النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الصحابة فى مواجهة الأزمات (الحلقة السادسة -انفاذ جيش أسامة بن زيد ) :بقلم – د فتحى زغروت

لقد واجه الصديق إبان خلافته العديد من النوازل وكان عمر بجانبه يؤازره ويقف بجانبه ، وقد كان في وسع كلا منهما إصرارا وشجاعة للتصدي لهذه النوازل ثم التغلب عليها .

  1. #1

    افتراضي الصحابة فى مواجهة الأزمات (الحلقة السادسة -انفاذ جيش أسامة بن زيد ) :بقلم – د فتحى زغروت

    لقد واجه الصديق إبان خلافته العديد من النوازل وكان عمر بجانبه يؤازره ويقف بجانبه ، وقد كان في وسع كلا منهما إصرارا وشجاعة للتصدي لهذه النوازل ثم التغلب عليها . والعجيب ونحن في هذا العهد المبكر أن كلا من أبي بكر وعمر كان له منهجه وطريقته الخاصة في مواجهة الشدائد والتغلب عليها . فقد كان منهج أبي بكر الاقتداء بالنبي محمد ﷺ فينظر كيف قابل الرسول الصعاب فيواجهها بنفس المنطق ولعل هذا المنهج إذا دل علي شيء فإنما يدل علي حب أبي بكر الشديد للرسول ﷺ وعلي حصافته وذكائه من جهة ومن جهة أخرى فقد كان يعلم ان الناس حديث عهد للإسلام وأن سيرة النبي ﷺ ، لا زالت ماثلة أمام أعينهم ناشبة في قلوبهم فكيف يغير ويبتدع.
    وكان أبو بكر دائم الاستشارة بأصحابة كما علمه النبى محمد ﷺ وكان الفاروق عمر بمثابة الوزير, يقدم له المشورة تلو المشورة, ويناقشه ويبدي رأيه, فإذا صمم أبو بكر علي رأيه بعد مراجعته وجداله كتم عمر الأمر في نفسه وسكت .وهذا خلاف لما عرف عن عمر في طاعته للنبي ﷺ فكان يطيعه وكان يناقشه فإذا ذاد في جداله عن حده أوقفه النبي بقوله : أنا عبد الله ورسوله يا عمر فيكف عمر عن الجدال خوفا من غضب الله عليه ومع هذا فقد شبه عمر نفسه بسيف في يد الرسول ﷺ وفي يد أبي بكر استعملاه متى شاء وأغمده متى شاء .
    أما منهج الفاروق عمر في الحكم بعدما تولي الخلافة فقد كان مختلفا إذ كان مجتهدا مبدعا ومجددا في أغلب مشاكله وإن كان أيضا مقتديا بالرسول ﷺ ولم لا ! فقد أنقطع الوحي الذي كان ينزل علي النبي ﷺ وفيه علاج لأغلب المشكلات التي كان يواجهها النبي وأصحابه ، ثم أمتد به العمر وبعد به العهد عن فترة رسول الله ﷺ ، وضمت إلي دولة الإسلام أقاليم جديدة وبلدانا كثيره, وظهر فيها من المشاكل والصعاب ما لم تكن معهودة أيام النبي ﷺ ، وأحيانا لم نجد لها سندا لا في القرآن ولا في السنة ,من هنا كان أغلب أراء عمر يغلب عليها الاجتهاد ومع ذلك فإنه كان يقتدي بسنة محمد ﷺ ويعض عليها بالنواجذ ويتوعد كل من كذب علي النبي ﷺ أو أفتري عليه قولا أو فعلا .
    بهذين المنهجين لكل من أبي بكر وعمر أستطاع هذان الشيخان أن يواجها النوازل الصعاب والتي سوف نختار بعضا منها مثل مشكلة انفاذ جيش أسامة بن زيد
    إذ وقع أبو بكر فى أوائل حكمة بين مشكلة ذات أمرين خطيرين أحلاهما مر ، وهما: الأولى إنفاذ جيش أسامة إلي طخوم الروم كما أوصي النبي ﷺ في مرضه الأخير , والثانية أن يقف بالجيش فى وجه المرتدين الذين منعوا الزكاة وأرادوا الهجوم على مقر الدولة . فإذا أنفذ جيش أسامة لا يأمن غدر الأعراب والمرتدين , المتأهبين للغارة علي المدينة إذا سمعوا بنفاذ هذا الجيش . وإذا ما بدأ بحرب المرتدين فقد تطول تلك الحرب ولا يعرف منتهاها فيبطأ في تنفيذ وصية الرسول ﷺ ، فكيف تصرف الصديق في هاتين النازلتين.
    لا غرابة أن نجد الصديق يتبع منهجه الذي قطعه علي نفسه في إتباعه للنبي ﷺ فينفذ أولا وصية الرسول ﷺ ، فبادر بالنداء في المدينة بأن يتأهب جنود أسامه الذين خرجوا معه أثناء مرض النبي ﷺ ، وقد أثار الناس وحرك مشاعرهم بخطبته التي جاء فيها ( يأيها الناس أنما أنا مثلكم ...... وإن الله أصطفي محمدا علي العالمين وعصمه من الآفات ، وإنما أنا متبع ولست بمبتدع فإن استقمت فتابعوني وإن زغت فقوموني .... ثم قال : ليتم بعث أسامة قد ارتدت العرب إما عامة وإما خاصة في كل قبيلة ونجم النفاق واشرأبت اليهود والنصارى وبعض المسلمون كالغنم في الليلة المطيرة الشاتيه لفقد نبيهم ﷺ .
    والواقع أن الرسول ﷺكانت عنايته متجهه دائما إلي جهة الشمال بعد عودته من حجة الوداع وظل يحسب من ناحية الروم حسابها منذ أن أنسحب خالد بن الوليد بالجيش في مهارة فائقة فكان يري الرسول ﷺ ضرورة توطيد سلطان المسلمين علي حدود الشام ، ولهذا أنفذ جيش أسامة وجعل فيه المهاجرين الأولين ومنهم أبي بكر وعمر وآخرين من كبار الصحابة ، وأمر على الجيش أسامة بن زيد بن حارثة وكان يومئذ حدثا صغير السن لا يبلغ العشرين من سنه وكان لأمارته علي هذا الجيش الذي جند فيه المهاجرون وكبار الصحابة ما آثار الدهشة في نفوس الصحابة ، وقد زادهم ذلك إيمانا بصدق رسوله ومصداقيته بعدما تكشف لهم الهدف من ذلك إذ أراد النبي بتعين أسامة بن زيد أن يقيمه مقام أبيه الذي استشهد في موقعة مؤتة ليثأر بقتله ، ويجعل له من فخار النصر ما يستحق به استشهاد أبيه ، ولم تكن نظرة الرسول ﷺ قاصرة علي هذا الهدف فقط وإنما نظر إلي الشباب الذي يمثله أسامة بن زيد فأراد أن يثير فيهم الهمة والحمية ويعودهم تحمل التبعات الجسام ، وخرج أسامة والجيش معه إلي الجرف علي مقربة من المدينة يتجهزون للغزو وهم علي تلك الحال إذا حال مرض رسول الله الذي اشتد عليه دون مسيرهم كما عرفنا فلم يكن يسهل علي المسلمين الذين يقطعون الصحراء أيام طويلة أن يفارقوا النبي في مرضه الذي اشتد عليه فقد كان صلوات الله عليه أحب إليهم من أنفسهم ، ومن هنا تأجل إنفاذ الجيش إلي أن يبرأ النبي ﷺ ، وبعد موت الرسول ﷺ كان على الصديق أن ينفذ وصية رسول الله ﷺ .
    فقال أبو بكر لأسامة : أنفذ لأمر رسول الله ﷺ ، فقال عمر : كيف ترسل هذا الجيش والعرب قد اضطربت عليك ! ؟ فقال : لو لعبت الكلاب بخلاخيل نساء المدينة ، ما رددت جيشا أنفذه رسول الله ﷺ .
    ومن دلائل منهج الصديق في إتباع النبي ﷺ وهو يواجه تلك المشكلة أن عمر بن الخطاب وكان جندي تحت أمرة أسامة ابن زيد قد كلمه المسلمون ان يرجع إلي أبي بكر الصديق ويطلب منه أن يولي قيادة الجيش رجلا أقدم سنا من أسامة ، وقد خرج عمر بأمر أسامة ليخبر أبا بكر بذلك وحينما استمع أبي بكر إليه إذ به يقول : ( لو خطفتني الكلاب والذئاب لم أرد قضاء قضي به رسول الله ﷺ ! قال عمر إن الأنصار أمروني أن أبلغك ، وأنهم يطلبون إليك أن تولي أمرهم رجلا أقدم سنا من أسامة فوثب أبو بكر وكان جالسا واخذ بلحية عمر فقال له : ( ثكلتك أمك وعدمتك يا أبن الخطاب أيستعمله رسول الله وتأمرني أن أنزعه ؟! وخرج عمر إلي الناس فقالوا له ما صنعت ؟ فقال أمضوا ثكلتكم أمهاتكم ما لقيته في سببكم من خليفة رسول الله ﷺ ! .
    ثم تأمل معي أيها القارئ الكريم كيف كان خلق هؤلاء الخلفاء أو الأمراء وهم في مكانتهم العالية وقد خرج أبو بكر يشيع جيش أسامة وهو ماش وأسامه راكب وعبد الرحمن بن عوف يقود دابة أبي بكر فقال له أسامة : يا خليفة رسول الله والله لتركبنًّ أو لأنزلنًّ ، فقال والله لا تنزل والله لا أركب ، وما عليّ أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة فإن للغازي لكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنه تكتب له ، وسبعمائة درجة ترتفع له وترفع عنه سبعمائة خطيئة . ثم أنظر إلي أدب أبي بكر الجم وإلي خلقه الفاضلة فهو يريد أبقاء عمر بجانبه بالمدينة ويستبقيه من الجيش فإذ به يقول لأسامة بن زيد ذلك الشاب القائد إن رأيت أن تعينني بعمر فأفعل فأزن له .
    ثم أخذ أبو بكر يوصيهم بعشر وصايا في خطبة قصير بالغة منها ( يأيها الناس ، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني : لاتخونوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ولا تمثلوا ، ولا تقلتوا طفلا صغيرا ، ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ، ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاه ولا بقرة ولا بعير إلا لمأكله ؛ وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع ؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون علي قوم يأتونكم بأنية فيها ألوان الطعام ؛ فإذا أكلتم منها شيئا بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها . وتلقون أقواما قد فحصوا أوساط رءوسهم وتركوا حولها مثل العصائب ؛ فاخفقوهم بالسيف خفقا .
    التكملة الحلقة القادمة


    hgwphfm tn l,h[im hgH.lhj (hgpgrm hgsh]sm -hkth` [da Hshlm fk .d] ) :frgl – ] tjpn .yv,j


  2. #2
    مراقب عام الموقع - عضو مجلس الادارة الصورة الرمزية الشريف ابوعمر الدويري
    تاريخ التسجيل
    12-01-2011
    الدولة
    الاردن - عمان
    المشاركات
    16,550

    افتراضي

    نتابعكم .. وبكل شوق وشغف !
    درر ثمينة ننتظرها
    سلمكم الله

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الصحابة في مواجهة الأزمات الحلقة الخامسة عشر-بقلم د.فتحي زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى الدراسات الإسلامية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-10-2018, 10:25 AM
  2. الصحابة في مواجهة الأزمات الحلقة الخامسة عشر-بقلم د.فتحي زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى مجلس سير الصحابة و التابعين
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 14-10-2018, 10:24 AM
  3. مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 26-09-2018, 01:45 PM
  4. الصحابة فى مواجهة الأزمات (الحلقة السادسة -انفاذ جيش أسامة بن زيد ) :بقلم – د فتحى زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى مجلس سير الصحابة و التابعين
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-09-2018, 11:46 AM
  5. الصحابة فى مواجهة الأزمات (طبيعة الشيخين الحلقة الخامسة )بقلم – د فتحى زغروت
    بواسطة د فتحي زغروت في المنتدى مجلس سير الصحابة و التابعين
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 09-09-2018, 05:56 AM

مواقع النشر (المفضلة)

مواقع النشر (المفضلة)

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
MidPostAds By Yankee Fashion Forum