النتائج 1 إلى 10 من 10

الموضوع: تاريخ بني سليم في الجاهلية والاسلام

من تاريخ بني سليم في الجاهلية والاسلام بقلم فارس السلمي نسب قبيلة بني سليـــــم يرجع نسبهم إلى : سُلَيْم بن منصور بن عكْرمة بن خَصَـفة بن قيس

  1. #1
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية د ايمن زغروت
    تاريخ التسجيل
    01-10-2009
    الدولة
    مصريٌ ذو أصولٍ حجازية ينبعية
    المشاركات
    12,200

    افتراضي تاريخ بني سليم في الجاهلية والاسلام


    من تاريخ بني سليم في الجاهلية والاسلام

    بقلم فارس السلمي

    نسب قبيلة بني سليـــــم


    يرجع نسبهم إلى : سُلَيْم بن منصور بن عكْرمة بن خَصَـفة بن قيس عَيْلان بن مضر نِزار

    بن مَعْـد بن عــدنان . ويتصل النسب إلى( إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام) ، ويدعى

    أحدهم سُلَمي . وهي من أكبر القبائل العربية حيث ينتشر أفرادها

    في معظم الدول العربية.



    بني سُليم في الجاهلية


    بني سُليم في الجاهلية كما تحدث عنهم الدكتور عبد الرحيم عسيلان :

    كان لبني سُليم مــركز مـرمـوق في الجـاهلـية ، فـقـبـيلتهم من أعرق القبائل العدنانية ولهم هيبتهم لما عرفوا به من قوة وشجاعةٍ وبطولة ، وكان منهم من يتمتع بثراء عريض لثراء بلادهم التي تكـثـر فيها المعـادن إلى درجة أصـبح معـدنهم أشهـر معدن عرف في جزيرة العرب عنـد بزوغ فـجر الإسـلام ، وبما أنا طـوائف كثيـرة مـن العــرب تأنـف الاشتغال بالصناعات ومنها التعـدين ، فإن بني سُليم لم يمارسوا التعدين بأنفسهم ، بل مارسه أناس من غير أهل بلادهم ، وأرضهم كانت خصبة ومعــطاءة وغنية بمواردها الزراعية إلى جانب إنها محصنة تحصيناً طبـيعـياً بحرارها وجبالها ، ولم يغفوا عنها فصانوها برجالهـم وسيـوفهـم ورماحهـم ، وكانـوا مشهــورين بامتـلاك الجـيـاد الأصيلة ، وركوبها في المعارك التي تدور رحاها بيـنهم وبين غيرهم ، ولهـذا تعـددت أيامهـم في الجاهلية ، وكـانت الحـرب فيـها سجلاً ، يوم لهم ويوم عليهم ، فقد دخل جيشهم في حرب مع جيش النعمان بن المنذر وجيش غطفان ، وتمكنوا من هزيمة الجيشين معاً وانتصروا انتصارا مؤزراً ، وحلفهم النصر يوم عــدنية وذلك أن صخـرا غـزا بقـومه وترك الحي خلـواً فـأغارت عــليهـم غطفان ، فثارت إليهم غلمانهم ونساءهم ومن كان تخلف منهم فُقتل من غطفان نفر وأنهزم الباقون ، ولم يخطهم الظفر في يومهم مع بني نصر إذ أغارت بنو نصر على ناحية من أرض بني سُليم فنهض لمقاومتهم العباس بن مرداس في جمع من قومه وقابلهم فأكثر فيهم القتل وكان النصر حليفاً لبني سُليم ، وكذلك الشأن في يوم الفيفاء الذي كان بعد هزيمة بني سُليم يوم برزة ، ولكن ذلك لم يوهنهم بل جعلهم يحرمـون على أنـفـسهـم النسـاء حتى يـدركـوا بـثأرهـم من خصـومهـم بني كنانة وتم لهـم ما أرادوا إذا غزا عـمـرو بن خـالـد ابن صخـر بن الشـريد بقومه حتى أغـار على بني فراس ، فقتل منهم نفراً ، منهـم عـاصـم بن المعـلى ، ونضله ، والمعارك وعـمـروا بن مالك ، وحصن وشريح ، وسبي سبيا فيهم ابنة مكدم على أن هذا النصر الذي حظي به بنو سُليم في هذه الأيام لم يستمر طويلاً فقد اعـتـرتهم الهزيـمة في حـربهـم مع بني مازن يوم ذات الرمرم ومع كنانة وقريش يوم عـكاظ ، وفي يوم برزة الذي كان بينهم وبين بنى فراس من كنانة ، ومن أيام بني سُليم في الجاهلية أيام كانت لهم مـن جهـة ، وعــليهـم من جهـة أخـرى مثل يـوم تثليث وحرب الفجار ، ويـوم حوزة الأول والثاني ويم ذات الأثل ، ويوم الكديد ، والذي يتتبع الأيام التي خاض غمارها السلميون يدرك أنهم كانوا في مركز القوة من عرب الجاهلية في غاراتهم الهجومية والدفاعية ، وما كانت الهزيمة لتثنيهم وتثبط عزائمهم بل كانوا يتخذون منها درساً يدفعهم إلى الإصرار في الأخذ بالثأر كما رأينا في أحداث يوم الفيفاء ، الذي جاء إثر هزيمتهم يوم برزة ، ومع هذه المنزلة الحربية لبني سُليم كانت لهم مكانة تجارية مرموقة نـظـراً لمـا تـتمتع به أرضهم من ثروات معـدنية كثيرة ، ولما كان لهم الإشراف على طريق تجاري هــام هـو الطـريق الـمـوصل إلى المـديـنة التي تعـتـبر منفذا لتجارة قـريش من الشام ، ولذلك أدرك القرشيون منذ وقت مبكر ضرورة الاتصال ببني سُليم ، وعقد أواصر الصداقة معهم ، ومن هنا كان التحالف بين كثير من الأسر المكية القرشية وبـيـن بني سُليم .


    أيـــام بني سُليم في الجـاهــــليــــة


    هزيمتهم لجيش الملك النعمان بن المنذر :


    كان من أبرز أيامهم ، وهو يوم دفاعي محض بالنسبة لبني سُليم، اجتمع فيه عليهم جيشان: جيش النعمان بن المنذر، وجيش غطفان ،فهزموا الجيشين معاً . وتفصيل ذلك أن النعمان بن المنذر وجد على بني سُليم في أمور فأراد أن يخضد شوكتهم ، فبعث لهم جيشا لتأديبهم ، ومر هذا الجيش بإيعاز منه على غطفان ، جيران بني سليم وأبناء عمومتهم من قيس عيلان ، فقبلوا مزاملتهم في هذه الحرب الهجومية . ووقعت هذه الحرب الحاسمة بين الجانبين ، فانتصرت بنوا سُليم انتصارا مؤزرا ، وأسرت عمرو بن فرتنى مقدم جيش النعمان بن المنذر، فبعثت غطفان إلى بني سليم يطلبون منهم إطلاق سراح الأسير الكبير ، وناشدوهم بالرحم التي بينهم إلا ما أطلقوا سراحه ، فلم تستجب سليم لهذه المناشدة ، وأجابوا غطفان بأنهم لم يراعوا هذا الرحم ، كما لم يراعوا الصداقة والجوار التي بينهم ، حينما أعانوا عليهم جيش النعمان بن المنذر القادم إليهم .
    وفي هذا قال أبو عامر جد العباس بن مرداس أبياتاً قال فيها :

    لا نسـب الـيـوم ولا خـلة
    أتسع الفتق على الراتق
    لا صلح بيننا فأعلموه ولا
    بـينكم ما حملت عاتقي
    سيــفـي وماكنا بنجد وما
    فرفر قمر الوادي بشاهق


    يــوم ذات الـرمــرم
    ....................

    وهذا يوم آخر من أيام بنو سُليم ، وكان يوم اسود عليهم ، لقد انتصرت فيه عليهم بنو مازن ، والحرب سجال ( وبنو مازن أخوة سُليم ) مثل هوازن فجميعهم من منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.


    يــــــوم تـثـــليـــث
    ....................

    كانت سليم غزة مع زعيمها العباس بن مرداس ، مراداً بن مدحج القحطانيه ، فجمع لهم عمرو بن معد كرب ، فالتقى الجمعان بتثليث ، فصبر الفريقان ، ثم وقفة رحى الحرب بينهما ، عـلى قاعـــدة : لا نصر ولا انكسار، وفي ذلك اليوم صنع العباس بن مرداس قصيدته السينية إحدى القصائد المشهورة ومطلعها:
    لا سما رسم اصبح اليوم دارسا وأقفر منها رحـرحـان فـــراكسا


    يـــوم بني نــصــر
    ....................

    أغارت بنو نصر بن معاوية من هوازن ، على ناحية من أرض بني سُليم ، فنهض لمقاومتهم العباس بن مرداس في جمع من قومه،وقابلهم فأكثر فيهم القتل ، وكان النصر هذا اليوم حليفاً لبني سُليم .


    حــــرب الــفـــجـــار
    .....................

    بعث النعمان بن المنذر لطيمةً له ، إلى سوق عكاظ للتجارة ، وأجارها له الرحال عروة بن عتبة بن جابر بن كلاب من عامر بن صعصعة من هوازن ، فنزلوا على ماء يقال له " أوارة " ، فوثب البراض بن قيس أحد بني بكر بن عبد منآة من كنانة – وكان خليعاً – على عروة ، فقتله وهرب إلى خيبر فاستخفى بها ، ولقي بشر بن أبي خازم الأسدي الشاعر ، فأخبره الخبر ، وأمره أن يعلم بذلك عبد الله بن جدعان ، وهشام بن المغيرة ، وحرب بن أمية من قريش ، ونوفل بن معاوية الديلي ، وبلعاء بن قيس من كنانة ، فوافى " بشر " عكاظاً فأخبرهم ، فخرجوا موالين منكشفين إلى الحرم ، وبلغ هوازن ومن آزرها من قبائل قيس عيلان وخاصة بني سليم الخبر آخر ذلك اليوم ، فخرجوا في آثارهم فأدركوهم قد دخلوا الحرم ، وتواعدوا مثل هذه الليالي من العام القابل ، ومكثت قريش ومن معها من القبائل والأحلاف سنة يتأهبون لهذه الحرب ، وتأهبت لها قيس عيلان ، ثم حضروا من قابل معهم رؤساء قريش وقادتهم من جانب ، ورؤساء قيس وقادتها من الجانب الآخر وكان من هؤلاء : عباس بن رعل السلمي ، وكانت راية قيس إلى أبي براء عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب من بني عامر من هوازن ، فسواء صفوفهم ، فالتقوا ، فكانت الدبرة أول النهار لقيس على قريش وكنانة ومن ضوى إليهم ، ثم صارت الدبرة آخر النهار لقريش وكنانة على قيس ، فقتلوهم قتلاً ذريعاً ، ثم تنادوا بالصلح ، وتصالحوا ، ووضعت الحرب أوزارها ، وعدو القتلى ، وودت قريش قتلى قيس ، فضلاً عن قتلاهم ، فانصرفت قريش وقيس . وقد حضر الرسول – صلى الله عليه وسلم – قبائل مضر وذكر الفجار فقال : (( قد حضرت مع عمومتي ورمية فيه بأسهم ، وما أحب إني لم أكن فعلت )) ، وكان يوم حضر ابن عشرين سنة .

    يــــــوم عـــــكــــــاظ
    .......................

    هو يوم من أيام الجاهلية ، تحاربت فيه كنانة وقريش ، مع قيس التي منها بنو سُليم ، وذلك في اليوم الرابع من أيام عكاظ ، وحمل عبد الله بن جدعان القرشي يومئذ ألف رجل من بني كنانة على ألف بعير ، وخشيت قريش أن يجري عليها ما جرى يوم العبلاء ، فقيد حرب وسفيان وأبو سفيان : بنو أمية بن عبد شمس أنفسهم ، وقالوا : لا نبرح حتى نموت مكاننا ، أو نظفر . ودخل القوم في معركة حامية الوطيس ، وانهزمت قيس هزيمة ساحقة .


    يــــوم حــــوزة
    ....................

    يوم حوزة الأول : وهو لسُليم على غطفان ، وباعثه أنه حصل بين معاوية بن عمرو بن الشريد من سُليم ، وهاشم بن حرملة أحد بني مرة من غطفان كلام في عكاظ ، فقال معاوية : لوددت والله إني قد تربت الرطبة ، وهي جملة معاوية ، وكانت الدهر تنطف ماءً ودهناً ، فلما كان بعد ، تهياْ معاوية ليغزوا هاشماً ، فنهاه أخوه صخر ، فقال : كأني بك إن غزوتهم علق بجمتك حسك العرفط : ( شجر من العضاة ) فأبى معاوية ، وغزاهم يوم حوزة ، فراه هاشم قبل أن يراه معاوية ، وكان هاشم ناقهاً من مرض أصابه ، فقال لأخيه دريد بن حرملة : إن هذا رآني لم آمن أن يشد علي ، وأنا حديث عهد بشيكة، فأستطرد له دوني حتى نجعله بيني وبينك ، ففعل ، فحمل عليه معاوية وأردفه هاشم ، فاختلفا طعنتين ، فأردى معاوية عن فرسه (الشماء) . وأنفذ هاشم سنانه من عانة معاوية ، فكر عليه دريد فظنه أردى هاشماً ، فضرب معاوية بالسيف فقتله .
    يوم حوزة الثاني : ولمقـتـل معـاويـة أزمـع صخـر أخـوه أن يـنـتـقـم ، وأن يـثـأر لأخـيه القـتيل من قاتليه ، فأغار عليهم في يوم حوزة الثاني ، وتمكن من قتل دريد بن حرملة أخي هاشم بن حرملة رئيس بني مرة ، ثم قتل رجل من بني جشم من هوازن هو عمرو بن قيس الجشمي ، هاشم بن حرملة (وذلك بدافع التعصب لقرابة هوازن من سُليم ) ، فاستراحت بذلك بنو سُليم ، وسرت الخنساء بمقتل المري ، ولها شعر كثير في ديوانها ترثي به أخويها : معاوية وصخر ، ولها أبيات ميمية قدرت فيها بسالة الفارس الجشمي قاتل هاشم بن حرملة .


    يـــوم عدنية
    ...............

    وهو يوم ملحان - وملحان الذي تنسب إليه هذه المعركة هو جبل في ديار بني سليم – وذلك أن صخراً غزا بقومه وترك الحي خلواً ، فأغارت عليهم غطفان ، فثارت عليهم غلمانهم ومن كان تخلف منهم ، فقتل من غطفان نفر وانهزم الباقون ، فقال في ذلك صخر:

    جــزى الله خـيـراً قــومــنا إذ دعــاهـم
    بـعـدنيـة الحـي الــخلـــوف الـمـصبـح
    وغـلــمـــانــنـا كــانــوا أســود خـفـية
    وحـق علــينــا أن يـثـابـوا ويـمـدحـوا
    هــــم نـفـــروا أقـرانهــم بمــضــرس
    وسعرٍ وذادوا الجيش حتى تزحزحوا
    كأنــهــــــــــــم إذ يــطـردون عــشيـة
    بـــقــنـة مـلحــــانٍ نـــعـــام مــــروح


    يـــوم ذات الأثـــل
    .....................

    بــعد يــوم حــوزة الثـاني غـزا صخر بن عمرو بن الشريد السلمي ، بني أسد بن خزيمة من مضر ، واكتسح إبلهم فأتى الخبر بني أسد بن خزيمة من مضر ، وأكتسح إبلهم ، فأتى الصريخ بني أسد ، فركبوا حتى تلاحقوا بذات الأثل – في بلاد تيم الله بن ثعلبة ، فاقتتلوا قتالاً شديداً ، وطعن ربيعة بن نور الأسدي صخراً في جنبه ، وفات القوم الغنيمة ، وجرى - دم – صخر من الطعنة ، فمرض قريبا من الحول ، حتى مله أهله ، فلما طال عليه البلاء ، وقد نتأت قطعة من جنبه مثل اليد في موضع الطعنة ، فقالوا له : لو قطعناها لرجونا أن تبرا، فقال : شأنكم ، فقطعوها فمات ، فرثته أخته الخنساء رثاءً حاراً صادراً من أعماق قلبها ، كما رثت قبله أخاها معاوية الذي قتل قبله في حرب كان هو مشعل نارها.


    يـــوم الـكـديــد
    .................

    وقع نزاع بين نفر من سُليم ، ونفر من بني فراس بن مالك بن كنانة ، فقتلت بنو فراس رجلين من بني سُليم ، ثم انهم ودوهما – أي فعوا ديتهم – ثم ضرب الدهر ضربته ،فخرج نبيشة بن حبيب السلمي غازياً ، فلقي ظغناً – نساء الهوادج - من بني كنانة بالكديد ، ومعهن قومهن من بني فراس ، وفيهم عبد الله بن جذل الطعان ، والحارث بن مكدم ، فلما رآهم الحارث قال : هؤلاء بنو سُليم يطلبون دماءهم ، فقال أخوه ربيعة : أنا أذهب حتى أعلم علم القوم ، فآتيكم بخبرهم ، وتوجه نحوهم ، فلما ولا قال بعض الظغن : هرب ربيعة، فقالت أخته عزة بنت المكدم : أين ترة – نفرة ـ الفتى ؟ فعطف – وقد سمع قول النساء - فقال :

    لقـد فـرقـن أنني غـيـر فـرق
    لأطـعنـن طـعـنــةً وأعــتـنـق
    أصبحهم صاح بمحمر الحدق
    عضباً حساماً وسناناُ يأتـلق

    ثم انطلق يعدو به فرسه ، فحمل عليه بعض القوم ، فاستطرد – تقهقر- له في طريق الظغن ، وانفرد به رجل من القوم فقتله وتبعه ، ثم رماه نبيشة أو طعنه ، فلحق باظعن يستدمي حتى انتهى إلى أمه أم سيار فقال : اجعلي على يدي عصابة ، وهو يرتجز :

    شدي على عصب أم سيار فـقد رزيت فارساً كالدينار
    يطعن بالرمح أمام الأدبار
    فقالت أمه :
    إنا بنــو ثـعـلبـــة بـن مـالـك مـــرور أخـبــــار لـنا كذلـك
    من بيـن مقتول وبين هالـك ولا يـكـون الـــــرزء إلا ذلـك

    وشدت عليه عصابة ، فاستقاها ماءاً فقالت : إن شربت الماء مت !، فكر راجعاً يشتد على القوم ، وظل ينزف دمه حتى اثخن ، فقال للظغن : أوضعن ركابكن – أي احثثن ركابكن على السير السريع – حتى ينتهي إلى أدنى البيوت من الحي ، فإني لمآبي سوف اقف دونكن لهم على العقبة ، فأعتمد على رمحي فلا يقدمون عليكن لمكاني ، ففعلن ذلك … وهكذا حمى ربيعة بن مكدام الأظعان حياً وميتاً ، ولم يفعل ذلك غيره فيما قاله عمرو بن العلاء ، وإنه يوم إذن غلام له ذؤابة ، وقد اعتمد على رمحه – كما قال – وهو واقف لهن على متن فرسه ، حتى بلغن مأمنهن ، وما يقدم القوم عليه .
    ورآه نبيشة بن حبيب وهو على وضعه ذلك فلاحظ انه مائل العنق ، فأبدى ملاحظته هذه الذكية ، وعطف عليه بقوله : (وما أظنه إلا قد مات ) ، وأمر رجلا من خزاعة كان معه أن يرمي فرسه ، فرماه ، فقصمت - رفعت يديها ، وطرحتهما معاً – فمال عنها ميتاً.
    ثم لحق بنو سُليم ، الحارث بن مكدم الكناني فقتلوه ، وألقوا على أخيه ربيعة أحجاراً ، فمر به رجلاً من بني الحارث بن فهر (من قريش ) ، فنفرت ناقته من تلك الأحجار التي أُهيلت على ربيعة ، فقال يرثيه ويعذر أن لا يكون عقر ناقته على قبره ، وعَيّّر من فــر من قومه :

    مرت قلوصي مـن حـجـارة حــرَّةٍ
    بنيـت عـلى طـلق اليدين وهـوب
    لا تنــــفـــري يـانـاق مـنـه فـإنـه
    سبا خـمـر مـسـعــر للــحــــروب
    لولا السفار ، وبعد خرق مهــمـهٍ
    لتركـنهـا تـحـبـو على العـرقـــوب
    فـر الفـوارس مـن ربيع بعـــدمـــا
    نـجـاهـم مـن غـمـــرة المكــروب
    لا يـبتعــدن ربـيـعـة بـن مـكـــدم
    وسـقـى الغـوادي قـــبـره بذنوب

    وقال عبد الله بن جذل الطعان ، متوعداً بني سُليم :

    ولأطلبن ربــيـعـة بـن مـكـدم حتى أنال عـصية بن معـيص


    يـــوم بـــرزة
    .............

    كان يوم برزة يوم نصر لبني فراس (من كنانة ) على بني سُليم ، وبرزة اسم موضع ، وقد ذكر الـرواة أنه بعـد أن قتـلت بنو سُليـم ، ربيـعة بن مكــدم فـارس كنانة ( بيوم الكديد ) ، رجعوا وأقاموا ما شاء الله ، ثم إن مالك بن خالد بن صخر بن عمرو بن الشريد – وكان بنو سُليم توجوه ثم ملكوه عليهم – بداء له أن يغزو بني كنانة ،. فأغار على بن فراس بالبرزة ، ورئيس بني فراس يومئذ عبد الله بن جذل ، ومن بني فراس هؤلاء ربيعة بن مكدم قتيل سُليم .
    ولما التقى الجمعان دعا عبد الله بن جذل إلى البراز ، فبرز إليه هند بن خالد بن صخر ، فقال لـــــــه عبد الله : من أنت ؟ فقال أنا هند بن خالد بن صخر ، فقال عبد الله : أخوك أسن منك – يريد مالكاً المتوج ، فرجع وأحضر أخاه ، فبرز عبد الله ، وجعل يرتجز ويقول

    اقـتـربـوا قــرف الــقــمع إنـي إذا الـمـوت كــــنــع
    لا أتـــــوقــى الـــجــــــزع

    وشد على مالك فقتله ، فبرز إليه أخوه كرز بن خالد بن صخر ، فشد عليه عبد الله فقتله أيضاً ، فخرج إليه أخيهم عمرو بن خالد ، فتخالفا طعنتين ، فجرح كل واحد منهم الآخر وتحاجزا .


    يـــوم الـفيــفاء
    .................

    بعد يوم برزة الذي كان لبني كنانة على بني سُليم حرم بنو سُليم النساء والعطر على أنفسهم ، حتى يدركوا ثأرهم من خصومهم ( بني كنانة ) فأغار عمروا بن خالد بن صخر على بني فراس فقتل منهم نفراً منهم عاصي بن المعلى ، ونضلة ، والمعارك ، وعمرو بن مالك ، وحصن ، وشريح ، وسبي سبياً فيهم ابنة مكدم ، فقال عباس بن مرداس يرد على عبد الله بن جذل في شعره الذي قاله يوم برزة :

    ألا أبلـغـــن عني ابن جذل ورهطه
    فــكـيــف طـلــبـنـاكـم بـكـرز ومالك
    غـــداة فـجعـنـاكم بحــصـن وبابـنه
    وبابن المـعـــلـى : عاصم والمعارك
    ثـــمـانـيـة مــنـهـم ثـأرنـاهمـــو به
    جـميعـا ًومـا كـــانــــوا بـواءاً بـمالك
    نـذيـقكم والـمـوت يـبـني سُـرادقـاً
    عليكم– شبا حد السيــوف البواتك
    تلــوح بأيـــديـنا كـمـا لاح بــــــــارق
    تـــلألأ فـي داج مـن اللـيل حـــالك

    وقال هند بن خالد بن صخر بن عمرو بن الشريد:

    قتـلـت بمـالك عمرا وحصــنـــا
    وخيـلت الـقـتام علـى الخــدود
    وكـــرزاً قـد ابـأت بـه شـــريحـاُ
    علـى اثر الفــوارس بالكــديـــد
    جـزيناكـم بما انتهكتوا ، وزدنـــا
    عـليـه مـــا وجــدنا من مـزيـــد
    جـلبنـا من جنوب الـفرد جــرداً
    كطـير المــاء غـلــس بالــــورود




    بني سُليم في الإسلام

    ..........................


    يقول الدكتور عبد الرحيم عسيلان عن بني سُليم في الإسلام:

    أخـبـار بـني سُليم وأحداثهم وأدوارهم في التاريخ الإسلامي كثيرة ، ومتعـددة الجوانب ، ويكفـيـنا منها هـنا بعـض ما يعـطينا صورة مصغرة واضحة المعالم عن واقع بني سُليم بعد أن تقشع ظلام الجاهلية ، وعم الأرض نور الإسلام وهديه ، ويجب أن نذكر بادئ ذي بدء أن الإسلام وصل إلى ديار بني سُليم منذ وقت مبكر يحمله رجال منهم أسلموا قبل الهجرة ، ومنهم عمرو بن عبسة بن منقذ بن خالد كان صديقاً لرسول الله صلى الله علية وسلم في الجاهلية ، وأسلم قديما إثر إسلام أبي بكر وبلال ومنهم مجاشع بن مسعود وصفوان بن معطل الذي رمي بالإفك ، وسـليـم بن عـباد ، وعتبة بن غزوان الذي فتح الأبلة والبصرة ، أما إسـلام بـني سُـليـم كافةً فـقـد جاء مـتأخرا إذ لـم يسـلمـوا إلا عام الفتح ، وقد كانوا في جاهليتهم حرباً على الإسلام والمسلمين ، ويظهر أن الرسول صلى الله علية وسلم كان قد أرسل إليهم من يدعوهم إلى الإسلام قبل فتح مكة – الذي كان في السنة الثامنة – فـقـد وجـه إلـيهـم سـرية ابن ابي العوجاء في ذي الحجة من السنة السابعة ، ويحدثنا بن سعد عن هذه السرية فيذكر أن " الرسول صلى الله علية وسلم بعث بن أبي العوجاء السلمي في خمسين رجلاً إلى بني سُليم فخرج إليهم ، وتقدمه عين لهم كان معـهـم فـحـذرهـم فـجـمعـوا فـأتاهـم بـن أبي العـوجاء ، وهم معـدون له فـدعـاهم إلى الإسـلام فـقـالـوا لا حاجة لنا إلى ما دعـوتـنا ، فترامـوا بالـنـبـل ساعـة وجعـلـت الامـداد تأتي حتى أحـدقـوا بـهـم من كل نـاحـيـة ، فـقـاتل الـقـوم قـتالاً شديداً حتى قتل عامتهـم وأصـيـب ابن أبي العــوجاء جريـحـاً مع القـتـلى ثم تحـامل حتى بلغ رسـول الله صلى الله علية وسلم ، فـقـدمـوا المـديـنـة في أول يـوم من صفـر سـنـة ثـمـان "
    والذي يـتـأمـل أحـداث هـذه السـرية يـحـس لأول وهـلـة بـقـسـوة بـنـي ســُليم ومـوقـفهـم العـدائي من دعـوة الـرسـول صـلى الله عــليـة وسـلـم ، ولـكـن هــذا المــوقـف لـم يـدم طــويـلاً ، فـقـد تــبـدل إيـمـاناً بالله وحـدياً عـلـى الإسـلام الـذي دخـل فـيـه بـنـي سـُلـيم أفـواجـاً عـام الفـتـح ، وإيـضـاح ذلك أنـه " قـدم عـلى رسـول الله صــلى الله عــليـة وسـلـم رجــل من بـنـي سـُليـم يـقـال له قـيـس بـن نسـيـبـة ، فسمـع كـلامـه وســأله عـن أشـيـاء فأجابه ، ووعـى ذلـك كـله ودعـاه رسـول الله صـلـى الله عــليـة وسـلـم إلى الإســلام فـأسـلـم ، ورجع إلى قومه بني سُليم فقال لهم : لقد سمعت ترجمة الروم ، وهينمة فارس وأشعار العرب ، وكهانة الكاهن ، وكلام مقاول حمير ، فما يشبه كلام محمد شيئاً من كلامهم ، فأطيعوني وخذوا بنصيبكم منه ، فلما كان عام الفتح خرجت بنو سُليم إلى رسول الله صلى الله علية وسلم فلقوه بقديد (الوادي المعروف بالحجاز) وهم تسعمائة ويقال كانوا ألفا فيهم العباس بن مرداس وأنس بن عياص وراشد بن عبد ربه ، فأسلموا وقالوا : أجعلنا في مقدمتك ، وأجعل لواءنا أحمر وشعارنا مقدما ، ففعل ذلك بهم ، فشهدوا معه الفتح والطائف وحنينا ، وهناك رواية أخرى تفيد بأن قدر بن عمار السلمي – الذي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأسلم كان سببا في إسلام قومه وبدخولهم الإسلام فتحوا صفحة بيضاء ناصعة في تاريخهم إذ كان منهم صحابة أجلاء وقادة محنكون ، وعباد زاهدون ، وفقهاء متقنون وساسة حاكمون ، وكان منهم من شارك في الفتوح الإسلامية في العراق والشام ومصر وما وراء النهر ، والمغرب والأندلس زمن الخلفاء الراشدين وغيرهم ، ومنهم من ساهم قبل ذلك على عهد الرسول صلى الله علية وسلم في بعض الأحداث الإسلامية كسرية بئر معونة ، وسرية أبي العوجاء السلمي ، وشارك بعضهم في أحداث الردة إذ كانوا فريقين . فريقا ارتد وأخذ يحارب المسلمين وفريقاً ثبت على الإسلام وكلفه أبو بكر بمحاربة المرتدين من بني جلدتهم ومن أشهر أدوارهم في التاريخ الإسلامي وقوفهم إلى جانب عثمان في حادث الفتنة ، ودخولهم في الأحداث التي كانت بين الزبيريين والأمويين ، وتعاطفهم مع محمد النفس الزكية ، وانضمامهم إلى القرامطة سياسيا لا عقديا ، وإسهامهم في تنمية موار الدولة الإسلامية فقد استؤنف النشاط في معادنهم زمن خلافة أبي بكر، واستمر أستغلال مناجمهم في عهد الدولة الأموية، وكانت موردا له قيمته من موارد الدولة ، ولس ذلك كل شئ ، بل كان لبني سُليم أدوار أخرى يطول الحديث عنها وقصارى القول أن الإسلام أعلى منزلتهم ورفع شأنهم ، والحق أنهم كانوا صورة مشرقة ، ومثالاً رائعاً في نصرهم لدين الله ووفائهم للرسول صلى الله علية وسلم ، وطاعتهم له ، وقد سجل ذلك قائد هم وشاعر هم العباس بن مرداس السلمي حين قال :
    وأنا مــع الهــادى الـنـبـي مـحمد وفـينا ولم يستوفيهــامعشر ألفـا
    بفـتـيان صــدقٍ مـن سُليـم أعــزةٍ أطاعـوا فما يعصون من أمره حرفا

    --------

    أيام بني سُليم في الإســــــــلام


    غـزوة بنـو سُليــم بالكـدر


    أول ما نقلت استخبارات المدينة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- بعد بدر أن بني سُليم وبعض قبائل غطفان تحشد قواتها للغزو على المدينة ، فباغتهم النبي – صلى الله عليه وسلم- في مائتي مقاتل في عقر دارهم ، وبلغ إلى منازلهم في موضع يقال له الكدر . ففر بنو سُليم وتركوا في الوادي خمسمائة بعير أستولى عليها المسلمون ، وقسمها الرسول – صلى الله عليه وسلم – بعد إخراج الخمس فأصاب كل رجل بعيرين ، وأصاب غلاماً يقال له (( يسار)) فأعتقه .
    وأقام - صلى الله عليه وسلم – في ديارهم ثلاثة أيام ، في شوال سنة 2هـ. بعد الرجوع من بدر بسبعة أيام ، وأستخلف في هذه الغزوة على المدينة سباع بن عرفطة . وقيل : ابن أم مكتوم .


    يـــــوم بـئـــر مـعـــــونة
    ..........................

    قدم أبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنة الكلابي من بني عامر (هوازن) في السنة الرابعة من الهجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، وطلب من النبي – صلى الله عليه وسلم – وطلب من النبي أن يبعث رجالاً من أصحابه إلى أهل نجد ، ليدعوهم إلى الأسلام ، وقال أنا جار لهم . فبعث النبي – صلى الله عليه وسلم – المنذر بن عمرو في أربعين من أصحابه، فساروا حتى نزلوا بئر معونة ، فقام حرام بن ملحان حتى أتى إلى البيوت فاحتبى أمام البيوت وقال : يأهل بئر معونة ! ، إني رسول محمد إليكم ، إني أشهد إنه لا إله إلا الله وإن محمداً عبده ورسوله ، فآمنوا بالله ورسوله . فخرج إليه عامر بن الطفيل الكلابي من جانب البيت ومعه رمح ، فضربه في جنبه حتى خرج من الشق الأخر ، فقال حرام بن ملحان : فزت ورب الكعبة ، واتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه ، و استعانوا عليهم بقبائل من بنو سُليم هي : عصية ورعل وذكوان ، وخرجوا جميعاً حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم في رحالهم ، وقاتلهم المسلمون قتالاً عارماً حتى قتلوا عن أخرهم ، ماعدا كعب بن زيد النجاري ، فإنهم تركوه وبه رمق ، فارتث من بين القتلى وهو مثخن بالجراح وعاش حتى قتل يوم الخندق . وقد شق ذلك على ابي براء – مجير البعثة النبوية – مأحدثه عامر بن الطفيل وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه شعراً يحرضه فيه على عامر بن الطفيل يقول فيه:
    بني أم البنين ألم يرعكم
    وأنتم من ذوائب أهـل نجد
    تهكــم عــامـــر بأبي براء
    ليخفره وما خطــــــا كعمد

    فلما بلغ قول حسان مسامع أبي براء حمل على عامر بن الطفيل فطعنه ، فأخطا مقتله ووقع عن فرسه . وقد تأثر الرسول – صلى الله عليه وسلم – من مقتل اصحابه غراً فدعا على عصية ورعل وذكوان ونزل في ذلك أيات من القران الكريم . وكانت بئر معونة في شهر صفر سنة أربع من الهجرة .



    يــــوم مـــرج راهــــط
    .......................
    عندما مـات يـزيـد بن مـعـاوية حـدثـت بيعتان بالخلافة ، وكانت البيعة بالشام لمعاوية بن يزيد ، والأخرى كانت بمكة والحجاز لعبد الله بن الزبير – رضي الله عنه - .
    وقد أختار أهل الشام للخلافة معاوية بن يزيد . ولكنه رفضها واستقال منها عندما رأى المسلمين مختلفين أشد الاختلاف ،، ولم يرى في نفسه القدرة على إعادة الوحدة لهم بعد أن تصدعت ، وبذلك أصبحت الشام بدون خلافة .
    وأختار أهل مكة والحجاز عبد الله بن الزبير ، وحينما علم الحصين بن نمير قائد حملة يزيد بن معاوية على ابن الزبير في مكة – حاول أن يجتذب إليه عبدالله بن الزبير فيوليه الخلافة في الشام ، على أن يؤمن الناس ويهدر الدماء التي كانت بين ابن الزبير وابن نمير ، فأبى عبد الله بن الزبير ذلك بإصرار وإعلان ، وقام في العراق – عبيد الله بن زياد بحملة دعائية له ، فبايعه أهل البصرة ظاهراً ثم بايعوا ابن الزبير ، ولما شعر بضعفه بينهم هرب إلى الشام ، وهكذا دخل أهل البصرة وأهل الكوفة في بيعة ابن الزبير مع أهل مكة والحجاز.
    وقد تدرج الخلاف بين الفريقين من الكلام إلى الخطابة إلى المضاربات إلى القتال والمناحرة حيث كان كل فريق يريد أن يكسب المعركة السياسية بك الوسائل الممكنة. وحدث ذات يوم بعد ما استحكمت حلقات الخلاف أن قام ((ثور بن معن السلمي)) فأشار على الضحاك بن قيس الفهري بأن يظهر ما كنوا يخفونه من بيعة عبد الله بن الزبير بالخلافة ولم يكن هذا الرأي موفقاً ولا حازماً . فإن الأمر لم ينضج بعد، على ما كان يهدف إليه الضحاك ، وفي الوقت نفسه اجتمع حسان وبنو أمية بالجابية وتشاورا في الخليفة ، واتفقت كلمتهم على تولية مروان بن الحكم ، فبايعوه بالخلافة.
    هذا ومع ما كان لدى الضحاك من جلد وعزم فإنه لم يمتلك أعصابه هذه المرة ، فاستجاب إلى مشورة ثورة بن معن السلمي المرتجلة ، فكانت ( معركة مرج راهط ) بين الجانبين الثمرة المباشرة لهذه الاستجابة بعد مبايعة مروان بالخلافة – وقد انتصرت بنو كلب فيها على القيسية نصراً حاسماً ، وكانت هذه المعركة التي وقعت سنة 64هـ ذات نتائج وخيمة على العرب والمسلمين فيما بعد ، بما فرقت من وحدة العرب والمسلمين وبما أوهنت من قواهم المعنوية والمادية في ذلك الجيل والأجيال اللاحقة .


    يــــــــــوم البشــــــر
    ........................
    كان هذا اليوم من أيام بني سُليم ، بعد معركة مرج راهط ، وقد انتقمت فيه بنو سُليم القيسية من خصومهم السياسيين والحربيين بني تغلب وروافد هذه الحرب الضروس منبثقة من معركة ( مرج راهط ) فمنها جذورها ومصادر اندفاقها .
    وقد ذكر المؤرخون أنه بعد مقتل عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه- سنة 72هـ هدأت الفتنة بين القبائل القيسية والتغلبية ، وأجتمع الناس على عبد الملك بن مروان ، وتكافت قيس وتغلب عن القتال فيما بينهما ، ولكنه تكاف على دخل ، وقد حدث لسوء حظ بني تغلب أن أنشد الشاعر التغلبي الأخطل قصيدة عند عبد الملك بن مروان وكان حضراً عنده وجوه قيس وصناديدها، ومن بينهم الجحاف بن حكيم السلمي أبياتاً من قصيدة له كان أن مدح بها بعض بني أمية ، وقد تعرض فيها لبني سُليم تعرضاً مزرياً بهم ، فأنزعج لهذا الصنيع السلميون الحاضرون وعلى رأسهم الجحاف ، وبدا الغضب يتطاير من عينيه ، ثم مضى لقومه وأخبرهم الخبر وأعدوا العدة لغزوا بني تغلب ، فأقبل على بني تغلب هو وقومه وبني تغلب لا يعلمون ، وكانوا مجتمعين في البشر فقتل السُلميون منهم خمسمائة رجل ، وهكذا كانت معركة البشر أو يوم البشر معركة أخذ فيها بنو سُليم ثأرهم من بني تغلب بالكيل الوافي الطافح ، لقد ثأروا منهم حيال قتلهم أحد رجالهم : عمير بن الحباب السلمي ، وهكذا أطفى الجحاف جمرة غضبه في دما بني تغلب ، ورد ردا عملياً بليغاً وعميقاً على تحدي الأخطل له أمام الخليفة .
    وقد تثعلب النمر الذي كان يصول ويزمجر بين جوانح الأخطل بعد هذه الواقعة الحاسمة على مافصلناة في ترجمة ( الجحاف بن حكيم السلمي ) في هذا الموقع.



    يــوم شـــرف الأثـايــة
    ........................

    وهذا يوم من أيام بنو سُليم وفيه غزاهم ( ابن ملاحظ ) أحد أمراء مكة من قبل العباسيين وكان ذلك في أواخر القرن الثالث الهجري ، وقد انتصروا على جيشه وقتلوا أصحابه وأسروه ، فأقام عندهم وقتاً ، ثم أمنوا عليه وخلوا سبيله



    الخيل عند بني سُليم

    لقد قام الشيخ حمد الجاسر علامة الجزيرة ببحث قيم عن الخيل عند بني سُليم وقد أتى بأسماء الفرسان والخيول والأشعار التي قيلت في الخيل ، وماهو موجود في هذه الصفحة يعد جزء يسيرا من أعداد الخيل المشهورة عند العرب من خيل بني سُليم لأن العلماء الذين ألفوا لا يذكرون سواء مشاهير الخيل ( ولقد قيل جاء الأسلام والخيل عند بني سُليم أكثر منها بالحجاز ) . ومن مشاهير الخيل عند بني سُليم :

    1- الأخرم: فرس نبشة بن حبيب السلمي قال يوم قتل ربيعة بن مكدم يوم الكديد:
    ...........

    سائل كنــانة أيـن فارسـهــا الذي
    ورد الكـديــــد ربـيعـة بـن مـكـدم
    فــلتـخبــــرن بـنــو فـــراس أنــه
    ألــوى بـمهـجـته جـرئ المــقــدم
    لـمـا طــال عــنــانه مـتـقـصــــدا
    نحـوي قصرت لـه عنـــــان الأخرم
    فـأثـرت بـيـن ضـلوعـه جـيـاشـة
    فــوهـاء تنفث بـالحـقيــن وبـالـدم

    2-الأدهم : فرس أنس بن مرداس السلمي ، قال فيه :
    ...........
    إن تــأخـذوا الأدهــم لاتـنـسـوني
    وهــو إذا طـــوطـــي بـعـد الأين
    مـلء حـزامـيـــه ومــلء الـعــيــن
    يــفـــش عـنـه الربـــو منخرين

    3- الأزور : فرس عبد الله بن خازم السلمي ، قال فيه :
    ..........
    لعــمــري لقـد أنظرت بكــر وائـل
    وخـنـدف حتى لم أجد متنـظـراً
    إذكثـروا يوماً علي فرجتـهم
    برمحـي ، وألحقـت الفـوارس أزورا

    4- بذوة : فرس الحصين بن الحارث السلمي ، قال فيها:
    .........
    شـفيت حران بذوت يـوم فـخ
    وقـطـعت الخـــؤولـــة والصـهــارا

    5- بزخاء : لعوف بن الكاهن السلمي قال فيها :
    ...........
    نصبت لهم وجهي وبزخاء جـونة
    إذا نصبت الشر أقعت على رجل
    كـأن بها كـراث رمـــل خـمـيــلة
    ولـت نـبـته الجـوزاء بالـيل والوبل

    6-برزة : فرس العباس بن مرداس السلمي ، وله يقول :
    .........
    وما كان تهليلي لدن أن رميتهـم
    ببـرزة إلا حـاسـرا غـيـر مـُعـلـم

    7-جلوى : فرس خفاف بن ندبة السلمي .
    ..........
    8-جناح: فرس لبني سُليم ، قال أنس بن مرداس السلمي :
    ..........
    لـها صنـع وشـى فيـهـا جـنـاح
    ومـمـطـور لـه فـيـهـا نـتــــاج

    9- الجون : لمعوية بن عمرو بن الحارث بن الشريد .
    ...........
    قالت الخنساء:
    ألا لا أرى كفارس الجون فارسا
    إذا ما عــلتـه جــرأة وعـلانـيـه
    بلينا وماتبلى ( تـمار) وما تُرى
    عـلـى حـدث الأيـام إلا كما هيه

    10- الحصاء: فرس سراقة بن مرداس بن أبي عامر السلمي.
    .............
    فرعليها يوم أوطاس من بني نصر فقال :

    ولـولا الله والـحــصــاء قـاظـت
    عـيـالي وهـي بـاديـة العـروق
    ولـم أر مـثــل جــريٍ ألـحـقـتـه
    بـ (أوطـاس) لـقـافـلـة عـقـوق
    وسماها – صاحب " تاج العروس" : الحقباء ، ولعلهاء فرس أخرى.

    11-الحمالة: لبني سُليم قال العباس بن مرداس السلمي :
    .............
    بـين الحـمـالة والـقــريط فـقـد
    أنـجـبـت مـن أم ومــن فـحـل

    12- الحواء : كذلك هي لبني سُليم .
    ..........
    13-خذم : لمرداس بن أبي عامر السلمي . قال فيه :
    ..........
    يـعـوج عنـي عُزهــــم وعديـدهـم
    وأسرج لـبـدي خـــارجـيـاُ مصـــورا
    قصـرت عـليـــه الحابلين فـجـوفــه
    إذا مـا عـدا بل الحـــزام وأمطــــرا
    وخـذ إبـلا إن العـتــاب كمــا تـرى
    علىخذمٍ ،ثم أدع للنصر جعفــــرا

    14-الخطاف : لعمير بن الحباب . قال فيه زياد بن هوبر التغلبي :
    .............
    تركـنـا فـارس الخـطـاف يـزقـو
    صــداه بيـــن أثـنـاء الفــرات

    15- الدبساء : فرس مجاشع بن مسعود السلمي من المهاجرين ، وكان يسابق عليها ، ...........
    ويقال انه أخذ في غاية واحدة خمسين ألف درهم .

    16-زامل : فرس معاوية بن مرداس السلمي قال فيه :
    ..........
    لعمري لقد أكترث تعريض زامــل
    لـــوقـع السـلاح ، أو ليقرع ايرا
    ولامــثـل أيــام لــه ، وبــلائــه
    كيوم له (بالفرع) إن كنت خابرا

    17- زرة :
    ..........
    فرس كانت للعباس بن مرداس ، أخذتها منه بنو نصير، وكان يقال للعباس في الجاهلية فارس زرة ، ثم أسلم فحسن أسلامه وكان من قواد رسول الله صلى الله علية وسلم وكان في ميمنه يوم حنين ، وكان له ذكر في الإسلام وسابقة ، وكان يسمى فارس العبُيد ، لفرس له.

    18-الزعفران : لعمير بن الحباب . قال :
    ..............
    فأصبحت قد شارف أرضا أحبها
    إذا شئت خب الزعفران ومقربا

    19-زورة : فرس للعباس بن مرداس .
    ..........
    20 –صاعد : لصخر بن عمرو بن الحارث بن الشريد السلمي ، قال فيه :
    ............
    كأني ومهري صاعداً يوم حورة
    من النبل في بنيان دبر وخشم
    يشـب وقد شك المعـابل نحره
    كشـك القيون في الإناء المثلم

    21- صدام : فرس قيس بن نشبة السلمي – حبر بني سُليم.
    .............
    22- الصغاء :
    ..............
    فرس مجاشع بن مسعود السلمي ، وكانت من نسل الغبراء فرس قيس بن زهير العبسي ، وهي خالة داحس وأخته لأبيه ، فأشتراها عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعشر آلاف درهم ، ثم غزا مجاشع أي غزوه في فتوحات العراق ، فقال عمر : تحبس منه بالمدينة ، وصاحبها في نحر العدو وهو أحوج ؟! فردها إليه ، فأنجبت عند ولده ، حتى بعث الحجاج بن يوسف الثقفي فأخذها بعينها . وسمى صاحب (( تاج العروس )) هذه الفرس 0( صفا) بالفاء .

    23- الصموت : (أنظر فقرة 24) .
    ..............
    24- صوبة : صوبة والصموت للعباس بن مرداس ويقول فيهما :
    ............
    أعددت صوبة والصمـوت ومأرباً
    ومـفاضة في الـدرع كالسـحل
    25-الصيود : من مشهور خيل العرب ، قال العباس بن مرداس يفتخر بما صار إليه من
    .............
    نسلها :

    أبوهـا للضبـيـب أو افتـلاهـــا
    جـواد ا ُلمــخ مـن ال الصـيــود

    26- الضخم : فرس لرحضة بن مؤمل السلمي ، وله يقول :
    .............

    أليس أحق الناس أن يشهد الوغا
    وأن يقتل الأبطال ضخم على ضـخم

    27-طلقة:
    ..........
    فرس صخر بن عمرو بن الشريد السلمي أخي الخنساء، وقالت الخنساء .
    وخــيـل قــد دلـفت لهــــا بخـيـل
    فـــــــدارت بــيــن كـبــــشــيـهـا
    رحالهاتكـفت فضل سابغـة دلاص
    خـيـفـــــــاة خــفــق حـشــــاها
    فقد فقدتك طلقة فاستــــــرحت
    فـلـيت الخـيـل فـــارسها يراهــا

    28-العبيُد: للعباس بن مرداس السلمي قال فيها :
    ............
    ولم أق عجلي في الصباح رماحهم
    وحـق طـعـان الـقـوم من كان أول

    29-علوى : لخفاف بن ندبة السلمي قال فيها :
    ............
    وقفت له علوى وقد خام صحبتي
    لأبـنـي مـجـداً أو لأثـأر هـالكــاً

    30- الغمر : فرس جحاف بن حكيم السلمي ، وله يقول :
    ...........
    ولمــا أتـــانـي أن بـشـــراً أثـــابـه
    أبو الجهم والساقان في حلق سُمر
    بذُلت لـه الغمــر الجـواد ولـن ترى
    مــطـيـة حــرب مـثـل منـتـخب غمر

    31- القريط : لبني سُليم ، قال العباس بن مرداس السلمي:
    ............
    بـين الحـمـالة والـقــريط فـقـد
    أنـجـبـت مـن أم ومــن فـحـل

    32- كزاز : للحصين بن علقمة الذكواني السلمي وهو حصين الفوارس قال فيها :
    ..........
    عــدلت كـــزاز لصــدر اللطـيم
    حـتـــى كـأنــهــــا فــي قــــرن
    وأيـقـنــت أني امـــرؤ هـالـك
    فأخطرت نفسي الثناء الحسن
    تركت فضالة في مـعـرك
    يعـالـج أسـمـر مثـل الشـطــن
    وهــن بنـا شـرب فـي الغبــار
    يعدون عدو إفـال الـسـنن

    33-اللكاع : فارسه زيد بن عباس بن عامر الرعلي .
    ............
    34- مسفوح : لصخر بن الحارث بن عمرو بن الشريد السلمي ، قال فيه :
    .............
    فأحمل مسفوحاً عليهم فلم يخم
    وقد عجزت هدل الشفاه عن الفم
    إذا حبسونا في مضيق رمـيـتهـم
    بقرحته ، وفـــارس غيــر مـحــجـم

    35- مُصاد : فرس نبيشة بن حبيب قاتل ريعة بن مكدم ، وقال فيه :
    ...........
    نصـبـت مصـادا لصــدر اللـطيـم
    حــتـى كـأنـهــمـــا فـي قــرن

    36- المُصبح : فرس عوف بن الكاهن السلمي ، وقال فيه :
    ..............
    نصبـت لهـم صدر المصبح بعدما
    تـدارك ركـض مـنـهـم متـعـــاجل
    تواصوا به كي يعـقروه وقد رأوا
    أخاهم على الكفين والرأس مائل

    37-الوَرْدُ :
    ............
    لصخر بن عمرو بن الحارث بن الشريد السلمي قال في يوم بني أسدحين طُعن:
    وجـــاءت تـهـز السمـهـــري كتيبةُُ
    عزيـز عـلى المـرء الجبـان نزالهــا
    معــــودة يـــــوم النســـار وبعــده
    إذا ابرق بالمـوت يصــدق خالهــا
    حملت عليها الورد حتــى تـبددت
    تخــر مـن الـركض الحثيث نعالهــا

    38- الورد :
    ............
    لخالد بن صريم السلمي ، قال أخوه يمنُ عليه ، وأسره بنو النابغة من بني نصر بن معاوية ، فأنفلت على فرس لهم ، وأخذو فرسه فقال ابن صريم :
    ظــل طرادي يوم عائذ ( وجرة)
    سراة بني زعـب لـديك وعـامرا
    هم سلبوك الدرع والمح فيهـم
    وهـم بدلوك الورد شقـرا عـاقرا

    --------


    أفــضـل رجال الولايات في عهد عمر – مـن بنـي سُلـَيْم


    حـــدث أن عــــــمـربن الخطاب - رضــي الله عـــــنـة- أرســل كـُــتــب إلــى ولاته على الكوفة والبــــصرة ومــــصر والــــــشـــــام أن ابــــعـــثـــوا إلي مــن كــــل بــــلـد بأفــضـلـه رجـلاً فبعث كل والي برجل من بني سُليم وهم كالتالي :

    بـــعـث أهـل الــــشـــام:بـأبـي الأعــــــــــــــــور الـــسلمي .
    وبـعـث أهـل البصـــــــرة: بـمـجا شع بـن مـــسـعـــود السلمي .
    وبـعـث أهـل مـــصـــــــر: بمـعـن بـن يزيـد بـن الأخنــس السلمي .
    وهذا إن كان يدل على شيء فإنما يدل على همة رجال بني سُليم العالية وتفانيهم في خدمة الإسلام والمسلمين .

    --------

    بني سُليم وفتح مكة :

    لقد شارك بني سُليم في فتح مكه مع الرسول صلى الله عليه وسلم وقد التقـوا بني سُليـم بالـرسول صلى الله عليـة وسلـم وهــو يسيـر حـيـن هبــط المشـلل _ وادي قديد _ وبنو سُليم في آلة الحرب ، والحديد ظاهر عليهم ، والخيل تنازعهم الأعنة ، فصفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى جنبه أبو بكر وعمر ، وكانت رايتهم حمرا فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : يا عيينة هذه بنو سُليم قد حضرت بما ترى من العدة والعدد . فقال عيينة : يا رسول الله جاءهم داعيك ولم يأتني . ثم حدث بينه وبين العباس بن مرداس كلام شديد .
    وقد كان عدد بنو سُليم يربوا على الألف مقاتل وقد كان لواءهم أحمر وقدمهم الرسول صلى الله علية وسلم على القبائل وأمر عليهم خالد بن الوليد رضي الله عنه .
    وفي هذا قال العباس بن مرداس رضي الله عنه :

    فإن تـك قــد أمـرت في القوم خالـداً
    و قـــــدمتــه فـــإنه قـــد تقــــدمــــا

    بجنــد هــــــــداه الله أنــت أمـيـــــره
    تصيب به في الحق من كان أظلمــا

    حلفــت يمـيـنــــــاً بـــرة لمــحمــــــد
    فأكملتهـا ألفــاً من الخيـــل ملجمــا

    وقــــــال نبــي المؤمنيــن تقدمـــــوا
    و حب إلينــا أن نكــون المقــــــدمــا





    أهم شخصيات بنو سليم:.


    الحجاج بن علاط السلمي (رضي الله عنه)
    وكيف مكر بزعماء قريش
    ...............................................

    قال ابن إسحاق : لما فتحت خيبر وأنزل الله هزيمته على من بها من اليهود كلم النبي – صـلى الله عـليه وسلم - الصحابي " الحجاج بن علاط البهزي السلمي" فقال : يا رسول الله إن لي بمكة مـالاً عـند صـاحبتي ( زوجته ) أم شيـبه بنت أبى طلحه القرشية وكانت عنده وله منها ولد أسمه معرض بن الحجاج ، وقال لي مال متفرق في تجار أهل مكة فأذن لي يا رسول الله . فأذن له رسول الله – صلى الله عليه وسلم- . فقال الحجاج : خرجت حتى إذا قدمت مكة وجدت بثينة البيضاء رجالاً من قريش يتسمعون الأخبار ويسألون عن أمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ، وقد بلغهم إنه سار إلى خيبر وقد عرفوا إنهاء قرية الحجاز ريفاً ومنعه ورجالاً، فهم يتحسسون الأخبار ويسألون الركبان فلما رأوني قالوا: الحجاج بن علاط ، ولم يكونوا علما بإسلامي – عنده والله الخبر- أخبرنا يا أبا محمد فأنه قد بلغنا إن القاطع قد سار إلى خيبر وهي بلد يهود وريف الحجاز. قال : قلت : بلغني ذلك وعندي من الخبر ما يسركم قال: فألتبطوا بجنبي ناقتي يقول : بعضهم : إيه يا حجاج ، قال: قلت : هزم هزيمتاً لم تسمعوا بمثلها قط وقتل أصحابه قتلاً لم تسمعوا بمثله قط و أسر محمد أسرا ، وقالوا (أي اليهود) : لا نقتله حتى نبعث به إلى أهل مكة فيقتلوه بين أضهرهم بمن كان أصاب من رجالهم . قال : فقاموا وصاحوا بمكة وقالوا : قد جاءكم الخبر وهذا محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم ، قال : قلت : أعينوني على جمع مالي بمكة وعلى غرمائي فإني أُريد أن أقدم خيبر ، فأصيب من فيئي محمد وأصحابه قبل أن يسبقني التجار إلى هناك . قال الحجاج فقاموا فجمعوا لي مالي في أسرع جمع سمعت به ، ثم جئت صاحبتي فقلت لهاء : مالي وقد كان لي عندها مال موضوع، لعلي الحق بخيبر فأصيب من فرص البيع قبل أن يسبقني التجار . قال: فلما سمع العباس بن عبد المطلب وجاءه عني ، أقبل حتى وقف إلى جنبي وأنا في خيمة من خيام التجار فقال يا حجاج : ما هذا الخبر الذي جئت به ؟ فقلت : هل عندك حفظ لما أضع عندك ؟ قال العباس نعم . فقلت له : فأ ستأخر عني حتى ألقاك على خلا فأني في جمع مالي كما ترى ، فأنصرف عني حتى أفرغ ، حتى إذا فرغت من جمع مالي كله في مكة وأجمعت على الخروج فلما خرجت لقيت العباس فقلت له : أحفظ عليه حديثي يا أبى الفضل فأني أخشى الطلب ثلاثاً ( ثلاثة أيام) ، ثم قل ما شئت ، قال العباس لي : نعم أفعل. قلت له : فإني والله لقد تركت ابن أخيك عريساً على بني ملكهم ( يعني صفية بنت حيي بن أخطب ) من اليهود في خيبر وانتثل أي استخرج ما فيها وصارت له ولأصحابه . فقال : ما تقول يا حجاج ؟ قال قلت : أي والله فأكتم عني ولقد أسلمت وما جئت إلا لآخذ مالي فرقا من أن أُغلب عليه ، فإذا مضت ثلاث فأظهر أمرك فهو والله على ما تحب . فلما مرت الثلاث أيام فجرها العباس في قريش فقالوا له : من جاءك بالخبر، قال لهم الذي جاء به ولقد دخل عليكم مسلماً فأخذ ماله فأنطلق ليلحق بمحمد وأصحابه فيكون معه . قالوا: يا لعباد الله انفلت منا آما والله لو علمنا لكان لنا معه شأن.
    قصة الجحاف السلمي مع الأخطل الشاعرالتغلبي
    كانت بنو تغـلب قـد قتلت عـمير بن الحباب السلمي (مـن بني سليم)، بعدها صادف أن قدم الأخطل التغلبي الشاعر الشهير على الخليفة عبد الملك بن مروان الأموي في دمشق وكان الجحاف بن حكيم السلمي جالساً عنده ، وقـد كان يجيد الشعـر ومـن الصحابة والفـرسان المشهورين ،فأنشد الأخطـل قائلاً :

    ألا سائل الجحاف هل هو ثائر
    بقتلى أصيبت من سليم وعامر ؟

    عامر يقصد بن عامر بن صعصة من( هوازن بن منصور).

    فلم يرد الجحاف السلمي بأي شعر أمام الخليفة، وقد عرف أن الرد لا ينفع إلا بحد السيف مادام قد عيره الأخطل علنا في حضرة الخليفة،فخرج الجحاف السلمي غاضباً يجـر مـطــرفه فقـال عبد الـملك بن مـــروان للأخطـل : ويحك أغـضبته به وأخلق أن يجلب عليك وعلى قومـك شراً ،فكتب بالجحاف عهداً لنفسه من عبد الملك ، ثم ذهب إلى قـومه من سليم ودعاهـم للخروج معـه ، فلما وصل مـعهم إلى البشر وهـو موضع لتغـلب نادى فرسان سليم وقص عليهم ماحدث له مـن الأخطل أمـام الخليفة ، ثـم قال لهـم : قاتلـوا عـن أحسابكم أو موتوا فأغاروا على بن تغـلب بالبشـر وقتـلوا منهـم مقـتلة عظيمـة ، ثـم قـال الجحـاف يجـيب الأخطل :

    أبا مالك هل لمتني إذ حضضتنـي
    على الثار أم هل لامني منك لائمي
    متى تدعنني أخرى أجبك بمثلهـا
    وأنت امــرؤ بالـحـق لـست بقــــائــم

    فقدم الاخطل التغلبي على الخليفة عبد الملك بن مروان فلما مثل بين يديه أنشاء يقول:

    لقـد أوقع الجحاف بالبشر وقعـة
    إلى الله منها المشتكى والمعول
    فـإن لم تغـيرهـا قريش بعد لـها
    يكن عن قريش مستماز ومزحــل

    فلما طلب عبد الملك بن مروان الجحاف السلمي ليقتص منه في قتلى بني تغـلب هـرب إلى بلاد الروم ثـم بعـد فترة استأمن ورجـع إلى قومـه، وقيل أنه تنسك نسكاً صحيحاً ومال إلى العبادة وتاب الله عليه.



    شــاعــــرة بـني سـُليــــــم

    الخـنـســــــاء – رضـي الله عـنهـــا
    .......................................

    هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، ولدت سنة 575 للميلاد ، لقبت بالخنساء لقصر أنفها وارتفاع أرنبتيه. عرفت بحرية الرأي وقوة الشخصية ونستدل على ذلك من خلال نشأتها في بيت عـز وجاه مع والدها وأخويها معاوية وصخر، والقصائد التي كانت تتـفاخـر بها بكرمهما وجودهما، وأيضا أثبتت قوة شخصيتها برفضها الزواج من دريد بن الصمة أحد فـرسـان بني جشم ؛ لأنها آثرت الزواج من أحد بني قومها، فتزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أنها لم تدم طويلا معه ؛ لأنه كان يقامر ولا يكترث بماله،لكنها أنجبت منه ولدا ،ثم تزوجت بعدها من ابن عمها مرداس بن أبي عامر السلمي ، وأنجبت منه أربعة أولاد، وهم يزيد ومعاوية وعمرو وعمرة. وتعد الخنساء من المخضرمين ؛ لأنها عاشت في عصرين : عصر الجاهلية وعصر الإسلام ، وبعد ظهور الإسلام أسلمت وحسن إسلامها. وقد طغت شهرتها على النساء قديماً وحديثاً. وتوفية سنة 664
    للميلاد.

    من شعرها ترثي اخاها صخر :

    :قــذى بـعـــينـك أم بالعـيـن عــــــوار
    أم أقفـرت إذ خلت من أهلها الـــدارُ
    كـأن عـيـنـيـك لـذكـراه إذا خـطــــرت
    فيض يسيـل عـلى الخـديـن مـدرارا
    تبكي لصخر هي العبرى وقـد ولهت
    ودونـه مـن جـديــد الـتــرب أستــــار
    تبكي خـناس على صخر وحـق لها
    إذ رابهـا الدهــــر إن الدهــــر ضـــرار

    وقالت أيضاً:

    وإن صـخـــراً لمـــــــولانـا وسيـــدنــا
    وإن صخــــراً إذا نشــــدت لنحـــــــار
    وإن صخــــراً لتـأتــم الهـــــــــداة بــه
    كأنــه علـــــم في رأســـــــــه نـــــار

    وقالت أيضاً:

    أعـينــي جـــــــــوداً ولا تجـمــــــــدا
    ألا تــبـكيـــان لـصخــــــر النــــــــدى
    ألا تــبـكيـــان الجــــريء الجمـيـــــل
    ألا تــبـكيـــان الفـتـــــى السيــــــدا
    طويـــــــــــــل النــجــاد رفيـع العماد
    وســـــــــــــاد عـشـيرتـه امـــــــــردا

    وقالت أيضاً في صخر:

    ابـكـي أبا عـمـــرو بعـيـن غـــزيـــرة
    قليل إذا تغـــفى العيــون رقــودهــا
    وصخـــراً ومــن ذا مثـل صخر إذا بدا
    بساحتــه الأبـطـــال قبـــــا يقودهـا

    كما قالت في أخيها معاوية لما قتله بنو مرة من (غطفان) ترثيه :

    ألا لا أرى فـي الـنـــاس مثل معاوية
    إذا طـرقت إحـدى الـليــالي بـداهية
    بـداهـية يصغى الكلاب حسيـسهـا
    وتـخـــرج مــن ســر الـنجـا عـــلانية
    وكـان لـــزاز الـحــــرب عـند شبوبها
    إذا شمرت عن ســاقها وهي ذاكية
    وقـواد خـيـل نحـــــو أخـرى كـأنــهــا
    سعـــال وعـقبـان عـليهــــا زبـانـيـة
    بـلـينا وما تبلـى تـعــار ومــــا تــرى
    عـلــــى حـــدث الأيــــام كـمـاهـي
    فأقـسمـت لا ينفك دمعي وعولتي
    عـليـك بـحـزن ما دعا الله داعـيــــة

    وقيل للخنساء صفي لنا أخويك صخراً ومعاوية فقالت : كان صخر والله جنت الزمان الأغبر وذعاف الخميس الأحمر ، وكان معاوية القائل الفاعل ، قيل لها: فأيهما أسمى وأفخر ؟ قالت : أما صخر فحر الشتاء ، وأما معاوية فبرد الهواء وقيل لها فأيهما أوجع وأفجع ؟ قالت : أما صخر فجمر الكبد وأما معاوية فسقام الجسد . وأنشأت تقول:

    أســــدان محـــمــــر المخــالب نجـده
    بحــــران في الزمـــن الغضـوب الأنمـر
    قمـران في النــــادي رفيعــــاً محتدي
    فــي الـمجـد فـرعـاً سـؤدد مـتـخـيـــر

    لعل هذه السيرة المختصرة للخنساء الشاعرة السلمية العظيمه تكون كافيه وموفيتها حقها .


    سلطـان العلمـاء
    العــز بن عبد الســلام السلمي
    ...................................

    هو أبو محمد عز الدين ، عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن بن محمد ابن المهذب الدمشقي ، الملقب بسلطان العلماء ، واشتهر بالعز بن عبد السلام ، والسلمي نسبة إلى بني سُليم إحدى القبائل القيسية المشهورة من مضر .
    ولـد العـز بن عبد السـلام بدمشــق ونشــأ بهــا ، ومـولده كــان سنـة 577هـ أو 578هـ.
    وقد وصف العز بن عبد السلام بأنه (( رزق قسامة في الوجه ونعومة الأسارير ، فهو مقبول الصورة ، وكان مع ذلك جليلاً ، وكان قوي الشخصية ، ومع ذلك كان متواضعاً في مظهره بعيداً عن التكلف ، لايتأنق لكذب الحشمة ومألوف الوقار ، حتى لم يكن يتقيد بلبس العمة على عادة العلماء والفقهاء ، بل ربما لبس قبع لباد ( طاقية الصوف ) وكان يحضر المواكب السلطانية به.
    وقد روى الأستاذ خير الدين الزركلي أن من أمثال مصر القديمة قولهم : ( ما انت إلا من العوام ولو كنت ابن عبد السلام ) ، وقال عنه أبو محمد عبد الله بن سعد اليافعي في كتابة (( مراة الجنان)) : (ومرتبته في العلوم الظاهرة مع السابقين في الرعيل الأول).
    وقد تفقه على فخر الدين بن عساكر ، والقاضي جمال الدين بن الحرستاني ، وقــراء الأصول على الآمدي ، وبرع في الفقة والأصول العربية ، وفاق الأقران ، والأضراب ، وجمع بين فنون العلم من التفسير والحديث والفقه واختلاف أقوال الناس ومآخذهم ، وقد بلغ رتبة الإجهاد في الفقه ، ورحل إلية الطلاب من سائر البلاد ، وصنف التصانيف المفيدة ، وروى عنة الدمياطي وخرج لة أربعين حديثاً ، وروى له ابن دقيق العيد ، وهو الذي لقبة بسلطان العلماء .
    وقد تولى الخطابة والتدريس بزاوية الغزالي ثم بجامع الأموي ، وفي خطابته أزال كثيراً من بدع الخطباء ، ولم يلبس سواداً ولم يسجع في خُطبه ، كان يقولها مسترسلاً، وأجتنب الثناء على الملوك ،إنما كان يدعوا لهم ، وأبطل صلاة الرغائب والنصف من شعبان فوق بينه وبين (( ابن الصلاح)) بسبب ذلك ، وحينما سلم الصالح إسماعيل قلعة ( الشقيف ) و(صفد ) للفرنج ، نال منه الشيخ على المنبر ولم يدع له ، فغضب الملك مــن ذلك وعزلة وسجنة ، ثُم أطلقة ، فتوجة إلى مصر ، فتلقاة صاحب مصر الصالح نجم الدين أيوب وأكرمة وولاة القضاء ، فقام بهمات المنصب خير قيام ، ومكنة (( الصالح)) من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ثم أعتزل القضاء ، وعزلة السلطان من الخطابة ، فلزم بيتة يدرس الناس ،.
    قال الشيخ قطب الدين اليونيني : كان مع شدته فيه حسن محاضرة بالنوادر والأشعار ، ولما مرض أرسل إلية الملك الظاهر يقول :إن في أولادك من يصلح لوظائفك؟ فقال :لا ).
    وقد انتهى العز بن عبد السلام معرفة المذهب الشافعي مع الزهد والورع ، وقمعه للضلالات والبدع ، وكان قائماً خير قيام بالذب عن السنة ، ولا يقبل الهوادة أو المسايرة فـي ذلك مطلقاً مع أي إنسان ولو كان السلطان .
    ولهيته العلمية في النفوس وصلاحه وورعه وتقواه لقب بسلطان العلماء .
    وكانت وفاته يرحمه الله بالقاهرة في جمادى الأولى سنة 660هـ ومشى في جنازته الخاص والعام وشيعه الظاهر ، ولم بلغ وفاته السلطان قال : ( لم يستقـر ملـكـي إلا الساعة ، لأنه- أي العز بن عبد السلام – لو أمر الناس في بما أراد ، لبادروا إلي امتثال أمره).
    -------------------------------------------------




    صفوان بن المعطل السُلمي
    -------------------------------

    هو الذي قال فيه أهل الإفك ما قالوا فيه مع عائشة رضي الله عنهما، فبرأهما الله مما قيل فيهما ، وقد أعترض حسان بن ثابت بالسيف لما قذفه به من شعر الإفك وضربه .
    ويكنى : أبا عمرو ، ويقال : إنه أسلم قبل المريسيع ، وشهد مع الرسول غزوة الخندق والمشاهد كلها بعدها ، وكان مع كرز بن جابر الفهري في طلب العرنيين الذين أغاروا على لقاح النبي – صلى الله عليه وسلم - .

    وتحكي لنا أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فلما كان غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه ، كما كان يصنع ، فخرج سهمي عليهن معه ، فخرج بي رسول الله . قالت : و كان النساء إذ ذاك يأكلن العلق لم يهجهن اللحم فيثقلن ، و كنت إذا رحل لي بعيري جلست في هودجي ، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ، و يأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه على ظهر البعير ، فيشدونه بحباله ، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به . فالت : فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره ذلك وجه قافلاً حتى إذا كان قريباً من المدينة نزل منزلاً فبات به بعض الليل ، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل فارتحل الناس و خرجت لبعض حاجتي ، و في عنقي عقد لي فيه جزع ظفار فلما فرغت انسل من عنقي و لا أدري ، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت التمسه في عنقي فلم أجده ، و قد اخذ الناس في الرحيل ، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه فالتمسته حتى و جدته ، و جاء القوم خلافي الذي كانوا يرحلون لي البعير و قد كانوا فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج و هم يظنون أني فيه ، كما كنت أصنع ، فاحتملوه فشدوه على البعير ، و لم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس ، البعير فانطلقوا به ، فرجعت إلى العسكر و ما فيه داع و لا مجيب ، قد انطلق الناس قالت : فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني و عرفت أن لو افتقدت لرجع الناس إلي . قالت فو الله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل السلمي وأسمه الكامل صفوان بن معطل بن رميضه بن خزاعي بن محارب بن مرة بن فالج بن ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم . و كان تأخره بسبب ثقل نومه ، فرأى سوادي فاقبل حتى و قف علي و قد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما راني قال : إنا لله و إنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ و أنا متلففة في ثيابي . قال : ما خلفك يرحمك الله ؟ قالت : فما كلمته . ثم قرب إلي البعير فقال : اركبي و استأخر عني . قالت : فركبت و أخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ، فو الله ما أدركنا الناس و ما افتقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل ، الإفك ما قالوا ، و ارتج العسكر و والله ما أعلم بشيء من ذلك ، ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوى شديدة لا يبلغني من ذلك شيء . و قد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي لا يذكرون لي منه قليلاً و لا كثيرا ، إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي كنت إذا اشتكيت رحمني و لطف بي ، فلم يفعل ذلك بي في شكواي ، ذلك فأنكرت ذلك منه ، كان إذا دخل علي و عندي أمي تمرضني قال : كيف تيكم ؟ لا يزيد على ذلك ، قالت : حتى وجدت في نفسي ، فقلت : يا رسول الله حين رأيت ما رأيت من جفائه لي : لو أذنت لي فانتقلت إلى أمي فمرضتني ، قال : لا عليك ، قالت : فانتقلت إلى أمي و لا علم لي بشيء مما كان ، حتى نقهت من وجعي بعد بضع و عشرين ليلة ، و كنا قوماً عرباً لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف التي تتخذها الأعاجم ، نعافها و نكرهها ، إنما كنا نخرج في فسح المدينة ، و إنما كانت النساء يخرجن في كل ليلة في حوائجهن ، فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب ابن عبد مناف و كانت أمها ابنة صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم خالة أبي بكر الصديق ، قالت : فو الله إنها لتمشي معي إذ عثرت في مرطها فقالت : تعس مسطح و مسطح لقب و اسمه عوف قالت : فقلت : بئس لعمر و الله ما قلت لرجل من المهاجرين ، و قد شهد بدراً ، قالت : أوما بلغك الخبر يا بنت أبي بكر ، قالت : قلت : و ما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان من قول أهل الإفك ، قلت أو قد كان هذا ؟ قالت : نعم و الله لقد كان ، قالت : فو الله ما قدرت على أن أقضي حاجتي ورجعت ، فو الله ما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي قالت : و قلت لأمي : يغفر الله لك ، تحدث الناس بما تحدثوا يه ، و لا تذكرين لي من ذلك شيئاً ، قالت : أي بنية خففي عليك الشأن ، فو الله لقل ما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن ، و كثر الناس عليها ، قالت : و قد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فخطبهم ، و لا أعلم بذلك فحمد الله و أثنى عليه ، ثم قال : أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهم غير الحق ، و الله ما علمت عليهم إلا خيراً ، و يقولون ذلك لرجل ، والله ما علمت منه إلا خيرا ، و لا يدخل بيتاً من بيوتي إلا و هو معي قالت : و كان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي ابن سلول . في رجال من الخزرج مع الذي قال مسطح و حمنة بنت جحش ، و ذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و لم تكن امرأة من نسائه تناصيني في المنزلة عنده غيرها ، فأما زينب فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا خيراً ، و أما خمنة فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادني لأختها ، فشقيت بذلك ، فلما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة قال أسيد بن حضير : يا رسول الله إن يكونوا من الأوس نكفيكهم ، و إن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمرنا أمرك فو الله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم قالت فقام سعد بن عبادة ، و كان قبل ذلك يرى رجلاً صالحاً فقال : كذبت لعمر الله ، ما تضرب . أعناقهم ، أما و الله ما قلت هذه المقالة إلا إنك قد عرفت أنهم من الخزرج ؟ و لو كانوا من قومك ما قلت هذا فقال : أسيد بن حضير كذبت لعمر الله ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين . قالت : و تثاور الناس حتى كاد يكون بين هذين الحيين من الأوس و الخزرج شر ، و نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل علي فدعا علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى علي خيراً ، ثم قال : يا رسول الله أهلك و ما نعلم منهم إلا خيراً ، و هذا الكذب و الباطل . و أما علي فإنه قال : يا رسول الله إن النساء لكثير ، و إنك لقادر على أن تستخلف ، أرسل الجارية فإنها ستصدقك . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة يسألها قالت : فقام إليها علي فضربها ضربا شديدا و يقول : أصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فتقول : و الله ما أعلم إلا خيراً ، و ما كنت أعيب على عائشة شيئاً إلا أني كنت أعجن عجيني فأمرها أن تحفظه فتنام عنه ، فتأتي الشاة فتأكله . قالت : ثم دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم و عندي أبواي ، و عندي امرأة من الأنصار ، و أنا أبكي و هي تبكي ، فجلس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس ، فأتقي الله و إن كنت قد قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله ، فإن الله يقبل التوبة عن عباده . قالت : فو الله إن هو إلا أن قال لي ذاك فقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا ، وانتظرت أبواي أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلما . قالت : و أيم الله لأنا أحقر في نفسي و أصغر شأناً من أن ينزل الله في قراناً يقرأ به و يصلى به ، و لكني كانت أرجو أن يرى النبي في نومه شيئاً يكذب الله به عني ، لما يعلم من براءتي و يخبر خبراً ، و أما قرآناً ينزل في فو الله لنفسي كانت أحقر عندي من ذلك ، فالت : فلما لم أر أبوي يتكتمان قلت لهما : ألا تجيبان رسول الله ؟ فقالا : و الله ما ندري بما نجيبه . قالت : و والله ما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على آل أبي بكر في تلك الأيام ، قالت : فلما استعجما علي ، استعبرت فبكيت ؟ ثم قلت : و الله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ، و الله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، و الله يعلم أني منه بريئة لأقولن ما لم يكن ، و لئن أنا أنكرت ما يقولون لا تصدقونني ، قالت : ثم التمست اسم يعقوب فما أذكره ، فقلت : و لكن سأقول كما قال أبو يوسف " فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون " قال : فو الله ما برح رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كأن يتغشاه ، فسمجى بثوبه و وضعت وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك رأيت ، فوا الله ما فزعت ، و ما باليت ، قد عرفت أني بريئة ، و أن الله غير ظالمي ، و أما أبواي فو الذي نفس عائشة بيده ما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقاً من أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس . قالت : ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلس و انه ليتحدر من و جهه مثل الجمان ، في يوم شات ، فجعل يمسح العرق عن وجهه و يقول : أبشري يا عائشة قد أنزل الله عز وجل براءتك .
    قالت : قلت : الحمد لله . ثم خرج إلى الناس فخطبهم و تلا عليهم ما أنزل الله عز وجل من القران في ذلك ، ثم أمر بمسطح بن أثاثة و حسان بن ثابت و حفنة بنت جحش وكانوا ممن أفص بالفاحشة فضربوا حدهم .
    و قد ذكر ابن اسحاق أن حسان بن ثابت قال شعراً يهجو فيه صفوان بن المعطل وجماعة من قريش ممن تخاصم على الماء من أصحاب جهجهاه كما تقدم أوله هي :

    أمسى الـجلابيب قـد عــزوا و قـد كثــروا
    وابــن الفــريعة أمــسى بـيــضــة البـلـــد
    قــد ثـكـلــت أمــة مــن كـنـت صـاحـبـه
    أو كــــــان منـتـشيـاً فـي بــرثن الأســــد
    مـا لـقــتـــيـــلي الــذي أعـــدو فـآخــذه
    مـن ديـــة فـيـه يـعــطــــــاهـا و لا أقـود
    ما البحــر حيــن تـهــب الــريح شــامية
    فيـغـــطــئل و يــرمـي العــبــر بالــزبــد
    يـومـا بـأغلـــب مــني حــيـن تــبـصرني
    مـل غـيـظ أفـري كـفـري العـارض الــبرد
    أمـــا قــريـــش فــإنــي لا أســا لـمــهــا
    حـتــى يـنــيـبـوا مـن الـغـيـات للـرشـــد
    ويـتـــركـوا الـــلات و الـعــزى بمـعـزلــة
    و يسجــدوا كـلـهــم للــواحــد الصـــمـــد
    ويشهـــدوا أن مــــا قال الرسـول لهم حق
    فيـــــوفـــــوا بـحــــق الله و الـــوكــــــد

    فاعترضه صفوان بن المعطل فضربه بالسيف و هو يقول :
    تلق ذباب السيف عني فإنني غلام إذا هوجيت لست بشاعر
    وذكر أن ثابت بن قيس بن شماس أخذ صفوان حين ضرب حسان فشد و ثاقاً ، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال : ما هذا ؟ فقال : ضرب حسان بالسيف . فقال عبد الله : هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من ذلك ؟ قال : لا . فأطلقه ، ثم أتوا كلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابن المعطل : يا رسول الله آذاني و هجاني ، فاحتملني الغضب فضربته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حسان أتشوهت على قومي إذ هداهم الله . ثم قال : أحسن يا حسان فيما أصابك . فقال : هي لك يا رسول الله . فعوضه منها بيرحاء التي تصدق بها أبو طلحة و جارية قبطية ، يقال لها : سيرين ، جاءه منها ابنه عبد الرحمن . قال : و كانت عائشة تقول سئل عن ابن المعطل فوجد رجلاً حصوراً ما يأتي النساء .
    وقد قتل صفوان في غزوة أرمينية شهيداً ، وأميرهم يومئذ عثمان بن أبي العاص سنة 19 هـ في خلافة عمر رضي الله عنه . وقد كان خيراً فاضلاً شجاعا بطلاً رضي الله عنه وأرضاه.




    عـمـــرو بـن عـبـسـة السـلمي

    رابع من دخل الإسلام

    هو عمرو بن عبسة بن خالد بن حذيفة بن عمرو بن خلف بن مازن بن مالك بن ثعلبة بن بهثة بن سُليم بن منصور . ويكنى أبى " نجيح" .

    قصة دخوله الإسلام :
    .......................
    فـي رواية أنـه قــال (( أتيت النبي – صلى الله علية وسلم فقلت : يا رسول الله من أسلم ؟ فقال :"حر ، وعبد" يعني أبا بكر و بلال رضي الله عنهما، فأنا رابع الإسلام أو ربع الإسلام )).
    وفي رواية عن شهر بن حوشب يتحدث عمرو بن عبسة عن نفسه ويقول : رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية وذلك أنها باطل ، فلقيت رجلاً من أهل الكتاب من أهل تيماء ، فقلت:إني أمرؤ ممن يعبد الحجارة ، فينزل الحي وليس معهم إله ، فيخرج الرجل منهم فيأتي بأربعة أحجار ، فينص ثلاثة لقدره ، ويجعل أحسنها إلهاً يعبده ، ثم لعله يجد ما هو أحسن منه قبل أن يرتحل فيتركه ، فيأخذ غيره إذا نزل منزلاً سواه . فرأيت أنه إله باطلاً لا ينفع ولا يضر، فدلني على خير من هذا .
    فقال الرجل لعمرو بن عبسة السُلمي : يخرج من مكة رجل يرغب عن آلهة قومه ويدعوا إلى غيرها، فإذا رأيت ذلك فأتبعه ، فإنه يأتي بأفضل الدين . قال عمرو بن عبسة : فـلـم تـكن لي همة منذ قال لي ذلك إلا مكة ، فآتي فأسأل : هل حـدث فيهـا حـدث ؟ فيـقـال : لا. ثم قـدمـت مـرة فســـألـت : فـقـالـوا : حـدث فيـهـا رجـل يرغب عن آلهة قومه ويدعـو إلى غيرها ، فرجـعـت إلى أهلي ، فشددت راحلتي برحلها ، ثم قدمت منزلي الذي كنت أنزله بمكة ، فسألت عنه فوجدته مستخفياً ، ووجدت قريش عليه أشداء فتلطفت حتى دخلت عليه ، فسألته فقلت أي شيْ أنت ؟ قال نبي . قلت ومن أرسلك ؟ قال : الله . قلت : وبما أرسلك ؟ قال : بعبادة الله وحده لا شريك له ، وبحقن الدماء ، وبكسر الأوثان ، وصلة الرحم ، وأمان السبيل . فقلت : نعم ما أرسلت به ، وقد آمنت بك وصدقتك ، أتأمرني أمكث معك أو أنصرف ؟ فقال : ألا ترى كراهية الناس ما جئت به ؟ فلا تستطيع أن تمكث ، كن في أهلك ، فإذا سمعت بي قـد خـرجت مخرجاً فاتبعني .
    ونلمس من ثنايا حديث هذا الصحابي ذي السابقة في الإسلام ، حرارة الصدق ، وصفا الضمير ، وذكا الفكر ، وطهارة الفطرة .
    ويتضح لدينا تجرد هذه القصة الواقعية الجميلة من التصنع والتكلف والتنميق ، وهي منسجمة تماماً مع واقعها ، ومع صاحبها وبطلها ، وهي تعبير صادق عن شعور نفسي عميق ، وهي تجربة واقعية خاض غمارها عمرو –رضي الله عنه - ، وقد أدرك أن ما كان عليه هو وقومه العرب من عبادة الأحجار وإشراكها بالله جل وعلا في العبادة هو أمر ناجم عن انطماس نور العقل وإرادة الفكر.





    عتبة بن فرقد السلمي
    فاتح شمال العراق وأذربيجان
    ...............................

    إســلامه :
    ............
    أسلم أبو عبد الله عتبة بن فرقد السلمي قبل غزوة خيبر ، وشهد هذه الغزوة مع رسول الله صلى الله علية وسلم وقسم له من الغنايم ، وكان يعطي منها لبني أعمامه عاماً ولبني أخواله عاماً ، وكانت غزوة خيبر في سنة سبع للهجرة ، مما يدل على أنه أسلم في هذه السنة أو قبله بقليل.
    وقد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوتين فقط ، ونال شرف الصحبة والجهاد مع المصطفى صلى الله علية وسلم .

    جهـــاده :
    ..........
    نهض عتبة بعد النبي صلى الله علية وسلم لجهاد المرتدين ؛ فلما عاد أهل الردة إلى الإسلام تفرغ عتبة للجهاد والفتح الإسلامي.
    وقد تسلم منصب إمارة الموصل على الحرب والخراج سنة سبع عشرة خلفاً لعرفجة بن هرثمة البارقي الذي أمد به عمر بن الخطاب عتبة بن غزوان ، ولايمكن أن يتولى أحد مثل هذا المنصب الخطير مالم يكن قد بذل جهوداً مشرفة في الجهاد من قبل .
    ولما أستقر عتبة بالموصل ، شرع في فتح مناطقها المجاورة وهي :
    (شهر زور ) و( الصامغان) و( داراباذ) ؛ ففتح ( شهرزور) ، وصالح أهل (الصامغان ) و(دارا باذ) على الجزية والخراج ، وكان ذلك سنة اثنتين وعشرين للهجرة ، فلما أنجز ذلك كتب إلى عمر بن الخطاب : (( إن فتوحي قد بلغت (أذربيجان) )) فولاه إياها واعاد عرفجة بن هرثمة البارقي إلى الموصل .
    وســار عتبة لفتح ( آذربيجان ) من (شهر زور) ، وهي مجاورة لمنطقة ( آذربيجان ) ، كما سـار بكير بن عبدالله لفتحها من (حلوان) ؛ فتح عتبة من ( آذربيجان ) الجهه المتاخمة ( لشهر زور) باتجاه تقدمه كما فتح بكير منها مايليه ، ولكن عمر بن الخطاب أصدر أمره إلى بكير أن يتوجه لفتح ( الباب ) وأمره أن يستخلف بكير عتبة على الذي فتحه من (آذربيجان ) ، فأقره عتبة سماك بن خرشة الأنصاري على عمل بكير ، إذ جمع عمر آذربيجان كلها لعتبة.
    وكان قائد الفرس في تلك المنطقة يدعى ( بهرام) قد حشد جيشا لصد عتبة عن استكمال فتح آذربيجان ، لذلك تقدم عتبة بقواته إلى حيث عسكر جيش ( بهرام) فنشبت بين الطرفين معركة حامية خسرها الفرس ، فاستسلمت المناطق الأخرى من آذربيجان سلماً ، وأصبحت مناطقها كلها بيد المسلمين ؛ فكتب عنبة بينه وبين أهل آذربيجان أماناً لسهلها وجبلها وحواشيها وشفارها وأموالهم وشرائعهم على أن يؤدوا الجزية على قدر طاقتهم وهذا نص كتاب عتبة بن فرقد السلمي لآهل آذربيجان : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أعطى عتبة بن فرقد عامل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أهل آذربيجان سهلها وجبالها وحواشيها وشفارها وأهل مللها كلهم الأمان على أنفسهم وأموالهم ومللهم وشرائعهم على أن يؤدوا الجزية على قدر طاقتهم ، وليس على صبي ولاامرأة ولازمن ( أي مريض مرضاً مزمناً) ليس في يديه شيء من الدنيا ، ولامتعبد ليس في يديه من الدنيا شيء ، لهم ذلك ولمن سكن معهم ؛ وعليهم فرى المسلم من جنود المسلمين يوماً وليلة ودلالته . ومن حشر منهم في سنة وضع عنه جزاء تلك السنة ، ولمن أقام فله مثل مالمن أقام من ذلك ، ومن خرج فله الأمان حت يلجاء إلى حرزه ). وامتد فتح عتبة حتى مدينة ( أرمية ) الواقعة بالقرب من بحيرة ( أرمية ) .

    عتبة الإنسان :
    ................
    تولى عتبة الموصل كما أسلفنا ، وتولى بعدها آذربيجان حربها وخراجها وبقي عليها حتى تولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط الكوفة من قبل عثمان بن عفان سنة خمس وعشرين للهجرة فعزل عتبة عن آذربيجان ، فنقض أهلها الصلح مع المسلمين ، فاظطر الوليد على غزوهم ؛ وهذا يدلنا على أن عتبة كان محبوباً من أهل آذربيجان يثقون به ثقةً كاملة لاستقامته وعدله في إدارته وحكمه.
    ولقد كان عتبة موضع ثقة أبي بكر وعمر ، كما كان موضع ثقة سعد بن أبي وقاص حين كان قائداًَ عاماً على العراق ووالياً على الكوفة ، فقد بقي عتبة والياً على آذربيجان في زمن عمر وبقي عليها في عهد عثمان مابقي سعد والياً على الكوفة ؛ فلما عزله عثمان وولى مكانه الوليد بن عقبة عاد فعزله عن منصبه ، لأن الوليد لم يكن يتقيد بالشروط التي التزم بها الشيخان : أبو بكر وعمر وكبار الصحابة من الولاة وقادة الفتح عند توليتهم الولاة والقادة ، تلك الشروط التي كانت تخضع لكفاءة الماضى المجيد في خدم الإسلام وصحبة النبي صلى الله علية وسلم ،ولكفاءة الحاضر من بلاء وشجاعة وإقدام وتضحيه وقابلية على قيادة الرجال وإدارة الأعمال … ويبدو أن السياسة الجديدة لم تعجب عتبة فسكن الكوفة واعتكف بها حتى مات ، وله عقب بها يقال لهم : الفراقدة .

    لقد ترك عتبة آثاراً في الموصل ، منها الجامع الواقع في محلة الكوازين والذي يسمى الجامع الأموي . ولايزال هذا الجامع موجوداً حتى اليوم .ولابد أنه ترك آثاراً كثيرة في آذربيجان وغيرها من البلاد التي فتحها .

    وكان غنياً معدوداً من أغنياء العرب في الجاهلية وفي عهد النبي صلى الله علية وسلم ، فلم يكن حديث الغنى ، كون ماله من الغنائم وغيرها بعد الفتح ، وكان كريماً مضيافاً ؛ وعندما كان في (آذربيجان) أكل (الخبيص) فوجده طيباً حلواً ، فأرسل منه سفطين هديه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فلما ذاقه عمر قال : (( إن هذا لطيب ! أكل المهاجريم اكل منه شبعه ؟! )) فلما علم أنه هديه خاصة به أعاده إلى عتبة وكتب إليه : (( إنه ليس بكدك ولا كد أمك ولا كد أبيك ! لا تأكل إلا ما يشبع منه المسلمون في رحالهم )) ثم أستقدمه عمر بالخبيص الذى كان اهداه له ، وذلك لأن عمر كان يأخذ عماله بموافاته الموسم في كل سنة يحجر عليهم بذلك الظلم ويحجزهم به عنه .
    وكان شريفاً وله صحبة ورواية شهماً غيوراً نبيلاً مأمون النقيبة مؤمناً حقاً يعمل لعقيدته أكثر مما يعمل لنفسه ولولا ذلك لما تجشم مشقات الجهاد وعناء إدارة الناس ، وهو غني وافر المال .

    وكان نظيف الملبس مزواجاً يكثر من الطيب ؛ قالت زوجته أم عاصم images/forum/icons/icon_frown.gif(كنا عنده أربع نسوة ، وكنا نجتهد في الطيب ، وأنه لأطيب منا ريحاً )).

    عتبـة القـــائـد :
    .................
    تتسم قيادة عتبة ببعد النظر ، فعندما أصبح والياً على الموصل استطاع أن يفتح شمالي العراق كله بالتدريج وبأقل الخسائر الممكنه بالأرواح على الغرم من وعورة تلك المناطق ووجود الجبال الشاهقة فيها .
    والذين يعرفون درجة وعورة مناطق العراق الشمالية الشاسعة ذاب الجبال الشاهقة هم من العرب أبناء الصحراء القاحله يقدر كفاءة عتبة الممتازة في القيادة .
    لقد كان قائداً عقائدياً من الطراز الأول . يتحلى بظبط متين وعقلية متزنة وقابلية بدنية فائقة ومعنويات عالية ، سريع القرار صحيحه ، له إرادة قوية ثابته وشخصية رصينة نافذة ونفسية لاتتبدل في حالتي النصر والإندحار ، يتحمل مسؤوليته كاملة ويحب رجاله ويحبونه ويثق بهم ويثقون به ويعرف نفسيات مرؤوسيه وقابلياتهم ويعرف مبادئ الحرب ويطبقها ، يتمتع بمزية سبق النظر ، وله ماض ناصع مجيد .

    عتبة في التاريخ :
    ..................
    تلك هي مزايا عتبة القائد الإنسان ، وذلكح هو جهاده في سبيل إعلاء كلمة الله ، فلاعجب أن يفتح شرقي دجلة من شمال الموصل حتى الحدود العراقية – التركية – الإيرانيه وهي أقضية زاخو والعمادية ودهوك وعقرة من لواء الموصل بالإضافة إلى لوائى أربيل والسليمانية ، كما فتح معظم آذربيجان الواقعة في إيران والمتاخمة للحدود العراقية – التركية – الروسية ، ونشر الإسلام في كل تلك الربوع .
    ذلك من آثار العقيدة الراسخة والإيمان العظيم ، والشجاعة النادرة والقيادة الحكيمة ممثلة في رهبان الليل وفرسان النهار من العرب المسلمين جنوداً ، وفي قائد الرجال وقاهر الجبال الصحابي الجليل عتبة بن فرقد السلمي رضوان الله عليه .


    نصر بن الحجاج السلمي ...........................


    كـان نـصــر فتى جميلاً ، وكان يـقـيم بالـمـدينة في خـلافـة عـمـر بـن الـخطـاب - رضي الله عنه- ، مما يدلنا على أن جاليـة سُلميـة كانـت تقيـم فيـها ربما قبل عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، .
    وقـد حـدث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمـع وهـو يـعـس بليـلٍ امـرأة تجهـر بأمنيتها الكمينة ويقال إنها أم الحجاج بن يوسف الثقفي ، فتقول :

    هل من سبيل إلى الخمر فأشربها؟
    أو هل من سبيل إلى نصر بن الحجاج

    وكانت تقول أيضاً :
    أنظـر إلى السحـر يجـري في نواظـره
    وانظر إلى دعـجٍ في طرفـه الساجي
    وانظــر إلـى شعــرات فـوق عـارضــــه
    كأنـــهـن نمــال دب في عاجي

    وكان يقول فيها نصر بن الحجاج :

    ليـتـنـي في المــؤذنـيــن نهـاراً
    إنهم يبصرون من في السطــــوح
    فيـشـيــرون أو يـشـار إلـيـهــم
    حبـــذا كــل ذات دل مــلــيــــــح

    فلما أصبح سأل عنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فإذا هو من بنو سُليم ، فأرسل إليه فأتاه فــإذا هـو مـن أحـسن الناس شعراً وأحسنهم وجهاً ، فأمر عمر أن يحلق شعره ، ففعل ، فخرجت جبهته فازداد حسناً.

    ثم سمعها عمر بعد ذلك تقول :
    حلـقوا رأســه ليـــكـسـب قــبـحاً
    غيرة مـــنـهــــم عـليـه وشـحـــا
    كـان صـبـحـا عـلـيـه لـيـل بـهـيـم
    فمحــوا لـيـلـه وأبـقــوه صـبـحـــا

    فقـال عمـر : لا والذي نفسي بيده لا تجامعني بأرض أنا بها ، فأمر له بما يصلحه وسيره إلى البصرة .

    وكان بالبصرة أقارب له من بنو سُليم اتخـذوهـا مـوطناً لهم عقب تمصيرها ، ولابد أن عمر أختارها (( منفى )) لنصر بن حجاج رأفة به ، إذ لا ذنب له ، وإنما هي سياسة درء المفاسد وسد باب الفتنة وحماية الأخلاق الإسلامية في بلد الرسول المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وبعد نفيه من المدينة آواه أبو الأعور السلمي ، ثم رأى أبو الأعور امرأته تكتب في الأرض ، فكفأ جفنه على ما كتب ودعا من يقرؤه وإذا المكتوب : لاصبر عنك ، فطرده أبو الأعور . ونـصر بن الحجاج شاعــراً معـروف بشا عـريته وكان مولده أيام وشهد خيبر مع أبيه . وقـد نفى عــمـــر بن الخطاب – رضي الله عنه – بعد نفيه لنصر شاباً أخر اسمه أبو ذئب لقصة مشابهة لهذه وألحقه بابن عمه نصر بالبصر.


    ديار سُليم الأصلية بالمملكة العربية السعودية
    .........................................

    مما هو جدير بالذكر أن ديار سليم التاريخية كانت كبيرة ومترامية الأطراف في نجد والحجاز وتمتد من شمال مكة إلى جنوب المدينة ومن البحر الأحمر في الغرب إلى اليمامة شرقاً في نجد . وقد تغلبت قبائل كثيرة على أغلب ديار بني سُليم بن منصور بعد هجرتهم الشهيرة في أواخر القرن الرابع الهجري إلى مصر وشمال إفريقيا ، وقد هاجر الكثير من أبناء بنو سُليم إلى الشام والعراق أبان انتقال الحكم الإسلامي إليهما وكذلك هاجر بعضهم إلى البحرين (الاسم السابق للمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية ) وهاجرت قبيلة زعب في القرن الثاني عشر الهجري بعد حربهم مع شريف مكة وانظمام بعض القبائل إلى قبائل أخرى .



    ومن أشهر ديار بني سليم في الحجاز

    تقطن قبائل سُلَيْم في المنطقة الواقعة ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وهما فرعــا (فتية و حبش ). ومنازلهـم في وادي ستارة و ساية ومـا حولهما مـن الديار ، وديار سليم الآن شمالي مكة المكرمة بحـوالي 140 كـم،ويحـدهم مـن الشـمال قبـيلتا عتيـبة ومطير ،ومن الجنوب قبــائل حرب وعتـيبة ، ومن الشرق عتيبة ومطير، ومن الغرب حرب ، وأكبــر محافظاتهم الكامل والظبية، وأكبر أوديتهم ســتارة وساية .

    وادي ستارة :
    ...............

    وهو واد كبير ومن أكبر أودية الحجاز ويقع بين مكة والمدينة ويمتد بطول خمسة وسبعين كيلو متراً ويتفرع منه وادي آخر كبير هو وادي مرخ وفيهما قرى زراعية مأهولة ، وتسكن بها عشائر من فتية (( سُليم )) ويقيم بعض البوادي من فتية على أطراف الوادي وضواحيه ، ومن كبرى قراه الظبية والتي هي عاصمة ستارة كلها وبها مركز الأمارة والدوائر الحكومية ، وبها قرى مثل المنصى ، و المسماة ، والسليم ، والأبيار ، والمعالي ، والمديد ، ومخمرة ، والغروف ، وجليلة ، والدوارة .
    وتزرع في وادي ستارة النخيل وبعض الموالح والخضراوات وتسق هذه المزارع إما بعيون جارية أو آبار عادية أو ارتوازية .

    وادي ساية :
    ..............

    هو وادي شهير من وديان سُليم القديمة ومازال باسمه منذ الجاهلية أي قبل الإسلام ما بين مكة والمدينة ، وهو أقرب إلى مكة وطوله حوالي سبعين كيلو متر تقريبا ، يبدى من محافظة الكامل والتي تعتبر عاصمة وادي ساية كله وهي اكبر محافظات بني سليم في الوقت الحاضر ، وينتهي ساية في ذره وحرة بني سليم ، وتقع في أعالي ساية من الشمال الشرقي ديار قبيلة بني عبد الله من قبيلة مطير من غطفان ، وأما حول وادي ساية من جميع الجهات الأخرى فتقع ديار بعض العشائر من سليم . وفيه قرى مهايع ، والمضحاة ، والمثناة ، وملح ، والغريفين ، والخديد ، والفارع ، والوقبة ، وحمضى ، واللصب ، والعقلة ، والشعبة ، والخدد .
    وزراعات ساية أشهرها النخيل وأنواعه اللبان والمتلبن ، إلى جانب زراعة الليمون وبعض الموالح والخضر وتسقى بعيون في وادي ساية ، وتعتبر الزراعة في ساية مزدهرة .


    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته






    jhvdo fkd sgdl td hg[higdm ,hghsghl jhvdo fkd sgdl td hg[higdm ,hghsghl


  2. #2

    افتراضي

    ونعم القبيله العريقه....اهل كرم وطيب ونعم مليون ولايكفون

  3. #3

    افتراضي

    يامال العافية يا ايمن الزغروت

    هذا والله اتاريخ اللي يضرب تعظيم سلاااااااام.

  4. #4

    افتراضي كلمة شكر

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
    موفق بإذن الله ...

  5. #5
    مشرف مجلس قبائل بني سليم
    تاريخ التسجيل
    16-08-2012
    الدولة
    السعودية جدة
    المشاركات
    177

    افتراضي

    شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

  6. #6

    افتراضي

    يعطيك الف عافيه

  7. #7
    عضو منتسب
    تاريخ التسجيل
    18-08-2010
    الدولة
    مكة المكرمة
    العمر
    43
    المشاركات
    25

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاخ م.ايمن زعروت
    لم تذكر من يسكن قريتي الشعبة ومهايع بوادي سايه
    وهم قبائل قريش
    العواضي والفهيدي والعكلي

    دمتم

  8. #8

    افتراضي

    متشكر اوي ياباشمهندس ،

  9. #9
    كاتب في النسابون العرب الصورة الرمزية دباب السُلمي
    تاريخ التسجيل
    28-07-2016
    المشاركات
    157

    افتراضي

    في كتاب نور النبراس على سيرة سيد ابن الناس لمؤلفه سبط ابن العجمي
    ذكر ان من مرضعات الرسول صلى الله عليه و سلم
    3 من قبيلة بني سليم

  10. #10

    افتراضي

    أنعم و أكـــــــرم بخوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني سليم

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. المراجع التي تناولت جذام في الجاهلية والاسلام
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى مجلس قبائل جذام
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 22-07-2019, 01:00 AM
  2. تاريخ علم الكويت و علاقته بقبيلة بني سليم
    بواسطة الارشيف في المنتدى مجلس قبائل الخليج العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 19-11-2018, 04:11 PM
  3. تحميل كتاب أنساب بني عدوان واخبارهم في الجاهلية والاسلام
    بواسطة الارشيف في المنتدى مجلس قبائل عدوان القيسية
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 06-08-2018, 05:29 AM
  4. ال الشواربي من بني سليم تاريخ عريق
    بواسطة د ايمن زغروت في المنتدى مجلس قبائل مصر العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-11-2014, 06:42 PM
  5. تاريخ بني تيم في الجاهلية والاسلام (هام جدا)
    بواسطة احمد عبدالنبي فرغل في المنتدى مجلس القبائل البكرية و التيمية العام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 19-03-2011, 11:23 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum