ثورة التحرير الكبرى ؛في قاموس الدارسين و الجامعيين الجزائريين ، أو ثورة الجزائر في قاموس الشقاء العرب ،أو الثورة بكل اختصار ،كما يطلق عليها العامة في الجزائر ،هي آخر ثورة عربية أسلامية دحرت الصليبية و الاستعمار الغربي المحتل للبلاد العربية ، إنها الثورة التي التف حولها كل العرب و من دون استثناء ، مشرقيا و مغربيا ، و هي الثورة التي شارك فيها كل العرب و معظم المسلمين في العالم بالمال و السلاح و الدعم المعنوي من إعلام و نضال على مستوى المحافل الدولية .. و هي الثورة التي الهمت كل أحرار العالم لينتفضوا ضد الظلم و الاستعباد ، فكانت إنجازات التحرر تصنع في كل مكان ، حتى سميت مدرسة الثوار . و على مستوى الاستعمار الفرنسي فقد اضطرته هذه الثورة إلى التسليم و الخروج من كل مستعمراته بالعالم ليتفرغ لاحتلال الجزائر ، فاستعرت الثورة في وجهه تلتهم عساكره التهاما و تبدد أمواله تبديدا ، و تصنع الأزمات تلو الأزمات بحكوماته في باريس (انكسرت على صخرة الثورة الجزائرية خمس حكومات فرنسية متتالية) . إن هذه الثورة استلهمت قوتها من الإسلام ، فكانت في توجهها إسلامية الروح، عربية الانتماء ، مناهضة لكيد فرنسا التي أرادتها مسيحية فرنسية وقطعة من أوربا .
مراجع هذه الثورة هم علماء الأمة العربية الإسلامية و زعماؤها الأحرار ، و كانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين هي المنبع الأصيل الذي تستقي منه و تستلهم منه قوتها و و قيادتها و سيرها الجهادي الطويل ،وكان الأمير عبدالقادر الجزائري هو مثلها الأعلى في المجال العسكري .
إن الشعب الجزائري يعيش هذه الأيام أجواء ذكرى ثورة أول نوفمبر 54 ،و قد صادف هذا التاريخ الشهر الأنور ربيع الأول شهر مولد نور الهدى رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فكانت ثورة ميمونة مباركة . و كان شعار الجزائريين فيها: الاسلام ديني و العربية لغتي و الجزائر وطني ، و لقن الشيخ الكبير عبدالحميد بن باديس الشعب شعاره الواقي من الهيمنة الاستعمارية :
( الجزائر وطني الصغير و الوطن العربي و طني الكبير و الوطن الإسلامي وطني الأكبر) كرد على محاولات فرنسا دمج الجزائريين في الهوية الغربية الغريبة عنهم
عن هذه الثورة العظيمة نقدم هذا المختصر المقتبس عن بوابة الجزائر للقارئ العربي الكريم ليتعرف على إحدى إنجازات أمته العربية في مضمار الجهاد ضد الغزو الصليبي الحاقد على الأمة :
***
كانت ثورة نوفمبر 1954 تتويجا للحركات المناهضة للمستعمر منذ وطأت أقدامه أرض الجزائر في 1830 ، وقد توفرت بعد الحرب العالمية الثانية ظروف وعوامل عجلت بقيام الثورة في مقدمتها أحداث 08 ماي 1945 ، التي ذهب ضحيتها 45 ألف شهيد من أبناء الجزائر العزل، والتي عملت بدورها على تنشيط الحركة الوطنية ولا سيما المناضلين الشباب في حزب الشعب الجزائري المحل منذ أكتوبر 1939 ،أولئك الذين عمدوا إلى تشكيل التنظيمات السرية حتى انتهت بميلاد جبهة التحرير الوطني واندلاع ثورة نوفمبر 1954، ظروف وأسباب قيام الثورة محليا ودوليا: الظروف والأسباب المحلية:
· الوجود الاستعماري وفقدان السيادة الوطنية، وما ترتب عنهما من ضياع كافة الحقوق السياسية.
· محاولات القضاء على مقومات الشخصية الجزائرية، كالدين الإسلامي واللغة العربية والأخلاق السامية، حتى لقد اعتبرت اللغة العربية لغة أجنبية، وبلغت نسبة الأمية 86%.
· نهب الموارد الطبيعية، ومصادرة الأراضي الزراعية لصالح المعمرين ،فانتزعت بذلك مصادر رزق الجزائريين.
· تدهور الدخل ومستويات المعيشة حتى غدت الأدنى على مستوى العالم كله، وانتشار الأمراض نتيجة سوء التغذية، وانعدام الرعاية الصحية.
· انتشار البطالة التي مست معظم الجزائريين، وانخفاض المداخيل نتيجة انخفاض الأجور، خاصة في الأرياف.
· التوزيع غير العادل لمختلف المنشآت الاجتماعية والوحدات الصناعية، حيث نجد أن 51 % من هذه الوحدات متمركزة في الجزائر الوسطى و 25 % في المنطقة الشرقية و 20 % في المنطقة الغربية ومعظمها أقيمت في المناطق التي يسكنها المستوطنون الأوربيون.
· تبلور الاتجاه الاستقلالي و تجذره منذ مجازر 08 ماي 1945 م.
أما السبب المباشر الذي عجل باندلاع الثورة فهو :
أزمة حركة الإنتصار للحريات الديمقراطية MTLD :
بحلول سنة 1951 م بدأت الخلافات داخل حزب حركة الإنتصار للحريات الديمقراطية ،حيث طرح موضوع التدريب العسكري لبعض مناضلي الحزب في المدرسة العسكرية بالقاهرة، وهو ما لم تهتم به اللجنة المركزية للحزب، فشعر مصالي الحاج باهتزاز مكانته فكان ذلك مؤشرا لبداية الخلاف بينه وبين اللجنة المركزية ليظهر الاختلاف جليافي أبريل 1953 م وعلانية أثناء انعقاد المؤتمر الثاني لحركة الانتصار للحريات الديمقراطية،في غياب زعيم الحزب ولم يكن هذه المرة سريا ، ليتوج بقرارات أهمها إقرار مبدأ الجماعة في القرار والتسيير، وسيادة رأي الأغلبية على الأقلية، مهما كان مركزها وما ضيها، حينها أحس بشيء غير عاد، فسره بأنه عملية (Niorth) رئيس الحزب مصالي الحاج وهو تحت الإقامة الجبرية بنيورث تستهدفه شخصيا،حينئذ دبت الفرقة داخل الحزب، وبرزت ثلاثة تيارات :
التيار الاول: يمثله الرئيس ومناصروه، إضافة إلى عنصرين من اللجنة المركزية هما :احمد مزغنة، مولاي مرباح وأصبح يطلق عليهم اسم " المصاليون" يرفضون مبدأ القيادة الجماعية ويكرسون الزعامة الفردية لمصالي الحاج مدى الحياة.
التيار الثاني: يمثله معظم أعضاء اللجنة المركزية (حوالي 27 عضوا) أصبح يطلق عليهم "المركزيون" يصرون على مبدأ القيادة الجماعية، و رأي وقرار الأغلبية، وتنفيذ الجميع.
التيار الثالث: يمثله مجموعة من الشباب الثوري و الأعضاء في المنظمة السرية سابقا والذين كان منهم الكثير من المتابعين من طرف سلطات الإحتلال، ولم يعد قانعا بالممارسات العقيمة للحزب، ورافضا البقاء أسيرا للصراع الثنائي القائم أي الصراع بين المصاليين والمركزيين.
وفي 1954 احتدم الصراع بين الجناحين أكثر،حين عقد المصاليون مؤتمرا استثنائيا في شهر جويلية 1954 م ببلجيكا توج بإعادة هيكلة الحزب، حسب نظرة مصالي إليه، وطرد البعض من أعضائه.فرد المركزيون بعقد مؤتمر في الجزائر العاصمة في شهر أوت 1954 م وانتهى بالإجماع على إلغاء منصب رئيس الحزب أي طرد مصالي الحاج منه كلية، وتجدر الإشارة إليه أن كلا الاتجاهين السابقين كان يريان أن أوان الثورة لم يحن بعد.
ظهور اللجنة الثورية للوحدة والعمل :
في مواجهة هذين الخطين برز تيار ثالث من أنصار المنظمة الخاصة حاولوا التوفيق بين المصاليين و المركزيين، ولم يفلحوا.
فعقدوا مؤتمرا لهم في 23 مارس 1954 م نتج عنه تشكيل " اللجنة الثورية للوحدة والعمل" CRUA بهدف التأليف بين سائر الوطنيين الجزائريين والتمهيد للثورة المسلحة.
وفي 25 جوان 1954 عقدت اللجنة الثورية اجتماعا في المدنية بالعاصمة تحت إشراف مصطفى بن بولعيد، أسفر عن انتخاب هيئة تنفيذية ضمت ستة أعضاء هم: مصطفى بن بولعيد- محمد بوضياف، - مراد ديدوش- العربي بن مهيدي - رابح بيطاط - كريم بلقلسم.
إضافة إلى ثلاثة كانوا بالخارج هم : أحمد بن بلة - آيت احمد الحسين – محمد خيضر.
وفي 10 أكتوبر 1954 م اجتمعت لجنة الست في لابوانت بالعاصمة وقرروا تقسيم البلاد إلى خمس مناطق عسكرية وتعيين مسؤوليها ونوابهم كالآتي:
· الولاية الأولى: الاوراس على رأسها مصطفي بن بولعيد ونوابه شيهاني بشير، طاهر نويشي،لغرور عباس.
· الولاية الثانية :شمال قسنطينة على رأسها مراد ديدوش ونوابه زيغوت يوسف والاخضر بن طوبال.
· الولاية الثالثة:القبائل الكبرى على رأسها كريم بلقلسم ونوابه عمر اوعمران، زعموم، محمد السعيد.
· الولاية الرابعة : الجزائر وضواحيها على رأسها رابح بيطاط ونوابه سويداني بوجمعة واحمد بوشعيب.
· الولاية الخامسة: وهران ونواحيها على رأسها العربي بن مهيدي ونوابه بن عبد الملك رمضان وعبد الحفيظ بوصوف.
أما الصحراء فظلت تابعة للولاية الأولى حتى سنة 1956 م. وفي 23 اكتوبر عقدت لجنة الست اجتماعا آخر ببلدية الرايس حميدو (بوانت بيسكاد سابقا) بغرب العاصمة نتج عنه مايلي :
· تغيير اسم اللجنة الثورية للوحدة والعمل إلى اسم "جبهة التحرير الوطني" وتأسيس "جيش التحرير الوطني" · تحديد تاريخ ويوم وساعة اندلاع الثورة المسلحة.
· إعداد البيان الأول لجبهة التحرير الوطني "بيان أول نوفمبر" الذي حدد · وضبط سير الثورة ومبادئها وأهدافها المتمثلة في الاستقلال الوطني الذي هو الهدف الأساسي.
· تجنيد الشعب وراء جبهة التحرير الوطني . · تدويل القضية الجزائرية.
· وضع ضوابط وشروط للتفاوض، ووقف القتال عند اللزوم.
لماذا أول نوفمبر 1954؟
اختير يوم الاثنين على الساعة صفر من أول نوفمبر 1954 لتفجير الثورة للأسباب التالية:
- لأنه عيد القديسين،حيث يمارس فيه المسيحيون الطقوس الدينية، و تسلم رخص للجنود و الشرطة ورجال الدرك للاحتفال به.
- يعد يوم تفاؤل وتيمن، بالنسبة للمسلمين لأنه يناسب يوم الاثنين، اليوم الذي ولد فيه الرسول عليه الصلاة و السلام سنة 571 م
الظروف الدولية التي ساعدت على اندلاع الثورة
· انتشار المد الثوري التحرري، لاسيما في شمالي إفريقيا و الهند الصينية ممثلا في قيام الثورة المصرية سنة 1952 م، واستقلال ليبيا وتصاعد قوة الحركة الوطنية في كل من المغرب وتونس و انتصار شعب الفيتنام على فرنسا في معركة ديان بيان فو بقيادة الجنرال جياب سنة 1954 م.
· تراجع مكانة فرنسا الدولية وقوتها العسكرية.
· وجود قادة من الشباب الجزائري الذي قاتل أثناء الحرب العالمية الثانية وفي الهند الصينية واكتسب خبرة شجعته على السير في طريق الثورة.
· يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع
lojwv e,vm hgjpvdv hg[.hzvdm hg;fvn
مواقع النشر (المفضلة)