الأحلاف والتداخل بين قبائل العرب :
إن الأنساب لا يتقنها ويحسن فنها إلا من كان ملماً بارعاً تقياً ورعاً أما المرتزقة اصحاب الأهواء فهؤلاء أرائهم وأقوالهم إلى مزابل التاريخ , نستهل في معرفة حقيقة " الأحلاف والتداخل بين قبائل العرب " قال أبن حزم الأندلسي ( 384-456هـ ) ما نصه : " جميع قبائل العرب راجعة إلى أب واحد سوى ثلاث قبائل وهي : تنوخ , والعتق , غسان فإن كل قبيلة منها مجتمعة من عدة بطون " فقد بين لعهده حال بعض القبائل التي تكوينها أساساً من عدة تحالفات , وقد قال القلقشندي في نهاية الأرب ما نصه : " قد ينضم الرجل الى غير قبيلته بالحلف أو الموالاة فينتسب إليهم فيقال حليف بني فلان أو مولاهم كما يقال في البخاري الجعفي مولاهم ونحو ذلك .. إذا كان الرجل من قبيلة ثم دخل في قبيلة أخرى جاز أن ينتسب إلى قبيلته الأولى وأن ينتسب إلى القبيلة التي دخل فيها وأن ينتسب إلى القبيلتين جميعاً مثل أن يقال التميمي ثم الوائلي أو الوائلي ثم التثميم وما الى ذلك " وقد صنف المعنيون بالأنساب الأحلاف على ثلاثة اصناف وهم
(1) : حلف المشيخة : وهو أن تكون جماعة أو عائلة تتولى زعامة ومشيخة قبيلة معينة فقد تكون من نسب رفيع من أكارم العرب أو من قريش أو بني هاشم والبعض يقوم على انتخاب شخص تكون في ذريته رئاسة التجمعات القبلية , وفي ذلك أمثلة كثيرة ورد ذكرها في كتب التاريخ .
(2) : حلف الجيرة : وهو ان تسكن بطون من قبائل مختلفة في الأصول متقاربة في السكن في حالات عدم الإستقرار والفتن والمحن فيعمم عنوان القبيلة الأكبر على البطون الصغرى فتحسب عليهم .
{3) : حلف الراية : وهي تقوم على أساس حفظ حقوق الجيرة ومراعاة الوئام والمودة والاتحاد في الهجوم والدفاع فتتداخل البطون المختلفة مع بعضها البعض فيصعب على الناظر تمييزها فيلقي بالظن حسب ما اتضح له وقد أوضح ذلك نسابة الجزيرة العربية عاتق بن غيث البلادي الحربي في مثل هذا الموقف فقال : " إن علم النسب في القبائل المتخالطة في السكن وفي الجوار أو المتحالفة لا يعرف حقيقة نسبها مضبوطاً سوى ابن البيئة المقيم لا الرحالة المتنقل أو العابر.فهناك فرق في أن يقول المؤرخ أو الشاهد أن القوم الفلانين من القبيلة الفلانية فهذا معنى يحمل ثلاث احتمالات وهم :
(أ) : اتصال نسبي أي أنهم من بطونهم .
(ب) :حلف معين لفترة زمنية معينة .
(ج) : داخلون في رايتهم وحمايتهم .
فالأتصال النسبي يتحقق في التوريث بأن القوم المعينين متسلسلسن نسبياً لعلم من الصلب القبلي المعلوم , والحلف علاماته الجيرة أو المشيخة أو الموالاة أما الراية فهي تختلف في الضم والانسحاب حسب الأزمنة والظروف المختلفة . الموروث من أهم العلامات في النسب لأنه ما يتناقله الأبناء عن الأباء عن الأجداد في ارتباط النسب والوشيجة النسبيه ولأي بطون العرب هم فالكل ينقل الحقيقة مهما كان العنوان لأن الثابت ان العرب متداخلة فيما بينها بل لا تكاد قبيلة تخلو من الأحلاف وأحياناً نجد في البطن والفخذ بل والأسرة أحلافاً , فلا تكاد تخلو قبيلة من قبائل من ألأحلاف والدخلاء ومن أهل الحرف ومن الموالي , وعلى اثر ذلك فإن التعامل مع النصوص لا يكون من خلال المرتزقة والجهال ممن يتمايلون حسب مصلحتهم بل من المختصين من الأكاديميين والباحثين الثقاة الذين لا يخشون في الله لومه لائم . فمن المعروف ان الحلف أمر شائع بين القبائل منذ الجاهلية وحتى صدر الاسىلام وقد تناوله علماء التاريخ والأنساب , سواء كان المتقدمين منهم أو المتأخرين وهو بمعنى الصداقة والنصرة والتعاضد والتساعد والاتفاق , وينشأ الحلف في الغالب لعدة أسباب منها اختلاف التكوينات والقوى في المنطقة ويكون في الغالب بين القبائل لحماية أراضيها ومصالحها من أطماع قبائل أخرى وقد يستمر الحلف وقد ينتهي مع انتهاء الهدف الذي انشأت لأجله وقد أشار أوبنهايم لذلك في كتابه البدو بقوله : " عندما يعيش كثير من القبائل على مساحة ضيقة من الأرض يكون حفظ السلام حاجة لا غنى عنها للجميع ويتحقق السلام بنظام متشابك من الأحلاف ." وتتغير تلك التحالفات بتغير المصالح والظروف فالقبائل مثل الدول تمر بمراحل من القوة والضعف وهناك تحالفات دائمة وتحالفات مؤقتة . اسماعيل بن عياد الترباني
hgHpght ,hgj]hog fdk hgrfhzg hguvfdm
مواقع النشر (المفضلة)