هجرة أولاد حميد الى السودان

هل وصل البقارة إلي موطنهم الحالي عبر طرق النيل ام جاؤوا من الجنوب والجنوبالشرقي الي منطقة شارى وبورنو و واداي من جهة شمال أفريقيا ومن هناك انتشروا شرقاً صوب النيل ؟ هكذا يقول ماكمايكل :
وبعض البقارة يقرون بأن أجدادهم أتوا مباشرة من " تونس" و" فزٌان" مع ابلهم إلي غرب دار فور . وعند سرد شجرة نسبتهم أو تاريخهم ، يقول البعض منهم : إنه جدٌ مخصوص منهم هو الذي جاء بالقبيلة إلي " برقا" ( يقال انه جمعان العويصى زعيم بنى هلبة ، كان دليلا لهذه القبائل فى دخولها الى السودان ، كما قاد حميدان أبوهزله قبائل المسيرية والحوازمة وأولادحميد فى دخولهم لاحقا الى كردفان ) ومن ثم إلي واداي وكردفان . أولئك ، الأسلاف عاشوا هناك من خمسة إ‘لي تسعة أجيال ومن أجدادهم تشعبت البطون.
ولا مجال للشك أن نقول أنٌ فئات من هؤلاء العرب اندفعوا ، في موجات هجرة تجاه الجنوب – من تونس والجزائر والمغرب نحو وسط أفريفيا في القرون التي تلت غزو الملاليين لشمال أفريقيا، وقصص أبو زيد الهلالي التقليدية التي نسمعها من البقارة تلقي الضوء علي تلك الأحداث . ولدينا روايات أكدها ابن خلدون بأن جهينة – في النصف الأول من القرن الرابع عشر – تقاطرت عبر بلاد النوبة وتوغلت بعيداً تبعاً لأماكن هطول الأمطار . والمؤرخون المحدثون يرجحون بشدة وجهة النظر التي مفادها بان قدوم البقارة كان من جهة المشرق . ويقول بارث بأن " الشاوا" أي " الشاوية" طائفة من عرب البقارة أطلق عليهم هذا الاسم محلياً في بورنو وباقرمي وتشاد ومن هؤلاء أيضاً السلامات .
وهجرة هؤلاء العرب من الشرق أمر لا ريب فيه إذ تقدموا تدريجياً عبر الجزء الشرقى من بلاد الزنج ولهجتهم تختلف من اللهجة المغربية مع أنهم فى أوجه كثيرة يحافظون على نقاء وفصاحة لهجة الحجاز . والشاوية ينقسمون إلى أسر وعشائر مميزة وفى بورنو يتراوح تعدادهم من 200.000 إلى 250000 نسمة . ويضيف بيرث بأنهم فيما يبدو هاجروا من الشرق فى أزمان موغلة ولو أننا فى الوقت الحاضر لا نجد أدلة تاريخية لتواجد أولئك العرب فى بورنو قبل حقبة إدريس العومى من (1571م ــــ 1603) . ومما ذكره أنظمة الدية وعادات الإناث كتقاليد تربط السلامات " الشاوا " بمجتمع الشرق . وذلك طبقاً لما ذكره السيد " م . كاربو " الذى قسم " الشاوا " إلى مجموعتين : واحدة من الشمال والأخرى مجموعة جهينة من الشرق ومما لاحظه أن كلمة " نوبه " تطلق على الأهالى المسلمين من غير العرب . وهذا مما يعطى بعداً للتيار التقليدى الذى يرى بأنهم إستقروا مؤقتاً فى السودان . وبنفس الطريقة هذه العادة سائدة عند أولئك العرب الغربيين حيث يطلقون على الكابنو أسم " الهمج " وهذا يشير إلى الإرتباط الوثيق مع قبائل جهينة والتى وصل تعدادها فى القرن السادس عشر إثنتان وخمسون قبيلة فى أرض سوبا على النيل الأزرق إبان حكم الفونج ولو أن أغلب هؤلاء فى الغرب.
ومجموعة جهينة الرئيسية قدمت من الشرق كرعاة إبل فى القرن الرابع عشر وما يليه وتوجهوا دائبين فى سيرهم حتى بلغوا " بورنو " ولكن كم من الزمن مضى على تحرك فروعهم جنوباً وأصبحوا " بقارة " هذا ما لا نعرفه . ومجموعة كردفان سبقتها المجموعة الجعلية التى ولجت من ناحية دنقلا . وتلك المجموعة " الكردفانية " إستقرت حول الرهد والبركة وتزاوجت مع " النوبة " ، ومجموعة جهينة هذه صارت رعاة أبقار فى الريف الغربى بكردفان . وفى تاريخ متأخر يقدر بخمسة أو ثمانية أجيال كانت هنالك حركة نزوح لجهة الشرق بسبب الظروف السياسية التى ألهبت العداء فهاجرت مجموعات من البقارة ليؤآزروا أبناء جلدتهم فى جنوب كردفان . وبقارة الغرب هؤلاء عاشروا بربر شمال أفريقيا المستقرين وهذا رسخ إنطباعاً فى الأذهان بأن البقارة لم يدخلوا عن طريق النيل بل من ناحية تونس .
موقعة شقة الناقة
مثل معظم القبائل العربية في السودان فقد كانت هجرة أولاد حميد ضمن المجموعة الجنيدية عن طريق الأربعين إلى ما يعرف في شمال دار فور الآن بوادي شلنقو والواحات والآبار حوله في الصحراء وكانوا كشأن بقية مجموعتهم أصحاب ابل لم يتحولوا إلى رعي الأبقار بعد ،وكان ذلك في أغلب الأحوال بعد خراب الأندلس وخراب دويلتهم فيها ،والتي لم نجد لها أثرا" موثقا يستحق الذكر ، وأقاموا في هذه الصحراء ما شاء الله لهم حتى حدث النزاع المشهور بين القبائل الجنيدية وسلطنة خزام التي كانت تبسط هيمنتها على تلك المنطقة وهو نزاع يرويه البقارة شعرا في المساجلة التي تمت بين العريقي(1) وبين سلطان خزام والذي كان سببه استيلاء السلطان ومصادرته لناقة ( العريقي فن) المشهورة بغزارة انتاجها من اللبن فقال له العريقي ( الساير عطية – إشارة إلى أبناء عطية رزيقات ومسيرية وحوازمة والمقيم حيماد إشارة إلى أبناء حيماد أولاد حميد – تعايشة هبانية وسليم ، والدخان البتلتل(2) ده راشد الولاد – إشارة إلى أولاد راشد – ما بتاكل ناقتي يالخزامي الداج(3) ) فرد عليه السلطان ( كان تلموا جنيد ومجنود وأخوكم سلامة المعتوق كور الغنم ما بقابل جبين الدود ) يعني ( لو جمعتم جنيد هو جد المجموعة الجنيدية المشار إليها واخيه مجنود هو جد الشكرية والكبابيش والحمر وبني جرار وسلامة هو جد السلامات ، تحدى السطان العريقي الذي أشار إلى أبناء عمه الجنيديين ( أبناء حيماد وعطية وراشد) فزاد عليهم السلطان أبناء عمهم مجنود وشبههم جميعا بقطيع الأغنام الذي لا يستطيع مقابلة الأسد ويعني به نفسه , وهكذا طارت نذر الحرب بعد ظلم السلطان البين وتجمعت قبائل جهينة جميعا وأحاطت بالسلطان وجيوشه إحاطة السوار بالمعصم وهزمت خزام هزيمة تفرقت على أثرها بين السودان وشاد .
للوصل الي صورة واضحة عن تحرك البقارة يمكننا أن نرجع لما سطرته الحكايات الشعبية والتراث الشعبي لتلك القبائل. فالحكاية الشعبية المعروفة ب"شقة الناقة″ وٳن كانت تختلف في صيغتها بين غرب السودان ومناطق وادي ومناطق الشوا في البرنو.......فانها تعطي دلالات هامة. فالحكاية تبدأ عند قبيلة التعايشة بالحرب التي قامت بينهم وبين قبيلة ″خزام العربية" وقد دارت الحرب بين التعايشة كجزء من الجنيديين وقبيلة خزام بسبب ناقة . وتقول الحكاية "يحكي أن رجل يدعي – عريفي فنه – كانت له ناقة حلوب، وفقد هذه الناقة فجد في طلبها في بوادي العرب. الناقة جاءت الي جماعة من خزام فلما وجدوا الناقة حلوب جدا أخفوها. فحينما جاءهم صاحبها يسأل عنها – وقد عرف سلفا أنها عندهم – أنكروا وجودها عندهم ولكن أخيرا اوضحوا له أن ناقته لا يمكن أن ياخذها منهم. فلما عرف موقفهم هذا قال يهددهم بقومه من أبناء جنيد:
الساير عطية والمقيل حيماد
النقارة تدبدب راشد الولاد
الناقة وين تقع بيها يالخزامي قراد
فرد عليه الخزاميين بقولهم:
كن تلموا جنيد ومجنود
وأخوكم سلامة المعتوق
كور الغنم مابقايل جبين الدود
وبعد ذلك يقال بأن الرجل كوي بعيره بوسمين "السامع" و"الدامع" [يرمز بهما الي موقفه أي أني باكي من الظلم] ﻹستنفار الجنيدية لنصرته، فهبوا لنصرته وٳسترجاع ناقته كلهم ومن ضمنهم التعايشة لأنهم أبناء حمياد وهو من أبناء جنيد.
وقد سمعت نفس الجزء من ﺇفتحار "عريقي" بقومه بصورة أخري يمكن أن نوردها وهي تقول:
الساير عطية والمقيم حيماد
والدكن البتلتل راشد الولاد
الناقة وين تلقاها يالخزامي الداج .
ونجد نفس الحكاية الشعبية لدي قبيلة الرزيقات "الأبالة" مع تفصيل أكثر.
حيث نجد أن حسن محمد حامد النحلة قد قام بجمع هذه الحكاية من مصادر قبيلة الرزيقات وصاغها في قالب أدبي في كتابه التراثي القيم "ناقة فني-بسوس في بادبة السودان-"........ويمكن –أن نختصر ماأورده في اﻵتي:
تبدأ الحكاية عن "فني" الذي هو من سلالة عريق الذي تعيش عشيرته علي الجانب الشمالي من وادي هور وهو وادي يقع في شمال غرب السودان-، ﺇفتقد "فني" ناقته الحلوب المدرار "عنجاء"........أخبرا عمه "هجام" والعشيرة وبدأ في البحث عنها في مضارب قبيلة خزام التي تناثرت عبر أرجاء الوادي الذي يفصل بين القبيلتين....... وذهب يسائل عنها الرعاة مرددا وصفها كلما عثر علي أحد من الرعاة بأن:
شخيرها مثل شخير الدود، حلبيها في قردود. وديدها سعن وتحته جلود..الليل ترعي ولمراحها تعود، دلوني كن شفتوها والبشارة قعود().
مضت الأيام والشهور ولم يعثر "فني" علي ناقته ٳلي أن أقبلت "أم كربيل" ذات يوم من مضارب خزام عند جبل عريفي تقصد فني، فهي ﺇبنة عمه سالم تزوجها خزام.......الذي أمره عبيده بربطها والتوغل بها في شعاب "بحور الويك"- وهي أودية كثيفة الأشجار مظلمة-وحذرهم من ان يعلم بأمرها أحد وظل العبيد يرعونها عند تلك الأودية ويأتونه بلبنها كل ليلة بعد أن ينام الناس().
ذهب فني بعد ذلك –قبل أن يخبر عشيرته- الي "شرنقو" يسأل عنها فلم يعترف بوجودها لديهم..... فجاء الي عشيرته فاخبر عمه "هجام" ...........وٳجتمعت عشيرة فني وحكمائها في دار هجام، وتمخض الراي عن ﺇيفاد رهط من حكماء العشيرة من بينهم فني للذهاب الي شرنقو لطلب الناقة بطريقة لبقة ()......لم يعترف شرنقو أيضاً ولكن أمام الحقائق الدامغة ٳعترف بوجودها لديه وهدد بأنه سوف لن يرجعها له، وفي ثورة الغضب أنشد فني مفتخراً بأهله وأجداده:
السارح عطية والمقيم حيماد والنقارة التي ترزم راشد الولاد
أين ستذهب بالناقة أيها الخزامي الداج؟.
ورد عليه ″شرنقو" ٳن ﺇجتمعوا جنيد ومجنود، ومايملك سلامة من خيل وجنود كور الغنم مابقابل جبين الدود فر عليه "فني" فقال: غداً عندما نلتقي عند القردود، ستعلم أينا الشياه وأينا الأسود(). وتمضي القصة فيقرر "فني الذهاب للاستنجاد بخؤولته، الذين يقيمون عند اسفل وادي هور وتبعد ديارهم عن ديار عشيرة فني مئات الاميال، والذين أشتهروا برجاحة الرأي وكثرة العدد والمال. وكان خاله محمود الملقب ب ″أبي غافلة" سيد القبيلة وزعيمها وعرض فني مشكلته علي خؤولته وبعد نقاشهم للأمر توحد أمرهم علي حرب "شرنقو" وﺇنطلق وفد من الخؤولة لديار عشيرة فني يعلنون ماأجمع عليه الخؤولة، وظل فني يتنقل بين البوادي والفلوات يروي حكايته وقد كان لوضع علامة علي راس بعيره [اسفل العين لتشير الي الظلم الذي لحق به]، أثر كبير في شحذ الهمم وتقوية العزائم، وعند وصولهم لعشيرة فني توحد رأيهم علي حرب "شرنقو″(). ومرت الايام وبدأت الحرب بين القبيلتين ...وكانت الجيوش تلتقي ضحي كل يوم وتنجلي المعارك قبيل الغروب فتعلن موعداً ﺁخر للمعركة القادمة().
وتمضي القصة فتوضح انه في نهاية الأمر ﺇنتصرت قبائل جهينة ممثلة في عشيرة ″فني" وخؤولته وأقربائهم وانسحب شرنقو وعشيرته حيث ﺇستقر أمرهم علي ترك الديار، وﺇتجهوا غرباً الي تشاد، ريثما تستعيد العشيرة قواها فتعود مرة ً أخري وتثأر من فني وقومه وقد وجد هذا الرأي قبولا ً فأجمعت عليه خزام.
وفي ختام الأمر نجد أن الناقة "عنجاء" التي أصبحت رمزا ً للشؤم تم عقرها بيد ﺇمراة من قبيلة خزام قبل رحيلهم تسمي "قدالة" حيث أعملت السيف في نحرها وعقرتها في عرقوبها وهرولت مسرعة الي دارها دون أن يراها أحد().
ويحكي أن "فني" قصد بعد ذلك موضع الناقة وتبعه بعض فرسان القبيلة ثم توافدت العشيرة الي هناك قبل أن تنهش النسور ماتبقي من "العنجاء". ترجل فني وجعل يتحسس جسمها عضوا ً فعضوا وجعل ينشد عدة ابيات يرثيها فيها:
بركت يالعنجاء بركة- فارس وقع ماقام
بركت يا"أم عمش" – وعم الكون الليلة كلام
بركت ياسعادة العرب- وياحكمة الأنعام
وختم قائلا ً بعد عدة أبيات:
هلكت يا"العنجاء" الليلة- وحكاية صرت بين جنيد وخزام
ومابتتنسي حكاية فني وناقته- الفرتقت بوادي خزام
ثم صمت قليلا ً وأنشد يهجو "شرنقو″ فقال عدة أبيات نقتطف منها:
ماقلت ياصاحبي الغنم--------- مابتقابل جبين الود
ومابتخشي الحرابة لولاقيت-------- جنيد وكمان مجنود
والعنجاء مابتفوت مراحك---------- ولي فنّي مابتعود
نسيت حديثا ً قلته يوم------------ضاق بي عشيرتك القردود().
هذا ونجد أن هذه الحروب القبلية، التي كانت في ذلك الزمان، أشبه بحروب العرب في الجاهلية وهي كما أسماها مؤلف الكتاب بسوس في بادية السودان. وحرب البسوس تعتبر من أعظم حروب العرب، وكانت بين بكر بن وائل، وتغلب بن وائل، وكان للبسوس خالة جساس ناقة فرﺁها كليب بن ربيعة قد كسرت بيض حمام في حماه كان قد أجاره، فرمي ضرعها بسهم، فوثب جساس عل كليب فقتله، فهاجت الحرب بسبب ذلك ، ودامت بين الفريقين أؤبعين سنة.
ونجد أن هذه القبائل ورغم تلك الحروب التي كانت بينها قد ﺇرتبطت بمصير واحد وثقافة واحدة وكانت ٳمتدادا ً لبعضها في منطقة حزام البقارة وهي لا تمثل ﺇلا ذلك النوع من التجانس الثقافي توحدا ً في تراثها العربي وتفردا ً به. فقبيلة خزام في غرب السودان أو في تشاد وبلاد البرنو في نيجريا تعتبر ﺇمتدادا ً لثقافة البقارة وتأصلا للجذور العربية في هذا المنطقة.
الاستاذ محمد موسى محمود عن دخول العرب الى دارفور ومسألة الحواكير فى كتابه ، حديث الطبع ، . صفحات من تاريخ دارفور .
وقد ظهر أن العرب كانوا يوجدون منذ زمن بعيد حول المياه في واحات وآبار الصحراء، على طول درب الأربعين، في مسافات متباعدة وعلى الدرب الآخر أيضاً. وقد جاء ذكرهم، وذكر وجودهم، في مناطق تقع إلي الشمال من دارفور، منذ القرن الثامن الهجري - الرابع عشر الميلادي، في قول مصطفي محمد سعيد: (أما في الغرب فإن عرب جذام وغيرهم من المهاجرين من مصر جنوباً، اجتاحوا مملكة الزغاوة، حتى سيطروا على منطقة دارفور الشمالية واتخذ أولئك الأعراب من هذه المنطقة قاعدة لشن غاراتهم على ما جاورها من أقاليم، حتى مملكة برنو في الغرب).
كيف تحولوا الي بقارة
بعد معركة شقة الناقة واستتباب الأمر لجهينة ومن معها من القبائل ،نشب نزاع جديد بين الجنيديين أنفسهم فأنقسموا فريقين الأول بقيادة الرزيقات والآخر ضم المسيرية والحوازمة وأولادحميد ، وبعد قتال استمر ثلاث سنوات انهزم فريق أولادحميد فأضطروا للنزوح الي وداي في شاد ، وهكذا بدأ فصل مهم في حياة هذه المجموعه ومن لحق بها فيما بعد من تعايشة وسلامات وبنى هلبة وخزام وغيرهم ، وذلك بأجبارهم على التأقلم القسري مع أقليم السافنا بيئة معيشتهم الجديدة .هذه الحرب كانت سببا أساسيا لكنها لم تكن السبب الوحيد فهناك أسباب وعوامل غيره ، منها :
1 : الضريبةو الأتاوات التى تفرضها الممالك والسلطنات على الذين يقعون تحت سلطانها ، معلوم أن البدو فى كل العصور يعدون من أكثر شرائح المجتمع تهربا من دفع الضرائب لأحساسهم بأنها تمثل مغرما لا عائد من ورائه فضلا عن كرههم القديم لبيع جزءا من قطعانهم لأي سبب وقد دونت مقولتهم الخالدة هذا الشعور لديهم بوضوح وصدق (نقبل المال رزايّا ولا نقبله عطايّا ) .
2 : حزام السافنا غني بخيراته اذ يمثل لهم اغراءا لايقاوم بما يوفره من معيشة سهلة غير مكلفة مثل الطرائد من غزلان وجاموس وتيتل ومها وأرانب وزراف و دجاج برى وطيور متنوعة مثل الحبار والدباس والقمرى وأبومنقور وغيرها من أنواع الطيور ، ثم أنه غني بالحبوب سهلة الحصاد مثل الأرز البري والدفره وأشباه الخضروات مثل العقش والفايو والشنقل ودقن التيس والثمار الطبيعية ذات القيمة الغذائية العالية مثل القضيم والنبق واللالوب وأم مديكة والعرديب والتبلدى ،فضلا عما توفره هذه البيئه الجديدة من أعشاب التداوى ، وأهم من كل هذا ما أضافه حزام السافنا لأقتصاديات هذه القبائل لأشتماله علي مصادر جديده مدره للدخل توفر عليهم قطعانهم فلا يضطروا لبيعها لأغراض الحصول على النقد أوالتبادل التجارى للكساء أو شراء الخيول والسلاح أو الحبوب وبعض مستلزمات المعيشة، وذلك بتوفر قطعان الأفيال التى برعوا فى اصطيادها والأتجار فى أضراسها حتى وصلوا مرحلة يعاب على الرجل الذى لم يجرب (دواس)الفيل ،كذلك لحوم الزراف وجلود النمور والأصلات .
3 : وهي أيضا مناطق تتميز بوفرة المياه والمناطق الزراعية والغابات التي توفر الأعواد والعصي واللحاء الذى تصنع منه الحبال للتحميل على الرواحل أو لربط الحيوانات للسيطرة عليها وتأديبها ، أو لصناعة البروش والشكاكيب والسفاين والقفاف وجولات الليف واللحاء.
وبعد أن ﺇنتقل الرعاة العرب من المناطق الساحلية في الشمال الي مناطق السافنا ، بعد شقة الناقة والحرب الاهلية في وادي، واجهوا ظروف بيئية مختلفة وكان لابد أن تحدث تغيرات عديدة في طرق وأساليب حياتهم حتي يواكبوا بيئة السافنا الجديدة، وشمل ذلك تغيراً ثقافياً واسعاً، وتبعه تغيراً ﺇقتصادياً كان لابد منه في وسائل معيشتهم والتي كانت تعتمد أساسا علي رعي اﻹبل وكانت أمامهم ثلاث ﺇحتمالات للبدائل: .

1. نوع من الحياة الزراعية كما يمارس بواسطة المزارعين المستقرين.
2. حياة بدوية تكون فيها الماشية الحيوان الأليف الأساسي.
3. حياة زراعية رعوية....تحتوي النظامين السابقين
والواضح أنهم ﺇختاروا البديل الثالث حيث أن حياتهم الحالية تعتبر زراعية رعوية.
ولم يكن هذا التغير وليد اللحظة ، وﺇنما كان عبر فترات طويلة وبعد أن قامت علاقات تداخل بين العرب والرعاة ورعاة الماشية والمزارعين المقيمين في النيل ـ صحراوييين مثل البرتي، الفور، الزغاوة، والمساليت الذين يمارسون الزراعة علي حدود مناطق الساحل (الشمالية) ولأجل الحصول علي غذائهم ﺇعتمد البدو علي تبادل الفائض من منتجات الحيوان بمواد الغذاء النباتية. فبذلك نجد أن رعاة اﻹبل قد ﺇعتادوا علي نحو ماعلي زراعة المحاصيل رغم عدم قيامهم بزراعتها في مراحلهم الأولي. وبالنسبة لمعرفتهم بالماشية فيمكن أن يكونوا قد شاهدوا تربية الماشية في مناطق قربية منهم في شمال دارفور وذلك قبل ﺇزدياد رقعة التصحر، ولكنهم أيضا لم تكن لهم الدراية بأساليب تربيتها، فالماشية تحتاج لسقيها كل يومين في المتوسط ولاتتأقلم مع البيئة الجافة او القاحلة. وتربية الماشية كنظام ﺇقتصادي مهم لم يكن معروفا لديهم في المناطق الساحلية فالكواهلة والكبابيش في كردفان، مثلاً، أدخلوا تربية الماشية مؤخراً فقط عام 1930م بعد حفر اﻵبار الحديثة.
ونخلص من هذه النقاط الي ان الرعاة العرب الذين ﺇنتقلوا من الساحل الي مناطق السافنا خلال الثلث الثاني من القرن السابع عشر لم تكن لديهم المعرفة الكافية بطرق الزراعة وتربية الماشية وكان عليهم أن يتعلموا وسائل جديدة لم تكن معروفة لديهم حتي يتواءموا مع الحياة الجديدة.
والروايات الشفهية التي سجلت ذلك التحدي الذي قابل أسلاف البقارة عبرت عن ذلك بقولهم "هلك كثير من الناس وبقي الأقوياء"....وذلك يوضح أن ظهور ثقافة البقارة صاحبته ظروف ومعوقات كثيرة حيث فقد الكثير من العرب ﺇبلهم ﺇما نتيجة للانهزام العسكري أو نتيجة للظروف البيئية غير الملائمة، ولم تكن أسراب الضأن والماعز، التي بقيت لديهم، كافية لتأمين قوتهم ومعيشتهم........ وفي هذه الظروف ظهرت مناطق السافنا الغنية بالطرائد والصيد والنباتات كمناطق للخلاص وكان اﻹغراء كبيراً.
لقد كان الصيد علي ظهر الخيل من الممارسات التي يفخر بها العربي. بالنسبة لأسلاف البقارة أصبح هذا النشاط من النشاطات الأساسية لكسب قوتهم ومعيشتهم. وحتي اﻵن عرف احفادهم بأنهم أشجع صيادي مناطق السودان الشرقي. ومعرفتهم بالنباتات الصالحة للأكل تعتبر أوسع ﺇذا قورنوا بمعرفة قاطني تلك المنطقة. من وسائل الدخل أيضاً كان اﻹغارة علي سكان السافنا من المزارعين بواسطة محاربي البقارة. وكانت غنائمهم من مواد ثمينة مثل العاج، والعبيد أو الرقيق بصفة خاصة، تباع للتجار ـ جزيئاً لتبادل بالسلاح الأروبي أو الشمال الأفريقي مثل السيوف ذات القيمة العالية والدروع.....الخ مما عضد من كفاءتهم العسكرية . ويمكن القول بأن هذه الثلاث أنواع من النشاطات مثل صيد الحيوانات والاسماك، والنباتات الصاحة للأكل واﻹغارة مكنتهم من التغلب، علي الاقل جزيئاً، علي النقص في مصادرهم اﻹقتصادية في المرحلة الأولي عند بداية تحولهم الي رعي الأبقار.
ومن ما يجدر ذكره أن العرب خلال تجوالهم دخلوا الأرض الطينية فقال دليلهم : ( الأرض دى كن لانت إن مقت وكن يبست انشقت ) وهي صفة لا تنفع مع تربية الإبل فبدأ التحول التدريجي إلى تربية الأبقار .(1)

كيف تعلم أسلاف البقارة تقنيات تربية الماشية وممن؟؟؟:
إقتصاد البدو :
جاء في كتاب البدو الرحل عبر التاريخ عن اقتصادالبدو الرحل :
من الضروري التأكد على أن العديد من ميزات الاقتصاد البدوي ، و الاقتصاد نصف البدوي خصوصا ، هي صفات مميزة ليس فقط للبداوة و انما أيضا لأنواع تربية الماشية البدوية نمطا اقتصاديا – ثقافيا مستقلا ، أي ، حسب تعبير كارل ماركس ، أسلوبا في الانتاج ، اذا اعتمدنا على مظهر النشاط الاقتصادي فقط . فليست البداوة سوى ظاهرة تاريخية هامة ، لا يتلخص جوهرها فقط في أسلوب ادارة الاقتصاد ، و انما يمكن و قبل كل شيء ، في وجود مجموعة علاقات اقتصادية – اجتماعية خاصة ، و تنظيم اجتماعي عشائري و بنية سياسية .
نشأت البداوة في ظل تقسيم كبير و دوري للعمل . فظهرت على قاعدة اقتصادية انتشارية أنظمة السلطة ، و تنظيمات المجتمع و البنية الاجتماعية الخاصة بها . و تميز نمط حياة الرحل بتناوب الحروب و فترات الهدوء النسبية .
و يستخدم مصطلح ( الانتشارية ) عادة لوصف اقتصاد المجتمعات التي تحصل على وسائل البقاء عبر النشاط الاقتصادي الجمعي أو المنتج البدائي . فعلى سبيل المثال يتطور النشاط الاقتصادي للصيادين و صيادي السمك و قاطفي الثمار على أساس انتشاري كمي فقط .
تربية الماشية ورعايتها تحتاج الي مهارات وأساليب مختلفة عن تربية اﻹبل لذلك لم يكن من المتوقع ان يطور العرب في مناطق السافنا هذه الوسائل من أنفسهم وكان لابد من أن يثأثروا بالسكان المحليين من العناصر الأفريقية في البيئة الجديدة من حولهم ويكتسبوا منهم الكثير ليواكبوا مسيرة الحياة في تلك المناطق.
وكان السؤال الكبير عن ماهي تلك العناصر التي نقل منها العرب وسائل تربية الماشية مجالاً للبحث المتواصل. والواضح أنه لابد من الرجوع للعناصر التي كانت موجودة في مناطق البرنو ووداي ، المناطق التي شهدت بدايات التحول لثقافة البقارة. والتي كانت لها الخبرة التامة بتربية الماشية.
ويقول الكتور عادل عبدالرحمن محمود ( ولا شك أن موضوع العوامل التي أثرت في تكوين ثقافة البقارة يحتاج الي مزيد من البحث واﻹستقصاء خاصة وان الموضوع برمته مازال بكراً ويحتاج الي مقارنة التراث الشعبي لكل القبائل المحيطة بقبائل البقارة للوصول للعناصر المشتركة والمختلفة والتأثير والتأثر الناتجان عن ذلك ).
ويري ٳرليخ بروكمبر في محاولته الوصول للمجموعة العرقية التي ٳقتبس منها العرب طرق وتقنيات تربية الماشية بأن معظم المزارعين الأفارقة في منتطقة حزام السودان الشرقي للسافنا الجافة يفتقرون المعرفة بتربية الماشية وفي المنطقة الللصيقة الرطبة من غابات السافنا تجعل الظروف الجيوـ طبيعية من تواجد مرض "الترابنزوما" والذي ينتقل بواسطة ذبابة التسي تسي، تربية الابقار عملية مستحيلة. وفي جيوب معينة يتم تربية الأبقار (عديمة السنام) ذات القرون القصيرة Bos brachyceros)) التي لها مقاومة عالية ضد مرض ال "ترابنزوما" ويكون ذلك مثلاً لدي قبائل "سارا" في المنطقة بين نهر السلامات وجبال "جيورا"وقبائل "جنجي" في دار فرتيت والنوبه "الكواليب" . ولأسباب عديدة، وبخاصة دليل علم الحيوان، فأن نسل الحيوانات الخاصة بهؤلاء المزارعين المستقرين لا يمكن أن يرتبط بالنوعية الخاصة بالبقارة، والذين منذ البداية عرف عنهم ٳمتلاك الأبقار ذات القرون القصيرةbos indicas) )short horn zebu.وكان هذا هو نفس النسل الذي يربيه أيضاَ من يسمون بالفلاتة، وهم "فلبي" بلاد السودان الشرقية.
أماالنوع ذو القرون الطويلة(long horned zebu) فلم يتم ﺇدخاله بصورة ملحوظة في منطقة السودان شرق"شاري" قبل نهاية القرن التاسع عشر وذلك بعد هجرة "البررو" والذين يمثلون نوعاً من نظام الفلبي الرعوي، مبتكراً وذا تخصص عال. وكان حضور "البررو" المتأخر لبلاد السودان الشرقية، وحقيقة أنهم يمتلكون نوعاً مميزاً من الماشية (يسمي "كوري" بواسطة البقارة) وخصوصية ثقافتهم ـ مثلاً أنهم لا يمارسون أي نوع من الزراعة ـ يبين بصورة واضحة أنهم لم يقوموا باي تأثير في عملية تحول العرب الأبالة ﺇلي بقارة. ويستطرد د.عادل
وكما يمكن أيضاً ٳستبعاد أي تأثير نيلي علي ﺇنبثاق البقارة لأسباب عديدة تشمل اﻵتي:
1. القبائل النيلية مثل الدينكا والنوير يربون أبقار طويلة القرون
2. من الصعوبة ﺇفتراض أن العرب بما ﺇعتادوه من تربيتهم للابل مع وجود مملكة الشلك القوية علي الأبواب.
3. ثقافة النيليين ترتيط ب "عقدة الماشية ـ وهي ٳعطاء الماشية صبغة دينية وروحية ...الخ ـ وهذا لا توجد لدي عرب البقارة.
ولذلك فان كل الدلائل تشير الي الفلاتة والذين يربون نسل البقر قصيرة القرن، ورغم أن اﻹشكاليات العرق ـ حيوانية والتي ترتبط بانتشار نسل الماشية في السودان الشرقي أبعد من أن تكون قد حلت، فوجود سلالات متشابهة لحيوانات أليفة يمكن أعتبارها مؤشراً واضحاً للعلاقات البين ـ عرقية .
ويوضح "بروكمبر" عدة مؤشرات ﻹثبات أن المجموعة التي أقتبس منها أسلاف البقارة وسائل تربية الماشية هي في أغلب اﻹحتمالات قبائل الفلاته الرعوية الفلبي ـ الفولاني) ويعقد عدة مقارنات لتفصيل أوجه التقارب بين المجموعتين مما يكون قد ساهم في عملية التقنيات والخبرات.
ويورد الباحث بعد ذلك عدة أمثلة لأوجه الشبه بين البقارة والفلاتة والتي في النهاية الي سهولة التداخل وتكوين علاقات قوية وبالتالي نقل اساليب تربية الماشية وهي:
1. المجموعتين تحترفان الرعي ورغم انهم يربون أنواع مختلفة من الحيوانات ولكن يمكن أن تكون لديهم نفس الأشياء المتشابهة يخص الممارسات اﻹقتصادية ومفاهيم القيمة.
2. الملامح القوقازية هي الغالبة لدي المجموعتين وكذلك فانهم يتشابهون في الشكل الجسماني.
3. لديهم نفس الخلفية الثقافية اﻹسلامية.
• ويدعي الفلبي ٳنتمائهم الي "عقبة بن نافع" القائد اﻹسلامي الذي فتح أفريقيا (تونس) في 683م وبالتالي يدعون اﻹنتماء للعنصر العربي. ورغم أن هذا اﻹدعاء عبارة عن حكاية أو أسطورة فقط ولم يعضد بعد بمعلومات تاريخية، فأنه يحقق ٳرتباط وثيق للشعور بالذات للفلبي في كل منطقة السودانبين السنغال وحتي المرتفعات الأثيوبية. ورغم اﻹختلاف في اللغة فانهم كانوا دائماً يعتبرون العرب اقارب لهم وكان اﻹستعداد لتقبلهم بين ظهرانيهم واﻹختلاط بهم .
البقارة فى الشام والعراق :
توجد قبيلة البقارة فى سوريا والأردن وفلسطين وكذلك مايعرف بقبائل الغنامة وذلك نسبة لمهنتهم رعي الأبقار والأغنام ، وبعض الروايات تقول أن البقارة نسبة الي الأمام محمدالباقر من آل البيت .
________________________________________
مقتل ابن سلطان الكانم (برنو) :
أم بشار :
بعد هزيمة مجموعة أولاد حميد وانسحابها إلى مملكة وداي في شاد ، أقاموا ما شاء الله لهم أن يقيموا بين حروب وأحلاف ،لكن الأبرز في فترتهم تلك هو مساهمتهم في اضعاف سلطنة أو مملكة الكانم و قتلهم لأبن سلطانهم وتحالفهم مع البلالة علي اقامة سلطنة البلالة والتي اشتركوا في حكمها مع البلالة .
أم بشار بقرة دخلت تاريخ أولاد حميد وسببت لهم حلفا أقام دولة فى التاريخ شراكة بينهم والبلالة استمرت لنصف قرن تقريبا ، إذ يحكى أن أولاد حميد فى اثناء اقامتهم بدولة الكانم كان شيخهم على أم بعومقربا من سلطان الكانم وكان السلطان معجبا بذكائه ودهائه وحكمته ، لذلك كانت لأولادحميد مكانة مميزة في السلطنه ، وكان لسلطان الكانم (البرنو) ابن يدعي قرينات وكان فتى مهابا في قومه يجالس الفتيات في أماكن تجمعاتهن التي يتمشطن فيها أو يضفرون(2) البروش ، و كان من عادته أن يأمر بذبح ذبيحة لجليساته اذا رأى قطيعا من المواشى مارا قرب مجلسه ، فصادف ذات يوم أن مر أحد أولاد حميد بقطيع أبقاره بجوار مجلس قرينات فطلبت منه إحدى الفتيات أن يذبح لهن أم بشار وكانت أم بشار هذه بقرة من صنف الأبقار المعروفة عند البقارة التي تألف صاحبها لدرجة ملازمته حتى عند النوم تنام إلى جوار سريره أو بيته وتشمه ، فأرسل قرينات إلى الحميدي طالبا ان يذبح لهم أم بشار فرفض الحميدي عارضا أي بهيمة أخرى من المراح فلعب الشيطان بينهما فأخذ قرينات سيفاً ضاربا أم بشار في عرقوبها فسقطت فرد له الحميدي طعنة قاتلة من حربته قائلا ده تاركي يا أم بشار طار الخبر وسط الفرقان وتمايزت الصفوف والسلطان وحاشيته خارج المنطقة يرافقه وفد من أكابر القوم فيهم على أم بعو كبير أولاد حميد وكان ذا رأي ودهاء يحبه السلطان ويقربه كما ذكرنا ، فأرسل إليه أولاد حميد جوادا سابقا ليلحق بهم فوصله الرسول بالنبأ قبل رسول الكانم ، فما كان منه إلا أن أعلم السلطان ومن معه بالخبر طالبا إليهم قتله بقرينات وما يخربوا بلدهم فأكبر فيه القوم هذا السلوك وطلب منه السلطان أن يلحق بأهله ويروا رأيهم في الأمر ، فاجتمع الشيخ على بأهله بأهله واستقر رأيهم على أن يدفعوا دية مغلظة لقرينات لمكانته في أهله (مية(3) من البقر في بطنها مية وعبد وخادم ) وأرسلوا بذلك إلى السلطان الذي كان رده شاذاً مهينا لأولاد حميد إذ قال إن دية قرينات مائة من أولاد حميد فيهم على السنجري ، وعلى السنجري فتى وسيما من أولاد نصر فتشاور الشيخ على وأهله في هذا الأمر واتفقوا أن ( المية أخير تموت في الدواس ) ولكن كتم الأمر وأظهر قبوله وإذعانه لرأي الكانم ، فهم قلة قليلة لا قبل لها بكثرة سلطنة الكانم ، لكنه قال لهم إن ذبح الرجال لا يقدر عليه إلا الفرسان فعد من الكانم ( البرنو ) مائة (فلان وعيال فلان وفلان وأخوه وهكذا ) وضربوا موعدا ومكانا وأمر الشيخ على بزرب زريبة كبيرة من شوك الكتر وجندل حولها المائة المطلوبة للذبح ولكن بكيفية تسمح لكل واحد بفك وثاقة في الوقت المطلوب وجعل قربها كمائن من بعض فرسانه وجاء فرسان الحمر فادخلوهم الزريبة وبدأ الذبح على بعض العبيد ثم أطبق عليهم الشيخ على بكمائنه ورجاله فقتل منهم مقتله عظيمة وسار بأهله ميمما شطر الفترى وكان قد أنجا الذراري والمواشي إليها في الأيام الفائتة فطار الخبر وفزعت الجموع على آثارهم و انضم رجال البلالة الي فرسان أولادحميد فهزموا الكانم و قامت دولة البلالة حول بحيرة الفترى وأسست عاصمتها لأول مرة فى أنجامينا .


مملكة البلالة
بعد هزيمة سلطنة أو مملكة الكانم و قتل أبن سلطانهم تحالف أولادحميد مع البلالة علي اقامة سلطنة البلالة والتي اشتركوا في حكمها مع البلالة ، وكان لهم فيها سلطان أو و زير نافذ هو الشيخ علي (أم بعو) ألآ انه استبد وعتي عتوا كبير"ا حتي عزل ، و اتخذوا مع حلفائهم من البلالة أثناء حكمهم لغة تقوم علي تقليب حروف الكلمة العربية بطريقة سهله لمن يعلم سرها صعبة علي غيره يديرون بها شؤون بلاط الحكم ، لم يدم هذا الحلف أكثر من نصف قرن علي الأرجح حتي انفض ، اضمحلت بعده مملكة البلالة و أصبحت سلطنة في تبعية الكانم أو الباقرمي أو الوداي حتي عهد الأستعمار . أما أولادحميد فتفرقوا أيضا شأن البدو فدخلت مجموعة كبيره الي نيجيريا والنيجر ترعى علي نهر النيجر الي اليوم وبقيت نظارة كاملة في شاد وهاجرت مجموعه اخرى الي السودان فتفرقت هي الأخري بين ولاياته وقبائله ، الا أن جسد القبيلة ظل متماسكا يهاجر ويحالف ويرحل الي أن أسس في القرن الثامن عشر الميلادي في مملكة تقلي ما يعرف بدار أولادحميد بأبوجبيهه . سنورد نصين بالفرنسية للمؤرخ ناختيجال نقلا من كتاب المؤرخ الأنجليزي ماكمايكل ،و الذي أشار الي تحالف أولادحميد والبلالة و اتخاذهم للغة أسموها النارليسي ، ثم النص العربي الذي يحدث عن مملكة البلالة



i[vm H,gh] pld] hgn hgs,]hk