من عادات قبائل البنى عامر


إن الموطن الحالى لقبائل البنى عامر هو منطقة ريفى كسلا ومنطقة ريفى طوكر وقد رثت اراضى مملكة جارين ، ومما يجدر ذكره أن ثلث قبائل البنى عامر يتحدث ( التبداوية ) والثلث الثانى يتحدث اللغتين ( التبداوية والتقرية ) والثلث الاخير يتحدث اللغة التقرية . وبالرغم من عروبة اسم قبائل البنى عامر الا انه يضم قبائل بجاوية مختلفة الاصول والاعراق ومن اهم عموديات قبائل البنى عامر هى ( نابتاب, افلندة , المدة ,بيت معلا , حدارب ,عجيلاب , اسفدة , فايداب , سنكاتكناب وملعيت ) ***.

توجد بعض الاختلافات البسيطة بين قبائل البنى عامر وبقية قبائل البجا الاخرى فى نمط الحياة خاصة فى المسميات نسبة لاختلاف اللغتين , فى هذا المقال ساورد بعض من عادات قبائل البنى عامر حاولت جاهدا الا اسهب ولا اطيل بالرغم من ان هناك بعض العادات الهامة التى تستحق الذكر وساذكر بعض العادات عند الولادة والتنشئة والزواج والوفاة .

من عادات قبائل البنى عامر عند الولادة أن تذغرد ( إعلال ) النساء اذا كان المولود ذكر سبعة مرات , اما إذا كانت انثى فلا يذغرد لها ويلبس المولود ادوات زينة من الفضة عند المفاصل والعنق ( يعتقد بان الفضة معدن نبيل يقئ من الجنون ومن الارواح الشريرة ) , وبعد اسبوع من ولادة المولود من الجنسين يلعق له حجاب ( السبعات ) وبه ايات من القرآن الكريم ويعلق به ايضا مادة خشبية قوية مكسية بالجلد وفى داخل الجلد مادة مطهرة وذات رائحة زكية تتكون من نبات ( النقيع ) والمحلب الغرض منها ان يعضها المولود حتى تقوى لثته واسنانه , وتزين المولودة بالخرز ( السكسك ) و( الديبيريت ) وبعد ان يرضع المولود اول رضعة له يسقى مادة شديدة المرارة لتساعده على الهضم وتستخلص من نبات ( جابر) . كان فى السابق يثقبون اذن المولود الذكر ويلبسونه حلقا من الذهب بوزن شعره الذى يحلق اما الانثى فينضد لها عقد من حجارة كريمة ( سوميت ) .

بالنسبة للام ( النفساء ) فيدهن ويمشط شعرها ويكثرون لها من اللبن والسمن و( المديدة ) والحساء تحت اشراف والدتها , واذا كانت النفساء لا ترضع تحل محلها الاخت او احد قريباتها . فى فترة ما بعد الولادة مباشرة (الحرس بضم الحاء ) فان الاوانى التى تستخدمها النفساء لا يستخدمها او يمسها شخص اخر , هناك بعض الاصوات التى يتشاءمون منها فى السبعة الايام الاولى مثل صوت الحمير والبوم , فاذا حدث هذا تقوم أم النفساء باخذ عصى وتضرب بها شعاب البيت سبع ضربات , وفى نفس الوقت يتفاءلون ببعض الاصوات مثل صوت الديك , وفى بعض الاحيان ترمى أم النفساء بشئ من الجلد او القماش كنوع من الحماية او التفاؤل للمولود الجديد . كان السابق يتم كى المواليد فى صدورهم بعد اسبوع او شهر من الولادة لمداواةالسعال ولاعتقاهم بان المولود سيكون شجاعا .

تتم تسمية المولود بمشاركة جماعية من اهل القرية او المنطقة . واول شئ يعمل للمولود هو حلاقة شعره بالموس ( العقيقة ) وهى سنة , وذلك بواسطة احد الاطفال شرطا وجود ابواه على قيد الحياة , فاذا لم يستطع الطفل الحلاقة لخوفه او اضطرابه يضع الموس على راس المولود ويجئ احد الاشخاص الموثوق بدينه ونقاء سريرته فيكمل حلاقة شعر المولود , ولايهمل الشعرالمحلوق قط بل يؤخذ ويوضع فى قطعة من الجلد بها سعفة وعود ( شنكى باى ) ويعلق على الخيمة او البيت , تنصب العصى الى اعلى اذا كان المولود ذكرا , اما للانثى فيكتفى بتعليق الشعر فقط .

يسمون فى الغالب على اسماء الرسول (صلى الله عليه وسلم) فنجد ان كل الاخوة فى العائلة يحملون اسما مركبا يبدأ بمحمد مثل محمد على ومحمد عثمان ومحمدادريس ... الخ او يسمون باسماء الانبياء الاخرين او الاباء او الاجداد او الابطال والفرسان والشيوخ الصالحين . من بعض الطقوس التى كانت تمارس فىالسابق فى تسمية المولود اذا لم يكن للاب او للام اسم معين لمولودهما , تؤخذسبع ورقات من نبات العشر ويكتب على كل منها اسما مختلفا ثم ينادى على صبى يشترط ان يكون والداه حيان فيختار واحدة من اوراق الاسماء ويكون الاطفال حينها مجتمعين واياديهم متشابكة ويعطونهم لبنا وماء وذرة وقشا ويرشوها بالايادى على النار وبعد ان يختار الصبى الاسم يجرى الاطفال فى اتجاهات مختلفة معلنين الاسم قائلين ( مثلا اذا كان الاسم محمد يقولون ( محمد لعبيب ) اى محمد كبر , اما بالنسبة للانثى فيقولون مثلا ( فاطمة تعبى ) اى فاطمة كبرت .

تذبح ذبيحتان إحداهما للتسمية والثانية صدقة , يذبح خروف التسمية فى حفرة وكل مخلفاته وعظامه تجمع وتوضع فى الحفرة ثم تغطى . ويذهب عادة خروف التسمية الى النساء ويطهى لحمه لوحده ولايسمح بالقاء اى عظمة منه خارج الحفرة حتى لا تأكلها الكلاب إذ يعتقدون بان حفظ العظام حفظ على سلامة المولود , لذا يقدم خروف التسمية الى النساء لانهن اكثر حرصا من الرجال على العادات , ويفطم عادة المولود بعد عاميين واول سقاية له من حليب الماعز وذلك فى فنجان صغير اول الامر, وبالنسبة للمولودة الانثى فانه يكتفى بالسماية دون الطقوس الاخرى .

ينشأ الابناء الذكور مع ابيهم والبنات مع امهم , وياكل كل جنس لحاله اما اذا كانوا صغارا فى السن فلا مانع ان ياكلوا مع بعضهم البعض وفى كلتا الحالتين لا تاكل الام مع زوجها وهذه عادة قديمة , ويصاحب الطفل جده وهذا يساعده على تفسير الظواهرالطبيعية والحكمة وما يتعلق بحياته ويذهب الى الخلوة ثم الى رعى البهائم عند سن العاشرة , ويدرب على الفروسية واستخدام السيف والدرع والحربة ركوب الخيل والجمال . وتهتم الجدة بالبنت ويمكن ان ترد الماء وتجلب الحطب عند سن العاشرة وبعدها لا تخرج الى اى عمل الا بمصاحبة امها او جدتها .

عند وصول سن البلوغ يكون للولد خيمة منفصلة ينام فيها وعادة ما يجتمع بابناء الحى ليلا للنوم سويا منفصلين عن اهلهم , ويتابع الولد والده فى كل تحركاته واعماله لمساعدته والتعلم منه . اما البنت فتمكث مع والدتها لتتعلم الاعمال المنزلية , ولا تستعمل الزينة قبل الزواج الا الزمام ( نقليب ) الذهبى او الفضى حيث كان يثقب انف البنت فى الماضى وتستعل للشعر دهان يسمى (كركار)
يعتبر الزواج من أهم العادات بالنسبة لوالد العريس إذ انه المسئول عن زواجه من حيث التقدم للخطبة والتكاليف وربما الاختيار ايضا , وفى الخطبة يتم تقديم هدايا ونقود وثوب ابيض ( ساكوبيس ) لأهل العروس ولايرى الخطيب خطيبته وتتوارى عن انظاره إذا صادفته فى مكان ما , هنااك اشياء من مسئولية العروس تجهيزها مثل اوانى المطبخ والزينة و( الكرار ) برش عليه نقوش و ( المفاقر ) قماشة مثل المصلاة . والسرير على العريس ويتكون من جريد شجر الدوم ويجلد بجلد الماعز الناعم وتنسجه النساء .
تسمى الخطبة ( فرية ) الزهرة او ( حطاى ) وتقدم الهدايا للعريس من النوق كما تقدم للخطيبة ناقة هدية , ويمتنعون عن الزواج فى عيدى الفطر والاضحى وشهر رمضان وصفر وايام الجمع ويتزوجون فى الايام التالية من الشهور الهجرية ( الثالث والسابع والتاسع والثالث عشر والخامس عشر والسابع عشر والتاسع عشر ) وذلك تفاؤلا بهذه الايام الاحادية . بعد الخطبة تجهز العروس الهودج ( الباشور ) وتتبخر بكثير من الدخان ( تسس ) وهو نوع من الاخشاب وتتخذ العروس وزيرة ( دلت مسو ) والعريس وزيرا ( ماداى ) . من ادوات زينة العروس الحجول و ( مروت بيسوت ) وهو من الذهب يلبس على الجبة والزمام ( فاى أنف ) والزمام الصغير ( مدليت ) و( شلاشل ) ومثلث من الذهب وقلائد على العنق ( برقناب ) و ( دعفت ) وعلى الرأس تضع ( تليكيت ) بها خرز واحجار كريمة ( تققوت ) وحزام من الجلد والخرز ( دبيريت ) .

57DA4F6FF7.jpg
يتكون المهر ( الصداق ) من خمس او سبعة او تسعة بقرات بالاضافة الى الهدايا ( وقرات) , ويتلقى العريس فى معظم الاحيان مساعدة أقربائه إذ يهبونه الابقار والنوق ويتم تقسيم الابقار بين العروسين فتأخذ العروس اربع بقرات ثم ثلاثة اخرى اضافية يسهم بها العريس فتصبح الثروة مشتركة بينهما , اما اذا قدم العريس فى الصداق ثلاث نياق فقط فلا يحق له مشاركتها فيها. تتكون ملابس العريس من جلباب قصير ( عراقى ) وسروال طويل وصديرية وعمامة وحذاء ويرتدى فى يده اليمنى سوارا ( فكت ) من السعف ويحمل العريس سيفا لمدة اسبوع كما تستمر الاحتفالات لمدة اسبوع ويرقص الرجال والنساء منفصلين عن بعضهم البعض ويرقص الرجال رقصة السيف و ( البيبوى ) و ( ياسيت ) و (دينات ) والمبارزة بالسيف والدرع . تكون الدخلة بالعروس ( بيئيت ) من الاحتفالات وهى مهلة تستعد فيها العروس لحياتها الجديدة , تتغير طريقة تصفيف الشعر عن الفتيات وتعلق حلية من الذهب ( شريفييت ) برأسها وترتدى فى خصرها حزاما مزينا بالسوميت ( حقو ) كذلك ترتدى وزارا ( قرباب ) .
يذكر البنى عامر الموت طوال حياتهم لايمانهم بانه حق آتى بالاضافة الى ما يحدق بحياتهم من مخاطر , ويقومون بتجهيز الاكفان ووضعها على اهبة الاستعداد لانهم فى حالة ترحال دائم , ولديهم مقابر جماعية ومن النادر ان يدفن متوفى بمنعزل , وبعضهم يضع حجارة بيضاء تضئ ليلا على قبر القتيل الذى اخذ ثأره , ويتم تحضير الجثمان والدفن وفق الطريقة الاسلامية , واثناء المأتم تقوم النساء بالنحيب والعويل ويهلن التراب على روؤسهن ويحلق بعضهن شعورهن كما يرتدين الخيش وترقص بعض النساء بالسيف وهن يرتدين ملابس المتوفى على ايقاع طبول النساء وينشدن انا معك حتى الموت ( قو كان ليكو ) وانا خرجت من اهلى ( عدّى فقركو ) وللصغير ينشدن ( قطعت مصارينى ) ( انبحى قاكن كو ) , تخرج الجنازة من الباب الخلفى وتتبعها النساء النادبات من بعيد . ينشر خبر اعلان الوفاة بواسطة المناداة من على قمم الجبال حيث يتناقله الافراد من قمة لاخرى , وقد تمتد فترة الحداد من اربعة اشهر الى عام يمشى فيها بعضهم حفاة الاقدام . كما يؤجلون اى زواج لعام كامل ويقوم بعضهم بزيارة القبور وتوزيع الصدقات .
هذا جزء قليل من عادات قبائل البنى عامر ولازال هناك الكثير من العادات والتقاليد التى تحتاج الى كتب للتعريف بها حول كل القبائل البجاوية والتى حاولت جاهدا ابراز جزء ولو بسيط عن الثقافة البجاوية ذات الخصوصية والتى يجهلها الكثيرين وكلما تتوفر عندى المراجع ساقوم بنشرها وارجو من جميع الاخوة اعزارى اذا كنت اخطأت فى ذكر حقيقة او اغفلت ذكر جانب قد يراه مهما كما اتمنى من جميع الاخوة وخاصة البجاويين مدى باى معلومات عن الثقافة البجاوية

البحث للكاتب بكرى هاشم الخليفة ( سوركناب ) والشكر للاستاذ احمد حسون نقلا عن شبكة ومنتديات النافذة



lk uh]hj rfhzg hgfkn uhlv