كثر الحديث عن
أعداد بني هلال في الوطن العربي في الوقت الحاضر حيث بالغ البعض في التهويل من أعداد الهلاليين في الاقطار العربية بينما بالغ آخرون في التقليل من الانتشار الهلالي في تلك الأقطار ولعل القاسم المشترك في معظم تلك التقديرات هو عدم الدقة و أنها لا تعتمد علي أساس علمي صحيح ولعله من غير اليسير الوقوف علي تقدير دقيق لأعداد الهلاليين حاليا و ذلك بسبب أن التقديرات السكانية في البلاد العربية لا تعتمد الأساس العرقي أو القبلي ولكنها تتناول اعداد السكان جميعا بما في ذلك العرب و غير العرب و المسلمين و غيرهم .
و السؤال هنا هو هل يمكن التوصل الي تقدير حتى و إن كان تقريبيا لأعداد الهلاليين بوقتنا الحاضر ؟
والإجابة على هذا السؤال هي نعم . و من خلال طريقة بسيطة قد نحصل من خلالها على تعداد تقريبي لأعداد بني هلال حاليا .
قبل الشروع في الحديث عن تلك الطريقة هناك سؤال يحتاج لإجابة. ''هل تم تقدير
أعداد بني هلال في أي وقت مضى ؟ ''
-نعم تناول كثير من المؤرخين ممن اهتموا بالشأن العربي
أعداد بني هلال في فترة انتقالهم من الجزيرة العربية الي شمال أفريقيا في ما عرف بالتغريبة الهلالية خلال القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي .
حيث ذكر القيرواني الذي عاصر الهجرة الهلالية ان اعدادهم أكثر من مليون ونصف .
بينما ذكر المؤرخ مبارك بن محمد الميلي ان عدد من أجتاز النيل من رياح وزغبة وعدي يربو على ألف ألف نفس. المقاتلة منهم نحو خمسين ألف وسلاحهم سيف ورمح وقوس ودرع
وقد شبه ابن خلدون ان اعدادهم في كثرتها كانت مثل الجراد المنتشر .
وذكر المستشرق الفرنسي جورج مارسي أنه من المستحيل أن نحصر العدد المتعلق بهذه النقلات العربية للشمال الافريقي وذلك لأن هؤلاء البدو يتألفون من الرجال الذين يبلغون سن القتال وزوجاتهم وأولادهم ويذهب إلى أن عددهم كان أقل من المليون ولكنهم كانوا يمثلون كتلة متماسكة نسبيا.
وبصفة عامة فقد اجمع المؤرخون علي عظم وكثرة اعداد العرب خلال الانتقال العربي لشمال افريقيا متمثلا في الهجرة الهلالية
إننا و من خلال هذه الإجابة يمكن أن نجري عملية حسابية بسيطة قد نقف من خلالها علي تقدير تقريبي للهلاليين حاليا
فلو علمنا مثلا أن مصر وهي أكبر بلدان العرب قد بلغ عدد سكانها في العام 1800 ميلاديا 2.5 مليون نسمة بينما في عام 1996 ميلاديا بلغ سكان مصر 61,452,382 مليون نسمة اي انه في فترة مئتي عام تقريبا قفذ العدد من مليونين ونصف المليون نسمة الي واحد وستون مليونا وخمسمائة الف تقريبا اي ان العدد قد تضاعف اربع وعشرون مرة
قياسا علي ذلك يمكن القول بأن
أعداد بني هلال والتي قدرت بمئات الالوف بل وحتي الملايين في فترة الهجرة التي حدثت في القرن الخامس الهجري اي مايقرب من الالف عام قد تضاعفت مئات المرات
وقياسا على ما ذكرناه سالفا من النمو السكاني لدولة مصر والتي تضاعف عدد سكانها اربع وعشرون مرة خلال مائتي عام فقط فانه من المحتمل ان تكون
اعداد الهلاليين في الشمال الافريقي قد تضاعفت بنفس التقدير فلو فرضنا ان
اعداد الهلاليين قد تضاعفت اربع وعشرون مرة لكل مائتي عام فإن اعدادهم قد تضاعفت اكثر من مائة مرة منذ القرن الخامس الهجري الي الان مما يعطينا تصور عن ما قد يكون عليه تواجد الهلاليين حاليا
من خلال هذا المثال البسيط يمكن ان نقف علي تقدير تقريبي لاعداد بني هلال في شمال افريقيا مع الاخذ في الحسبان ان كثيرا من الهلاليين آثر البقاء في الجزيرة العربية فهؤلاء غير مشمولون بذلك التقدير كما اننا قد اغفلنا
اعداد الهلاليين ببلاد الشام والعراق والخليج العربي
وفي رايي فان الاعداد الكبيرة لبني هلال ترجع لعدة امور من بينها ان معظم القبائل العربية انتقلت الي شمال افريقيا مع الفتوحات الاسلامية وفي اعداد قليلة بينما جاء الانتقال الهلالي لشمال افريقيا علي مرحلتين اولاهما هي الفتوحات الاسلامية مثلهم مثل البقية من قبائل العرب اما المرحلة الثانية فقد كانت في القرن الخامس الهجري اثناء التغريبة الهلالية والتي اطلق عليها البعض " الفتح الثاني " لذلك كان التفوق العددي لبني هلال علي سائر عرب شمال افريقيا
كما أن الهلاليين قد تمسكوا ببعض العادات العربية القديمة مثل الزواج المبكر وكذلك كثرة عدد الأبناء وغيره مما ساهم في ذلك الانتشار الواسع
ومن الادلة المدعمة لفكرة الانتشار الهلالي بكثرة في أرجاء البلاد العربية انتشار اللهجة الهلالية في معظم اقطار الوطن العربي والتوغل الشديد للتراث الهلالي من شعر وادب وامثال في بلدان العالم العربي وغيرها من الامور الملموسة في الثقافة العربية
للامانة
منقول من مدونة "عرب بني هلال"
مواقع النشر (المفضلة)