النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الحملة الفرنسية : نوازع الحراك الشعبي وآلياته

الحملة الفرنسية : نوازع الحراك وآلياته بقلم : الأستاذ الدكتور محمد زغروت (والد مؤسس الموقع) أستاذ التاريخ المغاربي - دار العلوم جامعة القاهرة

  1. #1

    افتراضي الحملة الفرنسية : نوازع الحراك الشعبي وآلياته

    الحملة الفرنسية : نوازع الحراك وآلياته
    بقلم : الأستاذ الدكتور محمد زغروت (والد مؤسس الموقع)
    أستاذ التاريخ المغاربي - دار العلوم جامعة القاهرة
    الفرنسية 150796459677651.png
    أنواع الحراك
    أولا : حراك أفاد مصر والمصريين : -

    1- لقد ضربت القوات الفرنسية الفرسان المماليك ضربة قاسمة فلم تعد فلولهم تقوي على لعب أي دور إيجابيا في مجرى الصراع وقد كانت هذه التصفية التي مني بها المماليك أثرها في التطور الأقتصادي والاجتماعي في مصر
    .

    2- ظهور ذاتية الشعب المصري وبروز شخصيته فإذا كانت كل القوى المتصارعة والتي لها مصلحة في طرد الحملة الفرنسية من البلاد إلا أنها كانت تسعي إلى استمالة الشعب إلى جانبها وخاصة بالمرحلة الأولى للحملة الفرنسية ونتج عن هذا أن الشعب وجد قيادة موحدة في التجار والعلماء ومشايخ الحرف تتوجه جميعا نحو القوات الغازية تحمل السلاح لأول مرة منذ أجيال طويلة فشعر بذاته وقوته وتحددت قوميته ونبع من صفوفه أبطال وقادة مثل البشتيلي والخضري والسيد عمر مكرم المنظم والملهم الثورى .

    3- يري بعض المفكرين أن من نتائج الحملة ظهور نواة الفكر الديمقراطي إذ أنشأ نابليون الدواوين في القاهرة وفي عواصم الأقاليم من العلماء والأعيان والتجار وذلك لاستمالة الجماهير الشعبية وفى هذه النتيجة نقد ورد سيأتي فيما بعد .

    4- قامت الحملة الفرنسية بدارسة مصر من كافة النواحي وقد كان معها العلماء فقاموا بدارستها جغرافيا وتاريخيا وزراعيا وكان ذلك بهدف استغلال البلاد واعتصار خيراتها ولقد استفاد محمد على من هذه الأبحاث استفادات واسعة في العديد من مشروعاته التي أقامها في مصر . كما نبهت الحملة الفرنسية الاستعمار البريطاني لأهمية موقع مصر والخشية أن تسيطر فرنسا على المنطقة وتبادر بتهديد ممالكها الاستعمارية في الهند ومن أجل ذلك احتلت انجلترا بما يسمي بالمحميات البريطانية في عمان والبحرين وعدن ومسقط والكويت وقطر وبدأت تتحين الفرصة للاستيلاء .



    hgplgm hgtvksdm : k,h.u hgpvh; hgaufd ,Ngdhji


  2. #2

    افتراضي

    ثانيا : حراك ضار أساء إلى مصر والمصريين :
    ولا شك أن الحديث عن هذا النوع من النتائج حديث مهم ويتخذ
    أهميته من أنها ملاحظات قد غابت عن كثير من الكتاب والمؤرخين وخاصة العلمانيين أو من لهم هوس غربي فمن بالغوا في الفوائد التي جناها المصريون من الحملة الفرنسية والتي أتخذوا من يوم مجيئها مناسبة طيبة وذكري عطرة يحتفلون بها كل عام . وسوف أتحدث عن مساوئ تلك الحملة في قضيتين أثنتين

    القضية الاولى : اليهود ونابليون :-
    فقد تم نوع من التعاون بين اليهود والنصاري وبين نابليون لضرب مصر كما قلنا سابقا وترتب على ذلك أحداث خطيرة لضرب الإسلام والإساءة إلى أهله ولهذه الإساءة شواهد كثيرة في تاريخنا الإسلامي منها ما حصل في الحملات الصليبية على مصر ومنها ايضا مجيئ الحملة الفرنسية ، فقد تعود اليهود ـ على مدى تاريخهم ـ على استغلال الأحداث ، و عطفها لصالحهم ، و ليس كما يقال إنهم ـ دوماً ـ هم الذين يصنعون الأحداث ، و يخططون لها ، فهم ـ مثلاً ـ استفادوا من الثورة الفرنسية ، ووظفوها لرفع كاهل الاستعباد عنهم الذي طالما أرهقهم عسراً . فشعار الحرية والمساواة والإخاء الذي رفعه المتظاهرون الفرنسيون خدم اليهود بالذات ، فأصبح لهذا الشعار مفهوم خاص عندهم جدوا في تعميمه . فالحرية استغلوها في كسر التقاليد ، ونبذ الأخلاق ، و الخروج عن المعهود من الحشمة و الحياء . أما المساواة والإخاء فنظروا إليها على أنها وسيلة لهم للتسرب إلى أجهزة الدولة ومرافقها المختلفة ، ثم التساوي مع غيرهم في العلم بها ، ومن ثم تخلصهم من سبة الاحتقار و موجة الازدراء التي كانت تلاحقهم أينما حلوا في هذه المعمورة ( 1) .
    ولقد كان مفكرو اليهود أيام الثورة الفرنسية و بعَدها يتناقلون الأحاديث فيما بينهم عن مستقبل بني جلدتهم ، ويتداولون الأراء و المشروعات حول عودتهم إلى الأرض التي اعتقدوا أن أنبياءهم بشروهم بالعودة إليها ، مثال ذلك ما عرضه بهذا الشأن البرنس دي لينيه في سنة 1212هـ (1797م ) على إمبراطور النمسا(2 ) .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
    1- انظر : سفر الحوالي : العلمانية ، ط ، الأولى 1402/1982، ص175 .
    2 - عبدالله التل : الأفعى اليهودية في معاقل الإسلام ، ص.الثانية ، ص 17.





    ثم إنه لما نزل نابليون سواحل مصر في محرم 1213هـ ( يوليو 1798) واتجه صوب بلاد الشام لاحتلالها في شهر رمضان من السنة نفسها ( فبراير 1799)( 1) أطل اليهود برؤوسهم وسعوا لاستثمار التحرك الفرنسي لصالحهم . ففي ( 17 فبراير 1799) عرض توماس كوربت الضابط في الجيش الفرنسي على عضو حكومة نابليون المسيو بول باراراس Paul Bararas مشروعاً يقترح فيه الاستفادة من اليهود في تحركات نابليون في بلاد الشام ، فدعاه ـ في ذلك المشروع ـ إلى أن يتصل بكبار اليهود ، ويثير في نفوسهم تحقيق تلك الأمنية التي ما برحوا يأملون تحقيقها ألا وهي اجتماع شتاتهم في فلسطين ، ومن ثم يطلب منهم جمع الأموال لا بتياع الأراضي هناك من فرنسا ، فضلاً عن تجهيز المراكب البحرية ، و التدريب العسكري للشباب اليهود للاشتراك في حروب نابليون الشامية ، ثم يعود كوربت مرة أخرى في خطابهِ الذي يحمل تفاصيل المشروع إلى باراراس ـ ليؤكد أهمية الاستعانة باليهود في مخططات نابليون في الشرق ، إذ يرى أن مصالح فرنسا تتفق تماماً مع مصالح اليهود في المنطقة ، فأموال اليهود ـ حسب قوله ـ ستنشط التجارة بين أوربا وآسيا ، كما أن اليهود أنفسهم سيوفرون لفرنسا عنصراً بشرياً موالياً يرسخ استعمارها لمصر وبلاد الشام ، لأنه ليس من المعقول أن يهاجر الفرنسيون إلى تلك البلاد البعيدة و يُخلون وطنهم الأصلي ( فرنسا ) ، بل أنه أشار إلى أن اليهود سيقدمون أهم الضمانات لبث الفوضى وإشعال الفتن في إمبراطورية العثمانيين .
    بادر باراراس بإيصال مشروع كوربت إلى نابليون الذي استصوب الفكرة ، واستعان بعلماء يهود مثل فنتور أستاذ اللغات الشرقية بجامعة باريس و المتبحر باللغة العبرية الذي صاغ نداءً إلى اليهود استوحاه من مقترحات كوربت ، فأشار فيه إلى أن فرنسا رغم الصعوبات التي تواجهها فهي بحكم رسالتها لدفع الظلم عن الشعوب فإنها مصممة على تقديم مهد إسرائيل لليهود . ومما جاء في هذا النداء : " .. يا ورثة فلسطين الشرعيين إن فرنسا تناديكم الآن للعمل على إعادة إحتلال وطنكم ، و استرجاع ما فقد منكم ... أسرعوا فإن هذه اللحظة لن تعوض قبل آلاف السنين للمطالبة باسترجاع حقوقكم المدنية بين شعوب العالم (2 ) .




    وقد أُعلن هذا النداء في الجريدة الرسمية الفرنسية يوم 20 أبريل سنة 1799م(3 ) . و يصادف ذلك محاصرة نابليون لمدينة عكا التي كان قد بدأ بحصارها في 16 مارس( 4). وفي هذا إثبات بأن حكومة نابليون آنذاك قد اقتنعت بما عُرض عليها في شأن اليهود، وشرعت ـ فعلاً ـ في التعامل معهم على أساس منحهم أرض فلسطين التي ما فتئوا يتطلعون إليها لإقامة دولتهم عليها .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
    1- عبدالرحمن الجبرتي ، تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار ، ط. دار الجيل ، 2/180 ، 251 .
    2- - انظر نص الخطاب في : عبدالله التل. الأفعى اليهودية ، ص : 18، 22 .
    3- - عبدالله عزام : حماس ، ط. الأولى 1409هـ /1989 ، ص: 14.
    4- - الياس الحويك ، تاريخ نابليون الأول ، ط. دار ومكتبة الهلال 1/131 .



    خصوصاً وأن ذلك يتضمن تطابقاً في مصالح الطرفين ، واتفاقاً في وجهات النظر إزاء المسلمين بتمزيق دولتهم الامبراطورية العثمانية ، وبث بذور الشقاق في أرجائها، بل والعمل على تحطيم الولاء و البراء في وسط المسلمين (1 ) .
    وصفوة القول إن ما تم من خطوات تعاونية بين نابليون واليهود فهو تجسيد لتلك السنة الخالدة في ولاء اليهود والنصارى لبعضهم بعضاً . ومهما قيل عن نابليون بأنه لا يعتقد بدين ، أو إنه عدو للأديان بما فيها الدين النصراني ، فالسنة الربانية تنطبق عليه ، لأنه ليس هو الوحيد حينذاك الذي يدبر شئون فرنسا ، أليس الشعب الفرنسي جله من النصارى ؟ ناهيك عن كون الكفار عامة من يهود و نصارى و ملحدين من عادتهم الاجتماع على حرب المسلمين (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) ( 2) ( ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم (3).

    - ويذكر الدكتور عبد الوهاب المسيري في موسوعته أن علاقة نابليون بالجماعات اليهودية تأخذ ثلاثة أشكال وتستند في معظمها إلى مبدأ نفع اليهود :

    1- كانت جيوش فرنسا تكتسح النظم الإقطاعية في طريقها وتنصب نظماً أكثر ليبرالية. وقد وصلت هذه الجيوش حتى بولندا ، حيث كانت توجد الكثافة السكانية اليهودية. وأينما حلَّت هذه الجيوش، كانت تقوم بإعتـاق أعضـاء الجماعات اليهودية ووضْع أسـس تحديث هوياتهم المختلفة. ورغم هزيمة جيوش فرنسا ونابليون، فإن العملية التاريخية التي بدأتها هذه الجيوش كان لها أعمق الأثر في أعضاء الجماعات اليهودية. ومع هذا، لابد من الإشارة إلى أن نابليون قام بتجنيد بعض أعضاء الجماعة اليهودية في روسيا واستغلهم كطابور خامس خلال حربه مع روسيا، أي أنه حولهم إلى جماعة وظيفية جاسوسية (لكن غالبية يهود روسيا الساحقة وقفت ضد نابليون وساعدت الحكومة القيصرية).
    كما كان لعلاقة نابليون بأعضاء الجماعات اليهودية في فرنسا أعمق الأثر فيهم. فبعد اندلاع الثورة وإعتاق اليهود في فرنسا، انتشر يهود الألزاس (الإشكناز) الذين كانوا متخلفين حضارياً ويعملون أساساً بالتجارة والأعمال الطفيلية كما كانوا يعملون بالربا، وهو ما أدَّى إلى ظهور مشكلة بينهم وبين فلاحي الألزاس. وقد نشأت مسألة يهودية إشكنازية في فرنسا لم يكن السفارد طرفاً فيها، فأبدى الإمبراطور اهتماماً بالقضية (عام 1806 ) دعا مجلس وجهاء اليهود في باريس، وجمَّد بشكل مؤقت الديون التي اقترضها الفلاحون من المرابين اليهود. وقام الوجهاء بمناقشة القضايا التي قدمتها لهم السلطات مثل: عادات الزواج بين اليهود، والأعمال التي يقومون بها، وواجبهم تجاه الدولة، ومدى إحساسهم بالولاء تجاهها والانتماء إليها. ووافق المجتمعون على أن ولاءهم يتجه إلى الدولة الفرنسية أساساً، وأن اليهود يشكِّلون جماعة دينية،
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
    1- التل : الأفعى اليهودية ، ص 20 ، 21 ،22 .
    2 - سورة الأنفال ، آية 73 .
    3 - سورة البقرة ، آية 105 .

    لا جماعة قومية أو إثنية أو عرْقية. ثم دعا نابليون عام 1807 لعقد السنهدرين الأكبر، وأسَّس إدارة يهودية مركزية تعمل من خلال مجالس مختلفة هي المجالس الكنسية. ولا يزال هذا النمط هو المعمول به في فرنسا بل طُبِّق أيضاً في الجزائر. ثم أصدر نابليون قرارات تحد من النشاط التجاري والمالي لليهود؛ ليتحوَّلوا إلى عناصر نافعة في المجتمع مندمجة فيه، كما أصدر قرارات تشجعهم على الاشتغال بالزراعة والصناعة لدمجهم في المجتمع الفرنسي.

    3- قام نابليون بأولى حملات الثورة الفرنسية الاستعمارية في الشرق، فاحتل مصر عام 1798. وكانت حكومة الإدارة الفرنسية قد أعدت خطة لإقامة كومنولث يهودي في فلسطين، وذلك مقابل تقديم المموِّلين اليهود قروضاً مالية للحكومة الفرنسية التي كانت تمر آنذاك بضائقة مالية. وكان المفروض أن يموِّل اليهود الحملة المتجهة صوب الشرق، وأن يتعهدوا ببث الفوضى وإشعال الفتنة وإحلال الأزمات في المناطق التي سيرتادها الجيش الفرنسي لتسهيل أمر احتلالها. ويبدو أن نابليون كان مطلعاً على الخطة. ولذا، فقد أصدر، بمجرد وصوله إلى مصر، بياناً يحث فيه اليهود على الالتفاف حول رايته لإعادة مجدهم الغابر ولإعادة بناء مملكة القدس القديمة، أي أن نابليون أصدر أول وعد بلفوري في تاريخ أوربا. ويبدوا لنا بعد ذلك تساؤل مهم للغاية . ما أهداف نابليون من خلال ما سرده الدكتور عبد الوهاب المسيري ؟

    1- كان نابليون يحذو حذو مؤسسي الإمبراطوريات الذين كانوا يهتمون بفلسطين لأهميتها الإستراتيجية، ولذا كانوا يحاولون غَرْس عنصر سكاني موال لهم. ويبدو أن نابليون وجد في يهود الشرق ضالته، حيث يمكن تحويلهم إلى مادة استيطانية تدور في مدار المصالح الفرنسية وتكون عوناً له في دعم نفوذه وتثبيت سلطانه. واليهود إن وُطِّنوا في فلسطين فإنهم سيكونون بمثابة حاجز مادي بشري يفصل ما بين مصر وسوريا، ويدعِّم الاحتلال الفرنسي، ويهدِّد المصالح البريطانية من خلال إغلاق طرق مواصلاتها إلى الهند. ويبدو أن نابليون كان يحاول كسب رضا وتأييد حاييم فارحي، اليهودي الذي كان يتمتع بنفوذ مالي في عكا ويتولى مسئولية تزويدها بالمؤن الغذائية. وأخيراً، فإن نابليون كان يهمه كسب ثقة يهود فرنسا ودعمهم المالي في صراعه الذي بات وشيك الوقوع مع حكومة الإدارة.

    2- ولكن، مهما كانت الدوافع، فإن نابليون كان من نتاج عصر الاستنارة، وكان نفعياً لا يؤمن بأية عقيدة دينية، ولذا فإنه لم يكن ليتوانى عن استغلال الدين أو أية عقيدة أخرى. وعلى هذا، فإنه، في ندائه إلى يهود العالم، يتحدث عن حقوقهم التي وردت في العهد القديم وعن احترام الأنبياء (وهو لا يؤمن بأيٍّ منهم). وحينما يصل إلى مصر، فإنه يتحدث عن الإسلام بإجلال شديد ويعلن أنه لم يأت إلى ديار المسلمين إلا للدفاع عن الإسلام ولحمايتهم من الظلم.
    ومما يجدر ملاحظته أنه، على الرغم من أن سياسة نابليون بالنسبة ليهود فرنسا كانت ترمي إلى تحويلهم من جماعة وظيفية وسيطة لها سماتها وخصوصيتها إلى جزء من التشكيل الطبقي والحضاري الفرنسي، لا خصوصية له بل مندمج تماماً في محيطه، فإن سياسته في الشرق كانت تقف على الطرف النقيض من ذلك، فقد كانت ترمي إلى تأكيد خصوصية اليهود باعتبارهم شعباً عضوياً، إذ أن هذه الخصوصية هي مصدر عزلتهم، وعزلتهم هي التي ستجعل بالإمكان تحويلهم إلى جماعة وظيفية قتالية استيطانية تُوطَّن اليهود في فلسطين لتقوم على خدمة الاستعمار الفرنسي والغربي.

    ويُلاحَظ أن ( المسألة الشرقية ) أي ضعف الدولة العثمانية والميراث الذي ستتركه بعد موتها، قد بدأت تلتقي بالمسألة اليهودية. وتتبدَّى عبقرية نابليون في أنه قرر توظيف المسألة اليهودية والجماعات اليهودية في حل المسألة الشرقية حلاًّ يتناسب مع مصالحه.
    والنمط الكامن في تفكير نابليون هو أيضاً النمط الكامن في النظرية الاستعمارية الغربية تجاه الشرق وتجاه أعضاء الجماعات اليهودية، وقد تبدى هذا النمط في وعد بلفور في بداية الأمر، ثم وصل ذروته مع توقيع الاتفاق الإسـتراتيجي بين إسـرائيل والولايات المتحـدة عام 1982.

    القضية الثانية : الحديث عن الحملة الفرنسية بعيون الجبرتي:
    مؤرخ تلك الحملة فقد ولد عبد الرحمن الجبرتي في القاهرة عام 1756م وتوفي فيها عام 1825م وهو مؤرخ مصري عاصر الحملة الفرنسية على مصر ووصف تلك الفترة بالتفصيل في كتابه ( عجائب الآثار في التراجم والآخبار ) والمعروف ( بتاريخ الجبرتي ) وهو من المراجع الأساسية لتلك الحقبة وله كتاب آخر هو ( مظهر التقديس ) يدور في نفس فلك الكتاب الأول ، فلم تكن حملة نابليون على مصر مجرد حملة عسكرية بقدر ما كانت مواجهة ثقافية وبالتالي يمكننا صياغة هذا السؤال ما هو تأثير حملة نابليون كمواجهة ثقافية على الجبرتي وماذا كان رد فعله تجاه الحملة كشاهد عيان ؟ في كتابه مظهر التقديس نسخ الجبرتي خطاب نابليون بالكامل وإليك صورة من هذا الخطاب.( 1)

    خطاب نابليون إلي الشعب ( 2)
    ( بسم الله الرحمن الرحيم لا اله إلا الله لا ولد له ولا شريك له في ملكه . من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية ، السر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابرته يعرف أهالي مصر جميعهم ان من زمان مديد الصناجق الذين يتسلطون في البلاد يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية ويظلمون تجارها بانواع الإيذاء والتعدي .... هذه الزمرة من المماليك المجلوبين من بلاد الابازة والجراكسة ( أي القوقاز وجيورجيا ) يفسدون في الاقليم الحسن الاحسن الذي لا يوجد في كره الأرض كلها ، فاما رب العالمين القادر على كل شيء فانه قد حكم عل انقضاء دولتهم يا أيها المصريون قد قيل لكم انني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد ازالة دينكم فذلك كذب صريح لا تصدقوه وقولوا للمفترين انني ما قدمت اليكم
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    1-الجبرتي، يوميات الجبرتي : "مظهر التقديس بذهاب دولة الفرنسيس"; تحقيق محمد عطا، ط1، دار المعارف، (القاهرة:1958)، 1/37-41.
    2- روبير سوليه : - مصر ولع فرنسي – ترجمة لطيف فرج – مهرجان القراءة للجميع 99 – مكتبة الأسرة ص36 .

    إلا لاخلص حقكم من يد الظالمين وانني أكثر من المماليك اعبد الله سبحانه وتعالي واحترم نبيه والقرآن العظيم ... قولوا لامتكم أن الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون وإثبات ذلك انهم قد نزلوا في رومية الكبري وخربوا فيها كرسي البابا الذي كان دائما يحض النصاري على محاربة الإسلام . )

    وتكمن اهمية الخطاب في إحتوائه على بعض المفاهيم الجديدة والتي سيتحدد موقف الجبرتي من خلالها نحو الفرنسيين .
    1- افتتح الخطاب بـــ (بسم الله الرحمن الرحيم، لا إله إلا الله لا ولد له ولا شريك له في ملكه)
    2- أبلغ نابليون الشعب المصري أن هذا الخطاب أصدر باسم الجمهورية الفرنسية مبنياً على أساس الحرية والتسوية . ”من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية“ .
    3- برر الهجموم على مصر بالقول إنه قد حان الوقت لمعاقبة حكام مصر الذين تسلطوا وتعاملوا بالذل مع الأمة الفرنسية وظلموا تجارها وصادروا أملاكهم واعتدوا عليهم.
    ”السر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابارته، يعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمان مديد والصناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية، يظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي؛ فحضر الآن ساعة عقوبتهم“ .
    4- ويعطي لنفسه المزيد من التبريرات بقوله: ”إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين: إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وإنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى، وأحترم نبيه والقرآن العظيم“.
    5- يبدأ نابليون بالمرحلة الثانية من الخطاب وهي تنظيم أمور الدولة وتطبيق مفاهيمه التي جاء بها فيقول: ”ولكن بعونه تعالى من الآن فصاعداً لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية، وعن اكتساب المراتب العالية“.
    6- المثقفون والمتعلمون من المصريين هم من سيحكمون البلد: "فالعلماء والفضلاء والعقلاء بينهم سيدبرون الأمور وبذلك يصلح حال الأمة كلها".
    7- طلب نابليون من القضاة و الشيوخ والأئمة ووجهاء البلد أن ينقلوا إلى شعبهم نيابة عن الفرنسيين أنهم هم أيضاً مؤمنون ودليل ذلك مهاجمة روما وتدمير عرش البابا الذي لطالما حرض على قتال المسلمين وكما أنه قاتل فرسان مالطا الذين زعموا أن الله أوكلهم بقتال المسلمين فضلاً عن أن الفرنسيين أصدقاء مخلصون للسلطان العثماني وهم أعداء أعدائه. أيها المشايخ والقضاة والأئمة والجربجية وأعيان البلد قولوا لأمتكم: إن الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون؛ وإثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى وخربوا فيها كرسي البابا الذي كان دائماً يحث النصارى على محاربة الإسلام، ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكواللرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين. ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت

    من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني، وأعداء أعدائه أدام الله ملكه. ( 1)

    وينتقل الجبرتي الى مناقشة مبررات نابليون لاحتلاله مصر ”إنني ما قدمت إليكم إلا لكيما أخلص حقكم من يد الظالمين“ فيقول الجبرتي إنها أول كذبة لفقها نابليون. وذهب الى أبعد من ذلك حين قال إنه يعبد الله أكثر من المماليك وما ذلك إلا جنون وجهل مطلق، فأي عبادة يقصدها نابليون مع كفره الذي ران على فؤاده؟ وحجبه عن الوصول إلى الإيمان .

    وقال إنه يحترم النبي وهذه أيضا كذبة مطلقة من نابليون، فإذا كان حقاً يحترم النبي لكان آمن به وقبل الإسلام عقيدة له. ويذكر أيضا أنه يحترم القرآن وهذا كذب مطبق لأن احترام القرآن في تعظيمه وتعظيمه بالتصديق بما فيه والإيمان بأن النبي خاتم الأنبياء وصاحب أفضل الرسالات لكن الفرنسيين يرفضون ذلك.

    وأما فيما يتعلق بالاحترام المادي للقرآن فان الله قد أمر: ”لا يمسه إلا المطهرون“ ولكن هؤلاء قد استخدموا أوراق المصاحف ليتنظفوا بعد التغوط ومن ثم يرمونها وهي ملطخة وهم لا يستخدمون المراحيض ولا يستنجون بالماء البتة بل إنهم يستخدمون الأوراق إن وجدوها. ثم يستشهد الجبرتي بمثال آخر يظهر عدم احترامهم للقرآن ويخلص بسؤال: هل هذا هو الاحترام الذي يدعيه المفتري؟ .

    ثم ينكر الجبرتي على نابليون في ادعائه بأن الناس متساوون عند الله ”إن جميع الناس متساوون عند الله تعالى“ فيقول إن ذلك كذب وادعاء وجهل لأن الله فضل بعضهم على بعض وفي ذلك آيات وشرائع . ثم يحلل الجبرتي لغوياً عبارة ”ما العقل“ ويثبت أنها جملة استفهامية استنكارية وهي بمعنى ”لا عقل للمماليك“ ويتفق الجبرتي معهم في ذلك .

    ويناقش الجبرتي ادعاء نابليون بمطالبة المماليك الدليل والحجة التي بها ملكوا رقاب الناس فينفي أن يكون الله قد منح أحداً الملك بحجة مكتوبة، بل إن الحكم يتم تداوله بينهم أو بالوراثة أو بالقوة. بعد ذلك يعقب الجبرتي ويتكلم عن نتائج أحد ادعاءات بونابرت في أن المناصب السامية ستكون من نصيب الناس، قال الجبرتي بأن تلك المناصب ما أخذها إلا الرعاع وأسافل القوم مثل برطلمين الطبجي والذي يسميه العامة (فرط الرمان كتخذا مستحفظان) .
    إن أكثر ما ميز موقف الجبرتي هو موقفه الساخر والمهين للفرنسيين (في مظهر التقديس) ونذكر بعض الأمثلة على ذلك: حين نزل الجيش الفرنسي إلى القاهرة أول مرة، كانوا يجوبون الشوارع ويأكلون الطعام المصري وهم مبتهجون، لكن الجبرتي علق على ذلك بسخرية وإهانة: ”ويأخذون المشتروات بزيادة عن ثمنها، وهذه من أعظم المكايد لأجل إضلال عقول العامة، وانهمكوا على أنواع المأكولات مثل الكلاب السعرانين ففجر السوقة“.
    كما أنه يعلق على طقوس تشييع كليبر بقوله: ”انقضى أمره وذهب الى لعنة الله“ ، كذلك بعد
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
    1- أنظر كتاب الجبرتي مرجع سابق .




    وصفه الاحتفال بالذكرى السنوية للجمهورية الفرنسية بقوله: ”عجّل الله زوالها من جميع الأرض، وبعد أيام انهارت الأقواس التي وضعوها للزينة من أجل الاحتفال، ذكر الجبرتي أن الناس استبشروا بذلك وقال "فتفاءل الناس بسقوط دولتهم“ ، إضافة الى تعليقه عندما تلقى أنباء عن هزيمة الفرنسيين أمام الإنكليز والعثمانيين ختم تعليقه بالقول: ”ولله الحمد“ .

    وقد رسم الجبرتي للفرنسيين صورة في ذهنه أتخذ من خلالها موقفا عدائيا ومتشددا تجاه الفرنسيين مما منعه من فهم الثقافة الغربية وعدم الاكتراث والتفكر فيها، فهو اعتبرهم كفاراً وأقل شأناً وأن ثقافتهم دنيئة، وربما يكون السبب وراء مشاعره تلك تجاه الفرنسيين هو الإرث الإسلامي والحضارة الاسلامية التي تزامن تفوقها مع العصور المظلمة الأوربية وأنه ولد ونشأ في أسرة متدينة من العلماء بحكم كونهم رؤساء رواق الجبرت في الأزهر.
    وكان الجبرتي نفسه عضواً بارزاً في جماعة العلماء في القاهرة، وهذا الإرث الماضي المجيد جنباً الى جنب مع العقيدة الدينية ولدا نوعاً من الإعتزاز بالنفس والإيمان بالهوية الإسلامية والازدراء للثقافة الفرنسية الغربية فحكم على الفرنسيين بأنهم كفار وبرابرة وخلص إلى أن المجتمع الفرنسي بعمومه مجتمع همجي.

    ويبقى الجبرتي غير راضٍ عن انتصار الفرنسيين على المماليك بحكم عدم تساوي الطرفين من حيث المعدات العسكرية. ونسب هزيمة المماليك إلى الرياح القوية التي هبت على المماليك مصحوبة بالغبار يوم المعركة بينما في مكان آخر يذكر أن العلماء والعامة لم يدخروا يوماً في الصلاة والدعاء وقراءة البخاري في الأزهر على الرغم من أن هذه الصلوات لم تمنع دخول الفرنسيين مصر. ولكن في عجائب الآثار يظهر الجبرتي العكس تماماً إذ يسخر من المماليك ويتفاخر بنمط الفرنسيين العسكري وتنظيمهم كما يسخر من العلماء والعامة الذين يرددون البخاري في الأزهر .

    كل تلك الأحكام المسبقة والأفكار المتبناة استناداً إلى الموروث جعلت الجبرتي لا يرى سوى الجانب السيء من الفرنسيين أو لنقل ما اعتبره هو سيئاً وبنى أحكامه استناداً إلى معرفته هو وليس بنظرة تجريدية.

    ونتيجة لذلك رسم الجبرتي صورة عن الفرنسيين تظهرهم مدمني الخمور الذين لا همَّ لهم سوى البحث عن المتعة ”ان لهم عناية أشد من ذلك (أي الحمير) في بذل الأموال في الخمور و التردد إلى حانات الراح" .

    "لأن أكثرهم مطبوع على المجون والخلاعة وتلك هي طبيعة الفرنسيس فمالت إليهم نفوس أهل الأهواء من النساء الأسافل والفواحش فتداخلن مع الفرنسيس لخضوعهم للنساء وبذل الأموال لهن“ .

    يبين هنا الجبرتي العلاقات التي تمت بين النساء المصريات والجنود الفرنسيين إذ اتجهت الكثيرات من النسوة إلى الجنود من أجل ممارسة الجنس معهم مقابل مبالغ من الأموال وازدهرت تلك الحالة بأعداد هائلة من النساء. في حين أنه يصف إنشاء الفرنسيين لملهى ونادي ليلي بالتنظيم والدقة، ويصف آلية دخول الشخص إلى ذلك المكان في عجائب الآثار. إذ شيد الفرنسيون نادياً قرب الأزبكية يجتمعون فيه للترفيه، وأشار الجبرتي الى ذلك بقوله :
    ”تجمعوا بدارالخلاعة، يجتمعون بها النساء والرجال للهو والخلاعة رجالاً ونساء وتراقصوا وتسابقوا“ ، وأشار الجبرتي أيضا إلى ولع الفرنسيين بالحمير والخمور، وقد كان الفرنسيون ينفقون أموالا كبيرة مقابل استئجار الحمير لركوبها. ونتيجة لذلك الولع من الفرنسيين فإن الكثير من المصريين الذين كانوا عاطلين عن العمل صاروا تجاراً بسبب ركوب الحمير فقد كان بعض الفرنسيين يقضون نهاراً كاملاً على ظهور الحمير دون القيام بأي عمل سوى التجوال في الشارع والسباق والغناء والضحك والمزاح وإنفاق الأموال الطائلة في النبيذ و ركوب الحمير، ويختم هذا التصور الذي رسمه عن الفرنسيين بقوله: ” ان الفرنسيين ضاعت أموالهم بين حمار وخمار“ .

    كما كان للجبرتي بعض المفاهيم والإنطباعات حول الأفكار والمفاهيم الفرنسية الجديدة التي انتقلت إلى مصر مثل نظام الولادة والوفيات – والنظام الصحي – ونشر الملابس على شرفات المنازل لتعريضها للشمس والإبلاغ عن المرضى ، كما كان هناك مفاهيم سياسية ألتقطها الجبرتي من خطاب نابليون مثل إسناد المناصب الرفيعة وإنشاء حكومة محلية لإدارة شؤون البلاد إلى غير ذلك . (1 )
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
    1-أرجع إلى كتابي الجبرتي – تاريخ الجبرتي – مظهر التقديس .

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. دور قبيلة بني عــون من أولاد ســلام في مقاومة الحملة الفرنسية
    بواسطة محمد أنور بو عبداللاه لعناوي في المنتدى ملتقى القبائل العربية . مجلس القلقشندي لبحوث الانساب .
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-11-2021, 05:39 PM
  2. الحراك السياسي الشعبى المواكب للحملة الفرنسية
    بواسطة الارشيف في المنتدى الدراسات التاريخية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-10-2017, 05:59 AM
  3. الحملة الفرنسية بعيون الجبرتي
    بواسطة الارشيف في المنتدى الدراسات التاريخية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-10-2017, 05:41 AM
  4. دور جهينة في مقاومة الحملة الفرنسية على مصر
    بواسطة مالك الجهني في المنتدى مجلس قبيلة جهينة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-09-2014, 10:27 AM
  5. جهاد قبيلة جهينة مع الاشراف ضد الحملة الفرنسية
    بواسطة الميلبي في المنتدى مجلس قبيلة جهينة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-11-2012, 01:59 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum