توطئة
لقبيلة نهد تاريخ عريق , ولها صولات في جزيرة العرب مع أخواتها من القبائل القضاعية العريقة , وآثرت أن أسرد لكم ما جاء في كتاب [
ما بين مكة وحضرموت ] للمقدم عاتق البلادي عن تلك القبيلة ؛ لا سيما أن قضاعة بمجملها كانت صولاتها في باديء أمرها في الجهات الحجازية , وللمقدم عاتق كتاب قيم عن الحجاز ( معجم الحجاز) ولهذا , فإنه قام بمراجعة الكثير من الكتب والتي استعان بها في تأليف كتابه , فجاء لنا بمعلومات وافية - إن شاء الله - ووضع لنا تصوره من خلالها .
ولهذا اختص بهذا الجزء عن قبيلة نهد , ولكي يضع تصور عنها قام بسرد تاريخ قضاعة بشكل مختصر لكي يعي كيفية وصول نهد واستقرارها اليوم في أماكنها المعروفة , وأحببت أن أنقل منه حسب ما جاء في الطبعة من صفحات , وما جاء فيها من هوامش , لكي يستطيع الباحث عن هذه القبيلة أن يستعين ولو بالشيء اليسير من المعلومات الواردة .
تقبلوا تحيتي
أخوكم أبو بدر ابن عمر
نهد
ألمحنا فيما مضى إلى أن نهداً هي القبيلة الرابعة التي تلتقي منازلها عند شرورى , وهي والصيعر يد واحدة على من سواهما ؛ فإذا كانت الكرب أخت الصيعر - كما قدمنا قول الأكوع - نسباً أو قرينتها لفظاً ؛ فإن نهداً حليفتها وصيحتها دون الكل .
فمن هي نهد هذه ؟ ما نسبها وأين كانت ديارها ؟؟ .
جميع مالدينا من قرائن , وكل ما يعتقده النسابون هو أن نهداً هذه هي نهد القضاعية , لا يشوب ذلك إلا ما ذكره العلامة الأكوع في حاشية الجزء الثاني من كتاب الإكليل [1]
وما ذكره الهمداني في " صفة جزيرة العرب " [2] , ولكن العلامتين اليمنيين جاءا بعد اختلاط القبائل , وتماوجها بعضها في بعض بسبب كثرة الحروب وكثرة الحروب تسبب الهجرة والتحالف والتداخل , وقد ساق لنا الهمداني أمثلة كثيرة , وهاهو يقول لك : آل فلان من آل علان وهم اليوم يتبكلون ( أي يدعون ) نسبهم في بكيل , وآل فلان يتمذحجون . إلخ
ولتعرف شيئاً عن نهد في الماضي وتشاركنا الاستنتاج , لا بد من معرفة شيء عن قضاعة القبيلة الأم , فنهد هذا ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن إلحاف بن قضاعة .
نسب قضاعة
اختلف في نسب قضاعة , فقائل يقول : هي من حمير , وآخر يقول : هي من معد من عدنان , وقال آخرون : تزوج معد أم قضاعة وهو في حجرها , فنشأ في بيت معد فعد من ولده وليس كذلك .
قال القلقشندي في " نهاية الأرب " [3] : هم بنو قضاعة بن مالك بن عمرو بن مرة بن زيد بن مالك بن حمير , هذا هو المشهور فيه , عليه جرى ابن الكلبي وابن اسحاق وغيرهما , وعلى هذا خرجه صاحب " سبائك الذهب " [4] , وذهب بعض النسابين إلى أن قضاعة من العدنانية , ويقولون : هو قضاعة بن معد بن عدنان , قال ابن عبدالبر : وعليه الأكثر [5] .
وما يجدي في الموضوع هو ما نقله أبو عبيد البكري في مقدمة معجمه ( معجم ما استعجم ) عن ابن الكلبي , و أورد لمعاً منه ياقوت في مواضع , وإني لمختصر لك منه ما لا يمل بإطالته , ولا يخل بقصره , وفيه ترى تقلب القبائل في تلك العهود , وكيف تتنافر و تتآلف وفقاً لمصالحها وأمنها , وأنها صورة لا تختلف عن صورة الدول اليوم , في مشاكلها وخصوماتها وتحالفها وتفككها .
قال [6] : فاقتسمت ولد معد بن عدنان هذه الأرض [7] على سبعة أقسام : فصار لعمرو بن معد بن عدنان , وهو قضاعة , لمساكنهم ومراعي أنعامهم : جُدَّة , من شاطيء البحر وما دونها إلى ذات عرق إلى حيز الحرم , وبجدة ولد جدة بن جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة , وبها سمي .
وكان لجنادة بن معَدّ : الغَمْر غمر ذي كندة وما صاقبها , وبها كانت كندة في دهرها الأول , ومن هنا احتج القائلون في كندة ما قالوا [8] , فنزل أولاد جنادة هنالك , وهو أشرس : أبو السكون والسكاسك ابن أشرس بن ثور بن جنادة , وكندة بن ثور بن جنادة .. إلخ .
وصار لمضر بن نزار : حيز الحرم إلى السروات , وصار لربيعة بن نزار , : مهبط الجبل من غمر ذي كندة , وبطن ذات عرق وما صاقبها من بلاد نجد , إلى غور تهامة .
وصار لإياد وأنمار[9] ابني نزار : مابين حد أرض مضر , إلى نجران وما والاها [10] .
وصار لقنص بن معد وسنام بن معد , وسائر ولد معد : أرض مكة ومعهم بقايا جرهم .
ثم وقعت الحرب بين بني معد , وأول حرب وقعت بينهم : أن حزيمة بن نهد بن زيد , كان يتعشق فاطمة بن يذكر بن عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد [11] , وكان اجتماعهم - أي بنو معد - في محلة واحدة , وتفرقهم النُّجَع
فيظعنون , فقال حَزِيمة :
إذا الجوزاء أردفت الثريا .. ظننت بآل فاطمة الظنونا
ظننت بها وظن المرء حُوب .. وإن أوفى وإن سكن الحجونا
أرى ابنة يذكرٍ ظعنت فحلت .. جنوب الحزن يا شطحاً مبينا [12]
فبلغ شعره ربيعة , فرصدوه , حتى أخذوه وفضربوه , ثم التقى حَزِيمة ويذكر , وهما ينتحيان القَرَظ , فوثب حزيمة على يذكر فقتله , وفيه تقول العرب : ( حتى يؤب قارظ عنزة ) فسُئل حزيمة عن يذكر , فقال فارقني , فلست أدري أين سلك , فاتهمته ربيعة , ولم يتحقق أمره فيؤخذ به , حتى قال حزيمة :
فتاة كأن رضاب العصير .. بفيها يعل به الزنجبيل
قتلت أباها على حبها .. فتبخل إن بخلت أو تنيل
فاجتمعت نزار بن معد على قضاعة , وأعانتهم كندة , واجتمعت قضاعة , وأعانتهم عك [13] والأشعرون ( الأشعريون ) , فاقتتل الفريقان , فقُهرت قضاعة , وأجلوا عن منازلهم , وظعنوا منجدين فسارت تيم اللات بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة , وفرقة من
بني رفيدة بن ثور بن كلب بن وَبَرَة , وفرقة من الأشعريين نحو البحرين [14] حتى وردوا هجر [15] وبها يومئذ قوم من النبط فاجلوهم , فقال مالك بن زهير :
نزعنا عن تهامة أي حيًّ .. فلم تحفل بذاك بنو نزار
ولم أك من أناسكم ولكن .. شرينا دار آنسة ٍ بدار
فلما نزلوا بهجر تنخوا فسموا تنوخاً [16] .
ولحق بهم قوم من الأزد , فصاروا في تنوخ .
وخرجت فرقة من بني حلوان بن عمران , يقال لهم بنو تزيد بن حلوان عمران بن الحاف بن قضاعة , فنزلوا عبقر من أرض الجزيرة [17] .
وسارت سليم بن عمرو بن الحاف يقودها الحِدرِجان بن سَلَمة , حتى نزلوا ناحية فلسطين , على بني أُذينة بن السَّميدع , من عاملة .
وسارت أسلم بن ألحاف : ( عذرة , ونهد , وحوتكة , وجهينة , والحارث بن سعد ) , حتى نزلوا من الحجر إلى وادي القرى [18] .
ونزلت تنوخ بالبحرين سنتين , ثم ارتحلوا حتى نزلوا الحيرة , فهم أول من اختطها , فأقاموا بها زماناً , ثم أغار عليهم سابو الأكبر (سابور الجنود) فقاتلوهم , كان شعارهم يومئذ : ( يالعباد الله ) فسموا العباد , وهزمهم سابور فسار معظمهم إلى الحَضْر من الجزيرة [19] , يقودهم الضَّيْزن بن معاوية التنوخي .
وأغارت حمير على بقية قضاعة , فخيّروهم بين أن يقيموا على خراج يدفعونه إليهم أو يخرجوا , فخرجوا , وهم : كلب , وجرم , والعلاف وعلاف : لقب رَبّان , .. فلحقوا بالشام .
وقال ابن شبّة : ثم ظعنت قضاعة من غور تهامة بعدما كان من حرب بني نزار لهم , ساروا منجدين ؛ فمالت كلب بن وَبَرَة بن تغلب بن حلوان بن عمران ..
.. بن الحاف بن قضاعة إلى حضن والسي وما صاقبه , غير شُكم اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب , فإنهم انضموا إلى فَهم بن تيم اللات بن أسد بن وبرة , وصاروا معهم , ولحقت بهم عصيمة بن الّلبو بن أمر مناة بن فتيئة بن النمر بن وبرة فانضمت إليهم , ولحقت بهم قبائل جرم ابن رَبّان ؛ فثبتوا معهم بحضن , فأقاموا هناك وانتشرت قبائل قضاعة في البلاد [20] , ثم افترقت قضاعة فرقاً أربعاً :
فسارت قبائل من سَليم وأخرى من بقية قضاعة , إلى أطراف الشام , فانضمت إلى ظرب بن حسان بن أُذينة بن السميدع بن هَوْ العمليقي [21] , وكان ملك بالشام , فأنزلهم مناظر الشام من البلقاء إلى حُوَّارين , ثم صار مع الزباء بنت عمرو بن ظرب المذكور , فلما قتلها عمرو بن عدي بن نصر اللخمي [22] , استولوا على المُلك بعدها , فلم يزالوا ملوكاً على تدمر وما والاها حتى غلبتهم غسَّان .
ثم سار عمرو بن مالك التزيدي في تزيد وعـِشْم ابني حلوان بن عمران , وجماعة من عـِلاف , وهو رَبَّان بن حلوان , وهم عوف وجرم ابن ربان إلى أطراف الجزيرة .
وسارت بلي وبهراء وخولان , بنو عمرو بن الحاف بن قضاعة , ومَهرة بن حيدان ومن لحق بهم إلى بلاد اليمن , فوغلوا فيها , حتى نزلوا مأرب : أرض سبأ , بعد افتراق الأزد منها , ثم اقتتل القوم بسبب عبد لاراسة بن عامر , من بلي , قتله زيد اللات بن عامر , فتقرقوا .
فتقول قضاعة : إن خولان أقامت باليمن , فنزلوا مخلاف خولان , وإن مهرة أقامت هناك , وصارت منازلهم الشِّحْر , وإنه مهرة بن حيدان بن عمران بن الحاف , وإنه خولان بن عمرو بن الحاف , ويأبى نُسَّاب اليمن ذلك [23] فيقولون : هو خولان بن عمرو بن مالك بن مرة بن أدد بن
زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ , ولحق عامر بن زيد اللات بن عامر بن عبيلة بسعد العشيرة , فبنو زيد اللات فيهم فيقولون : زيد اللات بن سعد العشيرة , قال المثلَّم بن قُرط البلوي :
ألم تر أن الحي كانوا بغبطة .. بمأرب إذ كانوا يحلونها معاً
بلي وبهراء وخولان أخوة .. لعمرو بن حاف فرع من قد تفرعا
أقام بها خولان بعد ابن امه .. فأثرى لعمري في البلاد وأوسعا
فلم أرى حياً من معد عمارةً .. أجل بدار العز منا وأمنعا [24]
وانصرفت جماعة من تلك القبائل راجعين إلى بلادهم من تهامة والحجاز فقدموها , وتفرقوا فيها , فنزل ضبيعة بن حَرَام بن جُعل بن عمرو بن جشم - إلى بلي - بين أمج وغران [25] فطرقهم السيل وهم نيام , فذهب بضبيعة بن حرام وإبله , فقالت نائحته : ( سال الواديان , أَمَج و غران [25] , فذهبت بضبيعة بن حرام وإبله الدجحان ) , فتحول ولد ضبيعة إلى المدينة , وهم سلمة بن حارثة , و واثلة بن حارثة والعجلان بن حارثة , بنو ضبيعة المتقدم , فحالفوا الأنصار , فاستوبأوا المدينة فتحولوا إلى : الجندل , والسقيا [26] , والرحبة .
ونزل بنو أُنيف بن جشم , من عَبيلة قباء , ونزلت أحياء كثيرة أخرى المدينة , فدخلوا في الأنصار , وأقام بمعدن سليم فَرّان بن بلي , في طائفة من بلي وهم بنو الأخشم بن عوف بن حبيب بن عصية بن خفاف - من سليم - وهم الذين يقال لهم : القيون , ويزعمون أن أصلهم من بَلّي , مع أناس وجدوهم هناك من العاربة الأولى , من بني فاران بن عمليق .
ونزلت قبائل من بلي أرضاً يقال لها شغب وبَدَ , وهي فيما بين تيماء والمدينة [27] , فلم يزالوا بها حتى وقعت الحرب بين بني حِشنة بن عُكارمة بن عوف بن جشم بن ودم بن هميم - إلى بلي - وبين الرَّبَعة بن معتم بن ودم - هكذا قال ابن شَبَّة - وإنما الرَّبعة ولد سعد بن هيم بن ذهل بن هني بن بلي فقتلوا نفراً من الربعة , ثم لحقوا بتيماء , فأبت اليهود أن يدخلوهم حصنهم وهم على غير دينهم فتهودوا ؛ فادخلوا , فكانوا معهم زماناً , ثم خرج منهم نفر إلى المدينة , فأظهر الله الإسلام وبقية من أولادهم بها .
ولحق أخوة عامر بن زيد بمذحج - في اليمن - فانتسبوا في سعد العشيرة , فقال : هو زيد اللات بن سعد العشيرة .
ولحق الديل وعوف وأشرس , بنو زيد ابن عامر بن عَبيلة , في بني تغلب , فقالوا : نحنو بن زيد اللات بن عمرو بن غنم بن تغلب .
وكان أول من طلع من قضاعة إلى ارض نجد فأصحر في صحرائها : جهينة , ونهد , وسعد هذيم , بنو زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة فمر بهم راكب , فقال لهم : من أنتم ؟ فقالوا : بنو الصحراء ؛ فقالت العرب : هؤلاء صُحار , اسم مشتق من الصحراء [28] .
وقال زهير بن جناب الكلبي :
فما إبلي بمقتدر عليها .. ولا حلمي الأصيل بمستعار
ستمنعها الفوارس من بلي .. وتمنعها الفوارس من صحار
ويمنعها بني القين بن جَسر .. إذا أوقدت للحدثان ناري
ويمنعها بنو نهد وجرم .. إذا طال التجاول والغِوار
وقال حاجر الأزدي : في حرب كانت بين الأزد ومذحج وأحلافها , وهو يعني نهد بن زيد , وقد ضم إليهم جرم بن رَبّان بن حلوان , وكانت نهد وجرم حلفاء , وكانت جرم قد أصحرت فأقامت بنجد [29] :
فجاءت خثعم وبنو زبيد .. ومذحج كلها وابنا صُحار
فلم نشعر بهم حتى أناخوا .. كأنهم ربيعة في الجمار
وكان نهد كثير الولد , وقد عمَّر طويلاً , وله من الولد أربعة عشر ذكراً : مالك , وحزيمة , وعمرو وهو الذي يقال له كبد بني نهد , وزيد , ومعاوية , وصباح , وكعب , وحنظلة , وعائر , وعائذة , وجشم , وشبابة , وأبان , وعائذة .
ورحلت جهينة بن زيد بن ليث بن أسلم بن الحاف , إلى جبالهم وحلوا بها [30] , وتلاحقت قبائلهم وفصائلهم فصارت نحو من عشرين بطناً .
ثم ظعنت - بعد جهينة - سعد هذيم ونهد ، ابنا زيد بن ليث بن اسلم بن الحاف , فنزلوا وادي القرى والحجر والجناب , وما والاهن من البلاد , ولحقت بهم حوتكة بن سود بن أسلم وفصائل من قدامة بن جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة , وبنو ملكان بن جرم , غير شُكْم بن عدي بن غَنْم بن مَلَكان بن جرم ، فنزلت هذه القبائل تلك البلاد , فلم يزالوا بها حتى كثروا وانتشروا فوقعت بينهم حرب , فأخرجوا نهداً وحوتكة وبطوناً من جرم , ونفوهم , كان رئيس سعد بن زيد - وفيها العدد والقوة - رزاح بن ربيعة بن حرام بن ضنة بن عبد بن كبير عُذرة بن سعد بن زيد , وهو أخو قصي بن كلاب لأمه [31]
وسارت قبائل نهد وجرم إلى بلاد اليمن : مالك ,
وحزيمة , وصباح , وزيد , ومعاوية , وكعب , وأبو سود [32] ؛ فجاوروا مذحج في منازلهم من نجران , ونزلوا منها أرضاً تلي السراة , يقال لها (أُدَيم) وغلبوا على بعض البلاد , فناكرتهم طوائف من مذحج وطمعوا فيهم , فقال عبدالله بن هثم النهدي :
لأخرجن صُريماً من مساكنها .. والمرَّتين وهمّام بن سيّار
لم أدر ما يمن وأرض ذي يمن .. حتى نزلت أديماً أفسح الدار
وقال عمرو بن معدي كرب الزبيدي :
لقد كان الحواضر ماء قومي .. فأصبحت الحواضر ماء نهد
وهذا يدلنا على أن نهداً كثرت هناك وقويت حتى صارت تنازع قبائل كباراً من مذحج كزبيد , وكانت مذحج تغطي مساحة هائلة من اليمن , فنهد حينئذ قبيلة مُهابة صائلة جائلة .
ثم لحقت نهد بن زيد ببني الحارث بن كعب ؛ فحالفوهم , ولحقت جرم ابن رَبَّان ببني زُبيد ؛ فحالفوهم , فتحاربوا بنو الحارث وبنو زبيد - كلاهما من مذحج - فالتقوا وعلى بني الحارث عبدالله بن عبدالمدان , وعلى زبيد عمرو بن معديكرب [33] .
وهذا بيت القصيد , وهو ما أطلنا من أجله , أي أن نهداً قام الإسلام وهي بديار بني الحارث بن كعب شرق نجران وحبونن , ولا تبعد ديارها اليوم عن تلك الديار ( في حدود 300كيل ) إذا اعتبرنا الزمن وما حدث في اليمن من حروب , خاصة تلك التي شنها الهادي على بني الحارث , وتفرقها وشتات أمرها , فكان لابد لقبيلة تريد التماسك ولا بد من إزاحتها أن تندفع إلى أضعف البلاد , فكانت صيهد القفر فلاة لا منازع عليها , ومنها يمكن التمدد حسب الظروف
فكان تمدد نهد بعد ذلك إلى أطراف حضرموت ؛ حيث المياه والظل , ونجد شذرات لا يحتج بها تذكر أن مرة في نهد , فربما هي مرة يام اليومالتي تتصل بنهد جنوباً , وديار بني الحارث شمالاً وتنساح في نجد .
ومن كل ما تقدم ترى أن نهداً مازالت تقذف بها النوى حتى انقسمت إلى نهد الشام , ونهد اليمن , وذكر الهمداني [34] أن نهداً كانت بنجد - نجد اليمن - بعد أن اصطلحت قبائل خولان [35] , وكأنها كانت جيرة لجنب وزبيد وحليفة لهم على عنز بن وائل .
ونجده - الهمداني - يحدد ديارهم [36] في عهده فيذكر مواضع كثيرة تقع كلها بين حبونن وتثليث , فقال : قبائل نهد , معرّف , وحرام وهي أكثر نهد , وبنو زهير , وبنو دويد , وبنو حزيمة , ومرمَّص وبنو صخر , وبنو ضنة , وضنّة من عذرة , وبنو يربوع , وبنو قيس , وبنو ظبيان , ولبعض هذه الأسماء ذكر اليوم في بقايا مذحج , ولكن الأسماء مشتركة بين الناس .
وفي مكان آخر يقول الهمداني [36] : ثم بلد نهد من جُرش إلى كتنة : الهُجيرة , والهجيرة يتردد ذكرها بأنها كانت قرية نهد وقاعدتهم , وكانت المحطة الأولى قبل تثليث مما يلي اليمن , في شرقي جرش .
فروع نهد
تنقسم قبيلة نهد اليوم إلى ثلاثة فروع رئيسية , هي [37] :
1- بنو كليب معرف : وتنقسم إلى :
أ- العجاج - بالتخفيف - أو آل عجاج .
ب - آل ثابت .
ج - آل بدر , ومن فروعهم : آل بشير , وآل محمد , والعواهمة ,وآل حُزيم , وآل حدجان .
د - آل مقيزح .
و - آل منيف .
ز - آل صَرِيمان .
ح - آل بشر .
ط - آل البُقْري .
ي - آل آل مذعذع .
ك - آل حويل .
ل - آل كوير , بالتصغير ؛ ومنهم بيت تجارة معروف في مكة .
م - آل نهيد .
ن - آل عَبْري .
س - الشراشرة .
ع - آل مهنى .
ف - آل طاهر .
ص - آل صايل .
ق - آل كليب , فرع أصغر .
ر - آل جذنان .
ش - آل عزّون .
ت - آل شرمان .
ث - آل كرشين .
خ - الضلفان , واحدهم ضُلَيف , بالتصغير .
فهذه أربعة وعشرون بطناً نسبها راويتنا إلى كليب رأساً , والظاهر أن بعضها أفخاذ وخوامس من بطون رئيسية أكبر منها , وعدم الترتيب وحسن التفريع لا يلام عليه مثل هؤلاء , وإن كان - في الواقع - تحبذ العناية به .
2- بنو يزيد : الفرع الثاني من نهد , ومن بطونه :
أ - المقاصفة : واحدهم مقصّف , بتشديد الصاد ,
ب - آل ذياب .
ج - آل مقدّع .
د - آل العَوْد .
هـ - آل جبل .
و - بنو شبيب .
ز - الحمضان .
ح - آل الزروع .
ط - البهوع .
ي - الرماة .
ك - آل فهيد
.
3- اليُميني : تصغير يمني , الفرع الثالث والأخير من فروع نهد اليمن في يومنا هذا , ومن بطونه :
أ - آل عتنان .
ب - آل قحّام .
ج - آل غانم .
د - الغشمان .
هـ - آل وريدان .
و - آل الرام .
ز - آل خويران
انتهت فروع بني نهد كما رواها لنا الشيخ سالم , وقد تقدم القول بأنهم حلف للصيعر دون غيرهم من القبائل المجاورة , وقال سالم : تمتد ديار نهد من شرورى شمالاً إلى وادي حضرموت جنوباً , مارة قرب ( العَبَر) و ( زمخ ) ولها أودية زراعية تفيض من جبال حضرموت باتجاه الشمال , فتصب في تلك الصياهد والرمال , كرملة السبعتين , وغيرها .
انتهى ذكر المؤلف عن [ نهد وقضاعة ]
مواقع النشر (المفضلة)