نبذة تأصيلية في نسب أولاد عقبة من الكبابيش

نبذة تأصيلية في نسب أولاد عقبة من الكبابيش

نبذة تأصيلية في نسب أولاد عقبة من الكبابيش

الكبابيش قبيلة كبيرة تنتشر في البوادي الغربية للنيل و تتركز في إقليمي كردفان و دنقلا، و يضعها الرواة ضمن المجموعة الجهنية في السودان، و التي هي حلف قبلي عريض، تغلب عليه السمة البدوية، و يظهر أنه يضم أشتاتاً من قبائل و أصول متعددة، جمعتها أو بعض مكوناتها رابطة الدم أو الحلف القديم.

و لقد تناولت بعض المصادر المعاصرة شيئاً عن تاريخ و أنساب الكبابيش، لكن يظل تاريخ القوم القديم و الوسيط يكتنفه شيء من الغموض، ذلك أن المتعارف عليه وسط الكبابيش أنهم من أصول شتى جمعتها رابطة الحلف في ظل مسمى واحد و هو الكبابيش، و لعل هذا هو سبب عدم وجود شجرة نسب توضح فروع الكبابيش بخلاف أقرانهم من المجموعات القبلية السودانية الكبرى الأخرى كالبقارة و الكواهلة و رفاعة و الجعليين.

لم نجد للكبابيش ذكراً في طبقات ود ضيف الله على اعتباره أقدم مدونة سودانية محلية بلغتنا تؤرخ للحياة الدينية و شيء من الحياة الاجتماعية و السياسية في الفترة السنارية، و لعل أول ذكر موثق لهم كان في نهايات القرن الثامن عشر الميلادي في كتابات الرحالة الاسكتلندي جيمس بروس، و هو ما يدل أن القبيلة لم تكن من القبائل الكبرى في الفترات السابقة كحال قبائل أخرى مذكورة في الطبقات على أنها من قبائل السلطنة السنارية المعروفة، فهي و إن وجدت كقبيلة لكن أثرها كان محدوداً نسبياً، و ليس كحالها في القرون اللاحقة حيث بلغت من الشهرة و البأس و الاتساع و الانتشار حداً كبيراً.

إن أصل اسم الكبابيش في حد ذاته قد اختلف في أصله أبناء القبيلة و مؤرخوها و من كتب عنها. ففريق يرى أن اسم القبيلة مشتق من اسم رجل و لعل اسمه كبش أو كبيش، و رأي يقول أن أصل الاسم مشتق من فرع كباشي اسمه الكبيشاب الذين كانوا من فرسان القبيلة المشاهير، و رأي ثالث يقول أنه نسبة لمهنة تربية الأكباش، مثل قولنا بقارة و أبالة.
و لم أصل في حقيقة التسمية إلى بينة ترجح قولاً على آخر، لكن الذي أستطيع التثبت منه أن منظومة الكبابيش تأتلف من أصول مختلفة باعتراف أبناء القبيلة و من أرخ لها.

فمثلاً يذكر الرواة أن النوراب -و هم الفرع الرئيس في الكبابيش- يتصلون في أشهر الروايات بالركابية، و قيل بل هم من الربيقات إحدى فروع الكبابيش الشهيرة، و تربطهم رواية ثالثة بالشكرية، و هذا ضعيف عندي.

و أولاد عقبة -و هم الفصيل الأكبر على الإطلاق بين الكبابيش- يقال أنهم من ذرية عقبة بن نافع أو عقبة بن ياسر، و يربطون أنسابهم بالفلاتة الفوطة الذين يقولون نفس الشيء عن أصلهم العقبي.

و في أولاد عقبة، توجد عناصر حليفة مثل السعدلاب الذين أصلهم من المحس.

و الربيقات يقال من أولاد عقبة، أو من أبناء عمومتهم.

و أما العطوية، فيقال أنهم من الكواهلة، و قيل أنهم أصلاً من أولاد عقبة، و لكنهم في فترة تاريخية قد التحقوا بكواهلة كردفان.

و عن أولاد عون فهم من الشايقية.

و أما البرارة فهم من الجعليين.

و قيل عن العيساوية و الزنارخة أنهم من الجموعية.

و العوايدة قال ماكمايكل أنهم ربما من البديرية، و قيل من أولاد عقبة.

و أولاد طريف يقول ماكمايكل أنهم ربما يرجعون للطريفية أخوة البديرية، و تنسبهم رواية أخرى لأولاد عقبة.

و أولاد سليمان من أولاد عقبة.

و السراجاب يذكر ماكمايكل أنهم من السراجية من كنانة، و يذكر آخرون أنهم من أولاد عقبة.
هذه بعض الفروع الكباشية المشهورة و ما قيل في أصلها.

و على اعتبار أن بعض المصادر تتحدث عن أن نواة الكبابيش الأولى تكونت من أوﻻد عقبة، و كما رأينا فإن عدداً من الفروع الكباشية يقال أنها تتصل بأولاد عقبة، فإذن نتيجة البحث عن أوﻻد عقبة قد تقود لحل تركيبة نسيج الكبابيش الأول.

يتبع ....

المصدر: ..ٌ::ٌ:: النسابون العرب ::ٌ::ٌ.. - من قسم: مجلس قبيلة الكبابيش

---

kf`m jHwdgdm td ksf H,gh] urfm lk hg;fhfda

و عند الشروع في مثل ذلك التحقيق، فإن الأنظار تتجه نحو قبائل صعيد مصر لإيجاد العمق الجغرافي و التاريخي الذي أتت منه نواة الكبابيش و هم أولاد عقبة، و لم أجد شيئاً يقارب مفردة كبابيش، لكني وجدت فيما يخص أوﻻد عقبة بعض المعطيات، فلعلها تكون مفيدة فيما يخص نسبهم و أصلهم.


توجد في مصر و بشكل تاريخي قبيلتان بهذا الاسم، الأولى و الأكبر و الأشهر هم بنو عقبة من جذام من قحطان.
و الثانية هم بنو عقبة من بني هلال من عدنان.

اجتهد عدد من المؤرخين و منهم ماكمايكل و يوسف فضل و محمد عوض محمد و ضرار صالح ضرار في ربط أوﻻد عقبة من الكبابيش ببني عقبة الجذاميين لعدة اعتبارات.
منها أنه وجدت بعض البطون الجذامية التي دخلت و توغلت حتى بلغت بلاد البرنو، و مشهورة تلك الرسالة التي أوردها القلقشندي في كتاب "صبح الأعشى في صناعة الإنشاء" و فيها شكوى سلطان البرنو من غارات أعراب جذام و طلبه من سلطان مصر المملوكي التدخل لوقف تعدياتهم على مملكته، و كان تاريخ تلك الرسالة منتصف القرن الثامن الهجري. (انظر: صبح الأعشى للقلقشندي: ج8، ص119-122)

و وجود قبيل ذكرته بعض المصادر المحلية باسم الجذاميين في وادي القعب الذي يحتل الكبابيش حيزاً كبيراً منه. (انظر: العرب للصديق حضرة: ص29)

بالإضافة لتشابه بعض أسماء الفروع الكباشية مع فروع جذامية، كبني عقبة، و بني عطية، و بني سليمان.

فعليه تم الاستنتاج أن أوﻻد عقبة هم بقايا أولئك الجذاميين الذين بلغت هجراتهم عمق بلاد البرنو و كان طريقهم في الغالب عبر غرب و شمال كردفان، و هي من ديار الكبابيش اليوم.

لكن هناك احتمالين آخرين غير الأصل الجذامي و لم أر أحداً يتعرض إليهما بالدراسة و التحليل، و هو احتمال الأصل الهلالي و الأصل البكري لأولاد عقبة.

هناك مسألتان في هذا الصدد نريد استعراضهما.
الرواية الشعبية الحالية عن أصل أوﻻد عقبة، و الأصل التاريخي الذي ربما يرجع أليه أوﻻد عقبة.


تقول الرواية الشعبية -بحسب ما سمعته أنا عن أفراد مهتمين بالتراث الكباشي و ما اطلعت عليه في بعض المراجع ككتابي قبائل شمال و وسط كردفان و تاريخ العرب في السودان لماكمايكل-، فتقول تلك الرواية أنهم من ذرية عقبة بن ياسر، و تختلف روايات عنها بالقول أنه عقبة بن نافع، أو عقبة بن عامر.

إن شخصية عقبة بن نافع بن عبد قيس الفهري القرشي معروفة جداً و هو المشهور بالفتوح الإسلامية جهات المغرب العربي، و يدعي النسبة إليه كثير من قبائل شمال و وسط و غرب إفريقيا.

و أما عقبة بن عامر، فهو عقبة بن عامر بن عبس الرفاعي الجهني أحد الصحابة الفاتحين و والي مصر في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم.

و أما عقبة بن ياسر فتنسبه روايات لأبي بكر الصديق القرشي، و اشتهر ذكره في أنساب الفلاتة، لكن لا توجد ترجمة عنه. و ينبغي التمييز بين الفلاتة القبيلة و التي يعيش قسم منها في تـُلـُس في جنوب دارفور، و بعضهم يسميهم في أحيان بالفلاتة الفوطة، و المجموعات القادمة من غرب إفريقيا كالبرقو و البرنو و الهوسا و التكارير، فهؤلاء يوصفون في أحيان بأنهم فلاتة، و لكن ذلك وصف غير دقيق.

و لعل أسماء (عقبة) الواردة أعلاه قد أثرت في نسبة أولاد عقبة خاصة و الكبابيش عامة، فمن جهة نرى الرواة يرجعونهم إلى جهينة، و في ذات الوقت هم من قريش.
هناك قول سمعته عن عديدين، سواء من الكبابيش أو غيرهم، و قرأته في كتاب "قبائل شمال و وسط كردفان" لماكمايكل بأن أوﻻد عقبة لهم صلة تاريخية بالفلاتة الفوطة (انظر: قبائل شمال و وسط كردفان لماكمايكل: ص178)، و هؤﻻء لهم قول مشتهر بأنهم من فلات بن عقبة بن ياسر، من ذرية عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، و توجد رواية أخرى وجدتها في كتاب "العرب التاريخ و الجذور" للمؤرخ النسابة الصديق أحمد حضرة، و يورد فيها نسب فلات بن ياسر البكري إلى محمد بن أبي بكر الصديق فيقول:
"فلاته بن عقبة بن ياسر بن داوود الحاشي بن محمد المنشلخ بن مسعود بن محمد أبو داوود الجمل بن إبراهيم بن مسلم بن عليان بن محمد بن جديد بن أمية بن بغوي بن سلطان بن سالم بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق". ا.هـ. (انظر: العرب للصديق حضرة: ص168)

و قد اطلعت على نسختين من مخطوط في أنساب عرب السودان أحدهما محفوظ في دار الوثائق القومية بالخرطوم، و هو المخطوط المنسوب للسمرقندي، الذي عاش بداية الفترة السنارية في القرن العاشر الهجري، و السادس عشر الميلادي، و قد ذكر نسب الفلاتة فجاء في نسخة:
"و أما الفلاتة قد تهجموا في أرض الكترور (قلت: الكترور تصحيف التكرور) و هم آل فلات بن عقبة بن اياس(قلت: اياس تصحيف ياسر) من البكريين و قد ذكر النيسابوري أن الشيخ بأرض الصعيد المشتهر بمجلي منهم و يتصل نسبهم بعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق". ا.هـ.

و أما النسخة الأخرى فمختلفة قليلاً لكنها تحمل ذات معنى السابقة، و ورد بها:
"و أما الفلاتة قد هجموا على أرض التكرور و هم آل فلات بن عقبة بن ياسر من البكريين و يتصل نسبهم بعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه". ا.هـ.

ذكر الأستاذ عبد الله عبد الماجد إبراهيم في كتابه "الغرابة" صلات بين بعض القبائل السودانية و الفلاتة، و منهم الكبابيش و غيرهم. (انظر: الغرابة لعبد الله عبد الماجد إبراهيم: ص368)

و الكتب القديمة التي كتبها علماء بلاد شنقيط و مالي و غيرها و الذين تكلموا عن أصل الفلاتة أرجعوهم في الغالب لأصلين، فريق تكلم على أنهم من عقبة بن ياسر البكري الصديقي القرشي، و فريق آخر تحدث على أنهم من عقبة بن نافع الفهري القرشي.

هناك قبيل اسمه الفلاليت يسكن منطقة الشايقية و يحتفظ بعمود نسبه إلى أبي بكر الصديق و عمود نسبهم يمر بالسلسلة التالية:
"عقبة بن الحاج سالم بن يونس بن مصطفى بن علي بن الحاج عبد الله بن أبو زيد بن إبراهيم بن هارون بن الحاج محمد بن الحاج عبد الرحيم بن الحسين بن الحاج طه بن هاشم بن محمد بن عثمان بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبو بكر الصديق رضي الله عنه". (انظر: منطقة مروي لفاطمة أحمد علي: ص168)

الملاحظ أن المسلمية يربطهم الكثير بالفلاتة، لعل سبب ذلك هو نسبهم البكري الذي يحتفظون به، ونفس الأمر بالنسبة للمشايخة الزنارخة أوﻻد الشيخ يعقوب بن مجلي جد الشيخ حمد ود أم مريوم، فالبعض يراهم من الفلاتة، كما هو مذكور في النسخة المخطوطة لمدونة السمرقندي.
فلعل سبب ذلك هو النسب البكري المشترك بين تلك المجموعات و الفلاتة.

و ربما يكون شيوع اسم "أبكر" عند الفلاتة نسبة للنسب البكري عندهم، و الله أعلم.

هناك مسألة الأصل التاريخي و التي ربما وردت في بعض المصادر التاريخية، و كنت قد أشرت لوجود قبيل اسمه بني عقبة من بني هلال كان يسكن الجانب الغربي للنيل نواحي قوص و تحديدا إسنا و أصفون في محافظة قنا في صعيد مصر الأعلى.

و بني عقبة هؤﻻء نسبهم كما ذكره بن خلدون:
"عقبة بن يزيد بن عبس بن زغبة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال". مع ملاحظة وجود تصحيف في بعض النسخ لعبس، فتذكره بـ عيسى، و لم تكن العرب تسمي "عيسى" في ذلك الوقت من الجاهلية.

و يقول المقريزي في كتابه البيان و الإعراب عما بأرض مصر من الأعراب:
"وبنو هلال بطن من بني عامر وكانوا أهل بلاد الصعيد كلها إلى عيذاب، وباخميم منهم بنو قرة وبساقية قلته منهم بنو عمرو، وفي بني هلال عدة بطون منهم بنو رفاعة وبنو حجير وبنو عزيز، وباصفون وإسنا بنو عقبة وبنو جميلة ". ا.هـ. (انظر البيان و الإعراب للمقريزي: ص18)

محلياً، هناك رواية ذكرها النسابة الصديق حضرة تقول أن عقبة –جد أولاد عقبة- هو ابن هلال، و أتى بسلسلة نسب لهم يشوبها الاضطراب (انظر: العرب للصديق حضرة: ص27)، و بما أن أشجار النسب المحلية على اضطرابها قد تحمل في طياتها شيئاً من الصحة كرابطة النسب و الأصل القديم، فيكون وجود هلال في هذا المكان كوالد لعقبة يفيد بأن أوﻻد عقبة أصلاً من بني هلال.

لعلكم ﻻحظتم وجود تعدد في الروايات، و هذا مرده إلى وجود اختلاط قديم بين البكرية القرشيين و الهلاليين و تحديداً من عقبة من بني هلال.

فهناك عقبة من هلال، و هذا معروف تاريخياً.
و هناك قول لدى الفلاتة و أوﻻد عقبة أنهم من رجل اسمه "عقبة".
و الراجح من خلال النقول المستعرضة أعلاه أنه عقبة البكري الصديقي.

فيجوز أن يكون أصل اسم عقبة وارد من عقبة الهلالي، أو عقبة البكري، أو كلاهما.

ابن خلدون يذكر مثل هذا الاختلاط بين النسب البكري و الهلالي في الفقرة التالية من تاريخه:

"استبد بنو يزيد هؤلاء بملكة تلك الأوطان وغلبوا عليها من جميع جوانبها وفرقوا بجايتها واقتضاء مغارمتها وهم على ذلك لهذا العهد وهم بطون كثيرة فمنهم حميان بن عقبة بن يزيد وجواب وبنو كرز وبنو موسى والمرابعة والخشنة وهم جميعا بنو يزيد بن عبس بن زغبة وإخوانهم عكرمة بن عبس من ظعونهم وكانت الرياسة في بني يزيد لأولاد لاحق ثم لأولاد معافى ثم صارت في بيت سعد بن مالك بن عبد القوي بن عبد الله بن سعيد بن محمد بن عبد الله بن مهدي بن يزيد بن عبس بن زغبة وهم يزعمون أنه مهدي بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق نسب تأباه رياستهم على غير عصبتهم وقد مر ذلك قبل وربما نسبهم آخرون إلى سلول وهم بنو مرة بن صعصعة أخي عامر بن صعصعة وليس بصحيح لما قلناه". ا.هـ. (انظر: تاريخ ابن خلدون: ج6، ص55)

فالخلط سببه وجود البكريين مع الهلاليين و كانت منطقة الجميع نواحي غرب النيل في مركز قوص، تحديداً إسنا و أصفون و زرنيخ، و هي المنطقة التي يقول البكرية في السودان و منهم المشايخة الزنارخة أن أجدادهم أتوا منها.

و إلى الآن يعيش في تلك المنطقة و غيرها من الصعيد المصري عرب قصاص الذين يرجعون بنسبهم إلى عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.


و قد سألت أحد العارفين بأنساب صعيد مصر من الصعايدة و أخبرني أن الكبابيش موجودون معهم في نواحي قرية العقب في مركز قوص.
و لعلكم تلاحظون أن العقب جمع عقبة، فلعلهم من بقية عقبة من هلال الذين ذكرهم المقريزي في صعيد مصر.

هناك نص آخر عند النويري في كتابه "نهاية الإرب في فنون الأدب" يذكر اجتماع بني أبو بكر و بني هلال في نفس الحملة العسكرية المملوكية على بلاد النوبة سنة 686 هجرية:
"كانت الغزوة الأولى في سنة ست وثمانين وستمائة. وذلك أن السلطان الملك المنصور، جهز الأمير علم الدين سنجر المسروري، المعروف بالخياط، متولي القاهرة والأمير عز الدين الكوراني، وجماعة من أجناد الولايات، بالوجه القبلي والقراغلامية. وجرد الأمير عز الدين أيدمر السيفي، السلاح دار، متولي الأعمال القوصية، بعدته ومن عنده من المماليك السلطانية، المركزين بالأعمال القوصية، وأجناد مركز قوص، وعربان الإقليم وهم: أولاد أبي بكر، وأولاد عمر، وأولاد شريف، وأولاد شيبان، وأولاد الكنز، وجماعة من العربان البرلسية وبني هلال. فتوجه الأمير علم الدين الخياط بنصف الجيش من البر الغربي. وتوجه الأمير عز الدين أيدمر بالنصف الثاني من البر الشرقي، وهو الجانب الذي فيه مدينة دنقلة. وكان متملك النوبة في ذلك الوقت اسمه سمامون، وكان ذا دهاء ومكر وبأس، بالنسبة إلى أمثاله". ا.هـ. (انظر: نهاية الإرب: ج31، ص39-40)


نفس النص تقريباً ذكره ابن خلدون:
"وانتقل الملك إلى المنصور قلاوون فبعث سنة ست وثمانين العساكر إلى النوبة مع علم الدين سنجر الخياط وعز الدين الكوراني وسار معهم نائب قوص عز الدين أيدمر السيفي بعد أن استنفر العربان أولاد أبي بكر وأولاد عمر وأولاد شريف وأولاد شيبان وأولاد كنز الدولة وجماعة من الغرب وبني هلال وساروا على العدوة الغربية والشرقية في دنقلة وملكهم بيتمامون‏."‏ ا.هـ. (انظر: تاريخ ابن خلدون: ج5، ص460)

أضاف ابن خلدون في نصه الأخير: "جماعة من الغرب"، فلا أدري إن كان ذلك صحيح أم أنه تصحيف للعرب، و في الحالتين الأمر صحيح، فإنه إن كان يقصد عرب غرب النيل فقد ذكرنا أن معظم البلدات البكرية و الهلالية المذكورة أعلاه تقع غرب النيل.

نلاحظ اشتراك بني هلال و أوﻻد أبو بكر في هذه الحملة، و التي عبر قسم منها غرب النيل كما هو مذكور، و نحن نعلم أن مواطن أوﻻد عقبة في السودان ناحية غرب النيل.

و من الملاحظ أيضا ذكره للعربان البرلسية، و هم من كان يسكن ناحية البرلس في الوجه البحري، و هم يتشكلون من خليط من قبائل عدة أهمها: أوﻻد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومدلج و ليث من كنانة بن خزيمة و سنبس من طيء و عذرة من قضاعة و لواتة البربرية.

فلعل تلك الطوائف البرلسية قد شاركت في الحملةً بالإضافة لعربان إقليم قوص كما هو موضح في نص النويري الأول.

فيكون أهم من شارك في هذه الحملة هم:
- أوﻻد أبو بكر الصديق.
- أوﻻد عمر بن الخطاب.
- بنو هلال.
- الكنوز.
- بنو شيبان أبناء عمومة الكنوز من ربيعة.
- العربان البرلسية و هم خليط من بني عمر بن الخطاب و كنانة بن خزيمة و غيرهم.
- أما أوﻻد شريف فلا أعلم من يكونون.

ذكر إبراهيم إسحاق في كتابه "هجرات الهلاليين" أنه لعل من أولئك العربان المشاركين في الحملة المملوكية من توغل في السودان و آثر المكوث فيه. (انظر: هجرات الهلاليين لإبراهيم إسحاق: ص54)

إذن نستطيع الاستنتاج بأن أوﻻد عقبة في السودان قد يكونون من أحفاد أولئك المشاركين في الحملة المملوكية و فيهم بالإضافة للهلاليين آخرون من بني أبو بكر الصديق، و لعل مكون الكبابيش يضم أعقاباً آخرين من المشاركين في الحملات المملوكية الموجهة ضد النوبة.

إذن بالنظر إلى القول:
- بأن أوﻻد عقبة أقارب للفلاتة.
- و أنه يوجد قول بنسبة الفلاتة إلى أبو بكر الصديق بحسب الأشهر محلياً.

و من ناحية أخرى:
- توجد سلسلة نسب تجعل والد أوﻻد عقبة اسمه هلال.
- وأنه كان يوجد فرع هلالي في الصعيد اسمه عقبة.

كما و أن:
- البكريين سكنوا في جوار بني هلال.
- و أن أوﻻد أبي بكر و بني هلال شاركوا في الحملات المملوكية ذاتها على النوبة.

- و حدوث تداخل بين النسبين البكري و الهلالي.

نستطيع الاستنتاج أنه توجد صلة تاريخية و نسبية و جغرافية تجمع أولاد عقبة خصوصاً و الكبابيش عموماً، ببني هلال و من جاورهم و من تداخل معهم من بعض القرشيين و خاصة بني أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

ارتأيت أن هذه الخلاصة هي الأقرب للصحة من القول الجذامي أو الجهني، و لا أجزم بأصل اسم عقبة، لكني و كما ذكرت سابقاً، فيجوز أن يكون أصل اسم عقبة وارد من عقبة الهلالي، أو عقبة البكري، أو كلاهما.

هذا و الله تعالى أدرى و أعلم.


عبد الله محمد بن عبد الله – أولاد سليمان – الأبيض – محلية شيكان – ولاية شمال كردفان