النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: عُروبة مصر القديمة..د.عكاشه الدالى

عُروبة مصر القديمة د . عكاشة الدالي أولاً : العرب لم يكونوا أغراباً عن مصر فلهم حضوراً موثقاً فيها يرجع الى فترة تكوين الحضارة المصرية نفسها، وقد

  1. #1

    افتراضي عُروبة مصر القديمة..د.عكاشه الدالى

    عُروبة مصر القديمة

    د . عكاشة الدالي


    أولاً : العرب لم يكونوا أغراباً عن مصر فلهم حضوراً موثقاً فيها يرجع الى فترة تكوين الحضارة المصرية نفسها، وقد عُثر على رسوم صخرية في طرق الأودية التي تربط بين ساحل البحر الأحمر وبين النيل تصور مراكب وهجرات عبرت البحر من شبه الجزيرة العربية فيما قبل التاريخ، كما عُثر أيضاً على رسومٍ صخرية تمثل الفيلة في الصحراء المصرية وعُثر على نسخ منها في شبه الجزيرة العربية .

    وقد عُثر في المواقع المصرية التي تعود الى الألف الخامس قبل الميلاد على قطع من (الاوبسديان) مستوردة من جنوب الجزيرة العربية، وكذلك قطع من الاسفلت المستورد من البحر الميت . كما تشير الوثائق المصرية منذ عهد الأسرة الثانية عشرة على الأقل الى العرب بنفس الاسم، وعُثر في الدلتا على بقايا مقاصير لعبادة الآلهة العربية مثل اللات، وعُثر في ميت رهيبة ( ممفيس ) على تابوت عليه كتابة بالخط المسند وهو خطٌ يمني قديم يخص تاجراً يمنياً اسمه ” زيد الله ” استقر في المنطقة وعمل في معبدها خلال الحكم البلطمي في مصر، وفي أواخر هذا العصر استعانت الملكة كيلوبترا السابعة والتي كانت تجيد العربية ( وهي كيلوبترا المشهورة ) بفرقة من العرب لاستعادة عرشها أثناء النزاع الأسري على عرش مصر، أي أن العرب كان لهم وجود دائم في مصر منذ بداية تاريخها.

    وكذلك أهل مصر كان لهم وجود دائم في بلاد العرب، فحين هرب “سنوهي” من مصر أوائل الأسرة الثانية عشرة لقي من أهل الشام من تعرّف عليه وتحدث معه بلغة أهل مصر، كما عُثر على وثائق من جنوب الجزيرة العربية تحمل أسماء زوجاتٍ مصرياتٍ تزوجن تزوجن من أهل اليمن وصارت لهن وطنا . ومن الطريف أن زوجة الملك النوبي “بعنخي” من الأسرة الخامسة والعشرين كانت تدعى ” خنساء “ وهناك عدد كبير من الأسماء المصرية القديمة العربية أيضاً نجدها في قاموس العالم الالماني “رانكه” عن أسماء الأعلام المصرية القديمة ومنها : كريم، عبدو، رجب، برعي، يحنس، بنا، يكن، يونس، عطية، سمير، سوسن، عابر … الخ، إضافة إلى أسماء أخرى من وثائق الدولة الحديثة مثل ” خالد “.

    وبالمقابل حمل العرب أسماء يعتبرها البعض مصرية خالصة مثل ذلك الأمير اليمني الذي يدعى ” أحمس ” والذي جاء ذكره في تاريخ الأصمعي، أما عن وجود العقائد والأرباب المصرية في بلاد العرب مثل بس و أيزيس وأوزوريس وحورس ونوت وآمون وغيرهم فحدث ولا حرج، ولدينا مسلة من تيماء كرست لكاهن مصري، وكذلك مدن مصرية على الشاطئ الشرقي للبحر الاحمر .
    وربما كانت أوضح الدلائل على اختلاط العرب والمصريين هي الواقعة التي أشار اليها المؤرخ الواقدي ( توفي 919 م ) في كتابه ” فتوح البهنسا الغراء ” أثناء فتح المسلمين للبهنسا التي تقع في محافظة المنيا على بحر يوسف ( 190 كم جنوب القاهرة ) حيث ذكر أن عدداً كبيراً من المحاربين الى جانب الروم كانوا عرباً من قبائل لخم وجذام، والتي يبدو أن عدداً من بطونها قد استقرت في مصر منذ زمن بعيد، وأشار الواقدي أيضا الى أنه عقب احدى المعارك اختلط قتلى المسلمين بقتلى الأعداء وبات من الصعوبة تمييز هؤلاء من أولئك دون الكشف على علامة الصليب المرسومة على أيدي الجانب الآخر، وان دل هذا على شئ فانما يدل على وحدة الأصل الجنسي للمقاتلين على الجانيبين باستثناء الروم .


    ومن المهم أيضاً ان نذكر هنا أن العرب (1) ينسبون الى اسماعيل ابن هاجر المصرية، حتى أن المصادر القديمة والحديثة كثيراً ماتشير الى العرب باسم ” أبناء هاجر ” أو ” الهاجريون “, ولعل هذا ضمن اشياء أخرى منها ماعناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام حين أوصى المسلمين بأهل مصر خيراً حين يدخلونها فان لهم بهم صلة رحمٍ وقربى، كما كان هو نفسة متزوجا من مارية القبطية التي أنجبت له ولده ابراهيم .


    واحدى المشاكل التي تواجهنا هي الفكرة الشائعة بأن العرب الذين يشار اليهم في المصادر المصرية هم مجرد بدو رُحل لم يعرفوا المدنية، وهي الفكرة التي أشاعها عمداً بعض المستشرقين وتبعهم مع الأسف بعض المثقفين المصريين وغيرهم على سبيل ابراز عراقة تمدين المصريين مقابل بداوة العرب، والواقع يشهد بقيام مممالك عربية لها أيضا حضارات عريقة ازدهرت جنوب الجزيرة العربية كسبأ ومعين وحمير وغيرها، أما في شمال الجزيرة العربية فظهرت ممالك عربية في سوريا والأردن، وبعضها حُكمت أحيانا بواسطة ملكات مثل زبيبة وبلقيس وغيرهن .


    والأهم أن بعض هذه الممالك كمملكة الأنباط شهدت في القرن الأول الميلادي حكومةً ملكيةً ديمقراطيةً بالمعنى الحقيقي للكلمة طبقاً لما رواه الجغرافي ” سترابو ” .

    ثانياً : قصة عمرو بن العاص نفسه معروفة كتاجر تردد الى مصر، واطلع على مكانتها وغناها قبل أن يأتيها فاتحاً. إن عدد جنود حملة عمرو على مصر كان نحو أربعة آلاف، وحتى إذا وضعنا في الاعتبار هجرة عدة آلاف أخرى من القبائل العربية وخاصة من اليمن لظل كل هؤلاء العرب كمجموعة اثنية مميزة قطرة في محيط المصريين من حيث العدد، ألا أنهم سرعان ما اختلطوا بالمصريين حتى ذابوا فيها كسابقيهم ولاحقيهم، وهذه الهجرات تحدث من قبل الاسلام وتستمر بعده مثل الغزوة الهلالية في القرن العاشر الميلادي أثناء العهد الفاطمي الى شمال افريقيا .

    ثالثاً : تحول أغلب نصارى مصر بالتدرج الى الاسلام لأسباب عديدة، وان بقيت أغلبية أهل البلاد في مصر مقارنة بأهل فارس مثلاً الذين لم يتخلوا أبداً عن لغتهم بالرغم من احتضانهم للإسلام، ألا أن السِر يكمن ببساطة في أن اللغة العربية واللغة المصرية القديمة والتي تمثل القبطية آخر أطوارها ترجعان الى أصل لغوي مشترك مما سهل التحول الى العربية (2).


    والواقع أنه لم ترد في أذهان نصارى مصر على الاطلاق فكرة نقاء دم عنصر معين من أهل مصر كممثل للدم المصري القديم، بل أن هذه الفكرة من بنات العقلية التبشيرية في أواخر القرن التاسع عشر، فحين فشل المبشرون في تحقيق نجاحٍ ملموس بين أوساط المسلمين اتجهوا بتبشيرهم نحو النصارى من أهل البلاد في مصر والشام، ألا أن الفشل كان من نصيبهم أيضاً...، فبدأوا في لبنان على وجه الخصوص كما تذكر ” هيلين صادر ” نقلاً عن ” أسامة مقدسي ” في مقالة حديثة لها بأن المستشرق الفرنسي ” رينان ” كان من دعاة فكرة أن المارونيين هم أحفاد حضارة الفنيقيين العظماء، وأن العرب والمسلمين مجرد غزاة دخلاء، ولا شك أن الأمر نفسه تكرر في مصر مع أقباطها، ألا أن قبط مصر كانوا أكثر وعياً من جيرانهم فلم يبلعوا الطعم / السُم مدركين أن كل أهل مصر هم من سلالة واحدة حتى أن واحداً من أكثر الحاقدين على الشعب المصري وهو ” اللورد كرومر” المندوب السامي البريطاني الذي عبّر عن حزنه لتمسك مسلمي مصر باسلامهم واحتضان نصارى مصر للثقافة الاسلامية مع تمسكهم أيضاً بالكنيسة القبطية، وهو ما أصابه بخيبة أمل، يقول في كتابه “مصر الحديثة ” : ان الفارق الوحيد بين االقبطي والمسلم أن الأول مصري يتعبد في كنيسة مسيحية بينما الآخر يتعبد في مسجد مُحمدي ( يقصد اسلامي ) ” .


    يتضح من كل ماسبق أن أغلب أهل مصر الآن هم نفس التركيبة السكانية منذ أقدم العصور، دون النظر الى كونهم مسلمين أو نصارى، وهذه إحدى محاسن وقيم الشعب المصري الذي بلغ من كرمه على مر العصور لجوء المضطهدين اليه من كل جنسٍ وملة بما فيهم اليهود أنفسهم، كما تشهد المعابد اليهودية الكثيرة المكتشفة في مصر من القرن الخامس قبل الميلاد في جزيرة الفنتين وطموه وغيرها، كما وفرت مصر البيئة الملائمة للعالم اليهودي موسى ابن ميمون الذي لجأ الى مصر على عهد صلاح الدين الأيوبي هرباً من الاضطهاد، فلقي بمصر حفاوة، ورُقي بها أعلى المناصب كطبيب لصلاح الدين مما مكنه من انجاز بعض أهم النصوص الدينية عند اليهود على مر عصورهم مثل ” دلايل الحائرين ” .
    وأخيرا يجب التنبه لحقيقة واضحة وهي أن الشعب المصري منذ القدم أعتبر المصري هو من شرب من نيل مصر، وسكن أرضها، وتحدث بلسان أهلها، وهذا المفهوم الانساني النبيل للجنسية هو أرقى ما وصل اليه شعب من الشعوب، لذا نجد في ألقاب المؤلفين العرب في العصور الوسطى فلاناً من العراق على سبيل المثال فاذا استقر بمصر أضيف الى لقبه المصري، مثل الكيميائي الشهير من القرن الثالث عشر الميلادي ” أبو القاسم العراقي المصري ”.

    انتهى النقل
    _____________
    1-لم يشير الدكتور الى الفرق بين العرب العاربه والمستعربه

    2-هذا الامر مختلف عليه حيث ان المصريه القديمه تنسب الى الحاميه والعربيه للساميه وان كانت هناك بالفعل نظريات ترجح الاصل الواحد للغتين


    uEv,fm lwv hgr]dlm>>]>u;hai hg]hgn


  2. #2

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

  3. #3

    افتراضي

    بارك الله فيك على المرور العطر

  4. #4

  5. #5

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا على المرور الكريم

  6. #6
    عضو برنزي الصورة الرمزية عبير سعد
    تاريخ التسجيل
    25-01-2011
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    451

    افتراضي

    بارك الله فيكِ على النقل القيم ويجزاكِ كل خير
    وفقك الله دائما لكل خير
    تقبلي مروري وتقديري

  7. #7

    افتراضي

    جزاك الله خيرا يا غاليه على مرورك الجميل ودمت بكل خير وسعاده

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. صورنادرة جدا .. صور القاهرة القديمة . صور الاسكندرية القديمة . صور مصر ايام الملكية
    بواسطة محمد محمود فكرى الدراوى في المنتدى عجائب و طرائف الفيديو و الصوتيات
    مشاركات: 53
    آخر مشاركة: 16-10-2017, 09:01 PM
  2. اللغة المصرية القديمة و علاقتها باللغات السامية و العربية القديمة
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى مجلس قبائل العرب القديمة و البائدة
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 19-02-2017, 06:02 PM
  3. سيرة الصحابي الجليل عكاشه بن محصن الأسدي
    بواسطة عبدالمنعم عبده الكناني في المنتدى موسوعة التراجم الكبرى
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 30-01-2016, 08:17 AM
  4. عائلة الدالي
    بواسطة عاشق الساحرة في المنتدى مجلس قبائل مصر العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-08-2014, 07:17 PM
  5. إحياء علوم مصر القديمة - طارق عبدالمعطي - حقيقة اللغة المصرية القديمة
    بواسطة خليل المطيري في المنتدى التاريخ الفرعوني
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-12-2010, 06:04 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum