الأفغاني والماسونية
توقفنا فى الحلقة الماضية عند سؤال هام
وهو هل كان جمال الدين ماسونيا حقا
وقبل الإجابة على هذا السؤال يجب تعريف الماسونية أولا
فنقول الماسونية لفظ مشتق من كلمة (Mason)، ومعناها البنَّاء، ويضاف إليهاكلمة (free) ومعناها حر، فتكون (freemason) أي البناؤون الأحرار
والماسونية منظمة سرية يهودية إرهابية غامضة محكمة التنظيم، ترتدي قناعاً إنسانياًإصلاحياً، وتهدف من وراء ذلك إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم، . وهم يرمزون بكلمة البناؤون الأحرار
إلى البنَّاء الذي سيبني هيكل سليمان، والذي يمثل بزعمهم رمز سيطرة اليهود على العالم.
وهى تدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد، وجلُّ أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالميوثِّقهم عهد بحفظ الأسرار، ويقومون بما يسمى بالمحافل؛ للتجمع، والتخطيط،والتكليف بالمهام.
وتعد أخطر تنظيم سري إرهابي يهودي متطرف، للسيطرة السياسية والاقتصادية والثقافية في كل أنحاء المعمورة هي تهدف في النهاية إلى تأسيس نظام عالمييحكمون العالم من خلالهوقد انخدع بدعوتها الإصلاحية الإنسانية كثيرون وقد هتك سترها كثير من العلماء وبينوا زيفها وضلالها بعد ذلك الخفاء الطويل ومع ذلك فهي لا زالت في حكم المجهول لدقة سريتها وتنظيماتها المحكمة الغائصة في الكتمان والسريةيقول د.محمد زغروت ( اتخذت المحافل الماسونية آنذاك – اى فى عصر الأفغانى – والتى كانت تسمى بالبنائين الأحرار شعارا برقا ، انخدع به كثير من زعماء المسلمين ، وهو الحرية والإخاء ، كما لم تفصح أيضا عن هويتها خلال تلك الفترة ، ولا عن أهدافها البعيدة ، وكل ما هنالك أن غمرت تركيا والعالم الإسلامي بجمعيات سرية ، اتخذت بعض مقارها فى تلك المحافل ، وقد ضمت أعضاء غرر بهم للمطالبة بالحرية ، والإصلاحات الدستورية ، هذا بالإضافة إلى أن جمعية الاتحاد والترقى كانت باكورة أعمال هذه المحافل ، وقد أحيط حولها هالة إعلامية سحرت عقول المسلمين ، ومن ثم دأبت تلك المحافل الماسونية على استقطاب أهم زعماء العالم الإسلامي للانضمام إليها ، وكان من جملة هؤلاء الزعماء (جمال الدين الأفغانى)
ثم يعقب د.زغروت بقوله ( وفى رأيى أن هذا الرجل قد انضم إليهم مغررا به وهذا موضوع شائك يحتاج إلى بحث مستفيض يكشف عن تلك الحقيقة ) وتضيف بان د.محمد حرب مترجم مذكرات السلطان عبد الحميد قد نشر وثيقتين بهذا الخصوص :
الأولى : صادرة عن لوج كوكب الشرق الماسونى فى القاهرة بتاريخ 7 مايو1878 الى جمال الدين الأفغانى حول انتخابه
والثانية: صورة الطلب الذى قدمه جمال الدين للانضمام للماسونية) ا.هـ
ولعل تلك الوثائق هى التى اشار اليها استاذنا الجمونى فى رده من انه اطلع عليها.
بين السلطان عبد الحميد وجمال الدين
وحول العلاقة بين جمال الدين الأفغانى والسلطان عبد الحميد أخر خلفاء المسلمين والدولة العثمانية
يقول د. زغروت ( كان السلطان عبد الحميد يبحث عن صيغة لتوحيد جبهة المسلمين وتوحيد الشيعة مع أهل السنة وتدعيم أواصر الأخوة الإسلامية بين كل مسلمي العالم وتأسيس اتحاد اسلامى لمواجهة قوى الغرب و للنهوض بالصناعة والعلوم لاسترجاع ماضى أمة الإسلام ووقع اختياره على جمال الدين الافغانى ووجده الشخص المناسب لمساعدته فى تلك المهمة بعد ان بلغت شهرته الافاق ووصلت الى مسامع السلطان عبد الحميد دعوة الأفغانى لإنشاء جامعة إسلامية ودعوته للتقارب بين السنة والشيعة
فما كان من السلطان عبدالحميد الا ان قام باستدعاء الافغانى وعرفه المهمة التى استدعاه من اجلها فوافق الأفغانى على الفور وقام بمكاتبة علماء المسلمين وزعمائهم وشرح لهم فكرة الجامعة الإسلامية وقام الأفغانى ورفاقه بتحرير ما يقرب من خمسمائة رسالة بألسنة مختلفة من فارسية وعربية وهندية وتركية وأرسلوها الى سائر الأقاليم الإسلامية وبالفعل وصلت ردود طيبة على كل تلك الرسائل من كافة علماء العالم الاسلامى وغيرهم فقرأها السلطان وسر منها غاية السرور وهنأ الأفغانى على ما حصل من توفيق على يديه ولكن استولت عليه الحيرة والعجب من نفوذ كلمة الأفغانى ونفاذ أمره فى هذا المجال الخطير
وكان السلطان عبد الحميد خلال تلك الفترة راضيا على الافغانى كل الرضا
وفى هذا اثناء اقترح الأفغانى على السلطان عبد الحميد بنزع الجزء الخاص بالعتبات المقدسة التى تزورها الشيعة بالعراق وضمها الى دولة إيران الشيعية _ أى ضم أجزاء من دولة العراق الى ايران _ وذلك لحسم الخلاف الدائر بين الشيعة وأهل السنة برر له ان الدافع من ذلك هو التقرب من الشيعة وضمهم الى مشروع الجامعة الإسلامية
وفى هذا الوقت اذ باحد المقربين من السلطان وهو شيخ الإسلام أبو هندى الصيادى يبلغه بان جمال الدين شيعي إيراني وليس من أصل أفغانى سنى كما يدعى
وقد تحقق السلطان عبد الحميد بنفسه من هذه الحقيقة فتغير رأى السلطان فى جمال الدين خاصة عندما تذكر اقتراحه بضم أجزاء من العراق إلى إيران فدخلت الشكوك فى نفس السلطان تجاه نوايا جمال الدين وأدرك نوايا الشيعة المختلفين معه بضم أجزاء من العراق الى إيران عن طريق جمال الدين
ويضيف د. زغروت ِ: وعلى ما يبدوا كان وراء تلك الفكرة أصابع صهيونية ماسونية تحركها فى الخفاء لإلهاب الصراع بين الشيعة الإيرانيين والسنيين العثمانيين ، مما يسهل عليهم تمزيق الدولة العثمانية ، ومن ثم الاستيطان فى فلسطين
مما جعل السلطان عبد الحميد يسدل الستار نهائيا على مشروع الجامعة الإسلامية ويصف الآفغانى بانه رجل الإنجليز يدبر معهم الخطط ضد حكمه وذلك لان الإنجليز كانوا مهيمنين على محافل الماسونية فى تركيا , وحدد السلطان اقامة جمال الدين فى تركيا ولم يسمح له بالخروج من استنبول الى ان مات
ويختتم د.زغروت هذاالموضوع بقوله ولا ينبغىالاخذ برأى السلطان عبد الحميد سالف الذكر ضد جمال الدين على عللته لذا فإن ذلك الاتهام يحتاج من المؤرخين إلى بحث وتدقيق
مواقع النشر (المفضلة)