عرفنا فى الحلقة السابقة ان الصديق قسما الجنود الى أربعة جيوش وأمر عليها القواد وقد امر كل قائد ان يرأس البلده التى يفتح وقد بهت الروم لتلك الجيوش التي عبرت حدودها بسرعة فاستدركوا الأمر وأرسلوا بإيذاء كل جيش مسلم جيش من الروم أكثر عددا وأقوي سلاحا وقد ازداد عدد الجنود في جيوش الروم زيادة ملحوظة حتي شعر المسلمون أن كل جيوش المسلمين متجمعة تعجز عن مواجهة جيشا واحدا للروم منفردا فتشاور الأمراء وتكاتبوا ماذا يفعلون فأشار عليهم عمرو بن العاص ان تجتمع جيوش المسلمين الأربعة في صعيد واحد فهم إذا اجتمعوا لم يغلبوا من قلة ؛ علي الرغم من أن عدد الجيوش الإسلامية كلها لا تتجاوز الثلاثين ألفا أما جيوش الروم فكانت كثيرة العدد ربما تجاوزت الستين ألفا في تلك المرحلة شديدة التحصين كما أن وطرق الإمداد إليها سهلة وسريعة .
ولما رأي الروم أن جيوش المسلمين قد اجتمعت في صعيد واحد فإذ بها تجتمع هي الأخرى في صعيد واحد وأصبح المعسكران المسلم والرومي متواجهين لا يفصل بينهما إلا شاطئ اليرموك ثم عبر المسلمون إلي الروم ووقفوا تجاههم ولم يقو أحد الجيشين علي أن ينشب المعركة أو يهجم علي الآخر فقد هاب بعضهم بعضا وظلوا هكذا اللهم إلا بعض التناوش الذي استمروا عليه ما يقرب من ثلاثة أشهر ولم يستطع أحدهما إنشاب القتال كما قلنا . والحقيقة أن هذا الوقت الذي مر لم يكن في صالح المسلمين إذا كان فرصة لإزدياد أعداد جيوش الروم وتجهيزها وإعدادها لأن الإمدادات البشرية والمادية تأتي سهلة وهذا ما أزعج أبا بكر وضاق به زرعا وقال ( والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد ومن ثم أرسل إلي خالد بأن يأتي بنصف جيشه من العراق ليساند المسلمين في ميدان الروم وكان الصديق رحمه الله مطمئنا من قدرة خالد بن الوليد وعبقريته العسكرية وأنه هو ومن معه لن يغلبوا من قلة فالنصر من عند الله وليس بالكثرة والقلة وقد عرف أبو بكر والمسلمون معه هذا الأمر جيدا في معاركهم التي خاضوها مع الرسول ﷺ فعلي الرغم من قلتهم فكانوا ينتصرون دائما والله تعالي يقول : ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ).
وقد أطاع خالد أمر الصديق ولكنه وجد أنه أمام أمر صعب لكي ينتقل من الحيرة في العراق إلي الشام في بلاد الروم فكان عليه أن يعبر الصحراء وعبورها مغامرة خطيرة قد تودي بالقائد وجيوشه فهي صحراء قاحلة لم يعرف المسلمون دروبها ومسالكها بعد .
وقد عبرها خالد رغم ذلك وقد لاقى الأهوال ومع ذلك صبر الى ان وصل الى بلاد الشام
وعندما وصل خالد بن الوليد إلي جيوش المسلمين في الشام أراد أن يوحد القيادة بين هذه الجيوش الأربعة فأقترح علي القواد أن يوحدوا القيادة فيما بينهم وأن تتناوب هذه القيادة علي أن يتولاها كل قائد يوما فيكون قائدا عاما للجيوش وطلب منهم ان يولوه عليهم في اليوم الأول . علي حين هناك من الروايات التي تقول أن الصديق أرسل خالدا قائدا عاما للجيش . والحقيقة ان خالد بن الوليد حينما وصل إلي جيوش المسلمين لم يماكث العدو وإنما أعطي جيشه فترة راحة أستجم فيها المحاربون ثم نظر خالد ووجد مشكلة ربما تؤثر علي مسيرة الأحداث في المعركة وهي زيادة عدد جنود الروم زيادة فائقة وملحوظة ولسنا مبالغين في ذلك فالروم يحاربون علي أرضهم ومن هنا يسهل عليهم تعبئة المزيد من الجنود إذا احتاجوا وهذا الأمر لم يتهيأ لجيش المسلمين الذي كان معدوما من تلك الإمدادات . فماذا فعل خالد وكيف واجه تلك المشكلة إن ما صنعه خالد يعد عملا عسكريا عبقريا من الطراز الأول إذ عبأ جيوش المسلمين تعبئة جديدة لم يعرفها العدو من قبل ، فالروم يعرفون القتال بتعبئة الصفوف بان تجتمع الجنود صفوفا متلاحمة وراء بعضها البعض وهذه التعبئة مفيدة لجيوش الروم إذ كان هناك زيادات في عدد الجنود . من هنا لجأخالد إلي تعبئة جديدة أطلق عليها نظام الكراديس ( مفرد كردوسة والكردوسة مجموعة من الجنود مترابطة فيما بينها يصل عددها من العشرة إلي العشرين جنديا ) فقسم جنوده إلي كراديس كراديس وأخذ يقذف بها العدو قذفا متتابعا في مجموعات ضخمة حتي زحزحت صفوف العدو وبعثرته هنا وهناك ومن ثم أصبح سهلا وطعمه سائغة لسيوف المسلمين ورماحهم وانتهت تلك المعركة فيما تعرف في التاريخ بمعركة اليرموكز
من اراد الاستزادة فليرجع الى كتاب عقيدة تغدق نصرا لدكتور فتحي زغروت
الى اللقاء مع تمام الحديث عن معركة اليرموك فى الحلقة القادمة


hgwphfi td l,h[ii hgh.lhj-hgpgrm hgsh]sm uav-luv;m hgdvl,;-Yu]h] hg];j,v tjpd y.,j