النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: مكافحة النعمان عن العرب في مجلس كسري

هذه المناظرة جرت بسبب احتقار كسري الفارسي المجوسي للعرب في مجلسة قبل الاسلام ايام عزه في ملك آبائه ، فاثنا على الامم كلها الا العرب احتقرها وكان النعمان ملك الحيرة

  1. #1
    كاتب في النسابون العرب الصورة الرمزية لطفي صلاح لطفي
    تاريخ التسجيل
    13-06-2016
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    196

    افتراضي مكافحة النعمان عن العرب في مجلس كسري

    هذه المناظرة جرت بسبب احتقار كسري الفارسي المجوسي للعرب في مجلسة قبل الاسلام ايام عزه في ملك آبائه ، فاثنا على الامم كلها الا العرب احتقرها وكان النعمان ملك الحيرة والعرب جالس ويسمع فكافح عن العرب في عزة وآباء فقد روى بن القطامي عن الكلبي قال: قدم النعمان بن المنذر على كسرى وعندخ وفود الروم والهند والصين فذكروا من ملوكهم وبلادهم: فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جمع الأمم لا يستثنى فارس ولا غيرها: فقال كسرى وأخذته عزة الملك يا نعمان لقد فكرت في أمر العرب وغيرهم من الأم ونظرت في حالة من يقدم عليّ من وفود الأمم، فوجدت للروم حظاً في اجتماع ألفتها وعظم سلطانها وكثرة مدائنها ووثيق بنيانها وإن لها دينا يبين خلالها وحرامها ويرد سفيهها ويقيم جاهلها ورأيت الهند نحوا من ذلك في حكمتها وطبها وكثرة أنهار بلادها وثمارها وعجيب صناعتها وطيب أشجارها ودقيق حسابها وكثرة عددها و وكذلك الصين في اجتماعها وكثرة صناعات أيديها وفروسيتها وهمتها في آلة الحرب وصناعة الحديد وإن لها ملكاً يجمعها، والترك والخزر على ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون وما هو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس لهم ملوك تضم قواصيهم وتدبر أمرهم، ولم أر للعرب شيئاً من خصال الخير في أمر ودين ولا دنيا لا حزم ولا قوة: ومع أن مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها محلتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة والطير الحائرة يقتلون أولادهم من الفاقة ويأكل بعضهم بعضاً من الحاجة قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ومشربها ولهوها ولذاتها، فأفضل طعام ظفر به ناعمهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها، وإن قوى أحدهم ضيفاً عدها مكرمة وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك إشعارهم وتفتخر بذلك رجالهم (ما خلا هذه التنوخية التي أسس جدي اجتماعها وشد مملكتها ومنعها من عدوها فجرى لها ذلك إلى يومنا هذا وإن لها مع ذلك آثاراً ولبوساً وقرى وحصوناً وأموراً تشبه بعض أمور الناس يعني اليمن) ثم لا أراكم تستكبنون على ما بكم من الذلة والقلة والفاقة والبؤس حتى تفتخروا وتريدوا أن تنزلوا فوق مراتب الناس، قال النعمان أصلح الله الملك: حق لأمة الملك منها أن يسمو فضلها ويعظم خطبها وتعلوا درجتها إلا أن عندي جواباً في كل ما ينطق به الملك في غير رد عليه ولا تكذيب له فإن أمنني من غضبه نطقت به: قال كسرى: قل فأنت آمن: قال النعمان: أما أمتك أيها الملك فليست تنازع في الفضل لموضعها الذي هي به من عقولها وأحلامها وبسطة محلها وبحبوحة عزها وما أكرمه الله به من ولاية آبائك وولايتك وأما الأمم التي ذكرت فأي أمة تقرنها بالعرب إلا فضلتها:قال كسرى بماذا: قال النعمان بعزها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها وسخائها وحكمة ألسنتها وشدة عقولها وأنفتها ووفائها.
    فأما عزها ومنعتها فإنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دخلوا البلاد ووطدوا الملك وقادوا الجند لم يطمع فيهم طامع ولم ينلهم نائل حصونهم ظهور خيلهم ومهادهم الأرض وسقوفهم السماء وجنتهم السيوف وعدتهم الصبر، إذا غيرها من لأمم إنما عزها الحجارة والطين وجزائر البحور.
    وأما أحسن وجوهها وألوانها فقد يعرف فضلهم في ذلك على غيرهم من الهند المنحرفة والصين المنحفة والتك المشوهة والروم المقسرة.
    وأما أنسابها وأحسابها فليست أمة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيراً من أولها حتى أن أحدهم ليسأل عمن وراء أبيه دنيا فلا ينسبه ولا يعرفه، وليس أحد من العرب إلا ويسمى آباءه أبا فأبا حاطوا بذلك أحسابهم وحفظوا به أنسابهم فلا يدخل رجل في غير قومه ولا ينتسب إلى غير نسبه ولا يدعي إلى غير أبيه.
    وأما سخاؤها فإن أذناهم رجلا الذي تكون عند البكرة والنا عليها بلاغة في حموله وشبعه وريه فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة ويجتري بالشربة فيعقرها وله ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحدوثة وطيب الذكر.
    وأما حكمة ألسنتهم فإن الله تعالى أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم وحسنة وزنه وقوافيه مع معرفتهم بالأشياء وضربهم للأمثال وإبلاغهم في الصفات وما ليس لشيء من ألسنة الأجناس، ثم خيلهم أفضل الخيل ونساؤهم أعف النساء ولباسهم أفضل اللباس ومعدنهم الذهب والفضة وحجارة جبالهم الجزع ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قفرٌ.
    وأما دينها وشريعتها لأنهم متمسكون به حتى يبلغ أحدهم من نسكه بدينه أن لهم أشهراً حرماً وبلجاً محرماً وبيتاً محجوجاً ينسكون فيه مناسكهم ويذبحون فيه ذبائحهم فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه وه قادر على أخذ ثأره وإدراك رغمه منه فيحجزه كرمه ويمنعه دينه عن تناوله بالأذى.
    وأما وفاؤها فإن أحدهم يلحظ اللحظة ويومئ الإيماء فهي ولت (أي عهد) وعقدة ولا يحلها إلا خروج نفسه وإن أحدهم يرفع عوداً من الأرض فيكون رهناً بدينه فلا يغلق رهنه ولا تحفز ذمته وإن أحدهم ليبلغه أن رجلاً استجار به وعسى أن يكون نائياً عن داره فيصاب فلا يرضى حتى يفنى تلك القبيلة التي أصابته أو تفنى لما أحفز من جواره وأنه ليلجأ إليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة فتكون أنفسهم دون نفسه وأموالهم دون ماله.
    وأما قولك أيها الملك يئدون أولادهم فإنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفة من العار وغيرة من الأزواج.
    وأما قولك إن أفضل طعامهم لحوم الإبل على ما وصفت منها فما تركوا ما دونها إلا احتقاراً ل فعمدوا إلى أجلها وأفضلها فكانت مراكبهم وطعامهم مع أنها أكثر البهائم شحوماً وأطيبها لحوماً وأرقها ألباناً وأقلعها غائلة وأحلاها ومضغة وإنه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها إلا استبان فضلها عليه.
    وأما تجاربهم وأكل بعضهم بعضاً وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم فإنما يفعل ذلك من يفعله من الأمم إذا أنست من نفسها ضعفاً وتخوفت نهوض عدوها بالزحف وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم فيقولون إليهم أمورهم وينقادون لهم بأزمتهم.
    وأما العرب فإن ذلك كثير فيهم حتى لقد حاولوا ن يكونوا ملوكاً أجمعين مع آنفتهم من أداء الخراج والوطث (أي الضرب الشديد بالرجل على الأرض) بالعسف.
    وأما اليمن التي وصفها الملك فإنما أتى جد الملك إليها الذي أتاه عند غلبة الجيش له على ملك وأمرٍ مجتمع فأتاه مسلوباً طريداً مستصرخاً ولولا ما وتر به من يليه العرب لمال إلىة مجال واحد من يجيد الطعان ويغضب الأحرار من غلبة العبيد الأشرار.
    قال فعجب كسرى لما أجابه النعمان به وال إنك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك ثم كساه من كسوته وسرحه إلى موضعه من الحيرة.
    فلما قدم النعمان الحيرة وفي نفسه ما فيها مما سمع كسرى من تنقص العرب وتهجين أمرهم بعث إلى أكثم بن صفي حاجب بن زرارة التيميين وإلى الحارث بن ظالم وقيس بن مسعود البكريين وإلى خالد بن جعفر وعلقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل العامريين وإلى عمرو بن الشريد لسليمي وعمرو بن معد يكرب الزبيدي والحارث بن ظالم المري فلما قدموا عليه في الخورنق قال لهم قد عرفتم هذه الأعاجم وقرب جوار العرب منها وقد سمعت من كسرى مقالات تخوفت أن يكون لها غوار أو يكون إنما أظهرها لأمر أراد أن يتخذ العرب خولاً كبعض طماطمته في تأديتهم الخراج إليه كما يفعل بملوك الأمم الذي حوله فاقتص عليهم مقالات كسرى وما رد عليه: فقالوا أيها الملك وفقك الله ما أحسن ما رددت وأبلغ ما حججته به فمرنا بأمرك وادعنا إلى ما شئت.
    قال إنما أنا رجل منكم وإنما ملكت وعززت بمكانكم وما يتخوف ومن ناحيتكم ولاليس شيء أحب إليّ مما سدد الله أمركم وأصلح به شأنكم وأدام به عزكم والرأي أن تسيرزا بجماعتكم أيها الرهط وتنطلقوا إلى كسرى، فإذا دخلتم نطق كل رجل منكم بما حضره ليعلم أن العرب تعلى غير ما ظن أو حدثته نفسه ولا ينطق رجل منكم بما يغضبه فإنه ملك عظيم السلطان كثير الأعوان مترف معجب بنفسه لا تنخزلوا له انخزال الخاضع الذليل ولكن أمر بين ذلك تظهر به دماثة حلومكم وفضل منزلتكم وعظيم أخطاركم وليكن أول من يبدأ منكم بالكلام أكثم بن صيفي ثم تتابعوا على الأمر من منازلكم التي وضعتكم بها فإنما دعاني إلى التقدمة إليكم علمي بميل كل رجل منكم إلى التقدم قبل صاحبه فلا يكون منكم فيجد في آدابكم مطعناً فإنه ملك مترف وقادر مسلط ثم دعا لهم بما في خزائنه من طرائف حلل الملوك كل رجل منهم حلة وعممه عمامة وختمه بياقوتة وأمر لكل رجل نهم بخيبة مهرية وفرس نجيبة وكتب معهم كتاباً.
    أما بعد فإن الملك ألقى إلى من أمر العرب ما قد علم وأجبته بما قد فه مما أحببت أن يكون منه على علم ولا يتلجلج في نفسه أن أمة من الأمم التي احتجزت دونه بمملكتها وحمت ما يليها بفضل قوتها تبلغها من الأمور التي يتعزز بها ذوو الحزم والقوة والتدبير والمكيدة، وقد أوفدت أيها الملك رهطً من العرب لهم فضل في أحسابهم وأنسابهم وعقولهم وآدابهم فليسمع الملك وليغمض عن جفاء أ، ظهر من منطقهم وليكرمنني بإكرامهم وتعجيل سراحهم وقد نسبتهم الملك وليغمض عن جفاء أن ظهر من منطقهم وليكرمني بإكرامهم وتعجيل سراحهم وقد نسبتهم في أسفل كتابي هذا إلى عشائرهم فخرج القوم في أهبتهم حتى وقفوا بباب كسرى بالمدائن فدفعوا إليه كتاب النعمان فرآه وأمر بإنزالهم إلى أن يجلس لهم مجلساً يسمع منهم فلما أن كان بعد ذلك بأيام أمر مرازبته وجوه أهل مملكته فحضروا وجلسوا على كاسي عن يمينه وشماله ثم دعا بع على الولاء والمراتب التي وصفهم النعمان بها في كتابه وأقام الترجمان ليؤدي إليه كالمهم ثم أذن لهم في الكلام.
    فقام أكثم بن صفي فقال إن أفضل الأشياء أعاليها وأعلى الرجال ملوكها وأفضل الملوك أعمها نفعاً وخيرُ الأزمنة أخصبها وأفضل الخطباء أصدقها.
    الصدق منجاة والكذب مهواة والشر لجاجة والحزم مركب صعب والعجز مركب وطيء آفة الرأي الهوى والعجز مفتاح الفقر وخير الأمور الصبر حسن الظن ورطة وسوء الظن عصمة، إصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فسادر الراعي من فسدت بطانته كان كالغاص بالماء.
    شر البلاد بلاد لا أمير بها، شر الملوك من خافه البريء المرء يعجز لا محالة أفضل الأولاد البررة الأعوان من لم يراء بالنصيحة أحق الجنود بالنصر من حسنت سريرته يكفيك من الزاد ما بلغك المحل حسبك من شر سماعه الصمت حكم وقليل فاعله البلاغة الإيجاز من شدد نفر ومن تراخى تألف فتعجب كسرى من أكثم ثم قال ويحك يا أكثم ما أحكمك وأوثق كلامك لولا وضعك كلامك في غير موضعه قال أكثم الصدق بنبئ عنك لا الوعيد قال كسرى لو لم يكن للعرب غيرك لكفى قال أكثم رب قول أنفذ من صول.
    ثم قام حاجب بن زرارة التيمي وقال: ورى زندك وعلت يدك وهيب سلطانك، وإن العرب أمة قد غلظت أكبادها واستحصدت مرتها ومنعت درتها وهي لك وامقة ما تألفتها مسترسلة ما لا ينتها سامعة ما سامحتها وهي العلقم مرارة وهي الصاب غضاضة والعسل حلاوة والماء الزلال سلاسة نحن وفودها إليك وألسنتها لديك ذمتنا محفوظة وأحسابنا ممنوعة وعشائرها فينا سامعة مطيعة إن نؤوب لك حامدين خيراً فلك بذلك عموم محمدتنا وإن نذم لم نخص بالذم دونها، قال كسرى يا حاجب ما أشبه حجر التلال بألوان صخرها قال حاجب بل زئير الأسد بصولتها، قال كسرى وذلك.
    ثم قام الحارث البكري فقال: دامت لك المملكة باستكمال جزيل حظها وعلو سنائها، من طال رشاؤه كثر متحه ومن ذهب ماله قل نحه تناقل الأقاويل يعرف اللب وهذا مقام سيوجف بما تنطق به الركب وتعرف به كنه حالنا العجم والعرب ونحن جيرانك الأدنون وأعوانك المعينون خيولنا جمة وجيوشنا فخمة ون استنجدتنا فغير ربض وإن استطرفتنا غير جهض وإن طلبتنا فغير غمض ولا ننثني لذعر ولا نتنكر لدهر رماحنا طوال وأعمارنا قصار وقال كسرى أنفس عزيزة وأمة ضعيفة قال الحارث أيها الملك وأنى يكون لضعيف عزة أو لصغير مرة قال كسرى لو قصر عمرك لن تستول على لسانك نفسك قال الحارث أيها الملك إن الفارس إذا حمل نفسه على الكتيبة مغرراً بنفسه على الموت فهي منية استقبلتها وجنان استدبرها، والعرب تعلم أني أبعث الحرب قدماً وأحبسها وهي تصرف بها حتى إذا جاشت نارها وسعرات لظاها وكشفت عن ساقها جعلت مقادها رمحي وبرقها سيفي ورعدها زئيري ولم أقصر عن خوض خضخاضها حتى انغمس في غمرات لججها وأكون فلكاً لفرساني إلى بحبوحة كبشها فاستمطرها دماً وأترك حماتها جز السباع وكل نسر قشعن ثم قال كسرى لمن حضره من العرب أكذلك هو قالوا فعاله أنطق من لسانه قال كسرى ما رأيت كاليوم وفداً أحشد ولا شهوداً أوفد.
    ثم قام عمرو بن الشريد السلمي فقال: أيها الملك نعم بالك ودام في السرور حالك أن عاقبة الكلام متدبرة وأشكال الأمور معتبرة وفي كثير ثقلة وفي قليل بلغة وفي الملوك سورة العز وهذا منطق له ما بعده، شرف فيه شرف وخمل من خمل لم نأتِ لضيمك ولم نفد لسخطك ولم نتعرض1 لرفدك إن في أموالنا منتقداً وعلى عزنا معتمداً إن أورينا اثقبنا وإن أود دهر بنا اعتدلنا إلا أنا م هذا لجوارك حافظون ولمن رامك كافحون حتى يحمد الصدر ويستطاب الخبر قال كسرى ما يقوم قصد منطقك بإفراطك ولا مدحك بذمك قال عمرو كفى بقليل قصدي هاديا وبأيسر إفراطي مخبراً ولم يلم من غربت نفسه ما يعلم ورضى من القصد بنما بلغ
    قال كسرى ما كل ما يعرف المرء ينطق، اجلس.
    ثم قام خالد بن جعفر الكلابي فقال: أحضر الله الملك إسعادا ورشده إرشاداً إن لكل منطق فرصة ولك حاجة غصة وعي المنطق من عي السكوت وعثار القول أنكأ من عثار الوعث وما فرصة وما فرصة المنطق عندنا إلا بما نهوى وغصة المنطق بما لا نهوى غير مستساغة وتركي ما أعلم من نفسي ويعلم من سمعي أنني له مطيق أحب إلي من تكلفني ما أتخوف ويتخوف مني وقد أوفدنا إليك ملكنا النعمان وهو لك من خير الأعوان ونغم حامل المعروف والإحسان أنفسنا بالطاعة لك باخعة ورقابنا بالنصيحة وأيدينا لك بالوفاء رهينة قال له كسرى نطقت بعقل وسمرت بفضل وعلوت بنبل. ثم قام علقمة بن علاثة العامري فقال: نهجت سبل الرشاد وخضعت لك رقاب العباد إن للأقاويل مناهج وللآراء موالج وللعويص مخارج وخير القول اصدقه وأفضل الطلب أنجح، وإنا وإن كانت المحبة أحضراتنا والوفادة فربتنا فليس من حضرك منا بأفضل من عزب عنك بل لو قست كل رجل منهم وعلمت منهم ما علمنا لوجدت له في آبائه دنيا أنداداً وأكفاء كلهم إلى الفضل منسب وبالشرف والسودد موصوف وبالرأي الفاضل والأدب النافذ معروف يحمي حماه ويروي نداماه ويذود أعداه لا تخمد ناره ولا يحترز منه جاره، أيها الملك، من يبل العرب يعرف فضلهم فاصطنع العرب فإنها الجبال الرواسي عزا والبحور الزواخر طميا والنجوم الزواهر شرفاً والحصى عدداً فإن تعرف لهم فضلهم يعزوك وإن تستصرخهم لا يخذلوك، قال كسرى وخشي أن يأتي منه كلام يحمله على السخط عليه أبلغت وأحسنت.
    ثم قام قيس بن مسعود الشيباني فقال: أطاب الله بك المراشد وجنبك المصاب ووقاك مكروه الشصائب ما أحقنا إذا أتيناك ما لا يحنق صرك ولا يزرع لنا حقداً في قلبك لم تقدم أيها الملك لمساماة ولم ننتسب لمعاداة ولكن لتعلن أنت ورعيتك ومن حضرك من وفود الأمم أما في المنطق غير محجمين وفي الناس غير مقرصين وإن جورينا فغير مسبوقين وإن سومينا فغير مغلوبين قال كسرى غير أنكم إذا عاهدتم غير وافين وهو يعرض به في تركه الوفاء بضمانه السواد: قال قيس أيها الملك ما كنت في ذلك إلا كوافٍ غدر به أو كخافر خفر بذمته قال كسرى ما يكون لضعيف ضمان ولا لذليل خفارة قال قيس أيها الملك م أنا فيما أخفر من ذمتي أحق بإلزامي العار منك فيما قتل من رعيتك وانتهك من حرمتك قال كسرى ذلك لأن من ائتمن الخانة واستنجد الأئمة ناله من الخطأ ما نالني وليس كل الناس سواء، كيف رأيت حاجب بن زرارة لم يحكم قواه فيبرم ويعهد فيوفي ويعد فينجز، قال وما أحقه بلك وما رأيته إلا لي قال كسرى القوم بزل فأفضلها أشدها.
    ثم قام عامر بن الطفيل العامري فقال: كثر فنون المنطق وليس القول أعمى من حندس الظلماء وإنما الفخر في الفعال والعجز في النجدة: والسؤدد مطاوعة القدة وما أعلمك بقدرنا وأبصرك بفضلنا وبالحرا إن أدلت الأيام وثابت الأحلام أن تحدث لنا أمور لها أعلام، قال كسرى وما تلك الأعلام قال مجتمع الأحياء من ربيعة ومضر على أمر يذكر قال كسرى وما الأمر الذي يذكر قال عامر مالي علم أكثر مما خبرني به خبر قال كسرى متى تكاهنت يا ابن الطفيل قال لسن بكاهن ولكني بالرمح طاعن قال كسرى فإن أتاك آت من جهة عينك العوراء ما أنت صانع قال ما هيبتي في قفاي بدون هيبتي في وجهي وما أذهب عيني عيث ولكن مطاوعة العبث.
    ثم قامر عمرو بن معد يكرب الزبيدي: فقال: إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه فبلاغ المنطق الصواب وملاك النجدة الارتياد وعفو الرأي خيرٌ من استكراه الفكرة وتوقيف الخبرة خيرٌ من
    اعتساف الحيرة فاحتبذ طاعتنا بلفظ واكتظم بإدراتنا وألن كتفك يسلس لك قيادتا فإنا أناس لم يوقس صفاتنا قراع ناقير من أراد قضماً ولكن منعاً ن كل من رام لناهضما.
    ثم قام الحارث بن ظالم المري فقال: إن من آفة المنطق الكذب ومن لؤم الأخلاق الملق ومن خطل الرأي خفة الملك المسلط فإن أعلمناك أن مواجهتنا لك عن الائتلاف وانقيادنا لك عن تصاف ما أنت لقبول ذلك منا ولا للاعتماد عليه بحقيق ولمن الوفاء بالعهود وإحكام ولث لعقود والأمر بينا وبينك معتدل وما لم يأتمن قبلك ميل أو زلل، قال كسرى من أنت قال الحارث بن ظالم قال إن في أسماء آبائك لدليلا على قلة وفائك وأن تكون أولى بالغدر وأقرب من الوزر قال الحارث إن في الحق مغضبة والسر التغافل ولن يستوجب أحد الحلم إلا مع القدرة فلتشبه أفعالك مجلسك قال كسرى هذا فتى القوم، ثم قال كسرى قد فهمت ما نطقت به أخطاؤكم وتفنن فيه متكلموكم ولولا أني أعلم أن الأدب لم يثقف أودكم ولم بحكم أمركم وأنه ليس لكم ملك يجمعكم فتنطقون عنده منطق الرعية الخاضعة الباخعة فنطقتم بما استولى على ألسنتكم وغلب على طباعكم لم أجز لكم كثيراً مما تكلمنم به وإني لأكره أن أجبه وفودي أو أحنق صدورهم والذي أحب من إصلاح مدبركم وتألف شواذكم والإعذار إلى الله فيما يني وبينكم وقد قبلت ما كان في منطقكم من صواب وصفحت عما كان في من خلل فانصرفوا إلى ملككم فاحسنوا موازرته والتزموا طاعته واردعوا سفهاءكم وقيموا أودهم وأحسنوا أدبهم فإن في ذلك صلاح العامة.
    روي عن الكلبي أنه قال كان كسرى يحفل بالعرب ويستأنس بمشاهدهم ويرغب في سماع محادثاتهم ومفاخراتهم ومنافراتهم ولم يدخر وسعاً إلا بذله للحصول على ذلك (ومما اتفق له) أن النعمان بن المنذر كان بمجلسه يوماً فقال له هل في العرب من قبلية تشرف على قبيلة، قال نعم، قال فبأي شيء قال من كانت له ثلاث آباء متوالية رؤساء واتصل ذلك بمزية فبيته أشرف بيت وليه تنسب القبيلة وه
    تعلو تعلى غيرها، قال أحضر من هذه صفتهم فطلبهم النعمان فلو يصبهم إلا في الحذيفة بن بدر وآل ذي الجدين وآل الأشعث بن قيس بن كندة فأحضرهم في جملة من عشائرهم، فعقد لهم كسرى مجلساً عاماً حضره لحكام والعدول والأعيان، ثم قال ليتكلم كل منكم بمآثر قومه وليصدق.
    فانتصب حذيفة بن در قائماً وكان ألسن القوم فقال: قد علمت العرب أن فينا الشرف الأقدم والفخر الأعظم، لقيل له لم ذاك يا أخا فزارة قال ألسنا الدعائم التي لا تنرام والعز الذي لا يضام، فقيل له صدقت.
    ثم قام شاعرهم فقال:
    فزارةُ بيتُ العزّ والعز فيهمِ
    فزةارةُ بدرِ حسبُ بدر نضالها
    لها العزةُ القعساء والحسبُ الذي
    بناه لبدرٍ في القيم رجالها
    فهيهات قد أعيا القرون التي مضت
    مآثر بدرٍ مجدها وفعالها
    وهل أحدٌ إن مدّ يوماً بكفه
    إلى الشمس في مجرى النجوم ينالها
    فإن يصلحوا يصلح لذاك جميعنا
    وإن يفسدوا يفسد على الناس حالها

    ثم قام الأشعث بن قيس فقال: لقد علمت العرب أن نقاتل عديدها الأكثر ونقهر جمعها الكبر وأنا غياث اللزبات وبناة المكرمات، فقيل له لم يا أخا كندة، قال لأنا ورثنا ملك كندة فاستظللنا بأفيائه وتقلدنا منكبه الأعظم وتوسطنا بحبوحه الأكرم، ثم قام شاعرهم فقال:
    إذا قستَ أبياتَ الرجال بيتنا

    وجدت لهُ فضلاً على من يفاخرُ
    فمن قال كلاّ أو أتانا بخطّةٍ
    ينافرنا يوماً فنحن نخاطرُ
    تعالوا فغدوا يعلم الناس أيُّنا
    له الفضل فيما أورثته الأكابر
    ثم قام بسطام لابن قيس فقال: قد علمت العرب أنّا بناة بيتها الذي لا يزول ومغرس عزها الذي لا يحول، فقيل له ولم يا أخا شيبان، قال لأنا أدرهم للثأر وأضربهم لملك الجبار وأقوالهم للحق وألدهم للخصم.
    ثم قام شاعرهم فقال:
    لعمري بسطامٌ أحقُّ بفضلها
    وأوّلُ بينت العزّ عزُّ القبائل
    فسائل أبيتَ اللّعن عن عزّ قومها
    إذا جدّ يوم الفخر كلُّ مناضل
    فيخبرك الأقوام عنها فإنها
    وقائع جدّ لا ملاعب هازل
    ألسنا أعزّ الناس قوماً وأسرةً
    وأضربهم للكبش يوم التخاذل
    وقائع عزّ كلها ربعية
    تذل لهم فيها رقابُ المحافل
    إذا ذكرتم ينكر الناس فلها
    وعاذ بها من شرها كل قائل
    وإنا ملوك الناس في كلّ بلدة
    إذا نزلت بالناس إحدى النوازل
    ثم قام حاجب بن زرارة التيمي فقال: قد علمت العرب أن فرع دعامتها وقادة زحفها.
    فقيل له لم ذلك يا أخا بني تميم. قال لأنّا أكثر عديداً وأنجبهم طريداً وليدا وأعطاهم للجزيل وأحملهم للثقيل.
    ثم قام شاعرهم فقال:
    لقد علمت أبناء خندفَ أنّنا
    لنا العزُّ قدماً في الخطوب الأوائل
    وأنّا كرام أهلُ مجد وثروةٍ
    وعزّ قديم ليس بالمتضائل
    فكم فيهم من سيّد وابن سيّد
    أغر نجيب ذي فعال ونائل
    فسائل أبيت اللعن عنا فإنّنا
    دعائم هذا الناس عند الجلائل
    ثم قام قيس بن عاصم السعدي فقال: لقد علم هؤلاء أنا أرفعهم في المكرمات وأثبتهم في النائبات، فقيل له لم ذاك يا أخا بني سعد، قال لأنا أدركهم للثأر وأمنعهم للجار لا نتكل إذا حملنا ولا نرام إذا حللنا.
    ثم قام شاعرهم فقال:
    لقد علمت قيسٌ وخندف أنّنا
    وجلُّ تميم والجموعُ التي ترى
    بأنّا ليوثُ البأس في كلّ مأزقٍ
    إذا جزّ بالبيض الجماجم والطلى
    وأنا إذا داعٍ دعانا لنجدةٍ
    أجبنا سراعاً في العلائم من دعا
    فهيهات قد أعيا الجميع فعالهم
    وفاتوا بيوم الفخر مسعاة من سعى
    فقال كسرى حينئذٍ ليس منهم إلا سيد يصلح لموضعه.
    وأعظم صلاتهم أجمعين وردهم إلى أقوام معظمين.


    l;htpm hgkulhk uk hguvf td l[gs ;svd


  2. #2
    عضو مشارك
    تاريخ التسجيل
    05-11-2016
    العمر
    50
    المشاركات
    31

    افتراضي

    مقالة جميلة

  3. #3
    عضو منتسب
    تاريخ التسجيل
    16-10-2017
    الدولة
    قطر
    العمر
    41
    المشاركات
    28

    افتراضي

    بارك الله فيكم وشكر الله لكم

  4. #4

    افتراضي

    بارك الله فيكم

  5. #5
    عضو مشارك
    تاريخ التسجيل
    06-02-2018
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    32

    افتراضي

    بارك الله فيكم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. العرب تتنافر عند كسرى
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى المنافرات بين القبائل العربية
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 09-05-2020, 06:39 PM
  2. الوعلان من عشيرة العرمان من قبيلة الصلبة صُلب العرب
    بواسطة منيع في المنتدى مجلس قبيلة الصلبة ( صليب )
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 23-02-2016, 10:17 AM
  3. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-03-2014, 11:39 PM
  4. السلطان عبد الحميد و مكافحة مخططات الغرب ضد الاسلام
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى تاريخ العصر العثماني
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 07-11-2013, 10:24 PM
  5. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-01-2013, 06:48 PM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum