من مظاهر الفتح الإسلامي (حج ملوك غانة بيت الله الحرام ). كما ورد في تفسير (سورة الفتح) من ( تفسير البحر المحيط ) للإمام المفسر أبي حيان محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان. الإمام أثير الدين الأندلسي الغرناطي ، (النفزي) نسبة إلى نفزة قبيلة من البربر.

ولد بمطخشارس مدينة من حاضرة غرناطة. قال الذهبي عنه (حجة العرب، وعالم الديار المصرية ) ولد في إحدى جهات غرناطة سنة ( 654 هجرية _ 1256م) ولم يقر له القرار في الأندلس إنما عاش متنقلا حتى استقر في القاهرة حيث أصبح مدرسا في مدارس القاهرة. وتوفي فيها سنة ( 745 هجرية _1344م ).
فقد ذكر عند تفسيره للآية : (( وعدكم الله مغانم كثيرة )) من سورة الفتح ، مانصه : ولقد اتسع نطاق الإسلام، وفتح المسلمون فتوحا لا تحصى، وغنموا مغانم لا تعد، وذلك في شرق البلاد وغربها، حتى في بلاد الهند، وفي بلاد السودان في عصرنا هذا، "وقدم علينا حاجا أحد ملوك غانة من بلاد التكرور، وذكر عنه أنه استفتح أزيد من خمسة وعشرين مملكة من بلاد السودان ، وأسلموا، وقدم علينا ببعض ملوكهم يحج معه" ....) انتهى الشاهد من كلام الإمام المفسر أبي حيان رحمه الله.
لم يذكر الإمام المفسر أبو حيان الاندلسي رحمه الله تعالى اسم ملك غانة الذي قدم عليهم في مصر حاجا إلى بيت الله الحرام ولا نسبه. ولكن بلاد التكرور في الفترة الزمنية التي عاش فيها الإمام المفسر أبو حيان رحمه الله تعالى _ وهي مابعد منتصف القرن السابع الهجري وقبل منتصف القرن الثامن الهجري بخمس سنين _ كانت تحت حكم الأشراف بني صالح الجوال بن عبدالله الشيخ الصالح ويلقب بأبي الكرام ابن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي رضي الله عنهما _ ملوك غانة ومالي من بلاد السودان. والذين حكموا غانة ما بعد 470 هجرية / 1077م إلى عام 596 هجرية/ 1200م ). حيث سقط ملكهم على يد صوصو الوثنيين. قبل أن يستعيد بنو صالح ملكهم لغانة من جديد عام (627 هجرية/ 1200م) ويستمر كحكم ذاتي حتى نهاية القرن الثامن الهجري تحت وصاية أبناء عمهم ملوك مالي من بني هلال أبي النعمان والذين قضوا على صوصو الوثنيين، وأسسوا مملكة مالي الإسلامية والتي كانت في القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي عبارة عن إمارة صغيرة تتمتع بحكم ذاتي في إقليم كانجابا، تابعة لمملكة غانة. وكان أميرها منتصف القرن السادس الهجري الشريف موسى الأسود بن الأمير دامال بن الأمير لاتال بن الأمير لاولو بن الأمير هلال أبو النعمان الملقب (بلالي بوناما) ابن عبدالله الشريف الملقب خان القادم إلى غانة منتصف القرن الخامس الهجري من دمشق الخاضعة آنذاك لحكم أخواله الملوك السلاجقة. وقد حرف السودان لقبه من خان إلى (كان) بسكون النون. وهو ابن هذيم المكي الحجازي ابن مسلم بن زيد بن عبدالله أبي الضحاك بن الحسن الشهيد ابن عبدالله الشهيد بن محمد الشاعر بن صالح الجوال _ وسمي بذلك لأنه جال أقطار الأرض لخوفه ونشأ بالمدينة والإمامة في رأسه والدعاة تأتيه ولم يمكنه الخروج بجزيرة العرب فخرج بخراسان فحمل إلى المأمون فحبسه _ ومملكة مالي الإسلامية غير مملكة مالي القديمة الوثنية التي أسلم ملكها قبل منتصف القرن الخامس الهجري وتسمى بالمسلماني، كما نص على ذلك أبو عبيد البكري الوائلي المتوفى سنة 487 هجرية في كتابه ( المسالك والممالك). فإسلام ملوك مالي القديمة كان قبل قدوم بني صالح لغانة بقليل.
وننبه إلى أن بعض المؤرخين يخلط بين إسلام ملوك مالي القديمة الوثنية قبل منتصف القرن الخامس الهجري وبين تأسيس مملكة مالي الصالحية العلوية التي قامت قبل منتصف القرن السابع الهجري بثلاث وعشرين سنة. كما يخلطون بين المالنكي البمبارا : (الماندنكي) سكان إقليم (كانجابا) والذين اسلموا في القرن السادس الهجري وبين أمراء الإقليم في نفس الفترة من بني صالح الذين انصهروا فيهم. وسنبين حقيقة هذا اللبس من خلال كتب النسابين والمؤرخين وعلماء البلدان والرحلات والمسالك والممالك والسير والتراجم الذين عاصروا وواكبو ملك بني صالح لمملكة غانة في عجز القرن الخامس الهجري حتى سقوطها نهاية القرن السادس الهجري وقيام مملكة مالي الإسلامية قبل منتصف القرن السابع الهجري إلى سقوطها في صدر القرن التاسع الهجري على يد ملوك صنغي. وإذا أغفلنا رواية البكري المتوفى سنة 487 هجرية عن ملك بني صالح لغانة _ كما نقل عنه ذلك المختار بن حامد رحمه الله في كتابه ( حياة موريتانيا _ جزء أوائل الشرفاء في موريتانيا ) _ لعدم وقوفنا حتى الساعة على المصدر الذي ذكر تلك الرواية _ فإن أول من كتب عن ملك بني صالح لمملكة غانة هو الرحالة المغربي ابن فاطمة المتوفى سنة 545 هجرية في رحلته التى نقل جلها ابن سعيد الغرناطي في كتابه: ( بسط الأرض في الطول والعرض ). ونصه : ( ومدينة غانة على ضفتي النيل، تقع من هذا الجزء حيث الطول 29 درجة والعرض 10 درجات و 15 دقيقة، وبها يحل سلطان بلاد غانة وهو من ذرية الحسن بن علي رضي الله عنهما. وله تبرة كبيرة فيها ثقب يربط فيه فرسه ويفخر بذلك على سائر ملوك السودان. وهو كثير الجهاد للكفار وبذلك عرف بيته). وأضاف الشريف الإدريسي الحسني المتوفى سنة 560 هجرية بعض التفاصيل على ما كتبه سلفه الرحالة المغربي ابن فاطمة، في كتابه ( نزهة المشتاق في اختراق الآفاق ) المجلد الأول ص : 23_24 مانصه: ( وغانة مدينتان على ضفتي البحر الحلو وهي أكبر بلاد السودان قطرا وأكثرها خلقا وأوسعها متجرا وإليها يقصد التجار المياسير من جميع البلاد المحيطة بها ومن سائر بلاد المغرب الأقصى وأهلها مسلمون وملكها فيما يوصف من ذرية صالح بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب وهو يخطب لنفسه لاكنه تحت طاعة أمير المؤمنين العباسي وله قصر على ضفة النيل قد أوثق بنيانه وأحكم إتقانه وزينت مساكنه بضروب من النقوشات والأدهان وشمسيات الزجاج وكان بنيان هذا القصر في عام عشرة وخمسمائة من سني الهجرة. أما النسابة المؤرخ علي بن موسى بن سعيد العنسي الغرناطي الأندلسي المتوفى سنة 685 هجرية، فكان أدق وأكثر تفصيلا في نسب بني صالح ملوك غانة من سابقيه. حيث كتب في كتابه : (كنوز المطالب في أنساب آل أبي طالب ) كما نقل عنه ذلك المؤرخ صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي المتوفى سنة 764 هجرية في كتابه (الوافي بالوفيات) ترجمة رقم 5526 _ ( العلوي: صالح بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب؛ قال ابن المعتز: خرج صالح هذا بخراسان فأخذ بها وحبس، ثم حمل إلى المأمون، فلما دخل عليه عنفه فقال له : ماحملك على الخروج علي وأنت الذي تقول:
إذا كان عندي قوت يوم وليلة #
وخمر تقضي هم قلبي إذا جشع#
فلست تراني سائلا عن خليفة #
ولا عن وزير للخليفة ما صنع #.
أما نهاك قولك هذا؟ وحبسه . فكتب إلى امرأته بسويقة بالمدينة:
ألم يحزنك ياذلفاء أني #
سكنت مساكن الأموات حيا #
وأن حمائلي ونجاد سيفي #
علون مجدعا أشرو سنيا #
فقطعهن لما طلن حتى #
وقعن عليه لا أضحى سويا #
اما والراقصات ببطن جمع #
غداة الحي تحسبها قسيا #
لو أمكنني غداتئذ جلاد #
لألفوني به سمحا سخيا #.
قال ابن سعيد المغربي في كنوز المطالب: للصالحيين ملك متوارث إلى الآن بغانة من بلاد السودان في أقصى غرب النيل ؛ ذكر ألشريف الإدريسي في كتاب رجار أن ملك غانة من ولد صالح المذكور بنى قصره على النيل في عام خمسة عشر وخمسمائة. قال: وفي قصره لبنة من ذهب تبر غير مسبوك فيها ثقب يربط فرسه فيها ، ويفخر بذلك على الملوك ، وله بنود وزي حسن ؛ وكفار السودان يحاربونه ).
وقد تحدث المؤرخ الجغرافي أبو عبدالله محمد بن أبي بكر الزهري المتوفى في أواسط القرن السادس الهجري عن إسلام أهل غانة أواخر القرن الخامس الهجري في مدة لمتونة وأنهم حجوا بيت الله الحرام، وذلك في كتابه : ( الجغرافيا) ونصه : ( وفيه مدينة غانة، وبين هذه المدينة وبين البحر الأعظم في المغرب ثمانية أيام وهي حاضرة جناوة ، وإليها تدخل القوافل من بلاد السوس الأقصى والمغرب. وأهل هذه البلاد كانوا يتمسكون فيما سلف بالكفر إلى عام ستة وتسعين وأربعمائة ( 496) وذلك عند خروج يحي بن أبي بكر أمير مسوفة. وأسلموا في مدة لمتونة، وحسن إسلامهم، وهم اليوم مسلمون وعندهم العلماء و الفقهاء والقراء وسادوا في ذلك وأتى منهم إلى بلاد الأندلس رؤساء من أكابرهم، وساروا إلى مكة وحجوا وزاروا و انصرفوا إلى بلادهم وأنفقوا أموالا كثيرة في الجهاد.
وقد قدم لنا الباحث السوداني عبدالحسيب الشريف عبدالله قائمة ببعض أسماء ملوك غانة من بني صالح وترتيبهم وفترات ملكهم نقلا من المصادر الأوروبية وقارنتها بما عثرت عليه في بعض المصادر المحلية. فكان أول ملك من بني صالح هو عبدالله الشريف الملقب خان وحرف السودان لقبه إلى (كان) بسكون النون . والذي تولى العرش مابين ( 470 إلى 480 هجرية ) الموافق( 1077_ 1087م ). فبعد اغتيال الشريف عبدالله (كان) الأول سنة 480 هجرية 1087م على يد أمير المرابطين أبي بكر بن عمر اللمتوني رحمهما الله جميعا. تولى العرش الشاعر الشريف العائد الكناني بن حبيب الله بن عبد الله الشريف كان الأول. الملقب (آيل كان الثاني). من سنة 480 إلى 483 هجرية. وهو نفسه الذي ورد في المصادر الأوروبية بلقب (كمبيني جريسو) وحكم مابين ( 1087إلى 1090م) ثم ملك بعده الشريف سليمان من سنة ( 483 إلى 493 هجرية/ 1090 _ 1100م ) ثم ملك بعده الشريف هلال الدمشقي الذي بنى قصر كمبي صالح سنة 510 هجرية وحكم مابين (493 إلى 514 هجرية / 1100_ 1120م ) وهو المعروف بلقب ( بنو بو ). وقد أعلن بيعته لابن عمه خليفة المسلمين العباسي المستظهر بالله أحمد بن عبدالله المقتدي الذي ملك من عام ( 487 إلى عام 512 هجرية ) وذلك في عهد الملك السلجوقي غياث الدين أبو شجاع محمد بن ملكشاه السلجوقي الذي حكم من عام ( 487 حتى 511 هجرية/ 1094 حتى 1128 م ) ثم ملك بعده الشريف محمد الغاني من سنة (514 إلى 524 هجرية/ 1120 _ 1130م ) وهو المعروف بلقب ( مقان واقدو ) حسب التاريخ الأوروبي. ف(مقا) تعني بلسان السودان(محمد) و ( وغادو) بالغين والقاف من أسماء غانة. ثم ملك بعده الشريف عبدالله بن هلال الدمشقي سنة ( 524 إلى 534 هجرية / 1130 _ 1140م) وهو الملقب ( قني ) الوارد في المصادر الأوروبية. ولعل لقب ( قني) تصحيف للنسبة ( غيني أو الغاني ) خاصة إذا ما تذكرنا قول الشريف الإدريسي الحسني في نزهة المشتاق في اختراق الآفاق : ( أما السودان فتنسب ملوكها إلى بلدانها فصاحب غانة غانة وصاحب كوغة كوغة و فيما جئنا به من هذا الفن كفاية وإقناع ). ثم ملك بعده الشريف الشريف موسى مابين( 534 إلى 555 هجرية/ 1140 _ 1160 م ) وهو معاصر لسميه وابن عمه موسى الأسود والمعروف أيضا بموسى الأكوري حاكم إقليم كانجابا والذي سيكون فيما بعد قاعدة تأسيس مملكة مالي الصالحية العلوية. _ قلت : وقد عثر على منصبة عند قبر من مقبرة كمبي صالح منقوش عليها ( اللهم ارحم فاطمة الشريفة بنت موسى.....) فقد يكون هو الملك موسى هذا والله أعلم. ثم ملك بعده الشريف إبراهيم مابين 555 إلى 575 هجرية/ 1160 _ 1180م ) وهو الملقب: (براما ) وهو تصحيف لنطق إبراهيم حيث ينطقه السودان ( إبراما وإبرا ) .
وإلى هنا إنتهت المقارنة بين الروايات المحلية وبين ما نقله الباحث السوداني عبدالحسيب الشريف عبدالله من أحد عشر مرجعا أوروبيا كلها باللغة الانجليزية ما عدا كتاب مونتيل الشهير المعروف ( بأسطورة واقدو أصل السنونكي ) وهذه المراجع مذكورة كلها في المرجع المعتمد أكاديميا : ( New World Ebsyclopedia Ghana Empire ) .
وأما بقية ملوك غانة فلا نملك حتى الساعة تفاصيل ترتيبهم وفترة حكم كل منهم قبل سقوطها سنة 596 هجرية 1200م على يد صوصو الوثنيين مدة 30 سنة. وأيضا بعد استقلالها عن الصوصو وتبعيتها لمملكة مالي الصالحية العلوية حتى اختفائها من المسرح السياسي نهائيا نهاية القرن الثامن الهجري الرابع عشر الميلادي . وإن كان البحث لا زال جاريا لإجلاء الغموض عن تلك الحقبة. ومن هذا الفرع السيد الشريف سيد الياس الملقب (يرو) التنبكتي الوداني ابن هلال بن العائد بن محمد بن احمد بن عبدالله الشريف بن هلال الصغير بن عبد الرحمن بن عبدالله بن هلال الدمشقي الكبير باني قصر كمبي صالح سنة 510 هجرية ، ومن ذرية الشريف سيد الياس أغلب بطون قبيلة ( كان) في كل من موريتانيا والسنغال وأروان، ومنهم قبيلة أهل راشد وبطون الشرفاء الموديات أهل مود مالك وأهل مودين الله الكبير ومودين الله الصغير وأهل مود أوبك وأهل مود أحمد.
أما مملكة مالي الصالحية العلوية والتي أسسها الشريف الأمير الأسد _ الملقب عند السنونكي (ماري جاطة) ومعنى ( ماري ) عندهم السلطان و ( جاطة ) الأسد والمعروف عند أخواله المالنكي بلقب ( سندياتا كيتا ) فسندياتا بلسانهم أمير ، وكيتا الأسد _ ابن الأمير محمد الملقب ( مقان ) ابن الأمير بلو بخون ابن الأمير الشريف موسى الأسود ). فقد قضى على صوصو سنة ( 627 هجرية/ 1230م ) وأسس مملكة مالي الإسلامية واستعاد ملك بني صالح لمملكة غانة التي غدت تابعة له مع تمتعها بحكم ذاتي. وليس في مملكته من يطلق عليه اسم ملك إلا صاحب غانة وهو كالنائب له وإن كان ملكا. وهنا نفي بما وعدنا به سابقا من بيان نسب ملوك مالي وأنهم فرع من بني صالح. فنقول وبالله نستعين: فلئن كان ابن خلدون رحمه الله تعالى قد زعم في المجلد السادس من كتابه العبر أنه لم يتصل به نسبهم أي: ملوك مالي في زمانه وابن بطوطة اللواتي الطنجي الذي زارهم في مستقر ملكهم وأحجم عن بيان نسبهم سخطا على سوء المعاملة التي تلقاها منهم زاعما في الوقت نفسه أن أول من أسلم منهم هو الأمير الأسد المؤسس والذي أطلق عليه سخطا لقب ( سارق جاطة ) فإن المؤرخين في مصر والشام كانوا على النقيض من ابن خلدون وابن بطوطة تماما. فقد بينوا نسب هؤلاء الملوك الأشراف وانهم فرع من بني صالح ملوك غانة ونقلوا عنهم مباشرة. وذلك أثناء إقامتهم بالقاهرة في طريقهم إلى حج بيت الله الحرام. ويسمونهم ملوك غانة تارة وملوك التكرور غالبا وملوك غانة ومالي تارة أخرى حسب منهجية كل نسابة ومؤرخ على حدة. من ذلك ما كتبه أبو الفداء إسماعيل بن علي الأيوبي صاحب حماة المتوفى سنة (732 هجرية _ 1331م ) في كتابه ( تقويم البلدان ) ونصه : ( ومدينة غانة محل سلطان بلاد غانة ويدعي أنه من نسل الحسن بن علي عليهما السلام ). وكتب ابن فضل الله يحي بن شهاب الدين القرشي العدوي العمري نسبة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. والمتوفى سنة 749 هجرية. في كتابه : ( مسالك الأبصار ج٢٤ قسم أنساب الطالبيين ).
تحت عنوان : ( أمراء مكة من العلويين ) ص :29_ 32 ونصه : ( وسنذكر من أين نمى أصلهم وهم من ولد أبي الكرام عبدالله بن موسى الجون ابن عبدالله الكامل ابن الحسن المثنى.... ومن بنيه الكراميون، ومنهم الصالحيون وصالح وابنه شاعران جليلان، فأما صالح ابن أبي الكرام فهو الجوال، وسمي بذلك لأنه جال أقطار الأرض لخوفه ونشأ بالمدينة والإمامة في رأسه والدعاة تأتيه ولم يمكنه الخروج بجزيرة العرب فخرج بخراسان فحمل إلى المأمون، فلما دخل عليه لامه وقال: ما حملك على الخروج علي وأنت القائل:
إذا كان عندي قوت يوم وليلة #
وخمر تقضي هم قلبي إذااجتمع #
فلن تراني سائلا عن خليفة #
ولا عن وزير للخليفة ما صنع #
ثم حبسه. وأما ابنه محمد بن صالح فهو شاعر مذكور وبطل مشهور، وكان يعرف بالأعرابي للزومه البادية..... وفي هؤلاء الصالحيين ملك متوارث بغانة، وقد ذكرناه مكانه ) كما نقل العمري عن المؤرخين المصريين الأمير أبا العباس أحمد بن الحاكي المهمندار ، والأمير أبو الحسن علي بن أمير حاجب أن السلطان منسا موسى بن أبي بكر _ ووالده أبو بكر _ شقيق الأمير الأسد مؤسس مملكة مالي الصالحية العلوية _ انه ينسب نفسه إلى : ( عبدالله بن صالح بن الحسن بن علي رضي الله عنهما ). وذلك في كتابه : ( التعريف بالمصطلح الشريف ) ص 44_ 45 تحت عنوان ( ملك التكرور وهو صاحب مالي، ومالي عبارة عن إقليم والتكرور مدينة من مدنها..... وملك التكرور هذا يدعي النسب إلى عبدالله بن صالح بن الحسن بن علي بن أبي طالب..... ). وقد حقق تقي الدين عبدالرحمن بن محب الدين محمد التميمي الحلبي الشهير بابن ناظر الجيش ( 697 _ 778 هجرية ) كتاب ( التعريف بالمصطلح الشريف ) ووسم تحقيقه بكتاب : ( تثقيف التعريف بالمصطلح الشريف ) . وذكر فيه انتساب ملك مالي منسا موسى إلى : (عبد الله بن صالح بن الحسن بن علي رضي الله عنهما ). وقد نقل عن العمري أيضا أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي المضري الفزاري المصري في كتابه : ( صبح الأعشى في صناعة الإنشا ) المجلدين الخامس والثامن. ففي المجلد الخامس من صبح الأعشى في ختام كلامه على ملوك مالي بدءا بالمؤسس الأمير الأسد وأبنائه وأحفاده مرورا بأبناء أخيه أبي بكر منسا موسى وأخيه منسا سليمان وأبنائهم إلى أن ختم بالشريف الملك محمود حفيد الملك الأمير الأسد أراد هنا أن يعرف بنسبهم الشريف بعد أن استفاض في بيان حسبهم المنيف عازيا وناقلا عن العمري في كتابه : ( التعريف بالمصطلح الشريف) وإن كان العمري إنما ذكر في كتابه : (التعريف) نسب الشريف منسا موسى المعاصر له _ ولم يذكر اسم الملك محمود بن منساقو بن علي الملقب منساولي بن الأمير الأسد الملقب ماري جاطة. الذي حكم بعد وفاته _ فعزو ذكر شرفه إليه إنما هو من باب انسحاب الجزء على الكل لأن هؤلاء الملوك أبناء رجل واحد فمن أثبت النسب لأحدهم فقد أثبته للجميع ومن نفاه عنه فقد نفاه عن الكل . ثم أورد عمود نسب جدهم صالح إلى عبدالله بن موسى الثاني المنقرض اعتمادا على السلسلة الأولى التي ذكرها ابن خلدون في الجزء الرابع من تاريخه العبر في نهاية كلامه عن : ( الخبر عن دولة بني الأخيضر باليمامة من بني حسن ). ص : 118 ونصها :
( وكان بمدينة غانة من بلاد السودان بالمغرب مما يلي البحر المحيط ملك بني صالح ذكرهم صاحب كتاب رجار في الجغرافيا ولم نقف على نسب صالح هذا من خبر يعول عليه. وقال بعض المؤرخين إنه صالح بن عبدالله بن موسى بن عبدالله الملقب أبا الكرام بن موسى الجون. وإنه خرج أيام المأمون بخراسان وحمل إليه وحبسه وابنه محمد من بعده ولحق بنوه بالمغرب فكان لهم ملك في بلد غانة ).
فصالح الذي خرج بخراسان وحمل إلى المأمون فحبسه. هو صالح الجوال ابن عبدالله الشيخ الصالح أبي الكرام بن موسى الجون. كما جاء في كتب انساب الطالبيين وكما بين ابن سعيد الغرناطي والصفدي والعمري من أن أبناؤه كانوا ملوكا بغانة. فقد أخطأ ابن خلدون في نقل السلسلة عنهم. ثم كرر خطأه ثانية حينما نسب بني صالح ملوك غانة إلى صالح بن موسى الثاني. وذلك أيضا في المجلد الرابع من تاريخه العبر تحت عنوان : ( الخبر عن نسب الطالبيين وذكر المشاهير من أعقابهم ) ص 135 فكتب : ( ومنهم بنو صالح بن موسى بن عبدالله الساقي ويلقب بأبي الكرام بن موسى الجون وهم الذين كانوا ملوكا بغانة من بلاد السودان بالمغرب الأقصى وعقبهم هنالك معروفون ).
ولابن خلدون أوهام في أنساب طبقات الأشراف الأربعة أمراء مكة من بني موسى الجون . وقلده القلشندي في نقل تلك السلاسل في كتابيه ( نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، وصبح الأعشى في صناعة الإنشا ) وقد تعقبه السيد الشريف النسابة عبدالستار بن درويش الحسني الهاشمي الأمير البغدادي في كتابه ( نظرات في كتاب نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب للقلقشندي ) فصحح تلك السلاسل وردها إلى أصلها الحقيقي. فقال القلقشندي معرفا بالنسب الشريف لملوك مالي وأنهم فرع من بني صالح ملوك غانة مانصه : ( ثم خرج من ورائهم من بلاد الكفرة رجل اسمه محمود ينسب إلى منساقو بن مساولي بن ماري جاظة. ولقبه منسا مغا. وغلب على الملك في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة. قال في التعريف : وصاحب التكرور هذا يدعي نسبا إلى عبدالله بن صالح بن الحسن بن علي بن أبي طالب كرم الله وجوههم. قلت: هو صالح بن عبدالله بن عبدالله أبي الكرام إبن موسى الجون بن عبدالله بن حسن المثنى بن الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. وقد ذكر في تقويم البلدان أن سلطان غانة يدعي النسب إلى الحسن بن علي عليهما السلام، فيحتمل أنه أراد صاحب هذه المملكة لأن من جملة من هو في طاعته غانة ، أو من كان بها في الزمن القديم قبل استيلاء أهل الكفر عليها ). ونفس الشيء نقله عن القلقشندي المستشرق لوثروب استودارد الأمريكي في كتابه (حاضر العالم الإسلامي) الذي نقله إلى العربية الأستاذ عجاج نويهض. وعلق عليه أمير البيان شكيب أرسلان. فقال معقبا على كلام القلقشندي عن نسب وحسب ملوك مالي: ( فأنت ترى ما للإسلام في تلك الديار من القدم ورسوخ القدم ) .
وكتب أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي المضري الفزاري المصري في الجزء الثامن من صبح الأعشى عن الشريف منسا موسى ص 8 _ 9 مانصه : ( ملك مالي... وكان ملكها في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون منسى موسى. ومعنى منسا السلطان.... وملك التكرور هذا يدعي نسبا إلى عبدالله بن صالح بن الحسن بن علي أبي طالب... وتعريفه صاحب مالي وغانة ).
قلت : ودلالة اختصار عمود النسب في هذه الأسماء الثلاثة.
لأن ( عبدالله ) هو الذي وصل إلى غانة وحرف السودان لقبه من( خان إلى كان ) وبقي لقب كان علما عليه وعلى ذريته إلى اليوم ومنهم الشريف منساموسى حيث اشتهر بلقب جده ( كان كان موسى وكنكن موسى بالقصر ) مع أنه من فرع بني هلال أبي النعمان والذين اشتهروا بلقب ( كيتا ) عند أخوالهم المالنكي إلى اليوم. وقد غرقوا في العجمة منذ سقوط ملكهم وازداد الأمر سوءا بعد الاحتلال الأوروبي للمنطقة فأصبحوا لا يعرفون من أنسابهم وتاريخهم إلا ما لقنه لهم المستعمر في مناهجه ودورياته وكتبه. ونسوا الخطاب والكتابة والتعامل
باللغة العربية تماما. فسبحان مغير الأحوال.
وقد تجاهل كل هذه النقول مؤرخا _ دولة صنغي التي أسقطت مملكة مالي الصالحية العلوية _ محمود كعت صاحب كتاب تاريخ الفتاش وعبدالرحمن السعدي صاحب تاريخ السودان. بل وتعمدا تشويه تاريخ بني صالح ملوك مالي إرضاء لخصومهم الصنغي واختزله في سطور
ونقول ختاما : إن ملوك غانة والتكرور الذين عناهم الإمام أبو حيان الاندلسي رحمه الله في تفسيره البحر المحيط. هم من بني صالح بن عبدالله الشيخ الصالح ويلقب بأبي الكرام بن موسى الجون بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط. رضي الله عنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.


td jtsdvi gs,vm hgtjp Hf, pdhk dad] flg,; yhkm ,p[il fdj hggi hgpvhl