قُلِّدَتكَ سَمـتـــــاءُ
    = في كُلِّ مِنطَقَةٍ حَواشي نورُهــــــا *** نونٌ وَأَنتَ النُقطَةُ الزَهـــتـراءُ

    = أَنتَ الجَمالُ بِها وَأَنتَ المُجتَلـــــى *** وَالكَفُّ وَالمِرآةُ وَالحَسنـــتــاءُ
    = اللهُ هَيَّأَ مِن حَظيرَةِ قُدسِـــــــــــــهِ *** نَزُلًا لِذاتِكَ لَم يَجُزهُ عَــــتــلاءُ

    = العَرشُ تَحتَكَ سُدَّةً وَقَوائِمًـــــــــــا *** وَمَناكِبُ الروحِ الأَمينِ وِطتاءُ
    = وَالرُسلُ دونَ العَرشِ لَم يُؤذَن لَهُمْ *** حاشا لِغَيرِكَ مَوعِدٌ وَلِقـــتـاءُ

    ______________

    إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً

  10. #10

    افتراضي

    بارك الله فيكم

  11. #11
    مشرف المجلس الاسلامي الصورة الرمزية الشريف احمد الجمازي
    تاريخ التسجيل
    18-06-2014
    الدولة
    كوم الاشراف
    العمر
    64
    المشاركات
    967

    افتراضي

    صلى الله عليه وسلم
    بارك بيك جزاكم الله خيرا
    إبن عمنا السيد الشريف حسن جبريل العباسي
    كل عام وانتم بخير بهذه المناسبة

  12. #12
    باحث في الانساب
    تاريخ التسجيل
    26-10-2011
    المشاركات
    2,884

    افتراضي

    ومافقد الماضون مثل محمد
    ومامثله حتى القيامة يفقد
    اللهم صل على محمد وآله وسلم تسليما كثيرا.

  13. #13
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    افتراضي

    تقبل الله منا ومنكم الطاعات والعمل الصالح، وكل عام وأنتم بخير

  14. #14
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    افتراضي

    إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً

  15. #15
    مشرف مجلس قبيلة نهد
    تاريخ التسجيل
    24-03-2018
    المشاركات
    411

    افتراضي

    [align=right]لا يجوز الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج وهي من البدع المنكرة في الدين.

    قال عليه الصلاة والسلام : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم.

    ولم يصح بحديث صحيح ام ليلة الإسراء كانت في رجب ولم يحدد لها شهرا[/align]

  16. #16
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    1 (8) تاريخ الاسراء والمعراج ,,,

    تاريخ الاسراء والمعراج


    اختلف كتّاب السِّيَر و المؤرخون
    في تحديد ليلة الإسراء والمعراج
    من ثلاثة جوانب على النحو الآتي:

    - الاختلاف في السنة التي حدثت فيها:
    حيث اختلف العلماء في السنة التي حدثت فيها
    معجزة الإسراء والمعراج على أقوال متعددة منها:
    1- القول الأول: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت قبل الهجرة بشهر.
    2- القول الثاني: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت قبل الهجرة بخمس سنوات.
    3- القول الثالث: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت قبل الهجرة بسنة، وهو أحسن إسناد الأقوال.

    4- وقيل إنها....
    وقعت قبل الهجرة بستة عشر شهرًا،
    وقيل قبل الهجرة بثلاث سنوات،
    وقيل قبلها بست سنوات،
    والذي استقر عليه أئمة النقل...
    أنها وقعت مرة واحدة بمكة المكرمة ....
    بعد البعثة النبوية وقبل الهجرة النبوية.
    ----------
    - الاختلاف في الشهر الذي حدثت فيه
    اختلف العلماء في الشهر الذي حدثت فيه
    معجزة الإسراء والمعراج على أقوالٍ منها:

    1- القول الأول: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت في شهر رجب.
    2- القول الثاني: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت في شهر ربيع الأول.
    3- القول الثالث: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت في شهر ذي القعدة.

    4- وقيل إنها....
    وقعت في شهر رمضان، وقيل في شوال،
    وأكدَّ بعض السلف منهم ابن الأثير والنووي - رحمهما الله-
    أنها وقعت في شهر ربيع الأول،
    وحدّدوا أنها وقعت في السابع والعشرين من ربيع الأول،

    وذكر ابن كثير - رحمه الله-
    أن الحافظ المقدسي قد أَوْرَدَ حديثًا قال فيه ....
    إنها وقعت في السابع والعشرين من رجب، وهو ضعيف.
    ----------
    - الاختلاف في اليوم الذي حدثت فيه
    اختلف كتّاب السير والمؤرخون في اليوم الذي حدثت فيه
    معجزة الإسراء والمعراج على أقوالٍ منها:

    1- القول الأول: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت في يوم الجمعة، أي في ليلة الجمعة لفضلها.
    2- القول الثاني: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت في يوم السبت.
    3- القول الثالث: إنَّ معجزة الإسراء والمعراج وقعت في يوم الاثنين.
    ----------
    وَرُدَّتِ الأقوالُ الثلاثة الأول...
    بأن السيدة خديجة -رضي الله عنها-
    توفِّيت في رمضان سنة عشر من النبوة،
    وكانت وفاتها قبل أن تفرض الصلوات الخمس،
    ولا خلاف أن فرض الصلوات الخمس كان ليلة الإسراء.

    أما الأقوال الثلاثة الباقية فلايوجد مايرجِّح به واحدًا منها،
    غير أن سياق سورة الإسراء يدل على أن الإسراء متأخر جدًّا".

    وقال أبو شامة:
    "وذكر بعض القصاص أن الإسراء كان في رجب،
    وذلك عند أهل التعديل والجرح عين الكذب" الباعث(١٧١)

    وقال ابن تيمية:
    "لم يقم دليل معلوم لا على شهرها، ولا على عشرها، ولا على عينها،
    بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يُقطع به،
    ولا شُرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا غيره"
    ابن القيم في الزاد(١/٥٧) نقلا عن بن تيمية

    وقال ابن كثير:
    كما أن كونها في ليلة السابع والعشرين من رجب ثبتت بخبر لم يصح سنده

    ومن المعلوم أن ليلة الإسراء والمعراج لم يعرف وقتها بالتحديد
    فتح الباري لابن حجر(٧/٢٠٧)
    ----------------------
    المراجع

    - "متى كان الإسراء والمعراج؟ رابط المادة: "،
    www.ar.islamway.net، 25-5-2014،
    - يحيى الزهراني، "الإسراء والمعراج"،
    www.saaid.net، اطّلع عليه بتاريخ 5-4-2019.
    - اختلف العلماء في حادثة الإسراء والمعراج متى كانت"،
    www.library.islamweb.net، 26-11-2002، .

    - "تاريخ وتوقيت رحلة الإسراء والمعراج"،
    أبو الخطاب بن دحية (1996)،
    - الإبتهاج في أحاديث المعراج (الطبعة 1)،
    القاهرة: مطبعة المدني، صفحة 6-7.

    - ابن سعد، الطبقات‌الکبری، ج 1، ص 200.
    - ابن سعد، الطبقات‌الکبری، ج 1، ص 199_200.

  17. #17
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهد بن زيد مشاهدة المشاركة
    [align=right]لا يجوز الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج وهي من البدع المنكرة في الدين.

    قال عليه الصلاة والسلام : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) رواه البخاري ومسلم.

    ولم يصح بحديث صحيح ام ليلة الإسراء كانت في رجب ولم يحدد لها شهرا[/align]
    أشكر لكم مروركم الكريم


    رحلة الإسراء والمعراج لم تكن حدثًا عاديًا؛ بل هى من المعجزات الإلهية المتكاملة؛
    أيد - الله سبحانة وتعالى - بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونصر بها دعوته،
    والخلاف في تحديد ليلة الإسراء والمعراج فلا يشغل بالنا، ولا يترتب عليه حكم فقهى؛
    أما مسألة كون الاحتفال من البدع؛ فلنلتفت لنعلم ونتعلم من الدروس المستفادة من القصة.
    -------------


  18. #18
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    افتراضي

    إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً

  19. #19
    نائب رئيس مجلس الادارة الصورة الرمزية حسن جبريل العباسي
    تاريخ التسجيل
    01-05-2010
    المشاركات
    8,466

    1 (8) سبع نقاط مهمة ردًا على المُشكِّكين في رحلة «الإسراء والمعراج» ,,,

    سبع نقاط مهمة
    ردًا على المُشكِّكين في رحلة «الإسراء والمعراج»

    دار الإفتاء المصرية


    ١- رحلة الإسراء والمعراج حَدَثت قطعًا؛ لأنَّ القرآن أخبرنا بذلك،
    ولا يجوز إنكارها بحال من الأحوال؛ فقال عزَّ وجلَّ:
    { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
    الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

    [الإسراء: ١ ]، والآية دالَّة على ثبوت الإسراء.

    ٢- أَمَّا ثبوت المعراج؛ فيدل عليه قوله تعالى:
    { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى *
    إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}

    [النجم: ١٣ - ١٨]، والمقصود بالرؤية في الآية الكريمة:
    رؤية سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لجبريل في المعراج.

    ٣- اتَّفق جمهور العلماء على أَنَّ الإسراء حَدَث بالروح والجسد؛
    لأنَّ القرآن صرَّح به؛ لقوله تعالى: (بِعَبْدِهِ ﴾ والعبد لا يطلق
    إلَّا على الروح والجسد، وجمهور العلماء من المحققين
    على أنَّ المعراج وقع بالجسد والروح يقظةً في ليلة واحدة.

    ٤- ما يراه البعض من أَنَّ المعراج كان بالروح فقط أو رؤيا منامية؛
    فإنَّ هذا الرأي لا يعوَّل عليه؛ لأنَّ الله عزَّ وجلَّ قادرٌ على أن يعرج
    بالنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم بجسده وروحه كما أسرى به بجسده
    وروحه، وتعجُّب العرب وقتها دليل على القيام بالرحلة روحًا وجسدًا؛
    فلو كانت رؤية منامية ما كانت تستحقُّ التعجُّب منهم.

    ٥- أَمَّا إنكار البعض لحدوث رحلة الإسراء والمعراج
    بسبب تعارضها مع القدرة البشرية، فالجواب:
    أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل إنَّه قام بهذه الرحلة بنفسه
    دون العناية الإلهية، بل الرحلة بأكملها بتوفيق الله وفضله وهو الذي
    أسرى بعبده، فلم يقل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم لقد سريت،

    وهذا الإعجاز الحاصل في الرحلة لا يتعارض مع قدرة الله عزَّ وجلَّ،
    فضلًا عن أنَّ غرابة وصف الرحلة منتفٍ وخاصة بمقاييسنا المعاصرة،
    بل حدثت أمور تشبه المعجزات كاختراع الفاكس منذ عقود طويلة
    والذي تمكَّن من نقل أوراق وصور إلى أي مكان في العالم،
    فضلًا عن ظهور الإنترنت والفضاء الإلكتروني منذ عدَّة سنوات.

    ٦- تعيين رحلة الإسراء والمعراج بالسابع والعشرين من شهر رجب
    قد حكاه كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وهو ما جرى عليه
    عمل المسلمين قديمًا وحديثًا، فضلًا عن أنَّ تتابع الأمَّة على الاحتفال بذكراها
    في السابع والعشرين من رجب يُعدُّ شاهدًا على رجحان هذا القول ودليلًا على قوته.

    ٧- نناشد بضرورة الابتعاد عن إثارة هذه الشبهات وإعادة إحيائها عند حلول هذه المناسبة،
    فهو جدل موسمي برغم استقرار منهج البحث العلمي والشرعي فيه، والأَولى والأجدر
    الاهتمام بما هو أنفع من هذا الجدل وهو استلهام العِبر والدروس المستفادة من المناسبة؛
    كالثِّقة بنصر الله، وحسن التسليم والتوكُّل عليه، والأخذ بالأسباب.
    -------------------------



  20. #20
    عضو منتسب
    تاريخ التسجيل
    26-02-2022
    العمر
    30
    المشاركات
    25

    افتراضي

    جزاك الله خير

  21. #21

    افتراضي

    تقبل الله منا ومنكم الطاعات والعمل الصالح

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الهجرة النبوية في فكر فضيلة الشيخ محمد الغزالي,,,
    بواسطة حسن جبريل العباسي في المنتدى الاسلام باقلامنا
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-12-2010, 04:16 AM
  2. الهجرة النبوية في فكر فضيلة الشيخ محمد الغزالي,,,
    بواسطة حسن جبريل العباسي في المنتدى الاسلام باقلامنا
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-12-2010, 03:21 AM
  3. جميع خطب ومؤلفات الشيخ محمد الغزالى السقا
    بواسطة محمد محمود فكرى الدراوى في المنتدى عجائب و طرائف الفيديو و الصوتيات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 20-04-2010, 01:30 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum