بنو مخزوم ...
هم من ثبت أنه زاحموا الهاشميين والأمويين زعامة قريش في الجاهلية ! واستمرت شهرتهم وريادتهم لقومهم قريش مساهمين مع بني هاشم وبني امية في إعلاء كلمة الحق وخدمة الاسلام في كل دروب الخدمة الجليلة للأمّة .
هنا يطيب لنا أن نشارك الكرام في بعض ما يفرض علينا الحق الذي لهم علينا .. وقد اخترنا للأحبة نبذة عن علمين لا يجهلهما مسلم وقد قدما للاسلام ما لا يجهله مسلم في شتى بقاع الارض .
ألأول : نقدم لكم ترجمة متواضعة مختصرة لسيرة حياته الحافلة بالأحداث الجسام التي مرت بالأمة في بدايات تثبيت دولة الاسلام وما قدمه من عمل أبقاه مخلداً في ذاكرة تاريخ الأمة .. وليبقى كذلك حتى قيام الساعة ! ألا وهم " سيف الله خالد بن الوليد " رضي الله عنه وأرضاه .. وبسم الله نبدأ :
اسمـــه ونسبـــه :
هو الصحابي الجليل خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي أبو سليمان القرشي المكي فارس الاسلام وسيف الله المسلول .
إسلامـــه
أتى خالد بن الوليد ومعه " عثمان بن طلحة وعمرو بن العاص " في اليوم الأول من صفر سنة ثماني للهجرة لإعلان الاسلام , ويقول خالد في ذلك : " فلما اطلعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه بالنبوة , فرد عليَّ السلام بوجه طلق , فأسلمت وشهدت شهادة الحق " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قد كنت أرى لك عقلاً ورجوت أن لا يسلمك إلا الى خير ) .. يقول خالد : وقلت : استغفر لي كل ما اوضعت فيه من صدٍّ عن سبيل الله ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الاسلام يجُب ما كان قبله ) .
خالد يوم مؤتة :
يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حق خالد يوم مؤتة وبعد استشهاد القادة الثلاث الذين عيّنهم وهو يصف المعركة لأهل المدينة : ( حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله ففتح الله عليه ) .
وفي مؤتة كان خالد جنديا عاديا وبعد سقوط القادة الثلاثة أخذ الراية " ثابت بن أقرم " وتوجه بها الى خالد بن الوليد وهو يقول : " خذ اللواء يا ابا سليمان " ويقول خالد في تواضع جم وهو الحديث عهد بالاسلام : " لا آخذ اللواء , أنت أحق به فلك سن وشهدت بدراً " فيجيبه ثابت : " خذه فأنت أدرى بالقتال مني والله ما أخذته إلا لك , ونادى بالمسلمين أترضون إمرة خالد؟ قالوا : نعم .
ولي خالد قيادة الجيش في ظروف لا يحسد عليها فضحايا المسلمين كثيرون وجيش الروم ظافر متقدم , وكان أحسن ما بالامكان أن يخرج خالد ببقية الجيش ويحميه من الفناء وهذا صعب المنال على أي قيادة ... لكنها قيادة خالد فاستلم زمام المبادرة وقام يدير المعركة بسرعة فائقة ويعطي الأوامر القتالية بذكاء ودهاء بالغين والمعركة تدور وهو الحريص من وراء ذلك كله على فتح ثغرة في صدر العدو ليخرج جيش المسلمين سالماً , واستطاع أن يحقق ذلك وأن ينجو بالجيش من موقع تقتيل وكارثة محققة استحق على أثرها الفوز بلقب سيف من سيوف الله .
خالد وفتح مكة :
كانت خطة الرسول صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة أن يدخلها من جهاتها الاربع بأربعة جيوش ليتم له فتحها سلماً وكان اختيار النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد بقيادة الجناح الأيمن لدخول مكة من جنوبها , ويدخل خالد مكة كقائد مسلم ظافر بعدما عرفته مكة قائدا للوثنية والشرك ... يدخلها شاكراً لأنعم الله تعالى عليه بأن جعله واحداً من الذين يدخلون الاسلام لمكة وأهلها لا من الذين يدخلهم الفتح الاسلام ويحملهم عليه .
خالد والمرتدون :
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه واجه الاسلام خطر الردة والمرتدين وكان لها ابو بكر الذي أعدّ لذلك جيشا كبيرا قسمه الى إحدى عشر مجموعة لكل مجموعة دورها ومهمتها , وسار خالد من موقع الى موقع يعانقه النصر في كل موقع يلقى عدوه فيه حتى لقي عدو الله مسيلمة الكذاب في المعركة الفاصلة في اليمامة ودارت بينهما معركة رهيبة بدا لخالد رجحان كفة العدو فيها فعمل على رفع روح المسؤولية وليتحمل كل حي من أحياء العرب كامل المسؤولية عن دورهم في هذا اللقاء فإما نصر وإما خذلان فقال لجنده وجيشه : " امتازوا لنرى اليوم بلاء كل حي " , فمضى المهاجرون تحت رايتهم وكذلك الانصار تحت رايتهم ومثلهم كل بني أب ليتضح الخلل ومصدره وليوقد في نفوس الجميع العزيمة والحماسة وكان يكثر في جنده من التكبير والتهليل ويتحول الضعف الى جيش مسيلمة ويدب فيهم القتل والانهزام حتى تنتهي أخطر معركة وفتنة يتعرض لها الاسلام والمسلمون ويقتل مسيلمة الكذاب وينتهي خطره وضرره .
خالد والفرس :
لعلم ابي بكر بشدة بطش الفرس وكثرتهم يوجه للقائهم خالد بن الوليد صاحب المهمات الصعبة فإذا به يوجه اليهم كتابا يدل على وضوح معاني الجهاد في سبيل الله في نفسه وضوحا لا جلاء بعده حيث قال لهم : " بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد الى مرازبة فارس ... سلام على من اتبع الهدى , أما بعد فالحمد لله الذي فض خدمكم وسلب ملككم ووهن كيدكم ... من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم له ما لنا وعليه ما علينا ... إذا جاءكم كتابي هذا فابعثوا إليّ بالرهن واعتقدوا مني الذمّة وإلا فوالذي لا اله إلا غيره لأبعثن اليكم قوما يحبون الموت كما تحبون الحياة " , ثم التقى بجموع فارس وانتصر عليها في كل من – الأبلّة والسدير والنجف ثم الحيرة فالأنبار فالكاظمية – وكانت تعليماته تسير مع الفاتحين يقول فيها : " لا تتعرضوا للفلاحين بسوء دعوهم في شغلهم آمنين إلا أن يخرج بعضهم لقتالكم فآنئذ قاتلوا المقاتلين " .
خالد والروم :
جنّد ابو بكر الصديق رضي الله عنه عدة جيوش لفتح الشام بقيادة ابي عبيدة عامر بن الجراح وعمرو بن العاص ويزيد بن ابي سفيان ثم معاوية بن ابي سفيان ... ولما جاءته الأخبار بعدد جيش الروم والذي بلغ مائتي الف مقاتل واربعين الفا قال : والله لأشفين وساوسهم بخالد , فوجهه الى الشام فوصل خالد وكان عند المسلمين أربعة وعشرين الفا كل جماعة يقودها أمير يقاتلون العدو متفرقين وجموع الروم تزحف في صفوف متلاحقة كالموج الغاضب فكان لا بد لحسن لقائهم والانتصار عليهم من خطة للقائد .. فكانت خطة خالد .
خطة خالد في اليرموك :
كانت خطة خالد في اليرموك تتمثل بمبدأ القيادة الجماعية , ولقد كان خالد بن الوليد عند حسن ظن الخليفة به فما ان وصل الى ارض الشام حتى يجتمع بأمراء الجند ويشير عليهم بقوله : " إن الذي أنتم عليه أشد على المسلمين مما قد غشيهم وأنفع للمشركين من إمدادهم هلموا فلنتعاور الإمارة فليكن عليها بعضنا اليوم والآخر غداً والآخر بعد غد حتى يتأمر كلكم ودعوني اليكم اليوم " , وتشاور القادة فوافقوه على رأيه وأمروه عليهم فكان يوم اليرموك من الأيام الحاسمة الخالدة في تاريخ الاسلام والمسلمين , فقام خالد بتجديد أساليب القتال إذ نظّم جيشه في ستة وثلاثين كردوساً بنظام مشابه لنظام القتال عند الروم ويتألف الكردوس من مقدّمة ومؤخّرة وميمنة وميسرة وقلب وعلى رأس كل منها قائد , وكل قسم من هذه الاقسام الرئيسة يضم مجموعات تحوي كل مجموعة ألف مقاتل تحت قيادة قائد من قادتهم وهو اسلوب يغاير اسلوب الكر والفر وكذلك اسلوب الصف الذي اعتاده العرب والمسلمون من قبل , ويرسم خالد خطة المعركة بتفاصيلها ومن الغريب والمدهش أن تدور المعركة على نسق التفاصيل التي أرادها خالد وخطط لها وكان خالد بن الوليد يخشى من أية محاولة للفرار أو الانهزام تكون من بعض الجنود لما لها من تأثير سلبي بالغ على معنويات الجيش كله وليضمن عدم حصول ذلك دعا نساء المسلمين وسلمهن السيوف وأمرهن بالوقوف وراء صفوف المسلمين من كل جانب وقال لهن : " من يولّي هارباً فاقتلنه : , فثبت الجميع حتى كان النصر .
يتبع الجزء الثاني بحول الله
ohg] fk hg,gd] rwm rhz] us;vd l/tv , vfhkd lcd]
مواقع النشر (المفضلة)