الشيخ يوسف القرضاوي :
يجوز الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بضوابط
تساءل فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي عن بدعية وضلالة الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنها فرصة للتذكير بسيرته صلى الله عليه وسلم، وبشخصيته وبرسالته العامة وقال في فتوى أصدرها بهذا الشأن :
إن ذكر النعمة مطلوب، نتذكر نعم الله، ونذكر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر
وما يستخلص منها من دروس..
وكان نص السؤال:
ما حكم الاحتفال بذكرى مولد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وغيره من المناسبات الإسلامية
مثل مقدم العام الهجري وذكرى الإسراء والمعراج؟
وقد اجاب فضيلته قائلا:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ...
هناك من المسلمين من يعتبرون أي احتفاء أو أي اهتمام أو أي حديث بالذكريات الإسلامية،
أو بالهجرة النبوية، أو بالإسراء والمعراج، أو بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بغزوة بدر الكبرى، أو بفتح مكة، أو بأي حدث من أحداث سيرة محمد صلى الله عليه وسلم، أو أي حديث عن هذه الموضوعات يعتبرونه بدعة في الدين، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
وهذا ليس بصحيح على إطلاقه،
إنما الذي ننكره في هذه الأشياء الاحتفالات التي تخالطها المنكرات، وتخالطها مخالفات شرعية وأشياء ما أنزل الله بها من سلطان، كما يحدث في بعض البلاد في المولد النبوي وفي الموالد التي يقيمونها للأولياء والصالحين،
ولكن إذا انتهزنا هذه الفرصة للتذكير بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبشخصية هذا النبي العظيم، وبرسالته العامة الخالدة التي جعلها الله رحمة للعالمين،
فأي بدعة في هذا وأية ضلالة ؟!
إننا حينما نتحدث عن هذه الأحداث نذكر الناس بنعمة عظيمة، والتذكير بالنعم مشروع ومحمود ومطلوب، والله تعالى أمرنا بذلك في كتابه:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا }،
[سورة الأحزاب .. الآيتين 10/9]
يذكر بغزوة الخندق أو غزوة الأحزاب حينما غزت قريش وغطفان وأحابيشهما النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين في عقر دارهم، وأحاطوا بالمدينة إحاطة السوار بالمعصم، وأرادوا إبادة خضراء المسلمين واستئصال شأفتهم، وأنقذهم الله من هذه الورطة، وأرسل عليهم ريحاً وجنوداً
لم يرها الناس من الملائكة ، يذكرهم الله بهذا، اذكروا لا تنسوا هذه الأشياء، معناها أنه يجب علينا أن نذكر هذه النعم ولا ننساها،
وفي آية أخرى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }
[سورة المائدة .. 11 ]
يذكرهم بما كان يهود بني قينقاع قد عزموا عليه أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكروا مكرهم وكادوا كيدهم وكان مكر الله أقوى منهم وأسرع،
{وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
[سورة الأنفال ..30
]
ذكر النعمة مطلوب إذن، نتذكر نعم الله في هذا،
ونذكر المسلمين بهذه الأحداث وما فيها من عبر وما يستخلص منها من دروس،
أيعاب هذا ؟!
أيكون هذا بدعة وضلالة؟
****************************
تلقى فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي - رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين -
استفساراً من أحد القراء يقول فيه:
شيخي الجليل يعلم الله أني أحبك في الله، وبمناسبة قرب مولد الحبيب صلى الله عليه وسلم
ما حكم الاحتفال بهذه المناسبة؟
وما واجبنا تجاه الحبيب صلى الله عليه وسلم؟
وقد أجاب فضيلته على السائل بقوله:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهناك لون من الاحتفال يمكن أن نقره ونعتبره نافعاً للمسلمين،
ونحن نعلم ... أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا يحتفلون ...
بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بالهجرة النبوية ولا بغزوة بدر،
لماذا؟
لأن هذه الأشياء عاشوها بالفعل، وكانوا يحيون مع الرسول صلى الله عليه وسلم،
كان الرسول صلى الله عليه وسلم حياً في ضمائرهم، لم يغب عن وعيهم،
كان سعد بن أبي وقاص يقول:
كنا نروي أبناءنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نحفِّظهم السورة من القرآن،
بأن يحكوا للأولاد ماذا حدث في غزوة بدر وفي غزوة أحد، وفي غزوة الخندق وفي غزوة خيبر، فكانوا يحكون لهم ماذا حدث في حياة النبي صلى الله عليه وسلم،
فلم يكونوا إذن في حاجة إلى تذكّر هذه الأشياء.
ثم جاء عصر نسي الناس هذه الأحداث وأصبحت غائبة عن وعيهم، وغائبة عن عقولهم وضمائرهم، فاحتاج الناس إلى إحياء هذه المعاني التي ماتت والتذكير بهذه المآثر التي نُسيت،
صحيح اتُخِذت بعض البدع في هذه الأشياء ...
ولكنني أقول :
إننا نحتفل بأن نذكر الناس بحقائق السيرة النبوية وحقائق الرسالة المحمدية،
فعندما أحتفل بمولد الرسول فأنا أحتفل بمولد الرسالة،
فأنا أذكِّر الناس برسالة رسول الله وبسيرة رسول الله.
وفي هذه المناسبة أذكِّر الناس بهذا الحدث العظيم وبما يُستفاد به من دروس،
لأربط الناس بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}
[سورة الأحزاب ..21]
لنضحي كما ضحى الصحابة،
كما ضحى علِيّ حينما وضع نفسه موضع النبي صلى الله عليه وسلم،
كما ضحت أسماء وهي تصعد إلى جبل ثور، هذا الجبل الشاق كل يوم،
لنخطط كما خطط النبي للهجرة، لنتوكل على الله ,
كما توكل على الله حينما قال له أبو بكر:
والله يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا،
فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
"يا أبا بكر ما ظنك في اثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا".
نحن في حاجة إلى هذه الدروس فهذا النوع من الاحتفال تذكير الناس بهذه المعاني،
أعتقد أن وراءه ثمرة إيجابية هي ربط المسلمين بالإسلام ...
وربطهم بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذوا منه الأسوة والقدوة،
أما الأشياء التي تخرج عن هذا فليست من الاحتفال؛ ولا نقر أحدًا عليها.
*********************
hgYpjthg fhgl,g] hgkf,d hgavdt fq,hf' <<<
مواقع النشر (المفضلة)