أعتذر للقارئ الكريم عن قطع سلسلة الخليفة عثمان لحين الانتهاء من موضوع العسكرية الاسلامية .
وإذا كانت العقيدة العسكرية تنبثق من الأهداف والغايات القومية العليا للدولة وعلى أساسها يتم تحديد الأسس العامة والمبادئ الأساسية اللازمة للاستراتيجية العسكرية . فهل واءمت عقيدتنا العسكرية المنبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة بين الغايات القومية للدولة الإسلامية كمطلب أساسى ، وبين مبادئ الاستراتيجية العسكرية ، والتى تعد وسيلة لتحقيق تلك الغايات ؟
وبمعنى آخر ....... هل سايرت عقيدتنا العسكرية بمصدريها ( الثابت والمتغير ) المفاهيم العسكرية الحديثة بأساليبها المتغيرة ونظرياتها العسكرية المتطورة ؟
إن جوهر العقيدة العسكرية الإسلامية التى شرعها الله للمجاهدين من أمة محمد ﷺ إلهية المصدر ، حيث يعد القرآن الكريم مصدرها الأساسى ، وقد حرص الرسول صلوات الله عليه فى تربيته للمجاهدين الأوائل على ألا يختلط هذا المصدر بغيره من المصادر ، لأنه كان يريد صنع جيل من الرجال الأقوياء أصفياء القلوب والشعور من أى مؤثر آخر .
لذا فإن جوهر هذه العقيدة ثابت أصيل غير متطور فى ذاته مهما اختلف الزمان وتباينت الأماكن ، فهو منهج ثابت تتطور حركة المسلم العسكرية فى إطاره حركة وأسلوباً ، وترتقى فى إدراكه وفى الاستجابة له ، وتظل تلك الحركة فى تطورها وارتقائها وتقدمها لأن فيه من المرونة ما يسعها دائماً . فهى حركة عسكرية نامية متطورة ولكنها مقوده منضبطة ، لأن المصدر الذى شرعها هو نفسه المصدر الذى خلق الإنسان ويعلم طبيعته وحاجات حياته المتطورة على مدى الزمان .
والعقيدة العسكرية الإسلامية بهذا التطور الإسلامى تختلف عن جميع المذاهب والأنظمة العسكرية الوضعية التى تحتاج دائماً إلى التطوير والتغيير ، بل تحتاج إلى التبديل حين تضيق أنظمتها عن حاجات البشرية فى حجمها وأساليبها المتطورة آنذاك .
إن هذا الشق الثابت يمثل الجانب النظرى فى الحرب ونجده موجوداً فى جميع العسكريات منذ أن ظهرت الحرب البدائية حتى اليوم فى الحروب المتطورة ، وتشمل : أسباب الحروب – المعاهدات – مبادئ الحرب - نظريات الردع الاستراتيجية ـ معاملة الأسرى – معاملة الأمم المغلوبة – استعمال السموم – النيران بأنواعها – الإجهاز على القتلى – موقف المحاربين من الأطفال والنساء والمستشفيات ودور العبادة إلى غير ذلك من أمور وقضايا لا خلاف حولها فى الثوابت .
والمتأمل فى هذه القضية الثابتة فى العقيدة العسكرية الإسلامية ، يجدها قد شرعها المولى سبحانه وتعالى وأوصى بها النبى ﷺ لصالح الإنسان مهما كان ذلك الإنسان حتى ولو كان العدو ، فقد كان الرسول ﷺ يوصى القواد بعدم قتل الأطفال والشيوخ والنساء والمنقطعين للعبادة ، وعدم إتلاف زرع أو حرق نخيل أو هدم بيوت ، فإن ذلك من قوانين الأمم المتحدة اليوم التى تتجاهلها الدول ولا يستجيب لها المقاتلون ولا أدل على ذلك من موقف إسرائيل مع الشعب الفلسطينى فلم تتورع من قتل الأطفال الأبرياء والشيوخ والنساء ، وكم من منازل هدمت على رؤوس أصحابها ، وكم من شباب نفوا عن وطنهم . وإذا كان لنا من تساؤل حول سبب هذا التناقض بين عقيدة عسكرية ترحم الإنسان حتى ولو كان خصماً ، فلا تبالغ فى القتل أو الضغط على الجيش المهزوم طالما وصل القائد إلى هدفه المشروع ، وبين جيوش لا عهد لها ولا أمان وكيف تتفنن فى القتل والذبح على مسمع ومرأى من الناس أقول السبب فى ذلك يرجع إلى اختلاف مصدر كل من العسكريتين ، فإحداهما مصدره ربانى والآخر وضعى من صنع البشر . إذنً هذا هو الشق الأول من عقيدتنا العسكرية : وهو كما عرفنا شق ثابت خاص بالمبادىء ، وهو عبارة عن مجموعة الأصول العسكرية التى جاءت بها نصوص القرآن الكريم والسنة المشرفة ليلتزم بها العسكريون المسلمون فى كل زمان ومكان بغض النظر عن درجة التطور العسكرى الذى وصلت إليه العسكرية الإسلامية وأساليبها المختلفة .
التكملة فى حلقات قادمة


hgwphfi td l,h[ii hgh.lhj-urd]jkh hgus;vdm fdk hgefhj ,hgj',v-Yu]h] hg];j,v tjpd y.,j