المختصر عن تاريخ بني حسين بالسودانالحلقة الثانيةدار بني حسين: الأرض و السكان1.2موقع دار بني حسين وحدودها الادارية:إستقر الغالبية العظمى من بني حسين بدارهم الأصلية بـمنطقة (العطاش) نسبة إلى ذلك الجبل الشامخ الذي يتوسط الدار، حيث أشتهر هذا الجزء من دارفور بالعطش ،وقد كان الاهالي يذهبون لمسافات طويلة لجلب المياه الى ذويهم بمنطقة الجبل،ولذلك سمي بـ (جبل العطاش) وعرفت به عموم دار بني حسين. وفيما بعد عرفت هذه المنطقة بالسريف بني حسين،وتأتي السريف دائماً مقرونة باسم القبيلة أي(السريف بني حسين) وذلك للتفريق بينها وبين عدد من الأسماء المشابهة بولايات دارفور الكبرى.[1]
· تقع دار بني حسين في أقصى الحدود الغربية لولاية شمال دارفور وهي تعتبر من أهم الحواكير المتعارف عليها في ولاية شمال دارفور. و(الحاكورة) عبارة عن قطعة أرض بحدود معلومة و عليها نفوذ سياسى و إدارى و إقتصادى ، فضلاً عن كونها تشكل الهوية الاجتماعية والسياسية والثقافية للقبيلة صاحبة الدار، والتي ترى فيها تجسيدا لمكانتها الاجتماعية وحياتها الجماعية وخيارها الثقافي.والحواكير بدارفورثلاثه أنواع:[2]
1.الحاكورة الإدارية،أى (حاكورة القوم).
2.حاكورة الإنتفاع.
3.حاكورة العطاء .
· وللحواكير كذلك حدود متفق عليها ويمكن أن تكون موثقة بأوامر سلطانية مكتوبة أو أن تكون الحدود متعارف عليها عرفيا بموانع جغرافية طبيعية محددة ومعلومة لدى الجميع وخاصة أكابر القوم والدولة، وتعتبر الموانع الجغرافية الطبيعية كالجبال والاودية و الخيران هى المفضلة لترسيم الحدود بين الحواكير.[3]
· تجدر الاشارة الى انه توجد بعض الخرط التي تبين حدود دار بني حسين مع ديار القبائل المجاورة لها، منها خريطة صدرت في عام 1925م، وخريطة اخرى في عام 1927م وخريطة اخرى تحدد المعالم الجغرافية و المناطق الحدودية، وهذه الخريطة اشرف عليها المستر(مور) مفتش مركز كتم آنذاك.و يمكننا تبيان هذه الحدود وفق ما يلي:[4]
ü من الناحية الشرقية ، تمثل منطقة (قرقو) و التي تتبع لمحلية كبكابية الحد الفاصل لدار بني حسين، ويتجه الحد جنوباً ماراً بقرية آدم بديري، حيث يقع الحد تحديداً في شمالها.
ü يمثل طريق الفاشر- الجنينة في الناحية الجنوبية الحد الفاصل لدار بني حسين عن دارفور(دارفيا)، ومن ثم يتوغل الحد غرباً ماراً بجبل (تيقى) الذي يتكون من قمتين،حيث تتبع قمته الصغرى لدار بني حسين و تتبع القمة الاخرى لدارفور. ويمر الحد جنوب جبل (ارليات)أوالتيمان ويتجه الحد غرباً حتى وادي(خمال)، حيث يمثل هذا الوادي الحد الفاصل بين دار بني حسين و دار مساليت.
ü ومن ثم يتجه الحد شمالاَ ماراً برهيد(أبو حمرة) ويجنح الحد للناحية الشمالية الشرقية حتى جبل(قميرية) ثم يتجه غرباً حتى منطقة تسمى (بوباية) و بئر(ِقلٌيتة)ثم يتجه الحد شمالاً حتى قبة(صاحب الدلاء) مروراً بوادي(زميقات)غرباً وصولاً الى (جبل كروراك).
ü ومن ثم يتجه الحد شمالاً حتى وادي (أدوي) وصولاَ الى منطقة إلى (عِد هبوك) حيث يتبع النصف الشرقي لهذا العِد لدار بني حسين ،أما جزئه الغربي فيتبع لدار قمر.
ü ثم يتجه الحد شمالاً حتى يصل منطقة (الدوحة أصبر) شرق (جبل بابري) و يتوغل الحد شمالاَ وصولاً الى (وادي العرد) ثم (قوزرحَب) ثم (قوز غراب) و(جبل ام كلاعيد).
ü ومن ثم يجنح الحد شرقاً وصولاً الى منطقة(أم عظام) ثم (عِد الجواد) ثم شرقاً حتى (وادي أبو سنط) عند شارع كرنوي السريف، حيث يمثل (وادي أبو سنط )الحد الفاصل بين دار بني حسين و ودار زغاوة. و يمتد الحد مع الوادي شرقاً حتى (وادي كريكر) جوار (جبل دواني).
ü من المنطقة اعلاه يجنح الحد جنوباًمروراًبـ(عِد طِبجيج) بشارع كبكابية - الشبيكة ، ثم يقطع الحد في توغله جنوباً وادي (برقو)وصولاَ الى منطقة تسمى(الدقاية).
· أما من ناحية الحدود الادارية والسياسية لدار بني حسين ، من ناحية الشرق تحدها محلية كبكابية و التي تبعد السريف بحوالي 83 كلم،و الناحية الجنوبية تحدها محلية سرف عمره. كما تحدها وحدة (فتابرنو)الإدارية التابعة لمحلية كتم من الناحية الشمالية الشرقية.أما من الناحية الشمالية فتحدها محلية الطينة(وحدة كرنوي الإدارية).ومن الناحية الغربية تحدها محليات كلبس، صليعة والجنينة بولاية غرب دارفور.[5]
· وبخصوص الإدارات الأهلية المجاورة لدار بني حسين فنجد إدارة(دارفيا) في الناحية الجنوبية و الشرقية و هي إدارة تابعة لقبيلة الفور، كذلك نجد إدارات(دارقمر) و (دارمساليت) في الناحية الغربية و إدارة (دار قلا) من الناحية الشمالية و هي ادارة تابعة لقبيلة الزغاوة.[6]
· 2.2 المساحةوالطبيعة الجغرافية: · تبلغ المساحة الكلية لدار بني حسين حوالي896,000 كلم مربع ، و تجري على هذه المساحة عدد عدد من الأودية مثل وادي (أبوسنط) ،وادي (برقو) ،وادي (السريف) ،وادي (الشبيكة)،وادي (كرفو)، وادي(الجحير)،وادي(أنجمينا) وغيرها من الأودية،كما يجري على أرضها عدد من الخيران والتلال والكثبان الرملية والسهول و الجبال أهمها جبل (العطاش) ،جبل (عامر) ،جبل (آيبو) ،جبل (غراء الزاوية) و غيرها ، هذا فضلاً عن وجود أراضي و مراعي واسعة وتربة خصبة مما جعلها منطقة صالحة لأمتهان حرفتي الزراعة و الرعي.
·3.2 النشاط البشري:[7](1) حرفة الرعي:·يمتهن عدد كبير من سكان دار بني حسين مهنة الرعي حيث تذخر المنطقة بثروات هائلة من الابقار والإبل والأغنام مع إهتمام خاص بتربية الهجن والخيول الأصيلة، وكانت هذه الدار تساهم بقدر وافر من صادر الأبقار والإبل والضأن قبل إستفحال مشكلة دارفور.ورغم تميز هذه الدار بمراعيها الطبيعية الجيدة و الواسعة، إلا أنها تعاني من شح في المياه، وقد وبدأت تلك المراعي تتناقص بسبب التوسع الزراعي وعاده ما تحدث بعض المشاكل بين الرعاة والمزارعين في موسم الحصاد وهو ما يعرف بموسم " الطلق". كذلك تعاني المنطقة من شح في الخدمات البيطرية حيث توجد شفخانة بيطرية واحدة فقط بالسريف. كما يوجد سوق مركزي للماشية تم انشاؤه في عام 2006م، و جاريالسعي لإدخال سلالات جديدة يمكن أن تأتي بعائد أكبر لمربيي المواشي سواء من ناحية الألبان أو اللحوم والعمل على تصنيع المنتجات مثل الأجبان والسمن وغيرها.
(2) الزراعة:
توجد بالمنطقة مساحات شاسعة للزراعة وتعتمد الزراعة بصفة أساسية على الري المطري وقليل من المساحات بالطرق المرورية عن طريق الوابورات والطلمبات المائية.تنتج المنطقة محاصيل عديدة أهمها الدخن ،الفول ،السمسم ،البطيخ ،اللوبيا ،البصل والكركدي،كما تم إدخال زراعة الفول المصري الذي أثبتت زراعته نجاحاً كبيراً من حيث الإنتاجية والجوده،بالإضافة الى زراعة الخضروات.كما يوجد مقترح من إدارة مشروع جبل مره لزراعة القمح بالمنطقة عن طريق الري المطري ولم تنفذ الفكرة حتى الآن،غير أن الزراعة بالطلمبات يمكنها أن تخرج الكثيرين من دائرة الفقر إن وجدت الدعم من الدولة والبنوك الممولة نسبة لنجاحها الباهر وذلك لخصوبة الأرض ووفرة المياه الجوفية و السطحية في كثيرمن المناطق. تجدر الإشارة إلى أنه لم تتم تجربة زراعة الأعلاف وهو ما يساعد على تسمين الماشية وتفادي كثير من المشاكل بين المزارعين والرعاة. كما قل إنتاج المنطقة من الصمغ العربي الذي كانت تشتهر به نتيجة للتوسع الزراعي وإزالة كثير من الغابات على حساب الزراعة.
(3) التجارة:
·بمنطقة السريف أسواق جاذبة لكثير من التجار من مناطق كبكابية، سرف عمره، وغيرها من المناطق ومن أهم هذه الأسواق سوق السريف و سوق غرا الزاوية و سوق مديسيس و غيرها.ويلاحظ اعتماد التجارة على المحاصيل الزراعية والمواشي بأنواعها المختلفة بصفة أساسية أضافة للإحتياجات الأخرى للمواطنين.
(4) التعدين:
·تزخر داربني حسين بالمعادن،أهمها معدن الذهب والذي ظهر بكميات كبيرة في منجم(صبرنا) ومنجم(جبل عامر)،ولذلك اصبح التعدين الاهلي من اهم الموارد و الانشطة البشرية بالمنطقة حيث جاء الناس الى المنطقة من كل انحاء السودان من أجل التعدين ،مما يبشر بمستقبل زاهر للمنطقة.
4.2 السكان و التعايش السلمي بدار بني حسين :
· على الرغم من أن الديار بدارفور تمثل حدود جغرافية وثقافية لمجموعة بعينها،إلا أنها دائماً ما تكون داراً للعديد من القبائل الإخري والتي تسكن مع القبيلة صاحبة الدار،فيكون لهم ما للقبيلة وعليهم ماعلى القبيلة صاحبة الدار من حقوق وواجبات و التي تحكمها مبادئ (المواطنة) و (التعايش السلمي) و (المنافع المتبادلة). ويتم كل ذلك برعاية وإشراف الشرتاي أو السلطان أو ناظر القبيلة صاحبة الدار.[8]
· تجدر الإشارة إلى أن قانون الحواكير الإدارية الذى كان معمولا به فى دارفور، يتيح للأفراد حق الإنتفاع بالأرض بنظام المواطنة وليس بالقبيلة بمعنى أن أى شخص يسكن فى حاكورة ما ولم يكن هو فى أصوله من أصل اهل الحاكورة أو من قبيلتهم يحق له إمتلاك أرض على المستوى الفردى لأغراض الإنتفاع ودائما يتم منح قطعة الأرض بواسطه الإدارة الأهلية، وبهذا المنح أو الهبة يحق للفرد الإنتفاع بالأرض سواء كان لأغراض الزراعة أو الرعى أو البستنة وتصبح هذه الأرض ملكا له ولذريته من بعده، ولا يتم نزعها منه إلا بمقتضى قانون (دالى) والذى ينص بحق شيخ القرية فى التصرف فى الأرض التى تركت بورا لمدة ثلاثة أعوام متتالية، وهذا القانون يعتبر هو المرجع الأساسى والرئيسى فى التعامل مع الأرض فى دارفور[9].
· وتأسيساً على ماسبق ، فقد أصبحت دار بني حسين من أشهر مناطق التعايش السلمي والانصهار القبلي والرباط الاجتماعي الذي يندر مثله في ظروف دارفور الراهنة و ذلك نتيجة للإستقرار والأمن الذي ظلت تنعم به دار بني حسين طيلة فترة الحرب و نتيجة لترحيب وإستقبال وقبول أهلها للتعايش مع الآخرين والعمل على حمايتهم. لذلك إزاد عدد السكان المنطقة،حيث بلغ تعدادهم (169,00) نسمة، حسب التعداد السكاني لعام 2010م.وتعزي الزيادة الكبيرة في عدد السكان نتيجة للنزوح الذي حدث من المناطق المجاورة ومن الولايات الأخرى مثل جنوب دارفور.
· ومن أهم القبائل التي تقطن بدار بني حسين على سبيل المثال نجد: قبائل الرزيقات، خاصة (المحاميد والماهرية)،بجانب الحوطية، المسيريه، بني هلبة ،القمر،الدروك،اولادزيد،أولادمانا،الصعده،الترجم،الك روبات،الزغاوة،الفور(المادنقا)،التنجر،الع طيفات، الشطية و التاما وغيرهم.وهكذا ظل التعايش السلمي و التماسك الإجتماعي السمة الأبرز للسكان بداربني حسين من رحل ومزارعين، لا يعكر صفوهم إلا فترة الحصاد (الطليق) و غالباَ يتم تجاوز تلك المشكلات و الصراعات التي تحدث بين الاطراف بالحكمة والأعراف وجبر الضرر.
///////////////////////////////////////////////
الهوامش:[1] بريمة حامد يعقوب(رحمه الله) ، معلم سابق، مقابلة شخصية، كبكابية،2001[2]. عبد الشافع عيسى مصطفى احمد شطة، دارفور: الأرض و الحواكير.
[3] . الراوي السابق.
[4] . انظر نور الدائم مستور، ملامح من تاريخ بني حسين، ص19
*ملحوظة: اشرف على وضع الحدود الادارية لدار بني حسين المستر مور، مفتش مركز كتم بوجود الناظر حامد يعقوب.
[5] . أحمد مهدي حامد ،رئيس محلية السريف ، مقابلة شخصية ،1996م.
[6] . الراوي السابق.
[7] . تقرير محلية السريف، 2010م.
[8] . عبد الشافع عيسى مصطفى ، مرجع سابق.
[9] . نفسه.
مواقع النشر (المفضلة)