ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع افتقاد الكثير من افراد مجتمعاتنا الى ما يسمى ادب الحوار حيث تلمس ان الفرد المسلم ابعد ما يكون متمثلا بهذا الادب مع انه اولى الناس به وبالرغم من تعاليم الاسلام التي تحث على اتباع الاسلوب الامثل بمخاطبة الخصم او الطرف المضاد حاثا اياه على ذلك بكثير من الايات والاحاديث المستفيضة ولنا في اسلوبه صلى الله عليه وسلم في مخاطبة الناس حتى السفهاء منهم والجهلاء مثالا يحتذى باسلوبه الراقي في الحوار مع الاخر لايصال تعاليم ربه سبحانه وتعالى ..
لقد اهتم الإسلام بالحوار اهتماماً كبيراً، وذلك لأن الإسلام يرى بأن الطبيعة الإنسانية ميالة بطبعها وفطرتها إلى الحوار ، أو الجدال كما يطلق عليه القرآن الكريم في وصفه للإنسان : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلا ) بل إن صفة الحوار ، أو الجدال لدى الإنسان في نظر الإسلام تمتد حتى إلى ما بعد الموت، إلى يوم الحساب كما يخبرنا القرآن الكريم في قوله تعالى: ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها )
عليه فإن للحوار أصولا متبعة ، وللحديث قواعد ينبغي مراعاتها ، وعلى من يريد المشاركة في أي حوار أن يكون على دراية تامة بأصول الحوار المتبعة ؛ لينجح ـ بحول الله ـ في مسعاه ، ويحقق ما يرمي إليه ،
من آداب الحوار وأصوله ما يلي:
1ـ إخلاص النية لله ـ تعالى ـ وهي لب الأمر وأساسه ، و أن يكون الهدف هو الوصول إلى الحقيقة ، متبعا في ذلك قاعدة : ( قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب ) فالحق ضالة المؤمن أنى وجده فهو أحق به، كما أنه ضالة كل عاقل . فيلزم من الحوار أن يكون حسن المقصد ليس المقصود منه الانتصار للنفس إنما يكون المقصود منه الوصول إلى الحق أو الدعوة إلى الله ـ عز وجل ـ كان الإمام الشافعي رحمه الله يقول ( ما ناظرت أحداً الا وددت أن الله تعالى أجرى الحق على لسانه ) هذه أخلاق أتباع الأنبياء ، وهنا الإخلاص والتجرد.
2- فهم نفسية الطرف الآخر ، ومعرفة مستواه العلمي ، وقدراته الفكرية سواء كان فردا أو مجموعة ؛ ليخاطبهم بحسب ما يفهمون.
3- حسن الخطاب وعدم استفزاز وازدراء الغير، فالحوار غير الجدال ، واحترام أراء الآخرين أمر مطلوب ، ففى سورة سبأ يسوق الله لنا أسلوبا لمخاطبة غير المسلمين حيث يقول فى معرض الحوار . "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" .
4- حسن الاستماع لأقوال الطرف الآخر ، وتفهمها فهما صحيحا ، وعدم مقاطعة المتكلم ، أو الاعتراض عليه أثناء حديثه.
5- التراجع عن الخطأ والاعتراف به ، فالرجوع إلى الحق فضيلة.
6- أن يكون الكلام في حدود الموضوع المطروح ، وعدم الدخول في موضوعات أخرى.
7- البعد عن اللجج ، ورفع الصوت ، والفحش في الكلام ، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث ابن مسعود ( ليس المؤمن باللعان ولا بالطعان ولا الفاحش ولا البذيء )
8- البعد عن التنطع في الكلام ، والإعجاب بالنفس ، وحب الظهور ولفت أنظار الآخرين.
9- التروي وعدم الاستعجال ، وعدم إصدار الكلام إلا بعد التفكر والتأمل في مضمونه ، وما يترتب عليه.
10- عدم المبالغة في رفع الصوت ، إذ ليس من قوة الحجة المبالغة في رفع الصوت في النقاش والحوار بل كل ما كان الإنسان أهداء كان أعمق .
فالحوار الإيجابي الصحي هو الحوار الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات في ذات الوقت ، ويرى العقبات ويرى أيضا إمكانيات التغلب عليها ، وهو حوار صادق عميق وواضح الكلمات ومدلولاتها وهو الحوار المتكافئ الذي يعطى لكلا الطرفين فرصة التعبير والإبداع الحقيقي ويحترم الرأي الآخر ويعرف حتمية الخلاف في الرأي بين البشر وآداب الخلاف وتقبله .
للقول بقية >>>
ig ktjr] gh]f hgp,hv ?!!!
مواقع النشر (المفضلة)