المختصر عن تاريخ وتراث قبيلة بني حسين
نماذج من أنماط الشعر الشعبي
· غني عن القول أن لكل قبيلة تراثها الذي تفتخر به فهو يحكي عن آدابها الشعبية وعاداتها وتقاليدها ومعارفها ومعتقداتها وثقافتها المادية والتي تشكل لنا (الفولكلور) بشكل عام، وبني حسين كمجموعة ثقافية لها فولكلورها الخاص الذي يعبر عن روحها ووجدانها وقيمها ومثلها. ويمثل الشعر الشعبي من أهم أجناس علم الفولكلور.
· يمتاز الشعر الشعبي في دار بني حسين بالثراء والتنوع ويتعدد الشعراء بتعدد أنماط الشعر فنجد أن أنماط تؤدى غنائياً أي (شعر مغنى) ويلاحظ أن الشعر الشعبي في دار حسين لم يكن محصوراً في أغراض بعينها إذ تتداخل موضوعاته. ويمكن القول أن أهم الأغراض الشائعة تتمثل في المدح وله عدد من الموضوعات المتداخلة كالفخر والحماسة بالإضافة إلى الغزل والهجاء والشعر الديني كالنصح والإرشاد وغيرها. ويمكننا القول أن أهم أنماط الشعر الشعبي بدار بني حسين تتمثل في الآتي:
(1) مشكار الخيل:
· يعرف الشعر الذي يقال في مدح الخيل بالمنطقة (بمشكار الخيل) ويلاحظ تفاؤل بني حسين بتربية الخيول(فالخيل عندهم في نواصيها الخير)، لذلك حظيت الخيل باهتمام الشعراء ، وكان الحصان (سعدان) أشهر خيول المنطقة ، حيث ذاع صيته على نطاق واسع في دارفور وشاعت في كل المحافل الأشعار التي تمجد سلالته[1]:

كجر.. كجر بنات سعدان
ومن نماذج مشكار الخيل بالمنطقة قول الشاعر عيسى داؤود:[2]
الله أكبر يا قدر بنات سعدان
عتاد الجهاد من زمن البنيان
في ظهورهن اسود فـرسان
بيحملوا الطعن بتكبدوا النيران
وفي موضع آخر يبرز الشاعر عيسى داؤد دور الخيل في الزفات والمهرجانات القبيلية فيقول:[3]
يوم مهرجان نيالا قلوبنا ما بنسنا
علم القيادة خلينا إتــولـنـا
لنـاظرنا الجدى قدام النظار قدمنا
شاعرنا عبد الرحمن في المنصه غنا
نـحـاس الـعـز بصوت الفخار رنا
وفي قصيدة أخرى يقول الشاعر عبد الله النونه:[4]
الخيل ليهــن رنـــة
والــخـيــل ليهـن طنه
زراعـيـن بــنـا لــيه بيت
و الخيل فـرتقنه
زراعـيـن وقـا ليه جرن
و الخيل دقـدقنه
وفي موضع آخر يقول النونة:
شـدن خلينا
وتمن بالدانة
ناظرنا الجدى
صحب الفخامة
كلمتك مسموعة
محل النظارة
(2) شعر وغناء الكاتم:
الكاتم نمط من أنماط الشعر الشعبي التي تؤدى غنائيا من قبل الحكامات. ويصاحبه الرقص من الجنسين بمشاركة التصفيق وهز الرقبة. ومن نماذج غناء الكاتم في دار بني حسين قول الحكامة (بالي):[5]
أبو ناصر فرع البان الأسد النتار
الرجال خلو القول اعمروا الدار
وفي موضع آخر تقول:
الدانـة بـكـت دايـرة الـفــراس
دايـرة الفـارس البحمل الدخان
الـفارس أنـا بـرفع لـي راســي
والخواف بـشوتا بـي كـراعي
وتقول الحكامة(أم بكوتي):[6]
دواس الغار ملية رجالة
ولدم نعمات شولو لي تاره
(3) شعر وغناء السنجك:
شعر السنجك من الأنماط التي تؤدى غنائياً وبصورة جماعية يشترك فيها الشباب من الجنسين. والشاعر الذي يتخصص في هذا اللون يعرف (بالسنجاكي) وهو المدير الذي يقود الرقصة بغنائه. وتؤدى هذه الرقصة غالباً في الليل، وتتمثل أهم أغراض وموضوعات نمط السنجك في المدح والغزل والهجاء ومن نماذج شعر السنجك في دار بني حسين قول الشاعر (دكوه) في مدح بني حسين:

أنحنا بني حـسين أشرف القبايل
بي نحاسنـا بنقر وبـى بدونا ساير
وبتنـا حمـرة أريل تامة الجمايل
وجدنا شريفـي فوق الجنان ملخاير
وكفتيرتنا فوق النار وحتى ألميها فاير
أما الشاعر عبد الله إدريس (أندجة) فيقول عن بني حسين:
أنحنا بني حسين يوم كلنا لمينا
النحلة الغبشـة فـي الوجوه بقينا
النصر والانا المكذب يشـيف بي عـينـا
وفي قصيدة أخرى يقول الشاعر موسى برقاوي:
بـنات مزروب كـبابو الـصفـر[7]
أم مية خت جبريل حمرة غزال البر
أبوها تورجاموس أبو قرنا كجر
ويقول الشاعر أحمد مهدي في قصيدته:

يا جميلة الصورة المن الذنوب مغفورة
زهــيـره جـكسا مدرج الـكــورة
مـشـتولة خـضـرة بــلـدها ممطورة
فــايـزة فــي الـبنـات ليهـا دبـورة
(4) شعر وغناء الزحيح:
يؤدى هذا النمط أي الزحيح غنائياً وهي رقصة شبيهة بالكاتم ولكنها بطيئة نسبياً في ايقاعها ومن نماذج هذا الغناء قول الحكامة:
خــينـا الـدوم[8] أليتـا بارد له
فـريع الكافور بي جناينا قمـا
اللابـس الـكســتـور بخـته لي دخـر
ومن نماذجه كذلك:
الــفـراق قـاسي صعـب بين دارين مـا في وعــد

(5) أغاني النحاس والنقارة:
يمثل النحاس رمز العزة والفخار لبني حسين ويعتبر عنوان تاريخي لها، وتؤدى أغاني النحاس في الاحتفالات والزفات والأفراح ومن نماذج أغاني النحاس قول الحكامة مريم (الجيك) التي تروى هذه الأبيات:[9]
الشبيكةعده. العطاش بلد جده
البيابي العيب بالروح بسده
دربه وعر بلحين ياتوه بيا عده
الـهجـين الـبتـزقل بي شـــــده
عِــزه قـديـم ما دهــابة جَــدّه
وتقول الحكامة زهراء حامد لأخيها:
سـلامي لـيـه أبو قـلـاً ســندالـه
أبــوه سلطـان وأهـلـه جـبـاره
أبـو أم بكوتي قبل تعال دار الناس هـبـالة
أما الحكامة مريم حامد (تُسه) فتقول عندما سجن اخوها ظلماً:
السجن حق الرجال أبو قلباً سنداله
أبو الفاتح تور جاموس حق الرجال
أما رقصة وغناء النقارة فهي من أكثر الرقصات المحببة لدى الجمهور حيث تؤدى المناسبات والأفراح ولنقارة بني حسين إيقاعات مميزة منها (سايرة) و (كبيرة رقد) و (قبا).ومن نماذج غناء النقارة قول علي محمد عثمان في مدح أعمامه:[10]
قنطار الأجنة.. أبو ناصر قنطار الدهب ناظرنا
بريمة حامد مثل العرب الناس ضاربنا
أبو يـاســين سـاعة الـزمن.. صار فنـا
أبو حلوم شباك الحكام الكبار والصغار عارفنا
أبـو أم بكوتي بالجود والكرم واصفنا
حـاج مهدي الــرجل الحكيم في حكمنا
فـقـيدنا هـاشم كان هـمـا البلد تتنمّا
(6) شعر وغناء الطمبور:
يعتبر الطمبور من الأنماط الشعرية الغنائية القديمة بمنطقة السريف بني حسين وهو يختلف تماماً عن الطمبور في شمال السودان وشرقه؛ فهو يؤدى بمصاحبة الصفقة والكرير عوضاً عن آلة الطمبور ويقود الشاعر الرقصة بغنائه. والأمر الملاحظ أن أداء الطمبور بدأ يقل تدريجياً في المنطقة وكاد يختفي في الساحة الشعرية والآن يوجد عدد قليل من محترفي هذا النمط. ومن نماذجه قول الشاعر موسى بريمة كرتال:[11]
شـتيلة الليمون الفي بـلدنا قايـمـة
حـليلك الوزين.. الفي البحور عايمة
وفي موضع آخر يقول:
شتلة الشتيل القايمة جنب النيل
الحمام أرمي لـيَّ تـقــيل
(7) شعر وغناء الدوبيت:
يعتبر الدوبيت من الأنماط الشعرية الشعبية الواسعة الانتشار على نطاق واسع من ربوع السودان وقد تختلف مسمياته من منطقة لأخرى ويعرف هذا النمط في دار بني حسين بشعر (الرمية)[12] ويلاحظ أن هنالك بعض الاختلاف في شكله عن الشكل المعروف للدوبيت عند الباحثين والدارسين. ومن نماذج الدوبيت أو الرمية بالمنطقة قول الشاعر (النونة):[13]
طـريق أم قـجـة[14] القـفـل على الأيــام
حــليلك يا بــنية أهلـك منعونا السـلام
حكمونا بالشريعة وحكم الطواري دهابة قام
(9) أشعار البرامكة:
ينتشر تنظيم البرامكة بين أفراد البقارة في غرب السودان عموماً و(البرمكي) هو ذلك الشخص الظريف الكريم ذو المروءة والشهامة والأخلاق النبيلة.والبرمكة معناها الواسع تندرج تحت كل الصفات التي ترفع من قدر المرء أمام المجتمع.[15]
الجدير بالذكر أن هذا التنظيم كان موجود بصورة فاعلة في السابق بمنطقة السريف بني حسين، ولكن الأمر الملاحظ الآن اختفاء التنظيم بصورة واضحة ولا يمارس عمله إلا نادرا، وعن هذا التنظيم ومفهومه لدى العامة بالمنطقة يقول الشاعر عبد الرحمن آدم الساير:[16] "البرمكة عندنا ثقافة للشباب والشابات وهي اجتماعات للأفراح والطرق وعبارة عن مؤتمر ثقافي، يطربوه الناس وهم جالسين وفارشين ورايقين ويشربوا الشاي ويقولوا في الشعر في موضوعات الساحة والحقائق في المجتمع.
تجدر الإشارة أن لهذا التنظيم قوانينه ولوائحه وأعرافه التي تحكم المجلس ولها اثر اجتماعي عميق، حيث توجه تلك الضوابط الفرد نحو احترام النظام والخضوع لرأي الاغلبية والحث على التعاون بين أفراد المجلس. ومن نماذج هذا النمط في المنطقة قول أحد الشعراء والذي يذكر في أبياته بعض فروع قبيلة بني حسين:

الهبوا نار.. والسمح جلجاله وفوق الكبابي مجاره
انا كـن بالي.. ارسل لي تلاته جـمال عـدالـه
يــشربوك ولاد بني حـسين مقيـمين وسـياره
يـشربـوك ولاد بـلول سـيـاد الـنظـاره
يشربوك ولاد موسى سرفايه الجود جلجاله
يــشربـوك ولاد سـلمى لـلدار جــباره
&&&&&&&
الهوامش:

[1]. عبدالرحمن ادم الساير، من أشهر شعارء بني حسين، يقول الشعر الشعبي في مختلف الأغراض الشعرية..

[2]. عيسى داؤود عيسى، طالب بجامعة الفاشر،28 عام، السريف بني حسين،2001م،مقابلة شخصية.
[3]. المهرجان المقصود هو مهر جان الامن والتعايش السلمي الذي عقد بنيالا في علم 1997م.
[4]. عبدالله النونة، شاعر شعبى، السريف بني حسين،2001م،مقابلة شخصية
[5]
. بالى هي مريم أبكر محمد، شاعرة شعبية(حكامة)، السريف بني حسين،2001م.
[6]
. أم بكوتي: هي الحكامة خديجة محمد حامد (رحمها الله)، السريف بني حسين.
[7]
. مزروب : احدى المناطق بدار بني حسين.
[8]
. الدوم: يقصد به البيت.
[9]
. مريم (الجيك): شاعرة شعبية مشهمورة بالسريف بني حسين، منطقة الحريقة.
[10]
. على محمد عثمان، الملقب ب(تبجكي) أحد شعراء المنطقة الشباب.
[11]
. موسي بريمة كرتال، أحد شعراء المنطقة المشهورين.
[12]
. المصدر: احمد مهدي حامد، احد قيادات منطقة السريف و المهتمين بالشعر.
[13]
. النونة ل:شاعر شعبي بالمنطقة.
[14]
. أم قجة: و يقصد به الجمل.
[15]
. الصادق محمد، البرمكة و البرامكة في غرب السودان.
[16]
. عبد الرحمن أدم الساير: من أشهر شعراء المنطقة يقول الشعر في مختلف الأغراض.




klh`[ lk Hklh' hgauv hgaufd