أصل قبيلة الشايقية و الجعليين بقلم طارق عنتر


  • الشايقية قبيلة يمتهن أغلبهم العمل بالزراعة و بينها بعض القبائل البدوية والرعوية، وهي من فرع من بطون القبائل الجعلية العباسية التي تضم البديرية الدهمشية والرباطاب والمناصير والجموعية والبطاحين وبطون قبائل أخرى في وسط وشمال السودان. وتمتد دار الشايقية على طول ضفتي نهر النيل من جبل الدجر إلى نهاية مسقط الشلال الرابع ،والمقاطعة كلها يسكنها الشايقية ، وقليل من الأعراب و مناطق الشايقيه تتميز بأنها تمثل مركز أثاري وحضاري لممالك وحضارة كوش التي بدأت ماقبل الميلاد وتمثل مدينة كرمه و (مروي) عواصم للحضاره الكوشيه و لذلك توجد أعداد كبير من الإهرامات والمعابد في جبل (البركل) في كريمه و في منطقة (الكرو) تقع المدافن الملكيه لملوك الأسره الخامسه والعشرون الكوشيه التي حكمت مصر والسودان حيث يوجد مدفن الملك بعانخي الشهير وعدد من الملوك الكوشيين كما يوجد إهرامات أخري في مدينة (نوري) يطلق عليها الشايقيه (الترابيل)حيث يوجد مدفن الملك تهراقا.. في غضون القرن السابع عشر أصبح الشايقية قبيلة قوية ذات نفوذ وسلطان و هذا التاريخ بالتحديد له مغزي خاص و مدلول قد تدل عن اصل قبيلة الشايقية او او التحولات التي حدثت لهم
    تعددت الأراء لردها لأصل معين و تتلخص في أربعة آراء هي كالآتي :
    1- رأي الباحث "ترمنجهام" وهو في هذا يعتمد على ما رواه المقريزي عن إبن سليم الإسواني فهو يردها للبجة الزفانج وهم فريق من البجة كانوا قد هاجروا في عصور قديمة الي بلاد النوبة – هذا يعني انهم تسببوا في تدهور و سقوط العصر و تدمير مروي الكوشية بعدما بدأت تحولها للمسيحية متاثرين باكسوم بينما قبائل البجة رفضت المسيحية و ظلت علي هو ما اضطروا عيزانا لغزوها
    2- رأي "ماكمايل" الذي ذهب فيه بانه من المحتمل أن يكون فريق من هذه القبيلة كان في الأصل من بقايا جنود المرتزقة من الترك والألبان والبشانق كانوا يؤلفون الحاميات والحرس في بلاد النوبة منذ غزو السلطان سليم العثماني سنة 1517م . وقد أستقر عدد منهم هناك. و لكن التواجد و التأثيرات المملوكية و التركمانية قد دخلت المنطقة النوبية قبل ذلك ب 250 عام و ربما المقصود هو حاميات المماليك التي استجلبهم الملك شكندا النوبي لنزع الحكم من عمه الملك داوود و وضع المقرة تحت الوصاية المملوكية عام 1272
    3- الرواية العربية الشعبية القديمه يرجع نسب القبيلة إلى شايق بن حميدان بن صبح وهو الشهير بأبي مرخة بن مسمار بن سرار بن حسن كردم بن أبو الديس بن قضاعة بن عبد الله حرقان بن مسروق بن أحمد بن إبراهيم جعل وهو الجد الجامع للجعليين ويرجع نسبهم إلى العباس بن عبدالمطلب عم الرسول- صلى الله عليه وسلم - وجدهم إبراهيم جعل بن إدريس بن قيس بن يمن بن عدنان بن قصاص بن كرب بن محمد هاطل بن أحمد ياطل بن محمد ذو الكلاع بن سعد بن الفضل بن العباس بن محمد علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب.
    4- رأي الرحالة الألماني ( فيرن ) الذي زار السودان عام 1840 فيقول عن هيرةدوت المؤرخ اليوناني أنهم كانوا جنودا في جيش فرعون ثم ثاروا ورفضوا العودة إلى مصر بعد أن هاجروا منها إلى الجنوب وكان هذا في عهد ابسماتيك وزعم هيرودوت أن عددهم كان 240 ألف على وجه التحديد أو التقريب ويقول بولينوس المؤرخ 70م أنهم فروا من وجه ابسماتيك وسكنوا مناطق قريبة من مروي القديمة
    هذه الآراء جميعها لا تعدو كونها تخمين فقط لا يستند على أساس ولا بينه و لذلك يمكن نقض كل منها علي النحو التالي :
    1- لا يعقل أن يكون الشايقية جزءا من البجه حيث أن البجة لا يحسنون التحدث بالعربية و حتي إن كان الشايقية بهم الكثير من المفردات و الطبائع البجاوية و توجد روايات أن زعماء الشايقية كانوا يتحدثوا البجاوية. روا في عصور قديمة واستقروا إلى جوار عنصر غير عربية (النوبة ) واحتفظوا بلغتهم الخاصة فلم تختلط بلغة النوبة ولو كان الأمر كذلك لكان الشايقية اليوم لهجة بجاوية أو نوبية أو شيء آخر من هذا وذاك.
    2- أما ماكمايكل فقد استند في إدعائه ذاك إلى حب الشايقية للجندية وقد زعم أنهم يميلون للارتزاق إذن فلابد أن الارتزاق في دمائهم وعليه لابد أن يكونوا من قبائل المرتزقة المعروفة لديه هم الأتراك والألبان والبشناق الذين كانت تتألف منهم الجيوش التركية.
    3- اختلف المؤرخون حول اسم أول الملوك العرب الذين دخلوا السودان فمنهم من قال أنه إدريس بن قيس والد إبراهيم جعل. ومنهم من قال هو الأمير كردم وكان اسمه حسن المك أو حسن كردم وكان له من الأولاد عشرة وقد اتفقت المراجع على أن سبعة من أولاده عادوا إلى الكوفة بالعراق وبقى 3 منهم سرار ودولة وتمام، ولعل هذا الرأي أقرب للصواب إذ من المعقول أن يعود الأبناء إلى موطنهم الأصلي بعد فترة معقولة لا أن يعودا بعد عدة أجيال فيما لو افترضنا أن أول من أتى بهم للسودان هو جدهم أبو ديس.
    4- أما ادعاء ( فرن ) بأن الشايقية جزء من الفراعنة الذين استقروا في مناطق قريبة من مروي القديمة قبل مئات السنين ولأن هناك اتفاقا حول بعض عاداتهم وتقاليدهم وهذه العادات والتقاليد لا يمكن أن تقوم دليلا على تطابق الأصل والعنصر وأما مسألة الهجرة الكبيرة تلك واستقرارهم بجهة مروي القديمة فهذا أمر لم تسجله كتب التاريخ التي تتحدث عن الممالك المسيحية التي كانت تقوم في ذلك الوقت وما كان التاريخ والمؤرخون ليغفلون أمر هجرة بهذا القدر (240 ألف محارب) جاءوا إلى السودان واستقروا فيه دون أن يثيروا قدرا من الضجة والحزازات وقد ظلت الممالك النوبية المسيحية قائمة حتى القرن السادس عشر الميلادي.
    بمقارنة الاربع نظريات نجد ان اقربهم للواقع هما نظرية البجا و نظرية المماليك بينما نجد نظريتي العرب و الفراعنة هما الاضعف

    4500-3500 قبل الميلاد تواجد شعوب البجا غرب البحر الأحمر.
    623-593 قبل الميلاد حملات الملك انالاماني في الكوة ضد البليميين في الصحراء الشرقية.
    404-369 قبل الميلاد الملك هرشيتا الكوشيي حارب البليميين في الصحراء الشرقية
    335-315 قبل الميلاد الملك ناستاسي الكوشي و هو الملك الأخير قبل نقل العاصمة الي نبتة حارب البليميين
    268-297م فترة أخرى من هجمات البليميين الهجمات على النوبة.
    436 م البليميين يهاجموا النيل وحتى واحة الخارجة
    452 م الرومان يهاجموا النوبة الشمالية و البليميين و وصول المبشرين المسيحيين في بلاد النوبة.
    حوالي 500م البليميين لا يزالو يعبوا إيزيس في فيلة
    515 م الرومان يقدموا أعانات لدعم البليميين ورؤساء النوبة الشمالية في مقابل السلام.
    537 م الملك سيلكو النوبي يطرد البليميين من نوباتيا و يذكر في معبد كلابشة أنه هو أول ملك مسيحي من النوبة. حظر عبادة إيزيس في فيلة و اغلاقها رسميا لوقف عبادة فيها
    758 م هجمات البليميين علي العباسيين في صعيد مصر
    قائمة كاملة بالتواريخ الهامة مذكورة بالتفصيل في كتاب بعنوان Historical Dictionary of the Sudan
    تاليف Robert S. Kramer, Richard Andrew Lobban, Carolyn Fluehr-Lobban
    الاصدار الطبعة الرابعة Scarecrow Press; 4 edition (March 22, 2013)

    يدعي انه جاء في معاهدة البقط عام 652م النص التالي: "عهدٌ من الأمير عبد الله بن سعد بن أبي سرح لعظيم التوبة ولجميع أهل مملكته: عهد عقده على الكبير والصغير من النوبة، من أرض أسوان إلى حد أرض علوة أن عبد الله جعل لهم أمانًا وهدنة .... " و هذا نص غريب من عدة نواحي من بينهم أن المعاهدات تكون بين أطراف متحاربة لإنهاء الإقتتال و الذي حدث هو غارات فاشلة فقط. و غريب لأنه يقدم الامير علي العظيم و لا يحدد أسم الطرف النوبي من المعاهدة سوي بلقب "عظيم النوبة" و هو لقب غير مستخدم بين النوبيين و لا يعتبر إسلامي فما منع الكاتب من ذكر الملك الفولاني للنوبة؟ و الأمر الثاني أنه ربما كانت المعاهدة مع فرد من البجة و ليس مع النوبيين بإعتبار أن البجة قد حكموا أراضي وسط النوبة بعد هجماتهم المتكررة و أنهيار الاسر النوبية الحاكمة. و ربما أن المعاهدة المذكورة لا وجود لها أصلا و إنما إختلقت لمنح الحملة علي النوبة نهاية مشرفة فقط

    و بالعودة لنظريات أصل قبيلة الشوايقة ربما هنالك نظرية مختلطة خامسة جديدة و هي كالاتي :
    استوطن بعض الزفانج البجة حول و داخل ممالك كوش و احتفظوا بعاداتهم و تدريجيا ضعفت ممالك كوش من غارات الزفانج الي ان انهارت مملكة مروي و عندها تم الاختلاط بين النوبيين و الزفانج و استمرت حالة الفوضي قبل قيام مملكة مقرة.
    و بعد نهاية العصر البطلمي في مصر و تحول مصر الي مستعمرة رومانية وثنية استمرت حملاتهم العسكرية ضد البجة و النوبيين الي ان تحولت الامبراطورية الرومانية الي المسيحية الرومانية المناهضة للمسيحية الاكسومية و المسيحية القبطية. عندئذا شجع و تبني الحاكم الروماني لمصر النوبيين لقيام ممالك نوبية مسيحية لهم هي نوباتيا و مقرة و علوة لحماية مصر الرومانية من المسيحية الاثيوبية و القبطية. و بذلك اصبحت النوبة تحت التبعية الدينية و السياسية للرومان.
    و استمر تدفق و استيطان و تمازج البجة في اراضي الممالك النوبية الثلاث خاصة لتلك الواقعة في الضفة الشرقية لنهر النيل. و تزايد هذا الوضع المضطرب في الممالك المسيحية النوبية دون ان تؤثر المسيحية بشكل عميق علي السكان بقدر كونها وسيلة حماية لسلطة الحكام النوبيين و ارتباطهم بالمستعمرين الرومان لمصر كما استمر البليميين في مقاومة المسيحية.
    و أدي سقوط الاحتلال الروماني لمصر عام 642م الي ضعف سلطة الحكام النوبيين لممالكهم و اضطراب الاوضاع و تدهور الاقتصاد و الامن. و عمت حالة من الفوضي و النزاعات الداخلية في الممالك النوبية. و استمر التدهور و العزلة حتي احتل المماليك مصر عام 1250م و صراعاتهم الداخلية و نتج عن ذلك تزايد اطماع المماليك في الممالك النوبية و تدخلهم في شئون الحكم فيها. و مارس المماليك و من بعدهم العثمانيين الرق بكثافة و شراسة في الاراضي النوبية و منها توسعوا لباقي مناطق السودان ما عدا جنوب السودان
    و كان نتيبجة ذلك اضافة العنصر المملوكي و التركماني للخليط المكون من الزفانجة و النوبيين و الرقيق و نتج عن ذلك نشؤ قبيلة الجعليين و تقسيماتهم المختلفة و منهم الشايقية

    بقلم طارق عنتر



Hwg rfdgm hgahdrdm , hg[ugddk frgl 'hvr ukjv