باشوات وسوبر باشوات
بقلم: الدكتور فتحى زغروت
قال د. حسين مؤنس خلال 150 عاما من تاريخ مصر ( 1805 – 1952) حكم الباشوات بلادنا وملكوا كل شئ فيها : السياسة والجاه وصدارة المجتمع والقصور والأموال والضياع , وفي يوليو 1952 انتزعت منهم الثورة السياسة وصدارة المجتمع ولكن : من الذي استولي على القصور والأموال والضياع ؟ السوبر باشوات : باشوات بلا ألقاب وأشراف بلا شرف وناس بلا إنسانية ومواطنون بلا وطنية.
وقد قام الرجل بالتأريخ لمصر ابان تلك الفترة وتحدث عن ثورة يوليو 1952 التى انتزعت قيادة السياسة وصدارة المجتمع من الملك والباشوات والانجليز
وتعد تلك الثورة اكبر حادث فى تاريخ مصر الحديث بعد ثورة 1919 وقد فتحت لمصر آفاق واسعة وقدمت رجالا هم نماذج للوطنية والصدق والايمان وخدمت مصر خدمات كبرى كان اجلاء الانجليز عن مصر فى مقدمتها
ولكن لا شك أيضا في أن الظروف العسيرة التي أحاطت بالثورة – داخلا وخارجا – أتاحت الفرصة لجماعات من المغيرين الذين أنسلوا في الظلام واعتدوا وسرقوا ونهبوا فهناك أموال بلاد حدود كانت هنا قبل الثورة وهي ليست هنا الآن . وكل إنسان أدري بما فعل .
ويتطلب الحديث هنا ان نتحدث عن مصر قبل ثورة يوليو 1952 كان في مصر عالم قائم بذاته محوط بأسلاك شائكة عالية ومحرم على غير أهله يسمي عالم الباشوات .. وكان الذين يعيشون في ذلك العالم المرهوب يتراءون لنا – نحن المحرومين خارج السوار – وكأنهم ديكة رومية أو طواويس : بذلات سوداء رسمية أنيقة طويلة الذيول .. وطرابيش حمراء وطويلة كأنها التيجان ومشية أنيقة رشيقة وأبهة في موكب حافل من الخدم والحشم والسفرجية والاغوات .. وسعادات الباشوات يعيشون في عالمهم هذا بعيدا جدا عن عالم الرعاه يأكلون أكل باشوات . ويشربون شرب باشوات .. ويتكلمون أيضا كلام باشوات
وكان يميز الباشوات عن غيرهم من عباد الله المساكين أشياء كثيرة جدا ولكن أهمها أربعة : اللقب طبعا وهو نعمة من الله تهبط على السعداء ويتناولونها من يد حضرة صاحب الجلالة بتوصية وتزكية من فخامة المندوب السامي أحيانا .. وأحيانا أخري بدون توصية أو تكية وأحيانا ثالثة برشوة محترمة - أو غير محترمة – تقدم إلى صاحب الجلالة بواسطة أحد من أفراد حاشيته بعد أن يقتطع لنفسه منها ما تيسر بإذن من صاحب الجلالة أو بغير إذنه .. والميزة الكبري الثانية هي القصر أو السراي أو الفيلا لأن الإنسان الذي يسكن في شقة كان لا يمكن أن يصير باشا أبدأ.. ولابد للباشا – ثالثا – من السيارة والسائق .. لأن الباشوات لا يركبون الترام .. ورابعا العزبة أو الأبعادية .. إذ لا يمكن أن تتم الباشوية إلا بالعزبة . وسعادة الباشا رايح العزبة .. وجاي من العزبة ..
والغالبية العظمي من الباشوات كانوا وزراء لأن الباشوية تأتي فى العادة مع الوزارة ولم تأت بمفردها إلا لنفر قليل جدا من العباقرة من أمثال مصطفى كامل باشا وطلعت حرب باشا وأحمد عبود باشا . كانت هذه الرتبة من الباشوية من استامبول ... أى أن اللقب أتاه من يد السلطان ... وإلى أواخر أيام إسماعيل باشا كان كل باشوات مصر يصنعون فى استامبول .. أما الباشوات صناعة مصرية محلية فقد بدأ إنتاجهم على يد الخديوي إسماعيل دفع 10 ملايين جنيه للسلطان وحصل على ترخيص إنشاء مصنع باشوات في مصر وكسب من وراء المصنع بعد ذلك مائة مليون وكان الحصول على الباشوية بالفلوس تقليدا مألوفا وسعرها كان أحيانا معروفا وكذلك كان وسطاؤها وسماسرتها أشبه بأصحاب توكيلات رسمية معروفة عند طلاب الباشوية وجامعي التحف والانتيكات ..
الى القاء للتكملة فى الحلقة القادمة
من كتاب باشوات وسوبر باشوات لحسين مؤنس (بتصرف) يتبع أدناه ...
fha,hj ,s,fv - frgl hg];j,v tjpn .yv,j
مواقع النشر (المفضلة)