(1) // فضل العشر الأواخر وليلة القدر:
صحت الأحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أنه كان يجتهد في العشر
الأواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيرها.
(رواه أحمد ومسلم والترمذي عن عائشة: كما في صحيح الجامع الصغير -4910).
وقالت السيدة عائشة: كان إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله.
(رواه الستة إلا الترمذي عن عائشة، المصدر السابق -4713 وانظر: اللؤلؤ والمرجان -730).
.............
وشد المئزر كناية عن الاجتهاد في العبادة، .............
يُقال للمجتهد في أمر: شمر عن ساقيه، كما يكنى به عن اعتزال النساء.
والمراد بقولها: (أحيا ليله).............
(عبرت عن القيام بالإحياء، دلالة على أن الأوقات التي لا تغتنم في طاعة الله تعالى أوقات ميتة)،
أي أحياه كله بالقيام والتعبد والطاعة وقد كان قبل ذلك يقوم بعضه، وينام بعضه،
كما أمره الله سبحانه وتعالى في سورة (المزمل).
ومعنى (أيقظ أهله).............
أي زوجاته أمهات المؤمنين، ليشاركنه في اغتنام الخير والذكر والعبادة في هذه الأوقات المباركة.
وبهذا يعلمنا أن يتعهد المسلم أهله وأسرته بالتذكير بمواقع الخير، والأمر به،
كما قال تعالى: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها) (طه: 132).
.............
ومن دلائل حرصه صلى الله عليه وسلم على الاجتهاد في العشر الأواخر: اعتكافه فيها في المسجد،
متفرغًا لعبادة الله سبحانه وتعالى. وقد ذكرت السيدة عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف
العشر
الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين من بعده .
(متفق عليه اللؤلؤ والمرجان -728، 729، ورواه عنه كذلك ابن عمر، المصدر نفسه -727).
.............
والاعتكاف: عزلة مؤقتة عن شواغل الحياة، وإقبال بالكلية على الله تبارك وتعالى، والأنس بعبادته.
والإسلام لم يشرع الرهبانية، ولا التعبد بالعزلة الدائمة، ولكنه شرعها لفترات مؤقتة في أوقات معينة،
لترتوي القلوب الظامئة إلى المزيد من التعبد والتجرد لله رب العالمين.
(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
من كتاب "فقه الصيام" لفضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي.
مواقع النشر (المفضلة)