بارك الله فيك يا دكتور جعفر وقد احسنت اختيار الموضوع للاهميته , و التشميس عقوبة رادعة و له العديد من الاستخدامات و الفوائد بالإضافة الى الصورة التقليدية للتشميس , منها :
1. يستخدمه المصلحون العشائريون كورقة ضغط قوية لاجبار المتخاصمين الذين لجوا في الخصومة على قبول الصلح, حيث ان الرافض سيشمسه كل الماشيين في الاصلاح بين الطرفين من مشايخ القبائل الأخرى و كبار المنطقة .
و لعل المتابع لنشاط الموقع في الشهرين الماضيين يعلم اننا فرضنا صلحا على اخوين متخاصمين بالتلويح بورقة التشميس و المقاطعة.
2. التشميس بحيث يكون نوعا من التبرؤ بسبب ارتفاع كلفة الخصومة , فاذكر انه شب نزاع بين القبيلتين س و ع في محافظة الشرقية بعد ان قتل رجل من ع رجلين من س.
فانبرى رهط س يبحثون عن اي رجلين من ع ليقتلوهما تحصيلا للثأر , و هذا احد افات الثأر حيث لا يقتلون القاتل فقط بل يقتلونه او يقتلون اي فرد من قبيلته و طبعا هذا يخالف روح الاسلام ( لا تزر وازرة وزر اخرى)
وقد عرض ذلك كل القبيلة ع للخطر بما في ذلك الارباع البعيدة في النسب عن القاتل و التي ليس لها دخل مباشر بالموضوع و لم يعلموا شيئا عن المشكلة , و لانهم علموا ان الخصومة غير اخلاقية و ان القاتل ليس لديه سبب اخلاقي فيقفون بجواره لانتمائه لهم , فقد بادروا بزيارة اهل القتيلين من القبيلة الاخرى س و اخبروهم ان القاتل من ربع بعيد لا يخصهم و انهم يشمسونه , بل و منحوهم مبلغا من المال على سبيل المعونة على امرهم كما جرى العرف .
و بتشميس هؤلاء المشايخ للقاتل فقد انحصر الثأر في ربع القاتل فقط و ظلوا تحت طائل مطاردة القبيلة س حتى اقتصوا منهم بقتل قتيلين فقام الاخرون بقتل اخر و ردوا عليهم بقتل رجل و انعدم الامن في منطقتهم و نام الناس في بيوتهم من المغرب .
ثم تدخلت مشائخ القبائل المجاورة و محافظ الشرقية بالصلح بينهم و دفع الديات.
3. التشميس لمنع اتساع رقعة الخلاف , فقد يتكرر العراك بين فردين من فخذين من القبيلة عدة مرات و يتم الصلح ثم ينقض مرة أخرى مما اثر على العلاقات بين شيخي الفخذين و زاد من احتمالية اندلاع فتنة كبرى, فيقوم الشيخين بتشميس الطرفين معا و حصر المسألة بينهما فقط .
و لدينا مثال في السيرة النبوية فيما تم بين عمرو بن العاص و عمارة بن الوليد في رجلتهما للنجاشي ليردا المهاجرين الى قريش حيث دأب عمارة على مراودة زوجة عمرو عن نفسها و حاول قتل عمرو بإلقائه من السفينة , فارسل عمرو الى قومه ان يتركوهما لشأنهما و لا يتحمل بنو سهم و لا بنو مخزوم عاقبة امرهما فقبل سادة البطنين بذلك.
و نستمع ...
مواقع النشر (المفضلة)