النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الصحابة ومواجهة الأزمات (الحلقة الثالثة - تكملة ) الاخذ بسنن الله -بقلم د.فتحي زغروت

تحدثنا فى الحلقة السابقة عن بعض السنن الإلهية والكونية التى فهمها القادة العرب من رسول الله ﷺ ومن القرآن الكريم وقد عملوا بها فنجحوا وانتصروا واليوم نكمل بقية السنن اما

  1. #1

    افتراضي الصحابة ومواجهة الأزمات (الحلقة الثالثة - تكملة ) الاخذ بسنن الله -بقلم د.فتحي زغروت

    تحدثنا فى الحلقة السابقة عن بعض السنن الإلهية والكونية التى فهمها القادة العرب من رسول الله ﷺ ومن القرآن الكريم وقد عملوا بها فنجحوا وانتصروا واليوم نكمل بقية السنن
    اما السنة الرابعة فى الخلق فهى ىسنة الله في الظلم والظالمين:
    الظلم هو وضع الأمر في غير موضعه فالكاذب ظالم ، والكافر ظالم ، وعاقبة الظلم وخيمة هي عاقبة للجميع الصالح والطالح قال تعالى:  ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ(100) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ(101) وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ(102)  هود آية:100-102
    اللغة :
    الشيء القائم هو الموجود بنحو من الأنحاء ولو بآثاره ، والحصيد الزرع المحصود من الأصل ، يقال : حصدهم بالسيف إذا قتلهم . والتتبيب التخسير ، ومنه تبّت يدا أبي لهب أي خسرت .
    المعنى :
    ( ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وحَصِيدٌ ) . بعد أن ذكر سبحانه طرفا من قصص الأمم الماضية مع أنبيائهم قال لنبيه الأكرم ﷺ : ان بعض تلك الأمم بقي شيء من آثارها ، وشبه الآثار الباقية بالزرع القائم على ساقه ، لأن كلا منهما ظاهر للعيان ، والبعض لم يبق شيء من آثارها ، وشبه هذه بالزرع المحصود الذي تعرت الأرض مما يشير إليه ، وقال بعض المفسرين : ان التي بقي أثرها هي بلاد عاد وثمود ، والتي لا أثر لها هي بلاد نوح ولوط . . أما نحن فنترك الكلام في ذلك لعلماء الآثار . . وعلى أية حال فان بيان هذه القصص بلسان محمد ﷺ دليل قاطع على نبوته ، وانها من وحي السماء ، لا من نسيج الخيال ، ولا نقلا عمن قال .
    ( وما ظَلَمْناهُمْ ولكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) بتكذيبهم رسل اللَّه وإصرارهم على الشرك والفساد ، وقد تكرر هذا المعنى في القرآن الكريم بحوالي عشرين آية ( فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ) . آلهتهم أصنامهم ، وواو زادوهم تعود إليها ، وأمر ربك عذابه ، والتتبيب التخسير ، وفي الآية 63 من هذه السورة : « فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ » . ويتلخص المعنى بقوله تعالى : « ويَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُهُمْ ولا يَضُرُّهُمْ - 55 الفرقان » .
    ( وكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وهِيَ ظالِمَةٌ ) أي ان اللَّه سبحانه يهلك الكافرين الظالمين بمثل الطوفان والخسف وصيحة العذاب ( إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) ولكن بعد الانذار والإعذار بلسان رسل اللَّه مشافهة ومجابهة وجها لوجه . . وقلنا مشافهة ومجابهة لأن الكفر والفساد في هذا العصر أكثر منه في أي عصر مضى ، والإعذار والإنذار موجودان فيه بحكم العقل والكتب السماوية والأحاديث النبوية ، ومع ذلك لا طوفان ولا خسف ولا حجارة من سجيل ، ولا نعرف سرا لذلك إلا الظن بأن مشيئة اللَّه تعالى قضت بهلاك الذين يجابهون أنبياءهم بالتكذيب ، دون الذين يعصون الوحي والعقل . . والظن لا يغني عن الحق . واللَّه أعلم .
    وسنة الله مطردة في هلاك الأمم الظالمة وقد مارست الدولة الفارسية الظلم على رعاياها وتمردت على منهج الله فمضت فيها سنة الله وسلط الله عليها المسلمين فأزالوها من الوجود .
    أما السنة الخامسة فهى التدرج:
    خضعت فتوح العراق وبلاد المشرق لسنة التدرج ـ فكانت المرحلة الأولى في عهد الصديق حيث تم فتح الحيرة بقيادة خالد بن الوليد ، وأما المرحلة الثانية فتبدأ من تولي أبي عبيد الثقفي قيادة لجيوش العراق حتى معركة البويب ـ وأما المرحلة الثالثة فتبدأ منذ تأمير سعد بن أبي وقاص على الجهاد في العراق إلى ما قبل وقعة نهاوند ، وتبدأ المرحلة الرابعة من وقعة نهاوند وأما المرحلة الخامسة فهي مرحلة الإنسياح في بلاد الأعاجم.
    إن حركة الفتوحات يتعلم منها أبناء المسلمين أهمية مراعاة سنة التدرج في العمل للتمكين لدين الله ، ومنطلق هذه السنة أن الطريق طويل ولذلك لا بد من فهم واستيعاب هذه السنة بالنسبة للعاملين في مجال الدعوة الإسلامية ، فالتمكين لدين الله في العراق وبلاد المشرق لم يتحقق بين عشية وضحاها ولكنه خضع بإرادة الله لهذه السنة.
    أما السنة السادسة فهى سنة الله في المترفين:
    قال تعالى:  وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا الإسراء آية:16
    وجاء في تفسيرها: وإذا دنا وقت هلاكها أمرنا بالطاعة مترفيها أي متنعميها فيه وجبّاريها وملوكها ففسقوا فيها فحق عليها القول فأهلكناها وإنما خص الله تعالى المترفين بالذكر مع توجه الأمر بالطاعة إلى الجميع لأنهم أئمة الفسق ورؤساء الضلال وما وقع من سواهم إنما وقع باتباعهم وإغوائهم ، فكان توجه الأمر إليهم آكد ، وقد مضت هذه السنة في زعماء الفرس وأئمتهم وما كانوا يرفلون فيه من حرير وطرز وديباج وقصور شاهقة ، فقد قضي الله عليهم وأبدلهم الله بأمه أفضل منهم تمتعوا بأموالهم وحولوا بعض قصورهم إلي مصلي يقام فيها اسم الله.
    أما السنة السابعة فهى سنة الله في الطغيان والطغاة:
    قال تعالى:  إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ الفجر آية:14 . والآية وعيد للعصاة مطلقاً وقيل وعيد للكفرة وقيل وعيد للعصاة ووعيد لغيرهم .
    وفي تفسير القرطبي: أي يرصد كل إنسان وعمله حتى يجازيه به .
    وواضح من أقوال المفسرين في الآيات التي ذكرناها في الفقرة السابقة أن سنة الله في الطغاة إنزال العقاب بهم في الدنيا فهي سنة ماضية لا تتخلف جرت على الطغاة السابقين وستجري على الحاضرين والقادمين فلن يفلت أحد منهم من عقاب الله في الدنيا كما لا يفلت أحد منهم من عقاب الآخرة .
    وسنة الله في الطغاة وما ينزله الله بهم من عقاب في الدنيا إنما يعتبر بها من يخشى الله جلّ جلاله ويخاف عقابه ويعلم أن سنة الله قانون ثابت لايحابي أحداً قال تعالى في بيان المعتبرين بسنته في الطغاة بعد أن ذكر ما حلّ بفرعون من سوء العقاب  فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الأخِرَةِ وَالأولَى(25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى(26)  النازعات آية:25،26، فهؤلاء الطغاة من زعماء الفرس مضت فيهم سنة الله.
    أما السنة الثامنة فهى سنة تغيير النفوس:
    قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ...الرعد آية:11
    وقد قام الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في فتوحات العراق وبلاد المشرق بالعمل بهذه السنة الربانية مع الشعوب التي أرادت أن تدخل في دين الله ـ فشرعوا في تربية الناس على كتاب الله وسنة رسوله ـ فغرسوا في نفوسهم العقائد الصحيحة والأفكار السليمة والأخلاق الرفيعة.
    أما السنة التاسعة فهى سنة الله في الذنوب والسيئات:
    قال تعالى:  أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ الأنعام،آية: 6
    وقد أهلك الله تعالى أمة الفرس بسبب ذنوبهم التي اقترفوها والتي من أعظمها الكفر والشرك بالله وفي هذه الآية حقيقة ثابتة وسنة مطردة: أن الذنوب تهلك أصحابها وأن الله تعالى هو الذي يهلك المذنبين بذنوبهم ، وقد سلط الله أمة الإسلام على الفرس عندما حققت شروط التمكين وعملت بسننه وأخذت بأسبابه .
    والسلام عليكم ورحمة الله وباركتة


    hgwphfm ,l,h[im hgH.lhj (hgpgrm hgehgem - j;lgm ) hgho` fskk hggi -frgl ]>tjpd .yv,j


  2. #2
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    وبالشكر تدوم النِّعَم !
    نشكر الله تعالى أن سخر للقارىء الكريم من يفقهه بدينه وعقيدته عن طريق تاريخ السابقين الأولين رضي الله عنهم .. الذين جابوا الآفاق وافتتحوا البلاد ويسروا الحياة للعباد وطغوا على الظلم والفساد !
    سلمت يداك ودمت بخير وعافية

  3. #3

    افتراضي

    تقبل الله منا ومنكم ايها الصديق العزيز بارك الله فيك وجعلك سندا للإسلام والمسلمين

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-09-2018, 11:51 AM
  2. الصحابة فى مواجهة الأزمات-الحلقة الثالثة عشر-شكاوى الرعية في الولاة -بقلم: د.فتحى زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى مجلس سير الصحابة و التابعين
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-09-2018, 11:50 AM
  3. الصحابة ومواجهة الأزمات (الحلقة الثالثة - تكملة ) الاخذ بسنن الله -بقلم د.فتحي زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى مجلس سير الصحابة و التابعين
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 05-09-2018, 06:00 AM
  4. الصحابة ومواجهة الأزمات (الحلقة الثانية الاخذ بسنن الله)-بقلم د.فتحي زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى مجلس سير الصحابة و التابعين
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-09-2018, 06:38 AM
  5. الصحابة ومواجهة الأزمات (الحلقة الثانية الاخذ بسنن الله)-بقلم د.فتحي زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى الدراسات الإسلامية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-09-2018, 06:35 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum