جمّـــع و تلّخيـــصّ : عليّ الحاج مزهر الصدّام الحبيب الهبيري آل كرندلّ الخزاعي .
بسم الله الرحمنّ الرحيمّ
احتل العثمانيون العراق عام 941 هج ، الموافق 1543م، واستمر حكمهم للعراق حتى الاحتلال البريطاني عام 1917م.
(و سنبّين في شروحات لاحقة ، دوافّع الأسباب و العوامل التي وقفتّ وراء جميع الأحتلالات ، و الأعتداءآت ، و النزاعات ، و الحروب التي وقعت على بلادّ ما بين النهرين – العراق ، دار السلام . و التي اختصرها و لخّصّها لي أبيّ بقوله:-
( هذه ظريبة الكبّارة )
و بعوّدة للأحتلال العثماني للعراق ،
كان الطابع العشائري و الديني و الأجتماعي في العراق له الغلبة وقتذاك، حيث كان العراق (آنذاك) (مجزء )الى ستة امارات قبلية تحضى بالقوة و النفوذ و التواجد و مدينة بغداد لمّ تكن مركزا" أو معيارا" لأي قبيلة أو عشيرة ، لأنها العاصمة الجامعة لجميع أطياف و مكونات العراق . و تلك الأمارات هي :-
1- امارة ربيعة (في الشمال الغربي)
2- امارة زبيد (في الوسط الغربي)
3- امارة خزاعة –الخزاعل (على طول نهر الفرات ، من عانه و مرورا" بالحسكة – الديوانية حالياّ و انتهاء" بحدود امارة المنتفقّ )
4- امارة بني لام ويشاركهم بني أسدّ (في الجنوب الشرقي و الغربي)
5- امارة المنتفق (المنتفج ) آل السعدون ( في العمق الجنوبي الغربي)
6- امارة الدّيلمّ ( في المناطق الغربية )
وحتى وقت قريب ، كان هذا الطابع يغلب على مجمل خارطة العراق، حيث كان العراق عبارة عن مزيج متنوع من المجتمعات الدينية و بشتى الأصناف و المسميات العقائدية من العشائر و القبائل.
بعض هذه المجتمعات مستقرة على شكل مجموعات كبيرة تمتهن الزراعة و التجارة ، والبعض الآخر قبائل و عشائر مستقرة و متنقلة (بدوية مترحلة )لا تستقر في مكان معّين ، ولا تعرف حدودا" لولاية أو ناحية، بحثا عن الماء والكلأ و العيش الآمن. وكانت الدولة العثمانية بطبيعة الحال تسعى جاهدة لبسط نفوذها على كل أرجاء العراق وإخضاع قبائله التي كانت تنتشر في طول البلاد وعرضها.
إلا أن هذه القبائل كانت مشكلة (الباشوات الأتراك) التي لا حل لها، فهذه القبائل بطبيعتها البدوية تتنقل من مكان الى آخر، ولا تصبر على الضّيم بحكم تقاليدها، إضافة لكرهها للتسلط الأجنبي؛
لذلك ، اتبع العثمانيون سياسات عديدة ومتنوعة خصوصا مع قبائل الفرات و جنوب العراق التي تختلف معهم في المذهب لفرض الهيمنة التركية عليها، ومن جملة هذه الأساليب والسياسات :
1- فرض ضرائب مالية ثقيلة على القبائل و العشائر.
كانت العشائر العراقية تمتلك ثروة مالية طبيعية ضخمة تتمثل بقطعان كبيرة من الأبل والجمال والخيول ، بينما كانت الأراضي الزراعية تنتج كميات هائلة من التمور و الخيرات كالحبوب والحنطة والشعير وغيرها من المنتجات الزراعية، بسبب سعة الأراضي وخصوبتها ووفرة المياه وسهولة السقي في جنوب العراق، فقد حركت هذه الثروات الطبيعية وعوائدها المالية الضخمة شهّية الولاة العثمانيين، فأخذوا يسعّون جاهدين للسيطرة عليها من جهة، ودفع ما تبقى الى مركز الخلافة العثمانية في اسطنبول من جهة أخرى، حيث كان لبقاء (الوالي) كحاكم على العراق مشروطا بمقدار ما يرسل من أموال الى مركز الخلافة العثمانية في الباب العالي في الأستانة (أسطنبول).
وبديهّيا ، فأن تأمين استحصال هذه الأموال الوفيرة لا يتم إلا بفرضّ ضرائب ظالمة على المواطن و على العشائر، وقد تنوّعت هذه الضرائب في مسمّياتها ، ففرضت ضريبة على المحاصيل الزراعية ، وكانت هذه الضريبة فقط على الورق ، و (قانونا" هي العشر) ، و الحقيقة ، فقد كان الولاة العثمانيين يستوفون خمسّ المحصول ، و أحيانا أخرى مناصفة في المحصول ؟ .
ولم يكتف الولاة العثمانيون بهذا النهب المنظم للثروة العراقية بل كانوا يلجأون لحصي الأشجار ووسائل الري وعدد فلاحي المنطقة لتقدير الضرائب ، أو يتم التقدير على أساس المساومة على مبالغ مقطوعة. وكانت خطورة هذه الضرائب تكّمن في كونها افتراضية تخضع لمزاجات المخمنين، فقد كانت ( السلطة العثمانية ) ترسل مخمنين أثنين أو ثلاثة لتخمين مقدار الحاصل الزراعي و الأنتاجي لهذه الأرض أو تلك وقد عرف ذلك التخمين بمصطلح (الخرصّ) ثم توضع المنطقة الزراعية في عهدة شيخ عشيرة يلتزم بدفع مبالغ مالية بمقدار المال المخمن مقابل تعيينه شيخا للعشيرة وعرف ذلك بمصطلح (الالتزام) ولمّ ترقّ أو تنال رضى أمراء و رؤساء بعض القبائل لتلك القوانين ( الفرمانات التركية ) لأنـها كانت ظالمة ، و تمسّ من هيبة و كرامة تلك القبائل ، حيثّ انه ظلما" كان يقع على عاتق الفلاحين ، فربما لا يوفي الحاصل المنتج من مقدار الحاصل المخّمن ، مما أجبر الفلاح على شراء محاصيل من مناطق أخرى للخروج بما في عهدته من (الالتزام) وبالتالي يعمل لسنة كاملة في الأرض لينتهي بعدها مديونا للحاكم و الوالي و للحكومة العثمانية من جهة ، و لا يستطيع اللجوء الى أمير قبيلته أو زعيم عشيرته من جهة أخرى لمساعدته .
مثلا":
فقد بلغ (التزام ) منطقة الهندية جنوب كربلاء عام 1884م ، حوالي 15,000 ليرة) (وكانت المنطقة تحت رعاية المرجعية الدينية و تصرف قبيلة زبيد و خزاعة )
ولم يشبع هذا المبلغ الكبير نهم الولاة العثمانيين، فعهد (التزام المنطقة ) في السنة التالية الى أمير زبيد على مبلغ قدره (19،000 ليرة ). (راجع كتاب - فريدريك وليمسون ، تأريخ العراق السياسي ، ترجمة- مير بصري- ص 124)
اما في في منطقة الشمال الغربي ( قبيلة شمّر العربية ) فكان الحال ، إضافة الى الضريبة الزراعية كانت الدولة العثمانية تستوفي من القبائل ضرائب أخرى منها ( ضريبة البيتية ) حيث تتقاضى بموجبها (2 قرش ذهبي ) سنويا عن كل بيت أو كوخ تسكنه عائلة واحدة، ويتضاعف المبلغ اذا شغل البيت أكثر من عائلة واحدة ، كما تستوفى ضريبة على المواشي مقدارها نصف مجيدي في السنة على كل رأس من الجمال والخيل والبقر والجاموس والحمير ، و (2) قرش فظة عن كل رأس من الغنم والماعز . (راجع – كتاب الأوضاع القبلية في ولاية البصرة / د. خالد السعدون- ١٣- وكتاب - فريدريك وليمسون ، تأريخ العراق السياسي - ص 125)
ويذكر العزاوي في كتابه العراق بين احتلالين ج7 ص204 ، أن واردات البصرة وحدها كانت تبلغ سنويا 4 أحمال من النقود، ثم بلغت بعد سنوات 9 أحمال ، و تجاوزت هذا المقدار في السنوات التي تلتّ ، وكان لدفّع هذه الضرائب المالية الثقيلة على العشائر العراقية عدة أهداف :-
1- ملئ جيوب الحكام و الولاة العثمانيين و موظفيهم ، و ضمان استمرار الوالي و بقائه في السلطة .
2- اضعاف القبائل اقتصاديا" ، لأشغالهم عن مقاومة الدّولة العثمانية .
3- محاولة اجبار العشائر للنزوح و الهجرة الى البلدان المجاورة و الخلاص من المذهب الشيعي و حدثّ هذا خصوصا" في الجنوب الشرقي و الفرات الأوسط .
4- تفكيك و تفريق القبائل الى مجاميع صغيرة و ضعيفة للسيطرة عليها عسكريا" (سياسة فرقّ تسدّ)
ومن دّلالات تلك الحوادثّ ، ما ذكره العزاوي في كتابه - العراق بين احتلالين ج5 / ص164 قال:
في عام 1116 هـ _1704 م شنّ الوزير العثماني (الوالي على بغداد) حملة عسكرية على قبيلة وعشائر بني لامّ ، لأنها لمّ تذعن بالولاء والطاعة، و لمّ تدّفع الدّية المطلوبة، وكانت قبيلة بني لامّ من أقوى القبائل جرأة و شكيمة ، وكانت حجر عثرة في طريق العثمانيين بين بغداد والبصرة ، ومنذ زمنّ السلطان سليمان القانوني الى يومنا هذا ، لم تذّعن هذه القبيلة العريقة للولاة ، أو لأي والي أو حاكم بعدهمّ .
و عند وصول قوات الوزير العثماني ( والي بغداد آنذاك ) تصّدت له جيوش و شجعان بني لامّ في واقعة مشهورة تكبدّت فيها العساكر العثمانية خسائر عظيمة . و لكن ، للسلاح غلّبة ، فقدّ باغتتهمّ البنادق و المدّفعية ، و صارت الغلبة للجيش العثماني و والي بغداد ، حيثّ ألتجأ معظم مقاتلي تلك الواقعة الى جبال اللّرّ ، على الحدود الأيرانية ، و تتبع الوزير أثرهم الى هناك بأسلحته و مدافعه ، وأوقع بهم و كبّدهم كثيرا" من القتلى و الخسائر ، ونهب أموالهم .
وفي عام 1208هـ_1793م ، تمردّ الخزاعل بقيادة أميرهم آنذاك الشيخ محسن آل حمد الحمود و أمتنعوا عن دفع الظرائب و المعينات التي عليهم ، فجهّز الوزير العثماني (والي بغداد آنذاك) جيشا" عظيما" بقيادة أحمد الكهية قائد الجيش التركي و الموظف الأكبر في الحكومة العثمانية في بغداد ، فتحرك من بغداد وتوجه نحو الحسكة (الديوانية حاليا) وأقام التدابير اللازمة لحصار العشيرة بالجندّ و المدفعية، و بعد عدّة معارك ظارية أستمرت سبعة ايام بلياليها ، رضخ الطرفان للجلوس للمفاوضات و التسوية بعد توسط وجهاء و زعماء القبائل و رجال الدين لأنهاء القتال و المصالحة و الأتفاق على مبلغ معقول يدفع سنويا" من قبل قبيلة خزاعة الى خزينة الدولة العثمانية .
( glpJJJhj~ lqdzJJJm gHil hgrfhzg , hguahzv hguvfdm – hguvhrdm K j,.duiJh hg[yvhtd ,],viJh sf~g
مواقع النشر (المفضلة)