الذكر في كل حال

وبعد: فاعلم يا أخي – رزقني الله وإياك حسن التوفيق – أن لكل إنسان غاية أساسية من حياته تدور عليها أفكاره وتتجه نحوها أعماله، وتتركز حولها آماله، وهي التي يسمونها "المثل الأعلى" ومتى سمت هذه الغاية وعلت صدرت عنها أعمال سامية مجيدة، وانطبعت نفس صاحبها بصورة من السجال الروحي، وحدت به إلى الكمال دائماً حتى يأخذ فيه بالنصيب الذي قدر له.
والإسلام، وقد جاء لإصلاح نفوس البشر وتزكيتها والعلو بها إلى منتهى الكمال الممكن لها، أوضح للإنسانية جميعاً الغاية القصوى، وحدا بها نحو المثل الأعلى، وكان هذا المثل هو: "قدس حضرة الله جل وعلا" والآية الكريمة تقول: "ففروا إلى الله([1]) إني لكم منه نذير مبين".
وإذ عرفت هذا أيها الأخ الكريم فلا تستغرب بعد أن يكون المسلم ذاكراً لله على كل حال، وأن تؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم – وهو أعرف الخلق بربه – تلك الصيغ الرائعة البليغة من الذكر والدعاء والشكر والتسبيح والتحميد في كل الأحوال صغيرها وكبيرها وعظيمها وحقيرها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحواله([2]) ولا تعجب (7) إذا طالبنا الإخوة المسلمين أن يستنوا بسنة نبيهم ويقتدوا به صلى الله عليه وسلم فيحفظوا هذه الأذكار ويتقربوا بها إلى العزيز الغفار: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة([3]) لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً".

[1]- "ففروا إلى الله": أي فروا إلى ثوابه من عقابه وذلك بأن تطيعوه ولا تعصوه. سورة الذاريات آية 50

[2]- هذا حديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي ولفظه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.

[3] - "أسوة حسنة" أي اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم و"يرجو الله": أي يخاف الله تعالى. سورة الأحزاب آية 21



tqg hg`;v td ;g phg